جلال داود
01-12-2011, 12:09 PM
جاء يجرجر أذيال الشوق و الحنين
وقف مستكينا ينتظر كلمتها بقلب واجف ..
عاقدا كفيه على صدره ..
قالت له و هي تُوليه ظهرها : ما تظن أني فاعلة بك ؟
قال بضراعة : عاشقة مخلصة تعفو عن عاشق متيم باع آخرة حبه و إشترى دنيا ضياعه و أوهامه ...
قالت : إذهب عني ،، فأنت كوكب يدور الآن خارج أفلاكي ...
قال متوسلا كمن ينتحب : إمنحيني فرصة أخرى ، و سترين.
قالت له : طعْنتك كانت غائرة في قلبي و نزْفي كان غزيرا ،، لن يشفع لك شيء عندي مهما كانت قرابينك ..
نظر إليها ، فأشاحت بوجهها ، فهى تعرف مدى ضعفها أمام عينيه، ففيهما مُعجَم من فصيح القول ، و سِفْر مفتوح من الدعوة للحنين. عيناه الداء و الدواء ،فيهما روعة اللقيا و حرقة البعاد ..
هتفتْ به و كأنها تدفع خطرا داهما : إذهب أرجوك ...
قال لها و هو يعرف أن في عينيه خلاصه و نجاته : أنظري إلى.
قالت بحزم : أرجوك ... إبتعد .. فقد أهدرتُ دم عشقك و نشرتُ أخباره في الآفاق ...
قال لاهثا : سأحميك من نفسك .. فأحميني من جنون هفوتي ..
إلتفتتْ قائلة و الغضب يعتلج بداخلها : أتسميها هفوة ؟ أتسمي خنجرك الغائر في أعماق أحشائي هفوة ؟ ...
رأته يرنو إليها ... و تلك المسحة المستكينة التي تربت على فوهات براكينها تتغلغل بين حناياها فينزاح ما يعتمل في صدرها كإنحسار الماء من جَزْره بعد مدٍ طويل ...
حاولت أن تشيح بوجهها بعيدا ،،
و لكن كأن عشرات الأصابع إمتدت و أمسكت بوجهها لتواجه عينيه ،، فسكتتْ ..
تسمَرتْ عيناها في عينيه ..
فقال لها : قولي أنك قد صفحت عني ..
قالت بعزيمة واهنة متراخية : لا .. لن أصفح عن قاتلي ..
قال : قد قتلت نفسي و لم أقتلك .. فأصفحي عني ..
قالت و قد خفّتْ حدتها و هدأتْ ثورتها : ذاك صعب ،، لا أقدر ..
قال : بلى تقدرين ... إسألي قلبك و أستشيري عيني ثم أحكمي ..
قالت بحياء : هما خصمان يقفان معك ضدي ..
قال فرِحا : كوني إذن معنا و لن تندمي ،، أنا و قلبك و ما تقوله عيناى ..
قالت : أخاف غدرك
قال : لا يُلْدغ القلب من جُحْر غفلةٍ مرتين
قالت : لم تكن غفلة ،، لقد مللتني ..
قال : إذن ما الذي أعادني إليك ؟
قالت : لم تجد من يحبك مثلي ..
قال : فهو سبب كاف لأعود .. و سبب كاف لأبقى للأبد ..
قالت : ما تظن أني قائلة لك ؟
قال : متيمة متسامحة ،، تصفح عن متيم عائد
قالت : تعال ،، فأنت في كَنَفي
فقال : سأغلق على نفسي بابك و أعتكف في محرابك و لك العتبى حتى تندمل جراحك.
( و هنا غَرَد عصفور كان يسترق السمع من على غصن شجرة،، و إنطلق يصفق بجناحيه و هو يواصل التغريد و الشدو الجميل )
***
جلال داود ( الرياض 2003م )
وقف مستكينا ينتظر كلمتها بقلب واجف ..
عاقدا كفيه على صدره ..
قالت له و هي تُوليه ظهرها : ما تظن أني فاعلة بك ؟
قال بضراعة : عاشقة مخلصة تعفو عن عاشق متيم باع آخرة حبه و إشترى دنيا ضياعه و أوهامه ...
قالت : إذهب عني ،، فأنت كوكب يدور الآن خارج أفلاكي ...
قال متوسلا كمن ينتحب : إمنحيني فرصة أخرى ، و سترين.
قالت له : طعْنتك كانت غائرة في قلبي و نزْفي كان غزيرا ،، لن يشفع لك شيء عندي مهما كانت قرابينك ..
نظر إليها ، فأشاحت بوجهها ، فهى تعرف مدى ضعفها أمام عينيه، ففيهما مُعجَم من فصيح القول ، و سِفْر مفتوح من الدعوة للحنين. عيناه الداء و الدواء ،فيهما روعة اللقيا و حرقة البعاد ..
هتفتْ به و كأنها تدفع خطرا داهما : إذهب أرجوك ...
قال لها و هو يعرف أن في عينيه خلاصه و نجاته : أنظري إلى.
قالت بحزم : أرجوك ... إبتعد .. فقد أهدرتُ دم عشقك و نشرتُ أخباره في الآفاق ...
قال لاهثا : سأحميك من نفسك .. فأحميني من جنون هفوتي ..
إلتفتتْ قائلة و الغضب يعتلج بداخلها : أتسميها هفوة ؟ أتسمي خنجرك الغائر في أعماق أحشائي هفوة ؟ ...
رأته يرنو إليها ... و تلك المسحة المستكينة التي تربت على فوهات براكينها تتغلغل بين حناياها فينزاح ما يعتمل في صدرها كإنحسار الماء من جَزْره بعد مدٍ طويل ...
حاولت أن تشيح بوجهها بعيدا ،،
و لكن كأن عشرات الأصابع إمتدت و أمسكت بوجهها لتواجه عينيه ،، فسكتتْ ..
تسمَرتْ عيناها في عينيه ..
فقال لها : قولي أنك قد صفحت عني ..
قالت بعزيمة واهنة متراخية : لا .. لن أصفح عن قاتلي ..
قال : قد قتلت نفسي و لم أقتلك .. فأصفحي عني ..
قالت و قد خفّتْ حدتها و هدأتْ ثورتها : ذاك صعب ،، لا أقدر ..
قال : بلى تقدرين ... إسألي قلبك و أستشيري عيني ثم أحكمي ..
قالت بحياء : هما خصمان يقفان معك ضدي ..
قال فرِحا : كوني إذن معنا و لن تندمي ،، أنا و قلبك و ما تقوله عيناى ..
قالت : أخاف غدرك
قال : لا يُلْدغ القلب من جُحْر غفلةٍ مرتين
قالت : لم تكن غفلة ،، لقد مللتني ..
قال : إذن ما الذي أعادني إليك ؟
قالت : لم تجد من يحبك مثلي ..
قال : فهو سبب كاف لأعود .. و سبب كاف لأبقى للأبد ..
قالت : ما تظن أني قائلة لك ؟
قال : متيمة متسامحة ،، تصفح عن متيم عائد
قالت : تعال ،، فأنت في كَنَفي
فقال : سأغلق على نفسي بابك و أعتكف في محرابك و لك العتبى حتى تندمل جراحك.
( و هنا غَرَد عصفور كان يسترق السمع من على غصن شجرة،، و إنطلق يصفق بجناحيه و هو يواصل التغريد و الشدو الجميل )
***
جلال داود ( الرياض 2003م )