المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإسلام والإيمان والإحسان


همس الليالي
02-22-2011, 01:03 PM
http://www.samysoft.net/forumim/slambasmla/54645sd.gif


الإسلام والإيمان والإحسان
http://www.samysoft.net/forumim/fwasel/1/jfghf.gif



عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله r ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد فجلس إلى النبي r فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام؟ قال رسول الله r «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا» قال: صدقت فعجبنا له يسأله ويصدقه قال: أخبرني عن الإيمان؟ قال: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره» قال: أخبرني عن الإحسان؟ قال: «أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك» قال: أخبرني عن الساعة؟ قال: «ما المسئول عنها بأعلم من السائل».
قال أخبرني عن أماراتها؟ قال: «أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان» ثم انطلق فلبثت مليا ثم قال لي: «يا عمر أتدري من السائل»؟ قلت الله، ورسوله أعلم قال: «فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم»

رواه مسلم هذا حديث عظيم متفق عليه على صحته وجلالة قدره وكثرة فوائده فهو كالأم للسنة كما سميت الفاتحة أم القرآن لجمعها معاني القرآن.

قوله: فأسند ركبتيه إلى ركبتيه أي إلى ركبتي النبي r وقد تضمن هذا الحديث التعريف الشرعي للإسلام والإيمان والإحسان، والأسس التي ينبني عليها كل واحد منها، فالإسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله وهو ثلاث مراتب الإسلام والإيمان والإحسان، وكل مرتبة لها أركان فأركان الإسلام خمسة:

الأول: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله: ومعنى شهادة أن لا إله إلا الله لا معبود في الأرض ولا في السماء بحق إلا الله وقد اشتملت على النفي والإثبات فنفت عبادة جميع ما يعبد من دون الله من الملائكة والأنبياء والصالحين والأولياء والأشجار والأحجار والقبور والشمس والقمر وجميع المخلوقات التي لا تنفع ولا تضر ولا تخلق ولا ترزق ولا تحيي ولا تميت وأثبتت العبادة لله الواحد القهار النافع الضار المنفرد بإجابة الدعاء عند الاضطرار وحده لا شريك له في عبادته كما أنه ليس له شريك في ملكه كما قال تعالى:)شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ[[آل عمران: 18]

وقال تعالى: )وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلهُمْ يَرْجِعُونَ[ [الزخرف: 26-28]

وهذه الكلمة العظيمة تستلزم المحبة لله والخوف والرجاء منه وامتثال أوامره واجتناب مناهيه وفعل ما أوجب واجتناب ما حرم فمن قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه عارفا بمعناها عاملا بمقتضاها قائما بشروطها دخل الجنة وشروطها ثمانية نظمها بعضهم بقوله:

علم يقين وإخلاص وصدقك مع....محبة وانقياد والقبول لها
وزيد ثامنها الكفران منك بما....سوى الإله من ارتداد قد ألها
وهي العلم واليقين والإخلاص والصدق والمحبة والانقياد لها والقبول والكفر بما يعبد من دون الله كائنا من كان، قالr «من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه، وحسابه على الله عز وجل»(رواه مسلم).


أما من قال هذه الكلمة ولم يعرف معناها ولم يعمل بمقتضاها لم ينفعه مجرد التكلم بها وإن ادعى أنه يحب الله فإن محبته تستلزم طاعته كما قيل:

تعصي الإله وأنت تزعم حبه....هذا محال في القياس شنيع
لو كان حبك صادقا لأطعته....إن المحب لمن يحب مطيع
ولما ادعى قوم أنهم يحبون الله جعل لمحبته دليلا وهو متابعة رسوله r قال تعالى: )قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ[ [آل عمران: 31]

فأوجب اتباع الرسول محبة الله لمن اتبعه ومغفرة ذنوبه.
قوله: «وأن محمدا رسول الله» أي تقر وتعترف أن الله أرسل محمدا إلى الناس كافة أرسله بالحق شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وشهادة أن محمدًا رسول الله تستلزم طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر أن لا يعبد الله إلا بما شرع فهو r عبد لا يعبد ورسول لا يكذب بل يطاع ويتبع شرفه الله بالعبودية الخاصة والرسالة العامة، قال تعالى: )سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ[ [الإسراء: 1]
)تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا[[الفرقان: 1]

وقال تعالى: )قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا[ [الأعراف: 158].


وقد أوجب الله طاعة رسوله ومتابعته والانقياد لحكمه والاستسلام لأمره وذلك من مستلزمات شهادة أن محمدا رسول الله فمن لم يطعه r في ما أمر ونهى فهو لم يحقق هذه الشهادة قال تعالى: )وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا[ [الحشر: 7]

وقال تعالى:)فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[ [النور: 5]

قال تعالى: )فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[[النساء: 65].

وما أمر بهr فقد أمر الله به وما نهى عنه فقد نهى الله عنه ومن يطع الرسول فقد أطاع الله ومن يعصي الرسول فقد عصى قال تعالى: )وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى[ [النجم: 3، 4]
وقال تعالى: )مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ[ [النساء: 80].


الركن الثاني من أركان الإسلام:

إقام الصلاة: وهي الإتيان بها بشروطها المعروفة وأركانها وواجباتها ومستحباتها وخشوعها وبجميع ما يجعلها كاملة فدخل في ذلك الطهارة، واجتناب النجاسة، وأداؤها مع الجماعة في المسجد وحضور القلب فيها والإخلاص واجتناب مراءات الناس فيها، فبذلك تكمل وينمو ثوابها ويعظم أجرها ويستحق صاحبها الفلاح والفوز بجنات الفردوس الأعلى بما فيها من الكرامات، وتكون ناهية لصاحبها عن الفحشاء والمنكر، ومكفرة للذنوب والآثام، ونورا لصاحبها في وجهه وقلبه وقبره ونجاة له يوم القيامة.

الركن الثالث من أركان الإسلام:

إيتاء الزكاة: الواجبة في أنواع الأموال لمستحقيها امتثالا لأمر الله وإحسانا إلى خلقه وسموا بالنفوس عن رذيلة البخل والشح، قال تعالى:)وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ[ [البينة: 5] وقال تعالى:)وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[ [التغابن: 16].
وفي ذلك مغفرة للذنوب وتطهير للقلوب وتزكية للنفوس، قال تعالى: )خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا[ [التوبة: 103] وقال تعالى:)إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ[ [التغابن: 17].
وعلاوة على ذلك فقد وعد بإخلاف النفقة ومضاعفة الأجر وحصول البركة والزيادة فعادت مصلحة الزكاة والصدقة ومنفعتها إلى المال نفسه والمنفق له، والمنفق عليه، ولهذا سميت زكاة وصدقة لأنها تزكي المال وتحل فيه البركة وتزكي المال له أي تنمي إيمانه وأخلاقه وحسناته وتزكي الفقير بمنفعته وسد حاجته وهي دليل على صدق إيمان المتصدق ولهذا سماها الرسول r برهانا وأخبر أنها تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وقد سبق شيء من فضل الصدقة في الآيات وشرحها وسيأتي بشيء من فضل الصدقة في الأحاديث الآتية إن شاء الله تعالى.

الركن الرابع: من أركان الإسلام:

صوم رمضان: وهو الإمساك عن الطعام والشراب والنكاح بنية من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس قال تعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[ الآيات إلى قوله تعالى:)شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ[ [البقرة: 183-185] وقال r «قال الله تعالى كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك» رواه البخاري ومسلم.


الركن الخامس من أركان الإسلام:

حج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا: والحج معناه قصد مكة لعمل مخصوص في زمن معين والاستطاعة تتحقق بحصول ثلاثة أشياء وهي صحة البدن وأمن الطريق ووجود الزاد والراحلة أي النفقة والمركبة المؤدي إليه وهي متوفرة في هذه الأوقات قال تعالى:)وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ[ [آل عمران: 97] وفي الحديث أن النبي r «من استطاع الحج فلم يحج فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا» ( رواه الترمذي والبيهقي وقال الترمذي حديث غريب وله شاهد عند البيهقي انظر الترغيب والترهيب للمنذري (2/ 334).).

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لقد هممت أن أبعث إلى هذه الأمصار فينظروا كل من له جدة فلم يحج فليضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين(رواه سعيد بن منصور في سننه انظر تفسير ابن كثير (1/ 386).)،


وقال ابن عباس: من كان عنده مال فلم يؤد زكاته وأطاق الحج فلم يحج إلا سأل الرجعة عند الموت قال تعالى: )وَأَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ[ [المنافقون: 10، 11] فهذه أركان الإسلام الخمسة التي من قام بها حق القيام فهو المسلم حقا واستحق مغفرة ربه ورضوانه ومن أخل بها أو ببعضها نقص إسلامه بحسبه واستهان بحق ربه وتعرض لعقوبته وعذابه وفي الحديث «من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيًا وجبت له الجنة»( رواه الترمذي وانظر تفسير ابن كثير (4/ 373).).


وفي رواية «غفر له ذنبه» وفي رواية «فقد ذاق طعم الإيمان» وفي رواية «كان حقا على الله أن يرضيه» ولكن الرضا كما تقدم يستلزم الانقياد والمتابعة والطاعة فمن عصى الله ورسوله وأخل بأركان الإسلام وترك الواجبات وارتكب المحرمات ولم يمتثل المأمورات والمنهيات فهو لم يذق طعم الإيمان ويجب عليه التوبة إلى الله تعالى توبة صادقة قبل أن يموت، ومن استقام على ذلك فقد استحق هذا الوعد الكريم وذاق طعم الإيمان، وغفر له ذنبه، وكان حقا على الله أن يرضيه ويدخله الجنة بفضله ورحمته وتوفيقه وكرمه.
المرتبة الثانية من مراتب الدين: الإيمان:

وهو بضع وسبعون شعبة أعلاها وأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان وهو في اللغة التصديق وفي الشرع التصديق الجازم بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والتصديق بالقدر خيره وشره قال تعالى:)لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ[ [البقرة: 177] وقال تعالى:)إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ[ [القمر: 49] فهذه أسس الإيمان

وأركانه وهي ستة:
1- الإيمان بالله: وهو التصديق بأنه سبحانه وتعالى موجود موصوف بصفات الكمال والجلال والعظمة منزه عن صفات النقص وأنه واحد أحد فرد صمد لم يتخذ صاحبة ولا ولدا حي لا يموت، قيوم لا ينام، عليم بكل شيء، قادر على كل شيء، خالق جميع المخلوقات، متصرف فيها بما يشاء، يفعل في ملكه ما يريد.
2- والإيمان بالملائكة عليهم السلام: وهو التصديق بأنهم )عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ[ ويجب الإيمان بهم إجمالا في الإجمال وتفصيلا في التفصيل فمن ساداتهم جبريل عليه السلام وهو أفضل الملائكة وهو الموكل بتبليغ الوحي إلى الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام وقد وصفه الله بالأمانة والقوة وحسن الخلق، وقد كان يأتي النبي r بصفات متعددة ورآه على صورته التي خلق عليها مرتين، ومن ساداتهم ميكائيل عليه السلام وهو موكل بالقطر والنبات.
ومن ساداتهم إسرافيل وهو أحد حملة العرش وهو الذي ينفخ في الصور، قال ابن كثير رحمه الله: إن الملائكة بالنسبة إلى ما هيأهم الله له أقسام: فمنهم حملة العرش، ومنهم كربيون الذين هم حول العرش وهم مع حملة العرش أشرف الملائكة وهم المقربون ومنهم موكلون بالجنات وإعداد الكرامات لأهلها وتهيئة الضيافة لساكنيها من ملابس ومآكل ومشارب ومساكن وغير ذلك مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ومنهم الموكلون بالنار -أعاذنا الله منها- وهم الزبانية ومقدموهم تسعة عشر وخازنها مالك وهو مقدم على الخزنة، ومنهم الموكلون بحفظ بني آدم وحفظ أعمالهم (انظر البداية والنهاية لابنكثير (1/49-52).).

3- والإيمان بالكتب المنزلة من السماء: وهي مائة صحيفة وأربعة كتب على ما ورد في حديث أبي ذر(في عدد الأنبياء والرسل وغير ذلك رواه الإمام أحمد وابن مردويه في تفسيره وابن حبان في صحيحه وأبو الحسين الآجري (انظر تفسير ابن كثير جـ1 ص585-587) عند تفسير الآية 164 من سورة النساء.) وهي خمسون صحيفة نزلت على شيث بن آدم وثلاثون صحيفة على إدريس وعشر صحف على إبراهيم وعشر على موسى قبل التوراة وأربعة كتب وهي التوراة على موسى والإنجيل على عيسى والزبور على داود والقرآن على محمد r وهو أفضلها وأعلاها وناسخا لها ومهيمنا عليها ومتضمنا لما فيها وزيادة فهو )تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ[ فيه نبأ الأولين والآخرين وفيه جميع ما يحتاج إليه الناس في دينهم ودنياهم وأخراهم كما قال تعالى: )مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ[ [الأنعام: 38] .
)لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ[ [فصلت: 42].
4- الإيمان بالرسل: وهو التصديق بأنهم صادقون فيما أخبروا به عن الله تعالى أيديهم بالمعجزات الدالة على صدقهم، وأنهم بلغوا عن الله تعالى رسالاته وبينوا للمكلفين ما أمرهم الله به، وأنه يجب احترامهم وأن لا يفرق بين أحد منهم.
5- والإيمان باليوم الآخر: وهو التصديق بما يكون بعد الموت من فتنة القبر وعذابه ونعيمه والتصديق بيوم القيامة وما اشتمل عليه من الإعادة بعد الموت والنشر والحشر والحساب والميزان والصراط والجنة والنار وأنهما دار ثواب وعقاب للمحسنين والمسيئين إلى غير ذلك مما صح به النقل.
6- والإيمان بالقدر: وهو التصديق بأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وأن ما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه قال r «واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف»( رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.).

ومراتب الإيمان بالقدر أربع:

الأول: علم الله بالأشياء قبل كونها.
والثاني: كتابته لها.
والثالث: مشيئته لها.
والرابع: خلقه لها وإيجاده وتكوينه وقد جمعت في بيت الشعر قال:

علم كتابة مولانا مشيئته....كذاك خلق وإيجاد وتكوين
ثم إن أنواع التقادير أربعة:

الأول: التقدير السابق في علم الله وكتابته في اللوح المحفوظ.
والثاني: التقدير العمري وهو الذي يرسل به الملك إلى الجنين في بطن أمه فيكتب رزقه وأجله وعمله وشقيا أو سعيدا.
والثالث: التقدير الحولي وهو الذي يكون في ليلة القدر يقدر فيها ما يكون في السنة من أقدار.
والرابع: التقدير اليومي وهو المذكور في قوله تعالى:)كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ[ أي أمر يظهره على وفق ما قدره من إحياء وإماتة وإعزاز وإذلال وإغناء وإفقار وإجابة داع وإعطاء سائل وغير ذلك (انظر شفاء العليل في القضاء والقدر والحكمة والتعليل (ص19-50).).

قال ابن القيم رحمه الله: لما ذكر نحو ما تقدم: فهذا تقدير يومي والذي قبله تقدير حولي والذي قبله تقدير عمري والذي قبله تقدير سابق على وجوده لكن قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة كما أخبر بذلك النبي r وكل هذه التقادير كالتفصيل من القدر السابق وفي ذلك دليل على كمال علم الرب وقدرته ورحمته، ثم قال: وقد اتفقت الأحاديث على أن القدر السابق لا يمنع العمل ولا يوجب الاتكال عليه بل يوجب الجد والاجتهاد وبالله التوفيق.
والفرق بين الإسلام والإيمان حيث ذكرا جميعا فالإسلام أعم فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمن بدليل قول الله تعالى: )قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ[ [الحجرات: 14] أو يفسر الإيمان باعتقاد القلوب والإسلام بأعمال الجوارح، أما إذا ذكر الإٍسلام، وحده أو الإيمان وحده دخل فيه الآخر وصار اسما لاعتقاد القلوب وأعمال الجوارح ونطق اللسان.
المرتبة الثالثة: من مراتب الدين:
الإحسان: وهو نوعان إحسان في عبادة الله، وإحسان إلى خلقه، فالإحسان في عبادة الله قد فسره النبي r بقوله: «أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك» وهذا مقام المشاهدة لأن من قدر أن يشاهد الملك استحيا أن يلتفت إلى غيره، وأن يشغل قلبه بغيره «فإن لم تكن تراه فإنه يراك» فينبغي أن لا تقصر في إحسان العمل له والإخلاص فيه فإنه يرى مكانك ويسمع كلامك ويعلم سرك وعلانيتك فراقبه ولا تستهن بنظره إليك ورؤيته إياك غافلا عنه أو مسيئا في عبادته، وأما الإحسان إلى خلقه فهو بذل ما يمكن من أنواع الإحسان بالقول والفعل والمال والجاه والتعليم والنصيحة وبذل المعروف، والله يحب المحسنين وهو معهم بتوفيقه وتسديده قوله: «فأخبرني عن الساعة»؟ أي متى قيامها قوله: «ما المسئول عنها بأعلم من السائل» أي علمي وعلمك فيها سواء لا يعلمها إلا الله لا يعلمها ملك مقرب لا نبي مرسل قال تعالى:)إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ[ قوله: «فأخبرني عن أماراتها»،؟ أي علامات مجيئتها، وقوله: «أن تلد الأمة ربتها» أي سيدتها، قيل: هذا إخبار عن كثرة السراري وأولادهن فإن ولدها من سيدها بمنزلة سيدها، وقيل معناه أن الإماء يلدن الملوك فتكون أمه من جملة رعيته، ويحتمل أن يكون المعنى أن الشخص يستولد الجارية ولدا ويبيعها فيكبر الولد ويشتري أمه وهذا من أشراط الساعة، قال النووي قوله: «وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان» العالة الفقراء ومعناه أن أهل البادية وأشباههم من أهل الحاجة والفاقة يترقون في البنيان ويتطاولون فيه أي أن بعضهم يجيد بناء داره ويطيل ارتفاعها لتكون أطول من دار الآخر بعد أن تبسط لهم الدنيا يتباهون في البنيان، قوله: «فلبث مليا» قيل هو بفتح الثاء على أنه للغائب، وقيل فلبثت بزيادة تاء المتكلم وكلاهما صحيح.
قوله مليا معناه وقتا طويلا وفي رواية بعد ثلاثة أيام.
قال النووي: وفي هذا مخالفة لقول أبي هريرة في حديث ثم أدبر الرجل فقال النبي r «ردوا علي الرجل» فأخذوا يردونه فلم يروا شيئا فقالr«هذا جبريل» فيمكن الجمع بينهما بأن عمر رضي الله عنه لم يحضر قول النبي rلهم في الحال بل كان قد قام من المجلس فأخبر النبي r الحاضرين في الحال وأخبر عمر بعد ثلاث إذا لم يكن حاضرا عند الباقين والله أعلم.


ما يستفاد من هذا الحديث:

1- استحباب تحسين الهيئة عند الدخول على العلماء وأهل الفضل.
2- صفة الجلوس لطلب العلم وحسن الأدب في ذلك.
3- سؤال الإنسان عما يجهل من أمر دينه.
4- أن دين الإسلام ثلاث مراتب: الإسلام والإيمان والإحسان.
5- أن أسس الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام مع الاستطاعة.
6- أن أسس الإيمان هي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره.
7- الفرق بين الإيمان والإسلام من حيث العموم والخصوص والعمل والاعتقاد.
8- تفسير الإحسان بمراقبة الله في القول والعمل والإخلاص له في ذلك.
9- أن لا يعلم متى تقوم الساعة أحد إلا الله.
10- من أشراط الساعة أن تلد الأمة المملوكة سيدتها وأن يتطاول الأعراب في البنيان.
11- فيه علم من أعلام النبوة حيث قد وجدت هذه الأمارات.
12- أن الدين يشمل قول اللسان واعتقاد القلب وعمل الجوارح.
13- أن الإسلام والإيمان والإحسان كلها تسمى دينا كما قالr «أتاكم يعلمكم دينكم».
14- وجوب الإيمان والرضا بالقضاء والقدر خيره وشره حلوه ومره.
15- فضل جبريل عليه السلام حيث جاء إلى النبي r يعلم الصحابة أمر دينهم.
16- فضل محمد r حيث أرشد أمته إلى ما ينفعهم ويقربهم إلى الله ودلهم الصراط المستقيم صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين (الكواكب النيرات من جوامع الحديث والآيات في المنجيات والمهلكات وأوصاف المؤمنين والمؤمنات (ص226-234).).



http://www.samysoft.net/forumim/nehaya/fgfdgdf.gif


http://www.samysoft.net/forumim/nehaya/sdfgsgsdf.gif

أحمد اسماعيل
02-22-2011, 01:27 PM
همس الليالى .. جزاك الله كل خير


تسلمى على الطرح القيم

دعواتى لك بالصحة والعافية

طارق سرور
02-22-2011, 02:44 PM
اختى همس الليالى

بارك الله فيك وجزاك خيرا عن هذا الطرح القيم والعطر

الوعد الصادق
02-23-2011, 04:38 AM
الغالية
همس الليالي
بارك الله فيك
جوزيت عنا خيرا
اثابك المولى خير الجزاء
دمت برضى الرحمن
شكرا لك

همس الليالي
02-23-2011, 09:41 AM
جزاكم الله خيراً على مروركم الطيب
حياكم الله