تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : سبحان من جعل مع الصبر نصرا


ابومساعد
05-05-2009, 06:24 PM
صبر أيوب
سبحان من جعل مع الصبر نصرا . . ومع كل ضيق فرجا . . ولكل شدة مخرجا . . فالليل مهما طال فلا بد من طلوع الفجر . . والعمر مهما طال فلا بد من دخول القبر .قال تعالى : ( وأيوب إذ نادى ربه أني مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين . فاستجينا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين ). الأنباء: 83-84. نبي الله أيوب عليه السلام كان رجلاً من الروم وهو أيوب بن موص بن زارح بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل‏.‏ و أمه بنت لوط عليه السلام . . وقيل كان أبوه ممن آمن بإبراهيم عليه السلام يوم ألقي في النار فلم تحرقه . . قال تعالى: ( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ )‏ ‏الأنعام‏:‏ 84‏‏‏.‏ وامرأته منشا بن يوسف بن يعقوب . . وهذا أشهر الأقوال. وأول نبي بعثه الله تعالى هو إدريس عليه السلام . . ثم نوح . . ثم إبراهيم . . ثم إسماعيل . . ثم إسحاق . . ثم يعقوب . . ثم يوسف . . ثم لوط . . ثم هود . . ثم صالح . . ثم شعيب . . ثم موسى وهرون . . ثم إلياس . . ثم اليسع . . ثم عرفي بن سويلخ بن أفرائيم بن يوسف بن يعقوب . . ثم يونس بن متي من بني يعقوب . . ثم أيوب بن زراح بن آموص بن لبفرز بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم‏.‏ قال علماء التفسير والتاريخ:‏ كان أيوب رجلاً كثير المال من سائر صنوفه وأنواعه . . من الأنعام والعبيد والمواشي والأراضي المتسعة بأرض البثينة من أرض حوران . . وحكى ابن عساكر أنها كلها كانت له . . وكان له أولاد وأهلون كثير . . فسلب منه ذلك جميعه . . وابتلى في جسده بأنواع البلاء . . ولم يبق منه عضو سليم سوى قلبه ولسانه . . يذكر الله عز وجل بها . . وهو في ذلك كله صابر محتسب ذاكر لله عز وجل في ليله ونهاره . . وصباحه ومسائه‏.‏ وطال مرضه حتى عافه الجليس . . وأوحش منه الأنيس . . وأخرج من بلده . . وألقي على مزبلة خارجها . . وانقطع عنه الناس . . ولم يبق أحد يحنو عليه سوى زوجته . . كانت ترعى له حقه . . وتعرف قديم إحسانه إليها . . وشفقته عليها . . فكانت تتردد إليه . . فتصلح من شأنه . . وتعينه على قضاء حاجته . . وتقوم بمصلحته‏.‏ حتى ضُعف حالها . . وقل ما لها . . حتى كانت تخدم الناس بالأجر . . لتطعمه رضي الله عنها وأرضاها . . وهي صابرة معه على ما حل بهما من فراق المال والولد . . وما يختص بها من المصيبة بالزوج . . وضيق ذات اليد . . وخدمة الناس بعد السعادة . . والنعمة . . والخدمة . . والحرمة . . فإنا لله وإنا إليه راجعون‏.‏ وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏‏‏(‏أشد الناس بلاء الأنبياء . . ثم الصالحون . . ثم الأمثل فالأمثل . . يبتلى الرجل على حسب دينه . . فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه)‏‏.‏ ولم يزد هذا كله أيوب عليه السلام إلا صبراً واحتساباً وحمداً وشكراً . . حتى أن المثل ليضرب بصبره عليه السلام . . ويضرب المثل أيضاً بما حصل له من أنواع البلايا‏.‏ وكان أيوب عليه السلام أول من أصابه الجدري . . وتساقط لحمه حتى لم يبق إلا العظم والعصب . . فكانت امرأته تأتيه بالرماد تفرشه تحته . . فلما طال عليها قالت‏:‏ يا أيوب لو دعوت ربك لفرج عنك . . فقال‏:‏ قد عشت سبعين سنة صحيحاً . . فهو قليل لله أن أصبر له سبعين سنة . . فجزعت من هذا الكلام . . وكانت تخدم الناس بالأجر وتطعم أيوب عليه السلام‏.‏ ولم يكن الناس يستخدمونها لعلمهم أنها امرأة أيوب . . خوفاً أن ينالهم من بلائه . . أو تعديهم بمخالطته . . فلما لم تجد أحداً يستخدمها . . عمدت فباعت لبعض بنات الأشراف إحدى ضفيرتيها . . بطعام طيب كثير . . فأتت به أيوب . . فقال‏:‏ من أين لك هذا‏؟‏ وأنكره . . فقالت‏:‏ خدمت به أناساً . . فلما كان الغد لم تجد أحداً . . فباعت الضفيرة الأخرى بطعام فأتته به فأنكره أيضاً . . وحلف لا يأكله حتى تخبره من أين لها هذا الطعام . . فكشفت عن رأسها خمارها . . فلما رأى رأسها محلوقاً قال في دعائه‏:‏ ‏‏(ربِّ إنّي قد مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ( ‏‏ ‏الأنبياء‏:‏ 83‏‏‏.‏ و‏ كان لأيوب أخوان . . فجاءا يوماً فلم يستطيعا أن يدنوا منه من ريحه . . فقاما من بعيد . . فقال أحدهما لصاحبه‏:‏ لو كان الله علم من أيوب خيراً ما ابتلاه بهذا . . فجزع أيوب من قولهما جزعاً لم يجزع من شيء قط‏.‏ قال‏:‏ اللهم إن كنت تعلم أني لم أبت ليلة قط شبعاناً وأنا أعلم مكان جائع فصدِّقني . . فصُدِّق من السماء وهما يسمعان‏.‏ ثم قال‏:‏ اللهم إن كنت تعلم أني لم يكن لي قميصان قط وأنا أعلم مكان عار . . فصدِّقني . . فصُدِّق من السماء وهما يسمعان‏.‏ ثم خر ساجداً . . فقال‏:‏ اللهم بعزتك لا أرفع رأسي أبداً حتى تكشف عني . . فما رفع رأسه حتى كشف الله عنه‏.‏ وقال الزهري . . عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏‏( ‏إن نبي الله أيوب لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة . . فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من إخوانه كانا من أخص إخوانه له . . كانا يغدوان إليه ويروحان . . فقال أحدهما لصاحبه‏:‏ يعلم الله لقد أذنب أيوب ذنباً ما أذنبه أحد من العالمين‏.‏ قال له صاحبه‏:‏ وما ذاك‏؟‏ قال‏:‏ منذ ثماني عشر سنة لم يرحمه ربه فكشف ما به . . فلما راحا إليه لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك له‏.‏ فقال أيوب‏:‏ لا أدري ما تقول غير أن الله عز وجل يعلم أني كنت أمر على الرجلين يتنازعان فيذكران الله فأرجع إلى بيتي فأكفر عنهما . . كراهية أن يذكر الله إلا في حق‏‏‏)‏‏.‏ ‏ وكان نبي الله أيوب عليه السلام يخرج في حاجته فإذا قضاها أمسكت امرأته بيده حتى يرجع . . فلما كان ذات يوم أبطأت عليه . . فأوحى الله إلى أيوب في مكانه أن ‏( ‏ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ‏ ) ‏ص‏:‏ 42‏ . . ‏ فاستبطأته فتلقته تنظر . . وأقبل عليها قد أذهب الله ما به من البلاء وهو على أحسن ما كان . . فلما رأته قالت‏:‏ أي بارك الله فيك هل رأيت نبي الله هذا المبتلى . . فوالله على ذلك ما رأيت رجلاً أشبه به منك إذ كان صحيحاً . . قال‏:‏ فإني أنا هو‏)‏‏‏‏.‏ ‏ قال ابن أبي حاتم‏:‏ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏( ‏لما عافى الله أيوب عليه السلام أمطر عليه جراداً من ذهب . . فجعل يأخذ بيده ويجعل في ثوبه قال‏:‏ فقيل له يا أيوب أما تشبع‏؟‏ قال‏:‏ يا رب ومن يشبع من رحمتك‏ )‏‏.‏ ‏وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (‏ ‏بينما أيوب يغتسل عرياناً خرّ عليه جراد من ذهب . . فجعل أيوب يحثي في ثوبه فناداه ربه عز وجل‏:‏ يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى . . قال‏:‏ بلى يا رب . . ولكن لا غنى لي عن بركتك ‏‏)‏‏.‏ رواه البخاري من حديث عبد الرزاق به‏.‏ وقد روى ليث عن مجاهد:‏ أن الله يحتج يوم القيامة بسليمان عليه السلام على الأغنياء . . وبيوسف عليه السلام على الأرقاء . . وبأيوب عليه السلام على أهل البلاء. أخي المبتلي . . أختي المبتلاة . . يا من قدر الله عليك أي نوع من أنواع البلايا . . ويا من أصيب بأي لون من ألوان الرزايا . . ويا من حلت بساحته الهموم والخطوب . . وأقبلت عليه أصناف المصائب والكروب . . ارفع اكف الضراعة إلى علام لغيوب . . وادعوه دعاء المضطر كدعاء أيوب. وصلي اللهم وسلم على حبيبي وقرة عيني محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وسلم يا رب تسليما كثيرا.

ام معاذ
05-06-2009, 01:17 AM
السلام عليكم ورحمة الله

اللهم صلى على نبينا ايوب وعلى نبينا محمد افضل الصلاة والسلم

جزاك الله خير

أحمد اسماعيل
05-14-2009, 04:48 PM
ابو مساعد


حفظك الله على طرحك الرائع


يسر الله امورك وكتب لك الخير

نور
05-24-2009, 07:51 PM
السلام عليكم
اخى الكريم
ابو مساعد
صلى الله عليك وسلم يانبى الله
اللهم اقبل شفاعته لنا
بارك الله لكم
جزاك عنا خير الجزاء
سقاك الله شربة هنية من حوضه الشريف

هدهد2009
05-24-2009, 08:20 PM
اللهم صلى على سيدنا وحبينا ورسولنا محمد افضل صلاة
وافضل سلام
وارزقنا صبر ايوب عليه السلام
جزاك الله خيرا يا اخ ابو مساعد
وجعله فى ميزان حسناتك

عادل الريس
09-16-2010, 11:33 AM
صبر أيوب





دائما نردد عبارة صبر أيوب



فهل تعرف على ماذا صبر نبي الله أيوب عليه السلام؟؟

إليكم الجواب بإختصار: أيوب عليه السلام هو من أنبياء الله الذين جاء ذكرهم في القرآن الكريم.. يعرفه العام والخاص، حيث يضرب بإسمه المثل في صبر الصابرين فيقال "صبر أيوب"!

فيا تُرى ما هي قصةُ أيوب عليه السلام..

أيوب عليه السلام من ذرية يوسف عليه السلام، تزوج سيدة عفيفة..

وكان أيوب عليه السلام وزوجته الكريمة يعيشان في منطقة "حوران"..

وقد أنعم الله على أيوب عليه السلام بنعم كثيرة فرزقه بنينًا وبنات، ورزقه أراضى كثيرة يزرعها فيخرج منها أطيب الثمار.. .. كما رزقه قطعان الماشية بأنواعها المختلفة.. آلاف من رءوس الأبقار، آلاف رءوس من الأغنام، آلاف من رءوس الماعز وأخرى من الجمال.

وفوق ذلك كله أعلى الله مكانته واختاره للنبوة.

وكان أيوب عليه السلام ملاذًا وملجئًا للناس جميعًا وبيته قبلة للفقراء لما علموا عنه كونه يجود بما لديه ولا يمنعهم من ماله شيئًا.

ولا يطيق أن يرى فقيرًا بائسًا، وبلغ من كرمه عليه السلام أنه لا يتناول طعامًا حتى يكون لديه ضيفًا فقيرًا.

هكذا عاش أيوب عليه السلام..

يتفقد العمل في الحقول والمزارع، ويباشر على الغلمان والعبيد والعمال، وزوجته تطحن وبناته يشاركن الأم..

وأبناء أيوب عليه السلام يحملون الطعام ويبحثون عن الفقراء والمحتاجين من أهل القرية، والخدم والعمال يعملون في المزارع والأراضي والحقول.

و أيوب عليه السلام يشكر الله.. ويدعو الناس إلى كل خير وينهاهم عن كل شر.

أحب الناسُ أيوب عليه السلام.. لأنه مؤمن بالله يشكر الله على نعمه.. ويساعد الناس جميعاً.. ولم يتكبر بسبب ما لديه من مزارع وحقول وماشية وأولاد..

كان يمكنه أن يعيش في راحة، ولكنه كان يعمل بيده، وزوجته هي الأخرى كانت تعمل في بيتها.. ...

(2)

راح الشيطان يوسوس للناس يقول لهم: إن أيوب يعبد الله لأنه أعطاه هذا الخير العميم والفضل الكثير من البنين والبنات والأموال من قطعان الماشية والأراضي الخصبة.. فأيوب يعبد الله لذلك وخوفا على أمواله. ولو كان فقيرًا ما عبد الله ولا سجد له..

ووجد الشيطان من يسمع له ويصغى لما يقول من وساوس.. فتغيرّت نظرتهم إلى أيوب عليه السلام وأصبحوا يقولون:

" إن أيوب لو تعرض لأدنى مصيبة لترك ما هو فيه من الطاعة والإنفاق في سبيل الله.. ألا ترون كثرة أولاده وكثرة أمواله وكثرة أراضيه المثمرة، فلو نزع الله منه هذه الأشياء لترك عبادة الله بل سينسى الله..

ورويدًا رويدًا..

تحول أهل حوران إلى ناقمين على أيوب عليه السلام بعدما كانوا يحبونه حبا جما.. . وأصبحوا يرون أيوب عليه السلام من بعيد فيتحدثون عنه بصورة مؤذية.

(3)

بدأت المحنة والابتلاء من الله تعالى..

فبينما كان كل شيء يمضي هادئاً. . فأيوب عليه السلام حامدًا شاكرًا ساجدًا لله تعالى على نعمه الكثيرة.. وأولاده ينعمون ويشكرون الله.. والعمال والعبيد يعملون في الأراضي والمزارع..

زوجة أيوب عليه السلام كانت تطحن في الرحى..

وبينما الجميع في عافية من أمره مغتبطًا مسرورًا، إذ وقعت الابتلاءات والمحن..

فجاء أحد العمال يجرى ويصيح:

ـ يا سيدي.. يا نبي الله؟!!

ـ ماذا حصل؟! تكلم.

ـ لقد قتلوهم.. قتلوا جميع رفاقي.. الرعاة والفلاحين.. جميعهم قتلوا وجرت دماؤهم فوق الأرض..

ـ كيف حدث ذلك؟!

ـ هاجمنا اللصوص.. وقتلوا من قتلوا وأخذوا ما معنا من ماشية.

أيوب عليه السلام أخذ يردد: إنا لله وإنا إليه راجعون.



إن الله سبحانه شاء أن يمتحن أيوب.. وأراد أن يبين للناس أن أيوب عليه السلام رجلاً صابرًا محتسبًا ولا يعبده لأنه في غنى وعافية..

في اليوم التالي نزلت الصواعق من السماء على أحد الحقول التابعة لما يملكه أيوب عليه السلام.. وجاء أحد الفلاحين.. كانت ثيابه محترقة وحاله يُرثى له..

هتف أيوب عليه السلام:

ـ ماذا حصل؟!

ـ النار! يا نبي الله النار!!

ـ ماذا حدث؟

ـ احترق كل شيء.. لقد نزل البلاء.. الصواعق أحرقت الحقول والمزارع.. أصبحت أرضنا رمادًا يا نبي الله.. كل رفاقي ماتوا احترقوا.

قالت زوجة أيوب عليه السلام:

ـ ما هذه المصائب المتتالية؟!

ـ اصبري يا امرأة.. هذه مشيئة الله.

ـ مشيئة الله!!

أجل.. لقد حان وقت الامتحان.. ما من نبي إلاّ وامتحن الله قلبه.

نظر أيوب عليه السلام إلى السماء وقال بضراعة:

ـ الهي امنحني الصبر.

في ذلك اليوم أمر أيوب عليه السلام الخدم والعبيد بمغادرة منزله.. والرجوع إلى أهاليهم والبحث عن عمل آخر.

وفى اليوم التالىحدثت مصيبة تتكسر أمامها قلوب الرجال..

لقد مات جميع أولاده البنين والبنات، حيث اجتمعوا في دار لهم لتناول الطعام فسقطت عليهم الدار فماتوا جميعا..

وازدادت محنة أيوب عليه السلام أكثر وأكثر..

فلقد اُبتلى في صحته..

وانتشرت الدمامل في جسمه..

وتحول من الرجل الحسن الصورة والهيئة إلى رجل يفر منه الجميع.

ولم يبق معه سوى زوجته الطيّبة..

أصبح منزله خالياً لا مال له، لا ولد، ولا صحة..

عَلَّمَ أيوبُ عليه السلام زوجته أن هذه مشيئة الله، وعلينا أن نسلّم لأمره..

حاول الشيطان اللعين أن ينال من قلب أيوب عليه السلام، فأخذ يوسوس إليه من كل جانب قائلا: ماذا فعلت يا أيوب حتى يموت أولادك وتصاب في أموالك، ثم تصاب في صحتك.

فاستعاذ أيوب عليه السلام بالله من الشيطان الرجيم.. وتفل على الشيطان الرجيم ففر من أمامه. وكذلك فعلت زوجته وطردت وساوس الشيطان.

وكان أيوب عليه السلام لا يزداد مع زيادة البلاء إلا صبرًا وطمأنينة.

(4)

ويأس الشيطان من أيوب وزوجته الصابرين المحتسبين.

فاتجه إلى أهل حوران ينفث فيهم الوساوس حتى جعلهم يعتقدون أن أيوب عليه السلام أذنب ذنباً كبيراً فحلّت به اللعنة..

ونسج الناسُ الحكايات والقصص حول أيوب عليه السلام.. وتطور الأمرُ أكثر حتى ظنوا أن في بقائه خطرًا عليهم..

وعقدوا العزم أن يخرجوا أيوبَ من أرضهم..

وجاءوا إلى منزله.. ولم يكن معه في منزله سوى زوجته، وقالوا له:

نحن نظنّ أن اللعنة قد حلّت بك ونخاف أن تعمّ القرية كلها.. فاخرج من قريتنا واذهب بعيداً عنا نحن لا نريدك أن تبقى بيننا.

غضبت زوجته من هذا الكلام قالت: نحن نعيش في منزلنا ولا يحق لكم أن تؤذوا نبي الله في بيته وفى عقر داره..

فردُّوا عليها بوقاحة: إذا لم تخرجا فسنخرجكما بالقوّة..

لقد حلّت بكما اللعنة وستعمّ القرية كلها بسببكما..

حاول أيوب عليه السلام أن يُفْهِمَ أهل القرية أن هذا امتحان وابتلاء من الله، وأن الله يبتلى الأنبياء ابتلاءات شديدة حتى يكونوا مثلا ونموذجًا لتعليم الناس.

قالوا له: ولكنك عصيت الله وهو الذي غضب عليك.

قالت زوجته: انتم تظلمون نبيكم..

هل نسيتم إحسانه إليكم هل نسيتم يا أهل حوران الكساء والطعام الذي كان يأتيكم من منزل أيوب؟!

قال أيوب عليه السلام: يا رب إذا كانت هذه مشيئتك فسأخرج من القرية وأسكن في الصحراء.. يا رب سامح هؤلاء على جهلهم.. لو كانوا يعرفون الحق ما فعلوا ذلك بنبيهم..

هكذا وصلت محنةُ أيوب عليه السلام، حيث جاء أهلُ حوران وأخرجوه من منزله.

كانوا يظنّون أن اللعنة قد حلّت به، فخافوا أن تشملهم أيضاً.. نسوا كل إحسان أيوب وطيبته ورحمته بالفقراء والمساكين!

عادل الريس
09-16-2010, 11:34 AM
لقد سوّل الشيطانُ لهم ذلك فاتّبعوه وتركوا أيوب يعاني آلام الوحدة والضعف والمرض.. لم يبق معه سوى زوجته الوفية.. وحدها كانت تؤمن بأن أيوب في محنة تشبه محنة الأنبياء وعليها أن تقف إلى جانبه ولا تتركه وحيداً.

(5)

ضاقت الأحوالُ فمات الولدُ وجفَّ الخيرُ وتكاثفت الأمراض والبلايا على جسمه، فقعد لا يستطيع أن يكسب قوت يومه.

وخرجت زوجته تعمل في بيوت حوران، تخدم وتكدح في المنازل لقاء قوت يومهما..

وكانت زوجة أيوب عليه السلام تستمدّ صبرها من صبر زوجها وتحمّله. وقد أعدت لأيوب عليه السلام عريشًا في الصحراء يجلس فيه وكانت تخاف عليه من الوحوش والحيوانات الضالة، لكن لا حيلة لهما غير ذلك.

وظل الحال على ذلك أعواما عديدة وهما صابرين محتسبين.

وفى يوم من الأيام..

وبينما كانت الزوجة الصالحة خارج البيت..

مرّ رجلان من أهل حوران - وكانا صديقين له قبل ذلك - توقفا عند أيوب عليه السلام ونظرا إليه، فرأوه على حالته السيئة من المرض والفقر والوحدة..

فقال أحدهما: أأنت أيوب.. سيد الأرض!

- ماذا أذنبت لكي يفعل الله بك هذا؟!

وقال الآخر: انك فعلت شيئاً كبيراً تستره عنا، فعاقبك الله عليه.

تألّم أيوب عليه السلام.. إن الكثيرين يتهمونه بما هو برئ منه.

قال أيوب عليه السلام بحزن: وعزّة ربي إنّه ليعلم ببراءتي مما تقولون.

تعجّب الرجلان من صبر أيوب عليه السلام، وانصرفا عنه.. وأخذا في طريقهما يفكّران في كلمات أيوب عليه السلام!

أما زوجته الصالحة فقد بحثت عمّن يستخدمها في العمل، ولكن الأبواب قد أُغلقت في وجهها.. ومع ذلك لم تمدّ يدها لأحد.

وتحت ضغط الحاجة والفقر، اضطرت أن تقص ضفيرتيها لتبيعهما مقابل رغيفين من الخبز.

ثم عادت إلى زوجها وقدّمت له رغيف الخبز وعندما رأى أيوب عليه السلام ما فعلت زوجته بنفسها شعر بالغضب.. وحلف أن يضربها على ذلك مائة ضربة، ولم يأكل رغيفه.. كان غاضباً من تصرّفها.. ما كان ينبغي لها أن تفعل ذلك.

(6)

ورغم أن زوجة أيوب عليه السلام كانت تطلب منه كثيرا أن يدعو الله لكي يزيح عنه هذا البلاء الذي استمر سنوات عديدة إلا أنه كان يرفض أن يشكو.

تحمل المرض والبلايا.. وتحمل اتهامات الناس.

لكن بيع زوجته لضفيرتيها هزه من الداخل..

فنظر إلى السماء وقال:

يا رب إنّي مسّني الشيطان بنصبٍ وعذاب.

يا رب بيدك الخير كله والفضل كله وإليك يرجع الأمر كله..

ولكن رحمتك سبقت كل شئ..

فلا أشقى وأنا عبدك الضعيف بين يدك..

يا رب.. مسّني الضر وأنت أرحم الراحمين..

وهنا.. أضاء المكان بنور شفاف جميل وامتلأ الفضاء برائحة طيّبة، ورأى أيوب ملاكاً يهبط من السماء يسلم عليه ويقول:

نعم العبد أنت يا أيوب.. إن الله يقرئك السلام ويقول: لقد أُجيبت دعوتك وأن الله يعطيك أجر الصابرين..

اضرب برجلك الأرض يا أيوب.. واغتسل في النبع البارد واشرب منه تبرأ بإذن الله.

غاب الملاك، وشعر أيوب بالنور يضيء في قلبه فضرب بقدمه الأرض، فانبثق نبع بارد عذب المذاق.. إرتوى أيوب عليه السلام من الماء الطاهر وتدفقت دماء العافية في وجهه، وغادره الضعف تماماً.

خلع أيوبُ عليه السلام ثوب المرض والضعف وارتدى ثياباً تليق به، يملؤها العافية والسؤدد.

وشيئاً فشيئاً.. ازدهرت الأرض من حوله وأينعت.

عادت الصحة والعافية.. عاد المال.. ودبت الحياة من جديد.

عادت الزوجة تبحث عن زوجها فلم تجده ووجدت رجلاً يفيض وجهه نعمة وصحته وعافية، فقالت له باستعطاف:

ـ ألم ترَ أيوب.. أيوب نبي الله؟!

ـ أنا أيوب.

ـ أنت؟! إن زوجي شيخ ضعيف.. ومريض أيضاً!

ـ المرض من الله والصحة أيضاً.. وهو سبحانه بيده كل شيء. نعم.. لقد شاء الله أن يمنّ عليّ بالعافية وأن تنتهي محنتنا! وأمرها أن تغتسل في النبع، لكي تعود إليها نضارتها وشبابها.

فاغتسلت في مياه النبع فألبسها الله ثوب الشباب والعافية..

ورزقهما الله بنينا وبنات من جديد..

ووفاء بنذر أيوب عليه السلام أن يضرب زوجته مائة ضربة أمره الله تعالى أن يأخذ ضغثا وهو ملء اليد من حشيش البهائم، ثم يضربها به فيوفى يمينه ولا يؤلمها، لأنها امرأة صالحة لا تستحق إلا الخير.

كان أيوب عليه السلام واحدًا من عباد الله الشاكرين في الرخاء، الصابرين في البلاء، الأوَّابين إلى الله تعالى في كل حال.

وعَرِفَ الناسُ جميعًا قصةَ أيوب عليه السلام وأيقنوا أن المرض والصحة من الله وأن الفقر والثراء من الله..

َ ((فأقْصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ))

سورة الأعراف آية 176

وسجّل الله قصته في القرآن الكريم ليعتبر بها كل مؤمن:

{{وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ}}

سورة الأنبياء: 83ـ84



وقال تعالى:

{{وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ *}} سورة ص: 41ـ44
***********************

قال نبينا صلى الله عليه وآله وسلم: ((عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ.. إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ.. وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ.. إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ.. وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ.)) صدق رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى.

***********************

إذا أعجبك الموضوع فلا تقل شكـراً.. بل ردد قوله تعالى:

{رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} إبراهيم 41

ملكة بإحساسي
09-16-2010, 11:52 AM
عادل الريس جزآكِ الله كل خير ..
تسلم يمنك ويعطيك العافيه

وجعل كل حرف بموآزين أعمالكِ ..
تقديري وشكري لجهودك ..
http://www.weeeed.com/vb/images/smiles1/icon33.gif