شبكة صدفة

شبكة صدفة (http://www.aadd2.net/vb/index.php)
-   قرآن كريم وصوتيات اسلامية (http://www.aadd2.net/vb/forumdisplay.php?f=120)
-   -   تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن (http://www.aadd2.net/vb/showthread.php?t=182835)

ندى الورد 11-16-2015 01:45 AM

رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن
 



﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) ﴾

أيها الأخوة الكرام، بادئَ ذي بدء،
ما الحكمة أن تَرِد قصَّة بني إسرائيل في القرآن الكريم مرَّاتٍ عديدة، مع أن القرآن للمسلمين ؟

هناك من تَلَمَّسَ الحكمة في ذلك فقال: "

الخطاب المُباشر أقلُّ تأثيراً من الخطاب غير المباشر "،

فأنت إذا أردت أن تنصح إنساناً، وأن تُلْقِي عليه بعض الحقائق ربما دافع عن نفسه، أو ربما رأى ذلك انتقاصاً من قدره، فهناك خطوط دفاعٍ عند كل إنسان تمنع أن تدخل إلى أعماقه،

أما إذا كان المُخَاطَبُ ليس معنياً في الموضوع، إنما المعنيٌّ جهةٌ ثالثة، فهذه الطريقة في الخطاب أكثر فاعليَّةً، وأكثر تأثيراً.

لو أن ابنك مثلاً مبتلى بشيءٍ لا يُرْضي الله، ربما لا يستجيب إذا ألقيت عليه نصائح ومواعظ وخطابات،
أما إذا حدّثته عن شابٍ وقع في شيءٍ مشابهٍ لما وقع فيه الابن ودفع الثمن باهظاً فلعلَّ تأثير هذا الكلام يكون أكبر،

لذلك دائماً وأبداً الطريقة المباشرة أقلُّ فاعليَّةً من الطريقة غير المباشرة، فمن الأمراض التي يمكن أن نقع بها، والنفاق الذي يمكن أن نقع فيه، والتقصير الذي يمكن أن نقع فيه، هذا كلُّه عُولِجَ في قصص بني إسرائيل،
فصار الحديث عن بني إسرائيل حديثاً غير مباشر عن قضايانا،

هذه بعض الحكم التي تلمَّسها بعض العلماء من كثرة إيراد قصَّة بني إسرائيل في القرآن الكريم لأن الأمراض التي يمكن أن نقع فيها وقعوا فيها، نقاط الضعف التي يمكن أن نعانيها وقعوا فيها، فمعالجتها معالجةٌ لنا.

ندى الورد 11-16-2015 01:47 AM

رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن
 


قصص بني إسرائيل فيها أسلوبٌ تربويٌّ فعَّالٌ لنا:

مثلاً قال تعالى:


﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ﴾
( سورة المائدة: آية " 66 " )



قياساً على ذلك لو أننا أقمنا القرآن الكريم لأكلنا من فوقنا ومن تحتنا، ولجاءت الخيرات كثيرةً:


﴿ وَأَلَّوْ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً(16)لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ﴾
( سورة الجن)



وقال:


﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ﴾

( سورة الأعراف: آية " 96 " )



أول نقطة في هذا الموضوع

أن قصص بني إسرائيل فيها أسلوبٌ تربويٌّ فعَّالٌ لنا لأن القرآن الكريم لا يخاطب المسلمين بشكلٍ مباشر بل يحدِّثهم عن أممٍ انحرفت فدفعت ثمن انحرافها باهظاً،

يكون عند الواحد منا تقصير من جهة، فإذا رأى إنساناً قصَّر التقصير نفسه ودفع الثمن باهظاً يبادر إلى تلافي الأمر.

ندى الورد 11-16-2015 01:48 AM

رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن
 


أصل تسمية بني إسرائيل بهذا الاسم:


الشيء الآخر: إذا أراد الله جلَّ جلاله أن يخاطب الناس جميعاً قال:


﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾
( سورة الأعراف: آية " 31 " )


الخطاب هنا لبني إسرائيل،

من هو إسرائيل ؟

هو سيدنا يعقوب عليه السلام،

وما معنى هذا الاسم ؟

قال بعض العلماء: " في العبرية (إسِرا) تعني عبد و(إيل) تعني إله، هو عبد الله، أو صفي الله،

هذا أصل التسمية في اللغة العبرية، فربنا عزَّ وجل يقول:


﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (40) ﴾


أي أنتم انحدرتم من إسرائيل وهو صفي الله عزَّ وجل،

فَلِمَ أنتم كذلك ؟

تماماً كما لو تثير نخوةَ شاب، أنت ابن فلان، وأبوك إنسانٌ كبير، وإنسانٌ عالِم، وإنسانٌ كريم، وإنسانٌ محترم فَلِمَ أنت تفعل ذلك ؟

هذه هي العلَّة في قوله تعالى:


﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (40) ﴾


أي أنتم من نسل يعقوب، ويعقوب من نسل إبراهيم، وإبراهيم هو أبو الأنبياء عليهم السلام، إذاً :


﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (40) ﴾


يوجد شيءٌ ثالث: إذا كان الأنبياء الذين جاؤوا إلى بني إسرائيل كُثراً فهذا لا يعني أنَّهم أمةٌ مختارة،

أي إذا كان الأساتذة الذين يعلِّمون طالباً كثيرين جداً فهذا دليل على كسله، وليس معنى ذلك أنه متفوِّق،

أكثر الشعوب معصيةً وتمرُّداً على الله عزَّ وجل هم بنو إسرائيل.

ندى الورد 11-16-2015 01:51 AM

رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن
 

﴿( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (40) )﴾


الآن الخطاب يعنينا:


(﴿ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ (40) ﴾)



هناك أيها الأخوة نعمةٌ وهناك مُنْعِم، الكافر مع النعمة، أما المؤمن مع المُنعم،

وما لم تنتقل من النعمة إلى المنعم فلست مؤمناً،

الكفَّار في كل مكان يستمتعون بنعم الله أَيَّما استمتاع، بل إن الكفَّار أكثر من المؤمنين استمتاعاً بالنعم لأنها نصيبهم الوحيد من الله عزَّ وجل، بلادهم جميلة، وأموالهم طائلة، وقوَّتهم مسيطرة ومع ذلك هم غارقون في المعاصي والآثام:



( لو كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِراً مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ)


[ الترمذي عن سهل بن سعد ]



الفرق بين أن تكون عبداً للنعمة وبين أن تكون عبداً للمنعم:

في الفاتحة


﴿ الْحَمْدُ﴾


لا خلاف على النعم التي بين أيدينا ولكن من هو المنعم ؟


﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(2) ﴾

(سورة الفاتحة)


هم يرون الحمد لهم فهم الذين اكتشفوا هذه الثروات،
الذين صنَّعوها واستغلُّوها، وهم يرون أنفسهم آلهة الأرض،

ولكن المؤمن يرى الله عزَّ وجل،

إذاً الخلاف بين أن تكون عبداً للنعمة، وبين أن تكون عبداً للمنعم،
بين أن تشكر ما آتاك الله من قدراتٍ على استغلال النِعَمْ، وبين أن تشكر الله عزَّ وجل الذي منحك هذه النعم،

الذي يمدحك يمدح الذي منحك ولا يمدحك أنت:


(﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ (40) )﴾


قال بعض المفسِّرين، وهي لفتةٌ طريفة: " حينما خاطب الله عزَّ وجل المؤمنين قال:


(﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ﴾)


( سورة الأحزاب: )


أما حينما خاطب بني إسرائيل قال :


﴿( اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ (40) )﴾


لأنهم ماديُّون فمفتاحُهُم النعمة ".


المؤمن بالذَّات يحب الله على كماله


نرجو من الله عزَّ وجل أن نكون نحن أرقى منهم، ونكون مع المُنْعِمْ:


(﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ﴾)


أما هم :
﴿ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ (40) ﴾


قد يُحبّ الإنسان الله على نعمه،

ولكن المؤمن بالذَّات يحب الله على كماله، فلو أعطاه أو منعه حبُّه هوَ


والله وإن فتَّتوا في حبهم كبدي باقٍ على حبهم راضٍ بما فعلوا


***


أساساً لا يُمْتَحَنُ المؤمن إلا في الشدَّة،

قد يُنعم الله عليه في الدنيا فإذا ربط محبَّته لله بهذه النِعَم فهو عبد النِعْمَة،

أما إذا كانت محبَّته لله خالصةً ولا علاقة لها بالنعم فهذه مرتبةٌ أعلى

والى اللقاء مع رحلة جديدة مع القرآن


ندى الورد 11-19-2015 01:13 AM

رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن
 



أيها الأخوة، استنباطاً من هذه الآية الكريمة :


﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ (40) ﴾


قال تعالى:


﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا (40) ﴾

(سورة إبراهيم: آية " 34 " )


توجد في الآية لفتة لطيفة:

هل يمكن أن أعطيك ليرةً واحدة وأقول لك: عدَّها ؟ الواحد لا يُعَد، أما لو أعطيتك مجموعة من الليرات فيمكن أن أقول لك: عُدَّها، أما ليرة واحدة وأقول لك: عُدَّها، إنها لا تُعَدْ،

فهذا معنى قوله تعالى :
﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا (40) ﴾

(سورة إبراهيم: آية "34 " )


قال العلماء: " بركات النعمة الواحدة لا تُعَدُّ ولا تحصى "، نعمة البصر، ونعمة السمع، ونعمة الحركة، ونعمة النوم وغير ذلك من النعم.

أخٌ كريم شفاه الله عزَّ وجل، كان مصاباً بمرض عدم النوم، والله الذي لا إله إلا هو أنا أتصوَّر لو طالبته بمئة ألف ليرة يملكها لدفعها لك مقابل أن ينام ليلةً واحدة، نعمـة النوم، نعمة الصحَّة،

كان عليه الصلاة والسلام إذا استيقظ يقول:
((الحمد لله الذي عافاني في جسدي و رد على روحي و أذن لي بذكره))


[السيوطي عن أبي هريرة]


إن أردت أن تعد النعم فلن تحصى، بل إنك إن أردت أن تعد بركات نعمةٍ واحدة لن تحصيها.

----------

ندى الورد 11-19-2015 01:17 AM

رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن
 



بعض من نعم الله الدالة على عظمته :

نعمة الأمن :


﴿ أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ(4) ﴾
(سورة قريش)


أحد أسباب الأمن ثبات خصائص المواد، أنت عمَّرت بيتاً الإسمنت يبقى إسمنتاً، والحديد يبقى حديداً، لو أن خصائص المواد تتبدَّل إنك لا تنام الليل، لعلَّ هذا الحديد أصبح ماءً فانهار البيت، ثبات خصائص الأشياء هذه من نعم الله العُظمَى،

استقرار الأرض :


﴿ أَمَّنْ جَعَلَ الأَرْضَ قَرَاراً ﴾

( سورة النمل: آية " 61 " )


لو أنها تهتزُّ دائماً، أرقى طائرة تهتز في أثناء طيرانها، لا توجد أرض، ولا يوجد احتكاك ومع ذلك تهتز دائماً، لو أن الأرض تهتز قليلاً لما رأيت بناءً قائماً على وجه الأرض،

نعمة قرار الأرض،
ونعمة الجاذبيَّة



﴿ أَمَّنْ جَعَلَ الأَرْضَ قَرَاراً ﴾



من جعل هذه الأشياء مرتبطة بالأرض ؟ رائد الفضاء في منطقة انعدام الجاذبيَّة يفقد الوزن، يستيقظ فإذا هو في سقف المَرْكَبَة، ليس له وزن، يُمسك الحاجة بيده فإذا هي تتفلَّت منه، أصبحت في السقف، أما نحن فنضع هذا الكأس على الطاولة ويبقى على الطاولة لأن له وزناً، نعمة الجاذبيَّة قد لا ننتبه إليها، ونعمة الاستقرار قد لا ننتبه إليها، ونعمة ثبات خصائص الأشياء لا ننتبه إليها، هناك في الجسم نِعَمٌ لا تعدُّ ولا تُحصى،

إذا حمل الإنسان ابنه يجد فيه صنعة متقنة، الأربطة التي تربط اليد بالجسم تتحمَّل وزن الطفل، وتتحمَّل ضعف وزنه،
لو كان الأب غاضباً وأمسك ابنه بعُنف وحمله، لو كانت الأربطة متناسبة مع وزن الجسم فقط لَخُلِعَت يده، لكن هناك دقَّة بالغة.

نعمة أن هذا الشَعر بلا أعصاب حس،

لو كان في كل شعرة عصب حسّي، يوجد في كل شعر عصب ولكنه عصب محرِّك،
لكل شعرةٌ وريدٌ، وشريانٌ، وعضلةٌ، وعصبٌ، وغدَّةٌ دهنيَّةٌ، وغدَّةٌ صبغيَّة، ولكن العصب محرّك وليس عصباً حسيَّاً،

لو كان هناك عصب حسي لاحتجت إلى عمليةٍ جراحيَّةٍ عند كل حلاقة، عملية تخدير لأن الآلام لا تُحْتَمَل.


جسم الإنسان بما فيه من نعم الله الدالة على عظمته:


نعمة المثانة نعمة كبيرة جداً،

لولا أن فيها عضلات لما كان هناك طريقة أخرى لإفراغ البول إلا بأنبوب من أجل الضغط، أنبوب تنفيس،
نعمة الإفراغ السريع بالعضلات، نعمة وجود المثانة، لو أنه لا توجد مثانة، أي من الكليتين إلى الخروج مباشرةً لكان هناك في كل عشرين ثانية نقطة بول، من كل كلية نقطة، فصارت نقطتين، فما هو الحل ؟

نعمة الهضم،

الإنسان يأكل، ويتولَّى الله عنه عمليَّة الهضم، وهي عمليَّة معقَّدة تتم في ثلاث ساعات،

لو أن الله عزَّ وجل أوكل الهضم إلينا، يأكل، ومعه أربع ساعات هضم، والله مشغول، لأنني أهضم الطعام،

أما كلْ وكلُّ شيء على الله، البنكرياس، والمرارة، وحركة الأمعاء، وامتصاص الطعام، وانتقال الطعام إلى مواد سكَّريَّة تخزَّن في الكبد وفي العضلات، وتحويل الطعام إلى مواد مختلفة وإلى مواد شحميَّة تُخَزَّن في مكانٍ آخر،

هذا كلَّه يتولاه الله عنك.

نعمة أن التنفّس يتمُّ آلياً في الليل،

لولا هذه النعمة لما أمكنك أن تنام،
لو كان التنفس إرادياً، لو أن الله عزَّ وجل جعل التنفس إراديَّاً ينام فيموت،
هناك مركز في البصلة السيسائية اسمه مركز التنبيه الآلي للرئتين، لو تعطَّل لأصبحت حياة الإنسان جحيماً، بمجرَّد أن ينام يموت،

اخترع قبل سنوات عدَّة دواء غالٍ جداً يجب أن تأخذه كل ساعةٍ في الليل من أجل أن تبقى حيَّاً، الساعة التاسعة حبَّة، العاشرة، الحادية عشر، الثانية عشر، الواحدة، الثانية، الثالثة، الرابعة، الخامسة وهكذا،

تصوَّر نفسك أنك مكلَّف أن تستيقظ كل ساعة لتأخذ الحبَّة وتنام، ما الذي يحدث ؟
هناك شخص أعرفه أُصيب بهذا المرض أصبحت حياته جحيماً لا يُطاق، كان يضع أربع منبِّهات لكي يستيقظ ويأخذ الحبَّة، له ابن مسافر عاد من سفره فسهر معه سهرة طويلة، الأربع منبِّهات نبِّهت ولم يستيقظ فوجدوه ميتاً في الصباح،

فنعمة أن التنفُّس عمليّةٌ آليَّة هذه نعمةٌ لا تُقَدَّر بثمن.

نعمة أن الدماغ ضمن صندوق،

والصندوق له مفاصل متحرِّكة،

يمكن أن يسمع الواحد صوت رأس ابنه يرتطم على الأرض مرات عديدة جداً،
تسمع صوتاً قوياً، لماذا لم ينكسر رأسه ؟
لأن الجمجمة فيها مفاصل متحركة، فهذه الضربة الشديدة تمتصُّها الفراغات بين المفاصل،

ثم إن الدماغ محاط بسائل، هذا السائل يوزِّع، فأي ضربة على الرأس تتوزع على كل الدماغ فتغدو بسيطة جداً،

فالدماغ في الجمجمة،

والنخاع الشوكي في العمود الفقري،

والعينان بالمحجرين،

والرحِم بالحوض،

وأخطر معمل في الإنسان معامل كريات الدم الحمراء في نقي العظام،

الأجهزة النبيلة الخطيرة جداً ضمن صناديق،

ضمن حصون،

هذه من نعم الله الكُبرى،

لو كانت عين الإنسان على جبينه، كم إنسان يسلم له بصره ؟!

لا تجد سوى عشرة بالمئة فقط،

لأنه أي وقوع على الأرض لفقئت عينه وانتهت،

لو فكر الإنسان بجسمه،

لو أنه لا يوجد مفصل في يده كيف يأكل ؟

مثل الهرَّة ينبطح، ويلحس الطعام بلسانه، لا توجد طريقة ثانية،

لو أنه لا يوجد مفصل فإن اليد لا تصل إلى الفم،

ولكن بهذا المفصل صار شيئاً آخر.


الأرض وما فيها من بحار ونباتات وصحارى من آيات الله الدالة على عظمته :

قال تعالى:
﴿ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ (40) ﴾


دورة الأرض وحجم الأرض جعل وزنك ستين كيلو غراماً،

لو كان حجمها أقل لكان وزنك خمسة كيلو غرامات،

وزن الإنسان على القمر ستة كيلو غرامات،
الحياة لا تُطاق،

حجم الأرض جعل لك وزناً مناسباً،

الآن سرعة الأرض حول نفسها جعلت لك نهاراً مناسباً،

اثنتي عشرة ساعة، ثماني ساعات للعمل، وساعة للأكل، وساعتين أو ثلاثاً مع أهلك صار وقت النوم،

لو كان النهار مئة ساعة، هذا يعمل، وهذا نائم، لا أحداً يرتاح، أما النوم فموحَّد، والنهار موحَّد .

لولا أن محور الأرض مائل لما وجدت فصولاً أربعة أبداً،
إمّا صيف أبدي، أو شتاء أبدي، ربيع أبدي، خريف أبدي،

مع ميل المحور صار هناك تبدُّل فصول،

لو أن الأرض تدور على محور موازٍ لمستوى دورانها حول الشمس لكانت درجة الحرارة هنا ثلاثمئة وخمسين فوق الصفر، وفي الطرف الآخر مئتين وسبعين تحت الصفر، ولانتهت الحياة، كم نعمة نحن محاطون بها ؟

الآن النباتات لو أنه لا توجد بذور، وجدنا مثلاً مليار طن من القمح، وبعد أن انتهت هذه الكمية فإننا نموت من الجوع،
ولكن الله عزَّ وجل خلق لك نظام البذور، يوجد مع كل إنتاج نباتي وسائل استمراره بالبذور، نظام النبات وحده من الأنظمة الصارخة في الإشارة إلى عظمة الله عزَّ وجل.

لو كانت البحار بقدر اليابسة لما وجدنا أمطاراً،
اسكب كأس الماء هذا على أرض الغرفة تجده قد جف بعد ساعتين،
أما لو أبقيته في الكأس فلا يتبخَّر ولا بسنتين، إنه ينقص سانتي واحد فقط،
فكلَّما كان السطح ضيقاً يكون التبخُّر قليلاً،
وجعل الله أربع أخماس الأرض مسطَّحات مائيَّة من أجل أن يكون التبخُّر كافياً لأمطار اليابسة .

لو لم تكن هناك صحارى، ولم تكن هناك مناطق حارَّة لم يعد هناك رياح،
هواء المنطقة الحارَّة مخلخل، هواء المنطقة الباردة مضغوط كثيف، ينشأ من تباين الضغطين حركة رياح، حركة الرياح تسوق السحاب،

هذه رؤوس موضوعات.


بعضٌ من نعم الله علينا:


قال تعالى:
﴿ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ (40) ﴾


لك طفل، وهذا الطفل صفاته صفات محبَّبة،
لو كانت صفات الطفل صفات غير محبَّبة من يربي ابنه ؟

الطفل بريء ذاتي لا يحقد أبداً، سريع الرضا، لو كان بطيء الرضا لاستحالت تربيته،
تكلم الكبير مثلاً كلمة يخاصمك سنتين، إذا غلطت معه غلطة يخاصمك سنتين، لو كل واحد ربَّى ابنه فخاصمه سنتين فلن تستمر الحياة أساساً،
لكن الله صمَّم الطفل بريئاً، فهذه نعمة الطفل، هناك أشياء دقيقة جداً في الحياة.

المواد ؛ جعل الله لك معادن وأشباه معادن،

معادن ثمينة جداً ومعادن رخيصة،
معادن قاسية ومعادن خفيفة،
معادن تنصهر بسهولة،
الرصاص ينصهر بالدرجة مئة،
أما الحديد فبالألف وخمسمئة،

لو كان الحديد ينصهر بالمئة درجة لانتهى، ولانتهت كل فوائده،

تحاول أن تطبخ بوعاء من حديد ينصهر مع الطعام، انتهى،

أما الحديد فيصمد للألف وخمسمئة درجة، فالطعام ينضج داخل الوعاء،

توجد أشياء دقيقة جداً،

يتبخر الماء عند أربع عشرة درجة ،
لو تبخَّر بدرجة مئة انتهى، لانتهت وظيفة الماء،

الماء لا ينضغط، الماء يتمدَّد،
لولا تمدُّد الماء مع التبريد فلا توجد حياة على وجه الأرض .

ماذا أقول لكم ؟!!


﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ (40) ﴾


نعمة الذكر والأنثى:


﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى(45)مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى(46) ﴾

( سورة النجم )


يوجد في مبيض المرأة عدد من البويضات ينتهي في سن اليأس، في الخامسة والأربعين، ثمانية وأربعين، اثنين وأربعين،

لو كانت كالرجل مهيأة للولادة بشكل دائم، تصور واحدة تلد وهي في التسعين، شيء لا يُحتمل،
فالبويضات تنتهي لدى المرأة في سن معيَّن،
أما الرجل فيبقى قادراً على الإنجاب في التسعين،

هناك تصميم إلهي رائع،

الرجل قد يفقد شَعْرَه كلَّه لكن المرأة لا تفقد شعرها كله

وهذه نعمةٌ كُبرى من نِعَمْ الله عليها.
-------------
موسوعة النابلسى للعلوم الاسلامية

-------------------------------------

سبحان الله الخالق البارىء المصور


(( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2) ﴾. (سورة الفرقان).


(( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ )) 49 سورة القمر


(( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ (7) )) السجدة

----------------------

سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم

-------

والى لقاء آخر إن شاء الله

طارق سرور 11-19-2015 05:58 PM

رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن
 
جزاك الله خيرا عنه اختى ندى الورد

ندى الورد 11-20-2015 07:14 PM

رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن
 
مشكووووووووور طاااااارق

على مرورك الطيب

بارك الله فيك

ندى الورد 11-20-2015 07:18 PM

رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن
 



قال تعالى:﴿ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ (40) ﴾

ملخص الملخص المؤمن مع المنعم والكافر مع النعمة:

نِعَم الصحة، ونِعَم الأمن، أنت من خوف الفقر في فقر، وأنت من خوف المرض في مرض، وتوقُّع المصيبة مصيبةٌ أكبر منها،

ونعمة الفراغ، فالإنسان الذي لا يملك وقت فراغ ليس إنساناً، هذا الذي يعمل ليلاً نهاراً هذا إنسان انتهى، انتهى عند الله وعند الناس، لأن وقته استهلكه، عمله استهلكه،
أما هذا الذي يجد وقتاً لسماع درس علم، وللجلوس مع أخ وللقاء مثمر، هذا يحيا حياته الإنسانية،
فالمؤمن على كلٍ مع المنعم دائماً.

كان عليه الصلاة والسلام تعظم عنده النعمة مهما دقَّت،

أي كأس ماء شربته معنى ذلك الطريق سالك،
لو كان الطريق غير سالك ـ لا سمح الله ولا قدر ـ هؤلاء الذين يعانون الفشل الكلوي،

قال لي أخ كريم: له قريب ذهب لغسيل الكليتين، قالت له الممرضة بقسوةٍ بالغة: هذه الجمعة لا تشرب ماء كثيراً لأن الجهاز معطل،
أنت عندما تعطش تشرب بدون تقييد، فلا توجد لديك مشكلة إطلاقاً،
تصور إذا شرب الإنسان ليس لديه جهاز يخرج هذا الماء ، ماذا يفعل ؟ "

يا أمير المؤمنين بكم تشتري هذا الكأس إذا مُنِعَ عنك ؟ " قال: " بنصف ملكي " ، قال: " فإذا منع إخراجه " ؟ قال: " بنصف ملكي الآخر " ،

بكم تشتري أن تنام الليل مطمئناً ؟

بكم تشتري إيواءك في بيت ؟

كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا دخل بيته يقول: " الحمد لله الذي آواني وكم من لا مأوى له "،

وكان إذا خرج من الخلاء يقول:
(( الحمد لله الذي أذهب عني ما يؤذيني.))
[ابن أبي شيبة والدار قطني عن طاوس مرسلاً]


نعمٌ لا تنتهي،

نعمة الصحة، ونعمة الأمن، ونعمة الفراغ، ونعمة الكفاية،

هذا الذي يملك قوت يومه من نعم الله الكبرى، قوت يومه فقط، هذه نعمةٌ كبيرة .
ملخص الملخص

المؤمن مع المنعم والكافر مع النعمة،


ومهما تفنن في النعمة يأتي الموت فينهي كل شيء،


هذه النعمة التي تنعم بها هناك شيء لا بد منه،

فإما أن تتركها وإما أن تتركك،
نعمة البصر، يموت الإنسان انتهى البصر، أو يفقد بصره قبل أن يموت،
ونعمة المال يموت انتهى كل ماله، أو يصبح فقيراً قبل أن يموت،

فإما أن تتحول عنك وإما أن تتحول أنت عنها،


لذلك وبالشكر تدوم النعم، قيدوا النعم بالشكر، " يا عائشة أكرمي مجاورة نعم الله، فإن النعمة إذا نفرت قلما تعود "،


النعمة تقيَّد بالشكر، ومن شكر الله على نعمه زاده الله منها.


ندى الورد 11-20-2015 07:27 PM

رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن
 


﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ (40)


للشكر مستويات ثلاثة:


الآن كيف نشكر ؟ قال العلماء : للشكر مستوياتٌ ثلاثة.


1ـ أن تعزو النعمة إلى الله و هذا أحد أنواع شكره:



المستوى الأول لمجرد أن تعزو النعمة إلى الله فهذا أحد أنواع شكره،
إذا قلت: الله وفَّقني، الله أعطاني هذا البيت، والله هيَّأ لي هذه الزوجة، الله رزقني هؤلاء الأولاد، والله أعانني على نيل هذه الشهادة العليا، والله أعانني على طلب العلم، والله يَسَّر لي المجيء إلى المسجد، والله أعانني على تطبيق الإسلام في بيتي، والله أكرمني بزوجة مؤمنة، والله أكرمني بأولاد أطهار صالحين أبرار،
حينما تقول هذا فهذا أحد أنواع الشكر،
حينما تعزو النعمة إلى الله فهذا نوعٌ من شكرها.


2ـ أن يمتلئ قلبك امتناناً لله عزَّ وجل:


المستوى الثاني: حينما يمتلئ قلبك امتناناً لله عزَّ وجل فهذا مستوى أعلى.


3ـ أن تتحرك لخدمة الخلق معرفةً بهذه النعمة:


المستوى الثالث حينما تتحرك لخدمة الخلق معرفةً بهذه النعمة فهذا أعلى المستويات،

قال تعالى:
﴿ اعْمَلُوا آلَ داو ود شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ(30)

(سورة سبأ)


يحبك الله عزَّ وجل أن تكون شاكراً.


علينا أن نسجد شكراً لله عند كل نعمة يمنحنا الله إياها:


عود نفسك إذا منحك الله عزَّ وجل نعمة أن تقابلها بالسجود لله عزَّ وجل،
كان عليه الصلاة والسلام يسجد سجود الشكر لله عزَّ وجل،

تلقيت نبأً ساراً، رزقك الله مولوداً كاملاً بدون أي مشكلة،

فلو لم ينفلق ثقب بوتان لاحتجت إلى مئتين وخمسين ألف ليرة عملية قلب مفتوح لإغلاق ثقب بوتان، وهو كما قال الأطباء: ثقب مفتوح بين الأذينين، ولكن عند الولادة ـ هكذا قالوا ـ تأتي جلطة فتغلق هذا الثقب،
بيد من ؟ أية يدٍ تصل لداخل قلب الطفل لإغلاق هذا الثقب بين الأذينين ؟ الله جلَّ جلاله،
فأي غلطة بالجسم تحتاج إلى ملايين الملايين.

اجمع الأجهزة التي تنعم بها ثمنها ألف مليون،

عملية زرع الكبد بفرنسا تكلف سبعة ملايين ـ لو تشمع الكبد ـ ونجاحها ثلاثون بالمئة، فالكبد سبعة ملايين،

والكلية أصبح ثمنها الآن مليونين،

وتبديل صمام، قال لي واحد: والله بدلت صماماً، لكن لا أنام الليل، لماذا ؟ قال لي: اسمع طول الليل طرقاً،
أنت عندك صمام لا يوجد له صوت، أليست هذه نعمة ؟ صمام له صوت لا تنام الليل،
قال لي: لا أحس بالنهار لوجود الضجيج، ولا أنام بالليل من صوت الصمَّام،
توفي رحمه الله،
هذه نعمة الصمام، صمام عدم رجوع، هل هذه نعمة قليلة ؟

نعمة الأوردة،
لها وريقات، دسَّامات،
نعمة أن الشريان داخلي والوريد خارجي لو الآية بالعكس،
إذا جرح إنسان يموت على الفور، لأن القلب مع الشريان،

قال لي طبيب جراح: إذا أطلقت شرياناً ـ فنبض القلب للدم بالشريان يحرِّك الدم اثني عشرة متراً ـ يصل الدم أحياناً إلى السقف من نبضة قلب واحدة،
جعل الله الشرايين داخلية، والأوردة خارجية،
الحركة بطيئة بالوريد وغير خطرة، أما الشرايين كلها داخلية، في حرز حريز، هذه نعمٌ كبرى،

فلذلك أخواننا الكرام المؤمن مع المُنْعِم، والكافر مع النعمة.


للنعمة مهمتان كبيرتان ؛


أن تشكر الله عليها في الدنيا وأن تعرف الله من خلالها:


أية نعمةٍ لله عزَّ وجل في الإنسان لها وظيفتان كبيرتان
لها وظيفة تعريفية إرشادية، ولها وظيفة نفعية في الدنيا،

الغرب بأكمله انتبه للوظيفة النفعية أما الوظيفة الإرشادية فهي أخطر وظيفة للنعمة،
أن تعرف الله من خلالها،

هناك نعمة سوف أقولها لكم وقد لا تصدق أنه لولاها لما وجدت على وجه الأرض إنساناً واحداً،

هذه النعمة اسمها آلية المَص، يولد الطفل الآن لتوه يضع فمه على ثدي أمه ويحكم الإغلاق ويسحب،

هذه عملية معقدة، لو أن هذه الآلية غير موجودة،

تفضل علمه إياها، هل يستطيع أب مهما كان ذكياً، لو كان معه دكتوراه بعلم التربية أن يعلم ابنه الذي وُلِد لتوه: يا بابا الله يرضى عليك، ضع فمك على ثدي أمك، وإيَّاك أن تنفس الهواء، وإلا لن يخرج لك الحليب، لا يفهم عليك شيئاً، انتهى كل شيء،

فلولا نعمة آلية المص لما كان على وجه الأرض إنسان،
هذه نعمة أيضاً.

أيها الأخوة، النعمة لها مهمتان كبيرتان ؛ أن تشكر الله عليها في الدنيا، وأن تعرف الله من خلالها،

فمن لم يحقق معرفة الله من خلال النعمة عَطَّل أكبر مهمةٍ للنعمة،

وكنت أضرب مثلاً دقيقاً
عند أحدهم كتاب عن النحل والعسل، قرأه فتأثر تأثراً بالغاً، وفاضت عيناه بالدموع تعظيماً لله عزَّ وجل على هذه الإبداع في الخلق،
لكن دخله بسيط جداً لا يسمح له بشراء العسل أبداً، ما ذاقه، لكنه عرف الله من خلاله،
فهذا الإنسان الذي لم يذق طعم العسل، لكنه عرف الله من خلاله

هذا الإنسان حقق الأكبر من خلق النحل والعسل،

أما الذي جعل العسل غذاءه وهدفه الأساسي، ولم يفكر في خالق العسل هذا عطل الهدف الأكبر من خلق العسل،

لذلك النبي الكريم عليه الصلاة والسلام حينما رأى الهلال قال:
(( هِلالٌ خَيْرٍ وَرُشْدٍ ))

[ رواه أبو داود عن قتادة ]


ينفعنا في الدنيا ويرشدنا إلى ربنا فالمؤمن مع المنعم ؛ والكافر مع النعمة:


﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ (40)


----------


والى لقاء آخر إن شاء الله

ندى الورد 11-20-2015 07:29 PM

رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن
 


(( وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم ))

عن ابن عباس : " وأوفوا بعهدي " الذي أخذت في أعناقكم للنبي محمد إذا جاءكم ، " أوف بعهدكم " أي أنجز لكم ما وعدتكم عليه بتصديقه واتباعه ، بوضع ما كان عليكم من الإصر والأغلال التي كانت في أعناقكم بذنوبكم التي كانت من أحداثكم .

وعن أبي العالية في قوله : " أوفوا بعهدي أوف بعهدكم " قال : عهده إلى عباده ، دين الإسلام أن يتبعوه ، " أوف بعهدكم " يعني الجنة .

وعن السدي : " أوفوا بعهدي أوف بعهدكم " : أما " أوفوا بعهدي " فما عهدت إليكم في الكتاب . وأما " أوف بعهدكم " فالجنة ، عهدت إليكم أنكم إن عملتم بطاعتي أدخلتكم الجنة

وعن ابن جريج في قوله : " وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم " قال : ذلك الميثاق الذي أخذ عليهم في المائدة : ( ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا ) إلى آخر الآية [ ص: 559 ] [ سورة المائدة : 12 ] . فهذا عهد الله الذي عهد إليهم ، وهو عهد الله فينا ، فمن أوفى بعهد الله وفى الله له بعهده

وعن ابن عباس ، في قوله " وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم " يقول : أوفوا بما أمرتكم به من طاعتي ونهيتكم عنه من معصيتي في النبي صلى الله عليه وسلم وفي غيره ، " أوف بعهدكم " يقول : أرض عنكم وأدخلكم الجنة .

وقال ابن زيد في قوله : " وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم " قال : أوفوا بأمري أوف بالذي وعدتكم ، وقرأ : ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم ) حتى بلغ ( ومن أوفى بعهده من الله ) [ سورة التوبة : 111 ] ، قال : هذا عهده الذي عهده لهم .

تفسير الطبرى

----------------

ندى الورد 11-20-2015 07:30 PM

رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن
 



(( وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم ))





(وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) [النحل : 91].


وهكذا فقد ألزم الله عز وجل ذاته العلية بعهدٍ تجاهنا، ولكنه ألزم في الوقت ذاته عباده، ألزمنا بعهدٍ تجاهه، وجعل الأول منوطاً بالثاني. فما هو العهد الذي ألزمنا الله عز وجل به؟


العهد الذي ألزمنا الله عز وجل به هو أن نكون مصدقي للدعوى التي نعلنها تجاه الله عز وجل. فنحن أعلنا أننا مؤمنون بربوبية الله عز وجل علينا ومن ثم أعلنا عن عبوديتنا لله سبحانه وتعالى، ألسنا نقول في مفتتح كل صلاة:
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [الفاتحة : 5].


ألسنا نقول:


(إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الأنعام : 162].


هذه دعوى يا عباد الله، يريد الله عز وجل منا مصداقها، يريد الله عز وجل منا تطبيقها، فإن نحن صدَّقنا ما قد قلناه وفسَّرْنَا الدعوى بالتنفيذ فذلك هو الوفاء بالعهد الذي ألزمنا الله عز وجل به، ولابد حينئذٍ أن ينجز الله عز وجل عهده الذي ألزمه بذاته العلية، ولا ملزم له. يقول مولانا وخالقنا جل جلاله:


(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الأنفال : 24-25].


أرأيتم إلى هذا الذي يقوله لنا الله عز وجل
(اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ) نفذوا التعاليم التي ستكون مصداق وفائكم للعهد الذي التزمتم به تجاه الله سبحانه وتعالى ووفاؤكم لذلك لن يعود بخير إلى مولاكم الغني وإنما يعود بالخير إليكم
(اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ)


(مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) [النحل : 97].


هذا هو العهد الذي ألزمنا الله عز وجل به تجاهه مَرَدُّه إلى خيرنا، مَرَدُّه إلى سعادتنا في العاجلة والعقبى يا عباد الله.

ندى الورد 11-20-2015 07:32 PM

رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن
 



والوفاء بعهد الله أن نعبده ونشكره هو فطرة الإيمان لما أعطاه لنا من نعم. على أن الحق سبحانه وتعالى نجده يقول:

وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ


(من الآية 40 سورة البقرة)




وفي آية أخرى:
فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ


(من الآية 152 سورة البقرة)



وفي آية ثالثة:

إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ

(من الآية 7 سورة محمد)



ما هي هذه القضية التي يريد الحق سبحانه وتعالى أن ينبهنا إليها في هذه الآيات الكريمة؟

الله سبحانه وتعالى يريد أن نعرف أنه قد وضع في يدنا مفتاح الجنة.

ففي يد كل واحد منا مفتاح الطريق الذي يقوده إلي الجنة أو إلي النار.

ولذلك إذا وفيت بالعهد أوفى الله. وإذا ذكرت الله ذكرك. وإذا نصرت الله نصرك ..


والحديث القدسي يقول:
وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا وأن أتاني يمشي أتيته هرولة" رواه البخارى فى كتاب التوحيد ورواه مسلم والترمذى

وهكذا يريد الحق سبحانه وتعالى أن ينبهنا أن المفتاح في يدنا نحن.

فإذا بدأنا بالطاعة. فإن عطاء الله بلا حدود.

وإذا تقربنا إلي الله تقرب إلينا. وإذا بعدنا عنه نادانا. هذا هو إيمان الفطرة.
هل هذا هو العهد المقصود من الله سبحانه في قوله: "أوفوا بعهدي أوف بعهدكم"

أو هو العهد الذي أخذه الله على الأنبياء ليبلغوا أقوامهم بأنهم إذا جاء رسول مصدق لما معهم فلابد أن يؤمنوا به وينصروه؟


فالحق سبحانه وتعالى أخذ على الأنبياء جميعا العهد لرسول الإسلام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ..


أو هو العهد الذي أخذه الله بواسطة موسى عليه السلام على علماء بني إسرائيل الذين تلقوا التوراة ولقنوها وكتبوها وحفظوها. عهد بألا يكتموا منها شيئا .. واقرأ قوله تعالى:
وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ(187)


(سورة آل عمران)



تفسير الشعراوى


--------

ندى الورد 11-20-2015 07:34 PM

رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن
 



﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ (40) ﴾


هذا جواب الطلب:


﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ (152) ﴾


( سورة البقرة)


وقال:
﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾

( سورة محمد: الآية " 7 " )


مثل هذه الآيات تعطيك في مضمونها ومحورها ثمن الجنة إن وفَّيت بعهد الله عز وجل. أي إذا ضحيت ببعض حريتك ؛ سمح لك أن تأكل، وأن تشرب، وأن تتزوج، وأن تفعل كل شيء وفق منهج، وفق قنوات نظيفة.


إذا ضحى المؤمن ببعض حريته لزمن محدود ينعم بالجنة إلى الأبد فهي عملية تجارية :



الكافر متفلِّت يفعل ما يشاء، المؤمن منضبط،

الكافر يأكل ما يشاء، يشرب ما يشاء، يلتقي مع من يشاء، ويجلس مع من يشاء، المؤمن عنده حدود،



إذاً بماذا يضحي الإنسان عندما يستقيم ؟ يضحي ببعض حريته، يضحي ببعض حريته لزمنٍ محدود لينعم بجنةٍ عرضها السماوات والأرض إلى أبد الآبدين،

فهي عملية تجارية،

رأسمالك صغير جداً والربح كبير جداً،

الرأسمال أن تنضبط لبضعة سنوات والسعادة إلى الأبد،



قال تعالى:

﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي (40) ﴾


في طاعتي:


﴿ أُوفِ بِعَهْدِكُمْ (40) ﴾


بالجنة:


﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾

( سورة محمد: الآية " 7 " )


في الدنيا والآخرة:


﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ (152) ﴾

( سورة البقرة)



لو حَكَّمَ الإنسان عقله يجد الثمن قليلاً جداً والمبيع كبيراً جداً:
كأن الله عزَّ وجل يريد أن نربح عليه:


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) ﴾

( سورة الصف)


تجارة ؛ لك رأس مال، ولك ثمن مبيع، والفرق كبير جداً،

رأسمالك:

﴿ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(11)يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(12) ﴾

( سورة الصف)


أي لو حَكَّمَ الإنسان عقله يجد الثمن قليلاً جداً والمبيع كبيراً جداً، فالله عزَّ وجل يقول :


﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ (40) ﴾


أما ترضى أن تعيش في الدنيا منضبطاً بعض الشيء ؟ الحرام حرام، والحلال حلال،

لا يوجد شهوة أودعها الله في الإنسان إلا جعل لها قناة نظيفة،
وفق منهج واضح،
الكافر يفعل كل شيء، لأنه متفلت أساساً، أما المؤمن فهو إنسان منضبط، الإيمان قيده ؛ هذه حرام، هذه تجوز، وهذه لا تجوز،
قال لك:
﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ (40) ﴾


في التعامل مع الله سبحانه لا يتناسب العطاء مع الثمن لأن الربح مع الله مضاعف:


ادفع ثمن الجنة وادخل إلى الجنة متنعماً إلى أبد الآبدين، طبعاً لو ذكرنا الآيات المشابهة:


﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ (152) ﴾

( سورة البقرة)


وقال:
﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ (40) ﴾


وقال:
﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾

( سورة محمد: الآية " 7 " )


لا يتناسب العطاء مع الثمن إطلاقاً، الإنسان في العادة يربح بالمئة عشرة، عشرين، ثلاثين، أو أربعين، أما بالمئة مئة يقول لك: هذه هي التجارة، إذا بالمئة مليار، إذا بالمئة ألف مليار، إذا بالمئة مليار مِليار مليار إلى أن ينقطع النفس، هكذا الربح مع الله عزَّ وجل.



-----------------------------------------

والى لقاء آخر مع رحلة تدبر القرآن

ندى الورد 11-23-2015 02:24 AM

رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن
 




الله عزَّ وجل هيَّأَ لك جنة يسعدك فيها لا بقدر طاقاتك بل بقدر قدرة الله عزَّ وجل:

أيها الأخوة، أرى أن أذكى الأذكياء وأعقل العقلاء هو الذي يتاجر مع الله،

من هو أغبى الأغبياء بالمقابل ؟
الذي يشتري بآيات الله ثمناً قليلاً،
بالعكس باع الآخرة من أجل المال،
مهما كان هذا المال سينتهي عند الموت،
كسب مالاً حراماً وضيَّع آخرته،
فمن أجل امرأة ضيَّع آخرته،
ومن أجل مكانة مؤقتة لا تدوم ضيع آخرته،

أحمق الحمقى، وأغبى الأغبياء، وأخسر الخاسرين، هؤلاء الذين يبيعون الأبد بدنيا محدودة، بدنيا قليلة،

الله عزَّ وجل يقول:
﴿ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ ﴾
( سورة النساء: آية " 77 ")



دقق في كلام الله
﴿ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ ﴾


أي مهما كنت متنعماً فيها،
يتنعم الإنسان في الدنيا بحسب قدراته،

لو معك ألفْ ألف مليون، وأردت أن تأكل، ماذا تستطيع أن تأكل ؟ أوقية لحمة، أوقيتين، أكثر لا تستطيع، مهما كنت غنياً الاستمتاع بالحياة محدود بقدر طاقاتك،

لكن الله عزَّ وجل هيَّأَ لك جنة يسعدك فيها لا بقدر طاقاتك بل بقدر قدرة الله عزَّ وجل،

فهذه فكرة دقيقة كثيراً، أنت بالدنيا وجدت تفاحاً جيداً، أكلت تفاحة كبيرة، أكمل والله لا أقدر، طيبين، والله لا أقدر، طعمتهم طيبة، والله اكتفيت، ولا أقدر أن أزيد،

فعندك سقف بكل شيء، بكل شيء من دون استثناء ؛ الزواج، الأكل، الشرب، السفر، حتى بالثياب تلبس بذلة واحدة، وتستعمل سريراً واحداً، تأكل وجبة واحدة، هناك سقف، ولك حدود، تستمتع في الدنيا بقدر طاقاتك المحدودة،

ولكنك بالآخرة وفي الجنة تستمتع لا بقدر قدراتك المحدودة في الدنيا بل بقدر قدرات الله في الآخرة، فالله عزَّ وجل خلقك لجنةٍ عرضها السماوات والأرض.


لا يزهد في الجنة إلا أحمق ولا يسعى إليها إلا عاقل:


والله أيها الأخوة، لا يزهد في الجنة إلا أحمق ولا يسعى إليها إلا عاقل،

المؤمن في الدنيا طموح جداً لأنه يسعى إلى جنةٍ عرضها السماوات والأرض فيها مالا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فهذه الآيات:


﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ (40) ﴾


وقال:
﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ (152) ﴾
( سورة البقرة)


إذا ذكرك الله، فهل نال إنسان في الأرض عزاً كرسول الله ؟

ليس هناك على الإطلاق، اذهب إلى المدينة، قف أمام قبره في أيام الحج تجد ملايين كثيرة من شتى بقاع الأرض يقفون أمامه ويبكون، وقد مضى على وفاته ألفٌ وخمسمئة عام تقريباً،

ماذا ترك ؟

الله تعالى قال:


﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾
( سورة الشرح )


إذا الله رفع ذكرك:


((يا ابن آدم! إن ذكرتني في نفسك؛ ذكرتك في نفسي، وإن ذكرتني في ملأ؛ ذكرتك في ملأ من الملائكة (أو قال: في ملأ خير منه) ))
[البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة]


-------------



والى لقاء آخر إن شاء الله


ندى الورد 11-23-2015 02:26 AM

رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن
 


﴿ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) ﴾


يملك الإنسان بالدنيا حرية اختياره، ما معنى مخيَّر ؟

أي لك أن تفعل كل شيء، لك أن ترتكب المعاصي كلها إلى أمد منظور دون أن يصيبك شيء،

هذا الاختيار،
فيمكنك أن لا تصلي، وألا تصوم، وأن تفعل كل الموبقات من غير أن يحدث لك شيء ؛ القلب منتظم، والضغط منتظم، وكل الأجهزة تامة، وأنت في كل المعاصي والآثام هذا الاختيار،

اعملوا ما شئتم، كل شيء بحسابه،

أما هذا الذي يخشى الله بالغيب فهو المؤمن،

طبعاً كل إنسان يخاف بعينه، وإذا خاف الإنسان بعينه هبط إلى مستوى الحيوان،
أما الإنسان الراقي فيخاف بعقله، الذي يخاف بعقله هو المؤمن،

الدنيا ليس فيها أية فوارق، تجد الكافر هذه الأيام مثل المؤمن، مثل الفاسق، مثل الفاجر، كلهم في البيوت يأكلون ويشربون، لكن المؤمن خائف من يوم القيامة فتجده مستقيماً، الكافر يعيش لحظته



-------------------------

﴿ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) ﴾

لا تخاف إلا من الله

فهو فقط من يملك لك النفع والضر

(( وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) 17 الأنعام

وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ( 107 ) . يونس


عن أبي العباس عبد الله بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ:" يَا غُلاَمُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الأمة لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلاَمُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ" رواه الترمذي ، وأحمد ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (7957) .


فاطمأن ولا تخاف إلا من الله


﴿ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) ﴾


فاحذر أن تفعل ما يغضب الله


فإن عقابه أليم


وحسابه شديد


وارجع اليه قبل فوات الأوان


فإن العمر محدود


والوقت معدود


والفرصة لن تعود


وتذكر دائما قوله عز وجل :

﴿ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) ﴾

-------------------------------

والى لقاء آخر إن شاء الله


طارق سرور 11-24-2015 06:11 PM

رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن
 
طرح رائع وقيم ونافع بإذن لله

جزاك الله خيرا عنه اختى ندى الورد

ندى الورد 11-24-2015 09:00 PM

رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن
 


شكرا لك أخي طااااارق

على مرورك العطر

جزااااك الله الجنه


ندى الورد 11-24-2015 09:03 PM

رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن
 


﴿ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) ﴾

عبادة الله تعالى تتضمن الخوف ، والرجاء ، والمحبة له سبحانه تعالى ؛ وهذا هو كمال الإيمان .

قال تعالى : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَه ) الإسراء/ 57


فكلما ازداد العبد إيماناً : ازداد خوفه من الله ، ألا ترى أن الله تعالى أثنى على أنبيائه ، ورسله بهذه الصفة ، قال تعالى : ( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ) الأحزاب/ 39 ،

وقال عن الملائكة الكرام : ( وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ) الأنبياء/ 28 ، وقال : ( يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) النحل/ 50 .
وعن جابر رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي بِالمَلإ الأَعْلَى وَجِبْريلُ كَالحِلْسِ البَالِي مِنْ خَشْيَةِ الله عزَّ وَجَلَّ ) رواه الطبراني في " الأوسط " ( 5 / 64 ) ، وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 2289 ) .
والحلس البالي : الثوب البالي .
وهكذا كان حال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فقد قال عن نفسه : (إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِاللَّهِ أَنَا) رواه البخاري (20) ومسلم (1108) .


قال ابن القيم رحمه الله :
والمقصود : أن الخوف من لوازم الإيمان ، وموجباته ، فلا يتخلف عنه ، وقال تعالى : (فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ) المائدة/ 44 , وقد أثنى سبحانه على أقرب عباده إليه بالخوف منه ، فقال عن أنبيائه بعد أن أثنى عليهم ومدحهم : ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ) الأنبياء/ 90 ، فالرغَب : الرجاء , والرغبة ، والرهَب : الخوف ، والخشية .
وقال عن ملائكته الذين قد أمَّنهم من عذابه : ( يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) النحل/ 50 ، وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إني أعلمكم بالله وأشدكم له خشية ) ، وفي لفظ آخر : ( إني أخوفكم لله وأعلمكم بما أتقي ) – رواه مسلم - ، وكان يصلي ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء – رواه أبو داود والنسائي ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " - .
وقد قال تعالى : ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ) فاطر/ 28 ، فكلما كان العبد بالله أعلم : كان له أخوف ، قال ابن مسعود : وكفى بخشية الله علماً .


ونقصان الخوف من الله : إنما هو لنقصان معرفة العبد به ؛ فأعرف الناس : أخشاهم لله , ومن عرف الله : اشتد حياؤه منه ، وخوفه له ، وحبه له , وكلما ازداد معرفة : ازداد حياء ، وخوفاً ، وحبّاً ، فالخوف من أجلِّ منازل الطريق , وخوف الخاصة : أعظم من خوف العامَّة , وهم إليه أحوج ، وهم بهم أليق ، ولهم ألزم .
" طريق الهجرتين " ( 423 ، 424 ) .

ندى الورد 11-24-2015 09:07 PM

رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن
 




﴿ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) ﴾

نماذجٌ من خوف السلف


قال الضحاك بن مزاحم -رحمه الله-:

مر أبو بكر الصديق رضي الله عنه على طيرٍ قد وقع على شجرة فقال: طُوبى لك يا طيرُ تطير فتقع على الشجر ثم تأكل من الثمر ثم تطير ليس عليك حسابٌ ولا عذاب !

ياليتني كُنت مثلك ؛ والله لوددتُ أني كنتُ شجرةً إلى جانتِ الطريق فمر عليَّ بعير فأخذني فأدخلني فاه فلاكني ثم إزدردني ثم أخرجني بعراً ولم أكن بشراً.!

-------

قال: وقال أبو الدرداء: يا ليتني كنت شجرة تعضد وتؤكل ثمرتي ولم أكن بشراً.!

حلية الأولياء (1/52) ، شعب الإيمان (1/485) ، تاريخ دمشق (30/331).
----------

قال عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه-:
لو وقفتُ بين الجنة والنار ، فقيل لي : اختر نُخَيُّرُك من أيهما تكونُ أحبُّ إليك ، أو تكونَ رماداً ؟ لأحببتُ أن أكونَ رماداً .!َ
المعجم الكبير للطبراني (7/499) ، حلية الأولياء (1/133)
---------

قال أبو ذر الغفاري -رضي الله عنه-:

والله لو تعلمون ما أعلم ، لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلاً ، ولو تعلمون ما أعلم ما انبسطتم إلى نسائكم ، ولا تقاررتم على فُرُشِكُم ، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون وتبكون ،

والله لوددت أن الله عز وجل خلقني يوم خلقني ، شجرة تُعْضَدُ ، ويؤكل ثمرها.!

مصنف ابن أبي شيبة (13/341) ، مصنف عبد الرزاق (7/123) ، حلية الأولياء (1/164) .
------------

من تأمل أحوال الصحابة - رضي الله عنهم - وجدهم في غاية العمل مع غاية الخوف ، ونحن جميعا بين التقصير ، بل التفريط والأمن ،


فهذا الصديق - رضي الله عنه - يقول : وددت أني شعرة في جنب عبد مؤمن ، ذكره أحمد عنه .

وذكر عنه أيضا أنه كان يمسك بلسانه ويقول : هذا الذي أوردني الموارد ، وكان يبكي كثيرا ، ويقول : ابكوا ، فإن لم تبكوا فتباكوا .

وكان إذا قام إلى الصلاة كأنه عود من خشية الله عز وجل .

وأتى بطائر فقلبه ثم قال : ما صيد من صيد ، ولا قطعت شجرة من شجرة ، إلا بما ضيعت من التسبيح ، فلما احتضر ، قال لعائشة : يا بنية ، إني أصبت من مال المسلمين هذه العباءة وهذه الحلاب وهذا العبد ، فأسرعي به إلى ابن الخطاب ، وقال : والله لوددت أني كنت هذه الشجرة تؤكل وتعضد .


وقال قتادة : بلغني أن أبا بكر قال : ليتني خضرة تأكلني الدواب .


وهذا عمر بن الخطاب قرأ سورة الطور إلى أن بلغ : إن عذاب ربك لواقع [ سورة الطور : 77 ] فبكى واشتد بكاؤه حتى مرض وعادوه .

وقال لابنه وهو في الموت : ويحك ضع خدي على الأرض عساه أن يرحمني ، ثم قال : ويل أمي ، إن لم يغفر لي ( ثلاثا ) ، ثم قضي .

وكان يمر بالآية في ورده بالليل فتخيفه ، فيبقى في البيت أياما يعاد ، يحسبونه مريضا ، وكان في وجهه - رضي الله عنه - خطان أسودان من البكاء .

وقال له ابن عباس ، مصر الله بك الأمصار ، وفتح بك الفتوح ، وفعل ، فقال : وددت أني أنجو لا أجر ولا وزر .

---------

وهذا عثمان بن عفان - رضي الله عنه - كان إذا وقف على القبر يبكي حتى تبل لحيته ، وقال : لو أنني بين الجنة والنار لا أدري إلى أيتهما يؤمر بي ، لاخترت أن أكون رمادا قبل أن أعلم إلى أيتهما أصير .

--------

وهذا علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وبكاؤه وخوفه ، وكان يشتد خوفه من اثنتين : طول الأمل ، واتباع الهوى ، قال : فأما طول الأمل فينسي الآخرة ، وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق ، ألا وإن الدنيا قد ولت مدبرة ، والآخرة مقبلة ، ولكل واحدة بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ، ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، فإن اليوم عمل ولا حساب ، وغدا حساب ولا عمل .

--------

وهذا أبو الدرداء كان يقول : إن أشد ما أخاف على نفسي يوم القيامة أن يقال لي : يا أبا الدرداء ، قد علمت ، فكيف عملت فيما علمت ؟ وكان يقول : لو تعلمون ما أنتم لاقون بعد الموت لما أكلتم طعاما على شهوة ، ولا شربتم شرابا على شهوة ، ولا دخلتم بيتا تستظلون فيه ، ولخرجتم إلى الصعدات تضربون صدوركم ، وتبكون على أنفسكم ، ولوددت أني شجرة تعضد ثم تؤكل .

--------------

وكان عبد الله بن عباس أسفل عينيه مثل الشراك البالي من الدموع .

-----------

وكان أبو ذر يقول : يا ليتني كنت شجرة تعضد ، ووددت أني لم أخلق وعرضت عليه النفقة ، فقال : ما عندنا عنز نحلبها وحمر ننقل عليها ، ومحرر يخدمنا ، وفضل عباءة ، وإني أخاف الحساب فيها .

----------

وقرأ تميم الداري ليلة سورة الجاثية ، فلما أتى على هذه الآية أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات [ سورة الجاثية : 21 ] جعل يرددها ويبكي حتى أصبح .

--------

وقال أبو عبيدة عامر بن الجراح : وددت أني كبش فذبحني أهلي ، وأكلوا لحمي وحسوا مرقي .

--------------

وهذا باب يطول تتبعه !.

الْجَوَابُ الْكَافِي لِمَنْ سَأَلَ عَنْ الدَّوَاءِ الشَّاِفي (ص 40)
-------------------------


قال مالك بن ضيغم : حدثني الحكم بن نوح قال:
بكى أبوك -ضيغم بن مالك- ليلة من أول الليل إلى آخره ، لم يسجد فيها سجدة ولم يركع فيها ركعة ، ونحن معه في البحر،

فلما أصبحنا قلنا: يا مالك لقد طالت ليلتك لا مصلياً ولا داعياً،

قال: فبكى ثم قال: لو يعلم الخلائق ما يستقبلون غداً ما لذوا بعيش أبداً، !
والله إني لما رأيت الليل وهوله وشدة سواده ، ذكرت به الموقف وشدة الأمر هناك ، وكل امرئ يومئذ تهمه نفسه: (لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً)
صفة الصفوة (2/212)


---------


قال بشر بن منصور - رحمه الله -:
كنت أوقد بين يدي عطاء العبدي - وهو السَّلِيْمِيُّ من صغار التابعين- في غداة باردة ،
فقلت له: يا عطاء يسرك الساعة لو أنك أمرت أن تلقي نفسك في هذه النار لا تبعث إلى الحساب ؟
فقال: إي ورب الكعبة ، ثم قال: والله مع ذلك لو أمرت بذلك لخشيت أن تخرج نفسي فرحاً ، قبل أن تصل إليها. !

حلية الأولياء (6/216) ، شعب الإيمان (1/522) ، ونحوها في السير (6/87)
--------


قيل لأبي مسعود الأنصاري -رحمه الله-:
ماذا قال حذيفة عند موته؟
قال: لما كان عند السحر، قال: أعوذ بالله من صباح إلى النار - ثلاثا - ثم قال: اشتروا لي ثوبين أبيضين؛ فإنهما لن يتركا علي إلا قليلا حتى أبدل بهما خيرا منهما، أو أسلبهما سلبا قبيحا.
سير أعلام النبلاء (2/368)


---------


لما احتضر سعيد بن مروان -رحمه الله- قال:
يا ليتني لم أكن شيئًا، يا ليتني كهذا الماء الجاري، ثم قال: هاتوا كفني.. أُفٍ لك، ما أقصر طويلك وأقل كثيرك
تاريخ الخلفاء: (136).



---------


قال عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه- لمّا طعن:
«لو أنّ لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من عذاب اللّه قبل أن أراه !»
رواه البخاري 3692 ، شرح السنة للبغوي (14/ 373) ، حلية الأولياء (1/52)
علق ابن الجوزي :
واعجبا من خوف عمر مع كماله وأمنك مع نقصانك !


-----------


بكى الحسن -رحمه الله-:
فقيل: ما يبكيك؟ قال: «أخاف أن يطرحني غدا في النّار ولا يبالي»
التخويف من النار لابن رجب (23).



----------


قال أرطأة بن المنذر -رحمه الله-:
قيل لعمر بن عبد العزيز: لو جعلت على طعامك أمينا لا تغتال، وحرسا إذا صلّيت لا تغتال وتنحّ عن الطّاعون.
قال:
«اللّهمّ إن كنت تعلم أنّي أخاف يوما دون يوم القيامة فلا تؤمّن خوفي»
سيرة عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي (163).



-----------


قال يزيد بن حوشب -رحمه الله-:
«ما رأيت أخوف من الحسن وعمر بن عبد العزيز كأنّ النّار لم تخلق إلّا لهما»
تاريخ دمشق (45/236)


---------


أوى أبو ميسرة عمرو بن شرحبيل –رحمه الله- إلى فراشه فقال:
" يا ليت أمي لم تلدني. فقالت له امرأته: أبا ميسرة، أليس قد أحسن الله إليك، هداك للإسلام، وفعل بك كذا؟ قال: بلى، ولكن الله أخبرنا أنا واردون على النار، ولم يبين لنا أنا صادرون عنها "
حلية الأولياء [4/141]



----------


قال إبراهيم التيمي -رحمه الله-:
شيئان قطعا عني لذة الدنيا: ذكر الموت وذكر الموقف بين يدي الله تعالى.
التذكرة للقرطبي ص (125)



----------


قَالَ بعض أَصْحَاب الْحسن -رحمه الله-:
كُنَّا ندخل على الْحسن فَمَا هُوَ إِلَّا النَّار وَالْقِيَامَة وَالْآخِرَة وَذكر الْمَوْت



------------


وَكَانَ ابْن سِيرِين -رحمه الله-:
إِذا ذكر عِنْده الْمَوْت مَاتَ كل عُضْو مِنْهُ على حِدته وَقَالَ التَّيْمِيّ رَحمَه الله شَيْئَانِ قطعا عني لذاذة الدُّنْيَا ذكر الْمَوْت وَذكر الْوُقُوف بَين يَدي الله عز وَجل



----------


وَقَالَ مطرف بن عبد الله-رحمه الله-:
رَأَيْت فِي مَا يرى النَّائِم كَأَن قَائِلا يَقُول فِي وسط جَامع الْبَصْرَة قطع ذكر الْمَوْت قُلُوب الْخَائِفِينَ فوَاللَّه مَا تراهم إِلَّا والهين محزونين



----------


وَقَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله :
لَو فَارق ذكر الْمَوْت قلبِي ساعة لفسد



-------------


وَكَانَ يزِيد الرقاشِي -رحمه الله-:
لنَفسِهِ وَيحك يَا يزِيد من ذَا الَّذِي يُصَلِّي عَنْك بعد الْمَوْت من ذَا الَّذِي يَصُوم عَنْك بعد الْمَوْت من ذَا الَّذِي يُرْضِي عَنْك رَبك بعد الْمَوْت
ثمَّ يَقُول أَيهَا النَّاس أَلا تَبْكُونَ وتنوحون على أَنفسكُم بَاقِي حَيَاتكُم وَيَا من الْمَوْت موعده والقبر بَيته وَالثَّرَى فرَاشه والدود أنيسه وَهُوَ مَعَ هَذَا ينْتَظر الْفَزع الْأَكْبَر كَيفَ يكون حَاله ثمَّ يبكي حَتَّى يسْقط مغشيا عَلَيْهِ


---------

وَقَالَ حَامِد اللفاف -رحمه الله-:
وَيْح ابْن أَدَم إِن أَمَامه ثَلَاثَة أَشْيَاء موت كريه المذاق ونار أليمة الْعَذَاب وجنة عَظِيمَة الثَّوَاب



-------------


وَقَالَ ابْن السماك رَحمَه الله تَعَالَى :
إِن الْمَوْتَى لم يبكوا من الْمَوْت وَلَكنهُمْ يَبْكُونَ من حسرة الْفَوْت فَاتَتْهُمْ وَالله دَار لم يتزودوا مِنْهَا ودخلوا دَارا لم يتزودوا لَهَا فأية سَاعَة مرت على من مضى وأية سَاعَة بقيت علينا وَالله إِن المتفكر فِي هَذَا لجدير أَن يتْرك الأوطان ويهجر الخلان ويدع مَا عز وَمَا هان.

العاقبة في ذكر الموت (ص 39)



------------


كان عمرو بن قيس –رحمه الله-:
إذا نظر إلى أهل السوق بكى وقال: «ما أغفل هؤلاء عما أعد لهم»
حلية الأولياء (5/102)



----------


قال المغيرة بن حكيم -رحمه الله-:
قالت لي فاطمة بنت عبد الملك: يا مغيرة، قد يكون من الرجال من هو أكثر صلاة وصياما من عمر، ولكني لم أر من الناس أحدا قط كان أشد خوفا من ربه من عمر، كان إذا دخل البيت ألقى نفسه في مسجده، فلا يزال يبكي ويدعو حتى تغلبه عيناه، ثم يستيقظ فيفعل مثل ذلك ليلته أجمع "
الزهد والرقائق ص (308) ، تاريخ دمشق (45/235) ،حلية الأولياء (5/260)



-----------


قال عمر بن عبد العزيز –رحمه الله-:
لقد نغص هذا الموت على أهل الدنيا ما هم فيه من غضارة الدنيا وزهوتها، فبينا هم كذلك وعلى ذلك أتاهم جاد من الموت، فاخترمهم مما هم فيه، فالويل والحسرة هنالك لمن لم يحذر الموت ويذكره في الرخاء، فيقدم لنفسه خيرا يجده بعدما فارق الدنيا وأهلها، قال: ثم بكى عمر حتى غلبه البكاء فقام "
حلية الأولياء (5/264)



------------


قال عبد الله بن المفضل التميمي –رحمه الله-:
كان آخر خطبة خطبها عمر بن عبد العزيز أن صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، "
فإن ما في أيديكم أسلاب الهالكين، وسيتركها الباقون كما تركها الماضون، ألا ترون أنكم في كل يوم وليلة تشيعون غاديا أو رائحا إلى الله تعالى وتضعونه في صدع من الأرض ثم في بطن الصدع، غير ممهد ولا موسد، قد خلع الأسلاب، وفارق الأحباب، وأسكن التراب، وواجه الحساب، فقير إلى ما قدم أمامه، غني عما ترك بعده؟،

أما والله إني لأقول لكم هذا، وما أعرف من أحد من الناس مثل ما أعرف من نفسي، قال: ثم قال: بطرف ثوبه على عينه فبكى، ثم نزل فما خرج حتى أخرج إلى حفرته "

حلية الأولياء (5/266)



-------


قال عبد السلام، مولى مسلمة بن عبد الملك -رحمه الله-:
بكى عمر بن عبد العزيز فبكت فاطمة، فبكى أهل الدار لا يدري هؤلاء ما أبكى هؤلاء، فلما تجلى عنهم العبر، قالت له فاطمة: بأبي أنت يا أمير المؤمنين، مم بكيت؟ قال: ذكرت يا فاطمة منصرف القوم من بين يدي الله عز وج*ل، فريق في الجنة، وفريق في السعير، قال: «ثم صرخ وغشي عليه»
حلية الأولياء (5/269)



-----------


قَالَ مَيْمُونٌ بن مَهْرَانْ -رحمه الله-:
لَقَدْ أَدْرَكْتُ مَنْ كُنْتُ أَسْتَحِي أَنْ أَتَكَلَّمَ عِنْدَهُ، وَقَدْ أَدْرَكْتُ مَنْ لَمْ يَكُنْ يَتَكَلَّمُ إِلَّا بِحَقٍّ أَوْ يَسْكُتَ، وَأَدْرَكْتُ مَنْ لَمْ يَكُنْ يَمْلَأُ عَيْنَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ خَوْفَاً مِنْ رَبِّهِ.!
المجالسة وجواهر العلم (4/88) ، سير أعلام النبلاء (5/77)



-------------

قال الحسن البصريّ- رحمه الله-:
«إنّ المؤمنين قوم ذلّت والله منهم الأسماع والأبصار والأبدان حتّى حسبهم الجاهل مرضى، وهم والله أصحاب القلوب، ألا تراه يقول: وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ (فاطر/ 34) والله لقد كابدوا في الدّنيا حزنا شديدا وجرى عليهم ما جرى على من كان قبلهم»
التخويف من النار ص (31)


------------


كان محمد بن المنكدر –رحمه الله-:

ذات ليلة قائم يصلي إذ استبكى وكثر بكاؤه حتى فزع أهله وسألوه: ما الذي أبكاه؟ فاستعجم عليهم وتمادى في البكاء .

فأرسلوا إلى أبي حازم فأخبروه بأمره فجاء أبو حازم إليه فإذا هو يبكي، قال: يا أخي ما الذي أبكاك؟! قد رعت أهلك! أفمن علة أم ما بك؟! فقال: إنه مرت بي آية في كتاب الله عز وجل، قال: وما هي؟ قال: قول الله تعالى (وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ)

فبكى أبو حازم أيضاً معه، واشتد بكاؤهما! فقال بعض أهله لأبي حازم: جئنا بك لتفرج عنه فزدته! فأخبرهم ما الذي أبكاهما.

حلية الأولياء (3/146)



----------


قال المعلى بن زياد -رحمه الله-:
كان إخوان مطرف عنده فخاضوا في ذكر الجنة فقال مطرف: «لا أدري ما تقولون، حال ذكر النار بيني وبين الجنة»
الزهد لأحمد (ص 411) ، تاريخ دمش ( 58/301 ) ، حلية الأولياء (2/202)



---------


قال عبد الله بن أبي الهذيل -رحمه الله-:
لقد شغلتِ النارُ من يعقلُ عن ذكرِ الجنةِ.
حلية الأولياء (4/358)



----------


قال مالك -رحمه الله-:
لو استطعتُ أنْ لا أنامَ لمْ أَنَمْ، مخافةَ أن ينزِلَ العذابُ وأنا نائمٌ، ولو وجدتُ أعواناً لفرَّقتُهم ينادونَ في سائرِ الدنيا كلِّها: يا أيها الناسُ النارَ النار!!
حلية الأولياء (2/369) ، تاريخ دمشق (56/413)

--------


قال فرقد السبخي -رحمه الله-:
«ما انتبهت من نوم لي قط إلا ظننت مخافة أن أكون قد مسخت»
حلية الأولياء (3/47)



--------


قال سلمة بن دينار -رحمه الله-:
" إِنَّ خَيْرَ خَصْلَةٍ أَوْ أَفْضَلَ خَصْلَةٍ تَكُونُ فِي الْإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ أَشَدَّ النَّاسِ خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ، وَأَرْجَاهُ لِكُلِّ مُسْلِمٍ "
حلية الأولياء (8/54) ، شعب الإيمان (9/58)



--------


قال عبدُ الأعلى التيمي -رحمه الله-:
شيئان قطعا عني لذاذةَ الدنيا: ذِكْرُ الموتِ والوقوفُ بينَ يدي اللهِ عزَّ وجلَّ.
حلية الأولياء (5/89)



------------


قال بلال بن سعد -رحمه الله-:
«رب مسرور مغبون، ورب مغبون لا يشعر، فويل لمن له الويل ولا يشعر، يأكل ويشرب، ويضحك ويلعب، وقد حق عليه في قضاء الله أنه من أهل النار ...
زاد عباس بن الوليد في حديثه :
فيا ويلا لك روحا، ويا ويلا لك جسدا، فلتبك، وليبك عليك البواكي بطول الأبد»
حلية الأولياء (5/233) ، تاريخ دمشق (10/505) ، شعب الإيمان (2/244)



------------


قال نعيم بن مورع –رحمه الله-:
أتينا عطاء السليمي وكان عابدا فدخلنا عليه فجعل يقول: ويل لعطاء ليت عطاء لم تلده أمه فلم يزل كذلك حتى اصفرت الشمس فذكرنا بعد منازلنا فقمنا وتركناه وكان يقول في دعائه: اللهم ارحم غربتي في الدنيا، وارحم مصرعي عند الموت، وارحم وحدتي في قبري، وارحم قيامي بين يديك .!
سير أعلام النبلاء (6/87)



-----------

قال بشر بن المنذر –رحمه الله-:
رأيت الأوزاعي كأنه أعمى من الخشوع .!
سير أعلام النبلاء (7/ 119)



---------


كان عطاء السليمي -رحمه الله-:
يبكي حتى خشي على عينه فأتي طبيب يداوي عينه، قال: أداوي بشرط أن لا تبكي ثلاثة أيام! قال: فاستكثر ذلك وقال: لا حاجة لنا فيك.
شعب الإيمان (1/496)



---------


قال عمر بن حفص -رحمه الله-:
لما احتضر عمرو بن قيس الملائي بكى، فقال أصحابه: على ما تبكي من الدنيا؟ فوالله لقد كنت تبغض العيش أيام حياتك، فقال: والله ما أبكي على الدنيا إنما أبكي خوفاً أن أحرم خوف الآخرة.
صفة الصفوة (2/ 73)



----------


قال إبراهيم بن أدهم -رحمه الله-:
كان داود الطائي يقول: إن للخوف حركات تعرف في الخائفين ومقامات تعرف في المحبين وإزعاجات تعرف في المشتاقين وأين أولئك؟! أولئك هم الفائزون.
شعب الإيمان (1/513)



----------


قال أبو سليمان الداراني -رحمه الله-:
كان طاووس يفترش فراشه، ثم يضطجع عليه، فيتقلى كما تقلى الحبة على المقلى، ثم يثب، فيدرجه، ويستقبل القبلة حتى الصباح، ويقول: طير ذكر جهنم نوم العابدين.
صفة الصفوة (1/ 454)



-----------


قالت أم عمر بن المنكدر -رحمه الله-:
يا بني أشتهي أن أراك نائما. فقال: يا أماه والله إن الليل ليرد علي فيهولني فينقضي عني وما قضيت منه إربي.
التبصرة لابن الجوزي (2/ 297)

---------

قال محمد بن عبد العزيز بن سلمان –رحمه الله-:
كنت أسمع أبي يقول: عجبت ممن عرف الموت كيف تقر في الدنيا عينه أم كيف تطيب بها نفسه أم كيف لا يتصدع قلبه فيها قال: ثم يصرخ هاه هاه حتى يخر مغشيا عليه
حلية الأولياء (6/244)



---------

كان عطاء السليمي - رحمه الله -:
إذا فرغ من وضوئه انتفض وارتعد وبكى بكاء شديدا، فيقال له في ذلك فيقول: إني أريد أن أقدم على أمر عظيم أريد أن أقوم بين يدي الله عز وجل.
صفة الصفوة (2/ 192)


http://www.saaid.net/Doat/jhelles/35.htm



والى لقاء آخر إن شاء الله مع تدبر آيات القرآن

نور 11-26-2015 11:30 PM

رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن
 
ندى الغالية
طرح اكثر من رائع وقيم بكل معانيه
ومجهود اكثر من مميز
يستحق اعلى تقيييييييييييم
اثابك ربى خيرا

ندى الورد 11-27-2015 01:22 AM

رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن
 
الاروع مرورك العطر حبيبتى
أحبك الرحمن كمان وكمان
ويااااااارب ينور قلبك بحبه ورضاه داااائما يااااااااااااااااااارب









ندى الورد 11-27-2015 01:30 AM

رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن
 








﴿ وَآَمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41) ﴾

هذه الآية في الحقيقة مخيفة

هل من الممكن أن يشتري أحد ما سبيكة ذهب وزنها كيلو غرام يعملها مجرفة بالبيت ؟
هل من المعقول أن تجعل هذه المادة الثمينة الغالية أداة رخيصة بالبيت ؟
هل من الممكن أن تشتري كمبيوتراً غالياً جداً فتعمله طاولة ؟

أنت اشتريت به ثمناً قليلاً،
هل من الممكن أن تستخدم لإشعال المدفئة ورقة من فئة الألف ليرة مثلاً ؟ أهذا معقول ؟
فكل شيء ثمين يجب أن تعرف قيمته.


لا بدَّ من أن يمتحن الله عزَّ وجل الإنسان والمؤمن هو الذي ينجح في الامتحان:


قال تعالى:
﴿ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً (41) ﴾


أي أن أحدهم باع نفسه لله لسنوات محدودة فكان الثمن الجنة، الآن بالعكس، باع الجنَّة واشترى بها الدنيا.

بالمناسبة: لا بدَّ من أن يمتحن الله عزَّ وجل الإنسان، يضعه أحياناً أمام خيار صعب ؛
إما الآخرة أو الدنيا،
إما أن ترضي الله، وإما أن تأتيك المصالح تماماً،

فالإنسان قلَّما ينجو من امتحان صعب، قلَّما ينجو من ابتلاء، قلَّما ينجو من خيار صعب،
إنه أمام مفترق طرق، فالمؤمن هو الذي ينجح في الامتحان، معاذ الله،

سأضرب لكم أوضح مثل: طبيب ناشئ، أي عنده مشوار طويل، لا يوجد معه شيء ؛ لا بيت، ولا عيادة، ولا شيء، يعمل طبيباً في قرية، قُتِل إنسان وكانت الجريمة مُحْكَمَة، وقالوا له: خذ عشرة ملايين واكتب وفاة طبيعيَّة، إنه يحِل كل مشاكله بهذه الملايين، ضحَّى القاتل بعشرة ملايين، فإذا كتب الطبيب وفاة طبيعيَّة ماذا فعل ؟ اشترى بدينه ثمناً قليلاً، هناك أشخاص لو وضعت له مال قارون لا يخالف قناعاته إطلاقاً، هذا هو المؤمن إنه رجل مبدأ.

يمكن لإنسان أن يحلف يمين كذب، أو أن يشهد شهادة زور، ممكن لمصلحة مُعَيَّنة أن يستعصي في بيت قد استأجره، ويقول لك: أنا القانون معي، أي أنه باع دينه بعرضٍ من الدنيا قليل،
هذا معنى:
﴿ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً (41) ﴾


موسوعة النابلسى
-------------------


.من فوائد الشعراوي في الآية:


نعلم أن التجارة هي وساطة بين المنتج والمستهلك.. المنتج يريد أن يبيع إنتاجه. والمستهلك محتاج إلى هذا الإنتاج. والربح عملية تطول فترة.. وتقصر فترة مع عملية تحرك السلعة والإقبال عليها إن كان سريعا أو بطيئا.


وعملية الاتجار استخدمها الله سبحانه وتعالى ليبين لنا أنها أقصر طريق إلى النفع. فالتجارة تقوم على يد الإنسان. يشتري السلعة ويبيعها. ولكنها مع الله سيأخذ منك بعضا من حرية نفسك. ليعطيك أخلد وأوسع منها.


وكما قلنا: لو قارنا بين الدنيا بعمرها المحدود- عمر كل واحد منا- كم سنة؟ خمسين.. ستين.. سبعين!! نجد أن الدنيا مهما طالت.. ستنتهي والإنسان العاقل هو الذي يضحي بالفترة الموقوته والمنتهية ليكون له حظ في الفترة الخالدة. وبذلك تكون هذه الصفقة رابحة.


إن النعيم في الدنيا على قدر قدرات البشر. والنعيم في الآخرة على قدر قدرات الله سبحانه وتعالى. يأتي الإنسان ليقول: لماذا أضيق على نفسي في الدنيا؟ لماذا لا أتمتع؟ نقول له: لا.. إن الذي ستناله من العذاب والعقاب في الآخرة لا يساوي ما أخذته من الدنيا.. إذن الصفقة خاسرة. أنت اشتريت زائلا. ودفعته ثمنا لنعيم خالد.


والله سبحانه وتعالى يقول لليهود:


{وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا}


أي لا تدفعوا الآيات الإيمانية التي أعطيت لكم لتأخذوا مقابلها ثمنا قليلا..

وعندما يأخذ الإنسان أقل مما يعطي.. فذلك قلب للصفقة. والقلب تأتي من الخسارة دائما.


وكأن الآية تقول: تدفعون آيات الله التي تكون منهجه المتكامل لتأخذوا عرضا من أعراض الدنيا. قيمته قليلة ووقته قصير. هذا قلب للصفقة.


ولذلك جاء الأداء القرآني مقابلا لهذا القلب.

ففي الصفقات.. الأثمان دائما تدفع والسلعة تؤخذ.



ولكن في هذه الحالة التي تتحدث عنها الآية في قوله تعالى:


{وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا}


قد جعلت الثمن الذي يجب أن يكون مدفوعا جعلته مشتري وهذا هو الحمق والخطأ.


الله يقول: {وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا}


أي لا تقبلوا الصفقة..

الشيء الذي كان يجب أن تضحوا به لا تجعلوه ثمنا.

لأنك في هذه الحالة تكون قد جعلت الثمن سلعة.

ما دمت ستشتري الآيات بالثمن.. فقد جعلت آيات الله ثمنا لتحصل على مكاسب دنيوية.

وليتك جعلتها ثمنا غاليا. بل جعلتها ثمنا رخيصا.


لقد تنكرت لعهدك مع الله ليبقى لك مالك أو مركزك!!



أما إذا ضحى الإنسان بشيء من متع الدنيا.. ليأخذ متع الآخرة الباقية.. فتكون هذه هي الصفقة الرابحة.



ذلك لأن الإنسان في الدنيا ينعم على قدر تصوره للنعيم. ولكنه في الآخرة ينعم على قدر تصور الله سبحانه وتعالى في النعيم.


إن المال عبد مخلص. ولكنه سيد رديء. هو عبدك حين تنفقه. ولكن حين تخزنه وتتكالب عليه يشقيك ويمرضك. لأنك أصبحت له خادما.


{وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ}


أي اجعلوا بينكم وبين صفات الجلال في الله وقاية.

حتى لا يصيبكم عذاب عظيم.



وكيف نجعل بيننا وبين صفات الجلال في الله وقاية؟



أن تكون أعمالنا في الدنيا وفقا لمنهج الله سبحانه وتعالى.



------


والى لقاء آخر إن شاء الله
----------


ندى الورد 11-30-2015 03:46 AM

رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن
 


﴿ وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42)﴾

العمليَّة عمليَّة تزوير،
الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمورٌ مشتبهات،

يأتي المنافق ويجمع شيئاً من الحق وشيئاً من الباطل كيف ؟

يقول لك: يا أخي الله عزَّ وجل قال:


﴿ لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً ﴾
( سورة آل عمران: آية " 130" )


معنى هذا ـ حسب مفهومه ـ إذا أخذ الإنسان أضعافاً قليلة فهو ليس مؤاخذاً، دخل من الباب:


﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ(99) ﴾
( سورة الحجر)


أنا تيقَّنت والحمد لله، إذاً انتهت العبادة، فيُحضر آيات، ويُحضر أحاديث،
توجد كتب كثيرة همها تشويه الدين،

الآن قراءة معاصرة للقرآن الكريم،
السلوك الإباحي مغطَّى بكل آيات القرآن الكريم ، إذا قرأ الواحد الكتاب لا يوجد فيه شيء حرام أبداً، يمكن للفتاة أن يراها أبواها كما خلقها الله، بنص الكتاب، هذه قراءة معاصرة !! ألم ينتبه العلماء القُدامى إلى هذه النقطة ؟! فهناك من يستخدم القرآن، ومن يستخدم السُنَّة، ومن يستخدم الدين لأهداف معيَّنة:


﴿ وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42) ﴾


الازدواجيَّة أخطر شيء يصيب أهل الدين:


هذا الذي يُفتي بخلاف ما يعلم، هذا الذي يسكت عن الحق إرضاءً لجهةٍ ما، لذلك قال الله عزَّ وجل :


﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلا اللَّهَ ﴾
(سورة الأحزاب: آية "39 ")



ذكر الله عزَّ وجل بهذه الآية صفة واحدة، وهذه الصفة جامعة مانعة،
هذا الذي يدعو إلى الله إذا خشي غير الله فتكلَّم بالباطل إرضاءً له، وإذا خشي غير الله سكت عن الحق إرضاءً له، سكت عن الحق ونطق بالباطل ماذا بقي من دعوته ؟
انتهت دعوته،
هذه أخطر صفة للداعية أن لا يخشى إلا الله

موسوعة النابلسى
--------------

وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ(42)

مادة تلبس. مأخوذة من اللباس الذي نرتديه.

واللبس هو التغطية أو التعميمة بأن نخفي الحق ولا نظهره.

فاللباس تغليف للجسم يستره فلا يبين تفصيلاته ..

والحق هو القضية الثابتة المقدرة التي لا تتغير.

والباطل هو ما لا واقع له.

ولذلك فإن أبواب الباطل متعددة. وباب الحق واحد

فالله سبحانه وتعالى يريد أن يبلغنا أن اليهود قد وضعوا في التوراة باطلا لم يأمر به الله. وكتموا الحقيقة عن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
ولكن هل فعلوا ذلك عن طريق الخطأ أو السهو أو النسيان؟ لا بل فعلوه وهم يعلمون.

وقوله تعالى: "وتكتموا الحق وأنتم تعلمون"

أي أنهم يفعلون ذلك عن عمد وليس عن جهل. فقد يكتم الإنسان حقا وهو لا يعلم أنه الحق. ولكن إذا كنت تعلمه فتلك هي النكبة لأنك تخفيه عامدا متعمدا.

تفسير الشعراوى
-----------

والى لقاء آخر إن شاء الله

ندى الورد 11-30-2015 03:49 AM

رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن
 



﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ (44) ﴾


هذا أخطر شيء بالدعوة، وأخطر شيء يصيب أهل الدين الازدواجيَّة،
أي هناك نصوص وهناك طقوس وعبادات، أما المعاملة فهي شيءٌ آخر،
عندما تنفصل المعاملة عن العبادة انتهى الدين،

يوجد في الدين عبادة تعامليَّة، وعبادة شعائريَّة، وهما متكاملتان، والعبادة الشعائريَّة لا قيمة لها إلا بالتعامليَّة، فإذا ألغينا التعامليَّة ألغينا الدين كلَّه،

هنا:
﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44) ﴾


المُثُل العُليا تشدُّ الناس إلى الدين أما الكلام فلا يؤثِّر:


لو سألتني لماذا تألَّقت دعوة هؤلاء الأنبياء العِظام ؟

ولماذا سارت دعوتهم في الآفاق ؟

لأنهم طبَّقوا.

كان هناك عهد لسيدنا رسول الله مع اليهود أن يأخذ نصف تمرهم في خيبر، فكلَّف سيدنا ابن رواحة ليقدِّر التمر، فذهب إليهم، خطر في بالهم أنهم إذا أعطوه هديَّةً ثمينةً قد يخفَّض التقييم، فجمعوا له من حلي نسائهم حلياً كثيراً وقدَّموها له، أن ارْأف بنا أي التمسنا، فقال: " والله جئتكم من عند أحبِّ الخلق إليَّ، ولأنتم أبغض خلق الله إليَّ "، وهناك رواية: " لأنتم كالقردة والخنازير عندي ومع ذلك ما كنت لأحيف عليكم،
وهذا الذي تعطونني إياه هو سُحتٌ، ونحن لا نأكل السُحت "، فقال اليهود: " بهذا قامت السماوات والأرض، وبهذا غلبتمونا "،

أي إذا بقي الدين صلاة وصوماً فقط وكل شيء مُباح انتهى الدين،

ولكن يجب أن تجد الدين في التعامل اليومي،

عاهد أحد الصحابة الكفار في أثناء الهجرة ألا يقاتلهم، وعندما وصل النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره فرح به، بعد حين سار رسول الله في غزوة فنسي هذا الصحابي وأحب أن يخرج مع الصحابة للغزوة عليهم رضوان الله، فقال له صلى الله عليه وسلم: " ارجع أنت ألم تعاهدهم ؟ "


﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44) ﴾


لذلك يتعلم الناس بعيونهم لا بآذانهم،
ولغة العمل أبلغ من لغة القول،
والذي يشدُّ الناس إلى الدين المُثُل العُليا، أما الكلام فلا يؤثِّر،

الكلام لا يُحرِّك ساكناً، جاء الأنبياء بالكلمة فقط، ولكن بالكلمة التي يؤكِّدها الواقع،

فلو سألتني: ما سر نجاح دعوة الأنبياء، وإخفاق دعوة الدعاة في أيامنا ؟ لأنه لا توجد عند النبي ازدواجيَّة أبداً،
فالذي قاله فعله، والذي فعله قاله، فالانسجام تام بين أقواله وأفعاله،

ينبغي على المؤمن أن تكون سريرته كعلانيَّته، وظاهره كباطنه، وما في قلبه على لسانه، وخلوته كجلوته، لا توجد عند المؤمن ازدواجيَّة،

هذا الانسجام يجعل الدعوة تنتشر في الآفاق،

وهذا الدين الآن إن أردنا له النجاح لا بدَّ من أن نطبِّقه، وأن نعقلنه، وأن نُبَسِّطه،


﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44) ﴾


موسوعة النابلسى
--------

كيف يليق بكم - يا معشر أهل الكتاب ، وأنتم تأمرون الناس بالبر ، وهو جماع الخير - أن تنسوا أنفسكم ، فلا تأتمروا بما تأمرون الناس به ، وأنتم مع ذلك تتلون الكتاب ، وتعلمون ما فيه على من قصر في أوامر الله ؟ أفلا تعقلون ما أنتم صانعون بأنفسكم ؛ فتنتبهوا من رقدتكم ، وتتبصروا من عمايتكم




عن أنس بن مالك ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
عن أنس بن مالك ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مررت ليلة أسري بي على قوم شفاههم تقرض بمقاريض من نار . قال : قلت : من هؤلاء ؟ قالوا : خطباء من أهل الدنيا ممن كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون ؟



تفسير بن كثير


------------




والمقصود الأهم من هذا الخطاب القرآني تنبيه المؤمنين عامة، والدعاة منهم خاصة، على ضرورة التوافق والالتزام بين القول والعمل، لا أن يكون قولهم في واد وفعلهم في واد آخر؛ فإن خير العلم ما صدَّقه العمل، والاقتداء بالأفعال أبلغ من الإقتداء بالأقوال؛ وإن مَن أَمَرَ بخير فليكن أشد الناس فيه مسارعة؛ وفي الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم (كان خلقه القرآن) أي: إن سلوكه صلى الله عليه وأفعاله كانت على وَفْقِ ما جاء به القرآن وأمر به؛ إذ إن العمل ثمرة العلم، ولا خير بعلم من غير عمل.

موقع اسلام ويب


-----------


وهكذا فإن عالم الدين لابد أن يكون قدوة. فلا ينهي عن منكر ويفعله. أو يأمر بمعروف وهو لا ينفذه. فالناس كلهم مفتحة أعينهم لما يصنع. والإسلام قبل أن ينتشر بالمنهج العلمي .. انتشر بالمنهج السلوكي. وأكبر عدد من المسلمين اعتنق هذا الدين من أسوة سلوكية قادته إليه. فالذين نشروا الإسلام في الصين .. كان أغلبهم من التجار الذين تخلقوا بأخلاق الإسلام. فجذبوا حولهم الكثيرين.

وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ(33)

(سورة فصلت)


تفسير الشعراوى


--------------



والى لقاء آخر إن شاء الله

ندى الورد 11-30-2015 03:59 AM

رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن
 
( واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين
( 45 )


عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال : الصبر صبران : صبر عند المصيبة حسن ، وأحسن منه الصبر عن محارم الله .

وقال أبو العالية في قوله : ( واستعينوا بالصبر والصلاة ) على مرضاة الله ، واعلموا أنها من طاعة الله .

عن حذيفة ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة . رواه بن جرير

تفسير بن كثير
---------


"واستعينوا بالصبر والصلاة"


لأن العلاج في الصبر مع الصلاة. والصبر كبير أن تتحمله النفس. وكذلك الصلاة. لأنهما يأخذان من حركة حياة الإنسان. والصبر هنا مطلوب ليصبروا على ما يمتنعون عنه من نعيم الدنيا وزخرفها. والصلاة تحارب الاستكبار في النفس.

فكأن الوصفة الإيمانية لا تتجزأ. فلا يتم الصبر بلا صلاة، ولا تتقن الصلاة إلا بالصبر.

تفسير الشعراوى
----------

{ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ (45) }

الإنسان المتفلِّت يُطلق بصره في الحرام ،
ماله حرام ، عمله سيِّئ ،
فإذا وقف ليصلي تجد أنه محجوب عن الله عزَّ وجل ،
فصلاته حركات ليس لها معنى بالنسبة له ،
أحياناً تجد صلاة سريعة جداً غير معقولة إطلاقاً ،
فالصلاة السريعة أو الصلاة التي لا يوجد فيها خشوع سببها الحجاب ، فإذا صلى الإنسان ولم يشعر بشيء ، قرأ القرآن ولـم يشعر بشيء ، ذكر الله ولم يشعر بشيء ، فعنده مشكلة كبيرة جداً



﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾
( سورة البقرة )



نستعين بهما على ماذا ؟.


الاتصال بالله عزّ وجل يزود الإنسان بسعادة تغنيه عن كل ما يغضب الله :


﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ﴾


الإنسان حينما يدع نهياً إلهياً ، حينما يدع شيئاً محرماً ، يحتاج إلى صبر ،
لكن أحياناً هناك بديل لهذا الشيء المحرم ،
أنت تبحث عن السعادة النفسية ، فإذا تحققت في الاتصال بالله استغنيت بها عن أية معصية تتوهم أنها تحقق لك لذة أو متعة ،


أنواع الصبر :


1 ـ الصبر على طاعة الله :


الحقيقة للصبر ثلاثة أنواع :



صبر على طاعة الله ، وطاعة الله تكليف ، والتكليف ذو كلفة ، أي كلمة تكليف تعني أن هناك كلفة ، لأن طبع الإنسان يتناقض مع التكليف ،

الإنسان طبعه يقتضي أن يأخذ المال ، والتكليف أن ينفقه ، فالإنفاق يحتاج إلى إرادة ، وإلى قوة ، أما أخذ المال لا يحتاج إلى مجاهدة ، شيء يتوافق مع الطبع .


حينما تمر أمامه امرأة أجنبية ، لا تحل له ، فأن يملأ عينيه منها وفق طبعه أما إذا غضّ بصره فهذا تكليف .


أن يبقى نائماً في سريره الوثير في أيام الشتاء ، والفراش دافئ ، ثم يؤذن الفجر ، فينزع عنه اللحاف ، وينهض من الفراش ، ويتوضأ ويصلي ، هذا ليس في راحة الجسم ، يقاوم الجسم هذا العمل ، فالطبع أن تبقى نائماً ، والتكليف أن تستيقظ .


حينما يصل إلى سمعك شيء من فضائح الناس الطبع يقتضي أن تروج هذه الفضائح ، معلومات ممتعة ، وقصص مثيرة ، تتصدر المجلس وتحدث الناس عما فعل فلان، ولماذا طلق زوجته ؟ لأنها خانته ، وكذا وكذا لكن التكليف أن تسكت ، التكليف ألا تسهم في إشاعة الفاحشة بين المؤمنين .


الآن ما دام التكليف متناقض مع الطبع ، إذاً أنت بحاجة إلى صبر على طاعة الله هذا أول أنواع الصبر ، الصبر على طاعة الله .


2 ـ الصبر عن المعصية :


الآن المعصية محببة ، هذا كلام دقيق وواقعي ، المعصية محببة ، والفتن رائجة ،


3ـ الصبر على قضاء الله وقدره :


إذاً الصبر الأول على طاعة الله ، لأن طاعة الله ذات كلفة ، والصبر الثاني عن معاصي الله ، بقي الشيء الثالث هو الصبر على قضاء الله وقدره ،



أنت مستقيم ، قد تأتي مصيبة لا تفهم حكمتها ، الله عز وجل يقول :


﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ ﴾
( سورة القلم الآية : 48 )

وأنت حينما تصبر لقضاء الله وقدره دليل أنك مؤمن بالله ، مؤمن بحكمته ، مؤمن بعلمه

الآن مثلاً : طفل صغير على كرسي طبيب الأسنان ، لا يفقه ماذا يجري في أسنانه قد يتألم ، قد يبكي بكاءً شديداً ، قد يمسك يد الطبيب ، وإذا كانت تربيته ضعيفة قد يسب الطبيب ، لأنه يجهل ما يفعله الطبيب ، أما الراشد يعلم أن هذا الألم لإيقاف الألم ، وأن هذا الألم صيانة لأسنانه ، لذلك مع أنه يتألم تراه صامتاً ، وساكتاً ، بل يشكر الطبيب .


لا يجتمع الكمال الدنيوي لأحد:


هل يوجد شخص ما عنده مصيبة منا ؟ هذا في صحته، هذا في دخله، هذا في ابنه، هذا في زوجته، ما مِن واحد كامل، لأن الكمال يحول بينك وبين الآخرة، لحكمة بالغة جعل الله في دنيانا مشكلات، المتزوج في ممتاز، لكن ما جاءه أولاد، يريد طفل الأنبوب، ويحتاج مبلغَ مئة وخمسين ألفاً، وليس ما معه، وتضايق من زوجته، هذه مشكلة، الآن جاءه أولاد، الزوجة ليست جيدة، والأولاد موجودون، الزوجة ليست مطواعة، عنده زوجة، وأولاد لكنه بلا شغل، عنده شغل لكن صحته معلولة، لا تتم الدنيا بالكمال مع إنسان،



الرضا عن الله من علامات الصبر :


إذاً كلما ارتقت معرفتك بالله عز وجل ارتقى صبرك ، والعارفون بالله يرون أنه ربما منعك فأعطاك ، وربما أعطاك فمنعك ، وقد يكون المنع عين العطاء ، فالمؤمن يستسلم لله ، ليس معنى هذا أن يقعد عن السعي ، أما حينما يبلغ أعلى درجة من السعي ، وينتهي به سعيه إلى هذا المستوى يرضى به ، لذلك الرضا عن الله من علامات الصبر ، الله عز وجل قال :


﴿ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾
( سورة البينة الآية : 8 )


الإنسان الصابر يوفى أجره بغير حساب لأنه خالف طبعه :


نحن في العلاقات التجارية هناك شيكات ، كل شيك له مبلغ ، لكن أعلى عطاء أن يوقع لك الشيك والرقم مفتوح ، هذا عطاء بلا حدود ، لذلك قال تعالى :


﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾
( سورة الزمر الآية : 10 )


(( عَجَبا لأمر المؤمن ! إنَّ أمْرَه كُلَّه له خير ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابتْهُ سَرَّاءُ شكر ، فكان خيراً له ، وإن أصابتْهُ ضرَّاءُ صَبَر ، فكان خيراً له ، وليس ذلك لغير المؤمن ))
[أخرجه مسلم عن صهيب الرومي ]


ندى الورد 11-30-2015 04:01 AM

رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن
 


﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45)﴾

لو أردنا أن نضغط الدين كله في كلمتين لقلت : حسن علاقة مع الحق وحسن علاقة مع الخلق .
حسن العلاقة مع الحق هي الصلاة ، الفرض المتكرر الذي لا يسقط بحال ، الصلاة من أجل أن تنعقد لك صلة مع الله ، والصيام من أجل أن تنعقد لك صلة مع الله ، والزكاة من أجل أن تنعقد لك صلة مع الله ، والحج من أجل أن تنعقد لك صلة مع الله ، والعبادات التعاملية كلها من أجل أن تنعقد لك صلة مع الله ، هو الأول والآخر والظاهر والباطن ، فكل شيء يقربك إلى الله هو الحق ، وكل شيء يبعدك عنه هو الباطل .

الصلاة من أعظم أركان الدين العملية ، لكن الخشوع فيها من المطالب الشرعية ، والشيطان ـ لعنه الله ـ ذكر الله عنه :
﴿ ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17)﴾
(سورة الأعراف)
وكأن الشيطان همه الأول إفساد صلاة المؤمن عن طريق الوسوسة ، وعن طريق إلغاء الخشوع فيها


الحقيقة أن الله سبحانه وتعالى حينما قال :

﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1)الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)﴾
(سورة المؤمنون )

فالخشوع في الصلاة من لوازمها ، ويرى بعض العلماء أن قوله تعالى :

﴿ وقوموا لله قانتين﴾
(سورة البقرة)

فمن القنوت الركوع ، والخشوع ، وغض البصر ، وخفض الجناح من رهبة الله عز وجل .
لكن الخشوع محله القلب ، ونتائجه على الجوارح ، فإذا فسد خشوع المرء بالغفلة ، والوساوس ، فسدت عبودية الأعضاء ، والجوارح ، فإن القلب كالملك، والأعضاء كالجنود ، به يأتمرون ، وعن أمره يصدرون ، فإذا عزل الملك وتعطل بفقد القلب لعبوديته ضاعت الرهبة وهي الجوارح ، و لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه هكذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم .

أولى فوائد الخشوع في الصلاة أنه يخفف أمر الصلاة ، ويجعلها محببة ، لطيفة ، مقبولة ، مشتاقاً إليها ، والدليل قول الله عز وجل :

﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45)﴾

تفسير النابلسى
-----------------

طارق سرور 11-30-2015 05:09 PM

رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن
 
طرح رائع وقيم ونافع بإذن لله

جزاك الله خيرا عنه اختى ندى الورد

ندى الورد 12-03-2015 12:28 AM

رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن
 
شكرا جزيلا أحبتي في الله
على مروركم فبردكم الطيب قد إزداد الموضوع نورا جعل الله جميع مشاركاتنا في ميزان حسناتنا يا رب .


الساعة الآن 06:41 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by