شبكة صدفة

شبكة صدفة (http://www.aadd2.net/vb/index.php)
-   المنتدى الاسلامى (http://www.aadd2.net/vb/forumdisplay.php?f=16)
-   -   كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله (http://www.aadd2.net/vb/showthread.php?t=10272)

نور 01-09-2009 02:44 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
محمود
سلمت على مرورك الطيب
بارك الله لك
نورت متصفحى بجميل ردك

نور 01-09-2009 02:47 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
أقوالٌ عالميةٌ ونُقولاتٌ من تجاربِ القومِ

كتب « روبرت لويس ستيفنسون » : (( فكل إنسان يستطيع القيام بعمله مهما كان شاقّاً في يوم واحد ، وكل إنسانٍ يستطيعُ العيش بسعادة حتى تغيب الشمسُ . وهذا ما تعنيه الحياة )) .
قال أحدهم : (( ليس لك من حياتِك إلا يومٌ واحد ، أمس ذهب ، وغَدٌ لم يأتِ )) .
كتب « ستيفن ليكوك » : فالطفل يقول : حين أصبح صبيّاً ، والصبيُّ يقول : حين أُصبح شابّاً . وحين أُصبح شابّاً أتزوج . ولكن ماذا بعد الزواج؟ وماذا بَعْدَ كل هذه المراحل؟ تتغيرُ الفكرة نحو : حين أكون قادراً على التقاعُد . ينظر خلفه ، وتلفحه رياح باردة ، لقد فقد حياته التي ولَّت دون أن يعيش دقيقةً واحدة منها ، ونحن نتعلَّم بعد فواتِ الأوانِ أنَّ الحياة تقعُ في كل دقيقة وكلِّ ساعة من يومنا الحاضرِ )) .
وكذلك المسوّفُون بالتوبة .
قال أحد السلف : (( أنذرتُكم ( سوف ) ، فغنها كلمةٌ كم منعت من خير وأخَّرت من صلاح )) .
﴿ ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ .
يقول الفيلسوف الفرنسي « مونتين » : (( كانت حياتي مليئة بالحظِّ السيئ الذي لم يرحمْ أبداً )) .
قلتُ : هؤلاء لم يعرفوا الحكمة من خلْقهم ، على الرغم من ذكائهم ومعارفهم ، لكن لم يهتدوا بهدي الله الذي بعث به رسوله r ، ﴿ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ﴾ . ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ﴾ .
يقول : « دانسي » : (( فكِّرْ إن هذا اليوم لن ينبثق ثانيةً )) .
قلتُ : وأجملُ منه وأكملُ حديث : (( صلِّ صلاةَ مودِّعٍ ))
ومن جعل في خلدِهِ أن هذا اليوم الذي يعيشُ فيه آخرُ أيامِهِ ، جدَّدَ توبته ، وأحسن عمله ، واجتهد في طاعِة ربِّهِ واتباعِ رسولِهِ r .
كتب المثل المسرحي الهندي الشهير « كاليداسا » :
تحيةً للفجر
انظرْ إلى هذا النهار
لأنه هو الحياة ، حياة الحياة
في فترتِهِ ، تُوجد مختلفُ حقائقِ وجودِك
نعمةُ النُّمُوِّ
العملُ المجيدُ
وبهاءُ الانتصارِ
ولأن الأمس ليس سوى حُلُمٍ
والغَدُ ليس إلا رُؤًى
لكنَّ اليوم الذي تعيشه بأكمله يجعل الأمس حُلْماً جميلاً
وكل غد رؤيةً للأملِ
فانظر جيِّداً إلى هذا النهار
هذه هي تحية الفجر


نور 01-09-2009 02:50 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
اسألْ نفسك هذه الأسئلة

أغلق الأبواب الحديديَّة على الماضي والمستقبل ، وعشْ دقائقَ يومِك :
هل أقصد أن أؤجِّل حياتي الحاضرة من أجل القلقِ بشأنِ المستقبلِ ، أو الحنينِ إلى (( حديقة سحرية وراء الأُفُقِ )) ؟
هل أجعل حاضري مريراً بالتطلُّعِ إلى أشياء حَدَيَثْ في الماضي ، حَدَثَتْ وانقضتْ مع مرورِ الزمنِ ؟
هل أستيقظُ في الصباحِ ، وقد صمَّمْتُ على استغلالِ النهارِ ، والإفادةِ القصوى من الساعات الأربعِ والعشرين المقبلة ؟
هل أستفيد من الحياة إذا ما عشتُ دقائق يومي ؟
متى سأبدأُ في القيام بذلك ؟ الأسبوع المقبل ؟ .. في الغدِ ؟ .. أو اليومَ ؟
اسألْ نفسك : ما اسوأُ احتمالٍ يمكنُ أنْ يَحْدُث ؟ ثم :
- جهِّزْ نفسك لقبولهِ وتحمُّلِهِ .
- باشْرِ بهدوءٍ لتحسين ذلك الاحتمالِ . ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ .


نور 01-09-2009 02:50 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
وقفــــة

﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً{2} وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ . ﴿ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً ﴾ .
(( واعلم أن النصر مع الصبرِ ، وأن الفرج مع الكرْبِ ، وأنَّ مع العُسْرِ يُسْراً )) .
(( أنا عند ظنِّ عبدي بي فلْيَظُنَّ بي ما شاء )) .
﴿ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ .
﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ﴾ .
﴿ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ ﴾ .
﴿ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ ﴾ .

نور 01-09-2009 02:52 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
الحزنُ يحطِّمُ القوَّة ويهدُّ الجسم

قال الدكتور « ألكسيس كاريل » الحائز على جائزة نوبل في الطبِّ : (( إن رجال الأعمالِ الذين لا يعرفون مجابهة القلقِ ، ويموتون باكراً )) .
قلتُ : كلُّ شيء بقضاءٍ وقدرٍ ، لكن قد يكون المعنى : أن من الأسباب المتلفة للجسم المحطِّمة للكيان ، هو القلقُ . وهذا صحيح .
(( والحزنُ أيضاً يثيرُ القُرْحة! )) :
يقول الدكتور « جوزيف ف . مونتاغيو » مؤلف كتاب (( مشكلة العصبية )) ، يقول فيه: (( أنت لا تُصاب بالقُرْحَةِ بسببِ ما تتناولُ من طعامٍ ، بل بسببِ ما يَأْكُلُك )) !!.
قال المتنبي :

والهمُّ يخترمُ الجسيم نحافةً
ويُشيبُ ناصية الغلامِ ويُهرِمُ

وطبقاً لمجلة « لايف » تأتي القُرْحَةُ في الدرجة العاشرةِ من الأمراض الفتَّاكة .
وإليك بعض آثارِ الحُزْنِ :
تُرجمت لي قطعة من كتاب الدكتور إدوار بودولسكي ، وعنوانه : (( دعِ القلق وانطلق نحو الأفضلِ )) إليك بعضاً من عناوين فصولِ
هذا الكتاب :
ماذا يفعلُ القلقُ بالقلبِ .
ضغطُ الدمِ المرتفع يغذِّيه القلقُ .
القَلَقُ يمكن أن يتسبب في أمراضِ الروماتيزم .
خفِّفْ من قلقِك إكراماً لمعدتِك .
كيف يمكن أن يكون القلقُ سبباً للبردِ .
القلق والغدَّةُ الدرقيةُ .
مصابُ السكري والقلقُ .
وفي ترجمة لكتاب د. كارل مانينغر ، أحد الأطباء المتخصصين في الطبِ النفسي ، وعنوانه : (( الإنسان ضدّ نفسه )) ، يقول : (( لا يعطيك الدكتور مانينغر قواعدَ حولَ كيفيةِ اجتنابِ القلقِ ، بل تقريراً مذهلاً عن كيف نحطمُ أجسادنا وعقولنا بالقلقِ والكبْتِ ، والحقدِ والازدراءِ ، والثورةِ والخوْفِ )) .
إن من أعظم منافع قوله تعالى : ﴿ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ﴾ : راحة القلب ، وهدوءَ الخاطِرِ ، وسعَةَ البالِ والسعادة .
وفي مدينة « بوردو » الفرنسية ، يقول حاكمها الفيلسوف الفرنسي « مونتين » : (( أرغبُ في معالجة مشاكلكم بيدي وليس بكبدي ورئتيَّ )) .
ماذا يفعل الحزنُ ، والهمُّ والحِقْدُ ؟
وضع الكتور راسل سيسيل – من جامعة « كورنيل » ، معهد الطب – أربعة أسبابٍ شائعة تسبب في التهابِ المفاصلِ :
انهيارُ الزواجِ .
الكوارثُ الماديةُ والحزنُ .
الوحدةُ والقلقُ .
الاحتقارُ والحِقْدُ .
وقال الدكتور وليم مالك غوينغل ، في خطاب لاتحاد أطباء الأسنان الأمريكيين : (( إن المشاعر غَيْرِ السارَّةِ مِثْل القلقِ والخوفِ .. يمكن أن تؤثر في توزيع الكالسيوم في الجسم ، وبالتالي تؤدي إلى تَلَفِ الأسنانِ )) .
وتناول أمورك بهدوء :
يقول دايل كارنيجي : (( إن الزنوج الذين يعيشون في جنوبِ البلادِ والصينيين نادراً ما يُصابون بأمراض القلبِ الناتجةِ عن القلقِ ؛ لأنهم يتناولون الأمور بهدوء )) .
ويقول : (( إن عدد الأمريكيين الذين يُقبلون على الانتحار هو أكثر بكثير من الذين يموتون نتيجة للأمراض الخمسة الفتَّاكة )) .
وهذه حقيقة مذهلة تكادُ لا تصدَّقُ !
حسِّنْ ظنَّك بربِّك :
قال وليم جايمس: ((إن الله يغفرُ لنا خطايانا، لكن جهازنا العصبي لا يفعل ذلك أبداً))!
ذكر ابن الوزير في كتابه «العواصم والقواصم» : ((إن الرجاء في رحمة الله - عزَّ وجلَّ - يفتح الأمل للعبدِ، ويقوِّيه على الطاعةِ ، ويجعلُه نشيطاً في النوافلِ سابقاً إلى الخيراتِ)) .
قلتُ : وهذا صحيح ، فإن بعض النفوس لا يصلحها إلا تذكُّر رحمة الله وعفوه وتوبته وحلمه ، فتدنو منه ، وتجتهدُ وتثابرُ .
إذا هامَ بِك الخيالُ :
يقول توماس أدسون : (( لا توجد وسيلةٌ يلجأُ إليها الإنسانُ هَرَباً من التفكير )) .
وهذا صحيح بالتجربة ، فإن الإنسان قد يقرأُ أو يكتبُ وهو يفكرُ ، ولكن من أحسن ما يحدُّ التفكير ويضبطه العملُ الجادُّ المثمرُ النافعُ ، فإن أهل الفراغ أهلُ خيالٍ وجنوحٍ وأراجيف .


نور 01-09-2009 02:53 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
رحِّبْ بالنَّقدِ البنِّاءِ

يقولُ أندريه مورو : (( إنَّ كلَّ ما يتفقُ مع رغباتِنا الشخصيةِ يبدو حقيقيّاً ، وكلَّ ما هو غيرُ ذلك يُثير غضبنا .
قلتْ وكذلك النصائح والنقدُ ، فالغالبُ أننا نحبُّ المدح ونَطْرَبُ لهُ ، ولو كان باطلاً ، ونكرهُ النقد والذّّمَّ ولو كان حقّاً وهذا عيبٌ وخطأٌ خطيرٌ .
﴿ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ{48} وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ ﴾ .
يقولُ وليمُ جايمس : (( عندما يتمُّ التوصلُّ إلى قرارٍ يُنفَّذُ في نفسِ اليومِ ، فإنك ستتخلَّص كليّاً من الهمومِ لبتي ستسيطرُ عليك فيما أنت تفكرُ بنتائجِ المشكلةِ ، وهو يعني أنك إذا اتخذت قراراً حكيماً يركزُ على الوقائعِ ، فامضِ في تنفيذِهِ ولا تتوقَّف متردِّداً أو قلِقاُ أو تتراجعٌ في خطواتِك ، ولا تضيَّعْ نفسك بالشكوكِ التي لا تلدُ غلاَّ الشكوك ، ولا تستمرَّ في النظرِ إلى ما وراءِ ظهرك )) .
واشدوا في ذلك :

ومٌشتَّتُ العزماتِ يُنفقُ عمرهُ
حيران لا ظفرٌ ولا إخفاقُ

وقال آخرُ :

إذا كنت ذا رأي فكنُ ذا عزيمةٍ
فإنَّ فساد الرأي أة تتردَّدا

إن الشجاعة في اتخاذِ القرارِ إنقاذ لك من القلقِ والاضطرابِ . ﴿ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ ﴾ .


نور 01-09-2009 02:54 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
لا تتوقفْ متفكِّراً أو متردِّداً
بل اعملْ وابذُلْ واهجرِ الفراغ

يقولُ الدكتورُ ريتشاردز كابوت : أستاذُ الطبِّ في جامعةِ ( هارفرد ) ، في كتابةِ بعنوان ( بم يعيشُ الإنسانُ ) : (( بصفتي طبيباً ، أنصحُ بعلاجِ ( العملِ ) للمرضى الذين يعانون من الارتعاشِ الناتجِ عن الشكوكِ والتردُّدِ والخوفِ .. فالشجاعةُ التي يمنحُها العملُ لنا هي مثلُ الاعتمادِ على النَّفسِ الذي جعله ( أمرسونُ ) دائم الرَّوعةِ )) .
﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ ﴾ .
يقولُ جورج برناردشو : (( يمكنُ سرُّ التعاسةِ في أن يتاح لك وقتٌ لرفاهيةِ التفكيرِ ، فيما إذا كنت سعيداً أو لا ، فلا تهتمَّ بالتفكيرِ في ذلك بل ابق منهمكاً في العمل ، عندئذ يبدأُ دمُك في الدورانِ ، وعقُلك بالتفكيرِ ، وسرعان ما تُذهِبُ الحياةُ الجديدة القلق من عقلِك ! عملْ وابق منهمكاً في العملِ ، فإنَّ أرخص دواءٍ موجودٍ على وجهِ الأرضِ وأفضلُه )) .
﴿ وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾ .
يقولُ دزرائيلي : « الحياةُ قصيرةٌ جداً ، لتكون تافهةً » .
وقال بعض حكماءِ العربِ : « الحياةُ أقصرُ من أن نقصِّرها بالشحناءِ » .
﴿ قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ{112} قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ{113} قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ .

أكثرُ الشائعاتِ لا صحَّة لها :
يقولُ الجنرالُ جورج كروك – وهو ربما أعظمُ محاربٍ هنديٍّ في التاريخ الأمريكيِّ – في صفحة 77 من مذكراته : « إنَّ كلَّ قلقِ وتعاسةِ الهنودِ تقريباً تصدرُ من مخيلتِهمْ وليس من الواقعِ » .
قال سبحانهُ وتعالى: ﴿ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ﴾ ﴿ لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ ﴾ .
يقولُ الأستاذُ هوكسْ – من جامعة « كولومبيا » - إنه اتخذ هذهِ الترنيمة واحداً من شعاراتِهِ : « لكلَّ علّةٍ تحت الشمس يُوجدُ علاجٌ ، أو لا يوجدُ أبداً ، فإنْ كان يوجدُ علاجٌ حاول أن تجدهُ ، وإن لم يكنْ موجوداً لا تهتمَّ بهِ » .
وفي حديثٍ صحيحٍ : (( ما أنزل اللهُ من داءٍ إلا أنزل له دواء علِمهُ من عَلِمَهُ وجهِلَهُ مَنْ جهِلَهُ )) .
الرفقُ يجنبُك المزالق :
قال أستاذٌ يابانيٌّ لتلاميذهِ : « الانحناءُ مثلُ الصَّفصاصِ ، وعدمُ المقاومةِ مثلُ البلُّوط » .
وفي الحديث : (( المؤمنُ كالخامةِ من الزرعِ ، تفيئُها الريحُ يَمْنَةً ويَسْرَةً )) .
والحكيمُ كالماءِ، لا يصطدمُ في الصخرةِ، لكنه يأتيها يَمْنَةً ويسْرَةُ ومِنْ فوقِها ومِنْ تحِتها.
وفي الحديثِ : (( المؤمنُ كالجملِ الأنِفِ ، لو أُنيخ على صخرةٍ لأناخ عليها )) .
ما فات لن يعود :
﴿ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ ﴾ .
وقف الدكتورُ بول براندوني ، وألقى بزجاجةِ حليبٍ إلى الأرضِ ، وهتف قائلاً : « لا تبكِ على الحليب المُراق » .
وقالتِ العامَّة : الذي لم يُكْتَبْ لك عسيرٌ عليك .
وقال آدمُ لموسى عليهما السلامُ : أتلومني على شيءٍ كتبهُ اللهُ عليَّ قبل أن يخلقني بأربعين عاماً ؟ قال رسولُ اللهِ r : (( فحجَّ آدمُ موسى ، فحجَّ آدمُ موسى ، فحجَّ آدم موسى )) .
وابحث عن السعادةِ في نفسك وداخلكِ لا من حولِك وخارجِك .
قال الشاعرُ الإنجليزيُّ ميلتون : (( إنَّ العقل في مكانهِ وبِنفسِهِ يستطيعُ أن يجعل الجنة جحيماً ، والجحيم جنةً )) !
قال المتنبي :

ذو العقْلِ يشقى في النعيمِ بعقلِهِ
وأخو الجهالةِ في الشقاوةِ ينعمُ


فالحياةُ لا تستحقُّ الحزن :
قال نابليونُ في « سانت هيلينا » : « لم أعرفْ ستة أيامٍ سعيدةِ في حياتي » !!
قال هشامُ بنُ عبدِالملكِ -الخليفةُ-:. « عددتُ أيام سعادتي فوجدتُها ثلاثة عَشَرَ يوماً »
وكان أبوه عبدُالملكِ يتأوَّه ويقولُ : « يا ليتني لمْ أتولَّ الخلافة » .
قال سعيدُ بنُ المسيبِ : الحمدُ للهِ الذي جعلهُمْ يفرُّرون إلينا ولا نفرُّ إليهم .
ودخل ابن السماكِ الواعظُ على هارون الرشيدِ ، فظمئ هارونُ وطلب شرْبة ماءٍ ، فقال ابنُ السماكِ : لو مُنعتَ هذهِ الشربة يا أمير المؤمنين ، أتفتديها بنصفِ ملكك ؟ قال : نعم . فلمّا شربها ، قال : لو مُنعت إخراجها ، أتدفعُ نصف ملكك لتخرُج ؟ قال : نعم . قال ابنُ السماكِ : فلا خير في ملكٍ لا يساوي شربة ماءٍ .
إنَّ الدنيا إذا خلتْ من الإيمانِ فلا قيمة لها ولا وزن ولا معنى .
يقولُ إقبالُ :

إذا الإيمانُ ضاع فلا أمانٌ

ولا دنيا لِمنْ لم يُحيي دينا

ومن رضي الحياة بغيرِ دينٍ

فقدْ جعل الفناء لها قرينا


قال أمرسونُ في نهايةِ مقالتهِ عن ( الاعتمادِ على النفسِ ) : « إنَّ النصر السياسيَّ ، وارتفاع الأجورِ ، وشفاءك من المرضِ ، أو عودة الأيامِ السعيدةِ تنفتحُ أمامك ، فلا تصدِّقُ ذلك ؛ لأنَّ الأمر لن يكون كذلك . ولا شيء يجلبُ لك الطمأنينة إلا نفسُك » .
﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ{27} ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً ﴾ .
حذَّر الفيلسوفُ الروائيُّ أبيكتويتوس : « بوجوب الاهتمامِ بإزالةِ الأفكارِ الخاطئةِ من تفكيرِنا ، أكثر من الاهتمامِ بإزالةِ الورمِ والمرضِ منْ أجسادِنا » .
والعجبُ أنَّ التحذير من المرض الفكريِّ والعقائديِّ في القرآن أعظمُ من المرضِ الجسمانيِّ ، قال سبحانه : ﴿ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ ﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾ .
تبنِّى الفيلسوفُ الفرنسيُّ مونتين هذه الكلماتِ شعاراً في حياتِهِ : « لا يتأثرُ الإنسانُ بما يحدثُ مثلما يتأثرُ برأيِهِ حول ما يحدثُ » .
وفي الأثر : (( اللهم رضِّني بقضائك حتى أعلم أن ما أصابني لم يكنْ ليخطئني ، وما أخطأني لم يكن ليصيبني )) .


نور 01-09-2009 02:55 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 

وقفـــة ٌ

لا تحزنْ :
لأنَّ الحزن يُزعجُك من الماضي ، ويخوِّفك من المستقبلِ ، ويُذهبُ عليك يومك .
لا تحزنْ :
لأنَّ الحزن ينقبضُ له القلبُ ، ويعبسُ له الوجهُ ، وتنطفئُ منهُ الروحُ ، ويتلاشى معه الأملُ .
لا تحزنْ :
لأنَّ الحزن يسرُّ العدوَّ ، ويغيظُ الصديق ، ويُشْمِت بك الحاسد ، ويغيِّرُ عليك الحقائق .
لا تحزنْ :
لأنَّ الحزن مخاصمةٌ للقضاءِ ، وتبرُّمٌ بالمحتومِ ، وخروجٌ على الأنسِ ، ونقمةٌ على النعمةِ .
لا تحزنْ :
لأنَّ الحزن لا يردُّ مفقوداً وذاهباً ، ولا يبعثُ ميِّتا ، ولا يردُّ قدراً ، ولا يجلبُ نفعاً .
لا تحزنْ :
فالحزنُ من الشيطانِ والحزنُ يأسٌ جاثمٌ ، وفقرٌ حاضرٌ ، وقنوطٌ دائمٌ ، وإحباطٌ محقَّقٌ ، وإخفاقٌ ذريعٌ .
﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ{1} وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ{2} الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ{3} وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ{4} فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً{5} إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً{6} فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ{7} وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ﴾

نور 02-18-2009 08:41 AM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
لا تحزنْ ما دمْتَ مؤمناً بالله

إنَّ هذا الإيمان هو سرُّ الرضا والهدوءِ والأمنِ ، وإنَّ الحَيْرَةَ والشقاءَ مع الإلحادِ والشكِّ . ولقدْ رأيتُ أذكياء – بل عباقرةً – خلتْ أفئدتُهمْ من نورِ الرسالِة ، فطفحتْ ألسنتُهمْ عنِ الشريعةِ .
يقولُ أبو العلاءِ المعرِّيُّ عنِ الشريعةِ : تناقضٌ ما لنا إلا السكوتُ له !!
ويقولُ الرازيُّ : نهاية إقدامِ العقولِ عِقالُ .
ويقولُ الجويني ، وهو لا يدري أين اللهُ : حيَّرني الهمدانيُّ ، حيرني الهمدانيُّ .
ويقولُ ابنُ سينا : إنَّ العقل الفعَّال هو المؤثِّرُ في الكونِ .
ويقولُ إيليا أبو ماضي :

جئتُ لا أعلمُ مِن أين ولكنيِّ أتيتُ
ولقد أبصرتُ قُدَّامي طريقاً فمشيتُ

إلى ير ذلك من الأقوالِ التي تتفاوتُ قُرباً وبُعداً عن الحقِّ .
فعلمتُ أنه بحسبِ إيمان العبدِ يسعدُ ، وبحسبِ حيْرِتِهِ وشكِّه يشقى ، وهذهِ الأطروحاتُ المتأخرةُ بناتٌ لتلك الكلماتِ العاتيةِ منذُ القِدم ، والمنحرفُ الأثيمُ فرعون قال : ﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾ . وقال : ﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ .
ويا لها من كفريَّاتٍ دمَّرَتِ العالم .
يقولُ جايمس ألين ، مؤلفُ كتاب « مثلما يفكرُ الإنسانُ » : « سيكتشفُ الإنسانُ أنهُ كلما غيَّر أفكاره إزاء الأشياءِ والأشخاصِ الآخرين ، ستتغيرُ الأشياءُ والأشخاصُ الآخرون بدورِهِمْ .. دعْ شخصاً ما يغيِّرُ أفكارهُ ، وسندهشُ للسرعةِ التي ستتغيرُ بها ظروفُ حياتِهِ الماديةِ ، فالشيءُ المقدَّسُ الذي يشكِّل أهدافنا هو نفسنا .. » .
وعن الأفكارِ الخاطئةِ وتأثيرِها ، يقولُ سبحانه: ﴿بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً ﴾ . ﴿ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ﴾ .
ويقولُ جايمس ألين أيضاً : « وكلُّ ما يُحقِّقه الإنسانُ هو نتيجةٌ مباشرةٌ لأفكارهِ الخاصَّةِ .. والإنسانُ يستطيعُ النهوض فقطْ والانتصارَ وتحقيق أهدافِهِ منْ خلالِ أفكارِهِ ، وسيبقى ضعيفاً وتعِساً إذا ما رفض ذلك » .
قال سبحانه عن العزيمةِ الصادقةِ والفكرِ الصائبِ : ﴿ وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ ﴾ .
وقال تعالى : ﴿ وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَّأسْمَعَهُمْ ﴾ .
وقال : ﴿ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ ﴾ .

نور 02-18-2009 09:07 AM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
لا تحزنْ للتوافِهِ فإنّ الدنيا بأسْرها تافهةٌ


رُمي أحدُ الصالحين الكبارُ بين براثِنِ الأسدِ ، فأنجاه اللهُ منه ، فقالوا له : فيم كنت تفكِّر ؟ قال : أفكِّر في لعابِ الأسدِ ، هلْ هو طاهرٌ أم لا !! . وماذا قال العلماءُ فيهِ .



ولقد ذكرتُ الله ساعة خوفِهِ



للباسلين مع القنا الخطَّارِ



فنسيتُ كلَّ لذائذٍ جيَّاشةٍ



يوم الوغى للواحدِ القهارِ



إنَّ الله – جلَّ في علاه – مايز بين الصحابةِ بحسبِ مقاصدهِمْ ، فقال : ﴿ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ﴾ .


ذكر ابنُ القيم أنَّ قيمة الإنسانِ همتُه ، وماذا يريدُ ؟! .


وقال أحدُ الحكماءِ : أخبرْني عن اهتمامِ الرجلِ أُخبرْكَ أيُّ رجلٍ هو .



ألا بلَّغ اللهُ الحمى من يريدُهُ


وبلَّغ أكناف الحِمى من يريدُها



وقال آخرُ :



فعادوا باللّباسِ وبالمطايا


وعدْنا بالملوكِ مصفَّدينا



انقلب قاربٌ في البحرِ ، فوقع عابدٌ في الماءِ ، فأخذ يوضِّئ أعضاءه عضواً عضواً ، ويتمضمضُ ويستنشقُ ، فأخرجهُ البحرُ ونجا ، فسئل عنْ ذلك ؟ فقال : أردتُ أن أتوضأ قبل الموتِ لأكون على طهارةٍ .



للهِ دَرُّك ما نسيت رسالةً



قدسيةً ويداك في الكُلاَّبِ



أفديكَ ما رمشتْ عيونُك رمشةُ



في ساعةُ والموتُ في الأهدابِ



الإمامُ أحمدُ في سكراتِ الموتِ يشيرُ إلى تخليلِ لحيتِهِ بالماءِ وهمُ يوضِّئونه !!


﴿ فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ ﴾ .


__________________

نور 02-18-2009 12:36 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
العفو العفوَ

فإنك إنْ عفوت وصفحتَ نلت عزَّ الدنيا وشرفَ الآخرةِ : ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ .
يقولُ شكسبيرُ :
« لا توقدِ الفرن كثيراً لعدِّوك ، لئلاَّ تحرق به نفسك » .

فقلْ للعيونِ الرُّمدِ للشمسِ أعينٌ

تراها بحقٍّ في مغيبٍ ومطْلعِ

وسامحْ عيوناً أطفأ اللهُ نورها

بأبصارِها لا تستفيقُ ولا تعي

وقال أحدُهم لسالمِ بنِ عبدِالله بنِ عمر العالمِ التابعيِّ : إنك رجلُ سوء! فقال : ما عَرَفَني إلاَّ أنت .
قال أديبٌ أمريكيٌ : « يمكنُ أن تحطِّم العِصيُّ والحجارةُ عظامي ، لكنلنْ تستطيع الكلماتُ النيْل مني » .
قال رجل لأبي بكر : واللهِ لأسبنَّك سبّاً يدخلُ معك قبرك ! فقال أبو بكر : بلْ يدخلُ معك قبرك أنت !! .
وقال رجلٌ لعمروِ بن العاصِ : لأتفرغنَّ لحربِك . قال عمروٌ الآن وقعت في الشغلِ الشاغِلِ .
يقولُ الجنرالُ أيزنهاور: «دعونا لا نضيِّعُ دقيقةً من التفكيرِ بالأشخاصِ الذين لا نحبُّهم»
قالتِ البعوضةُ للنخلةِ : تماسكي ، فإني أريدُ أنْ أطير وأدَعَكِ . قالتِ النخلةُ : واللهِ ما شعرتُ بكِ حين هبطتِ عليَّ ، فكيف أشعرُ بكِ إذا طرتِ ؟!
قال حاتمٌ :

وأغفرُ عوراء الكريم ادِّخارهُ
وأُعرضُ عن شتْم اللئيمِ تكرُّما


قال تعالى :﴿ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً ﴾ . وقال تعالى : ﴿ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً ﴾ .
قال كونفوشيوس : « إنَّ الرجل الغاضب يمتلئ دائماً سُمّاً » .
وفي الحديثِ : (( لا تغضبْ ، لا تغضبْ ، لا تغضبْ )) .
وفيه : (( الغضبٌ جمرةٌ من النار )) .
إنَّ الشيطان يصرعُ العبدَ عند ثلاثٍ : الغضبِ ، والشَّهوةِ ، والغَفْلَةِ

نور 02-18-2009 12:37 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 

العالم خُلِق هكذا

يقولُ ماركوس أويليوس – وهو من أكثر الرجالِ حكمةً ممن حكموا الإمبراطورية الرومانية – ذات يوم : « سأقابلُ اليوم أشخاصاً يتكلَّمون كثيراً ، أشخاصاً أنانيِّين جاحدين ، يحبُّون أنفسهم، لكن لن أكون مندهشاً أو منزعجاً من ذلك، لأنني لا أتخيلُ العالم من دونِ أمثالهم »!
يقولُ أرسطو : « إنَّ الرجل المثاليَّ يفرحُ بالأعمالِ التي يؤديها للآخرين ، وبخجلُ إن أدى الآخرون الأعمال لهُ ، لأن تقديم العطفِ هو من التفوقِ ، لكنْ تلقِّي العطفِ هو دليلُ الفشل » .
وفي الحديث : (( اليدُ العليا خيرٌ من اليدِ السفلى )) .
والعليا هي المعطيةُ ، والسفلى هي الآخذةُ .
******************************************
لا تَحْزَنْ إذا كان معك كِسْرةُ خُبْزٍ
وغرفةُ ماءٍ وثوْبٌ يَسْتُرُكَ


ضلَّ أحدُ البحارةِ في المحيطِ الهادي وبقي واحداً وعشرين يوماً ، ولما نجا سألهُ الناسُ عن أكبرِ درسٍ تعلَّمه ، فقال : إنَّ أكبر درسٍ تعلمتُه منْ تلك التجربةِ هو : إذا كان لديك المال الصافي ، والطعامُ الكافي ، يجبُ أنْ لا تتذمَّر أبداً !
قال أحدُهم : الحياةُ كلُّها لقمةٌ وشَرْبَةٌ ، وما بقي فضلٌ .
وقال ابنُ الوردي :

مُلْكُ كِسرى عنهُ تُغني كِسرةٌ
وعنِ البحرِ اجتزاءٌ بالوشلْ

يقولُ جوناثان سويفت : « إنَّ أفضل الأطباءِ في العالمِ همْ : الدكتورُ ريجيم، والدكتورُ هادئ ، والدكتورُ مرِح ، وإنَّ تقليل الطعامِ مع الهدوءِ والسرورِ علاجٌ ناجعٌ لا يسألُ عنه » .
قلتُ : لأنَّ السمنة مرضٌ مزمنٌ ، والبطنةُ تُذهبُ الفِطنةَ والهدوُء متعةٌ للقلبِ وعيدٌ للروحِ ، والمرحُ سرورٌ عاجلٌ وغذاءٌ نافعٌ .


نور 02-18-2009 12:37 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
لا تحزَنْ من محنةٍ فقدْ تكونُ منْحة
ولا تحزنْ من بليَّةٍ فقد تكونُ عطية

قال الدكتورُ صموئيل جونسون : « إن عادة النظر إلى الجانبِ الصالحِ من كلِّ حادثةٍ ، لهو أثمنُ من الحصول على ألفِ جنيهٍ في السنةِ » .
﴿أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾.
وعلى الضدِّ يقولُ المتنبي :

ليت الحوادث باعتني التي أخذتْ
مني بحلمي الذي أعطتْ وتجريبي

وقال معاوية : لا حليم إلا ذو تجربة .
قال أبو تمامٍ في الأفشين :

كمْ نعمةٍ لله كانتْ عندهُ
فكأنها في غُربةٍ وإسارِ

قال أحدُ السَّلفِ لرجلٍ من المترفين : إني أرى عليك نعمةً ، فقيِّدْها بالشكرِ .
قال تعالى : ﴿ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ ، ﴿ وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ﴾ .
***********************************
كن نفسك

يقولُ الدكتور جايمس غوردون غليلكي : « إنَّ مشكلة الرغبةِ في أنْ تكون نفسك ، هي قديمةٌ قِدَمَ التاريخ ، وهي عامَّةٌ كالحياةِ البشريةِ . كما أنَّ مشكلة عدمِ الرغبةِ هي في أن تكون نَفسك هي مصدرُ الكثيرِ من التوترِ والعُقدِ النفسيةِ » .
وقال آخر : « أنت في الخليقةِ شيءٌ آخرُ لا يشبهك أحدٌ ، ولا تشبهُ أحداً ، لأنَّ الخالق – جلّ في علاه – مايز بين المخلوقين » . قال تعالى : ﴿ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾ .
كتب إنجيلو باتري ثلاثة عشَرَ كتاباً، وآلاف المقالاتِ حول موضوعِ «تدريبِ الطفلِ» ، وهو يقولُ : « ليس من أحدٍ تعِسٍ كالذي يصبو إلى أنْ يكون غيْر نفسهِ ، وغَيْرَ جسدهِ وتفكيرِه » .
قال سبحانه وتعالى : ﴿ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا ﴾ .
لكلٍّ صفاتٌ ومواهبُ وقدراتٌ فلا يذوبُ أحدٌ في أحدٍ .

أَوْرَدَهَا سعدٌ وسعدٌ مُشتَمِلْ
ما هكذا تُورَدُ يا سعْدُ الإبِلْ


إنكَ خُلقت بمواهب محدَّدةٍ لتودي عملاً محدَّداً ، وكما قالوا : اقرأ نفسكَ ، واعرف ماذا تقدِّمُ .
قال أمرسونُ في مقالتِهِ حول « الاعتمادِ على النفسِ » : « سيأتي الوقتُ الذي يصلُ فيه علمُ الإنسانِ إلى الإيمانِ بأنَّ الحَسَدَ هو الجَهْلُ ، والتقليدَ هو الانتحارُ ، وأن يعتبر نفسه كما هي مهما تكنِ الظروفُ ؛ لأنَّ ذاك هو نصيبُه . وأنهُ رغم امتلاءِ الكون بالأشياءِ الصالحةِ ، لنْ يحصل على حبَّةِ ذُرةٍ إلا بعد زراعةِ ورعايةِ الأرضِ المعطاةِ لهُ ، فالقوى الكامنةُ في داخلِهِ ، هي جديدةٌ في الطبيعةِ ، ولا أحد يعرفُ مدى قدرتِه ، حتى هو لا يعرفُ ، حتى يجرِّب » .
﴿ وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾ .


نور 02-18-2009 12:37 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
وقفــة

هذه آياتٌ تقوِّي من رجائِك ، وتشدُّ عَضُدَك ، وتحسِّنُ ظنَّك بريِّك .
﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ .
﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ .
﴿ وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾ .
﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ .
﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ﴾ .
﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ{173} فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾ .
﴿ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ{44} فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا﴾ .
*****************************************
رُبَّ ضارةِ نافعةٌ

يقولُ وليم جايمس : « عاهاتُنا تساعدُنا إلى حدٍّ غَيْرِ متوقَّعٍ ، ولو لمْ يعشْ دوستيوفسكي وتولستوي حياةً أليمةً لما استطاعا أنْ يكتبا رواياتِهما الخالدةَ ، فاليُتمُ ، والعمى ، والغربةُ ، والفقرُ ، قد تكونُ أسباباً للنبوغِ والانجازِ ، والتقدمِ والعطاءِ » .

قد ينُعمُ اللهُ بالبلوى وإنْ عظمتْ
ويبتلي اللهُ بعض القومِ بالنعمِ

إنَّ الأبناء والثراءَ ، قد يكونون سبباً في الشقاءِ : ﴿ فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ .
ألَّف ابنُ الأثيرِ كُتبهُ الرائعة ، كـ : «جامعِ الأصولِ»، و «النهايةِ»، بسببِ أنهُ مُقْعَدٌ .
وألَّف السرخسي كتابه الشهير « المبسوط » خمسة عشر مجلَّداً ؛ لأنهُ محبوسٌ في الجُبِّ!
وكتب ابنُ القيم ( زاد المعاد ) وهو مسافرٌ !
وشرح القرطبيُّ ( صحيح مسلم ) وهو على ظهرِ السفينةِ !
وجُلُّ فتاوى ابنِ تيمية كتبها وهو محبوسٌ !
وجمع المحدِّثون مئاتِ الآلافِ من الأحاديثِ لأنهمْ فقراءُ غرباءُ .
وأخبرني أحدُ الصالحين أنه سُجن فحفظ في سجنِهِ القرآن كلَّه ، وقرأ أربعين مجلَّداً !
وأملى أبو العلاء المعري دواوينه وكُتُبه وهو أعمى !
وعمي طه حسين فكتب مذكّراته ومصنَّفاتِه !
وكم من لامعٍ عُزِل من منصبِه ، فقدَّم للأمةِ العلم والرأي أضفاف ما قدَّم مع المنصبِ .
يقولُ فرانسيسُ بايكون : « قليلٌ من الفلسفةِ يجعلُ الإنسان يميلُ إلى الإلحادِ ، لكنَّ التعمُّق في الفلسفةِ يقرِّب عقل الإنسان من الدِّينِ » .
﴿ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ﴾ . ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ﴾ .
﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ ﴾ .
﴿ قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ ﴾ .
يقولُ الدكتورُ أ. أ . بريل : « إنّ أيَّ مؤمنٍ حقيقي لنْ يُصاب بمرضٍ نفسيٍّ » .
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً ﴾ .
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ .
﴿ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ .


نور 02-18-2009 12:37 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
الإيمانُ أعظمُ دواء

يقول أبرزُ أطباءِ النفسِ الدكتورُ كارل جائغ في الصفحة (264) من كتابِهِ « الإنسانُ الحديثُ في بحثهِ عنِ الروحِ » : « خلال السنواتِ الثلاثين الماضيةِ ، جاء أشخاصٌ من جميعِ أقطارِ العالمِ لاستشارتي ، وقد عالجتُ مئاتِ المرضى ، ومعظمُهم في منتصفِ مرحلةِ الحياةِ ، أيْ فوق الخامسةِ والثلاثين من العمرِ ، ولمْ يكنْ بينهمْ من لا تعودُ مشكلتُه إلى إيجادِ ملجأ ديني يتطلَّع من خلالِهِ إلى الحياةِ ، وباستطاعتي أنْ أقول : إن كلاّ منهم مرِض لأَّنهُ فقد ما مَنحهُ الدينُ للمؤمنين ، ولم يُشْف من لمْ يستعِد إيمانه الحقيقيَّ » .
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً ﴾ .
﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ ﴾ .
﴿ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ﴾ .
**************************************
اللهُ يجيبُ المُضْطرَّ

كاد المهاتما غاندي – الزعيمُ الهنديُّ بعد بوذا – ينهارُ لولا أنه استمدَّ الإلهام من القوةِ التي تمنحُها الصلاةُ ، وكيف لي أنْ أعلم ذلك ؟ لأنَّ غاندي نفسهُ قال : لو لمْ أصلِّ لأصبحتُ مجنوناً منذُ زمنٍ طويلٍ .
هذا وغاندي ليس مسلماً ، وإنما هو على ضلالةٍ ، لكنهُ على مذهبِ : ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ . ﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ﴾ . ﴿ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ .
سبرتُ أقوال علماءِ الإسلامِ ومؤرخيهم وأدبائِهمْ في الجملةِ ، فلمْ أجدْ ذاك الكلام عن القلقِ والاضطرابِ والأمراضِ النفسيةِ ، والسببُ أنهم عاشوا من دينِهمْ في أمن وهدوءٍ ، وكانتْ حياتُهم بعيدةً عن التعقيدِ والتكلُّفِ : ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ﴾ .
اسمعْ قول أبي حازمٍ ، إذْ يقولُ : « إنما بيني وبين الملوكِ يومٌ واحدٌ ، أما أمسِ فلا يجدون لذَّته ، وأنا وهُمْ منْ غدٍ على وَجَلٍ ، وإنما هو اليومُ ، فما عسى أن يكون اليومُ ؟! » .
وفي الحديثِ: (( اللهمَّ إني أسالُك خَيْرَ هذا اليومٍ : بركته ونَصْرَهُ ونُورَهُ وهدايتَهُ )).
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ ﴾ وقولٌه تعالى : ﴿ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً ﴾ .
وقال الشاعر :

فإنْ تكنِ الأيامُ فينا تبدِّلتْ

بِبُؤسى ونُعْمَى والحوداثُ تفعلُ

فما ليَّنتْ منّا قناةً صليبة


ولا ذللتنا للتي ليس تجملُ

ولكنْ رحلناها نفوساً كريمةً


تُحمَّلُ مالا يُستطاعُ فتحملُ

وقيْنا بحسنِ الصبر منَّا نفوسنا

وصحَّتْ لنا الأعراضُ والناسُ هُزَّلُ

﴿ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ{147} فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ ﴾ .


نور 02-18-2009 12:38 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
لا تحزنْ فالحياةُ أقصرُ ممَّا تتصوَّرُ

ذكر دايلْ كارنيجي قصَةَ رجل أصابَتْه قُرْحةٌ في أمعائه ، بلغ منْ خطورتِها أنَّ الأطباء حدَّدوا لهُ أوان وفاتِهِ ، وأوعزُوا إليه أنْ يجهِّزَ كَفَنَهُ . قال : وفجأة اتخذ « هاني » - اسم المريضِ – قراراً مدهشاً إنهُ فكَّرَ في نفسِهِ : إذا لم يبق لي في هذهِ الحياةِ سوى أمدٍ قصيرٍ ، فلماذا لا أستمتعُ بهذا الأمدِ على كلِّ وجه ؟ لطالما تمنيتُ أنْ أطوف حول العالمِ قبل أنْ يدركني الموتُ ، ها هو ذا الوقتُ الذي أحقِّق فيه أمنيتي . وابتاع تذكرة السفر ، فارتاع أطباؤه ، وقالوا له : إننا نحِذّرُك ، إنك إن أقدمت على هذهِ الرحلةِ فستدفنُ في قاعِ البحرِ !! لكنه أجاب : كلا لنْ يحدث شيءٌ من هذا ، لقدْ وعِدتُ أقاربي ألا يدفن جثماني إلا في مقابرِ الأسرةِ . وركب « هاني » السفينة ، وهو يتمثَّل بقولِ الخيامِ :

تعال نروي قصةً للبشرْ

ونقطعُ العمرَ بحُلْوِ السَّمَرْ

فما أطال النومُ عمراً وما

قصَّرَ في الأعمارِ طولُ السّهرْ

وهذه أبيات يقولها وثنٌّي غير مسلم .
وبدأ الرجلُ رحلةً مُشبعةً بالمرحِ والسرورِ ، وأرسل خطاباً لزوجتِهِ يقولُ فيه : لقد شربتُ وأكلتُ ما لذَّ وطاب على ظهرِ السفينِة ، وأنشدتُ القصائد ، وأكلتُ ألوان الطعامِ كلَّها حتى الدَّسِم المحظور منها، وتمتعتُ في هذه الفترةِ بما لم أتمتعْ به في ماضي حياتي. ثم ماذا؟!
ثم يزعمُ دايل كارنيجي أنَّ الرجل صحَّ من علَّتِهِ ، وأنَّ الأسلوب الذي سار عليه أسلوبٌ ناجعٌ في قهْرِ الأمراضِ ومغالبةِ الآلامِ !!
إنني لا أوافقُ على أبياتِ الخيَّامِ ، لأنَّ فيها انحرافاً عن النهج الرَّبانيِّ ، ولكنَّ المقصود من القصةِ : أن السرور والفرح والارتياح أعظمُ بكثيرٍ من العقاقيرِ الطبيَّة .


نور 02-18-2009 12:38 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
اقنع واهدأ

قالَ ابنُ الروميِّ :

قرَّب الحِرْصُ مركباً لِشقيّ

إنما الحِرْصُ مركبُ الأشقياءِ

مرحباً بالكفافِ يأتي هنيئاً

وعلى المُتعباتِ ذيلُ العفاءِ

﴿ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ﴾ .
يقول دايل كارنيجي : « لقدْ أثبت الإحصاءُ أنّ القَلَقَ هو القائلُ ( رقم1) في أمريكا ، ففي خلالِ سنِّي الحربِ العالميةِ الأخيرةِ ، قُتِلَ من أبنائِنا نحو ثُلُثِ مليون مقاتلٍ ، وفي خلالِ هذه الفترةِ نفسِها قضى داءُ القلبِ على مليونيْ نسمةٍ . ومن هؤلاءِ الأخيرين مليونُ نسمةٍ كان مرضهُمْ ناشئاً عنِ القلقِ وتوتُّرِ الأعصابِ » .
نعمْ إنَّ مرض القلبِ من الأسباب الرئيسيةِ التي حدتْ بالدكتورِ « ألكسيس كاريل » على أن يقول: «إن رجال الأعمالِ الذين لا يعرفون كيف يكافحون القلق ، يموتون مبكِّرين»
والسببُ معقولٌ ، والأجلُ مفروغٌ منه : ﴿ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلاً ﴾ .
وقلَّما يمرضُ الزنوجُ في أمريكا أو الصينيون بأمراضِ القلبِ ، فهؤلاءِ أقوامٌ يأخذون الحياة مأخذاً سهلاً ليِّناً ، وإنك لترى أن عدد الأطباءِ الذين يموتون بالسكتةِ القلبيةِ يزيدُ عشرين ضِعْفاً على عددِ الفلاحين الذين يموتون بالعلَّة نفسِها ، فإنَّ الأطباء يحيوْن حياةً متوترةً عنيفةً ، يدفعون الثمن غالياً . « طبيبٌ يداوي الناس وهو عليلُ » !!


نور 02-18-2009 12:38 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
الرضا بما حصل يُذهبُ الحُزْن

وفي الحديث : (( ولا نقولُ إلا ما يُرضي ربَّنا )) .
إنَّ عليك واجباً مقدَّساً ، وهو الانقيادُ والتسليمُ إذا داهمك المقدورُ، لتكون النتيجةُ في صالحِك ، والعاقبةُ لك ؛ لأنك بهذا تنجو من كارثةِ الإحباطِ العاجلِ والإفلاسِ الآجلِ .
قال الشاعرُ :

ولما رأيتُ الشِّيْب لاح بعارضي

ومَفْرِقِ رأسي قلتُ للشَّيب مرحبا

ولو خِفْتُ أني إنْ كَفَفْتُ تحيتي


تنكَّب عني رُمْتُ أنْ يتنكبا

ولكن إذا ما حلَّ كُرْهٌ فسامحتْ

به النفسُ يوماً كان للكُرْهِ أذهبا

لا مفرَّ إلا أن تؤمن بالقدرِ ، فإنهُ سوف ينفُذُ ، ولو انسلخت من جلدِك وخرجت من ثيابِك !!
نُقِلَ عن إيمرسون في كتابه « القدرةُ على الإنجازِ » حيث تساءل : « منْ أين أَتَتْنا الفكرةُ القائلةُ : إن الحياة الرغدة المستقرةَ الهادئة الخالية من الصعابِ والعقباتِ تخلقُ سعداء الرجالِ أو عظماءهم ؟ إنَّ الأمر على العكسِ ، فالذين اعتادوا الرثاء لأنفسهِمْ سيواصلون الرثاءَ لأنفسهم ولو ناموا على الحريرِ ، وتقلَّبُوا في الدِّمقسِ . والتاريخُ يشهدُ بأنَّ العظمة والسعادة الخبيثُ ، وبيئاتٌ لا يتميزُ فيها بين طيبٍ وخبيثٍ ، في هذه البيئاتِ نَبَتَ رجالٌ حملوا المسؤولياتِ على أكتافِهم ، ولم يطرحوها وراء ظهورِهم » .
إنَّ الذين رفعوا علم الهدايةِ الربانيَّةِ في الأيامِ الأولى للدعوةِ المحمدية هم الموالي والفقراءُ والبؤساءُ ، وإنَّ جُلَّ الذين صادمُوا الزحف الإيمانيَّ المقدَّس همْ أولئك المرموقون والوجهاءِ والمترفون : ﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً ﴾ . ﴿ وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلَاداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ﴾ . ﴿أَهَـؤُلاء مَنَّ اللّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ﴾ . ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ ﴾ . ﴿ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ﴾ . ﴿ وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ{31} أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ ﴾ .
وإني لأذكرُ بيتاً لعنترة ، وهو يخبرُنا أنَّ قيمته في سجاياه ومآثِرِهِ ونُبْلِهِ لا في أصلِهِ وعنصرِهِ ، يقولُ :

إن كنتُ فإني سيدٌ كَرَماً
أوْ أسود اللونِ إني أبيضُ الخُلُقِ


نور 02-18-2009 12:39 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
إنْ فقدت جارحةً من جوارحك
فقدْ بقيتْ لك جوارحُ

يقولُ ابنُ عباس :

إنْ يأخذِ اللهُ من عينيَّ نورهما

ففي لساني وسمعي منهما نورُ

قلبي ذكيٌّ وعقلي غيرُ ذي عِوجٍ

وفي فمي صارمٌ كالسيفِ مأثورُ

ولعلَّ الخير فيما حَصَلَ لك من المصابِ ، ﴿وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾.
يقولُ بشَّارُ بنُ بُرْدٍ :

وعيَّرني الأعداءُ والعيبُ فيهمو

فليس بعارٍ أن يُقال ضريرُ

إذا أبصر المرءُ المروءة والتُّقى


فإنَّ عمى العينينِ ليس يضيرُ

رأيتُ العمى أجراً وذُخراً وعِصْمةً

وإني إلى تلك الثلاثِ فقيرُ

انظرْ إلى الفرقِ بين كلامِ ابنِ عباسٍ وبشَّارِ ، وبين ما قاله صالحُ بن عبدالقدوسِ لمَّا عَمي :

على الدنيا السلامُ فما لشيخٍ

ضريرِ العينِ في الدنيا نصيبُ

يموتُ المرءُ وهو يُعَدُّ حيّاً


ويُخلِفُ ظنَّهُ الأملُ الكذوبُ

يُمنِّيني الطبيبُ شفاء عيني

فإنَّ البعض مِن بعضٍ قريبُ

إن القضاء سوف ينفذُ لا محالة ، على القابِل لهُ والرافضِ لهُ ، لكنَّ ذاك يُؤجَرُ ويسْعَدُ ، وهذا يأثمُ ويشقى .
كتب عمرُ بن عبدالعزيزِ إلى ميمون بن مهران : كتبت تعزّيني على عبدالملكِ ، وهذا أمرٌ لم أزل أنتظرهُ ، فلمّا وقع لم أُنكِرْهُ .



نور 02-18-2009 12:39 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
الأيامُ دُولٌ

يُروى أنّ أحمد بن حنبل – رحمه الله- زار بقيَّ بن مخلدٍ في مرضٍ له فقال له : « يا أبا عبدالرحمن ، أبشرْ بثوابِ اللهِ ، أيامُ الصِّحِّةِ لا سُقمَ فيها ، وأيامُ السقمِ لا صحَّة فيها .. » .
والمعنى : أن أيام الصحةِ لا يعرضُ المرضُ فيها بالبالِ ، فتقوى عزائمُ الإنسانِ ، وتكثر آمالُه ، ويشتدُّ طموحُه . وأيامُ المرضِ الشديدِ لا تعرضُ الصحةُ بالبالِ ، فيخيِّم على النفسِ ضعف الأملِ ، وانقباض الهمَّةِ وسلطان اليأس . وقولُ الإمامِ أحمد مأخوذٌ من قولهِ تعالى : ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُوسٌ كَفُورٌ{9} وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ{10} إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَـئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ .
قال الحافظُ ابنُ كثيرٍ – رحمهُ اللهُ - : « يخبرُ اللهُ تعالى عن الإنسانِ وما فيهِ من الصفاتِ الذميمةِ ، إلا منْ رحم اللهُ من عبادِهِ المؤمنين ، أنه إذا أصابتْه شدَّةٌ بعد نعمةٍ ، حصل له يأسٌ وقنوطٌ من الخيرِ بالنسبةِ إلى المستقبلِ ، وكفرٌ وجحودٌ لماضي الحالِ ، كأنه لم ير خيراً ولم يرجُ فرجاً » .
وهكذا إن أصابتهُ نعمةٌ بعد نقمةٍ : ﴿ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي ﴾ .
أي يقولُ : ما ينالني بعد هذا ضيمٌ ولا سوءٌ ، ﴿ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ﴾ .
أي فرح بما في يدِهِ ، بطرٌ فخورٌ على غيره . قال اللهُ تعالى : ﴿ إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَـئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ .


نور 02-18-2009 12:39 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
سيروا في الأرض


قال أحدُهُمْ : السفرُ يذهبُ الهموم .
قال الحافظُ الرامهرمزيُّ في كتابِهِ « المحدِّثُ الفاضلُ » ، في بيانِ فوائدِ الرحلةِ في طلبِ العلمِ والمتعِ الحاصلةِ بها ، ردّاً على من كرِه الرحلة وعابها ما يلي :
« ولو عَرَفَ الطاعنُ على أهلِ الرِّحلةِ مقدار لذَّةِ الرَّاحلِ في رحلتِهِ ونشاطِهِ عند فصولِهِ منْ وطنهِ ، واستلذاذِ جميعِ جوارحِهِ ، عند تصرُّفِ الأقطارِ وغياضِها ، وحدائِقِها ، ورياضِها ، وتصفُّح الوجوهِ ، ومشاهدةِ ما لمْ ير منْ عجائبِ البلدانِ ، واختلافِ الألسنةِ والألوانِ ، والاستراحةِ في أفياءِ الحيطانِ ، وظلالِ الغيطانِ ، والأكلِ في المساجدِ ، والشربِ من الأوديةِ ، والنومِ حيثُ يدركهُ الليلُ ، واستصحابِ منْ يحبُّهُ في ذاتِ اللهِ بسقوطِ الحشمةِ ، وتركِ التصنُّعِ ، وكلِّ ما يصلُ إلى قلبهِ من السرورِ عنْ ظفرِهِ ببغيتِهِ ، ووصولِهِ إلى مقصدِهِ ، وهجومِهِ على المجلسِ الذي شمَّرَ لهُ ، وقطع الشُّقَّةَ إليه – لعلَّمَهُ أنَّ لذَّاتِ الدنيا مجموعةٌ في محاسن تلك المشاهدِ ، وحلاوةِ تلك المناظرِ ، واقتناصِ تلك الفوائدِ ، التي هي عند أهلِها أبهى منْ زهرِ الربيعِ ، وأنفسُ من ذخائرِ العِقيانِ ، من حيثُ حُرِمها الطاعنُ وأشباهُهُ » .

قوِّضْ خيامك عنْ ربْهٍ أُهِنْت بهِ
وجانِبِ الذُّلَّ إنَّ الذُّلَّ يُجتَنَبُ


نور 02-18-2009 12:39 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
وقفـــةٌ

((إنَّ الله إذا أحبَّ قوماً ابتلاهم، فمنْ رضي فله الرِّضا، ومنْ سخطَ فَلَهُ السَّخْطُ)) .
(( أشدُّ الناسِ بلاء الأنبياءُ ، ثمَّ الأمثلُ فالأمثلُ يُبتلى الرجلُ على قدرِ دينهِ ، فإنْ كان في دينهِ صلابةٌ أشتدَّ بلاؤه ، وإن كان في دينه رقَّةٌ ابتُلي على قدرِ دينه ، فما يبرحُ البلاءُ بالعبدِ ، حتى يتركهُ يمشي على الأرضِ وما عليه خطيئةٌ )) .
(( عجباً لأمرِ المؤمنِ إنَّ أمرَّهُ كلَّه خيرٌ !! وليس ذاك لأحدِ إلا للمؤمنِ ، إن أصابتْه سرَّاء شكر فكان خيراً له ، وإنْ أصابتهُ ضرَّاء صبر فكان خيراً له )) .
(( واعلمْ أنَّ الأمة لو اجتمعتْ على أنْ ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبُ اللهُ لك ، وإنِ اجتمعوا على أنْ يضرُّوك بشيءٍ لم يضروك إلا بشيءٍ قدْ كتبهُ اللهُ عليك )).
(( يُبتلى الصالحون الأمثلُ فالأمثلُ )) .
(( المؤمنُ كالخامةِ من الزرعِ تُفيِّئُها الريحُ يَمنْةً ويَسْرةً )) .


نور 02-18-2009 12:40 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
حتَّى في سكراتِ الموتِ تبسَّمْ

فهذا أبو الريحانِ البيرونيُّ ( ت440 ) ، مع الفسحةِ في التعميرِ فقدْ عاش 78 سنةً مُكِبّاً على تحصيلِ العلومِ ، مُنْصَبّاً إلى تصنيفِ الكتبِ ، يفتحُ أبوابها ويحيطُ بشواكلِها وأقرابِها – يعنى : بغوامضِها وجليّاتِها – ولا يكادُ يفارقُ يده القلمُ ، وعينه النظرُ ، وقلبه الفكرُ ، إلا فيما تمسُّ إليه الحاجةُ في المعاشِ منْ بُلْغة الطعامِ وعلقةِ الرياشِ ، ثم هِجِّيراهُ – أي دَيْدَنُهُ – في سائرِ الأيامِ من السنةِ : علمٌ يُسفرُ عن وجههِ قناع الإشكالِ ، ويحسرُ عن ذراعيْةِ أكمالُ الإغلاقِ .
حدَّث الفقيهُ أبو الحسنِ عليُّ بنُ عيسى ، قال : دخلتُ على أبي الريحانِ وهو يجودُ بِنفْسِهِ – أيْ وهو في نزْعِ الروحِ قارب الموتَ – قد حشرجتْ نفسُهُ ، وضاق بها صدرُهُ ، فقال لي في تلك الحالِ : كيف قلت لي يوماً حسابُ الجدَّاتِ الفاسدةِ ؟ أيْ الميراثُ ، وهي التي تكونُ من قِبل الأمِّ ، فقلتُ له إشفاقاً عليه : أفي هذهِ الحالةِ ؟ قال لي : يا هذا ، أودِّعُ الدنيا وأنا عالمٌ بهذهِ المسألة ، ألا يكون خيراً من أنْ أخلِّيها وأنا جاهلٌ بها ؟! فأعدتُ ذلك عليهِ ، وحفِظَ وعلَّمني ما وعد ، وخرجتُ من عندِهِ فسمعتُ الصراخ!! إنها الهممُ التي تجتاحُ ركام المخاوفِ .
والفاروقُ عمرُ في سكراتِ الموتِ ، يثعبُ جرحُه دماً ، ويسألُ الصحابة : هلْ أكمل صلاتهُ أمْ لا ؟! .
وسعدُ بنُ الربيع في (( أُحدٍ)) مضرَّج بدمائِهِ ، وهو يسألُ في آخرِ رَمَقٍ عن الرسولِ r ، إنها ثباتةُ الجأشِ وعمارُ القلبِ !

وقفتَ ما في الموتِ شكٌّ لواقفِ

كأنك في جفنِ الردى وهو نائمُ

تمرُّ بكَ الأبطالُ كلمى هزيمةً

ووجهُك وضاحٌ وثغرُك باسمُ


قال إبراهيمُ بنُ الجراحِ : مرض أبو يوسف فأتيتُه أعودُه ، فوجدتُه مُغْمىً عليهِ ، فلمَّا أفاق قال لي : ما تقولُ في مسألةٍ ؟ قلتُ : في مثلِ هذه الحالِ ؟! قال : لا بأس ندرسُ بذلك لعلَّه ينجو به ناجٍ .
ثم قال : يا إبراهيمُ ، أيُّما أفضلُ في رمي الجمارِ : أن يرميها الرجلُ ماشياً أو راكباً ؟ قلتُ : راكباً . قال : أخطأت . قلتُ : ماشياً . قال : أخطأت . قلتُ : أيُّهما أفضلُ ؟ قال : ما كان يُوقفُ عندهُ فالأفضلُ أنْ يرميه ماشياً ، وأما ما كان لا يُوقفُ عنده ، فالأفضلُ أن يرميه راكباً ، ثم قمتُ من عندهِ فما بلغتُ باب دارِهِ حتى سمعتُ الصراخ عليه وإذا هو قدْ مات . رحمةُ الله عليه .
قال احدُ الكُتَّابِ المعاصرين : هكذا كانوا !! الموتُ جاثمٌ على رأسِ أحدِهِمْ بكُربِهِ وغُصَصِهِ ، والحشرجةُ تشتدُّ في نفسِهِ وصدرِهِ ، والأغماءُ والغشيانُ محيطٌ بهِ ، فإذا صحا أو أفاق من غشيتِهِ لحظاتٍ ، تساءل عنْ بعضِ مسائلِ العلمِ الفرعيَّةِ أو المندوبةِ ، ليتعلَّمها أو ليعلِّمها ، وهو في تلك الحالِ التي أخذ فيها الموتُ منه الأنفاس والتلابيب .

في موقفٍ نسي الحليمُ سدادهُ
ويطيشُ فيه النابِهُ البيْطارُ

يا للهِ ما أغلى العلم على قلوبِهمْ !! وما أشغلَ خواطرهُمْ وعقولَهُمْ به !! حتى في ساعةِ النزعِ والموتِ ، لم يتذكروا فيها زوجةً أو ولداً قريباً عزيزاً ، وإنما تذكروا العلم !! فرحمةُ اللهِ تعالى عليهمْ . فبهذا صاروا أئمة في العلمِ والدِّينِ .



نور 02-18-2009 12:43 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
أسرارُ الشدائدِ

أورد المؤرخُ الأديبُ أحمدُ بنُ يوسف الكاتبُ المصريُّ في كتابِهِ المعجبُ الفريدُ (المكافأةُ وحسنُ العُقبى ) فقال : وقدْ علم الإنسانُ أن سُفورَ الحالةِ – أي انكشاف الغُمَّةِ والشدَّةِ – عن ضدِّه ، حَتْمٌ لابدَّ منه ، كما علم أنَّ انجلاء الليلُ يسفرُ عن النهار ، ولكنَّ خور الطبيعةِ أشدُّ ما يلازمُ النفس عندَ نزولِ الكوارثِ ، فإذا لم تُعالجْ بالدواءِ ، اشتدّتِ العلةُ ، وازدادتِ المحنةُ ، لأن النفس إذا لم تُعَنْ عند الشدائدِ بما يجدّدُ قُواها ، تولَّى عليها اليأسُ فأهلكها .
والتفكُّرُ في أخبارِ هذا البابِ – بابِ أخبارِ من ابتلي فصبر ، فكان ثمرةُ صبرِه حسن العقبى – ممَّا يُشجِّع النفْس ، ويبعثُها عن ملازمةِ الصبرِ وحسنِ الأدبِ مع الربِّ عزَّ وجلَّ ، بحسنِ الظنِّ في موافاةِ الإحسانِ عند نهايةِ الامتحانِ .
وقال أيضاً – في آخر الكتابِ - : « خاتمةٌ : قال بُزُرْجمْهَرُ : الشدائدُ قبل المواهبِ ، تشبهُ الجوع قبل الطعامِ ، يحسُّ بهِ موقُعُهُ ، ويلذُّ معه تناولهُ » .
وقال أفلاطونُ : « الشدائدُ تُصلِحُ من النفسِ بمقدارِ ما تفسدُ من العيشِ ، والتَّترُّف – أي الترفُ والترفُّه – يفسدُ من النفسِ بمقدارِ ما يصلحُ من العيشِ » .
وقال أيضاً : « حافظ على كلِّ صديقٍ أهدتْه إليك الشدائدُ ، والْه عنْ كلِّ صديقٍ أهدتْه إليك النعمةُ » .
وقال أيضاً : « الترفُّفهُ كالليلِ ، لا تتأملْ فيه ما تصدرُه أو تتناولُه ، والشدة كالنهارِ ، ترى فيها سعيك وسعي غيرِك » .
وقالُ أزدشير : « الشدَّةُ كُحْلٌ ترى به ما لا تراه بالنعمة » .
ويقول أيضاً : « ومِلاكُ مصلحةِ الأمرِ في الشدَّةِ شيئان : أصغرُهما قوةُ قلبِ صاحبِها على ما ينوبُه ، وأعظمُها حُسْنُ تفويضِهِ إلى مالكِهِ ورازقِهِ » .
وإذا صَمَدَ الرجلُ بفكرِهِ نَحْوَ خالقِهِ ، علم أنهُ لمْ يمتحِنْه إلا بما يوجبُ له مثوبةً ، أو يمحِّصُ عنه كبيرةً ، وهو مع هذا من اللهِ في أرباحٍ متصلةٍ ، وفوائد متتابعةٍ .
فأما إذا اشتدَّ فكرُهُ تلقاء الخليقةِ ، كثرتْ رذائلُه ، وزاد تصنُّعه ، وبرِم بمقامِه فيما قصُر عن تأمُّلهِ ، واستطال من المِحنِ ما عسى أن ينقضي في يومِهِ ، وخاف من المكروهِ ما لعلَّه أنْ يخطئهُ .
وإنما تصدقُ المناجاةِ بين الرجلِ وبين ربِّهِ ، لعلمِهِ بما في السرائرِ وتأييدِهِ البصائر ، وهي بين الرجلِ وبين أشباهِهِ كثيرةُ الأذيةِ ، خارجةٌ عن المصلحةِ .
وللهِ تعالى رَوْحٌ يأتي عند اليأسِ منهُ ، يُصيبُ به منْ يشاءُ من خلقِهِ ، وإليهِ الرغبةُ في تقريبِ الفرجِ ، وتسهيلِ الأمرِ ، والرجوعِ إلى أفضلِ ما تطاول إليه السُّؤْلُ ، وهو حسبي ونِعْم الوكيلُ .
طالعتُ كتاب ( الفرجُ بعد الشدةِ ) للتنوخيِّ ، وكرَّرتُ قراءته فخرجتُ منه بثلاثِ فوائدَ :
أنَّ الفرج بعد الكربِ سنَّةٌ ماضيةٌ وقضيةٌ مُسلَّمةٌ ، كاليحِ بعد الليلِ ، لا شكَّ فيه ولا ريب .
الثانيةُ : أنَّ المكاره مع الغالبِ أجملُ عائدةً ،الثانيةُ : وأرفعُ فائدةً للعبدِ في دينِهِ ودنياهُ من المحابِّ .
الثالةُ : أنَّ جالب النفعِ ودافع الضرِّ حقيقةٌ إنما هو الله جلَّ في علاه ،الثالةُ : واعلمْ أنّ ما أصابك لم يكنْ لِيخطِئك وما أخطأك لمْ يكنْ ليصيبك .



نور 02-18-2009 12:43 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
حقارةُ الدنيا

يقولُ ابنُ المباركِ العالمُ الشهير : قصيدةُ عديِّ بنِ زيدٍ أحبُّ غليَّ من قصرِ الأميرِ طاهرِ بنِ الحسينِ لو كان لي .
وهي القصيدةُ الذائعةُ الرائعةُ ، ومنها :

أيُّها الشامتُ المُعيِّرُ بالدَّهْـ

ـرِ أأنت المبرَّؤُ الموفورُ

أمْ لديك العهدُ الوثيقُ من الأيَّـ

ـامِ بلْ أنت جاهلٌ مغرورُ

أيْ : يا من شمِت بمصائبِ الآخرين، هل عندك عهدٌ أنْ لا تصيبك أنت مصيبةٌ مثلُهم؟! أم هلْ منحتْك الأيامُ ميثاقاً لسلامتِك من الكوارثِ والمحنِ ؟! فلماذا الشماتةُ إذنْ ؟
وفي الحديثِ الصَّحيِحِ : (( لوْ أنَّ الدنيا تساوي عند اللهِ جناح بعوضةِ ، ما سقى كافراً منها شربة ماءٍ )) . إنّ الدنيا عند اللهِ تعالى أهونُ من جناحِ البعوضةِ ، وهذه حقيقةُ قيمتِها ووزنِها ، فلِم الجزعُ والهلعُ عليها ومن أجلهِا ؟!
السعادةُ : أنْ تشعر بالأمنِ على نفسِك ومستقبلك وأهلِك ومعيشتِك ، وهي مجموعةٌ في الإيمانِ والرضا اللهِ وقضائهِ وقدرهِ ، والقناعةُ : الصبرُ .


نور 02-18-2009 12:51 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
قيمةُ الإيمانِ

﴿ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ ﴾ .
من النعيمِ الذي لا يدركُهُ إلاَّ الفطناءُ : نظرُ المسلمِ إلى الكافرِ ، وتذكُّرُ نعمةِ اللهِ في الهدايةِ إلى دين الإسلامِ ، وأنَّ الله عزَّ وجلَّ لم يقدِّرْ لك أنْ تكون كهذا الكافرِ في كفرِه بربِّه وتمرُّدهِ عليهِ ، وإلحادِه في آياتِه ، وجحودِ صفاتِه ، ومحاربتِه لمولاهُ وخالقِه ورازقِه ، وتكذيبِه لرسلِه وكتبه ، وعصيانِهِ أوامرهُ ، ثم تذكَّرْ أنت أنَّك مسلمٌ موحِّدٌ ، تؤمنُ باللهِ ورسولهِ واليومِ الآخرِ ، وتؤدِّي الفرائض ولو على تقصيرٍ ، فإنَّ هذا في حدِّ ذاته نعمةٌ لا تُقدَّر بثمن ولا تُباعُ بمالٍ ، ولا تدورُ في الحسبانِ ، وليس لها شبيهٌ في الأعيانِ : ﴿ أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ ﴾ .
حتى ذكر بعضُ المفسرين أنَّ مِنْ نعيمِ أهلِ الجنَّةِ نظُرهم إلى أهِل النارِ ، فيشكرون ربَّهم على هذا النعيمِ : « وبضدِّها تتميزُ الأشياءُ » .
*************************************
وقفـــةٌ

لا إله إلا اللهُ : أيْ لا معبود بحقٍّ إلا اللهُ سبحانهُ وتعالى ، لتفرُّدِهِ بصفاتِ الألوهيَّةِ ، وهي صفاتُ الكمالِ .
روحُ هذه الكلمةِ وسرُّها : إفرادُ الربِّ – جلَّ ثناؤه وتقدَّستْ أسماؤُه ، وتبارك اسمُه ، وتعالى جدُّه ، ولا إله غيرُهُ – بالمحبةِ والإجلالِ والتعظيمِ ، والخوفِ والرجاءِ ، وتوابعِ ذلك من التوكّلِ والإنابةِ والرغبةِ والرهبةِ ، فلا يُحبُّ سواهُ ، وكلُّ ما يُحبُّ غيرُه فإنما يُحبُّ تبعاً لمحبتِه ، وكونِه وسيلةً إلى زيادةِ محبتِه ، ولا يُخافُ سواهُ ولا يُرجى سواهُ ، ولا يُتوكَّل إلا عليهِ ، ولا يُرغبُ إلا إليهِ ، ولا يُرهبُ إلا منهُ ، ولا يُحلفُ إلا باسمِهِ ، ولا يُنذرُ إلا لهُ ، ولا يُتابُ إلا إليهِ ، ولا يُطاعُ إلا أمرُه ، ولا يتحسَّبُ إلا بهِ ، ولا يُستغاثُ في الشدائدِ إلا به ، ولا يُلتجأ إلا إليهِ ، ولا يُسجدُ إلا لهُ ، ولا يُذبحُ إلا له وباسمِهِ ، ويجتمعُ ذلك في حرفٍ واحدٍ ، وهو : أنْ لا يُعبد إلا إياهُ بجميعِ أنواعِ العبادةِ .
******************************************
معاقون متفوقون

في ملحقِ عُكاظٍ العددُ 10262 في 7 / 4 / 1415 هـ ، مقابلةٌ مع كفيف يُدعى : محمود بن محمدٍ المدنيَّ ، درس كتب الأدبِ بعيونِ الآخرين ، وسمع كتب التاريخِ والمجلاتِ والدورياتِ والصحف ، وربما قرأ بالسماعِ على أحدِ أصدقائِه حتى الثالثةِ صباحاً حتى صار مرجعاً في الأدب والطُّرفِ والأخبار .
كتب مصطفى أمين في زاويةِ ( فكرة ) في الشرقِ الأوسطِ كلاماً ، منه : اصبرْ على كيد الكائدين ، وظلمِ الظالمين ، وسطوةِ الجبابرةِ ، فإنَّ السوط سوف يسقطُ ، والقيد سوف ينكسرُ ، والمحبوس سوف يخرجُ ، والظلام سوف ينقشعُ ، لكن عليك أن تصبر وتنتظر .

وَلَرُبَّ نازلةٍ يضيقُ بها الفتى
ذرْعاً وعِند الله منها المخرجُ

قابلتُ في الرياضِ مفتي ألبانيا ، وقد سُجن عشرين سنةً مِن قبل الشيوعيين في ألبانيا مع الأعمالِ الشاقَّةِ ، والحبسِ والكيدِ ، والنكَّالِ والظلمِ ، والظلامِ وجوعِ ، وكان يصلِّى الصلواتِ الخمس في ناحيةٍ من دورةِ المياه خوفاً منهمْ ، ومع هذا صَبَرَ واحتسب حتى جاءهُ الفرجُ ، ﴿ فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ ﴾ .
هذا ( نلسون مانديلا ) رئيس جنوبِ أفريقيَّة ، سُجن سبعاً وعشرين سنةً ، وهو ينادي بحريَّةِ أمَّتهِ ، وخلوصِ شعبهِ من القهرِ والكبتِ والاستبدادِ والظلمِ ، وهو مُصِرٌّ صامدٌ مواصلٌ مستميتٌ ، حتى نال مجدهُ الدنيويَّ . ﴿ نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا ﴾ ﴿ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ ﴾ .

وأشجعُ مني كُلّ يومٍ سلامتي
وما ثبتتْ إلا وفي نفسِها أَمْرُ

﴿ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ﴾ .



نور 02-18-2009 12:52 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
لا تحزن إذا عرفت الإسلام

ما أشقى النفوس التي لا تعرفُ الإسلام ، ولم تهتدِ إليه ، إنَّ الإسلام يحتاجُ إلى دعايةٍ منْ أصحابهِ وحَمَلتِهِ ، وإعلان عالميٍّ هائل ، لأنهُ نبأ عظيمٌ ، والدعايةُ له يجبُ أن تكون راقيةً مهذبةً جذابةً ، لأنَّ سعادة البشريةِ لا تكونُ إلا في هذا الدينِ الحقِّ الخالدِ ، ﴿ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ ﴾ .
سكن داعيةٌ مسلمٌ شهيرٌ مدينة ميونخ الألمانية ، وعند مدخلِ المدينةِ تُوجدُ لوحةٌ إعلانيةٌ كبرى مكتوبٌ عليها بالألمانيةِ : « أنت لا تعرفُ كفراتِ يوكوهاما » . فنصب هذا الداعيةُ لوحةً كبرى بجانب هذه اللوحةِ كتب عليها : « أنت لا تعرفُ الإسلام ، إنْ أردت معرفتهُ ، فاتصل بنا على هاتفِ كذا وكذا » . وانهالتْ عليه الاتصالاتْ من الألمانِ منْ كلِّ حَدَبٍ وصوب ، حتى أسلم على يدهِ في سنةِ واحدة قرابة مائة ألفِ ألمانيٍّ ما بين رجلٍ وامرأةٍ وأقام مسجداً ومركزاً إسلامياً ، وداراً للتعليمِ .
إن البشرية حائرٌ بحاجةٍ ماسَّةِ إلى هذا الدينِ العظيمِ ، ليردَّ إليها أمنها وسكينتها وطمأنينتها ، ﴿ يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ .
يقول أحدُ العُبَّادِ الكبارِ : ما ظننتُ أنَّ في العالمِ أحداً يعبدُ غير الله .
لكنْ ﴿ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ ، ﴿ وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ ﴾ ، ﴿ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ .
وقد أخبرني أحدُ العلماءِ أن سودانيّاً مسلماً قدم من البادية إلى العاصمةِ الخرطومِ في أثناءِ الاستعمارِ الإنكليزيِّ ، فرأى رجل مرورٍ بريطانيّاً في وسطِ المدينةِ ، فسأل هذا المسلمُ : منْ هذا ؟ قالوا : كافرٌ . قال : كافرٌ بماذا ؟ قالوا : باللهِ . قال : وهلْ أحدٌ يكفرُ بالله ؟! فأمسك على بطنِهِ ثمَّ تقيَّأ ممَّا سمع ورأى ، ثم عاد إلى الباديةِ . ﴿ فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ .!
يقولُ الأصمعيُّ : سمع أعرابيٌّ يقرأُ : ﴿ فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ ﴾ ، قال الأعرابيَّ : سبحان اللهِ ، ومن أحوج العظيم حتى يقسم ؟!
إنه حسنُ الظنِّ والتطلُّعُ إلى كرمِ المولى وإحسانِه ولطفه ورحمته .
وقد صحَّ في الحديثِ أنَّ الرسول r قال : (( يضحك ربُّنا )) . فقال أعرابيٌّ : لانعدامُ منْ ربٍّ يضحكُ خيراً .
﴿ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا ﴾ ، ﴿ إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ ﴿ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ ﴾ .
منْ يقرأُ كتب سيرِ الناسِ وتراجم الرجالِ يستفيدُ منها مسائل مطَّرِدةً ثابتةً منها :
أنَّ قيمة الإنسانِ ما يُحسنُ ، وهي كلمةٌ لعليِّ بن أبي طالبٍ ، ومعناها : أنَّ علم الإنسانِ أو أدبهُ أو عبادتهُ أو كرمهُ أو خلقهُ هي في الحقيقةِ قيمتُهُ ، وليستْ صورتُه أو هندامُهُ ومنصبُهُ : ﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى{1} أَن جَاءهُ الْأَعْمَى ﴾ . ﴿ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ﴾ .
بقدرِ همَّةِ الإنسانِ واهتمامِهِ وبذلِهِ وتضحيِتَه تكونُ مكانُتُه ، ولا يعطى لهُ المجْدُ جُزافاً .
لا تحسبِ المجد تمراً أنت آكلُهُ ..
﴿ وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً ﴾ . ﴿ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ﴾ .
أنَّ الإنسان هو الذي يصنعُ تاريخه بنفسِهِ بإذنِ الله ، وهو الذي يكتبُ سيرتهُ بأفعالِهِ الجميلةِ أو القبيحةِ : ﴿ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ﴾ .
وإنَّ عمر العبدِ قصيرٌ ينصرمُ سريعاً ، ويذهبُ عاجلاً ، فلا يقصره بالذنوبِ والهمومِ والغمومِ والأحزانِ : ﴿ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ﴾ . ﴿ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ ﴾ .

كفى حزناً أنَّ الحياة مريرةٌ
ولا عملٌ يرضى بهِ اللهُ صالحُ


منْ أسبابِ السعادةِ :
1) العملُ الصالحُ : ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾.
2) الزوجةُ الصالحةُ : ﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ﴾ .
3) البيتُ الواسعُ : وفي الحديثِ : (( اللهمّ وسِّعْ لي في داري )) .
4) الكسْبُ الطيبُ : وفي الحديثِ : (( إنَّ الله طيِّبٌ لا يقبلُ إلا طيِّباً )) .
5) حُسْنُ الخُلقُ والتودُّدُ للناسِ : ﴿ وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ ﴾ .
6) السلامةُ من الدَّيْنِ ،7) ومن الإسرافِ في النفقةِ : ﴿ لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا ﴾ . ﴿ وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ ﴾ .
مقومات السعادةِ :
قلبٌ شاكرٌ ، ولسانٌ ذاكرٌ ، وجسمٌ صابرٌ .
وعليك بالشكر عن النعم والصبر عند النقم والاستغفار من الذنوب .
لوْ جمعتُ لك علْم العلماءِ ، وحكمة الحكماءِ ، وقصائد الشعراءِ عنِ السعادةِ ، لما وجدتها حتى تعزم عزيمةً صادقة على تذوُّقِها وجَلْبِها ، والبحثِ عنها وطرْدِ ما يضادُّها : « منْ أتاني يمشي أتيتهُ هرولةً » .
ومن سعادةِ العبدِ : كتمُ أسرارِهِ وتدبيرِه أمورهُ .
ذكروا أنّ أعربيّاً استُؤمن على سرٍّ مقابل عشرةِ دنانير ، فضاق ذرعاً بالسرِّ ، وذهب إلى صاحبِ الدنلنيرِ ، وردَّها عليهِ مقابل أنْ يُفشي السرَّ ، لأنَّ الكتمان يحتاجُ إلى ثباتٍ وصبرٍ وعزيمةٍ : ﴿ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ ﴾ ، لأنَّ نِقاط الضعفِ عند الإنسانِ كشفُ أوراقِهِ للناسِ ، وإفشاءُ أسرارِه لهمْ ، وهو مرضٌ قديمٌ ، وداءٌ متأصِّلٌ في البشريةِ ، والنفسُ مُولعةٌ بإفشاءِ الأسرارِ ، ونقْلِ الأخبار . وعلاقةُ هذا بموضوعِ السعادةِ أنَّ منْ أفشى أسراره فالغالبُ عليه أن يندم ويحزن ويغْتمَّ .
وللجاحظِ في الكتمانِ كلامٌ خلاَّبٌ في رسائلِهِ الأدبيةِ ، فليعُدْ إليها منْ أراد . وفي القرآن : ﴿ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً ﴾ ، وهذا أصلٌ في كتمانِ السرِّ ، والأعرابيُّ يقول : وأكتمُ السرَّ فيه ضربةُ العنقِ .


نور 02-18-2009 12:52 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
لن تموت قبل أجلِك

﴿ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ ﴾ .
هذه الآيةُ عزاءٌ للجبناءِ الذين يموتون مراتٍ كثيرةً قبل الموتِ ، فلْيعلموا أنَّ هناك أجلاً مسمى ، لا تقديم ولا تأخير ، لا يعجِّلُ هذا الموت أحدٌ ، ولا يؤجِّله بشرٌ ، ولو اجتمع أهل الخافقيْن ، وهذا في حدِّ ذاتهِ يجلبُ للعبدِ الطمأنينة والسكينة والثبات : ﴿ وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ﴾ .
واعلمْ أنَّ التعلُّق بغيرِ اللهِ شقاءٌ : ﴿ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ ﴾ .
( سِيَرُ أعلامِ النبلاءِ ) للذهبيِّ ثلاثةٌ وعشرون مجلداً ، ترجم فيها للمشاهيرِ من العلماءِ والخلفاءِ والملوكِ والأمراءِ والوزراءِ والأثرياءِ والشعراءِ ، وباستقراءِ هذا الكتابِ تجدُ حقيقتين مهمتين :
الأولى : أنَّ منْ تعلَّق بغيرِ اللهِ منْ مالٍ أو ولدٍ أو منصبٍ أو حرفةٍ ، وكلهُ اللهُ إلى هذا الشيءِ ، وكان سبب شقائِهِ وعذابِهِ ومحْقِهِ وسحقِهِ : ﴿ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ . فرعونُ والمنصِبُ قارونُ والمالُ ، وأُميَّةُ بنُ خلفٍ والتجارةُ ، والوليدُ والولدُ : ﴿ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً ﴾ .
أبو جهل والجاهُ ، أبو لهبٍ والنسبُ ، أبو مسلم والسلطةُ ، المتنبئ والشهرةُ ، والحجَّاج والعلوُّ في الأرضِ ، ابنُ الفراتِ والوزارةُ .
الثانيةُ : أنَّ منِ اعتزَّ باللهِ وعمل له وتقرَّب منه ، أعزَّه ورفعه وشرَّفه بلا نسبٍ ولا منصبٍ ولا أهلٍ ولا مالٍ ولا عشيرةٍ : بلالُ والأذانُ ، سلمانُ والآخرةُ ، صُهيبٌ والتضحيةُ ، عطاءٌ والعِلْمُ ، ﴿ وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا ﴾ .



نور 02-18-2009 12:52 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
« يا ذا الجلالِ والإكرامِ »

صحَّ عنه r أنهُ قال : « ألظُّوا بيا ذا الجلالِ والإكرامِ » . أي الزموها ، وأكثرُوا منها ، وداوموا عليها ، ومثلُها وأعظمْ : يا حيُّ يا قيومْ . وقيل : إنه الاسمُ الأعظمُ لربِّ العالمين الذين إذا دُعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى . فما للعبدِ إلا أنْ يهتف بها وينادي ويستغيث ويدمن عليها ، ليرى الفرَجَ والظفرَ والفلاحَ : ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ ﴾ .
في حياةِ المسلمِ ثلاثةُ أيامٍ كأنها أعيادٌ :
يومٌ يؤدّي فيه الفرائض جماعةً ، ويسْلمُ من المعاصي: ﴿ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم ﴾ .
ويومٌ يتوبُ فيه من ذنبِهِ ، وينخلعُ من معصيتِهِ ، ويعودُ إلى ربِهِ : ﴿ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ ﴾.
ويومٌ يلقى فيه ربِّه على خاتمةٍ حسنةٍ وعملٍ مبرورٍ : ((مَنْ أحبَّ لقاء الله أحبَّ اللهُ لقاءهُ )) .

وبشّرتُ آمالي بشخصٍ هو الورى
ودارٍ هي الدنيا ويومٍ هو الدهرُ


قرأتُ سِير الصحابة – رضوانُ اللهِ عليهم - ، فوجدتُ في حياتِهمْ خمس مسائل تميزُهم عنْ غيرِهمْ :
الأولى : اليُسْرُ في حياتِهِمْ ، والسهولةُ وعدم التكلُّف ، وأخذ الأمور ببساطة ، وترك التنطع والتعمُّق والتشديد : ﴿ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى ﴾ .
الثانيةَ : أن عِلْمهم غزيرٌ مباركٌ متصلٌ بالعملِ ، لا فضولَ فيه ولا حواشي ، ولا كثرة كلامٍ ، ولا رغوة أو تعقيد : ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ﴾ .
الثالثةَ : أنَّ أعمال القلوبِ لديهمْ أعظمُ من أعمالِ الأبدانِ ، فعندهُمُ الإخلاصُ والإنابُةُ والتوكلُ والمحبةُ والرغبةُ والرهبةُ والخشْيةُ ونحوُها ، بينما أمورُهم ميسَّرةٌ في نوافلِ الصلاةِ والصيامِ ، حتى إن بعض التابعين أكثرُ اجتهاداً منهمْ في النوافلِ الظاهرةِ : ﴿ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ ﴾ .
الرابعة : تقلُّلهمْ من الدنيا ومتاعِها ، وتخفُّفُهم منها ، والإعراضُ عن بهارجها وزخارفِها ، مما أكسبهم راحةً وسعادةً وطمأنينةً وسكينةً : ﴿ وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ ﴾ .
الخامسة : تغليبُ الجهادِ على غيرِه من الأعمالِ الصالحةِ ، حتى صار سِمةً لهمْ ، ومعْلماً وشعاراً . وبالجهادِ قضوْا على همومِهم وغمومِهم وأحزانِهمْ ، لأنَّ فيه ذكراً وعملاً وبذلاً وحركةً .
فالمجاهدُ في سبيل اللهِ منْ أسعدِ الناسِ حالاً ، وأشرحِهم صدْراً وأطيبهِم نفساً : ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ .
في القرآن حقائقُ وسُننٌ لا تزولُ ولا تحولُ ، أذكرُ ما يتعلقُ منها بسعادةِ العبدِ وراحةِ بالِهِ ، منْ هذِهِ السُّننِ الثابتةِ :
أنَّ منِ استنصر باللهِ نَصَرَهُ : ﴿ إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ . ومنْ سألهُ أجابهُ : ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ . ومن استغفره غَفَرَ له : ﴿ فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ﴾ . ومنْ تاب إليه قبل منه : ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ﴾ . ومنْ توكَّل عليهِ كفاهُ : ﴿ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ .
وأنَّ ثلاثةً يعجِّلُها اللهُ لأهلِها بنكالِها وجزائها : البغيُ : ﴿ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم ﴾ ، والنكثُ : ﴿ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ ﴾ ، والمكرُ : ﴿ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ﴾ . وأنَّ الظالم لنْ يفلت من قبضةِ اللهِ : ﴿ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا ﴾ . وأنَّ ثمرة العملِ الصالحِ عاجلةٌ وآجلةٌ ، لأنَّ الله غفورٌ شكورٌ : ﴿ فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ ﴾ ، وأن من أطاعه أحبَّه : ﴿ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ ﴾ . فإذا عَرَفَ العبدُ ذلك سعد وسُرَّ ، لأنه يتعاملُ مع ربٍّ يرزقُ ويَنْصُرُ : ﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ﴾ ، ﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ ﴾ ، ويغفرُ : ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ ﴾ ، ويتوبُ : ﴿ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ ، وينتقمُ لأوليائه منْ أعدائِهِ : ﴿ إِنَّا مُنتَقِمُونَ ﴾ ، فسبحانه ما أكملهُ وأجلًّهُ : ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً ﴾ ؟! .
للشيخِ عبدِالرحمنِ بنِ سعديٍّ – رحمهُ اللهُ – رسالةٌ قيِّمةٌ اسمُها ( الوسائلُ المفيدةُ في الحياةِ السعيدةِ ) ، ذكر فيها : « إنَّ منْ أسبابِ السعادةِ أنْ ينظر العبدُ إلى نعمِ اللهِ عليه ، فسوف يرى أنهُ يفوقُ بها أمماً من الناسِ لا تُحْصى ، حينها يستشعرُ العبدُ فضل اللهِ عليه » .
أقولُ : حتى في الأمورِ الدينيَّةِ مع تقصيرٍ العبدِ ، يجُد انه أعلى منْ فئامٍ من الناسِ في المحافظةِ على الصلاةِ جماعةً ، وقراءةِ القرآن والذكرِ ونحْو ذلك ، وهذه نعمةٌ جليلةٌ لا تُقدَّرُ بثمنٍ : ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾ .
وقدْ ذكر الذهبيُّ عن المحدِّثِ الكبيرِ ابنِ عبدِ الباقي انه : استعرض الناس بعد خروجِهم من جامعِ ( دارِ السلامِ ) ببغداد ، فما وَجَدَ أحداً منهمُ يتمنَّى أنه مكانه وفي مسلاخه .
ولهذِهِ الكلمةِ جانبٌ إيجابيٌّ وسلبيٌّ : ﴿ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾ .

كلُّ هذا الخلْقِ غِرٌّ وأنا
منهمُ فاتركْ تفاصيل الجُمَلْ




نور 02-18-2009 12:53 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
وقفـــةٌ

عن أسماء بنتِ عُميْسٍ – رضي اللهُ عنها – قالتْ : قال لي رسولُ الله r :
(( ألا أُعلِّمكِ كلماتٍ تقولِينهُن عند الكرْبِ . أو في الكرْبِ . ؟ : اللهُ اللهُ ربِّي لا أُشركُ به شيئاً )) .
وفي لفظٍ : (( منْ أصابهُ همٌّ أو غمٌّ أو سقمٌ أو شِدَّةٌ ، فقال : اللهُ ربي ، لا شريك له . كُشِف ذلك عنه )) .
« هناك أمورٌ مظلمةٌ تورِدُ على القلبِ سحائب متراكماتٍ مظلمةً ، فإذا فرَّ إلى ربِّهِ ، وسلّم أمره إليهِ ، وألقى نفسهُ بين يديهِ مِنْ غيرِ شرِكةِ أحدٍ من الخلقِ ، كشَفَ عنه ذلك ، فأمَّا منْ قال ذلك بقلبٍ غافلٍ لاهٍ ، فهيهات » .
قال الشاعرُ :

وما نبالي إذا أرواحٌنا سلِمتْ

بما فقدناهُ مِنْ مالٍ ومِنْ نَشَبِ

فالمالُ مكتسبٌ والعِزُّ مُرْتجعٌ

إذا النفوسُ وقاها اللهُ مِنْ عَطَبِ

**********************************






نور 02-18-2009 12:53 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
مَن خاف حاسداً

المعوِّذاتُ مع الأذكارِ والدعاءِ عموماً : ﴿ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾ .
كِتمانُ أمرِك عنِ الحاسِدِ : ﴿ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ ﴾ .
الابتعادُ عنه : ﴿ وَإِنْ لَّمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ ﴾ .
الإحسانُ إليه لِكفِّ أذاهُ : ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ .
************************************
حسِّنْ خلُقكَ

حُسْنُ الخُلُقِ يُمْنٌ وسعادةٌ ، وسُوءُ الخُلُقِ شُؤمٌ وشقاءٌ .
(( إن المرء لَيبْلغ بحسنِ خلُقِهِ درجةَ الصائمِ القائمِ)) . ((ألا أُنبِّئُكم بأحبِّكمُ وأقربِكُمْ منِّي مجلساً يوم القيامةِ ؟! أحاسنُكمْ أخلاقاُ)) . ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾. ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ﴾ . ﴿ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً ﴾ .
وتقولُ أمُّ المؤمنين عائشةُ بنتُ الصديق – رضي الله عنهما – في وصفها المعصوم عليه صلاةُ ربي وسلامُه : (( كان خُلُقُهُ القُران )) .
إن سَعَةَ الخُلُق وبَسْطَهَ الخاطرِ : نعيمٌ عاجلٌ وسرورٌ حاضرٌ لمن أراد به اللهُ خيْراً ، وإنَّ سرعة الانفعالِ والحِدَّةِ وثورة الغضبِ : نَكَدٌ مستمرٌّ وعذابٌ مقيمٌ .
*************************************
دواءُ الأرقِ

ماذا يفعلُ منْ أُصيب بالأرقِ ؟
الأرقُ تعسُّرُ النومِ ، والتململُ على الفراشِ .
الأذكارُ الشرعيَّةُ : ﴿ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ .
هَجْرُ النومِ بالنهارِ إلا لحاجةٍ ماسَّةٍ :﴿ وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً ﴾ .
القراءةُ والكتابةُ حتى النومِ : ﴿ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً ﴾ .
إتعابُ الجسمِ بالعملِ النافعِ نهاراً : ﴿ وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً ﴾ .
التقليلُ منْ شربِ المنبِّهاتِ كالقهوةِ والشايِ .

شكوْنا إلى أحبابِنا طول ليلِنا

فقالوا لنا ما أقصر الليل عندنا

وذاك بأنَّ النوم يُغشِي عيونهم

يقيناً ولا يُغشِي لنا النومُ أعْينا

مرارةُ الذنبِ تنافي حلاوة الطاعةِ ، وبشاشة الإيمانِ ، ومذاق السعادةِ .
يقولُ ابنُ تيمية : المعاصي تمنعُ القلبَ منَ الجولانِ في فضاءِ التوحيدِ : ﴿ قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾ .



نور 02-18-2009 12:54 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
عواقب المعاصي

حجابٌ بين العبدِ وربِّه : ﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ﴾ .
يُوحشُ المخلوق من الخالقِ : إذا ساء فعلُ المرءِ ساءتْ ظنونُه .
كآبةٌ دائمةٌ : ﴿ لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ ﴾ .
خوفٌ في القلبِ واضطرابٌ : ﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ ﴾ .
نكدٌ في المعيشةِ : ﴿ فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً ﴾ .
قسوةٌ في القلبِ وظلمةٌ : ﴿ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ﴾ .
سوادٌ في الوجهِ وعبوسٌ : ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم ﴾ .
بغضٌ في قلوبِ الخلْقِ : (( أنتم شهداءُ اللهِ في أرضِهِ )) .
ضيقٌ في الرزقِ : ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم ﴾ .
غضبُ الرحمنِ ، ونقْصُ الإيمانِ ، وحلولُ المصائبِ والأحزانِ : ﴿ فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ ﴾ .﴿ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ . ﴿وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ ﴾ .
**************************************

اطلبِ الرزق ولا تحرِصْ

الدودةُ في الطِّينِ يرزقُها ربُّ العالمين: ﴿وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا﴾.
الطيورُ في الوكورِ يطعمُها الغفورُ الشكورُ : (( كما يرزقُ الطيرَ ، تغدو خِماصاً وتروحُ بِطاناً )) .
السمكُ في الماءِ يرزقُه ربُّ الأرضِ والسماء : ﴿ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ ﴾ .
وأنت أزكى من الدودةِ والطيرِ والسمكِ ، فلا تحزنْ على رزقِك .
عرفتُ أناساً ما أصابُهُمُ الفقرَ والكدرُ وضيقُ الصدر إلا بسببِ بعدِهم عن اللهِ عزَّ وجلَّ ، فتجدُ أحدهم كان غنيّاً ، ورزقُه واسعٌ وهو في عافيةٍ منْ ربِّهِ وفي خيرٍ منْ مولاه ، فأعرض عن طاعةِ اللهِ ، وتهاون بالصلاةِ ، واقترف كبائر الذنوبِ ، فسلبَهَ ربُّه عافية بدنِهِ وسعة رزقِهِ ، وابتلاهُ بالفقْرِ والهمِّ والغمِّ ، فأصبح منْ نكدٍ إلى نكدٍ ، ومنْ بلاءٍ إلى بلاءٍ : ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً ﴾ . ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ ﴾ . ﴿ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ﴾ . ﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً ﴾ .

أتبكي على ليلى وأنت قتلتها
هنيئاً مريئاً أيُّها القاتلُ الصَّبُّ

**************************************
﴿ اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ﴾
سرُّ الهدايةِ

ولنْ يهتدي للسعادةِ ولنْ يجدها ولنْ ينعم بها ، إلا منِ اتبع الصراط المستقيم الذي تركنا محمدٌ r على طرفِهِ ن وطرفُه الآخرُ في جناتِ النعيمِ : ﴿وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً﴾.
فسعادةُ من لزم الصراط المستقيم أنهُ مطمئنٌّ لحسْنِ العاقبةِ ، واثقٌ منْ طيبِ المصيرِ ، ساكنٌ إلى موعودِ ربِّهِ ، راضٍ بقضاءِ مولاهُ ، مخبتٌ في سلوكِهِ هذا السبيلُ ، يعلمُ انَّ له هادياً يهديهِ على هذا الصراطِ ، وهو معصومٌ لا ينطقُ عن الهوى ، ولا يتبعُ منْ غوى ، قَوْلُهُ حجَّةٌ على الورى ، محفوظٌ منْ نزغاتِ الشيطانِ ، وعثراتِ القرانِ ، وسقطاتِ الإنسانِ : ﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ ﴾ .
وهذا العبدُ يجدُ السعادة في سلوكِهِ هذا الصراط ؛ لأنهُ يعلمُ أنَّ له إلهاً ، وأمامهُ أسوةً ، وبيدِهِ كتاباً ، وفي قلبِه نوراً ، وفي خلدِه ، واعظاً ، وهو ذاهبٌ إلى نعيمٍ ، وعاملٌ في طاعةٍ ، وساعٍ إلى خيرٍ : ﴿ ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ﴾ .

أين ما يُدعى ظلاماً يا رفيق الدربِ أينْا
إنَّ نور اللهِ في قلبي وهذا ما أراهُ

وهما صراطان : معنويٌّ وحِسِّيٌّ ، فالمعنويٌّ : صراطُ الهدايةِ والإيمانِ ، والحسيُّ : الصراطُ على متْنِ جهنم ، فصراطُ الإيمانِ على متنِ الدنيا الفانيةِ له كلاليبٌ من الشهواتِ ، والصراطُ الأخرويُّ على متْنِ جهنم له كلاليبُ كشوكِ السعدانِ ، فمنْ تجاوز هذا الصراط بإيمانِهِ تجاوز ذاك الصراط على حسْبِ إيقانهِ ، وإذا اهتدى العبدُ إلى الصراطِ المستقيمِ زالتْ همومُه وغمومُه وأحزانُه .


نور 02-18-2009 12:54 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
عشرُ زهِراتٍ يقطفُها منْ أراد الحياة الطيبة

جلسةٌ في السَّحر للاستغفارِ : ﴿ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ ﴾ .
وخلوةٌ للتفكُّرِ : ﴿ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾ .
ومجالسةُ الصالحين : ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم ﴾ .
والذِّكْر : ﴿ اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً ﴾ .
وركعتانِ بخشوعٍ : ﴿ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ .
وتلاوةٌ بتدبُّرٍ : ﴿ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ﴾ .
وصيامُ يومٍ شديدِ الحرِّ : (( يدع طعامه وشرابه وشهواته منْ أجلي )) .
وصدقةٌ في خفاءٍ : (( حتى لا تعلم شمالهُ ما تنفقُ يمينُه )) .
وكشْفُ كربةٍ عنْ مسلمٍ : (( منْ فرَّج عنْ مسلمِ كربةً منْ كُربِ الدنيا فرَّج اللهُ عنه كربةً منْ كربِ يومِ القيامةِ )) .
وزهْدٌ في الفانيةِ : ﴿ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ .
تلك عشرةٌ كاملةٌ .
منْ شقاءِ ابنِ نوحٍ قولُه : ﴿ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء ﴾ . ولو أوى إلى ربِّ الأرضِ والسماءِ لكان أجلَّ وأعزَّ وأمنع .
ومن شقاءِ النمرودِ قولهُ : أنا أُحيي وأُميتُ . فتقمَّص ثوباً ليس له ، واغتصب صفةً لا تحلُّ له ، فُبِهِت وخسأ وخاب .
﴿ فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى ﴾ .
مفتاحُ السعادةِ كلمةٌ ، وميراثُ الملَّةِ عبارةٌ ، ورايةُ الفلاحِ جملةٌ ، فالكلمةُ والعبارةُ والجملةُ هي : لا إله إلا اللهُ . محمدٌ رسولُ اللهِ r .
سعادةُ منْ نطقها في الأرضِ : أن يُقال لهُ في السماءِ : صدقْتَ : ﴿ وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ﴾ .
وسعادةُ منْ عمل بها : أنْ ينجو من الدمارِ والشَّنارِ والعارِ والنارِ : ﴿ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ ﴾ .
وسعادةُ منْ دعا إليها : أنْ يٌعان ويُنْصَرَ ويُشْكَرَ : ﴿ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ .
وسعادةُ منْ أحبَّها : أنْ يُرفع ويُكرَمَ ويُعزَّ : ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ .
هتف بها بلالٌ الرقيقُ فأصبح حرّاً : ﴿ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ ﴾ .
وتلعثم في نطقهاِ أبو لهبٍ الهاشميُّ ، فمات عبداً ذليلاً حقيراً : ﴿ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ﴾ .
إنها الإكسيِرُ الذي يحولِّ الركام البشريَّ الفاني إلى قممٍ لإيمانيةٍ ربانيةٍ طاهرةٍ : ﴿ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا ﴾ .
لا تفرحْ بالدنيا إذا أعرضْت عنِ الآخرةِ ، فإنَّ العذاب الواصب في طريقِك ، والغلَّ والنَّكالُ ينتظرُك : ﴿ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ{28} هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ ﴾ . ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ .
ولا تفرحْ بالولدِ إذا أعرضت عن الواحدِ الصمدِ ، فإنَّ الإعراض عنه كلُّ الخذلانِ ، وغايةُ الخسرانِ ، ونهايةُ الهوانِ : ﴿ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ ﴾ .
ولا تفرحْ بالأموالِ إذا أسأت الأعمال ، فإنَّ إساءة العمل محقٌ للخاتمةِ وتبابٌ في المصيرِ ، ولعنةٌ في الآخرةِ : ﴿ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى ﴾ ﴿ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ﴾ .


أحمد اسماعيل 03-15-2009 06:41 PM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
http://www.m5znk.com/uploads/1352a4c90b.gif

نور 04-03-2009 09:38 AM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
وقفــةٌ

(( يا حيُّ يا قيومُ برحمتِك أستغيثُ )) : في رفع هذا الدعاءِ مناسبةٌ بديعةٌ ، فإنَّ صفة الحياةِ متضمِّنةً لجميع صفاتِ الكمالِ ، مستلزمةٌ لها ، وصفةُ القيَّوميةُ متضمِّنةٌ لجميعِ صفاتِ الأفعالِ ، ولهذا كان اسمُ اللهِ الأعظمُ الذي إذا دُعِيَ به أجاب ، وإذا سُئل به أعطى : هو اسمُ الحيُّ القيومُ . والحياةُ التامَّة تضادُّ جميع الأسقامِ والآلام ؛ ولهذا لما كمُلتْ حياةُ أهلِ الجنةِ ، لمْ يلحقْهُمْ همُّ ولا غمٌّ ولا حَزَنٌ ولا شيءٌ من الآفاتِ . ونقصانُ الحياةِ تضرُّ بالأفعالِ ، وتنافي القيومية ، فكمالُ القيوميةِ لكمالِ الحياةِ ، فالحيُّ المطلقُ التامُّ الحياةِ لا تفوتُه صفةُ الكمالِ ألبتة ، والقيومُ لا يتعذَّرُ عليه فعْل ممكن ألبتة ، فالتوسلُ بصفةِ الحياةِ والقوميةِ له تأثيرٌ في إزالةِ ما يُضادُّ الحياةَ ويضرُّ بالأفعالِ .
قال الشاعرُ :

لعمْرُك ما المكروهُ منْ حيث تتَّقي

وتخشى ولا المحبوبُ من حيثُ تَطْمَعُ

وأكثرُ خوفِ الناسِ ليس بكائنِ

فما درْكُ الهمِّ الذي ليس ينفعُ



نور 04-03-2009 09:38 AM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
تعامَلْ معَ الأمرِ الواقعِ

إذا هوَّنت ما قدْ عزَّ هان ، وإذا أيسْت من الشيءِ سلتْ عنهُ نفسُك : ﴿ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ ﴾ .
قرأتُ أنَّ رجلاً قفز منْ نافذةٍ وكان بأصبعِه اليسرى خاتم ، فنشب الخاتمُ بمسمارِ في النافذةِ ، ومع سقوطِ الرجلِ اقتلع المسارُ أصبعه من أصلها ، وبقي بأربعُ أصابع ، يقولُ عنْ نفسِهِ : لا أكادُ أتذكَّرُ أن لي أربعُ أصابع في يدٍ فحسبُ ، أو أنني فقدتُ أصبُعاً من أصابعِي إلا حينما أتذكرُ تلك الواقعةَ ، وإلا فعلمي على ما يرامُ ، ونفسي راضيةٌ بما حدث : (( قدّر اللهُ وما شاء فعل )) .
وأعرفُ رجلاً بُتِرتْ يدُه اليسرى من الكتِفِ لمرضٍ أصابهُ ، فعاش طويلاً وتزوَّج ، ورُزق بنين ، وهو يقودُ سيارتهُ بطلاقةٍ ، ويؤدي عمله بارتياحٍ ، وكأنَّ اللهِ لم يخلقْ له إلا يداً واحدةً : (( ارض بما قسم اللهُ لك ، تكنْ أغنى الناس )) .
ما أسرع ما نتكيَّف مع واقعِنا ، وما أعجب ما نتأقلمُ مع وضعِنا وحياتِنا ، قبل خمسين سنةً كان قاعُ البيتِ بساطاً منْ حصيرٍ النخلِ ، وقربة ماءٍ ، وقدراً منْ فخارٍ ، وقصعةً ، وجفنةً، وإبريقاً ، وقامتْ حياتُنا واستمرتْ معيشتُنا ، لأننا رضينا وسلَّمنا وتحاكمْنا إلى واقعِنا.

والنفسُ راغبةٌ إذا رغَّبْتها
وإذا تُردُّ إلى قليلٍ تقْنعُ

وقعتْ قتنةٌ بين قبيلتينِ في الكوفةِ في المسجدِ الجامعِ ، فسلُّوا سيوفهم ، وامتشقوا رماحهم ، وهاجتْ الدائرةُ ، وكادتِ الجماجمُ تفارقُ الأجسادَ ، وانسلَّ أحدُ الناسِ من المسجدِ ليبحث عن المُصْلحِ الكبيرِ والرجلِ الحليمِ ، الأحنفِ بنِ قيسٍ ، فوجدهُ في بيتِه يِحلبُ غنمه ، عليه كساءٌ لا يساوي عشرة دراهم ، نحيلُ الجسمِ ، نحيفُ البنيةِ ، أحنفُ الرجلين ، فأخبروه الخبرَ فما اهتزتْ في جسمِهِ شعرةٌ ولا اضطرب ؛ لأنه قدِ اعتاد الكوارث ، وعاش الحوادث ، وقال لهم : خيراً إنْ شاء اللهُ ، ثم قُدِّم له إفطارُه وكأنْ لم يحدثْ شيءٌ ، فإذا إفطارهٌ كِسْرةٌ من الخبزِ اليابسِ ، وزيتٌ وملحٌ ، وكأسٌ من الماءِ ، فسمَّى وأكل ، ثمَّ حمدَ اللهَ ، وقال : بُرٌّ منْ بُرِّ العراق ، وزيتٌ من الشامِ ، مع ماءِ دجلة ، وملح مرو ، إنها لنعمٌ جليلةٌ . ثم لبس ثوبَهَ ، وأخذ عصاهُ ، ثم دلف على الجموعِ ، فلمّا رآه الناسُ اشرأبَّتْ إليه أعناقُهم ، وطفحتْ غليه عيونُهم ، وأنصتوا لما يقولُ ، فارتحل كلمة صُلْحٍ ، ثمَّ طلب من الناسِ التفرُّق ، فذهب كلُّ واحداً منهمْ لا يلوي على شيءٍ ، وهدأت الثائرةُ ، وماتتِ الفتنةُ .

قدْ يدركُ الشرف الفتى ورداؤُهُ
خَلَقٌ وجيْبُ قميصِه مَرْقوعُ

في القصةِ دروسٌ ، منها :
أنَّ العظمة ليستْ بالأبهةِ والمظهرِ ، وأنَّ قلَّة الشيءِ ليستْ دليلاً على الشقاءِ ، وكذلك السعادةُ ليستْ بكثرةِ الأشياءِ والترفُّهِ : ﴿ فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ{15} وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ﴾ .
وأنَّ المواهب والصفاتِ الساميةِ هي قيمةُ الإنسان ، لا ثوْبُهُ ولا نعلُهُ ولا قَصْرُهُ ولا دارُهُ ، إنها وزنهُ في علمهِ وكرمهِ وحلمهِ وعقلهِ : ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ . وعلاقةُ هذا بموضوعِنا أن السعادة ليستْ في الثراءِ الفاحشِ ، ولا في القصْرِ المنيفِ ، ولا في الذهبِ والفضَّةِ ، ولكنَّ السعادةَ في القلبِ بإيمانهِ ، برضاهُ ، بأنسهِ ، بإشراقهِ : ﴿ فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ ﴾ ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ .
عوِّدْ نفسك على التسليمِ بالقضاءِ والقدرِ ، ماذا تفعلُ إذا لمْ تؤمنْ بالقضاءِ والقدرِ ، هلْ تتخذُ في الأرضِ نفقاً أو سُلَّماً في السماءِ ، لنْ ينفعك ذلك ، ولنْ ينقذك من القضاءِ والقدرِ . إذنْ فما الحلّ ؟
الحلُّ : رضينا وسلَّمنا: ﴿أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ﴾.
منْ أعنفِ الأيام في حياتي ، ومن أفظعِ الأوقاتِ في عمري : تلك الساعةُ التي أخبرني فيها الطبيبُ المختصُّ ببترِ يد أخي محمدٍ – رحمه اللهُ – من الكتفِ ، ونزل الخبرُ على سمعي كالقذيفةِ ، وغالبتُ نفسي ، وثابتْ روحي إلى قولِ المولى : ﴿ َا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ﴾ ، وقولهِ : ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ{155} الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ﴾ .
كانتْ هذه الآياتُ برْداً وسلاماً وروْحاً وريْحاناً .
وليس لنا من حيلةٍ فنحتالُ ، إنما الحيلةُ في الإيمانِ والتسليمِ فَحَسْبُ ، ﴿ أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ﴾ ﴿ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ﴾ ﴿ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴾ .
إن الخنساء النخعيةَ تُخبرُ في لحظةٍ واحدةِ بقتلِ أربعةِ أبناءٍ لها في سبيلِ اللهِ بالقادسيةِ ، فما كان منها إلا أنْ حمدتِ ربَّها ، وشكرتْ مولاها على حُسْن الصنيعِ ، ولطفِ الاختيارِ ، وحلولِ القضاءِ ؛ لأنَّ هناك معيناً من الإيمانِ ، ورافداً من اليقينِ لا ينقطعُ ، فمثلُها تشكرُ وتُؤجرُ وتسعدُ في الدنيا والآخرةِ ، وإذا لمْ تفعلْ هذا فما هو البديلُ إذنْ ؟! التسخُّطُ والتضجُّرُ والاعتراضُ والرفضُ ، ثم خسارةُ الدنيا والآخرةِ ! (( فمنْ رضي فلهُ الرَّضا ، ومنْ سخط فله السخطُ )) .
إن بلسم المصائبِ وعلاج الأزماتِ ، قولُنا : إنّا للهِ وإنّا إليه راجعون .
والمعنى : كلُّنا للهِ ، فنحنُ خَلْقُه وفي ملكِهِ ، ونحنُ نعودُ إليهِ ، فالمبدأُ منه ، والمعادُ إليه ، والأمرُ بيدهِ ، فليس لنا من الأمرِ شيءٌ .

نفسي التي تملكُ الأشياء ذاهبةٌ
فكيف أبكي على شيءٍ إذا ذهبا

﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ﴾ ، ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ﴾ ،﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ﴾ .
لو فوجئت بخبرٍ صاعقِ باحتراقِ بيتِك ، أو موتِ ابنك ، أو ذهابِ مالك فماذا عساك أنْ تفعل ؟ من الآنِ وطِّنْ نفسك ، لا ينفعُ الهربُ ، لا يجدي الفرارُ والتملُّصُ من القضاء والقدر ، سلِّمْ بالأمرِ ، وارض بالقدرِ ، واعترفْ بالواقعِ ، واكتسبِ الأجر ، لأنه ليس أمامك إلا هذا . نعمْ هناك خيارٌ آخرُ ، ولكنه رديءٌ أحذِّرك منُه ، إنه : التبرُّمُ بما حَصَلَ والتضجُّرُ مما صار ، والثورةُ والغضبُ والهيجان ، ولكنْ تحصلُ على ماذا منْ هذا كلِّه ؟! إنك سوف تنالُ غضب الربِّ جلَّ في عليائِه ، ومقْت الناسِ ، وذهاب الأجْرِ ، وفادح الوزرِ ، ثمَّ لا يعودُ عليك المصاب ، ولا ترتفعُ عنك المصيبةُ ، ولا ينصرفُ عنك الأمرُ المحتومُ : ﴿فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ﴾ .


نور 04-03-2009 09:39 AM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
ما تحزنُ لأجلِهِ سينتهي

فإنَّ الموتَ مقدمٌ على الكلِّ : الظالمِ والمظلومِ ، والقويِّ والضعيفِ ، والغنيِّ والفقيرِ ، فلست بِدعاً من الناسِ أنْ تموت ، فقبلك ماتتْ أممٌ وبعدك تموتُ أممٌ .
ذكر ابنُ بطوطة أنَّ في الشمالِ مقبرةً دُفن ألفُ ملِكٍ عليها لوحةٌ مكتوبٌ فيها :

وسلاطينُهم سلِ الطين عنهمُ
والرؤوسُ العظامُ صارتْ عظاماً

إنَّ الأمرَ المذهل في هذا : غفلةُ الإنسانِ عنْ هذا الفناءِ المداهمِ له صباح مساء ، وظنُّه أنهُ خالدٌ مخلَّدٌ منعَّمٌ ، وتغافلُه عن المصيرِ المحترمِ وتراخيه عن النهايةِ الحقَّةِ لكلِّ حيٍّ : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ﴾ ، ﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ ﴾ .
لما أهلك اللهُ الأمم ، وأباد الشعوب ، ودمَّرَ القُرى الظالمةَ وأهلها ، قال–عزَّ مِنْ قائل-: ﴿ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً ﴾ ؟! انتهى كلُّ شيءٍ عنهمْ إلا الخبرَ والحديث .

هل عندكمْ خبرٌ منْ أهلِ أندلسٍ
فقدْ مضى بحديثِ القومِ ركبانُ



نور 04-03-2009 09:39 AM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
وقفــةٌ

دعاء الكربِ : مشتمِلٌ على توحيدِ الإلهيةِ والربوبيةِ ، ووصفِ الربِّ سبحانهُ بالعظمةِ والحِلمِ ، وهاتانِ الصفتانِ مستلزمتانِ لكمالِ القدرةِ والرحمةِ ، والإحسانِ والتجاوزِ ، ووصْفهِ بكمالِ ربوبيتِه للعالمِ العلويِّ والسُّفليِّ والعرشِ الذي هو سقفُ المخلوقاتِ وأعظمُها .
والربوبيةُ التامَّةُ تستلزمُ توحيده ، وأنهُ الذي لا تنبغي العبادةُ والحبُّ والخوفُ والرجاءُ والإجلالُ والطاعةُ إلا لهُ . وعظمتُه المطلقةُ تستلزمُ إثبات كلِّ كمالٍ لهُ ، وسلب كلِّ نقصٍ وتمثيلٍ عنهُ ؛ وحِلمُهُ يستلزمُ كمال رحمتِهِ وإحسانِهِ إلى خلقِهِ .
فعلْمُ القلبِ ومعرفتُهُ بذلك تُوجبُ محبتُهُ وإجلالُهُ وتوحيدُهُ ، فيحصلُ له من الابتهاجِ واللذةِ والسرورِ ما يدفعُ عنهُ ألم الكْربِ والهمِّ والغمِّ ، وأنت تجدُ المريض إذا ورد عليهِ ما يسُرُّهُ ويُفرحُه ، ويُقوِّي نفسهُ ، كيف تقوى الطبيعةُ على دفعِ المرضِ الحسيِّ ، فحصولُ هذا الشفاءِ للقلبِ أولى وأحرى .



نور 04-03-2009 09:40 AM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
الاكتئابُ طريقُ الشقاءِ

ذكرتْ جريدةُ ( المسلمون ) عدد 240 في شهرِ صفر سنة 1410هـ ، أنَّ هناك 200 مليون مكتئبٍ على وجهِ الأرضِ !
الاكتئابُ العالم!! لا يفرِّقُ بين دولةٍ غربيةٍ وأخرى شرقية ! أو غنيٍّ وفقيرٍ . إنه مرضٌ يصيبُ الجميع .. ونهايتُه في الغالبِ الانتحارُ !!
الانتحارُ لا يعترفُ بالأسماءِ والمناصبِ والدولِ ، لكنَّه يخافُ من المؤمنين ، بعضُ الأرقامِ تؤكدُ أنَّ ضحاياهُ وصلوا إلى 200 مليون مريضٍ في كلِّ أنحاءِ العالمِ .. إلاَّ أنَّ آخر الإحصاءاتِ تؤكّدُ أنَّ واحداً على الأقلِّ بين كل عشرةِ أفرادٍ على وجهِ الأرضِ مصابٌ بهذا المرضِ الخطير !!
وقد وصلتْ خطورةُ هذا المرضِ أنه لا يصيبُ الكبار فقط ، بل يصِلُ إلى حدِّ مداهمةِ الجنينِ في بطنِ أمِّه !!
الاكتئابُ بوابةُ الانتحار :
﴿ َلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ﴾ ، ﴿ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ .
تذكر الأخبارُ التي تناقلتْها وِكالاتُ الأنباءِ أنَّ مرض الاكتئابِ قد تمكَّن من الرئيسِ السابق للولاياتِ المتحدة الأمريكية (رونالدْ ريجان). وتعودُ إصابةُ الرئيس الأمريكي بهذا المرضِ لتجاوزِه سنَّ السبعين في الوقتِ الذي لا يزالُ يتعرَّضُ فيه لضغوطٍ عصبيةٍ كبيرةٍ .. بالإضافةِ للعملياتِ الجراحيةِ التي أُجريتْ له على فتراتٍ متلاحقةٍ ،﴿وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ﴾ .
وهناك الكثيرُ من المشاهيرِ وخاصَّةً مَنْ يعملون بالفنِّ ، يداهمُهمْ هذا المرضُ ، وقد كان الاكتئابُ سبباً رئيساً – إنْ لم يكنْ الوحيد – في موتِ الشاعرِ صلاح جاهين ، وكذلك يُقال : إنَّ نابليون بونابرت مات مكتئباً في منفاهُ ﴿ وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾ .
وما زلنا نذكرُ أيضاً الخبر الذي طيَّرتْه وكِالات الأنباءِ ، احتلَّ صدر الصفحاتِ الأولى في أغلبِ صحفِ العالمِ ، عن الجريمةِ المروِّعةِ التي ارتكبتْها أمٌّ ألمانيةٌ بقتلِ ثلاثةٍ منْ أطفالها، واتضح أنَّ السبب هو مرضُها بالاكتئابِ ، ولحبِّها الشديدِ لأطفالها خافتْ أنْ تورثهم العذاب والضيق الذي تشعرُ بهِ ، فقرّرتْ « إراحتهم» !! منْ هذا العذابِ بقتِلهم الثلاثةِ .. ثم قتلتْ نفسها !!.
وأرقامُ (منظمةِ الصحةِ العالميةِ) تشيرُ إلى خطورةِ الأمرِ.. ففي عام 1973 م كان عددُ المصابين بالاكتئابِ في العالمِ 3% ، وارتفعتْ هذه النسبةُ لتصل إلى 5% في عام 1978 م ، كما أشارتْ بعضُ الدراساتِ إلى وجودِ فردٍ أمريكيٍّ مصابٍ بالاكتئاب منْ كلِّ أربعةٍ !! في حين أعلن رئيسُ مؤتمرِ الاضطرابِ النفسيِّ الذي عُقد في شيكاغو عام 1981 م أنَّ هناك 100 مليونِ شخصٍ في العالمِ يعانون من الاكتئابِ ، أغلبُهمْ منْ دولِ العالمِ المتقدم ، وقالتْ أرقامٌ أخرى أنهم مائتا مليون مكتئبٍ!! ﴿أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ﴾
قال أحدُ الحكماءِ : اصنعْ من الليمونِ شراباً حُلواً . وقال أحدُهم : ليس الذكيُّ الفطِنُ الذي يستطيعُ أنْ يزيد أرباحهُ، لكنّ الذكيَّ الذي يحوِّلُ خسائره إلى أرباحٍ ﴿أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ .
وفي المثلِ : لا تنطحِ الحائط !!
والمعنى : لا تعانِدْ منْ لا تستفيدُ منْ عنادِهِ فائدةً تعودُ عليك بخيْرٍ .

إذا لم تستطعْ شيئاً فدَعْهُ
وجاوِزْه إلى ما تستطيعُ

وقالوا : ولا تطحنِ الدقيق ، ﴿ فَأَثَابَكُمْ غُمَّاً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ﴾ .
والمعنى : أنَّ الأمور التي فُرغ منها وانتهتْ لا ينبغي أن تُعاد وتُكرَّر ؛ لأنَّ في ذلك قلقاً واضطراباً وتضييعاً للوقت .
وقالوا أيضاً – وهو مثلٌ إنكليزيٌ - : لا تنشرِ النشارة .
والمعنى : أي نشارةَ الخشبِ ، لا تأت وتنشرْها مرةً ثانيةُ ، فقدْ فرغ منها .
يقولون ذلك لمنْ يشتغلُ بالتوافهِ ، واجترار الهمومِ ، وإعادةِ الماضي ، ﴿ الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾.
هناك مجالاتٌ للفارغين من الأعمالِ يمكنُ سدُّها ، كالتزودِ بالصالحاتِ ، ونفْعِ الناسِ ، وعيادةِ المرضى ، وزيارةِ المقابرِ ، والعنايةِ بالمساجدِ ، والمشاركةِ في الجمعياتِ الخيريةِ ، ومجالسِ الأحيَّاءِ ، وترتيبِ المنزلِ والمكتبةِ والرياضةِ النافعةِ ، وإيصالِ النفع للفقراءِ والعجزةِ والأراملِ ، ﴿ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ ﴾ .

ولم أر كالمعروفِ أمَّا مذاقُهُ
فحلوٌ وأماَّ وجهُهُ فجميلُ

اقرأِ التاريخ لتجد المنكوبين والمسلوبين والمصابين .
وبعد فصولٍ منْ هذا البحثِ سوف أطلعك على لوحةٍ من الحزنِ للمنكوبين بعنوان : تعزَّ بالمنكوبين .

اقرأ التاريخ إذْ فيه العِبرْ
ضلَّ قومٌ ليس يدرون الخبرْ

﴿ وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾ ، ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ ﴾ ، ﴿ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ .
قال عمرُ : أصبحتُ وما لي مطلبٌ إلا التمتُّعُ بمواطنِ القضاءِ .
ومعنى ذلك : أنه مرتاحٌ لقضاءِ اللهِ وقدرهِ ، سواءٌ كان فيما يحلو له أو فيما كان مرّاً .
وقال بعضُهمْ : ما أبالي على أيِّ الراحلتيْنِ ركبتُ ، إنْ كان الفقرُ لهم الصبرُ ، وإنْ كان الغنى لهو الشكرُ .
ومات لأبي ذؤيب الهذليِّ ثمانيةٌ من الأبناءِ بالطاعونِ في عامٍ واحدٍ فماذا عسى أنْ يقول؟ إنه آمن وسلَّم وأذعن لقضاءِ ربهِ ، وقال :

وتجلُّدي للشامتين أُريهمُ
أني لريبِ الدهرِ لا أتضعضعُ

وإذا المنيةُ أنشبت أظفارها
ألفيت كلَّ تميمةٍ لا تنفعُ

﴿ مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ .
وفقد ابنُ عباسٍ بصره فقال – معزِّياً نفسه - :

إنْ يأخذِ اللهُ منْ عينيَّ نورها

ففي فؤادي وقلبي منهما نورُ

قلبي ذكيٌّ غيرُ ذي عِوجٍ

وفي فمي صارمٌ كالسيفِ مشهورُ

وهو التسلِّي بما عنده منَ النَّعِم الكثيرةِ إذا فقد القليل منها .
وبُترتْ رِجْلُ عروة بن الزبيرِ ، ومات ابنُه في يومٍ واحداً ، فقال : اللهمَّ لِك الحمْد ، إنْ كنت أخذت فقدْ أعطيْت ، وإنْ كنت ابتليْتَ فقدْ عافيْت ، منحتني أربعة أعضاءِ ، وأخذت عضواً واحداً ، ومنحتني أربعة أبناءٍ وأخذت ابناً واحداً . ﴿ وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً﴾ ، ﴿ سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ﴾ .
وقُتل عبدُاللهِ بنُ الصِّمَّةِ أخو دريدٍ ، فعزَّى دريدٌ نفسه بعد أن ذكر أنه دافع عنْ أخيهِ قدْر المستطاعِ ، ولكنْ لا حيلة في القضاءِ ، مات أخوه عبدُالله فقال دريدٌ :

وطاعنتُ عنه الخيل حتى تبدَّدتْ

وحتى علاني حالِكُ اللونِ أسودِ

طعان امرئِ آسى أخاهُ بنفسهِ


ويعلمُ أنَّ المرء غيرُ مخلَّدِ

وخفَّفتُ وجدي أنني لم أقلْ لهُ

كذبت ولم أبخلْ بما ملكتْ يدِي

ويروى عنِ الشافعيِّ – واعظاً ومعزِّياً للمصابين - :

دعِ الأيام تفعلْ ما تشاءُ

وطِبْ نفساً إذا حكم القضاءُ

إذا نزل القضاءُ بأرضِ قومٍ

فلا أرضٌ تقيةِ ولا سماءُ

وقال أبو العتاهيةِ :

كمْ مرةِ حفَّتْ بك المكارِه خار لك اللهُ وأنت كارِهْ ؟
كمْ مرةٍ خفنا من الموتِ فما متْنا ؟!
كمْ مرةٍ ظننا انها القاضيةُ وأنها النهايةُ ، فإذا هي العودةُ الجديدةُ والقوةُ والاستمرارُ ؟!
كم مرةٍ ضاقتْ بنا السُّبُلُ ، وتقطَّعتْ بنا الحبالُ ، وأظلمتْ في وجوهِنا الآفاقُ ، وإذا هو الفتحُ والنصرُ والخيرُ والبِشارةُ ؟! ﴿ قُلِ اللّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ﴾ .
كمْ مرةٍ أظلمتْ أمامنا دنيانا ، وضاقتْ علينا أنفسُنا والأرضُ بما رحُبتْ ، فإذا هو الخيرُ العميمُ واليسرُ والتأييدُ ؟! ﴿ وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ ﴾ .
منْ علم أنَّ الله غالبٌ على أمرِه ، كيف يخافُ أمر غيرِه ؟! منْ علم أنَّ كلَّ شيءٍ دون اللهِ ، فكيف يخوَّفونك بالذين منْ دونِه ؟! منْ خاف الله كيف يخافُ منْ غيرِه ، وهو يقولُ : ﴿ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ ﴾ .
معهُ سبحانُهُ العزةُ ، والعزةُ للهِ ولرسولهِ وللمؤمنين .
معه الغَلَبَةُ ﴿ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ ، ﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ .
ذكر ابنُ كثيرٍ في تفسيرِه أثراً قدسيّاً : (( وعزتي وجلالي ما اعتصم بي عبدٌ ، فكادتْ له السماواتُ والأرضُ ، إلا جعلتُ له منْ بينِها فرجاً ومخرجاً . وعزَّتي وجلالي ما اعتصم عبدي بغيري إلا أسخْتُ الأرض من تحتِ قدميْهِ )) .
قال الإمامُ ابنُ تيمية : بـ (( لا حول ولا قوة إلا بالله ِ )) تُحمل الأثقالُ ، وتُكابدُ الأهوالُ ، ويُنالُ شريفُ الأحوالِ .
فالزمْها أيُّ العبدُ ! فإنها كنزٌ منْ كنوزِ الجنةِ . وهي منْ بنودِ السعادةِ ، ومنْ مساراتِ الراحةِ ، وانشراحِ الصدرِ .


نور 04-03-2009 09:40 AM

رد: كلما ملأك الحزن إقرأ معي كتاب (لا تحزن ) ستجدونه هنا بإذن الله
 
الاستغفارُ يفتحُ الأقفال

يقول ابنُ تيمية : إنَّ المسألة لتغلقُ عليَّ ، فأستغفرُ الله ألف مرةٍ أو أكثر أو أقلَّ ، فيفتحُها اللهُ عليَّ .
﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً ﴾ .
إنَّ منْ أسبابِ راحةِ البالِ ، استغفار ذي الجلال .
رُبَّ ضارةٍ نافعةٌ ، وكلُ قضاءٍ خيرٌ حتى المعصيةُ بشرطِها .
فقدْ ورد في المسندِ : ((لا يقضي اللهُ للعبدِ قضاء إلا كان خيراً له)) . قيل لابن تيمية: حتى المعصية ؟ قال : نعمْ ، إذا كان معها التوبةُ والندمُ ، والاستغفارُ والانكسارُ . ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً﴾
قال أبو تمامٍ في أيامِ السعودِ وأيامِ النحسِ :

مرَّتْ سنونُ بالسعودِ وبالهنا

فكأنَها مِنْ قِصْرِها أيَّامُ

ثمَّ انْثنتْ أيامُ هجرٍ بعدها


فكأنها منْ طولِها أعوامُ

ثمَّ انقضت تلك السنونُ وأهلُها

فكأنَّها وكأنَّهُمْ أحلامُ

﴿ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾ ، ﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ﴾ .
عجبتُ لعظماء عَرَفَهُمُ التاريخُ ، كانوا يستقبلون المصائب كأنَّها قطراتُ الغيثِ ، أو هفيفُ النسيمُ ، وعلى رأسِ الجميع سيدُ الخلْقِ محمدٌ r ، وهو في الغارِ ، يقولُ لصاحبِه : ﴿لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا ﴾ . وفي طريقِ الهجرةِ ، وهو مطاردٌ مشرَّدٌ يبشِّرُ سراقة بأنه يُسوَّرُ سواريْ كسرى !

بُشرى مِن الغيبِ ألقتْ في فمِ
الغار وحْياً وأفضت إلى الدنيا بأسرارِ

وفي بدر يثبُ في الدرعِ r وهو يقولُ : ﴿ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ﴾ .

أنت الشجاعُ إذا لقِيت كتيبةً
أدَّبْت في هوْلِ الردى أبطالها

وفي أُحدٍ – بعد القتلِ والجراحِ – يقولُ للصحابةِ : (( صُفُّوا خلفي ، لأُثني على ربي )) . إنها هِممٌ نبويَّةٌ تنطحُ الثريَّا ، وعزْمٌ نبويٌ يهزُّ الجبال .
قيسُ بنُ عاصم المنْقرِيُّ منْ حلماءِ العربِ ، كان مُحتبياً يكلِّم قومهُ بقصةٍ ، فأتاه رجلٌ فقال : قُتِل ابنُك الآن ، قَتَلَهُ ابنُ فلانة . فما حلَّ حَبْوَتَهُ ، ولا أنهى قصّتهُ ، حتى انتهى منْ كلامِه ، ثم قال : غسِّلوا ابني وكفِّنوه ، ثمَّ آذنِوني بالصلاةِ عليه ! ﴿ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ ﴾ .
وعِكرِمةُ بنُ أبي جهلٍ يُعطى الماء في سكراتِ الموتِ ، فيقولُ : أعطوه فلاناً . لحارثِ بنِ هشامِ ، فيتناولونه واحداً بعد واحداً ، حتى يموتُ الجميعُ .



الساعة الآن 10:53 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by