شبكة صدفة

شبكة صدفة (http://www.aadd2.net/vb/index.php)
-   ابحاث علميه و دراسات (http://www.aadd2.net/vb/forumdisplay.php?f=13)
-   -   الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة (http://www.aadd2.net/vb/showthread.php?t=46758)

نور 08-31-2009 07:40 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
أبو حيان التوحيدي

أبو حيَّان التوحيدي (310 - 414هـ ، 922 - 1023م). علي بن محمد بن العباس، من أشهر أدباء القرن الرابع الهجري ومفكريه. وصفه ياقوت الحموي بقوله: ¸فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة·. ومع ذلك فقد أهمله مؤرخو عصره وتجاهلوه. واستمر هذا التجاهل إلى أن كتب ياقوت معجمه المشهور، فخصّ التوحيدي بترجمة ضافية ضمّنها التعبير عن دهشته واستغرابه لتجاهل سابقيه لشخصية مرموقة مثل شخصية التوحيدي، واعتمد في ترجمته كثيرًا على ماذكره التوحيدي عن نفسه في مؤلفاته.
وعلى الرغم من اضطراب الآراء واختلافها حول تاريخ ميلاد التوحيدي ووفاته ولقبه وأصله، فالراجح أنه عربي الأصل ، وُلِدَ سنة 310 هـ في بغداد، وتوفي سنة 414هـ في شيراز.
عاش التوحيدي حياة شاقة معذَّبة. فقد ولد في أسرة فقيرة تمتهن بيع نوع من التمر يُسمى التَّوحيد(ومن هنا جاء لقبه)، وأمضى باقي طفولته يتيمًا في كفالة عم له كان يكرهه ويسيء معاملته. تلقى التوحيدي تعليمه في بغداد على أيدي كبار العلماء والأدباء آنذاك، وأخذ نفسه بثقافة عصره الموسوعية التي استقاها من المصادر التالية:
1- تتلمذه على أيدي كبار العلماء والأدباء. فقد درس النحو والتصوف على أبي سعيد السّيرافي، ودرس اللغة وعلم الكلام على عليّ بن عيسي الرُّمَّاني، ودرس الفلسفة على أبي زكريا يحيى بن عدي المنطقي.
2- حرصه على حضور مجالس الأدب والعلم والفلسفة التي كانت كثيرة الانعقاد في عصره.
3- اطِّلاعه الواسع على كثير من الكتب في شتى الموضوعات المعرفية آنذاك، وذلك بحكم عمله مدة طويلة من عمره ناسخًا للكتب، وهو عمل كثيرًا ما اشتكى منه التوحيدي في كتاباته.
وعلى الرغم من أن التوحيدي حاول جاهدًا أن يحسّن من أحواله عندما اتصل ببعض كبار رجال الدولة، من أمثال الوزير المهلَّبي، وابن العميد، والصاحب بن عَبَّاد وغيرهم، إلا أنه كان يعود كل مرة مخيّب الظن يندب حظه العاثر. ولا نبالغ إذا قلنا إن حياة التوحيدي كانت سلسلة من الإخفاقات والإحباطات المتتالية، تسبب التوحيدي نفسه في خلق أكثرها؛ فقد كان سوداوي المزاج مكتئبًا حزينًا مُتشائمًا حاقدًا على الآخرين ، مغرمًا بثلب الكرام، كارها العامة من أهل زمانه، وحاسدًا الخاصة منهم. وكان، إلى جانب هذا كله، معتدًا بنفسه وبأدبه أشد الاعتداد، طموحًا إلى حد التهور، لذلك عاش أغلب عمره يعاني من صراع عنيف بين طموحه المفرط وبين واقعة المؤلم المليء بكل ألوان الفشل والحرمان. وقد أجبره هذا الصراع في نهاية الأمر على الاستسلام لليأس والارتماء في أحضان التصوف هربًا من واقعه المرير. ولعل حادثة إحراق التوحيدي لكتبه في أواخر حياته خير دليل على مدى تمكّن اليأس من نفسه، والزهد في أهل عصره.
وعلى الرغم من حادثة إحراقه الكتب هذه ، وهي حادثة رمزية بطبيعة الحال قام بها التوحيدي احتجاجًا على مجتمعه، فقد ترك لنا التوحيدي مجموعة من الأعمال الأدبية والفلسفية والصوفية المتميّزة في تاريخ مكتبتنا العربية. ولعل من أهم أعماله: الإمتاع والمؤانسة؛ الصداقة والصديق؛ مثالب الوزيرين؛ الهوامل والشوامل ؛ البصائر والذخائر؛ المقابسات؛ الإشارات الإلهية، وكلها محققة ومطبوعة.
أما من حيث الأسلوب الكتابي، فالتوحيدي لم يستسلم لأسلوب السجع والبديع الذي كان سائدًا في عصره بل كان في الغالب الأعم جاحظيَّ الأسلوب؛ يعتمد على الأزدواج والتعليل والتقسيم والسخرية والإطناب، ويولي المعنى في كتاباته عناية فائقة.


نور 08-31-2009 07:41 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
ابن ميمون، موسى

ابن ميمون، موسى (529 - 601هـ، 1135 ـ 1204م). أهم فيلسوف يهودي في العصور الوسطى. ولد بقرطبة بالأندلس وأقام بمصر وبها وضع أغلب مؤلفاته. قيل إنه أسلم في المغرب وحفظ القرآن واشتغل بالفقه، ثم ارتد بعد أن توجه إلى الديار المصرية وأقام بفسطاطها. وقيل إنه أسلم بالأندلس. خرج من الأندلس إلى مصر ونزل بالفسطاط وعاش بين اليهود فأظهر دينه وارتزق بالتجارة. وكان عالمًا بشريعة اليهود. حاول أن يبرهن توافق الفلسفة وتعاليم الدين اليهودي، متبعًا أسلوب المفكر اليوناني القديم أرسطو.
كتب ابن ميمون عمله الفلسفي الرئيسي دليل الحائرين باللغة العربية ولكنه كتبه بالحروف العبرية رغبة منه في أن ينتشر الكتاب بين جماهير اليهود وبين غير العرب في البلاد العربية لأنه خشي أن يثير بعض ما جاء فيه من المعارضة للمتكلمين والمعتزلة والأشعرية فتنة عليه، لأنه لم يتوخ فيه الموضوعية ولا الدليل. وأكمله عام 1190م. وهذا الكتاب يعتمد على أعمال أرسطو كما نقلها الشارحون الإغريق والمسلمون. وقد أثر دليل الحائرين على علماء اللاهوت النصارى الأرسطوطاليين، وأبرزهم القديس توما الأكويني. وفي 1168م أكمل ابن ميمون شرحًا للمِشْنَا، وهو النسخة المكتوبة من القوانين اليهودية العرفية غير المكتوبة. كما أكمل ابن ميمون مشنا التوارة في 1178م وأصبح واحدًا من أهم مجموعات القوانين اليهودية.


نور 08-31-2009 07:41 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
جارودي، رجاء

جارودي، رجاء (1331هـ - ، 1913م - ). فيلسوف فرنسي مسلم تخصص في بحوث الحضارة والتاريخ والأدب وعلوم الإنسان. ولد روجيه جارودي (وهو اسمه الأصلي) بمدينة مرسيليا بفرنسا. حظي بالدراسة على نفقة الدولة لتفوقه في جميع مراحل التعليم حتى أتمّ الدراسة الجامعية. حصل على مرتبة أستاذ شرف بالفلسفة عام 1936م، وحصل على درجة الدكتوراه في الأدب من جامعة السوربون بباريس. وفاز بميدالية شرف لمقاومته الفاشية الهتلرية بين عامي 1941 و1944م. كما كان عضوًا في مجلس الشيوخ الفرنسي في الفترة من عام 1946 حتى عام 1960م، ورئيسًا للجنة الثقافية الوطنية من عام 1946 حتى عام 1958م. أسس المعهد الدولي للحوار بين الحضارات في باريس ـ فرنسا. وهو عضو في أكاديمية المملكة المغربية، وفي المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية في الأردن. اعتنق الإسلام في شهر رمضان عام 1402هـ، وأعلن ذلك بنفسه في المؤسسة الثقافية بجنيف. ألّف إضافة لرسالته الدور التاريخي للحضارة العربية، خمسة وثلاثين كتاباً، منها: إنذار إلى الأحياء؛ حوار بين الحضارات؛ كيف صار الإنسان إنسانًا؛ الإسلام يسكن مستقبلنا؛ وعود الإسلام؛ القضية الإسرائيلية؛ كشف السياسة الصهيونية؛ محاكمة الصهيونية الإسرائيلية.
اتهم جارودي بالعنصرية، وغرمته محكمة فرنسية 120 ألف فرنك فرنسي في فبراير 1998م، بعد أن نشر كتاب الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل (1995م). وقد نفى جارودي في كتابه المزاعم الصهيونية التي ادعت تعرض اليهود للإبادة الجماعية في أوروبا قبل منتصف القرن العشرين. وقد أثارت محاكمة جارودي ضجة واسعة لأنها كانت المرة الأولى التي تنتهك فيها حرية التعبير في فرنسا منذ اندلاع الثورة الفرنسية (1789م).
حاز جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام عام (1406هـ ،1986م).



نور 08-31-2009 07:41 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
الفارابي، أبو نصر

الفارابي، أبو نصر (260 - 339هـ، 874 - 950م). أبونصر محمد بن محمد بن طرخان بن أوزلغ، فيلسوف عربي إسلامي لقب بالمعلم الثاني. ولد في مدينة فاراب في إقليم خراسان ونشأ نشأة دينية، حيث درس الفقه والحديث والتفسير. كان يتحدث عددًا من لغات عصره. ويُعدُّ من أبرز شرّاح كتب أرسطو وأوائل من وضعوا الأسس للتصوير الفلسفي للسياسة. عُني الفارابي في بداية حياته بدراسات مثل الرياضيات والطب والموسيقى.
بدأ نبوغه ودراساته الفلسفية مع رحلته إلى بغداد عام 310هـ حيـث درس المنطـق عـلى أبي بشر مَتَّى بن يونـس ـ وكان نصرانيًا ـ أعظم مشاهير عصره في علوم الحكمة والجدل، ثم رحل إلى حران، فدرس على يد يوحنا بن جيلان الحكيم النصراني، ثم عاد إلى بغداد، وانكب على علوم الفلسفة وخاصة كتب أرسطوطاليس. وبعد عشرين سنة من إقامته في بغداد اتصل بسيف الدولة الحمداني عام 330هـ، 941م وتوفي بدمشق.
اشتهر الفارابي بشرحه لكتب وآراء أرسطو حيث تتلمذ على يده العالم الشهير ابن سينا. وللفارابي العديد من الكتب التي شغلت معاصريه ومَن بعدهم ومن أبرزها: تحصيل السعادة؛ آراء أهل المدينة الفاضلة؛ السياسة المدنية؛ الموسيقى الكبير؛ إحصاء العلوم؛ رسالة في العقل؛ رسالة فيما ينبغي أن يقدم قبل تعلم الفلسفة؛ عيون المسائل؛ ما يصح وما لا يصح في أحكام النجوم؛ الجمع بين رأيي الحكيمين أفلاطون وأرسطو.


نور 08-31-2009 07:41 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
ابن طفيل، أبو بكر

ابن طُفَيْل، أبو بكر (500 - 581هـ ، 1106 - 1185م). أبوبكر محمد بن عبدالملك بن محمد بن محمد بن طفيل القيسي، ولد في وادي آش قرب غرناطة بالأندلس، وقضى أكثر أيام حياته الأولى يدرِّس ويطبّب، ثم شغل منصب الوزارة في غرناطة. وهو من أشهر المفكرين العرب الذين خلَّفوا الآثار الخالدة في عدة ميادين منها: العلوم الرياضية والفلسفة والفلك، واختراع الآلات.
نقد ابن طفيل نظريات بطليموس في الفلك، وتُنسب إليه بعض النظريات الخاصة بتركيب الأجرام السماوية، ويقال إنه وُفق إلى صياغة نظام فلكي جديد يخالف ما جاء به بطليموس.
في أوائل عام 549هـ، 1154م اتصل ابن طفيل ببلاط الموحّدين في إفريقيا، وأصبح كاتم أسرار أبي سعيد ابن عبدالمؤمن والي سبتة وطنجة. اعتزل ابن طفيل مناصبه في بلاط الموحدين عام 578هـ، 1182م مخلّفًا مكانه لتلميذه ابن رشد.
ومع أن مؤرخي الأدب والفلسفة قد ذكروا لابن طفيل عددًا من الكتب والرسائل، إلا أنه لم يصل إلينا من آثاره سوى كتاب واحد هو قصة حيّ بن يقظان.
حاول ابن طفيل من خلال كتابه: حي بن يقظان أن يوجد نظامًا فلسفيًا حول النشوء الطبيعي وتطور التفكير الإنساني، وبيان أن الإنسان يتدرج بالتأمل والفكر في المعرفة من الإحاطة بما حوله من عالم المادة، حتى يستطيع أن يتصل عن طريق العقل بالله سبحانه وتعالى. وذكر ابن طفيل أن عجز العقل عن إدراك الله يقود إلى التصوف عند بعض الناس.
توفي بمراكش بالمغرب.



نور 08-31-2009 07:42 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
فوكو، ميشيل

فوكو، ميشيل (1926م - 1984م). فيلسوف فرنسي ولد في بواتييه بفرنسا وتوفي بباريس. ارتبط اسم فوكو بدراسة الأنظمة التي تحكم إنتاج المعرفة وبالتالي القوة والسيطرة في المجتمعات الغربية متبعًا في ذلك منهجًا بنيويًا ثم ما بعد بنيوي.
درس فوكو على يد الفيلسوف الفرنسي الماركسي لوي ألتوسير في المعهد المعروف باسم إيكول نورمال سوبيريور بباريس وانتهى به المطاف أستاذًا في الكوليج دي فرانس من عام 1970م وحتى وفاته. وفي هذه الأثناء أنتج فوكو عددًا من الكتب التي كان وما يزال لها تأثير عميق وشامل في الفكر الغربي. ومن تلك الكتب الجنون والحضارة (1961م)؛ الكلمات والأشياء:أركيولوجيا العلوم الإنسانية (1966م)؛ وأدِّب وعاقب: ميلاد السجن (1975م). في الكتاب الأول يدرس فوكو تطور الثقافة الغربية منذ القرن السادس عشر الميلادي محللاً ما شهدته من نقلات معرفية جاءت على شكل انكسارات ناتجة عن تغير الحقول المعرفية، أي حلول أنماط مختلفة من النظر إلى الظواهر وكيفية تحليلها وفهمها وتأثير ذلك على مختلف العلوم لاسيما الإنسانية. أما في الكتب الأخرى فنجد تحليلاً للكيفية التي يقوم بها المجتمع بإقامة مؤسسات كالسجون والعيادات لتصنيف الناس معرفيًا وعمليًا واستثناء من ينبغي استثناؤهم.
ومن كتب فوكو الهامة كتابه أركيولوجيا المعرفة (1969م) الذي تضمن محاضرته الشهيرة التي افتتح بها عمله كأستاذ في الكوليج دي فرانس بعنوان "نظام الخطاب". ويعتبر فوكو أحد الذين أشاعوا استخدام مصطلح "خطاب" بدلالات جديدة في الثقافة الغربية وغيرها من الثقافات المتأثرة بها في الوقت الحاضر. كما أن من كتبه المؤثرة آخرها، وهو الكتاب الصادر بعدة أجزاء تحت عنوان تاريخ الجنسانية (1976- 1984م). وقد مات فوكو قبل إكمال أجزاء هذا الكتاب الذي يدرس متغيرات الموقف إزاء الجنس في الثقافة الغربية منذ الإغريق. لكن أثر هذا الكتاب، مثل أثر بقية كتب فوكو، بقيت في نواح عديدة في طليعتها ما يعرف الآن بالدراسات الثقافية أو النقد الثقافي وكذلك النقد النسوي. وكان من الذين أفادوا من أفكار فوكو الناقد العربي الأمريكي إدوارد سعيد. كما أن بعض أعمال فوكو قد ترجم إلى العربية.



نور 08-31-2009 07:42 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
لوك، جون

لوك، جون ( 1632م - 1704م ). فيلسوف إنجليزي أثَّرت كتاباته في علم السياسة والفسلفة. كــــــان لكــتابه رسالتان للحــكومة (1690م) تأثير قويّ على توماس جيفرسون وهو يكتب إعلان استقلال أمريكا.

حياته. وُلد لوك في رينجتون بمقاطعة سومرست بإنجلترا، ودَرَس بجامعة أكسفورد. وفي عام 1666م التقى بأنطوني أشلي كُوبر الذي صار فيما بعد أول إيرل لشافتسبري، وربطت بين الرجلين صداقة حميمة. وفي عام 1679م تورط الإيرل في مؤامرات ضد الملك، وثارت الشكوك حول لوك أيضاً، فقرر الفيلسوف أن يرحل عن إنجلترا، وانتقل إلى هولندا عام 1683م، حيث التقى بالأمير وليم والأميرة ماري، أميرة أورانج. وفي عام 1689، صار وليم وماري حاكمي إنجلترا، فعاد لوك إليها بوصفه أحد المقربين إلى البلاط الملكي. وقد ظل لوك حتى وفاته يكتب بقدرٍ كبير من الحرية في موضوعات مثل الإصلاح التعليمي، وحرية الصحافة، والتسامح الديني.

فلسفته. أكبر أعمال لوك هو مقال عن الفهم الإنساني الذي يشرح فيه نظريته حول الوظائف التي يؤديها العقل (الذهن) عند التعرف على العالم. وقد اعترض لوك على مذهب الأفكار التي تتم بالفطرة والتلقائية، والذي كان يقول بأن الأفكار تكون جزءاً من العقل عند الميلاد، ولا يتم تعلمها أو اكتسابها فيما بعد من المصادر الخارجية. وكان لوك يرى أن الأفكار جميعها تأخذ مكانها في العقل من خلال الخبرة. وأعلن أن هناك نوعين من الخبرة: الخبرة الخارجية، والخبرة الداخلية. تُكتسب الخبرة الخارجية من حواس البصر والتذوق والسمع والشم واللمس، وهي الحواس التي تمد المرء بمعلومات عن العالم الخارجي. أما الخبرة الداخلية، فتُكتسب من خلال التفكير في العمليات العقلية التي تتم لتمحيص هذه البيانات، وهي التي تمد المرء بمعلومات حول العقل.
وكان لوك يؤمن بأن في الكون ثلاثة أنواع من الأشياء: العقول، وأنماط مختلفة من الأجساد، والإله. وللأجساد نوعان من الخواص: نوع يمكن قياسه حسابياً مثل: الطول والوزن، وهي أشياء توجد في الأجساد ذاتها؛ ونوع آخر كيفي مثل الصوت واللون، لا يوجد في الأجساد ذاتها ولكنه، باختصار، قوى تمتلكها الأجساد لتعريف العقل بمفاهيم الألوان والأصوات.
والحياة الصالحة في رأي لوك هي حياة المتعة. والمتعة والألم مفهومان مجردان يصاحبان تقريباً كل التجارب الإنسانية. ويستلزم التصرف على نحو أخلاقي تحديد أي الأفعال يمكن أن يؤدي إلى أكبر قدر من المتعة في موقف معين، وذلك قبل ممارسته. وكان لوك يؤمن أيضاً بأن الله قد وضع قانوناً إلهياً، يمكن التعرف عليه بالعقل، يكون الخروج عليه خطأ أخلاقياً. وكان لوك يرى أن هناك توافقاً بين القانون الإلهي ومبدأ المتعة.
كان لوك يعتقد أن للناس بطبيعتهم حقوقاً وواجبات معينة، مثل: الحرية والحياة وحق الملكية. وكان لوك يقصد بالحرية المساواة السياسية. وهو يرى أن مهمة أي دولة حماية حقوق الناس وأن مبرر وجود أي دولة يجب أن يتمثل في قدرتها على حماية حقوق الإنسان أكثر من قدرة الأفراد على حمايتها بأنفسهم.



نور 08-31-2009 07:42 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
الخوارزمي

البَيْروني (362 - 440هـ، 973 - 1048م). محمد بن أحمد أبو الريحان البيروني الخوارزمي. فيلسوف رياضي فلكي جغرافي مؤرخ، وُلد في بيرون إحدى ضواحي خوارزم، وتُوفي بغزْنة. كتب في كل ما كان معروفًا من علوم عصره، وهو بذلك يُعد أحد الموسوعيين. اطلع ياقوت الحموي على فهرس كتبه في مرو، حيث كان في 60 ورقة. وعلى الرغم من أن البيروني لم يكن عربيًا، إلا أنه كان مقتنعًا بأن اللغة العربية هي اللغة الوحيدة الجديرة بأن تكون لغة العلم، وقد نسب إليه أنه قال: ¸الهجو بالعربية أحب إليَّ من المدح بالفارسية·. ومن أشهر كتب البيروني: الآثار الباقيةَ عن القرون الخالية، وهو من أبرز كتب التقاويم؛ القانون المسعودي؛ الاستيعاب في صنعة الأسطُرلاب؛ تحديد نهايات الأماكن لتصحيح مسافات المساكن؛تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة؛ التفهيم لصناعة التنجيم.
وللبَيْرُوني لَمَحاتٌ علميّة سبق بها عصره منها قوله بأن وادي السند كان يومًا قاع بحر ثم غطَّته الرواسب الفَيْضيّة بالتدريج، والقول بدوران الأرض حول محْورها، ولا غرابة فيما ذهب إليه سارتون من تسمية منتصف القرن الحادي عشر الميلادي، الخامس الهجري ـ وذلك فيما يتعلق بتاريخ العلم العالميّ ـ بعصر البَيْرُوني، فهو أكبر شخصية علمية عاشت في ذلك الوقت.


نور 08-31-2009 07:42 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
أبو بكر الرازي


هو أبو بكر محمد بن زكريا الرازي (ح. 250 هـ = 864م - 5 شعبان 311هـ= 19 نوفمبر 923م)، ولد في الري في ايران.

درس الرياضيات والطب والفلسفة والفلك والكيمياء و المنطق و الأدب. أشتهر هذا العالم ببحوثه وكتاباته في مجال الطب والكيمياء. وكان أول من كتب في تشخيص الأمراض. عمل رئيسا للبيمارستان العضدي في بغداد ، و للرازي الكثير من الرسائل في شتى الأمراض وكتب في كل فروع الطب والمعروفة في ذلك العصر ، وقد ترجم بعضها إلى اللاتينية لتستمر المراجع الرئيسية في الطب حتى القرن السابع عشر ، ومن أعظم كتبه "تاريخ الطب" وكتاب "المنصوري" في الطب و كتاب "الأدوية المفردة" الذي يتضمن الوصف الدقيق لتشريح أعضاء الجسم ، وهو أول من أبتكر خيوط الجراحة ، وصنع المراهم ، و له مؤلفات في الصيدلة ساهمت في تقدم علم العقاقير .وله200 كتاب ومقال في مختاف جوانب العلوم.

كان "أبو بكر محمد بن زكريا الرازي" عالما موسوعيا من طراز فريد، وقد برز في جميع فروع العلوم؛ فكتب في الطب والفلسفة والكيمياء والرياضيات وعلم الأخلاق والميتافيزيقا والموسيقى وغيرها.

فهو في الحقيقة علامة عصره؛ حيث كانت مؤلفاته العديدة مرجعًا للعلماء والدارسين خاصة في الطب، وظلت تلك المؤلفات تدرَّس في جامعات أوروبا على مدى قرون طويلة.
الرازي والقراءة

ولد أبو بكر الرازي بالري نحو سنة 250 هـ = 864م، وعُرِفَ منذ نعومة أظفاره بحب العلم؛ فاتجه منذ وقت مبكر إلى تعلم الموسيقى والرياضيات والفلسفة، ولما بلغ الثلاثين من عمره اتجه إلى دراسة الطب والكيمياء، فبلغ فيهما شأناً عظيما، ولم يكن يفارق القراءة والبحث والنسخ، وإن جل وقته موزع بين القراءة والبحث في إجراء التجارب أو الكتابة والتصنيف.

وكان حريصًا على القراءة مواظبًا عليها خاصة في المساء، فكان يضع سراجه في مشكاة على حائط يواجهه، وينام في فراشه على ظهره ممسكًا بالكتاب حتى إذا ما غلبه النعاس وهو يقرأ سقط الكتاب على وجهه فأيقظه ليواصل القراءة من جديد.

الرازي العالم الإنسان

وعرف الرازي بذكائه الشديد وذاكرته العجيبة، فكان يحفظ كل ما يقرأ أو يسمع حتى اشتهر بذلك بين أقرانه وتلاميذه.

ولم يكن الرازي منصرفًا إلى العلم كلية زاهدًا في الدنيا، كما لم تجعله شهرته متهافتًا عليها مقبلا على لذاتها، وإنما كان يتسم بقدر كبير من الاعتدال، ويروي أنه قد اشتغل بالصيرفة زمنا قصيرا.

وقد اشتهر الرازي بالكرم والسخاء، وكان بارا بأصدقائه ومعارفه عطوفا على الفقراء والمحتاجين، وبخاصة المرضى، فكان ينفق عليهم من ماله، ويجري لهم الرواتب والجرايات حيث كان غنيا واسع الثراء، وقد امتلك بعض الجواري وأمهر الطاهيات.

وقد كانت شهرة الرازي نقمة عليه؛ فقد أثارت عليه غيرة حساده، وسخط أعدائه، فاتهمه في دينه كل من خالفهم، ورموه بالكفر ووصفوه بالزندقة، ونسبوا إليه آراء خبيثة وأقوالا سخيفة، وهي دعاوى باطلة، وافتراءات ظالمة، وللرازي نفسه من المصنفات ما يفند تلك الدعاوى، ويبطل تلك الأباطيل، ومن كتبه في ذلك كتاب في أن للعالم خالقا حكيما، وكتاب أن للإنسان خالقا متقنا حكيما، وغيرهما من المؤلفات.

وقد بلغت مؤلفات الرازي 146 مصنفا: منها 116 كتابا، و30 رسالة، وظل طوال حياته بين القراءة والتصنيف، حتى قيل إنه إنما فقد بصره من كثرة القراءة، ومن إجراء التجارب الكيميائية في المعمل.


الرازي الطبيب الأول

يعد أبو بكر الرازي أعظم علماء المسلمين في الطب من ناحية الأصالة في البحث، والخصوبة في التأليف، فقد ألف كتبًا قيمة في الطب، وقد أحدث بعضها أثرًا كبيرا في تقدمه، وفي طرق المداواة والعلاج وتشخيص الأمراض.

وقد امتازت مؤلفات الرازي بالموسوعية والشمول، بما تجمعه من علوم اليونان والهنود بالإضافة إلى أبحاثه المبتكرة وآرائه وملاحظاته التي تدل على النضج والنبوغ، كما تمتاز بالأمانة العلمية الشديدة؛ إذ إنه ينسب كل شيء نقله إلى قائله، ويرجعه إلى مصدره.

ويأتي الرازي في المرتبة الثانية بعد ابن سيناء في الطب، وقد صرف جل وقته على دراسة الطب، وممارسته بعد أن ضعف بصره نتيجة عكوفه على إجراء التجارب الكيميائية العديدة في معمله.

وكان الرازي ذكيا فطنا رءوفا بالمرضى مجتهدا في علاجهم وفي برئهم بكل وجه يقدر عليه، مواظبا على النظر في غوامض صناعة الطب، والكشف عن حقائقها وأسرارها، حتى أطلق عليه "أبو الطب العربي".

ويعد الرازي من الرواد الأوائل للطب ليس بين العلماء المسلمين فحسب، وإنما في التراث العالمي والإنساني بصفة عامة، ومن أبرز جوانب ريادة الرازي وأستاذيته وتفرده في الكثير من الجوانب:

أنه يعد مبتكر خيوط الجراحة المعروفة بالقصاب

أول من صنع مراهم الزئبق

قدم شرحا مفصلا لأمراض الأطفال والنساء والولادة والأمراض التناسلية وجراحة العيون وأمراضها.

كان من رواد البحث التجريبي في العلوم الطبية، وقد قام بنفسه ببعض التجارب على الحيوانات كالقرود، فكان يعطيها الدواء، ويلاحظ تأثيره فيها، فإذا نجح طبقه على الإنسان.

عني بتاريخ المريض وتسجيل تطورات المرض؛ حتى يتمكن من ملاحظة الحالة، وتقديم العلاج الصحيح له.

كان من دعاة العلاج بالدواء المفرد (طب الأعشاب والغذاء)، وعدم اللجوء إلى الدواء المركب إلا في الضرورة، وفي ذلك يقول: "مهما قدرت أن تعالج بدواء مفرد، فلا تعالج بدواء مركب".

كان يستفيد من دلالات تحليل الدم والبول والنبض لتشخيص المرض.

استخدم طرقًا مختلفة في علاج أنواع الأمراض.

اهتم بالنواحي النفسية للمريض، ورفع معنوياته ومحاولة إزالة مخاوفه من خلال استخدام الأساليب النفسية المعروفة حتى يشفى، فيقول في ذلك: "ينبغي للطبيب أن يوهم المريض أبدا بالصحة ويرجيه بها، وإن كان غير واثق بذلك، فمزاج الجسم تابع لأخلاق النفس".

كما اشتهر الرازي في مجال الطب الإكلينيكي، وكان واسع الأفق في هذا المجال، فقد فرق بشكل واضح بين الجدري والحصبة، وكان أول من وصف هذين المرضين وصفا دقيقا مميزا بالعلاجات الصحيحة.

وقد ذاعت شهرته في عصره حتى وصف بأنه جالينوس العرب، وقيل عنه: "كان الطب متفرقا فجمعه الرازي؟".

ولقيت بعض كتبه الطبية رواجا كبيرا وشهرة عظيمة، وانتقلت نظرياته العلمية إلى أوروبا، وقد ترجم العديد من كتبه إلى اللغات الأوروبية، واعتمدت عليها جامعات أوروبا، وظلت مرجعها الأول في الطب حتى القرن السابع عشر مثل كتابه الحاوي في علم التداوي والذي ترجم إلى اللاتينية وطبع لأول مرة في بريشيا في شمال إيطاليا عام 891 هـ = 1486م، وهو أضخم كتاب طبع بعد اختراع المطبعة مباشرة، ثم أعيد طبعه مرارًا في البندقية في القرن 10هـ = 16م، وقسم كتاب الحاوي في الطبعة اللاتينية إلى خمسة وعشرين مجلدا.

وتتضح في هذا المؤلف الضخم مهارة الرازي في الطب، وتتجلى دقة ملاحظاته وغزارة علمه وقوة استنتاجه.

وكتابه "الجدري والحصبة" أعيدت طباعته أربع مرات بين عامي 903هـ = 1498م، و1283هـ = 1866م.

أما كتابه "المنصوري" فقد طبع لأول مرة في "ميلانو" عام (886هـ = 1481م)، وأعيد طبعه مرات عديدة، وترجمت أجزاء منه إلى الفرنسية والألمانية.

وظلت تلك المؤلفات من المراجع الأساسية لدراسة الطب في أوربا حتى القرن (11هـ = 17م)، ولا تزال "جامعة برنستون" الأمريكية تحتفظ بكتب الرازي في قاعة من أفخم قاعاتها، أطلق عليها اسمه اعترافًا بفضله ومآثره على علم الطب في العالم أجمع.

مؤلفاته الطبية

يذكر كل من ابن النديم و القفطي أن الرازي كان قد دون أسماء مؤلفاته في "فهرست" وضعه لذلك الغرض . ومن المعروف أن النسخ المخطوطة لهذه المقالة قد ضاعت مع مؤلفات الرازي المفقودة. ويزيد عدد كتب الرازي على المائتي كتاب في الطب والفلسفة والكيمياء وفروع المعرفة الأخرى. ويتراوح حجمها بين الموسوعات الضخمة والمقالات القصيرة ويجدر بنا أن نوضح هنا الإبهام الشديد الذي يشوب كلا من "الحاوي في الطب" و "الجامع الكبير". وقد أخطأ مؤرخو الطب القدامى والمحدثون في اعتبار ذلك العنوانين كأنهما لكتاب واحد فقط، وذلك لترادف معنى كلمتي الحاوي والجامع.

التعريف بكتاب "الحاوي في الطب"

يتوفر الدليل في مادة "الحاوي في الطب" على أنها لمذكرات شخصية سجل الرازي فيها آراءه الخاصة، وقصص مرضاه، كما دون فيها مقتطفات من كتب الطب التي قرأها، من مؤلفات أبوقراط إلى كتب معاصريه من الأطباء.وبذلك فقد حفظ لنا الرازي من الضياع مادة بعض الكتب التي فقدت أصولها اليونانية منذ قرون عديدة . وعندي أن مذكرات "الحاوي في الطب" ليست إلا مكتبة الرازي الخاصة جمع مادتها- في القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي- من مصادر متعددة مسجلا معها خبراته الكثيرة المتواصلة. ويوحي ترتيب المادة العلمية في هذه المذكرات بأن الرازي كان يدون ملاحظاته في كراسات يضعها في حافظات. وكانت كل حافظة من حافظات الأوراق مخصصة لموضوع من الموضوعات الطبية ، وترتيبها جميعا على نظام خاص، من القرن إلى القدم وكان الرازي يدون كل ما يقرأ- حتى تلك الآراء التي حكم ببطلانها . فكان يسجل هذه مشفوعة بنقد يكتبه بوضوح تام لا لبس فيه، بعد كلمته المأثورة: "لى". وكثيرا ما نقح الرازي المادة التي نقلها من المراجع ، مسجلا تلك العبارات المنقحة عقب قوله "لى مصلح". وبذلك فقد ضرب لنا المثل الأعلى في الأمانة العلمية ذاكرا ماله وما لغيره من الأطباء والفلاسفة. واستعان الرازي بمذكراته الخاصة في تأليف كتبه الطبية التي تمتاز بجمال الأسلوب وأصالة المادة ، مثل كتاب "القولنج" ، وكتاب "المنصورى في الطب" ، وكتاب "الجدري والحصبة" ، وكتاب "الأدوية المفردة" ، وقد وجدت أصولها جميعا في مذكرات "الحاوي في الطب". ونظن أن بعض الأطباء جمعوا مذكرات الرازي الخاصة معا-بعد وفاته- وأطلقوا عليها اسم "الحاوى في الطب"، وذلك لما تحتوي عليه من دراسات وافية في كتب الأواثل. كما اهتدى علماء الغرب بنور العلم العربي، فتمت ترجمة هذه الموسوعة الطبية إلى اللاتينية سنة 1279 م، وعرفت باسم Continens .

ومما يدل على أن "الحاوي في الطب" لم يكن إلا مجموعة من المذكرات الخاصة، أن القارىء يجد ملاحظات إكلينيكية عن أمراض ووعكات أصابت الرازي نفسه كما دون الرازي فيها بيانات مفصلة عن حالات مرضاه. ومن المعروف أنه كان يؤمن بسرية المهنة، كما ذكر ذلك في كتابه "في محنة الطبيب وتعيينه" فليس من المعقول إذن أن يثبت هذه الأسرار في كتاب يعده للنشر ويضمنه أسماء مرضاه من ذكور وأناث، وفيه وصف دقيق لما يشكوه كل مريض، مع بيانات اجتماع مميزة كالمهنة ومكان السكن وسن المريض.


نور 08-31-2009 07:43 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
إثبات أن الرازي ألف موسوعة طبية، وقد أطلق عليها اسم "الجامع الكبير"

يتضح جليا لكل من يقرأ نصوص كتب الرازي ومقالاته بإمعان أنه لم يذكر كلمة "الحاوي" في أي منها. وإن كان الرازي قد ألف كتابا أطلق عليه اسم "الحاوي" فهذا- ولا شك- آخر مؤلفاته. وتختلف مادة كتاب "الحاوي" الذي قرأته في مخطوط فريد بمعهد ولكم لتاريخ الطب، رقم (WMS. Or. 123) كل الاختلاف عن مادة مذكراته الخاصة "الحاوي في الطب"

يذكر كل من ابن النديم وابن أيى أصيبعة عنوان كتاب "الجامع الكبير" ضمن مؤلفات الرازي، ويضيف كل منهما أن هذه الموسوعة العلمية تتكون من اثني عشر جزءا، إلا أنهما لا يتفقان في بيانهما لعناوين هذه الأجزاء، ثم يخطئان في تعريفهما "الجامع الكبير" بأنه كتاب "الحاوي".

وأما الرازي فإنه يذكر عنوان كتابه "الجامع الكبير" عدة مرات، بل يحدد السنين الطويلة التي قضاها في تأليف هذه الموسوعة الضخمة. فيقول في كتابه "السيرة الفلسفية": وأنه بلغ من صبري واجتهادي أني كتبت بمثل خط التعاويذ في عام واحد أكثر من عشرين ألف ورقة وبقيت في عمل "الجامع الكبير" خمس عشرة سنة أعمله الليل والنهار حتى في ضعف بصري وحدث على فسخ في عضل يدي يمنعاني في وقتي هذا عن القراءة والكتابة. وأنا على حالي لا أدعها بمقدار جهدي واستعين دائما بمن يقرأ ويكتب لي" وفي موضع آخر من كتاب "السيرة الفلسفية" يذكر الرازي عناوين بعض مؤلفاته الطبية كنموذج لكتبه التي يفتخر ويعتز بها، قائلا "وكتابنا في "الأدوية الموجودة" والموسوم "بالطب الملوكي" والكتاب الموسوم "بالجامع" الذي لم يسبقني إليه أحد من أهل المملكة ، ولا أحتذي فيه أحد بعد احتذائي وحذوي، وكتبنا في صناعة الحكمة التي هي عند العامة الكيمياء وبالجملة فقرابة مائتي كتاب ومقالة ورسالة خرجت عني إلى وقت عملي على هذه المقالة في فنون الفلسفة من العلم الطبيعي والإلهي".

كما يذكر الرازي مؤلفه "الجامع الكبير" في كتابه "المرشد أو الفصول" ثم في كتابه "الأقراباذين المختصر" الذي عثرت عليه في مخطوط واحد بمعهد ولكم لتاريخ الطب، رقم (WMS. Or. 9) (3) وكذلك يذكر الرازي اسم "الجامع الكبير" ست مرات في كتابه "الشكوك على جالينوس" مؤكدا أن مادة كتابه "الجامع الكبير" أحسن وأوضح وأوفى مما كتبه جالينوس نفسه في كتبه التي ينقدها الرازي.

وعلى ذلك، فيتضح جديا مما سبق من الادلة، وكلها من كتب الرازي، أنه ألف موسوعة طبية أطلق عليها اسم "الجامع الكبير" في اثني عشر جزءا على الأقل. وكان يعد العدة لكتابة آخرين من أجزاء "الجامع الكبير"، أحدهما "الجامع في العين" والثاني "الجامع في الحميات" ، إلا أنه توفي قبل أن يحقق تلك الأمنية.

العثور على ثلاثة أجزاء من الموسوعة الطبية المسماة "بالجامع الكبير"

قد وجدت في مخطوطات "الحاوي في الطب" مسودات لجزأين كاملين من أجزاء "الجامع الكبير" وهما: كتاب "صيدلية الطب" وكتاب "في استنباط الأسماء والأوزان والمكاييل المجهولة الواقعة في كتب الطب" كما وجدت مسودات كتاب "الجامع في الحميات" الذي كان ينوي الرازي نشره كجزء من أجزاء "الجامع الكبير". ووجدت في مخطوطات "الحاوي في الطب" أيضا مسودات كتب أخرى غير هذه، لم ينشرها الرازي إطلاقا، وهي كتبه "في البول" و "في البحران وأيامه" ، و "في تدبير الناقه".


كتاب "في الفصد والحجامة"

ألف جالينوس (130 م تقريبا- 200 م تقريبا) كتابا في الفصد في ثلاثة مقالات، وخصص المقالتين الأولى والثانية من هذا الكتاب لمناقضة أرسطوطاليس من مدرسة الإسكندرية القديمة، القرن الرابع ق. م- القرن الثالث ق. م)، ثم تلاميذ أرسطوطاليس وكانوا جميعا يمنعون من الفصد، ظنا منهم بأنه يجلب المرض.

وذكر جالينوس في المقالة الثالثة ما يراه من العلاج بالقصد. وكان الرازي يؤمن بأن القصد مفيد لعلاج بعض الأمراض. قرأت كتاب الرازي "في الفصد والحجامة" أربع عشرة مقالة- بحثا عن تجربة المقارنة التي دونها في مذكراته الخاصة "الحاوي في الطب"، وكنت قد نشرت عنها كلمة وجيزة وملخصها "أن الرازي قسم عددا من المرضى المصابين بمرض السرسام (التهاب سحائي) إلى مجموعتين. ثم فصد جميع أفراد المجموعة الأولى وترك أفراد المجموعة الثانية بدون فصد، يقول: "وتركت متعمدا جماعة استدني بذلك رأيا" ولم أعثر على هذه التجربة الشيقة في كتاب "الفصد والحجامة" ولكني كوفئت بمعلومات جديدة، لم يسبق نشرها، عن الرازي، حيث يقول: "وقد كان بمدينة مصر رجل بغدادي يتصرف في خدمة السلطان. وكان يلزمني تدبيره، وسنه يومئذ نيف وسبعون سنة. كنت أفصده في كل خمسة وعشرين يوما وما يقرب منها، في جميع الأزمنة واحتمال زيارة الرازي هذا الشيخ المسن في مصر أكثر من احتمال توجه هذا المريض مرة في خمسة وعشرين يوما إلى مدينة الري أو إلى بغداد. ومن الطريف أن يقول الرازي في كتاب "في الفصد والحجامة": "وخبرني بعض من كنت أتعلم عنده الفصد أنه عسر عليه إخراج عرق امرأة، فنهرها وزجرها ولكمها فبرزت عروقها ففصدها للوقت، واعتذر إليها وأخبرها بحيلته". كما يقول في نفس الكتاب: "وأخبرني من كنت أقرأ عليه أن المأمون افتصد. فلما أق وقت التثنية عسر خروج الدم، فأحضر المتطببين، فكل أشار بما لم يقبله. وحضر المجلس من ضمن خروج الدم بأسهل الوجوه، بعد أن يزول من حضر. فلما زالوا امتص العروق، فأنزل في فمه في الوقت".

وإذا أمعنا النظر في قول الرازي: "وأخبرني من كنت أقرأ عليه أن المأمون افتصد"ثم قوله"وخبرني بعض من كنت أتعلم عنه الفصد" لا ستدللنا على أن الرازي درس الطب على أستاذ طيب، ولكنه تعلم الفصد عند فصاد من غير الأطباء، ممن كانوا يمارسون "أعمال الطب الجزئية".

ويقول الرازي في هذا الكتاب أيضا "وقد رأيت بمدينة السلام رجلا من ولد أحمد بن عبد الملك الزيات وسنه نيف، وأربعون سنة. وكان من قصافة البدن وصفرة اللون على غاية. وكان يعرض له في كل شهر أو ما زاد قليلا أن يحمر جسمه ويختنق كأن نفسه تميط، حتى يلجأ إلى الفصد. وكان يخرج من الدم قدر خمسة عشر درهما كيلا، فكان يأنس بالراحة في الوقت. وكان الذي يعرض لهذا احتراف الدم لا كثرته. وأيضا كان هذا الرجل قد قرأ كثيرا من كتب جالينوس على معلم، ولم تكن له دربة ولا خدمة". وتدلنا هذه القصة على اسم طبيب معاصر للرازي، لم يقرن دراسة العلم بالعمل، فبقي متخلفا في مهنته. فهذا طبيب من أطباء القرن الرابع الهجري عرفنا الرازي به وبمدى تعلمه صناعة الطب.

ويقول الرازي في كتاب "المرشد أو الفصول": "ليس يكفي في أحكام صناعة الطب قراءة كتبها. بل يحتاج مع ذلك إلى مزاولة المرضى. إلا أن من قرأ الكتب ثم زاول المرضى. يستفيد من قبل التجربة كثيرا. ومن زاول المرضى من غير أن يقرأ الكتب، يفوته ويذهب عنه دلائل كثيرة، ولا يشعر بها البتة. ولا يمكن أن يلحق بها في مقدار عمره، ولو كان أكثر الناس مزاولة للمرضى ما يلحقه قارىء الكتب مع ادنى مزاولة، فيكون كما قال الله عز وجل: (وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون) (سورة يوسف آية105) .


كتاب "الشكوك على جالينوس"

هذا كتاب غزير المادة، ولم يطبع حتى الآن. وينقد الرازي لا هذا الكتاب ثمانية وعشرين كتابا من كتب جالينوس، أولها كتاب "البرهان" ، وآخرها كتاب "النبض الكبير" وأن مقتطفات الرازي من كتاب "البرهان" لجديرة بالدراسة المتعمقة، فقد كان الجزء الأكبر من هذا الكتاب الفلسفي مفقودا في زمان حنين بن إسحاق (192- 260 هـ 808 ــ 873 م) الذي ترجم ما عثر عليه من النصوص اليونانية لبعض مقالات هذا الكتاب. ويقول حنين ابن إسحاق أنه سافر إلى مدينة الإسكندرية ، باحثا عن المخطوطات النادرة الموجود لهذا الكتاب القيم .


نور 08-31-2009 07:44 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
إن نقد الرازي لكتب جالينوس لدليل قوي على اتجاه جديد محمود بين أطباء العالم العربي، فكم من أجيال توارثت النظريات والآراء العلمية الخاطئة دون أن يجرؤ أحد على نقدها أو تعديلها، خشية الخروج على العرف السائد. يقول الرازي في مقدمة كتاب "الشكوك على جالينوس ": "إني لا أعلم أن كثيرا من الناس يستجهلونني في تأليف هذا الكتاب، وكثيرا منهم يلومونني ويعنفونني أو كان يجزي إلى تحليتي تحلية من يقصد باستغنام واستلذاذ منه كذلك، إلى مناقضة رجل مثل جالينوس، في جلالته ومعرفته وتقدمه في جميع أجزاء الفلسفة، ومكانه منها؟ وأجد أنا لذلك يعلم الله مضضا في نفسي. إذ كنت قد بليت بمقابلة من هو أعظم الخلق على منة، وأكثرهم لي منفعة، وبه اهتديت، وأثره اقتفيت، ومن بحره استقيت".

وهذه مقدمة شيقة لما نسميه الآن بنقد الكتب وتقريظها، وتعبر عن الحقيقة إلى حد بعيد. فإن لجالينوس الفضل الأول في بناء صرح الطب، فقد أسهم بنصيب وافر في عامة فروع الطب، وخاصة في علمي التشريح ووظائف الأعضاء، بالإضافة إلى ما حفظ لنا في نصوص كتبه من مقتطفات من تراث الأوائل الذي قد فقد أغلبه.

ثم يتكلم الرازي كأستاذ عالم ناقد، فيقول "لكن صناعة الطب كالفلسفة لا تحتمل التسليم للرؤساء والقبول منهم، ولا مساهمتهم وترك الاستقصاء عليهم. ولا الفيلسوف يحب ذلك من تلاميذه والمتعلمين منه.. وأما من لامني وجهلني في استخراج هذه الشكوك والكلام فيها، فإني لا أرتفع به، ولا أعده فيلسوفا. إذ كان قد نبذ سنة الفلاسفة وراء ظهره وتمسك بسنة الرعاع من تقليد الرؤساء وترك الاعتراض عليهم". ويستشهد الرازي بقول ينسب إلى أرسطوطاليس، فيقول "اختلف الحق وفلاطن- وكلاهما لنا صديق (إلا أن الحق أصدق من فلاطن".

وكان جالينوس نفسه سليط اللسان، ويتضح ذلك جليا لكل من يقرأ كتبه. ويقول الرازي في ذلك: "ولا أحسب نجا منه أحد من الفلاسفة ولا من الأطباء إلا مشدوخا، وجل كلامه عليهم حق، بل لو شئت لقلت كله حق".

ويؤمن الرازي بأن "الصناعات لا تزال تزداد وتقرب من الكمال على الايام، وتجعل ما استخرجه الرجل القديم في الزمان ، الطويل (في متناول) الذي جاء من بعده في الزمان القصير حتى يحكمه، ويصير سببا يسهل له استخراج غيره به فيكون ، مثل القدماء في هذا الموضع مثل المكتسبين، ومثل من يجيء من بعد مثل المورثين المسهل لهم ما ورثوا اكتسابا أكثر وأكثر".

وإني لأقدر الصعوبات الجمة التي سوف يلقاها كل من يرمى إلى نشر كتاب "الشكوك على جالينوس" للرازي نشرا علميا محققا، لما في مخطوطاته الثلاثة من خروم وأخطاء، ومصطلحات طبية وأخرى فلسافية عسرة الفهم، كما أن الخط في المخطوطات الثلاثة دقيق وغير واضح. وكم رجعت إلى مخطوطات لكتب جالينوس بحثا عما يقتطفه الرازي منها، حتى أفهم قصد جالينوس، فيفتح لي ذلك مستغلق قول الرازي. واكتفى هنا بان أورد أمثلة قليلة من مادة كتاب "الشكوك على جالينوس"

يبين الرازي في نقده لكتاب "البرهان" ما أهمله جالينوس من ملائمة العين لوظيفتها باتساع الناظرين في الظلمة وضيقها في النور، ومنها قوله (أي قول جالينوس): "أنا إذا غمضنا إحدى العينين اتسع ثقب الناظر في الأخرى فنعلم يقينا أنه يملؤه جوهر جسمي". ويقول الرازي ردا على ذلك مباشرة: "و (ولو) كان هذا الجوهر الجسمي لا يجرى إليه إلا في حال تغمض الأخرى، لم يكن يتسعان جميعا في حالة ويضيقان في أخرى. وقد نجد النواظر كلها تتسع في الظلمة وتضيق في الضوء. هذا أحد ما ذهب على جالينوس، فلم يدركه، ولا خبر بمنفعته. والمنفعة في ذلك انه لما كان النور شديد التأثير في حاسة البصر حتى أنه يؤذيها ويؤلمها بأفرأط، والظلمة مانعة من الإبصار، احتاج البصر إلى اعتدال منهما يقع معه الإبصار بغير أذى، فهيئت العين هيئة يمكن معها أن يتسع ثقبها في حالة ويضيق في أخرى، لكن إذا كان المبصر في موضع نير جدا، أضاق فوصل من النور بمقدار ما يبصر به ولا يؤذي. وإذا كان في هواء أقل نورا، اتسع ليصل من النور أيضا ما يقع به الإبصار. كرجل له بستان يجري إليه الماء في بربخ معلوم كيلا يفسد كثرته ولا يقصر قلته. فجعل على فم هذا البربخ لوحا وصماما، يزن به الماء ليدخل بقدر حاجته. فمتى نقص الماء، شاله عن فم البربخ بقدر الحاجة ومتى زاد مدة عليه بقدر الحاجة أيضا.

وأما اتساع أحد الناظرين في حال تغميض الأخرى، فلأن الحاس الأول متى فاته من المبصر بعين واحدة ما فات، يروم أن يستدرك ذلك بالعين الأخرى، فيوسع لذلك ثقب العين المتهيء لذلك ليكشف الشبح من الجليدية بمقدار ما اقتسر عنه من العين الأخرى، أو يقارب ذلك بأكثر ما يمكن. كالرجل الذي يجري إلى بستانه ما يكفيه من الماء في مجريين. فحدث على أحدنا حادث، فاستدرك سعة المجرى الآخر ما فاته من المجرى المنسد. فقد بان أن العلة في اتساع أحد الناظرين في حال تغميض العين الأخرى ليس هو أن جوهرا جسميا يجري إلى الأخرى إذ كانا قد يتسعان ويضيقان في حال وهما مفتوحتان ليكون الاستدراك بالكشف عن الجليدية من المبصر ما فات في الآخر .

يقول الرازي: "وقد أفردت للنظر في هذا الرأي مقالة ضخمة وبينت أن الإبصار يكون بتشبح الأشباح في البصر" وجدير بمؤرخي الطب أن يبحثوا في دور الكتب التي لم تفهرس مخطوطاتها بعد، عن هذه المقالة الضخمة التي يذكرها الرازي. ويثبت مؤرخو العصور الوسطى المؤلفات الآتية للرازي في الإبصار، وكلها في حكم المفقودة: "كتاب في فضل العين على سائر الحواس"، "مقالة في المنفعة في أطراف الأجفان دائما"، "مقالة في العلة التي من أجلها تضيق النواظر في الضوء وتتسع في الظلمة"، "كتاب في شروط النظر"، و" مقالة في علاج العين بالحديد".

ومن المعروف أن الرازي كان طبيبا إكلنيكييا عظيما وفي النص التالي ما يدل أيضا على أنه كان جراحا ماهرا. ففي نقده للجزء الأول من كتاب جالينوس "في تركيب الأدوية" يقول الرازي: "فأما كتاب "قاطاجانس" فالإنسان أن يلزمه ويعدله بالحق على تطويله وتكريره الكلام في تلك المراهم، كأنه لا يشفق على الزمان، أو ليس له شغل هو أولى به. وجل تلك المراهم مما لا نستعملها نحن قط، على كثر عنايتنا لصناعة الجراحات، ومعالجة الرديئة منها، ولم نر أحدا من أصحاب الجراحات استعملها. إلا أن الإنسان أيضا يجب أن يمدحه غاية المدح ويقرظه لما علمنا في فيه من مداواة جراحات العصب. وهذا أمر عظيم من منافع هذا الكتاب".

وفي كتاب "الشكوك على جالينوس" ينقد الرازي كتاب جالينوس "في البحران" ، فيقول: "ما يتضارب العلم مع العمل، فإن جالينوس يصور الحميات بصور ثابتة أو قريبة من الثابتة، محددا أوقاتها الأربعة: الابتداء والتزيد والمنتهى ولانحطاط. وغذا طلب الطبيب ذلك بالفعل وقعت الشكوك المغلظة"، ولا يلاحظ ذلك إلا من كثرت تجربته واشتدت عنايته وزاد تفقده للأمراض فكم من مرة رأى الرازي الحمى تبتديء بنافض يشبه نافض الغب، وتصعد صعودها، ثم تصير بعد ذلك إلى حمى يوم فيبرأ المريض برءا سريعا. ويعدد الرازي حالات أخرى كثيرة غير هذه، ثم يقول في مرض أصابه فجأة: "ومنذ قريب حممت وأنا على سفر، وظهر اليرقان بي، وهو شيء لم يعتريني قط، من غير يوم النوبة في العين، وفي الماء، وذلك إني لما رأيت الماء صبيحة تلك الليلة قلت: انظروا إلى عيني، لما رأيت اليرقان في الماء. فأخبروني بما فيها منه. ثم لم يكن إلا خيرا. وكم ترصدت في البيمارستان ببغداد وفي الري، وفي منزلي، سنين كثيرة هذه المعاني وأثبت أسماء من كان أمره جرى على حكم هذه الكتب، وأسماء من جرت حالته على خلاف ذلك (كل) على حدة. فلم يكن عدد من جرى أمره منهم على الخلاف بأقل عددا فينبغي أن يطرح ولا يعبأ به، كحكم سائر الصناعات بل شيء كثير لا ينبغي لعاقل محترس أن يثق معه بهذه الطريقة غاية الثقة ويركن إليها، ويطلق القول بتقدمة المعرفة، أو ينزع إلى العلاج والتدبر بحسبها. وذلك أن من جرى أمره على الخلاف قد كانوا على الستمائة من نحو ألفي مريض ومن ذلك أمسكت عن الإنذار بما هو كائن، إلا حيث كان الأمر من وضوح الدلائل وقوتها ما لم يلزمني فيه شك. وبقيت زمانا أطلب بالتجربة والقياس تدبير الأمراض الحادة حريزا آمنا معه ألا أجني على المريض بالخطأ مع أن أخطأت، ألا يطول، مدة العلة متى وجدت".

إن رسالة الرازي في هذا النص لواضحة جلية: لأهل العلم والبحث أن يتشككوا فيما يقرؤون ولا يصدقوا إلا ما يثبت صحته بالتجربة والقياس، وكثيرا ما ردد الرازي رأيه هذا في كتابه "في خواص الأشياء".

للرازي العديد من المؤلفات الطبية التي كان لها أكبر الأثر في الارتقاء بهذا العلم وتطويره، وكانت له إنجازات عديدة فيه، ومن أبرز تلك المصنفات:

الحاوي في علم التداوي.

الجدري والحصبة.

المنصوري في التشريح.

الكافي في الطب.

من لا يحضره الطبيب.

الحصى في الكلى والمثانة.

علل المفاصل والنقرس وعرق النسا.

منافع الأغذية.

دفع مضار الأغذية.

سر الطب.

المدخل إلى الطب.

القولنج (الشلل).


نور 08-31-2009 07:44 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
جهوده في الطبيعيات

كان الرازي عالمًا طبيعيًا مجدًا، يعتمد على البحث والاستقراء والتجربة والمشاهدة العلمية، بالإضافة إلى الرؤية العقلية والبصيرة الواعية وسعة الأفق.

فقد كتب الرازي عدة مؤلفات في "الهيولي" – المادة – وتوصل منذ وقت مبكر إلى أن المادة تتركب من أجزاء صغيرة، تنقسم بدورها إلى أجزاء دقيقة، تنتهي إلى أجزاء غاية في الدقة لا تقبل التجزئة، وهو ما يطلق عليه اليوم "الذرات".

ويقول الرازي: "إن تركيب الأجسام من تلك الأجزاء التي لا تتجزأ، وسينتهي تفريق تركيب أجسام العالم – في آخر العالم – إلى تلك الأجزاء بعينها، وهذه هي الهَيُولَى المطلقة".

ويفرق الرازي بين الزمان المطلق والزمان المحدود، فالأول هو الأبد السرمدي، الذي لا أول له ولا نهاية، وهو ما عبر عنه بالدهر، أما الزمان بمعناه المحدود فهو الذي يقدر بحركة الأفلاك ودوران الشمس والكواكب، وما ينتج عنه من تعاقب الليل والنهار والفصول والأعوام.

ويقول الرازي: "إن الدهر هو عدد الأشياء الدائمة، والزمان هو عدد الأشياء الأمانية، وهذان العددان يعدان الأشياء فقط، أعني الحياة والحركة. فإن كل عادّ إما أن يعد جزءًا بعد جزء، وإما أن يعد الكل معًا".

فالعدد – عنده – اثنان فقط:

أحدهما: يعد الأشياء الدائمة الروحانية، وهو الدهر.

والآخر: يعد الأشياء الجزئية الواقعة تحت الزمان، وهو عدد حركات الفلك.

كذلك يميز "الرازي" بين نوعين من المكان:

- مكان مطلق: كالوعاء الذي يجمع أجسامًا.

- مكان مضاف: وهو مضاف إلى المتمكن (الجسم الذي يشغل مكانًا)، فإن لم يكن المتمكن لم يكن مكان.

وكان "الرازي" من أوائل الذين نادوا بكروية الأرض، وقال: إنها تفوق حجم القمر، وتقل كثيرًا عن حجم الشمس.

كما توصل إلى طريقة جديدة للتمييز بين المعادن عن طريق تعيين الثقل النوعي، وذلك من خلال تعيين ثقل حجم معين من المادة منسوبًا إلى نفس الحجم من الماء.

واستطاع بذلك التمييز بين معدني الذهب والفضلة بهذه الخاصية الطبيعية.

ولعل أهم إنجازات "الرازي" في مجال الطبيعيات، هو نقضه لنظرية الإبصار التي ظلت سائدة طوال القرون التي سبقته، والتي انتقلت إلى المسلمين عن الإغريق، وهي نظرية "إقليدس" القائلة بأن الإبصار يحدث نتيجة خروج شعاع من العين إلى الجسم المرئي، وقرر أن الإبصار يتم بخروج شعاع ضوئي من الجسم المرئي إلى العين، وهو ما أكده العلم الحديث بعد ذلك، وهو في ذلك أسبق من "ابن الهيثم" بعدة قرون.


مصنفات "الرازي" في الطبيعيات


وقد ترك "الرازي" العديد من المؤلفات الرائدة في الطبيعيات، من أبرزها:

كيفيات الإبصار.

شروط النظر.

علة جذب حجر المغناطيس للحديد.

الهيولى الكبير (المادة)

الهيولى المطلقة والجزئية.

الخلاء والملاء (الزمان والمكان).

هيئة العالم.

سبب وقوف الأرض وسط الفلك.

سبب تحرك الفلك على استدارة.


الرازي عالم الكيمياء

يعد "الرازي" من رواد علم الكيمياء، وقد أمضى شطرًا طويلاً من حياته في دراسة العلم، من خلال الممارسة العملية والتجريبية، وله فيه مؤلفات قيمة، حتى عده كثير من العلماء مؤسس الكيمياء الحديثة.

وقد اهتم "الرازي" بعلم الكيمياء؛ لأنه العلم الوحيد الذي يمكن الحصول على حقائق من خلال التجارب التي يجريها، وتقوده إلى استنتاج القوانين، ولكنه ما لبث أن ترك هذا المجال، بعد أن ضعف بصره، وتحول إلى دراسة الطب وممارسته وهو في نحو الأربعين من عمره.

وكان "الرازي" متبحرًا في ذلك العلم، واسع الاطلاع فيه، فلم يقف عند حد الاطلاع على إنتاج علماء اليونان والفرس والهنود فحسب، وإنما أضاف إلى ذلك ما وصل إليه بخبرته وممارسته وتجاربه ومشاهداته.

وقد حضَّر زيت الزاج أو الزاج الأخضر (حامض الكبريتيك) والكحول بتقطير المواد النشوية والسكرية المتخمرة.

كما عني "الرازي" بوصف المواد التي يجري عليها التجارب، والأدوات والآلات التي يستعملها، ثم طريقة العمل، كما وصف كثيرًا من الأجهزة العلمية التي كانت معروفة في عصره.

ومن الطريف أنه ربط الطب بالكيمياء، فكان ينسب الشفاء بفعل الأدوية التي يصفها الطبيب، إلى التفاعلات الكيميائية التي تتم في الجسم.

ويعد "الرازي" من تلاميذ "جابر بن حيان" العالم الكيميائي المعروف، وقد استطاع "الرازي" أن يطور كيمياء "جابر" وينظمها ويزيد عليها بما ابتكره من نظريات كثيرة ومشاهدات عديدة.


مؤلفات "الرازي" في الكيمياء

تعد مصنفات "الرازي" في الكيمياء علامة بارزة على طريق هذا العلم العريق؛ إذ تحوي الكثير من مشاهداته وملاحظاته وتجاربه واستنتاجاته، ومن تلك المؤلفات:

سر الأسرار.

التدبير.

الإكسير.

شرق الصناعة.

نكت الرموز.

الترتيب.

رسالة الخاصة.

الحجر الأصفر.

الرد على الكندي في رده على الصناعة.


الرازي الفيلسوف المغبون

كما كان "الرازي" فيلسوفًا معروفًا، وله اهتمام بالعلوم العقلية، وكان يدعو العلماء وخاصة الأطباء إلى الأخذ من العلوم الطبيعية ودراسة العلوم الفلسفية والقوانين المنطقية، ويرى أن إغفال تلك العلوم يزري بالعلماء.

واختلف "الرازي" مع المشائين المسلمين في إمكان التوفيق بين الفلسفة والدين، وتأثر بآراء "سقراط"، واتبع "أرسطو" في الكثير من أفكاره وآرائه.

كما رد في كتاباته على بعض متكلمي المعتزلة مثل "الجاحظ" و"أبي قاسم البلخي"، وكثير ممن حاولوا إدخال البراهين العلمية في الدين.

وبالرغم من الاتجاه العلمي للرازي والنزعة القلية له والتي تحكم أسلوب تفكيره ونظره إلى حقائق الأمور ومشاهدات العلوم، فإنه رفض إقحام تلك النزعة على أمور الدين؛ لأن العقل البشري يقصر عن أمور كثيرة في الكون، ومن الخطأ تحكيمه مطلقًا في أمور الدين، وقد أثار ذلك حفيظة الكثير من العلماء ضده حتى رموه بالكفر واتهموه في دينه، حسدًا منهم وغيرة بعدما بلغ مكانة لدى العامة والخاصة.

ومن أبرز مؤلفاته في المجال:

المدخل إلى المنطق.

المدخل التعليمي.

المدخل البرهاني.

الانتقام والتحرير على المعتزلة.

وتوفي "الرازي" عن عمر بلغ نحو ستين عامًا في (5 شعبان 311هـ= 19 نوفمبر 923م).




نور 08-31-2009 07:44 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
ابن باجة



أبو بكر محمد بن يحيى بن الصائغ التُجيبي السرقسطي المعروف بابن باجّه. أول مشاهير الفلاسفة العرب في الأندلس اشتغل أيضا بالسياسة والعلوم الطبيعية والفلك والرياضيات والموسيقى والطب. أسهم في الطب خاصة, توفي في فاس المغرب، مسموما سنة 529 هـ.

أهم مؤلفاته

* تأليف اشراقية
* رسائل ابن باجة الإلهية

مصنفات في الطب

* كلام على شيء من كتاب الأدوية المفردة لجالينوس
* كتاب التجربتين على أدوية بن وافد
* كتاب اختصار الحاوي للرازي
* كلام في المزاج بما هو طبي

مشروعه

عمد ابن باجة إلى العودة بالفلسفة إلى أصولها الأرسطية خالصة كما هي في كتب أرسطو مبتعدا عن أفكار العرفان و الأفلاطونية المحدثة فكان بذلك أحد أفراد تيار تجديدي أندلسي حاول فصل الأفكار العرفانية التي اختلطت كثيرا بالفكر الإسلامي و الذي بدأ بمشروع ابن حزم الذي عمد إلى تأسيس منهج العودة إلى الأصول و استبعاد القياس في الفقه و استأنف بعد ابن باجه باين رشد الذي عمد إلى فصل نظام البيان الفقهي عن نظام البرهان الفلسفي. بمصطلح آخر فصل الدين عن الفلسفة كأنظمة استنتاجية و ربطهما عن طريق الغايات و الأهداف.


فلسفته

* في الإنسان : " كل حي يشارك الجمادات في أمور، وكل إنسان يشارك الحيوان في أمور.. لكن الإنسان يتميز عن الحيوان غير الناطق والجماد والنبات بالقوة الفكرية، ولا يكون إنساناً إلا بها ".
* في منازل الناس :
o المرتبة الجمهورية: وهؤلاء لا ينظرون إلا للمعقول.
o المرتبة النظرية : وهؤلاء ينظرون إلى الموضوعات اولاً، وإلى المعقول ثانياً ولأجل الموضوعات.
o مرتبة السعداء : وهم الذين يرون الشيء بنفسه.


نور 08-31-2009 07:45 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
ابن الهيثم


هو العالم العربي محمد بن الحسن بن الحسن بن الهيثم أبو على البصري، عالم بصريات وهندسة له العديد من المؤلفات والمكتشفات العلمية التي أكدها العلم الحديث.

مولده ونشأته

ولد ابن الهيثم في مدينة البصرة في العراق سنة 354 هـ- 965 ميلادية، في عصر كان يشهد ازدهارا في مختلف العلوم من رياضيات وفلك وطب وغيرها، هناك أنكب على دراسة الهندسة والبصريات وقراءة كتب من سبقوه من علماء اليونان والعالم الأندلسي الزهراوي وغيرهم في هذا المجال، كتب عدة رسائل وكتب في تلك العلوم وساهم على وضع القواعد الرئيسية لها, وأكمل ما كان قد بدئه العالم الكبير الزهراوي.

في القاهرة

رغّب الحاكم إلى ابن الهيثم الحضور إلى مصر والاستقرار فيها، فلما وصل أكرمه، وطلب منه تنفيذ ما قاله بخصوص النيل، فذهب الحسن إلى أسوان ومعه جماعة من الصناع المحترفين في أعمال البناء ليستعين بهم على تنفيذ فكرته التي خطرت له، غير أنه لما عاين الموقع الذي اختاره لتنفيذ مشروعه وجده لا يصلح مع ما فكر فيه، وأن تنفيذه يكاد يكون مستحيلا، فبناء جسم على النيل في ذلك الوقت تفوق إمكانات عصره وفوق طاقة رجاله، فعاد الحسن بن الهيثم خجلا إلى القاهرة، واعتذر للخليفة الحاكم، فتظاهر بقبول عذره، وولاه بعض الدواوين، فتولاها ابن الهيثم رهبة لا رغبة، ولو أنصف الحاكم لجعله في زمرة من جمعهم من العلماء في دار الحكمة ولصرفه عن الوظيفة، فما كان لمثله أن يصلح لهذا العمل، وهو الذي اعتاد حياة البحث والدراسة.

غير أن توليه هذا المنصب لم يكن ليجعله في مأمن من نزوات الحاكم الطائشة، وهو متقلب المزاج، سريع البطش والعقاب، وخشي ابن الهيثم من هذه التقلبات، وفي الوقت نفسه لم يكن قادرًا على التخلي عن عمله والانسحاب منه؛ خوفًا من غدر الحاكم بأمر الله، فلم يجد وسيلة للتخلص مما فيه إلا ادعاء الجنون وإظهار البله والعته، فلما بلغ الحاكم ذلك عزله عن منصبه وصادر أمواله، وأمر بحبسه في منزله، وجعل عليه من يخدمه، وظل العالم النابه على هذه الحالة التعسة حتى تُوفي الحاكم بأمر الله، فعاد إلى الظهور والاشتغال بالعلم، واستوطن دارًا بالقرب من الجامع الأزهر، وأقام بالقاهرة مشتغلا بالعلم والتصنيف ونسخ الكتب القديمة حتى توفي سنة (430هـ= 1038م) تقريبًا.

نشاطه العلمي واكتشافاته




كان ابن الهيثم غزير التأليف متدفق الإنتاج في شتي أنواع المعرفة، فطرق الفلسفة والمنطق والطب والفلك والبصريات والرياضيات، مستحدثًا أنماطًا جديدة من الفكر العلمي الأصيل، وقد بلغ عدد مؤلفاته مائتي مؤلف بالإضافة للرسائل الفكرية والمقالات الأخرى، ويتعجب المرء: كيف اتسعت الحياة لرجل ليؤلف فيها كل هذه الكتب المتنوعة في فروع مختلفة من العلم، مع ما فيها من الدقة وغزارة العلم والتجديد والابتكار؟ لكنه فضل الله يؤتيه من يشاء.

وقد ألف ابن الهيثم في البصريات ما يقرب من أربعة وعشرين موضوعًا ما بين كتاب ورسالة ومقالة، غير أن أكثر هذه الكتب قد فُقدت فيما فقد من تراثنا العلمي، وما بقي منها فقد ضمته مكتبات إستانبول ولندن وغيرهما، وقد سلم من الضياع كتابه العظيم "المناظر" الذي احتوى على نظريات مبتكرة في علم الضوء، وظل المرجع الرئيسي لهذا العلم حتى القرن السابع عشر الميلادي بعد ترجمته إلى اللاتينية.

والحسن بن الهيثم هو أول مَن بَيَّنَ خطأ نظرية إقليدس وغيره في أن شعاع الضوء ينبعث من العين ويقع على المبصَر، وقرر عكس هذه النظرية، في أن شعاع الضوء يخرج من الشيء المبصر ويقع على العين، واستدل بالتجربة والمشاهدة على أن امتداد شعاع الضوء يكون على خط مستقيم.

وعرف ابن الهيثم الأجسام الشفافة، وهي التي ينفذ منها الضوء ويدرك البصر ما وراءها كالهواء والماء، وبيّن أن الضوء إذا نفذ من وسط شفاف إلى آخر شفاف انعطف عن استقامته.

وبحث في انكسار الأشعة الضوئية عند نفاذها في الهواء المحيط بالكرة الأرضية، وبين أن كثافة الهواء في الطبقات السفلى أكبر منها في الطبقات العليا، وأن الهواء لا يمتد من غير نهاية، وإنما ينتهي عند ارتفاع معين، فإذا مر شعاع من الضوء خلال هذه الطبقات الهوائية المختلفة الكثافة فإنه ينكسر رويدًا رويدًا وينحني تدريجيًا نحو سطح الأرض، ويترتب على ذلك أن النجم أو الكوكب الذي ترقبه العين يظهر في موضع أقرب من موضعه الحقيقي، وأشار إلى الخطأ الذي ينشأ عن ذلك في الرصد وإلى وجوب تصحيحه.

وشرح الحسن بن الهيثم كيفية حدوث الرؤية، وبين في ذلك تركيب العين، وما يؤديه كل جزء من أجزائها من الأعمال، وقد عزى حدوث الرؤية إلى تكوّن صور المرئيات على ما نسميه الآن "شبكية العين" وانتقال التأثير الحاصل بوساطة العصب البصري، وعلل رؤية الشيء واحدًا على الرغم من النظر إليه بعينين اثنتين بوقوع الصورتين على جزأين متماثلين من الشبكية، وعالج موضوع العدسات وقوة تكبيرها. ويعد ما كتبه في هذا الموضوع ممهدًا لاستخدام العدسات لإصلاح عيوب العين.

وكان لهذه الجهود أثرها في تقدم ورقي علم الضوء ونيل تقدير العلماء، فوصفه جورج ساتون وهو من كبار مؤرخي العلم بقوله "هو أعظم عالم فيزيائي مسلم، وأحد كبار العلماء الذين بحثوا في البصريات في جميع العصور"، وقد تُرجمت بحوثه في البصريات إلى اللاتينية والإيطالية، فأفادت كبلر واعتمد عليها في بحوثه، وخلاصة القول أن ابن الهيثم جعل علم الضوء يتخذ صبغة جديدة، وينشأ نشأة أخرى غير نشأته الأولى، حتى أصبح أثره في علم الضوء يشبه تأثير نيوتن العام في علم الميكانيكا، فكانت المعلومات في علم الضوء قبل ابن الهيثم متفرقة لا يربطها رابط، فأعاد البحث فيها من جيد، واتجه في بحثه وجهة لم يسبقه إليها أحد من قبله، فأصلح الأخطاء وأتم النقص، وابتكر المستحدث من البحوث، وأضاف الجديد من الكشوف، واستطاع أو يؤلف من ذلك كله وحدة مترابطة الأجزاء، وأقام الأساس الذي انبنى عليه صرح علم الضوء.

وإلى جانب ذلك كانت له مساهماته في الهندسة، وله فيها ثمانية وخمسون مؤلفًا، تضم آراءه وبراهينه المبتكرة لمسائل تواترت عن إقليدس وأرخميدس بدون برهان أو في حاجة إلى شرح وإثبات. ويوجد في مكتبات العالم في القاهرة ولندن وباريس وإستانبول أكثر من واحد وعشرين مخطوطا لابن الهيثم في هذا التخصص، وفي الحساب والجبر والمقابلة ألّف ما لا يقل عن عشرة كتب، لا يوجد منها سوى مخطوطات قليلة في مكتبة عاطف بتركيا منها: حساب المعاملات، واستخراج مسألة عددية.

وفي الفلك أبدع ابن الهيثم وأسهم فيه بفاعلية حتى أُطلق عليه "بطليموس الثاني"، ولم يصلنا من تراث ابن الهيثم في الفلكيات إلا نحو سبع عشرة مقالة من أربعة وعشرين تأليفًا، تحدث فيها عن أبعاد الأجرام السماوية وأحجامها وكيفية رؤيتها وغير ذلك.

وله في الطب كتابان: أحدهما في "تقويم الصناعة الطبية" ضمّنه خلاصة ثلاثين كتابا قرأها لجالينوس، والآخر "مقالة في الرد على أبي الفرج عبد الله بن الطيب" لإبطال رأيه الذي يخالف فيه رأي جالينوس، وله أيضًا رسالة في تشريح العين وكيفية الإبصار.

أشهر أعماله

المناظر (أو علم الضوء) - صورة الكسوف - اختلاف منظر القمر - رؤية الكواكب - التنبيه على ما في الرصد من الغلط - تربيــــع الدائرة - أصول المساحة - أعمدة المثلثات - المرايا المحرقة بالقطـــــوع - المرايا المحرقة بالدوائر - كيفـيات الإظلال - رســــــالة في الشفق - شــرح أصول إقليدس في الهندسـة والــعدد - الجامع فـي أصول الحساب - تحليل المسائل الهندسية - تحليل المسائل العـددية. ولابن الهيثم أكثر من 80 كتابا ورسالة، عرض فيها لسير الكواكب والقمر والأجرام السماوية وأبعادها.

مؤلفاته

لابن الهيثم الكثير من المؤلفات التي يصل عددها الى ثمانين كتابا ورسالة في مختلف العلوم، ولعل أهم تلك المؤلفات كتاب المناظر الذي وضع فيه نظريته المعروفة التي أصبحت أساس علم البصريات فيما بعد وتنص على ان العين تتمكن من الرؤية بانبعاث أشعة من الأجسام باتجاهها وهذا ما اثبته العلم الحديث مخالفا بذلك العالم اليوناني بطليموس الذي قال ان العين تخرج أشعة باتجاه الاجسام للتتمكن من رؤيتها.
تأثيره على العلم الحديث

درس إبن الهيثم ظواهر إنكسار الضوء وإنعكاسه بشكل مفصّل ، وخالف الآراء القديمة كنظريات بطليموس ، فنفى ان الرؤية تتم بواسطة أشعة تنبعث من العين ، كما أرسى أساسيات علم العدسات وشرّح العين تشريحا كاملا .

وفاته

توفي ابن الهيثم في مدينة القاهرة في مصر سنة 1038 م عن عمر 73 عام.

بحث فلاسفة اليونان القدماء وعلماؤها في علم الضوء، ولم تكن بحوثهم وافية أو عميقة، فذهب إقليدس في بحوثه إلى أن العين تحدث في الجسم الشفاف المتوسط بينها وبين المبصرات شعاعًا ينبعث منها، وأن الأشياء التي يقع عليها هذا الشعاع تُبْصَر، والتي لا يقع عليها لا تبصر، وأن الأشياء التي تبصر من زاوية كبيرة تُرى كبيرة، والتي تبصر من زاوية صغيرة ترى صغيرة، وظلت البحوث في علم الضوء تدور في هذا الفلك دون تقدم أو رقي، حتى جاء الحسن بن الهيثم فصحح هذه الأخطاء، وخطى بعلم الضوء خطوات واسعة، بلغ فيه ما لم يبلغه من قبل، ولم يتجاوزه من بعده إلا بعد مضي قرون عديدة.

وعلى الرغم من مكانة ابن الهيثم وبحوثه المبتكرة في علم الضوء، فقد ظل مغمورًا، لا يعرفه كثير من الناس، ولولا أن قيض الله له من يكشف عن جهوده ويجلي آثاره، لبقي في مجاهل النسيان، وكان العالم العربي مصطفى نظيف واحدًا من هؤلاء، فقد كتب عنه دراسة رائدة نشرتها جامعة القاهرة في مجلدين، بذل فيها جهدًا مضنيًا في قراءة مخطوطات ابن الهيثم ومئات المراجع، حتى خلص إلى حقيقة صادقة بأن ابن الهيثم هو واضع أسس علم الضوء بالمعنى الحديث.

انتقال أعماله إلى أوربا

وقد عني كمال الدين الفارسي ببحوث ابن الهيثم في البصريات ودرسها دراسة وافية وألف في ذلك كتابه المعروف "تنقيح المناظر لذوي الأبصار والبصائر"، وعن طريق هذا الكتاب عرفت أوروبا الكثير عن ابن الهيثم وأعماله وجهوده في علم الضوء، حيث نشر هذا الكتاب مترجمًا في مدينة بال بسويسرا سنة (980هـ= 1572)، وإن كان قد سبق نشره قبل اختراع الطباعة من قبل "جيرار دي كريمونا" أشهر المترجمين في إسبانيا، الذي اهتم بإنشاء أضخم مجموعة فلكية سنة (676هـ= 1277م) عن العلماء العرب، وهذه الكتب استفادت منها إسبانيا والبرتغال في رحلاتهما البحرية في المحيط الأطلنطي بفضل الأزياج الفلكية (الجداول الفلكية) والمعلومات الرياضية التي خلفها العلماء العرب.

وعن طريق هذه الترجمات لأعمال ابن الهيثم تأثر روجر بيكون وجون پكام وفيتلو في بحوثهم، فكتاب جون پكام الموسوم بالمنظور ليس إلا اقتباسًا ناقصًا من كتاب ابن الهيثم في البصريات، وأما كتاب فيتلو الذي ألفه سنة (669هـ= 1270م) فمأخوذ في قسم كبير منه عن ابن الهيثم، ولا يتجاوز النتائج التي وصل إليها.



نور 08-31-2009 07:45 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
بو الريحان البيروني


هو أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني (و. 362 هـ/973 - 3 رجب 440هـ/12 ديسمبر 1048م) أحد كبار علماء وفلاسفة المسلمين.

هو أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني، ولد في ذي الحجة 362 هـ/973 بضاحية من ضواحي خوارزم، ويذكر بعض المؤرخين أنه منسوب إلى بيرون وهي من مدن السند (في باكستان اليوم)، ولكن الأرجح أنه من خوارزم ولكن لكثرة مقامه خارجها أطلق عليه "البيروني"، وهي تعني "الغريب" أو الآتي من خارج البلدة، وقد التبس اسمه مع الخوارزمي الرياضي الشهير عند بعض المحدثين. وقد اختلفت المصادر في أصله: هل هو فارسي أم تركي؟ وهذا الأمر لن يزيد أو ينقص منه شيئًا.

لا يؤرخ مؤرخ لأبي الريحان إلا ويقر له بالعظمة في العلم، بل ويصل بعض مؤرخي العلوم من الغربيين إلى أنه من أعظم العلماء في كل العصور والأزمان، مثل "جورج سارتن" – المؤرخ العلمي الشهير، صاحب كتاب تاريخ العلم -.

ولم يكن البيروني يطلب المال بعلمه، فقد أرسل له أحد ملوك الهند "محمود الغزنوي" حِمل فيل من الفضة، فاعتذر عن قبوله لعدم حاجته إليه، ولم يكن ساعيًا لمنصب، فقد حدَّد أحد الملوك إقامته في بيته؛ لأنه أصر على رأيه المعارض للملك، ولم يكن راهب علم وحسب، بل كان رجل سياسة وفكر، تولى العديد من المناصب الهامة في الدولة، ولا نبالغ إذا قلنا: إنه لولا عمله في السياسة لتضاعفت مؤلفاته، وكان أصحاب العقول من الملوك يقولون له:
العلم من أشرف الولايات يأتيه كل الورى ولا ياتي

والله لولا الطقوس الدنيوية لما استدعيتك، فالعلم يعلو "ولا يُعلى". قد عاصر البيروني العديد من ملوك وسلاطين الهند وخوارزم، من أمثال أبو العباس المأمون، ومحمود الغازي بن سبكتكين، وابنه مسعود الغزنوي.

وقد كان للبيروني علاقات بمختلف علماء عصره، من أمثال ابن سينا والفلكي أبي سهل عيسى النصراني، وقد أتقن البيروني العديد من اللغات إلى جانب الخوارزمية – لغة بلده - والعربية، فقد أتقن الفارسية والسريانية والسنسكريتية (لغة مستخدمة في الهند) واليونانية، وقد ساعده ذلك على الاطلاع على أصول العلوم في لغاتها الأصلية دون التورط في الترجمات وأخطائها المحتملة.

وقد كتب أبو الريحان عددًا كبيرًا من المؤلفات في مختلف العلوم، ونقل في كتبه آراء علماء الشرق والغرب القدماء، وناقشها وأضاف إليها، فوضع المؤلفات في مناقشة المسائل العلمية المختلفة، مثل وصفه لصورة واضحة في تثليث الزوايا في حساب المثلثات والدائرة، وبحث بحثًا مستفيضًا في خطوط الطول والعرض، ودوران الأرض حول محورها، كما بحث في الفرق بين سرعة الضوء وسرعة الصوت، وأوضح الفرق الكبير بين سرعتيهما، كما استخدم قاعدة الأواني المستطرقة في شرح تدفق الينابيع والآبار الارتوازية، هذا بالإضافة إلى ما كتبه في تاريخ الهند.

أهم كتبه

ومن أهم ما كتب البيروني كتاب "الصيدنة" وهو في علم الصيدلة (ويطلق عليه في التراث الأقرباذين)، وكتاب "الجماهر في معرفة الجواهر" وهو من أنفس ما كتب؛ إذ في هذا الكتاب يوضح أنواع الأحجار والجواهر وخصائصها الطبيعية، ويوضح كيفية قياس الوزن النوعي لها، وفي قياسه للأوزان النوعية يوضح الأوزان النوعية لبعض العناصر بما لا يخرج عما استقر عندنا الآن في ظل العلوم الحديثة.

الكتاب الأول: كتاب "الصيدنة"

هذا المخطوط يقع في 427 صفحة، والنسخة الموجودة مؤرخة بتاريخ 678هـ، وهي بخط إبراهيم بن محمد التبريزي، وقد نقلها الناسخ عن نسخة بخط المؤلف الأصلي وهو البيروني.

والمخطوطة مقسمة إلى مقدمة وخمسة فصول:

الفصل الأول

وفيه عرف لغويًّا كلمة "الصيدنة" و"صيدناني" وأنها معربة عن "جندل" و"جندناني" وهما كلمتان هنديتان تعبران عن بائع العطور والأعشاب والأدوية، والقائم بمزجها، وحرف "ج" الهندي يقلب "ص" في العربية، وأصل "الجندل" هو نبات شهير عند الهنود والعرب، وهو في العربية "الصندل"، ثم أوضح أن لفظة "الصيدلاني" أفضل في التعبير عن هذه المهنة، وهذه اللفظة التي اختارها هي المستقرة في اللغة العربية اليوم، وقام بتعريف مهنة الصيدلاني بأنها "وهو المحترف بجمع الأدوية على أحمد صورها واختيار الأجود من أنواعها، مفردة ومركبة على أفضل التراكيب التي خلَّدها مبرزو أهل الطب، وهذه هي أولى مراتب صناعة الطب...".

الفصل الثاني

وفيه قام بشرح الأدوية والعقاقير، والابتداء كان بتعريف أصل كلمة "عقار" وهي كلمة سريانية تعني الجرثومة وتعني الدواء القاضي عليها، وقد قسَّم العقاقير إلى ثلاثة أنواع:

- الأدوية. – الأغذية. – السموم.

وكل منها فيه ما هو مفرد وما قد يكون مركبًا، وأن الدواء السُّمّي يحتاج إلى محترف بارع مجرب حتى يخفف أثر السم، ويحصل على فائدته للجسم العليل.

الفصل الثالث

وفيه يشرح البيروني أنواعًا من الأدوية المفردة، وأنواعًا من المركبة، ثم يقوم بشرح دور الصيدلاني في أمرين:

أحدهما الحذف: وهو أن ينقص الدواء من أحد العناصر الموصوفة من الطبيب متى عجز عن توفيره، وهذا حرصًا على توفير الدواء الممكن لعلاج المريض، ولكن يجب أن يفقه الصيدلاني أهمية العنصر لسائر العناصر ودوره في علاج المرض.

والثاني التبديل: وهو إبدال عنصر مكان عنصر، وذلك في حالة إذا ما توفر نوع قريب الشبه في الخصائص والأداء في الجسم من عنصر مفقود، وهذا يحتاج إلى معرفة دقيقة بخصائص العناصر المختلفة وأدائها في الأجسام وعملها مع غيرها من العناصر في إزالة العلل من الأجساد، وهذا قد يتطلب تغيير نسب الدواء المنصوص عليها، وهذا يحتاج إلى خبرة ومعرفة طويلة، وذلك حتى لا يجلب الضر للمريض بدلاً من الشفاء؛ وهنا يشيد البيروني بالأطباء والصيادلة اليونان وفضلهم في هذا المجال.

الفصل الرابع

وفيه يشرح البيروني مآثر اللغة العربية وقدرتها على التعبير عن سائر الأفكار والعلوم، وفضلها على سائر اللغات الأخرى، وسعتها في تقبل المصطلحات العلمية الوافرة من العلوم المترجمة من الحضارات والثقافات الأخرى.

الفصل الخامس

وفي هذا الفصل يشرح طرائق الحصول على العلوم والمعارف من منابعها الأصلية، وأهمية معرفة لغات عديدة، ويقول عن نفسه: إنه يعرف أسماء الأدوية والعقاقير في اللغات المختلفة، ويوضح خطورة الخطأ في قراءة اسم العقار، خاصة أن العربية بها خاصية التشكيل التي قد تغير معنى اللفظة تغييرًا كليًّا، ويضرب الأمثلة على ذلك من خلال عرضه لبعض الروايات في صرف أدوية خطأ بسبب القراءة المغلوطة لاسم الدواء، ثم بدأ في عرض أسماء مجموعة كبيرة من الأدوية، مع شرح دور كل عنصر فيها وخصائصه، واسمه في اللغات المختلفة، وقد جعل ذلك على حروف المعجم.

وفي شرحه للعناصر نجد أمورًا يوردها في بساطة على أنها من الأمور المشهورة والمعروفة عنده، وهي مما اكتُشف حديثًا، مثل حديثه عن "الإسرنج" وهو أكسيد الرصاص الأحمر وكيف تؤثر النار فيه، وفعل الكبريت المنصهر أو بخاره في هذا الأكسيد، وتغيُّر لون الأكسيد في كل تجربة.

كذلك يصف طريقة تحضير "الزنجار" وهي كربونات النحاس القاعدية وكيفية استعمالها في التهابات العيون، ووضّح الفرق بينها وبين كبريتات النحاس، وأن الأولى تتحول إلى اللون الأحمر الغامق عند التسخين بعكس الثانية، وهو ما عرف الآن أن كربونات النحاس تتحلل بالتسخين إلى أكسيد النحاس وثاني أكسيد الكربون، أما كبريتات النحاس فلا تتغير في اللون.

وكذلك يصف استخراج الزئبق فيقول "وأحجاره حُمْر تنشق في الكُور (أي في الفرن الساخن) فيسيل الزئبق منها".

ومن هذا العرض المختصر نستطيع أن نتعرف على صورة من أداء العلماء في علم الصيدلة، وكيف جمعوا تراث من قبلهم، وأضافوا إليه، ونقلوه إلينا، ولكن لما كانت أيدينا مشغولة بقتال بعضنا بعضًا، أخذ آخرون هذه العلوم، وصاروا بها قادة لركب الحضارة الإنسانية.

وسوف يزداد اليقين بدور علماء الإسلام في كتاب البيروني الثاني "الجماهر في معرفة الجواهر".


وبلغ من تقدير الهيئات العلمية لجهود البيروني أن أصدرت أكاديمية العلوم السوفيتية في سنة (1370هـ= 1950م) مجلدًا تذكاريًا عنه بمناسبة مرور ألف سنة على مولده، وكذلك فعلت الهند. وأنشأت جمهورية أوزبكستان جامعة باسم البيروني في طشقند؛ تقديرًا لمآثره العلمية، وأقيم له في المتحف الجيولوجي بجامعة موسكو تمثال يخلد ذكراه، باعتباره أحد عمالقة علماء الجيولوجيا في العالم على مر العصور، وأطلق اسمه على بعض معالم القمر.

استقبال الحياة

استقبلت إحدى قرى مدينة "كاث" عاصمة خوارزم مولودًا ميمونًا هو أبو الريحان محمد بن أحمد الخوارزمي المعروف بالبيروني في (2 ذو الحجة 362هـ= 4 من سبتمبر 973م)، والبيرون كلمة فارسية الأصل تعني "ظاهر" أو خارج. ويفسر السمعاني في كتابه "الأنساب" سبب تسمية أبي الريحان بهذه النسبة بقوله: "ومن المحتمل أن تكون عائلة أبي الريحان من المشتغلين بالتجارة خارج المدينة، حيث بعض التجار كانوا يعيشون خارج أسوار المدينة للتخلص من مكوس دخول البضائع إلى داخل مدينة كاث".

ولا تُعرف تفاصيل كثيرة عن حياة البيروني في طفولته، وإن كان لا يختلف في نشأته عن كثير من أطفال المسلمين، حيث يُدفعون إلى من يعلمهم مبادئ القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم، ودراسة شيء من الفقه والحديث وهو ما تستقيم به حياتهم. ويبدو أنه مال منذ وقت مبكر إلى دراسة الرياضيات والفلك والجغرافيا، وشغف بتعلم اللغات، فكان يتقن الفارسية والعربية، والسريانية، واليونانية، وتلقى العلم على يد أبي نصر منصور بن علي بن عراق، أحد أمراء أسرة بني عراق الحاكمة لخوارزم، وكان عالمًا مشهورًا في الرياضيات والفلك.


نور 08-31-2009 07:46 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
في طلب العلم

أجبرت الاضطرابات والقلاقل التي نشبت في خوارزم البيروني على مغادرتها إلى "الري" سنة (384هـ= 994م)، وفي أثناء إقامته بها التقى بالعالم الفلكي "الخوجندي" المتوفى سنة (390هـ= 1000م) وأجرى معه بعض الأرصاد والبحوث، ثم عاد إلى بلاده وواصل عمله في إجراء الأرصاد، ثم لم يلبث أن شد الرحال إلى "جرجان" سنة (388هـ= 998م) والتحق ببلاط السلطان قابوس بن وشمكير، الملقب بشمس المعالي، وكان محبًّا للعلم، يحفل بلاطه بجهابذة العلم وأساطين المعرفة، وتزخر مكتبته بنفائس الكتب، وهناك التقى مع "ابن سينا" وناظَرَه، واتصل بالطبيب الفلكي المشهور أبي سهل عيسي بن يحيى المسيحي، وتتلمذ على يديه، وشاركه في بحوثه.

وفي أثناء إقامته بكنف السلطان قابوس بن وشمكير أنجز أول مؤلفاته الكبرى "الآثار الباقية من القرون الخالية"، وهو كتاب في التاريخ العام يتناول التواريخ والتقويم التي كانت تستخدمها العرب قبل الإسلام واليهود والروم والهنود، ويبين تواريخ الملوك من عهد آدم حتى وقته، وفيه جداول تفصيلية للأشهر الفارسية والعبرية والرومية والهندية، ويبين كيفية استخراج التواريخ بعضها من بعض.

وظل البيروني في جرجان محل تقدير وإجلال حتى أطاحت ثورة غاشمة ببلاط السلطان قابوس سنة (400 هـ= 1009م) فرجع إلى وطنه بعد غياب، واستقر في مدينة "جرجانية" التي أصبحت عاصمة للدولة الخوارزمية، والتحق بمجلس العلوم الذي أقامه أمير خوارزم مأمون بن مأمون. وكان يزامله في هذا المجمع العلمي الرئيس ابن سينا، والمؤرخ والفيلسوف ابن مسكويه.

عرف أمير خوارزم قدر البيروني فأحله منزلة عالية، واتخذه مستشارًا له، وأسكنه معه في قصره، وظل في معيته سبع سنوات، واصَلَ في أثنائها بحوثه في الفلك حتى استولى السلطان محمود الغزنوني على خوارزم وضمها إلى مُلكه، فانتقل إلى بلاطه، ورحل معه إلى بلاده سنة (407هـ= 1016م).

في بلاط الغزنويين

عاش البيروني في "غزنة" (كابول الآن) مشتغلا بالفلك وغيره من العلوم، ورافق السلطان محمود الغزنوي في فتوحاته الظافرة في بلاد الهند، وقد هيأ له ذلك أن يحيط بعلوم الهند، حيث عكف على دراسة لغتها، واختلط مع علمائها، ووقف على ما عندهم من العلم والمعرفة، واطلع على كتبهم في العلوم والرياضيات، ودرس جغرافية الهند من سهول ووديان وجبال وغيرها، إضافة إلى عاداتها وتقاليدها ومعتقداتها المختلفة، ودوّن ذلك كله في كتابه الكبير "تحقيق لما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة".

وبعد تولي السلطان مسعود بن محمود الغزنوي الحكم خلفًا لأبيه سنة (421هـ= 1030م)، قرب إليه البيروني، وألحقه بمعيته، وأحاطه بما يستحق من مكانة وتقدير، حتى إنه عندما كتب موسوعته النفيسة في علم الفلك أطلق عليها "القانون المسعودي في الحياة والنجوم" وأهداها إلى السلطان مسعود الذي أحسن مكافأته، فبعث إليه بحمل فيلٍ من القطع الفضية، غير أن البيروني اعتذر عن قبول الهدية؛ لأنه يعمل دون انتظار أجر أو مكافأة، وظل البيروني بعد رجوعه من الهند مقيمًا في غزنة منقطعًا إلى البحث والدرس حتى توفاه الله.

القانون المسعودي


ويعد كتاب القانون المسعودي أهم مؤلفات البيروني في علم الفلك والجغرافيا والهندسة، وهو يحتوي على إحدى عشرة مقالة، كل منها مقسم إلى أبواب. وفي المقالة الرابعة من الكتاب جمع النتائج التي توصَّل إليها علماء الفلك في الهند واليونان والمعاصرون له، ولم يطمئن هو إلى تلك النتائج لاختلافها فيما بينها؛ ولذلك قرر أن يقوم بأرصاده الخاصة بنفسه، ولم يكتف بمرة واحدة بل أربع مرات على فترات متباعدة، بدأها وهو لم يتجاوز الخامسة والعشرين، حيث قرر أن يصنع آلته الخاصة ليرصد بها أعماله الفلكية، وليضع حدا لحيرته من تضارب نتائج علماء الفلك، وقام بتعيين الجهات الأصلية وتحديد الأوقات، ومعرفة فصول السنة، ورصد حركة أوج الشمس، وهو أبعد المواقع السنوية بين الشمس والأرض، وقام بقياس طول السنة على وجه دقيق، ودرس كسوف الشمس وخسوف القمر والفرق بينهما، وفسر أسباب ظهور الفجر قبل شروق الشمس باستنامة الغلاف الجوي، وبالمثل شفق ما بعد الغروب وأوقاتهما، وشرح الأسباب التي تمنع رؤية الهلال حتى مع وجوده في الأفق، وأوضح بالطريق الهندسي الحدود النسبية بين القمر والشمس، والتي عليها تعتمد ظروف رؤية الهلال ما لم تتدخل العوامل الجوية، وأوضح الفرق بين النجوم (الكواكب الثابتة) والكواكب السيارة، وابتكر البيروني الإسطرلاب الأسطواني الذي لم يقتصر على رصد الكواكب والنجوم فقط، بل استُخدم أيضًا في تحديد أبعاد الأجسام البعيدة عن سطح الأرض وارتفاعها. كما اخترع جهازًا خاصًا يبين أوقات الصلاة بكل دقة وإتقان.

إسهاماته الحضارية الأخرى


وتجاوزت بحوث البيروني مجال الفلك إلى مجالات أخرى تشمل الفيزياء والجيولوجيا والتعدين والصيدلة والرياضيات والتاريخ والحضارة.

وتشمل جهوده في الفيزياء بعض الأبحاث في الضوء، وهو يشارك الحسن بن الهيثم في القوال: بأن شعاع النور يأتي من الجسم المرئي إلى العين لا العكس، كما كان معتقدًا من قبل. وورد في بعض مؤلفاته شروح وتطبيقات لبعض الظواهر التي تتعلق بضغط السوائل وتوازنها. وشرح صعود مياه الفوارات والعيون إلى أعلى، وتجمع مياه الآبار بالرشح من الجوانب، حيث يكون مأخذها من المياه القريبة إليها.

وفي مجال التعدين ابتكر البيروني جهازا مخروطيًا لقياس الوزن النوعي للفلزات والأحجار الكريمة، وهو يعد أقدم مقياس لكثافة المعادن، وقد نجح في التوصل إلى الوزن النوعي لثمانية عشر مركبًا.

وفي مجال علم الأرض وضع نظرية لاستخدام امتداد محيط الأرض، وقد أوردها في آخر كتابه "الإسطرلاب". واستعمل معادلة معروفة عند العلماء بقاعدة البيروني لحساب نصف قطر الأرض، وتضمنت بحوثه ومؤلفاته في هذا الميدان نظريات وآراء حول قدم الأرض وعمرها وما اعتراها من ثورات وبراكين وزلازل وعوامل تعرية. وله نظريات حول تكوين القشرة الأرضية، وما طرأ على اليابسة والماء من تطورات خلال الأزمنة الجيولوجية. وله بحوث في حقيقة الحفريات، وكان يرى أنها لكائنات حية عاشت في العصور القديمة. وما توصل إليه في هذا الصدد أقره علماء الجيولوجيا في عصرنا الحالي.

ويقر "سميث" في كتابه "تاريخ الرياضيات" بأن البيروني كان ألمع علماء عصره في الرياضيات، وهو من الذين بحثوا في تقسيم الزاوية إلى ثلاثة أقسام متساوية، وكان ملمًا بحساب المثلثات، وكتبه فيها تدل على أنه عرف قانون تناسب الجيوب، وقد عمل جداول رياضية للجيب والظل.

وفي علم الصيدلة ألف كتابه "الصيدنة في الطب"، وهو يُعد ذخيرةً علمية ومرجعًا وافيًا في مجال الصيدلة، وهو ينقسم إلى قسمين:

أولهما: هو ديباجة في فن الصيدلة والعلاج مع تعريفات وإيضاحات تاريخية مفيدة. وتمثل المقدمة إضافة عظيمة للصيدلة، وتناول في هذا القسم المسئوليات والخطوات التي يجب على الصيدلي أن يلتزم بها.

ثانيهما: للمادة الطبية، فأورد كثيرًا من العقاقير مرتبة حسب حروف المعجم، مع ذكر أسمائها المعروفة بها في اللغات المختلفة، وطبائعها ومواطنها وتخزينها وتأثيراتها وقواها العلاجية وجرعاتها.

وتفوق البيروني في مجال الجغرافيا الفلكية، وله فيها بحوث قيمة وهو يعد من مؤسسي ذلك العلم، ونبغ أيضًا في الجغرافيا الرياضية، وبخاصة تحديد خطوط الطول والعرض ومسافات البلدان، وله فيها عشرة مؤلفات، وجاءت أبحاثه في الجغرافيا الطبيعية على نسق رفيع ومستوى عال من الفهم. وله في فن رسم الخرائط مبتكرات كثيرة، فقام بعمل خريطة مستديرة للعالم في كتابه "التفهيم لأوائل صناعة التنجيم" لبيان موضع البحار، وله أبحاث كثيرة في كيفية نقل صورة الأرض الكروية إلى الورق المسطح، ومن كتبه في هذا الميدان: "تسطيح الصور وتبطيح الكور"، "تحديد المعمورة وتصحيحها في الصورة".

وكان البيروني لا يستبعد نظريًّا احتمال أن يكون النصف الغربي من الكرة الأرضية معمورًا قبل اكتشاف الأمريكتين، وعند وصفه لتضاريس الأرض ومسالك البحار والمحيطات تكلم للمرة الأولى على أنه ليس ما يمنع من اتصال المحيط الهندي بالمحيط الأطلنطي جنوبي القارة الأفريقية على عكس ما كان شائعًا في ذلك الوقت.


ولم يكُفَّ هذا العالم لحظة عن البحث والدرس، وأثمرت هذه الحياة العلمية الجادة عما يزيد عن مائة وعشرين مؤلفًا، نقل بعضها إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية واللاتينية، وأخذ عنها الغربيون، واستفادوا منها، ومن هذه المؤلفات غير ما ذكرنا:

- الرسائل المتفرقة في الهيئة، وهي تحتوي على إحدى عشرة رسالة في علوم مختلفة، وقد طبعتها دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن بالهند سنة (1367هـ= 1948م).

- الجماهر في معرفة الجواهر، وهو من أهم مؤلفات البيروني في علوم المعادن، وطبع في حيدر آباد الدكن بالهند (1355هـ=1936م).

- استخراج الأوتار في الدائرة بخواص الخط المنحني فيها، وطبع أيضًا بالهند.

- جوامع الموجود لخواطر الهنود في حساب التنجيم.

-تحديد نهايات الأماكن لتصحيح مسافات المساكن، وطبع محققًا بعناية المستشرق الروسي بولجاكوف، ونشره معهد المخطوطات العربية سنة 1962م.

-في تهذيب الأقوال في تصحيح العرض والأطوال.

وإلى جانب التأليف نقل البيروني اثنين وعشرين كتابًا من تراث الهند العلمي إلى اللغة العربية، وترجم بعض المؤلفات الرياضية من التراث اليوناني مثل كتاب أصول إقليدس، وكتاب المجسطي لبطليموس.

أيامه الأخيرة

وظل البيروني حتى آخر حياته شغوفًا بالعلم مقبلا عليه، متفانيًا في طلبه. ويروي المؤرخ الكبير ياقوت الحموي في كتابه معجم الأدباء ما يغني عن الكلام في مدى تعلق البيروني بمسائل العلم حتى الرمق الأخير، فيقول على لسان القاضي علي بن عيسي، قال: "دخلت على أبي الريحان وهو يجود بنفسه قد حَشْرَج نفسُه، وضاق به صدره، فقال لي وهو في تلك الحال: كيف قلت لي يومًا حساب المجدَّات الفاسدة (من مسائل المواريث) فقلت له إشفاقًا عليه: أفي هذه الحالة! قال لي: يا هذا أودّع الدنيا وأنا عالم بهذه المسألة، ألا يكون خيرًا من أن أخلّيها وأنا جاهل لها؛ فأعدت ذلك عليه، وحفظه… وخرجت من عنده وأنا في الطريق سمعت الصراخ…"، وكان ذلك في غزنة في (3 رجب 440هـ= 12 ديسمبر 1048م).


مؤلفاته

* الصيدنة.
* الجماهر في معرفة الجواهر.




نور 08-31-2009 07:46 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
نصير الدين الطوسي


نصير الدين محمد بن محمد بن حسن الطوسي (16 فبراير 1201/11 جمادى الأولى 597 هـ - 25 يونيو 1274/18 ذو الحجة 672 هـ) عالم فارسي فذ في مختلف المجالات، ورجل سياسة. مؤلفاته (بالعربية) في علم الفلك والرياضيات والفلسفة والفقه جد جليلة. اجتاح المغول بلاده فهرب إلى قلعة الموت والتحق بالحشاشين حيث تحول من الشيعة الإثنى عشرية إلى الإسماعيلية وفي تلك الفترة أبدع في دراساته العلمية أثناء تنقله من مدينة لأخرى تحت وطأة الغزو المغولي. بعد ذلك التحق بالمغول وانضم لجيش هولاكو وكان من مستشاريه لغزو بغداد.

واسمه الكامل هو : أبو جعفر محمد بن محمد بن الحسن نصير الدين الطوسي، ولد في مدينة طوس، قرب نيسابور (فارس) سنة 597هـ (1201م)، وتوفي في بغداد سنة 672هـ (1274م). ودرس على كمال الدين بن يونس الموصلي وعلى عبد المعين سالم بن بدران المعتزلي.

بدأ حياته العملية كفلكي للوالي نصير الدين عبد الرحمن بن أبي منصور في سرتخت. وبلغ الطوسي مكانة كبيرة في عصره، فقد كرمه الخلفاء وجالس الأمراء والوزراء، وهو ما أثار عليه حسد الحاسدين، فوشوا به وحكم عليه بالسجن في قلعة "ألموت"، مع السماح له بمتابعة أبحاثه، فكتب معظم مصنفاته العلمية في هذه القلعة.

ولما استولى هولاكو، ملك المغول، على بغداد (656هـ1258-م)، أراد أن يستفيد من علماء أعدائه العباسيين، فأطلق سراح الطوسي وقربه إليه وأسند إليه نظارة الوقف. ثم عينه على رأس مرصد مدينة مراغة (إيران) الذي تم إنشاؤه بطلب من الطوسي. وفي هذا المرصد، كان الطوسي يشرف على أعمال عدد كبير من الفلكيين الذين استدعاهم هولاكو من مختلف أنحاء العالم. ومنهم المؤيد العُرْضِي من دمشق، والفخر المراغي من الموصل، ونجم الدين القزويني، ومحيى الدين المغربي. وقد اشتهر هذا المرصد بآلاته وبمقدرته في الرصد. وبنى بالمرصد مكتبة عظيمة ملأها من الكتب التي نهبت من بغداد والشام والجزيرة. وقدر عدد الكتب بها بنحو أربعمائة ألف مجلد.

إسهاماته العلمية

كتب الطوسي في المثلثات، وفي الهيئة، والجبر، وإنشاء الأسطرلابات وكيفية استعمالها. ففي المثلثات كان الطوسي أول من جعلها مستقلة عن الفلك. كما ابتكر براهين جديدة لمسائل فلكية متنوعة. وهو أول من استعمل الحالات الست للمثلث الكروي القائم الزاوية. ويقول كارادي فو إن الطوسى قد بسط في كتابه "الشكل الرباعي" : علم المثلثات بأوضح أسلوب وأسهله، أولاً على طريقة منالاووس وبطليموس، ثم على طرق استنبطها هو مشيراً إلى نتائجها. وقاعدته التي سماها "قاعدة الأشكال المتتامة"، تخالف استعمال نظرية بطليموس في الأشكال الرباعية.

وتساوي عبقرية نصير الدين الطوسي الهندسية عبقريته الفلكية. فقد برع الطوسي في معالجة المتوازيات الهندسية، وجرب أن يبرهنها، وبنى برهانه على فروض. وقد ذكر سارطون أن الطوسى برهن في "كتاب التذكرة" على عدد من المسائل الهندسية. ويمتاز الطوسى في بحوثه الهندسية بإحاطته الكلية بالمبادئ والقضايا الأساس التي تقوم عليها الهندسة، ولا سيما ما يتعلق بالمتوازيات.

وله في الفلك إسهامات وإضافات مهمة، فقد أوضح كثيراً من النظريات الفلكية، وانتقد كتاب "المجسطي"، واقترح نظاماً فلكياً أبسط من النظام الذي وضعه بطليموس، فمهد بذلك الطريق أمام الإصلاحات التي جاء بها كوبرنيك فيما بعد. وللطوسي أيضاً بحوث في الكرة السماوية ونظام الكواكب.


الرسالة الأسطرلابية للطوسي, إصفهان 1505


أعماله

كتب نصير الدين في المثلثات، والفلك، والجبر، والهندسة، والحساب، والتقاويم، والطب، والجغرافية، والمنطق، والأخلاق، والموسيقي، وغيرها من المواضيع. كما ترجم بعض كتب اليونان وعلق على مواضيعها شارحاً ومنتقداً. ومن أشهر مؤلفاته :

* "تجريد العقائد" – A major work on al-Kalam (Islamic scholastic philosophy).
* "التذكرة في علم الهيئة" – A memoir on the science of astronomy. Many commentaries were written about this work called شرح التذكِرة - التعليقات كتبها عبد العلي, البرجندي, ومن نظّام نيسابوري.
* "Akhlaq-i-Nasri" – A work on ethics.
* "الرسالة الأسطرلابية".
* "كتاب شكل القطاع"، وهو أول مؤلف فرق بين حساب المثلثات وعلم الفلك. يقول عنه كارادي فو : "وهو مؤلف من الصنف الممتاز في علم المثلثات الكروية". ترجم إلى اللاتينية والفرنسية والإنجليزية، وظل الأوربيون يعتمدون عليه لعدة قرون.
* "التذكرة النصيرية"، وهو كتاب عام لعلم الفلك. أوضح فيه كثيراً من النظريات الفلكية، وفيه انتقد "كتاب المجسطي" لبطليموس. ويعترف "سارطون" بأن هذا الانتقاد يدل على عبقرية الطوسي وطول باعه في الفلك.
* "زيج الإيلخاني" يشتمل على حسابات أرصاده التي قام بها خلال اثنتي عشرة سنة ؛
* "كتاب قواعد الهندسة" ؛
* "كتاب في الجبر والمقابلة" ؛
* "كتاب ظاهرات الفلك" ؛
* "كتاب تحرير المناظر" في البصريات.

وقد كتب نصير الدين مصنفاته بالعربية والفارسية، وترجمت إلى اللاتينية وغيرها من اللغات الأوربية في العصور الوسطى، كما تم طبع العديد منها.

وخلاصة القول، فقد كان الطوسي من أعظم علماء الإسلام ومن أكبر رياضييهم، فقد أسهم بشكل كبير في تطوير العلوم ولا سيما الفلك والرياضيات، وظلت كتبه مراجع لعدة قرون، ونالت شهرة كبيرة بفضل ما قدم مؤلفها من إسهامات غنية


نور 08-31-2009 07:47 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
خنوفانس




خـِنوفانِس من كولوفون (570 ق.م. - 480 ق.م.) فيلسوف يوناني، شاعر، وناقد إجتماعي وديني . معرفتنا بوجهاتِ نظره تقتصر على شعرِه الباقي والذي يتضمن هجاء ونقدا لمجموعة واسعة من الأفكار الإغريقية مثل الإعتقاد بالپانثيون .


وكما أن هيوم Hume قد أيقظ "كانت"، كذلك كان أكسانوفان Xenophanes هو الذي دفع بارمنيدس إلى الاشتغال بالفلسفة، ولعل عقل بارمنيدس كان واحداً من عقول كثيرة أثارها قول أكسانوفان إن الآلهة ليست إلا أساطير، وإنه لا توجد إلا حقيقة واحدة هي العالم والله جميعاً. كذلك درس بارمنيدس مع الفيثاغوريين وسرى فيه شغفهم بعلم الفلك، ولكنه لم يضل في بيداء النجوم، بل كان كمعظم فلاسفة اليونان يهتم بالشئون الحية ومنها شئون الدولة. وقد كلفته إيليا أن يضع لها قوانينها، فلما وضعها أعجبت به إعجاباً جعلها تطلب إلى جميع قضاتها أن يحكموا في جميع القضايا بمقتضاها. ولعله أراد أن يرفِّه عن نفسه في حياته المفعمة بالعمل، فأنشأ قصيدة فلسفية في الطبيعة بقي منها إلى الآن نحو مائة وستين بيتاً تكفي لأن نأسف لأن بارمنيدس لم يكتب نثراً. وفي هذه القصيدة يعلن الشاعر، وهو يغمز بعينه، أن إلهة قد أوحت إليه أن الأشياء جميعها وحدة، وأن الحركة، والتغير، والنمو، أشياء غير حقيقية، فهي خيالات لمشاعر سطحية، متعارضة تافهة، وأن من وراء هذه المظاهر وحدة، متجانسة لا تتبدل، ولا تنقسم، ولا تتحلل، ولا تتحرك، وهي وحدة الكائنات، والحقيقة التي لا حقيقة سواها، والإله الذي لا إله غيره. لقد كان هرقليطس يقول إن كل شيء يتغير Panta Rei أما بارمنيدس فيقول إن الأشياء بأجمعها كل واحد أبداً Hen Ta Panta. وهو في بعض الأحيان يقول كما يقول أكسانوفان إن هذا الواحد هو الكون، ويصفه بأنه شبه كرى ومحدود، وكان في بعض الأحيان حين ينظر إليه نظرة فكرية مجردة يرى أن هذا الكائن هو الفكر ويقول: "إن الفكر والكون شيء واحد". وكأنه يريد بهذا أن يفهمنا أن الأشياء لا وجود لها في إدراكنا، وأن البداية والنهاية، والمولد والموت، والتكوين والتدمير، لا تصيب إلا الأشكال والصور، أما الواحد الحق فلا بداية له ولا نهاية، وليس ثمة صيرورة، وليس ثمة إلا وجود، وأن الحركة أيضاً غير حقيقية لأنها تفترض انتقال شي من المكان الذي هو فيه إلى مكان لا يوجد فيه شي أي إلى الفراغ، ولكن الفراغ الذي هو غير كائن لا يمكن أن يكون، إذ ليس ثمة فراغ قط، لأن الواحد يملأ كل ركن وكل شق في العالم، وهو ساكن سكوناً سرمدياً .

ولم يكن ينتظر بطبيعة الحال أن يستمع الناس إلى هذه الأقوال كلها وهم صابرون، ويبدو أن السكون البارمنيدي كان الهدف الذي صوبت إليه مئات من الهجمات الميتافيزيقية. وترجع أهمية زينون الإليائي الحصيف تلميذ بارمنيدس إلى محاولته إثبات أن فكرتي التعدد والحركة كانتا من الوجهة النظرية على الأقل مستحيلتين كاستحالة واحد بارمنيدس الثابت القديم الحركة - وأراد زينون أن يدرب نفسه على الضلال والمشاكسة، وأن يسلي شبابه في الوقت نفسه، فألف كتاباً في المتناقضات وصلت إلينا تسع منها، حسبنا أن نورد منها ثلاثاً: وأولى هذه المتناقضات كما يقول زينون أن الجسم لكي يتحرك إلى نقطة أ لا بد أن يصل إلى ب وهي منتصف طريقه إلى أ، ولكي يصل إلى ب يجب أن يصل أولا إلى ج منتصف طريقه إلى ب، وهكذا إلى ما لا نهاية. وإذ كانت هذه السلسلة التي لا نهاية لها من الحركات تتطلب قدراً لا نهاية له من الزمن، فإن تحرك أي جسم إلى أية نقطة في زمن محدد أمر مستحيل. والثانية وهي صورة أخرى من الأولى أن أخيل السريع العدو لا يستطيع أن يدرك السلحفاة البطيئة. وذلك لأنه كلما وصل إلى النقطة التي كانت فيها السلحفاة، تكون السلحفاة في هذه اللحظة نفسها قد انتقلت من هذه النقطة. والثالثة أن السهم الطائر في الهواء هو في الحقيقة ساكن غير متحرك، لأنه في كل لحظة من طيرانه لا يكون إلا في نقطة واحدة في الفضاء، أي أنه يكون ساكناً، وحركته منطقياً وميتافيزيقياً غير حقيقية مهما بدا للحواس أنها واقعة فعلاً .




نور 08-31-2009 07:47 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
رابندراناث طاغور



رابندرانات طاغور شاعر وفيلسوف هندي. ولد عام 1857 في القسم البنغالى من مدينة كالكتا وتلقى تعليمه في منزل الأسرة على يد أبيه ديبندرانات وأشقاؤه ومدرس يدعى دفيجندرانات الذي كان عالماً وكاتباً مسرحياً وشاعراً وكذلك درس رياضة الجودو. درس طاغور اللغة السنسكريتية لغته الأم وآدابها واللغة الإنجليزية ونال جائزة نوبل في الآداب عام 1913 وأنشأ مدرسة فلسفية معروفة باسم فيسفا بهاراتي أو الجامعة الهندية للتعليم العالى في عام 1918 في اقليم شانتي نيكتان بغرب البنغال.


عرف طاغور في رؤيا أن الحب الإنساني واحد مع حب الطبيعة وحب الله؛ يقول في ذكرياتـه:

كانت الشمس تشرق بتؤدة فوق أوراق الأشجار […]؛ وفجأة، بدا وكأن نقاباً انزاح من أمام ناظري. لقد أبصرت العالم كله مغموراً بمجد يفوق الوصف؛ أمواج من الفرح والجمال تومض وتتصادم من كل صوب […] لم يكن ثمة شيء أو أحد لم أكن أحبه في تلك اللحظة […] وفي كلية رؤياي لاح لي أنني كنت شاهداً على حركات جسم الإنسانية بأسرها، شاعراً بموسيقى وبإيقاع رقصة سرية.

في العام التالي انتحرت شقيقته، مما سبب له صدمة هائلة. وقاده ذلك إلى محبة الإنسانية جمعاء، بدلاً من التمسك بالحب الفردي والخاص. وتتالت الأحداث المؤلمة في حياته، لكنها كانت تعضد باستمرار روح اللاتعلق عنده. فبين عامي 1902 و 1918، انتزع منه الموت زوجه وثلاثة من أطفاله ووالده. لقد أحس إنه مثل زهرة انتُزِعت بتلاتها واحدة تلو الأخرى، وأصبحت كالثمرة التي سيأتي الموت ليقطفها في كمال نضجها كتقدمة لرب الحياة. ومع ذلك، فقد جعل منه صفاؤه الواسع وضبطه لنفسه وخضوعه أمام الله الذي ورثه من والده، إنساناً نادر العظمة. لم يكن الموت سراً بالنسبة له، ولم يكن ليستدعي الألم. وهكذا، كانت إحدى أغنياته التي استلهمها غاندي منه تقول:

أنا هذا البخور الذي لا يضوع عطره ما لم يُحرق،

أنا هذا القنديل الذي لا يشع ضوؤه ما لم يُشعَل.

كان طاغور يتمتع بموهبة تحويل الألم إلى فرح. وكان يحب الحياة إلى حد أنه أراد ألا يضيع قداستها بالوقوف عند ما تسببه حركتها من شعور بالألم. كانت مهمته مزدوجة: اكتشاف ربه، إله الجمال، في الطبيعة والجسد والفكر والقول والفعل، وتحويل الحياة وتعديلها لتصبح جميلة بكليتها. كتب في الـسادهانا ("تحقيق الحياة"):

أين يمكنني أن ألقاك، إن لم يكن في بيتي الذي أصبح بيتك؟ وأين يمكنني الانضمام إليك، إن لم يكن في عملي الذي صار عملك؟ إذا غادرت بيتي لن أبلغ بيتك… إذا قعدت عن عملي محال عليّ أن أنضم إليك في عملك؛ إذ إنك تقيم فيّ وأنا فيك.

لقد انعكست روحه هذه على مركز التربية شانتي نيكيتان (أو "مرفأ السلام") الذي أسسه عام 1901، فأصبح بؤرة ديناميّة خلاقة لهذا الجمال، حيث تفتح فيه الشعر والرسم والموسيقى والرقص والمسرح والعلوم. لقد حقق طاغور من خلال هذه المدرسة الرؤيا التي عبر عنها في مؤلفه الوحدة المبدعة، حيث تعطي الطبيعة للإنسان معنى التوق إلى اللانهائي. فالإنسان في الطبيعة إنسان حرّ، "ليس في اعتبار الطبيعة كمصدر لتأمين معيشته، بل كينبوع لتحقيق انجذابات روحه إلى ما هو أبعد منه هو نفسه."

لقد فجّرت المعاني السامية للمحبة التي عبر عنها في جيتنجالي أملاً جديداً للإنسانية وهي غارقة في الحرب العالمية الأولى. وعندما كان طاغور يرتقب الموت مريضاً ببصيرة صافية، وكانت الحرب العالمية الثانية قد اندلعت، أعلن في يوم مولده الثمانين:

عندما أجول ببصري من حولي، أقع على أطلال مدنية مغرورة تنهار وتتبعثر في أكوام هائلة من التفاهة والعبث. ومع ذلك فلن أذعن للخطيئة المميتة في فقدان الإيمان بالإنسان؛ بل إنني بالحري سأثبِّت نظري نحو مطلع فصل جديد من فصول تاريخه، عندما تنتهي الكارثة ويعود المناخ رائقاً ومتناغماً مع روح الخدمة والتضحية […] سيأتي يوم يعاود فيه الإنسان، ذلك الكائن الأبيّ، خطّ مسيرته الظافرة على الرغم من كافة العراقيل، ليعثر على ميراثه الإنساني الضائع.

كانت فلسفة طاغور فلسفة الأمل والثقة بالإنسان، المبنية على تفتح روحه، وتطور وعيه، وتحقيق طاقاته. ولهذا فقد ارتبطت المثالية الإنسانية عند طاغور بالعمل والتطبيق، وكان هو نفسه مثالاً لكل مبدأ أعلنه أو فكرة نادى بها.

أهم أعماله

* (جيتانجالي) أو القربان الشعري
* جورا (رواية)
* كتب البريد (مسرحية)

أهم أفكاره

* نبذه لفكرة التعصب والتى سادت بين كثير من الطوائف والأديان في الهند المقسمة وتجلى ذلك في روايته (جورا) التي فضحت التعصب الهندوسى فتسبب ذلك استياء أهله ،فسافر إلى إنجلترا عام 1909 ليصيب شهرة بعد ترجمة العديد من أعماله للغة الإنجليزية.

* محبة الإنسانية جمعاء بدلاً من التمسك بالحب الفردى والخاص وكان ذلك بعد فقده لأمه وانتحار شقيقته وكذلك وفاة زوجه وثلاثة من أطفاله ووالده.

* اختلافه مع الزعيم الروحى الهندى غاندي الذي اعتمد على بساطة العيش والزهد كسلاح لمقاومة الاستعمار الانجليزى وهو ما رآه طاغور تسطيحاً لقضية المقاومة وهو أول شاعر آسيوي حصل على جائزة نوبل.
قصيدة أراك

فى خيال الغابة البعيده فى أشياء القلب الضائعه فى اسماع البحر المتأرجحه فى ناقوس الوحده وضوء الغرفة الخافت بين أغراضى المبعثره واوراقى الممزقه فى كل الوجوه الضائعه الباحثه عن الطريق وأين الطريق؟ أهو ذلك المرسوم بين عينيك أم هذا المنقوش على يديك لا أدرى ربما لو ضممتينى إلى صدرك الدفيئ ربما وقتها شعرت بالأحجار والرمال الممتده ووقتها أجد الطريق لا تبتعدى عنى كثيرا أنت لم تجربى الوحدة بعد لم تجربى أن تعشقى حتى تفنى الناس لم تمرى على طريق رسم فيه عبق حبيبك هل تسمحين لى أن أسمى نفسى كذلك؟ لا تبتعدى فإن الهواء سيفتقد عطرك الكربونى وأنا لم أعتده بدونه

ما هي المرأة ؟

هي الوحي في فكر العقول تهفو .. هي الزهر في روض الغرام تنمو .. هي الطير في جو الهيام تعلو .. هي النجم في لثام الحب تبدو .. هي القمر في ظلام الليل تزهو .. هي الشمس في فضاء الكون تسمو .. هي السعادة في سماء الحب ترنو .. هي الروح في أجواء العواطف تجثو .. هي الجمال في معاني الحنان تشدو .. هي الفتنة في ألوان الجاذبية تغدو .. هي الحب في قضايا العشاق تشكو .. هي قبلات في ليالي الربيع تحلو ..



مواقفه السياسية

طاغور (إلى اليمين، علىthe dais) مستضيفاً مهاتما غاندي وزوجته كاستوربا في سانتينيكتان في 1940.


وفاته

توفى طاغور عن عمر يناهز 84 عاماً وذلك في عام 1941



نور 08-31-2009 07:47 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
سون تزو


سون تسو (Sun Tzu) اسمه سون وو، ولقبه تشانغ تشينغ ، وهو من مواليد محافظة هوي مين بمقاطعة شاندونغ بالصين اليوم، عاش في فترة مملكة "تشي" في عصر الممالك المتحاربة (551 - 479 ق.م) وكان يعمل آنذاك كقائد عسكري في خدمة المملكة، وذاع صيته بعد تأليفه لكتاب فن الحرب.

ولد سون وو في عام 551 قبل الميلاد، وعاش حتى عام 496 قبل الميلاد، وذاع صيته بسبب عبقريته العسكرية التي اشتهر بها، وهو كتب مجموعة من المقالات العسكرية الاستراتيجية، حملت اسم كتاب فن الحرب. عاصر سون وو نهايات عصر "الربيع والخريف" الذي شهد تحول المجتمع الصيني من مجتمع العبيد إلى المجتمع الإقطاعي، حيث كثرت الحروب بين أكثر من 130 مملكة صغيرة، ما أدى في النهاية لظهور خمس ممالك قوية تنازعت فيما بينها على السلطة والحكم. هذه الحروب الطويلة لم تكن بمعزل عن سون تزو، إذ زادت من خبرته العسكرية وعمدت إلى صقل مواهبه وزادت من حكمته.

رحل سون وو إلى مملكة وو في شرق الصين (إلى الغرب من مدينة شنجهاي اليوم)، حيث عمد إلى وضع الكتابة الأولى لمؤلفه: فن الحرب، وبلغت شهرة كتاباته الملك، حيث قدم سون وو 13 مقالة حول فن الحرب للملك الذي وبعد أن قرأها أولاها قدراً وتقديرا عاليين، جعله يعين سون تزو قائداً عاماً لجيش مملكة تشي، الذي عمد بعدها إلى تدريب الجنود وصقل مهاراتهم وتوسيع أطراف المملكة، وساعد على تحقيق الانتصار تلو الآخر وتوسعة تخوم المملكة.

مع توالي الانتصارات، زاد غرور الملك، وأصبح متكبرا لا يستمع إلى آراء واقتراحات الآخرين، ما دفع سون وو إلى ترك الملك والعيش في قرية بعيدة في الغابات، وحسب خبراته التي اكتسبها في تدريب القوات والحروب والقتال، عدل مؤلفه وجعله كاملاً منقحاً. بعد وفاة سون وو، تحول اسمه إلى سون تزو، وكلمة تزو في اللغة الصينية مثل كلمة أستاذ في اللغة العربية، وهي تعني الرجل الذي بلغ المراتب العليا في العلم والفلسفة.

يشتمل كتاب "فن الحرب" على ستة آلاف جملة /مقطع، ضمن 13 باب/مقالة، يجسد خلالها الأفكار العسكرية لسون تزو، واحتوى كذلك من بعده على شرح وتعليق من كبار القادة العسكريين الصينيين الذي تلوا سون تزو. أُطلق على "فن الحرب" أول كتاب عسكري قديم في العالم، والكتاب المقدس للدراسات العسكرية، واُستخدمت الأفكار النظرية والأفكار الفلسفية في الكتاب في المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية وغيرها بصورة واسعة.





نور 08-31-2009 07:48 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
إرازموس


إيرازموس (باللاتينية: Desiderius Erasmus Roterodamus) عاش في (روتردام ح. 1469- بال 1536 م) هو فيلسوف هولندي، من رواد الحركة الإنسانية في أوروبا ، كان يكتب باللغة اللاتينية.

تمتع إيرازموس بشخصية مستقلة كما عرف عنه طبعه الساخر (مناظرة في مدح الجنون)، قام بالتعليق على نصوص العهد الجديد ، وحاول أن يضع مبادئ الحركة الإنسانية حسب التوجهات المسيحية، كما أراد أن يقرب بين أتباع المذهب الكاثوليكي وأتباع الحركات الإصلاحية الجديدة.

النشأة

ولد أعظم عالم بالإنسانيات عام 1466 أو عام 1469 في روتردام أو بالقرب منها وهو الابن الثاني غير الشرعي لجيرارد وهو كاتب في أدنى الدرجات. وأمه مرجريت ابنة طبيبة وأرملة. ويبدو أن الأب رسم قسيساً عقب هذه الكارثة ولا ندري كيف سمي الصبي بالاسم السخيف ديزيدريوس أرازموس ومعناه الحبيب المرغوب فيه. ولقد علمه مدرسوه الأوائل القراءة والكتابة باللغة الهولندية ولكنه عندما ذهب ليدرس مع أخوة الحياة المشتركة في ديفنتر غرم لأنه كان يتحدث بلغته الوطنية فقد كانت اللغة اللاتينية هناك "الزاد الرئيسي للتعليم" وكانت التقوى تراعى بحزم كوسيلة من وسائل التربية والتهذيب- ومع ذلك فإن الأخوة كانوا يشجعون على دراسة كلاسيكيات وثنية مختارة وبدأ أرازموس في ديفنتر يمسك بزمام اللغة اللاتينية والأدب بصورة مذهلة


الفيلسوف

عند عودته إلى بروكسل وجد نفسه فريسة الإغراء بالتمسك بالحرص نظراً لما استقبل به من ترحاب ودي في البلاط الملكي. وأخذ منصبه كمستشار خاص بجد، ونسي أن المؤلفين اللامعين قلما تتوفر فيهم صفة الحنكة السياسية. وألف في عجلة عام 1516 الحافل بالأعمال كتابه:"تربية أمير مسيحي" الذي يفيض بالتفاهات التي كانت سائدة قبل ظهور كتاب ميكافيلي عن السلوك الذي يجب أن يتبعه ملك. وكتب في إهدائه لشارل بصراحة تتسم بالجرأة :"إنك تدين للعناية الإلهية في الفوز بمملكتك دون الإضرار بأحد ولسوف تظهر حكمتك على الوجه الأكمل إذا استطعت أن تحافظ فيها على السلام والهدوء". وكان ارازموس، مثل معظم الفلاسفة، يعد الملكية أهون الأشكال الحكومية شراً، وكان يخشى الشعب ويعده "وحشاً متقلباً متعدد الرؤوس". وكان يستنكر مناقشة الشعب للقوانين والسياسة ويرى أن فوضى الثورة أسوأ من أي استبداد للملوك، بيد أنه أشار على أميره المسيحي أن يتقي شر تركيز الثروة، فالضرائب لا تفرض إلا على الكماليات، ويجب تقليل الأديرة وزيادة المدارس، وعلاوة على كل هذا يجب ألا ينشب قتال بين الحكومات المسيحية- ولا حتى ضد الأتراك. "خير لنا أن نتغلب على الأتراك بالتقوى في حياتنا لا بالأسلحة. وهكذا يتم الدفاع عن الإمبراطورية المسيحية بنفس الوسائل التي أسست بها أصلا". "ماذا تولد الحرب ألا الحرب؟- ولكن الدماثة تدعو إلى الدماثة والعدالة تدعو إلى العدالة".

ولما كان شارل وفرانسس قد ثارت بينهما العداوة فإن أرازموس وجه الدعوة تلو الدعوة للسلام وامتدح الملك الفرنسي في حالة عابرة من المصالحة وتساءل كيف يمكن أن يفكر أحد في شهر الحرب على فرنسا "أطهر جزء في العالم المسيحي وأعظمه ازدهاراً". ووصل إلى ذروة الفصاحة المتحمسة في كتابه (الشكوى من السلام 1517).

"أمر في صمت على مآسي الحروب القديمة ولن أركز الحديث إلا على الحروب التي نشبت في خلال هذه السنوات الأخيرة. أين الأرض أو البحر الذي لم يحارب فيه الناس بطريقة من أقسى ما يمكن؟ وأين النهر الذي لم تصطبغ مياهه بدم الإنسان... بالدم المسيحي؟ يا للعار العظيم! إنهم يتصرفون بقسوة في المعركة تزيد على قسوة غير المسيحيين، وبوحشية تفوق وحشية حيوانات الغاب.. وكل (هذه الحروب) نشبت بسبب نزوات الأمراء على حساب الإضرار بالناس الذين لا ناقة لهم ولا جمل في هذه المعارك... وليس بين الأساقفة والكرادلة والبابوات، وهم كهنة المسيح، من يخجل من بدء الحرب التي لعنها المسيح. ما هو الشيء المشترك بين الخوذة وتاج الأسقف؟ ويا أيها الأساقفة، يا من يحملون لواء الرسل، كيف تجرءون على أن تعلموا الناس أموراً كثيرة عن لحرب في نفس الوقت الذي تعلمونهم فيه تعاليم الرسل؟ إن السلام ولو كان جائراً أفضل من الحروب ولو كانت تمليها العدالة".

قد يفد الأمراء والقواد من الحرب ولكن الجماهير تتحمل المآسي والنفقات. وقد يكون من الضروري أحياناً شن حرب دفاعاً عن النفس ولكن حتى في الحالات قد تكون رشوة العدو أشد حكمة من شرور الحرب. فليرفع الملوك منازعاتهم إلى البابا. وقد يكون هذا إجراء غير علمي في عهد يوليوس الثاني إذ كان هو نفسه رجلا محارباً، أما ليو العاشر وهو "حبر متعلم تقي أمين" فإنه سيحكم بالعدل ويرأس فعلا محكمة دولية. ووصم أرازموس القومية بأنها لعنة للبشرية وتحدي الساسة أن يبتدعوا حكومة عالمية. وقال: "إني أتمنى أن أكون مواطناً عالمياً" واغتفر لبودي حله لفرنسا ولكنه قال : "في رأيي أنه أقرب للحكمة أن تكون علاقاتنا مع الأشياء والناس أساساً مثل اعتبار العالم البلد المشترك بالنسبة لنا جميعاً".

كان أرازموس أضعف الناس حماساً للقومية في عهد الإصلاح الذي رفع من شأن القومية. وكتب يقول: "إن أسمى شئ هو أن يستحق المرء أن ينسب إلى الجنس البشري".

ويجب ألا نتوقع من أرازموس أن يقدم لنا أي مفهوم واقعي للطبيعة البشرية أو عن أسباب الحروب أو عن سلوك الحكومات فهو لم يواجه قط المشكلة التي كان يعالجها في مكيافيلي في تلك السنوات نفسها. وهل كان في وسع حكومة أن تبقى إذا مارست الأخلاق التي تحث المواطنين على اتباعها. كانت وظيفة أرازموس أن يبتر الأغصان من شجرة الحياة لا أن يبني فلسفة إيجابية متينة. بل إنه لم يكن واثقاً من أنه مسيحي، فكثيراً كتب: "إن الذين ينكرون وجود الله ليسوا ملحدين كهؤلاء الذين يصورونه تعالى متزمتاً". وكان لا يكاد يؤمن بأن العهد القديم من كلام الله لأنه أقر برغبته في "أن يرى العهد القديم كله يبطل" إذا كان يهدئ من الحنق على رويخلين. وسخر من الروايات المأثورة عن مينوس ونوما بأنهما كانا يغريان شعبيهما بالخضوع لتشريع غير لطيف بنسبته إلى الآلهة. ولعله راوده الشك في أن موسى كان يتبع نفس السياسة. وعبر عن دهشته لأن "مور" رضى بالحجج التي تساق لإثبات خلود النفس ورأى أن العشاء رمز وليس معجزة، ومن الواضح أنه راوده الشك في الثالوث وفي تجسد الإقنوم الثاني وفي ولادة العذراء، وكان على مور أن يحميه من مراسل أعلن أن أرازموس قد اعترف في خلوة بعدم إيمانه. وطرح للنقاش واحداً بعد الآخر العادات التي درج عليها المسيحيون في عهده-صكوك الغفران والصيام والحج والاعتراف السري والرهبانية والعزوبة الأكليريكية وعبادة مخلفات القديسين والصلوات للقديسين وحرق الهراطقة. وقدم تفسيرات مجازية أو منطقية لكثير من فقرات الكتاب، المقدس، وقارن قصة آدم وحواء بقصة بروميثيوس، وأشار بتفسير الكتب المقدسة تفسيراً يلتزم أقل ما يمكن المعنى الحرفي، وحول عذاب الجحيم إلى الألم الدائم للعقل الذي يصحب الإثم المعتاد. ولم يذع شكوكه بين الناس لأنه لم يكن لديه أساطير مواسية أو رادعة يقدمها بدلا من الأساطير القديمة. وكتب يقول: "إن التقوى تستلزم منا أن نخفي الحقيقة أحيانا وأن نحرص على ألا نظهرها دائماً كما لو كان لا يهم متى وأين أو لمن نظهرها، ولعلنا نجد لزاماً علينا أن نتفق مع أفلاطون في أن الأكاذيب مفيدة للناس". وعلى الرغم من هذا الميل الشديد للمذهب العقلي فقد ظل أرازموس ظاهريا متفقاً مع المحافظين ولم يعدم قط محبته للمسيح وللأناجيل وللطقوس الدينية الرمزية التي رفعت بها الكنيسة من شأن التقوى. وابتدع شخصية في محاورته تقول "إذا كان ثمة شئ شائع الاستعمال عند المسيحيين لا يتنافر مع الكتب المقدسة فإني أراعيه لهذا السبب بحيث لا أسئ إلى الناس الآخرين".

وكان يحلم بأن يستبدل باللاهوت: فلسفة المسيح، وسعى إلى التنسيق بين هذه الفكرة وبين رأى كبار الوثنيين. ووصف أفلاطون وشيشرون وسينكا بعبارة "ملهم من الله" ولم يقبل أن يحرم هؤلاء الرجال من الخلاص وكان لا يكاد يستطيع أن يمتنع عن الصلاة على الروح القديس سقراط. وطلب من الكنيسة أن تختصر المذاهب الجوهرية للمسيحية "إلى أقل عدد ممكن وأن تترك للباقي حرية الرأي". ولم يدافع عن التسامح الكامل مع كل الآراء (ومن يفعل؟) ولكنه اتخذ موقفاً رفيقاً منحازاً نحو الهرطقة الدينية. وكان مثله الأعلى في الدين هو محاكاة المسيح ومهما يكن من أمر فإننا يجب أن نسلم بأن ممارسته للشعائر كانت أقل من أن توصف بأنها مطابقة لتعاليم الكنيسة الإنجيلية.

الإنسان

كيف عاش فعلا؟ لقد أقام إبان هذا العهد (1517) معظم وقته في الفلاندرز في بروكسل وأنتوب ولوفان-وسكن في خلوة أعزب مع خادم وإن كان كثيراً ما قبل ضيافة ذوي الثراء الذين كانوا يتسابقون على صحبته باعتبارها امتيازا اجتماعيا واحتفالا فكريا. وكان أنيقاً قفي أذواقه وكانت أعصابه ومشاعره رقيقة إلى الحد الذي كان كثيراً ما يتألم فيه خشونات الحياة الشديدة. وكان يشرب النبيذ بكثرة ويتفاخر بقدرته على حمل الكأس بثبات، ولعل هذا كان بسبب داء النقرس والحصوات التي كانت تضايقه، ولكنه كان يعتقد أن النبيذ يخفف من ألمه بتوسيع شرايينه. وفي عام 1514 وهو في الخامسة والأربعين أو الثامنة والأربعين من عمره وصف نفسه قائلا إنه: "عليل أشيب الرأس... يجب ألا يشرب سوى النبيذ" ويجب أن "يكون متأنقا في طعامه". وكان الصيام لا يناسبه، وكان يتميز غيظا من السمك؛ ولعل الصفراء عنده لونت لاهوته. وكان قليل النوم مثل معظم الناس الذين لا تعرف عقولهم المشغولة متى يأوون إلى الفراش، وكان يواسي نفسه بأصدقائه وكتبه "يخيل إلى إني أنتزع من نفسي عندما أحجز عن عاداتي في الدراسة. إن بيتي هو المكان الذي توجد فيه مكتبتي". وكان يلح في طلب النقود بكل ما عرف من مثابرة عن قسيس أبرشية، وذلك لشراء الكتب إلى حد ما. وكان يتلقى معاشات منتظمة من مونتجوى ووارهام وهدايا عينية مثل مبلغ الثلاثمائة فلورين (7500 دولار؟) من جان ليه سوفاج رئيس بورجنديا، وحقوق تأليف تزيد عن تلك التي كسبها أي مؤلف آخر في عصره. وكان يتنصل من أي حب للمال ويقول إنه يبحث عنه لأنه، كأي رجل بلا موارد، يخشى ألا يجد ما يؤمنه في وحدته عندما يبلغ أرذل العمر. وفي الوقت نفسه استمر يرفض الوظائف المربحة التي كان يمكن أن توسع دخله على حساب حريته.

كان مظهره أولا لا يؤثر في الناس، فقد كان قصير القامة نحيل البدن أصفر الوجه ضعيف البنية، خافت الصوت، وكان يؤثر في الناس بيديه الحساستين وأنفه الأقنى وعينيه الزرقاوين الرماديتين تلمعان ببريق الذكاء، وكلامه حديث يدل على عقلية خصبة لماحة من أحسن العقليات في هذا العصر اللامع، وكان أعظم الفنانين من معاصريه أبناء الشمال يتوقون إلى رسم صورة له، فوافق على أن يجلس أمامهم لأن هذه الصور كانت تلقى ترحيبا من أصدقائه باعتبارها هدايا، وصوره كينتان ماسيس عام 1517 وهو مستغرق في الكتابة وملتف بمعطف ثقيل يقيه برد الحجرات في تلك القرون وأهديت هذه الصورة إلى مور. ورسم ديرر صورة بالفحم لأرازموس عام 1520، ونقش له حفرا ملفتا للنظر عام 1526، وهنا أضيفت لمسة الريشة الألمانية تماما على "الأوربي الطيب" سحنة هولندية. وقال الجالس "إذا كنت أبدو كهذه الصورة فأنا محتال كبير". وتفوق هولبين على كل هذه الجهود في صور كثيرة رسمها لأرازموس إحداها في تورين وثانية في إنجلترا وثالثة في بازيل وأحسنها في اللوفر- وكلها روائع رسمها أعظم مصور للوجوه في الشمال، وهنا كان العلامة قد أصبح فيلسوفاً هادئاً متأملاً وإن كان سوداوياً إلى حد ما، وسلم في نفور لحياد الطبيعة المتواكل وفناء العبقرية. وكتب عام 1517 يقول: "يجب أن نتحمل ما يأتي به حظنا وقد هيأت عقلي لتقبل كل حدث". وهي فلسفة رواقية لم يحققها قط... وقال عن شاب طموح: "إنه يحب المجد ولكنه لا يعرف ما يكفله المجد من عناء". ومع ذلك فإن أرازموس مثل كثير من ذوي النفوس النبيلة، كان يواصل العمل ليلاً ونهاراً ليتغلب على هذا العبء.

وبدت أخطاءه واضحة للعيان، أما فضائله فكان لا يعملها إلا المخلصين من أصدقائه، وكان في وسعه أن يتسول بلا خجل، ولكن كان في وسعه أيضا أن يعطي، وكثيراً ما كانت تشيع في حرارة مدحه روح متمردة. وعندما وجه بفيفركورون Piefferkorn هجومه إلى رويخلين كتب أرازموس إلى أصدقائه من الكرادلة في روما، وساعد على الحصول على الحماية للعالم بآداب اللغة العبرية المتعب، وكان يفتقر إلى التواضع والاعتراف بالجميل، فقد كان هذا من الصعب على رجل يخطب وده البابوات والملوك.

وكان يضيق ذرعا بالنقد ويستاء منه. وكان أحيانا عليه بطريقة تعسفية في هذا العصر الشهير بالجدل، وشاطر في مناهضة السامية حتى مع علماء عصر النهضة، وكانت اهتماماته في أضيق الحدود كما كانت قوية، فقد أولع بالأدب عندما كان يلبس ثوب الفلسفة، وبالفلسفة عندما كانت تترك المنطق للحياة؛ ولكنه تجاهل تقريبا العلم والمسرح والموسيقى والفن. وسخر من معظم نظم الفلك التي كانت تختال على المسرح وسخرت معه النجوم. وليس في كل مراسلاته العديدة تقرير للألب أو لعمارة أكسفورد وكامبردج أو لتصوير رافائيل أو لنحت مايكل أنجيلو الذين كانوا يعملون ليوليوس الثاني عندما كان أرازموس بروما (1509)، ثم إن الترتيل القوي في الأبرشيات المقومة آذى فيما بعد أسماعه المهذبة. وكانت حاسة الفهاكة عنده عادة تتسم بالدقة والرقة، وكانت رابيلية ولكنها في الغالب ساخرة، وانقلبت مرة إلى سخرية لا تتسم بالإنسانية كما حدث عندما كتب إلى صديق عندما سمع بأجرام بعض الهراطقة: "سأرثي لهم أقل إذا رفعوا ثمن الوقود ولا سيما أن الشتاء على الأبواب".

ولم تكن من صفاته الأثرة الطبيعية أو الأنانية التي يتسم بها كل الرجال، بل كان يتصف بذلك الغرور الخفي المحبب أو الإعجاب بالذات الذي لولا لأنسحق الكاتب أو الفنان في الإندفاع القاسي للعالم يتسم بعدم الاكتراث.

وكان يحب الإطراء ويوافق عليه على الرغم ممن كانوا ينكرون عليه ذلك من آن لأخر. وكان لأحد أصدقائه: "أن خير النقاد يقولون أني أكتب أحسن من أي إنسان على ظهر الأرض". وكان هذا حقاً وأن كان باللاتينية فحسب، فقد كان يكتب بفرنسية رديئة ويحدث قليلا بالهولندية والإنجليزية، وكان "يتذوق العبرية بطرف اللسان فقط" وكان يعرف اليونانية معرفة ناقصة ولكنه كان يجيد تماماً اللغة اللاتينية، وكان يستخدمها باعتبارها لغة حية يمكن تطبيقها على معظم التفاهات والأشياء الحقيرة غير اللاتينية في عهده. وقد اغتفرت أجيال قرن مشغوفة بالكلاسيات معظم أخطاءه نظراً لما يمتاز به أسلوبه من إشراقة زاهية. وما تتسم به تقديراته للأشياء، بأقل من قيمتها، من سحر عجيب، وما تتصف به سخريته من تهكم لاذع. وتضارع رسائله خطابات سيشرون في البلاغة والدماثة وتفوقها حيوية وفطنة. وفضلا عن هذا فقد تفرد بلغة لاتينية خاصة به، ولم تكن تقليداً للغة سيشرون بل كانت كلاماً حياً قويا طيعا، ولم تكن صدى لألفاظ مضى عليها 1500 عام. وكانت رسائله مثل رسائل بترارك مطمع أنظار الأدباء والأمراء بعد حديثه المثير وهو يقول لنا، ولعل هذا بشيء من الرخصة الأدبية، أنه كان يتسلم كل يوم عشرين رسالة ويكتب أربعين خطابا. ونشرت منها بضع مجلدات في حياته بعد أن فتحها مؤلفها بعناية حتى يقرأها من يتم بعده. وكان بين من يراسلونه ليو العاشر وأدريان السادس والملكة مارجريت ملكة نافار والملك سيجموند الأول ملك بولندا وهنري الثامن وموروكوليه وبيركايمار. وكتب مور المتواضع: "لا أستطيع أن أتخلص من شعور نزوى بالغرور.. عندما يخطر ببالي أني سأكون موضع ثناء من خلف بعيد لصداقتي لأرازموس".

ولم يضارعه في شهرته كاتب آخر من معاصريه، اللهم إلا إذا اعتقدنا أن لوثر كاتب. وأبلغ بائع كتب في أكسفورد عام 1520 أن ثلث مبيعاته كانت من أعمال أرازموس. وكان له أعداء كثيرون وبخاصة بين علماء اللاهوت في لوفان، غير أنه كان له مريدون في اثنتي عشرة جامعة، وكان هناك علماء للإنسانيات في أوربا ينادون به قدوة وزعيما. وفي ميدان الأدب كان يمثل عصر النهضة ومذهب الإيمان بالإنسان مجتمعين- عبادتهما للكلاسيات ولأسلوب لاتيني مصقول واتفاق الجنتلمان (السادة المهذبين) على ألا يختلفا مع الكنيسة وألا يزعجا أساطير الجماهير التي لا غنى عنها، على شريطة أن للكنيسة أن تغض النظر عن الحرية الفكرية لطوائف المتعلمين وتسمح بتقويم مفاسد وسخافات رجال الدين تقويما داخليا قانونيا. وقد هلل أرازموس مثل كل علماء الإنسانيات لتبوء ليو العاشر منصب البابوية، فقد تحقق حلمهم - وها هو عالم بالإنسانيات وعلامة وسيد مهذب، يمثل اتحاد النهضة والمسيحية معا، قد ارتقى أعظم العروش. وليس من شك في أنه سوف يتم تطهير سلمي للكنيسة، وينتشر التعليم، وسيحافظ الناس على شعيرتهم المحببة وإيمانهم الذي يجدون فيه العزاء وإن كان العقل البشري سوف يكون حراً.

وظل هذا الأمل يراود أرازموس حتى بداية عهد لوثر تقريباً، ولكنه في اليوم التاسع من سبتمبر عام 1517 كتب من أنتورب إلى توماس، كرينال يورك، عبارة تنذر بالويل: "في هذا الجزء من العالم أخشى أن هناك ثورة عظيمة توشك على الوقوع". وفي أقل من شهرين وقعت الثورة.




نور 08-31-2009 07:48 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
ابن زهر


أبو مروان عبدالملك بن زهر بن عبد الملك بن مروان، (464-557هـ) = (1072 ـ 1162م)، المعروف بابن زهر الاشبيلي، طبيب نطاسي عربي معروف في الأندلس من أهل إشبيلية، من أسرة عريقة في العلم، اشتغل أبناؤها بالطب و الفقه و تولوا الوزارة . وهو أستاذ الفيلسوف ابن رشد.

كان لأعماله أثر كبير في تطور الطب في أوروبا فيما بعد. من مؤلفاته المترجمة إلى اللاتينية؛ التيسير في المداواة والتدبير، وقد وصف التهاب الغلاف الغشائي المحيط بالقلب، وطرائق استخراج حصى الكُلية.
ابن زهر بين المرابطين وبين الموحدين:‏

لقد عاصر ابن زهر المرابطين والموحدين في الأندلس، وعايشهم مبقياً مسافة كافية بينه وبين سياسات كلتا الطائفتين، فقد كان رفيع المكانة عند المرابطين هو وأبوه أبو العلاء حتى إنه ألف كتاب "الاقتصاد في إصلاح الأنفس والأجساد والأجساد" ويسمى أيضاً "الزينة" بطلب من أمير مرابطي، ثم علا شأنه عند الموحدين بعدهم.‏

وكان الملوك، وإن اختلفت نظمهم ودولهم، يعلون شأن العلماء، ولو كانت لهم صلات حميمة برؤساء الدول السابقة.

مؤلفات ابن زهر:‏

لم يَكْفِ عبد الملك أبا مروان ما انتهى إليه من معرفة علمية بالطب، عن طريق والده أبي العلاء، فرحل إلى الشرق ودخل القيروان ومصر وتطبب هناك زماناً، أي تعاطى علم الطب وعاناه، ثم رجع إلى الأندلس، فقصد مدينة "دانية" فأكرمه ملكها وأدناه، وحظي في أيامه، واشتهر بالتقدم في صناعة الطب وطار ذكره منها إلى أقطار الأندلس.‏

ثم انتقل أبو مروان من دانية إلى إشبيلية، وظل فيها حتى وفاته وخلّف أموالاً جزيلة.‏

ذكر ابن أبي أصيبعة من تصانيفه الكتب التالية:‏

* كتاب "التيسير في المداواة والتدبير" ألّفه للقاضي أبي الوليد بن رشد.‏

* كتاب "الأغذية" ألّفه لمحمد عبد المؤمن بن علي أمير الموحدين.‏

* كتاب "الزينة" وهو على الأرجح كتاب "الاقتصاد في إصلاح الأنفس والأجساد".‏

* "تذكرة في أمر الدواء المسهل وكيفية أخذه" ألّفه لوالده أبي بكر وذلك في صغر سنه وأول سفرة سافرها فناب عن أبيه فيها.‏

* "مقالة في علل الكلى".‏

* "رسالة في علتي البرص والبهق" كتب بها إلى بعض الأطباء بإشبيلية.‏

* "تذكرة" كتبها لابنه أبي بكر، أول ما تعلّق بعلاج الأمراض.‏


مكانة عبد الملك ابن زهر العلمية‏

وإذا كان كتاب "التيسير".. يؤكد الصداقة الوطيدة التي كانت بينه وبين ابن رشد، إضافة إلى التعاون العلمي، فإن شهرته طارت، من جهة ثانية وتداوله الأطباء وترجم إذ ذاك إلى عدة لغات أجنبية، واعتمد في التدريس بمعاهد الطب مدة طويلة اعتماد كتاب "القانون" لابن سينا، وترك أثراً بليغاً في الطب الأوروبي حيناً من الدهر.‏

أما كتاب أبي مروان "الاقتصاد" فمايزال مخطوطاً، وتوجد نسخته المحفوظة في المكتبة الوطنية بباريس. يقول ابن الأبار في "التكملة" أنه فرغ من تأليفه سنة 515هـ، وقد استهله كما يلي:‏

"قال عبد الملك بن زهر بن عبد الملك، إنه أطال الله بقاء الأمير الأجلّ الأعز أبي اسحق إبراهيم بن يوسف بن تاشفين في الشرق الباهر والمجد الناضر وخلّد ملّته وبسط ملكه".‏

حول كتاب الاقتصاد‏

ألّف ابن زهر الكتاب للأمير الموحِّدي، ويبدو فيه تأثره بنظرية أفلاطون في النفس المثلثة، كما هو الحال لدى الفلاسفة المسلمين، وكما نلاحظ في الأساطير البابلية والهندية القديمة، "فهو يرى في النفس الواحدة ثلاث نفوس، أي ثلاث قوى: الناطقة أي المدركة العاقلة مسكنها الدماغ، والحيوانية مسكنها القلب، والطبيعية مسكنها الكبد، و"هذه الناطقة بها تكون الفكرة في السموات والأرض وفي العلوم والصنائع. وبالحيوانية يكون الغضب والحَرَد والأنفة، والطبيعية بها تكون شهوة الغذاء والجماع، وهاتان النفسان خادمتان للناطقة ومعينتان لها".‏

ما يظهر بذلك الانتباه الممتاز من الحكيم الأندلسيّ لمكانة الكبد من العضوية حيث جعل تلك الغدة ذات الوظائف المتعددة مسكن القوّة الطبيعية.‏

يظهر ابن زهر في كتاب الاقتصاد مالك لأدوات بحثه، ويتصرف تصرف الواثق بعلمه وتجربته، ويرى أنه يتصرف في ذكر الأدوية وأمثالها تصرّف الكيماوي الذي يركب الأدوية ويعرف خصائص عناصرها، فهو حين يذكر أصباغ الشعر يقول: "وأما الصباغات فقلما يسلم أحد من ضرّها، وقد أثنى جالينوس على القطران وذكر أنه صبغ عجيب للشعر، لكنْ.. هو من كراهة الرائحة على ماهو عليه، وأما أنا فإني أستعمل من الصباغات مالا يضر كثيراً بالبصر وأقتنع بذلك في دهن البان أحلّ فيه لاذناً وأجعل معه دقاق عفص وأخلط إلى الكل من الماء والخلّ مايصلح به التمازج، وأرفعه إلى أن يبيد الماء.. الخ...‏ "



نور 08-31-2009 07:49 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
محمد عابد الجابري


محمد عابد الجابري أستاذ الفلسفة و الفكر العربي الإسلامي في كلية الآداب بالرباط .

ولد عام 1936 و حصل على دبلوم الدراسات العليا في الفلسفة في عام 1967 حصل على الدكتوراة في الفلسفة من جامعة محمد الخامس - كلية الآداب عام 1970، يشغل حالياً منصب استاذ في الفكر الفلسفي والإسلامي في جامعة محمد الخامس في المغرب. أغنى المكتبة العربية بتأليفه 30 كتاباً تدور حول قضايا الفكر المعاصر ويعد «توطين الفكر العربي» أهمها وكان قد ترجم إلى عدة لغات، حصل على جائزة بغداد للثقافة العربية من اليونسكو عام 1988 والجائزة المغربية للثقافة في تونس عام 1999، يعتبر د. الجابر من اهم المفكرين المغربيين الذين تركوا بصمة واضحة في الأدب العربي المعاصر.

الجابري بدأ بطرح نظرياته المتقحمة في مسألة "نقد العقل العربي"، منذ مطلع الثمانينيات، حين أصدر كتابه "نحن والتراث" (1980)، الذي أعلن فيه بصراحة أن العقل العربي قام بـ"إلغاء الزمان والتطور" عن طريق رؤية الحاضر والمستقبل، من خلال الماضي، فهو فكر لاتاريخي ذو "زمان راكد" لا يتحرك ولا يتموج. " لذلك كانت قراءته للتراث قراءة سلفية تنزه الماضي وتقدسه وتستمد منه الحلول الجاهزة لمشاكل الحاضر والمستقبل" (ط 6، ص19). وأعقبه بـ"الخطاب العربي المعاصر" (1982)، الذي يعتبر مدخلا ثانيا لـ"نقد العقل العربي"، إذ يشكك فيه بأن العرب تمكنوا من تحقيق شيء كثير من نهضتهم المأمولة. ويتساءل، في مقدمته، هل هم "يغالبون، بدون أمل، الخطى التي تنزلق بهم إلى الوراء". وهي حقيقة لاحظها هذا المفكر منذ زمن طويل. وقد تفاقمت على نحو متواصل حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم من كوارث يومية متزايدة. ثم يشير إلى مختلف الميادين التي بحثها المفكرون لتشخيص الداء، ويردف قائلا "ميدان واحد لم تتجه إليه أصابع الاتهام بعد، وبشكل جدي صارم، هو تلك القوة أو الملكة أو الأداة التي بها يقرأ العربي ويرى ويحلم ويفكر ويحاكم. إنه العقل العربي ذاته" (ط4، ص7-8). ثم شرع بإصدار مشروعه الكبير في "نقد العقل العربي"، أو بالأحرى تشريح هذا العقل، الذي بدأه بـ"تكوين العقل العربي" (1982)، فـ"بنية العقل العربي" (1986)، فـ"العقل السياسي العربي" (1990)، وصولا إلى " العقل الأخلاقي العربي" (2001) .


كيف يتسنى لفيلسوف يجمع بين الاشتغال المعرفي/الفلسفي والعمل السياسي/ الحزبي أن يؤسس لمقاربات فيها قدر معقول من التجرد والموضوعية؟! إننا وإن كنا منذ البداية نعتقد أن الموضوعية الوحيدة في أي اشتغال معرفي -كما يقول بعض علماء الاجتماع- هي أن يعتقد الباحث أنه غير موضوعي؛ فإن هذا لن يمنعنا من القول بأنه ليس من العيب أن يكون المثقف (بالمعنى العام والشامل) منخرطا في قضايا سياسية وحزبية، إذا كان هذا المثقف يستطيع أن يضع بينه وبين الأحداث "مسافة" معينة تمكنه من رؤية الأمور على حقيقتها، أو على الأقل أن يرى شيئا من حقيقتها؛ إذ المطلوب من المثقف الحزبي أن تكون لديه ضمانات معرفية ومنهجية تجعله يطمئن إلى "حتمية" الوصول إلى صياغة مقاربات تقترب من ملامسة الإشكاليات والظواهر المختلفة.

إن المشكلة الأساسية تحصل عندما تكون الاختيارات السياسية/الحزبية بمنزلة المنظار الذي من خلاله ينظر المثقف إلى موضوعاته ذات الطابع المعرفي؛ فتتلون المقاربات والظواهر بلون هذه الاختيارات القبلية، ومن ثم تتحول المعرفة إلى أيديولوجيا.

ومن بين المثقفين العرب الذين اشتغلوا بالثقافة والسياسة في آن واحد الفيلسوف العربي محمد عابد الجابري؛ إذ تأرجح طوال مسيرته الفلسفية بين التعمق في قضايا التراث العربي والعقل العربي.. وبين الانخراط في العمل السياسي الحزبي. وكثيرا ما مال الجابري إلى اعتقاد؛ مفاده أن المثقف الحقيقي ينبغي أن يظل دائما "فوق" السياسي؛ أي أن يكون المثقف هو الذي يوجه السياسي، وأن تكون السياسات التي يبنيها السياسي مبنية على ما وصل إليه المثقف من تأسيسات نظرية ومن تقديرات للمواقف.

إن المثقف المحنك تماشيا مع هذه الرؤية هو الذي يحصر همه في فهم الظواهر والأحداث، أما السياسي الناجح فهو الذي يتلقف ذلك الفهم؛ فيحوله إلى خطط وبرامج من أجل التغيير؛ فرسالة المثقف هي الفهم، ورسالة السياسي هي التغيير. وعندما يكون الإنسان مثقفا وسياسيا في نفس الوقت فإن عملية الجمع بين الفهم السليم والتغيير الناجح تظل معادلة صعبة لا يقوى على حلها إلا من فهم حدود كل من الثقافي والسياسي، وأدرك ما بينهما من جدلية.

وقد أصدر الجابري مؤخرا عددا جديدا من سلسلة: "مواقف إضاءات وشهادات"؛ هذه السلسلة عبارة عن كتب، وهي أقرب إلى *** السيرة الذاتية منها إلى الكتابات الأكاديمية. وقد ارتأينا أن يقتصر عرضنا على ما جاء في العدد 22 من هذه السلسلة؛ بسبب ما تضمنه من مقاربات لبعض الأسئلة المعرفية والثقافية التي طالما نذر الجابري نفسه وكرس حياته لخدمتها. ومجمل ما جاء في هذه المقاربات هو جزء من بعض الحوارات التي أجريت مؤخرا مع الجابري. وقد حاولنا في هذه المساهمة أن نرتب تلكم المقاربات المنثورة في ثنايا الكتاب كله تحت عناوين كبيرة تختصر الاتجاه العام للأفكار.

أعماله

له العديد من الكتب المنشورة التي أحدثت قفزة في أسلوب نقد التراث العربي :

* نحن والتراث : قراءات معاصرة في تراثنا الفلسفي (1980)
* العصبية والدولة : معالم نظرية خلدونية في التاريخ العربي الإسلامي (1971)
* تكوين العقل العربي ( نقد العقل العربي 1 )
* بنية العقل العربي ( نقد العقل العربي 2 )
* العقل السياسي العربي ( نقد العقل العربي 3 )
* العقل الأخلاقي العربي ( نقد العقل العربي 4 ) .
* مدخل إلى القرآن الكريم، 2007.


نور 08-31-2009 07:49 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
هيپاتيا


هيپاتيا الإسكندرية (باليونانية: Υπατία) (ح. 380 - 415) ولدت في الإسكندرية (مصر) حوالي عام 380 واغتيلت في مارس 415. عالمة رياضيات و منطق و فلك.

حياتها

هيباتيا كانت ابنة ثيون آخر زملاء متحف الإسكندرية الذي كان إما ملاصقاً لمكتبة الإسكندرية أو بداخلها.

وكانت أظرف شخصية في علوم ذلك العصر هي شخصية هيباتيا الفيلسوفة والعالمة الرياضية، وكان والدها ثيون Theon هو آخر من سجلت أسماؤهم في سجل أساتذة متحف الإسكندرية. وقد كتب شرحا لكتاب Syntaxis لبطليموس أقرّ فيه لما كان لابنته من نصيب في تأليفه. ويقول سويداس إن هيباتيا كتب شروحاً لكتاب القوانين الفلكية لبطليموس، وكتاب المخروطات لأبلونيوس البرجي(21)، ولكن مؤلفاتها كلها لم يبق منها شيء.

ثم انتقلت من الرياضيات إلى الفلسفة، وسلكت في بحوثها على هدى أفلاطون وأفلوطين، و "بزت جميع فلاسفة زمانها" (على حد قول سقراط الدارس المؤرخ المسيحي)(22). ولما عينت أستاذة للفلسفة في متحف الإسكندرية هرع لسماع محاضراتها عدد كبير من الناس من شتى الأقطار النائية. وهام بعض الطلاب بحبها، ولكن يبدوا أنها لم تتزوج قط. ويحاول سوداس أن يقنعنا بأنها تزوجت، وبأنها رغم زواجها بقيت عذراء طول حياتها(23). وينقل لنا هو نفسه قصة أخرى، لعل أعداءها هم مخترعوها مضمونها أن شاباً ضايقها بإلحاحه حتى عيل صبرها فما كان منها إلا أن رفعت ثيابها وقالت له :"إن الذي تحبه هو الذي يرمز إلى التناسل القذر وليس هو شيئاً جميلا قط"(24). وقد بلغ من حبها للفلسفة من أنها كانت تقف في الشوارع وتشرح لكل من يسألها النقط الصعبة في كتب أفلاطون أو أرسطو، ويقول سقراط المؤلف إنه "قد بلغ من رباطة جأشها ودماثة أخلاقها الناشئتين من عقلها المهذب المثقف أن كانت في كثير من الأحيان تقف أمام قضاة المدينة وحكامها دون أن تفقد وهي في حضرة الرجال مسلكها المتواضع المهيب الذي امتازت به عن غيرها، والذي أكسبها احترام الناس جميعاً وإعجابهم بها".

شهيدة العلم

صورة لهيباتيا عام 1867 من جوليا مارجريت كاميرون
صورة لهيباتيا عام 1867 من جوليا مارجريت كاميرون
ممثلة محتمل أن تكون ماري أندرسون تلعب دور هيباتيا في مسرحية تحمل نفس الإسم عام 1900
ممثلة محتمل أن تكون ماري أندرسون تلعب دور هيباتيا في مسرحية تحمل نفس الإسم عام 1900

لكن هذا الإعجاب لم يكن في واقع الأمر يشمل الناس جميعاً، فما من شك في أن مسيحي الإسكندرية كانوا ينظرون إليها شزراً، لأنها لم تكن كافرة فاتنة فحسب، بل كانت إلى ذلك صديقة وفية لأرستيز Arestes حاكم المدينة الوثني. ولما أن، حرض سيريل Cyril كبير الأساقفة - أتباعه الرهبان على طرد اليهود من الإسكندرية أرسل أرستيز إلى ثيودوسيوس الثاني تقريراً عن الحادث بعيداً عن النزاهة بعداً استاء منه كبير الأساقفة ورجاله أشد الاستياء. وقذف بعض الرهبان الحاكم بالحجارة، فأمر بالقبض على زعيم الفتنة وتعذيبه حتى مات (415). وأتهم أنصار سيريل هيباتيا بأنها صاحبة السلطان الأكبر على أرستيز، وقالوا إنها هي وحدها التي تحول دون الاتفاق بين الحاكم والبطريق. وفي ذات يوم هجم عليها جماعة من المتعصبين يتزعمهم "قارئ" أي كاتب صغير من موظفي سيريل، اسمه پيتر، وأنزلوها من عربتها، وجروها إلى إحدى الكنائس، وجردوها من ملابسها، وأخذوا يرجمونها بقطع القرميد حتى قضوا على حياتها، ثم قطعوا جسمها إرباً، ودفنوا ما بقي منها في مرح وحشي شنيع (415)(25). ولم يعاقب أحد من المجرمين واكتفى الإمبراطور ثيودوسيوس الثاني بأن قيد حرية الرهبان في الظهور أمام الجماهير، (سبتمبر عام 416). وبذلك كان انتصار سيريل انتصاراً كاملاً.


نور 08-31-2009 07:50 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
محمد حسين الطباطبائي


آية الله السيد محمد حسين الطباطبائي ( 1892 - 1981 ) عالم ومفسر وفيلسوف إسلامي و مرجع دين شيعي ، صاحب الكتاب الشهير الميزان في تفسير القرآن الذي يعتبر من أفضل التفاسير إن لم يكن أفضلها على الإطلاق.


المولد و النشأة

وُلد في مدينة تبريز شمال إيران في التاسع و العشرين من شهر ذي الحجة لعام 1321 هـجري ( 1892 ميلادي ). أنهى المراحل الأولى لدراسته الشرعية عند الأساتذة المعروفين في مدينة تبريز ، ثمّ سافر إلى مدينة النجف الأشرف في العراق لإكمال دراسته الحوزوية ، وبقي هناك 11 سنة ، يحضر دروس الفقه والأصول عند كبار العلماء . لم يكن السيّد الطباطبائي مجتهداً في العلوم العقلية والنقلية فحسب ، بل كان أديباً ، وشاعراً ماهراً ، كتب القصائد الشعرية باللغتين العربية والفارسية ، وكان فنّاناً بارعاً بالخط ، وله منظومة في آداب الخط ضمَّها إلى أحد مؤلَّفاته .




نور 08-31-2009 07:51 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
عبد الرحمن الكواكبي


عبد الرحمن الكواكبي (1854 - 1902) من رواد مفكري النهضة العربية. كتابه "طبائع الإستبداد" من العلامات الفارقة على تطور فكر القومية العربية.

هو عبد الرحمن أفندي ووالده الشيخ أحمد أفندي من آل الكواكبي ومن المدرسين في الجامع الأموي الكبير والمدرسة الكواكبية ، وآخر وظيفة كان فيها عضوية مجلس إدارة ولاية حلب . وبيتهم من بيوتات المجد والشرف ( خاندان ) المشهورة في الأستانة العلية و حلب . ولد السيد عبد الرحمن أفندي الكواكبي في 23 شوال سنة 1265 وتعلم القراءة والكتابة في المدارس الأهلية الابتدائية ، ثم استحضر له أستاذ مخصوص عَلَّمَه أصول اللسانين التركي والفارسي . وتلقى العلوم العربية والشرعية بمدرسة الكواكبية المنسوبة لأُسرته ، وأخذ الإجازات من علمائها ودَرَّس فيها . وهو يقرأ ويكتب بالعربية والتركية . وقد وقف على العلوم الرياضية والطبيعية وبعض الفنون الجديدة بالمطالعة والمراجعة . ومن تأليفه تحرير الجريدة الرسمية ( فرات ) بقسميها التركي والعربي في سنة 1292 إلى سنة 1297 . ومنه جريدة الشهباء التي أنشأها في حلب سنة 1293 وكان هو المحرر لها .
خدمته ووظائفه

دخل في وظائف الدولة رسميًّا في الثامنة والعشرين من عمره وفي سنة 1293 عُيِّنَ محررًا رسميًّا للجريدة الرسمية بقسميها ( كأنه كان في سنة 1292 يحررها بصفة غير رسمية للاختبار ) براتب قدره ثمانمائة قرش . وفي 5 ربيع الأول سنة 1295 عُيِّن كاتبًا فخريًّا للجنة المعارف التي تأسست في ولاية حلب ( يعنون بالفخري ما كان بدون راتب ) . وبعد ثلاث سنين اتسعت دائرة اللجنة وزيد فيها قسم النافعة ( الأشغال العمومية ) وعين عضوا فخريًّا فيها . وفي 2 جمادى الأولى تعين محررًا للمقاولات ( مسجل المحكمة ) وفي 16 ربيع الثاني سنة 1298 صار مأمورالإجراء ( رئيس قلم المحضرين ) في ولاية حلب . وفي 7 رمضان سنة 1298 عين عضوًا فخريًّا للجنة ( قومسيون ) النافعة . وفي 22 ذي القعدة سنة 1299 عين بأمر نظارة العدلية ( الحقانية ) في الآستانة عضوًا في محكمة التجارة بولاية حلب مع البقاء في وظيفته الأولى ( محرر المقاولات ) وفي سنة 1303 انفصل من هذه الأخيرة وفي 4 رجب سنة 1304 عاد إلى وظيفة مأمور الإجراء ، وفي 23 رجب سنة 1310 عُيِّنَ رئيسًا للبلدية .

إلى هنا انتهت وظائف الترجمة الرسمية الأولى ، وجاء في الثانية بعد ذكر ما تقدم أنه في 29 من ربيع الأول سنة 1312 عين رئيس كُتّاب المحكمة الشرعية في حلب ( باشكاتب ) بقرار من مجلس النواب في دار السعادة . وفي 28 ذي الحجة سنة 1312 عين ناظرًا ومفتشًا لمصلحة انحصار الدخان ( الريجي ) المشتركة مع نظارة المالية في ولاية حلب ومتصرفية الزور ، وفي أثناء ذلك اتفق مع إدارة المصلحة وتعاقدا على أن يستلم من المصلحة جميع ما تقدمه من الدخان ( التبغ ) إلى الولاية المتصرفية بزيادة كثيرة عن القدر المعتاد وجميع ما يزرع فيهما منه ، ويتولى بيعه ، وتعهد في إزاء ذلك بمبلغ من المال يزيد عما كانت تبيع به المصلحة دخانها زيادة كبيرة .

وفي غضون ذلك استقال من رياسة كُتَّاب المحكمة الشرعية ثم في 9 ذي الحجة سنة 1314 أعيد إليها وعين رئيسًا للجنة البيع والفراغ ( أي استبدال الأراضي الأميرية من أصحاب اليد بالمال ) وفي 7 ربيع الأول عين رئيسًا أولاً لغرفة التجارة في حلب ورئيسًا لمجلس إدارة المصرف ( البنك ) الزراعي ، وفي 22 رجب عين قاضيًا شرعيًّا لراشيا التابعة لولاية سوريا .

رتبه ووساماته

في 19 رجب سنة 1297 وجهت إليه نيابة دروس أدرنة العلمية . وفي 25 ربيع الثاني وجه إليه تدريس هذه الرتبة . وفي 22 ذي الحجة سنة 1312 وجهت إليه مولوية أزمير المجردة . وفي 28 من جمادى الثانية أعطي الوسام المجيدي من الدرجة الثالثة . اهـ إن من ينظر في هذه الترجمة الرسمية ولم يكن عارفًا بالمترجم ولا بسيره في هذه الوظائف العلمية الأدبية ، الإدارية القلمية ، الحقوقية التجارية ، الزراعية المالية يقول : إن صاحبها من أوساط الناس لا من أفراد الرجال الذين يعدون من علماء الاجتماع وأركان العمران ، ومهذبي الأمم كما وصف في فاتحة القول ، ولكن من يعلم أنه في كل عمل منها آية بينة في إتقان العمل ، وحكمة التصرف ، يحار كيف يحسن رجل هذه الأعمل المتباينة . وإذا وقف بعد ذلك على بعض سيرته في العزيمة وقوة الإرادة وعلم ما كانت تسمو إليه نفسه ، ويرمي إليه فكره ، وقرأ بعض ما جادت به قريحته الوقادة ، وفكرته النقادة ، علم أنه من أفراد الزمان ، وأدرك ماذا كان يرجى منه لو ساعد الزمان والمكان ، وإننا نلم بشيء مما وقفنا عليه من سيرته في مدة صحبتنا له في هاتين السنتين اللتين أقامهما في مصر .

أدبه وأخلاقه

توفيت والدة الفقيد وهو في أول سن التمييز فعهد والده بتربيته إلى خالة له ( من بيوتات أنطاكية ) من نوابغ النساء اللواتي قلما يعرف مثلهن الشرق ، لا سيما في هذا الزمان، كانت تعرف بالعقل والكياسة والدهاء والأدب البارع فنشَّأته على أدب اللسان والنفس فكان من أخلاقه الراسخة الحلم والأناة والرفق والنزاهة والعزة والشجاعة والتواضع والشفقة وحب الضعفاء . وقد كنت ككل من عرفه معجبًا بأناته حتى كنت أقول : إنني أراه يتروّى في رد السلام ويتمكث في جواب من يحييه عدة ثوان ! ولا أكاد أعرف أخلاقًا أعصى على الانتقاد من أخلاقه ولقد كان لسان الحال يصفه بقول ابن دريد : يعتصم الحلم بجنبي حُبْوتِي إذا رياح الطَّيْش طارت بالحبي لا يطبيني طمع مدنّس إذا استمال طبع أو اطَّبي والحلم خير ما اتخذت جُنَّة وأنفس الأبراد من بعد التقى

علمه ومعارفه

نزيد على ما جاء في السيرة الرسمية أن الفقيد درس قوانين الدولة درسًا دقيقًا ، وكان محيطًا بها يكاد يكون حافظًا لها وله انتقاد عليها يدل على دقة نظره في علم الحقوق والشرائع ، ولهذا عينته الحكومة في لجنة امتحان المحامين . ولا أعلم أن برّز في فن أو علم مخصوص فاق فيه الأقران ولكنه تلقى ما تلقاه من كل فنُ يفْهَم ، وعَقِل بحيث إذا أراد الاشتغال به عملاً أو تأليفًا أو تعليمًا يتسنى له أن ينفع نفعًا لا ينظر من الذين صرفوا فيه أعمارهم . ألا تراه كيف ألف كتابًا في طبائع الاستبداد لم يكتب مثله فيلسوف في الشرق ولا في الغرب فيما نعلم وكما سمعنا من كثيرين لهم اطلاع واسع في مؤلفات فلاسفة الغرب وكتابه . على أن الفقيد لم يتعلم شيئًا من علوم النفس والأخلاق والسياسة وطبائع الملل والفلسفة في مدرسة ، وإنما عمدته في هذه العلوم ما طالعه فيها من المؤلفات والجرائد التركية والعربية . أرأيت عقلاً يتصرف هذا التصرف الذي يفوق فيه الحكماء والفلاسفة في علم لم يأخذه بالتلقي وهو أصعب العلوم البشرية وأعلاها . كيف يكون أثره لو تربى وتعلم في مدارس منتظمة كمدارس أوربا الجامعة وكان عنده من مواد العلم ومعرفة الأمة والحكومة بقيمة صاحبه مثلما في أوربا . وبالجملة إنك لم تكن تذاكره في شيء ولا علم إلا ويشاركك فيه على بصيرة .

عمله ووجهته

كانت وجهة الفقيد في كل عمل عمله أو حاوله هي المنفعة العامة فأول شيء ولاَّه وجهه هو إنشاء جريدة في بلاد لم تكن تعرف الجرائد الأهلية ولم تكن بضاعة الكتب رائجة فيها ولو كان في بلاده حرية للجرائد لكان في ( الشهباء ) الأثر المحمود ، ولكن البلاد التي تحكم بالاستبداد كالأرض الموبوءة لا تحيا فيها الجرائد ، ولذلك لم تنجح جريدة من الجريدتين اللتين أنشأهما لأن نفسه الأبية لم تستطع إرضاء الحكام فيما يكتب . وهكذا كان شأنه في وظائفه : ولي رياسة البلدية فكان أول عمل عمله للبلدان أن وضع على طرق المدينة من خارجها سلاسل من الحديد تمنع الجمال التي كانت تسدّ الطرقات وتمنع المارين من التردد في حوائجهم وجعل لهذه الجمال التي تُحْمَل إلى البلد ومنه مكانًا أو أمكنة مخصوصة ، وكانت مصلحة ( القبان ) قد حصرت في واحد من الأغنياء يأخذها من البلدية بالالتزام ولا يتجاسر على الزيادة عليه أحد لتقربه من الرؤساء فلما علم أن الرئيس الجديد لا يصدّه التقرب إليه عن خدمة المصلحة عرض عليه أربعين ألف قرش أو أكثر يعطيه إياها ( رشوة ) كل عام في مقابلة سكوته عنه فلم يقبل الفقيد أن يأخذ لنفسه شيئًا ولكنه قبل أن يكون المبلغ إعانة لصندوق البلدية فعلم الوالي بهذه الزيادة في الصندوق وسعى في أن يكون له سهم منها فأبى عليه الفقيد ذلك فعزله . وهكذا كانت سيرته مع الحكام في كل وظائفه أو جلها : يتصدى للإصلاح فيصدونه عنه لأجل منفعة مالية أو لتقليل نفوذه فلا يتم له عمل .

وكان أول عمل عمله في إدارة مجلس البلدية هو قطع عرق الرشوة من العمال الذين يباشرون الأعمال والمصالح ويسمون ( الجاويشية ) ولكنه زاد في راتبهم ؛ لعلمه بأن الذي يضطر أكثر العمال إلى الرشوة هو قلة الراتب . وكان من ظلم الوالي بعد عزل الفقيد من رياسة البلدية أن أرجع راتب الجاويشية كما كان وألزم صاحب الترجمة بدفع ما كان زاده لهم في مدته إلى صندوق البلدية كما ألزمه بدفع ما أنفق على سلاسل الحديد التي منع بها الجمال من طرق المدرسة ؛ لأن الوالي أمر بإزالتها عقيب عزله ثم عاد فأمر بإعادتها بعد زمن قريب ولكنه لم يعد إلى الفقيد الغرامة التي ظلمه بها . ولما عين رئيسًا لكتاب المحكمة الشرعية كانت المحكمة في أسوإ الأحوال في الصورة والمعنى ، فكان ينفق على إصلاحها من جيبه حتى إنه استحضر لها السجوف والأستار من بيته ومنع اختلاط النساء بالرجال إذ جعل لكلٍّ مكانًا ينتظر فيه دوره للتقاضي ورَتَّبَ الأوقات ونظَّم الدفاتر .

وكان صاحب عزيمة قوية لا يهاب حاكمًا ولا يخاف ظالمًا وعزيمته هي التي جنت عليه فقد كان نجح في عمله عندما عين مديرًا ومفتشًا لمصلحة حصر الدخان كما تقدم في السيرة الرسمية حتى وقع النزاع بنيه وبين عارف باشا والي حلب يومئذ فبطل العمل عمل الفقيد في ضبط هذه المصلحة ما عجزت عنه إدراتها العمومية والحكومة جميعًا حتى كانت تخسر في ولاية حلب دون سائر بلاد الدولة ، وكان المشتغلون بتهريب الدخان البلدي وبيعه في حلب سبعمائة رجل فعين لهم رواتب ومنعهم من التهريب بحكمة عجيبة وسيأتي مجمل خبره في عداء الوالي عند الكلام على بعض الصعوبات التي لقيها في طريقه .

كانت مدة الاتفاق الأول مع مصلحة حصر الدخان ثلاث سنين فانفصل من إدارة العمل والتفتيش بعد سنتين بالسبب الذي ألمعنا إليه ، ولثقة الفقيد بنفسه واقتداره على العمل ذهب إلى الأستانة بعد عزل عارف باشا من ولاية حلب فعقد اتفاقًا آخر مع المصلحة والحكومة مدته عشر سنين وكان أراد أن يضم إلى ولاية حلب متصرفًا فعقد اتفاقًا آخر مع المصلحة والحكومة مدة عشر سنين وكان أراد أن يضم إلى ولاية حلب ومتصرفية الزور ولايتي بيروت و سورية فلم يرض له ذلك من استشاره من الأقربين فرجع عنه . وقد نجح أيضًا في المرة الثانية ولكن حدثت بعد أربع سنين الفتنة الأرمنية فنهب الأرمن الدخان من عدة بلاد وقتلوا موظفي المصلحة فكان الفقيد يخسر في الشهر بضعة عشر ألفًا من الليرات فتوسل بذلك إلى الآستانة بحل العقد وإبطال الاتفاق فتم له ذلك بعد عناء وخسارة عظيمة ولإخلاصه بحب المصلحة العامة كانت أكثر وظائفه فخرية أي بغير راتب كما عرف من الترجمة الرسمية ويزيد على هذا أنه كان يبذل شيئًا من ماله فوق ما أخذه من راتب بعض الوظائف لأجل ترقية العمل وإتقانه ، وهذا خلق لم يعرفه الشرق في هذا العصر .

مشروعاته

طلب من الحكومة عدة امتيازات بأعمال عظيمة لم تكن تخطر لأهل بلاده على بال . ( منها ) إنشاء مرفأ في السويدية وطريق حديدي منها إلى حلب . و ( منها ) جلب نهر الساجور إلى حلب لأن ماء المدينة قليل ، ولو تم هذا العمل لأحييت به أرض واسعة فكانت جنات وحدائق . ( ومنها ) أن عينًا خوارة في سفح جبل بين أرمنان وأدلب قد أغرقت أمواهها تلك الأرض فجعلتها مستنقعات تضر الناس ، ولا يأوي إلى غاباتها إلا الخنزير البري فذهب الفقيد إليها واختبر حال الأرض والعين اختبارًا هندسيًّا زراعيًّا فعلم أنه يمكن جر مائها إلى أدلب القليلة الماء وتجفيف تلك المستنقعات فتصير نافعة وتحيا أرض أدلب ويحيا أهلها فطلب بذلك امتيازًا .

و ( منها ) إنارة حلب وبيره جك ومرعش و أورفه بالكهربائية بواسطة شلال يحدثه من نهر العاصي في محل اسمه المضيق بالقرب من دركوش تابع لجسر الشغر وكان اختبر المكان اختبارًا هندسيًّا فعلم أن إحداث الشلال فيه ممكن . ( ومنها ) استخراج معدن نحاس من أرغنه التابعة لولاية حلب . وقد حال دون إعطاء بعض هذه الامتيازات ما يحول كل مصلحة عامة يطلبها الوطنيون كالرشوة ونحوها . وقد كان أعطى امتياز استخراج النحاس واشتغل به ثلاثة سنين ونيف وبعد ذلك أرادت حكومة الولاية إبطاله لأمر ما فأدخلت مع الفقيد في العمل بعض الأجانب وتوسلت بذلك إلى إبطاله . خدمته للناس وللحكومة : كان اتخذ له مكانًا بين داره ودار الحكومة سماه المركز يأوي إليه وكلاء الدعاوي فكان يؤمه أصحاب الحاجات والقضايا يستشيرون صاحب الترجمة في حل عقد المشكلات ، ويستضيئون برأيه في دياجير المهمات ، وكان في الغالب يفضل بينهم بالتراضي ويغنيهم عن المحاكمة والتقاضي فإن احتيج في قضية إلى الحكومة يندب له من يراه أهلاً لها من الوكلاء المحامين ، وإن كانت عظيمة الشأن أن يندب نفسه ويحاكم المبطل حتى يحق الحق لصاحبه . وقد كان قُصَّادُ ذلك المركز يكادون يزيدون على قصاد دار الحكومة ، وكانت الحكومة نفسها تستشيره في الشئون الغامضة تعتمد على رأيه .

* * *

مقاومة الحكام له

ورث الفقيد عن سلفه السادة الأمراء علو الهمة وقوة العزيمة وعدم المبالاة بالأخطار فهو من سلالة السيد إبراهيم الصفوي الأردبيلي المهاجر إلى حلب وما حديث الصفوية في الإمارة بمجهول . بهذا كان رحمه الله تعالى لا يهاب الحكام ولا يداريهم مع أن حكومتهم في الحقيقة استبدادية . وهذا هو الذي أحبط أعماله في بلده وذهب بثروته . غَاضَبَ عارف باشا أحد ولاة حلب فأغرى بعض الناس بأن يكتب إلى الأستانة شاكيًا من سيئات الوالي شارحًا لهم فعلم الوالي بذلك فعمل مكيدة لحبس الفقيد وضبط أوراقه وزوَّر عليه ورقة سماها ( لائحة تسليم ولاية حلب إلى دولة أجنبية ) وطلب محاكمته عليها ، وحكمُ القانون في هذه الجريمة الإعدامُ ولكنهم غلطوا في معاملته بالحبس وطلب الاستنطاق غلطًا قانونيًّا ما كان ليخفى على الفقيد فكتب إلى الأستانة كتابة مطولة يظهر فيها أن خروج حكومة الولاية عن حدود القانون هو من دلائل تحاملها عليه وتحريها ظلمه ، وطلب أن يحاكم في ولاية أخرى فأجيب طلبه وحُوكم في بيروت فحكم ببراءته وما زال يتتبع الوالي حتى عزل بعد عودته إلى حلب وكان هو أول من بشره بالعزل بواسطة قاضي الولاية ثم إنه أخرجه من حلب بإهانة عظيمة ؛ لأنه أوعز إلى أصناف الفقراء الذين كانوا يسمون الفقيد أباهم لنصرته إياهم فاجتمعوا عند داره بهيئات غريبة فترك أهله وخرج كالهارب وسافر إلى الأستانة وتبعه الفقيد ليحاكمه ولكنه لم يكد يصل إليها حتى مات قهرًا .

وكان الشيخ أبو الهدى أفندي الشهير من أعدائه ويقال أن السبب الأول في ذلك إباء الفقيد أن يصدق على نسب الشيخ أبي الهدى هذا ، وإن الشيخ أبا الهدى صار نقيب أشراف حلب وكانت هذه النقابة من قبل في آل الكواكبي . ومن آداب الفقيد العالية أنه كان هنا يثني على صفات الشيخ أبي الهدى الحسنة كالمروءة والكرم والذكاء والثبات وقلما كان يخوض بانتقاده إلا مع الخواص الذين يعرفون الحقائق فكانت عداوتهما عداوة العقلاء .

خسر الفقيد بتلك المحاكمة ألوفًا من الجنيهات وخسر أضعافها بإدارة شركة انحصار الدخان للمرة الثانية أيضًا ؛ لأن الحكومة مكلفة بحفظ أماكن الشركة فلما حدثت فتنة الأرمن امتنع الوالي عن إرسال العساكر لمنع نهب الأرمن مال الشركة وخسر بعدم مداراة الحكام غير ذلك من المزارع والأرض ( منها ) مزرعة ( جفتلك ) جميل باشا الوالي التي اشتراها منه الفقيد فاعتدى عليها زعماء التركمان بإغراء خفي حتى أخذوها ومنها مزرعة ( جفتلك ) كانت مستنقعات تابعة للأراضي الأميرية فألف لها شركة وأخذها من الحكومة وجففها فأغرى المغرون بعض عشائر الأكراد بالتعدي على حصته فحاكمهم فحكم لهم عليه بالمساعدة الخفية ، وفي أثر ذلك سافر مهاجرًا إلى مصر .

سياسته ورأيه في الإصلاح

لم يكن الفقيد في اشتغاله بخدمة بيته وبلده وحكومته غافلاً عن شئون المسلمين العامة فقد كان يقرأ الجرائد التركية والمصرية حتى الممنوعة التي كانت تدخل إلى حلب كغيرها بوسائط خفية . ولما هاجر إلى مصر كان أول أثر له فيها طبع سجل جمعية أم القرى وكان يقول : إن لهذه الجمعية أصلاً ، وأنه هو توسع في السجل ونقحه ست مرات آخره عند طبعه منذ سنتين ونيف أي عقيب قدومه إلى مصر . وقد قال لنا مرة : إن الإنسان يتجرأ أن يقول ويكتب في بلاد الحرية ما لا يتجرأ عليه في بلاد الاستبداد بل إن بلاد الحرية تولد في الذهن من الأفكار والآراء ما لا يتولد في غيرها . ومن يقرأ الكتاب يظن أن صاحبه صرف معظم عمره في البحث عن أحوال المسلمين وتاريخهم في عقائدهم وعلومهم وآدابهم وتقاليدهم وعاداتهم ومنه يعلم رأي الفقيد في الإصلاح وقد كنا معه على وفاق في أكثر مسائل الإصلاح حتى إن صاحب الدولة مختار باشا الغازي اتهمنا بتأليف الكتاب عندما اطلع عليه وربما نشير إلى المسائل التي خالفنا الفقيد فيها في هامش الكتاب عند طبعه وأهمها الفصل بين السلطتين الدينية والسياسية .

أما آراؤه السياسية فحسبنا منها كتاب طبائع الاستبداد الذي يكاد يكون معجزة للكتاب السياسيين . وقد زعموا أن معظم ما في هذا الكتاب مقتبس من كتاب لفليسوف إيطالي في الظلم . ومن كان له عقل يميز بين أحوال الإفرنج الاجتماعية وأحوالنا وذوقهم في العلم وذوقنا يعلم أن هذا الوضع وضع حكيم شرقي يقتبس علم الاجتماع والسياسة في حالة بلاده حتى كأنه يصورها تصويرًا ، وإذا لاحظ مع ذلك أن هذا الكتاب كان مقالات مختصرة نشرت في المؤيد ثم مدها صاحبها مد الأديم العكاظي وزاد فيها فكانت كتابًا حافلاً يتجلى له علمه الأول بصورة أوضح وأجلى ، وإذا علم بعد هذا كله أنه نقحه بعد الطبع فحذف منه قليلاً وزاد فيه كثيرًا يعلم علم اليقين أن ينبوع علم هذا الرجل صدره وأنه كان يزداد في كل يوم فيضانًا وتفجيرًا ، نعم إن قال في مقدمته : إن بعضه مما درسه ، وبعضه مما اقتبسه ، وإننا نعلم أنه لم يولد إنسان عالمًا ولكن فرقًا عظيمًا بين من يحكي كلام كغيره كآلة ( الفوتغراف ) وبين من يُحَكِّم عقله في علوم الناس فيأخذ ما صح عنده وينبذ ما لا يصح . من كان له مثل هذا العقل الحاكم في كليات العلوم فهو الفيلسوف إن كان اجتهاده هذا في العلوم العقلية والكونية وهو الإمام إن كان اجتهاده في العلوم الدينية .

وجهته الأخيرة

وجه همته أخيرًا إلى التوسع في معرفة حال المسلمين ليسعى في الإصلاح على بصيرة فبعد اختباره التام لبلاد الدولة العلية تركها وعربها وأكرادها وأرمنها ، ثم اختباره لمصر ومعرفة حال السودان منها ساح منذ سنتين في سواحل إفريقية الشرقية وسواحل أسيا الغربية ، ثم أتم سياحته في العام الماضي فاختبر بلاد العرب التي كانت موضع أمله أتم الاختبار فإنه دخلها من سواحل المحيط الهندي ومازال يوغل فيها حتى دخل في بلاد سوريا واجتمع بالأمراء وشيوخ القبائل وعرف استعدادهم الحربي والأدبي وعرف حالة البلاد الزراعية وعرف كثيرًا من معادتها حتى إنه استحضر نموذجًا منها . وقد انتهى في رحلته الأخيرة إلى كراجي ( من مواني الهند ) وسخر الله له في عودته سفينة حربية إيطالية حملته بتوصية من وكيل إيطاليا السياسي في مسقط فطافت به سواحل بلاد العرب وسواحل إفريقيا الشرقية فتيسر له بذلك اختبار هذه البلاد اختبارًا سبق به الإفرنج ، وكان في نفسه رحلة أخرى يتم بها اختباره للمسلمين وهي الرحلة إلى بلاد الغرب ولكن حالت دونه المنية التي تحول دون كل الأماني والعزائم .

أرأيت رجلاً كريم الأصل ، كبير العقل ، تربّى أحسن تربية وتعلم أحسن تعليم ودخل في الأعمال المختلفة وتصدى للمشروعات المتعددة وكتب في أدق المسائل أحسن الكتابة وساح في البلاد ، واختبر أحوال الأمم ، حتى بلغ أشده ، واستوى كيف يكون حاله وما هي درجة استعداده ؟ هذا هو صديقنا الذي فقدناه بالأمس ، فكأنما فقدنا به الشمس ، ومثل تلك الآمال الكبيرة لا تبلغ إلا بمساعدة الحكومة أو سعة المال أو الجمعيات ، وقد كان له أمل في مصر وأميرها أراه الاختبار خلافه . ولقد كان لموته تأثير كبير في الفضلاء والعقلاء ، وقد نُعِيَ إلى الجناب الخديوي في صبيحة الليلة التي مات فيها فأمر بأن يجهز على نفقة سموه وأن يعجل بدفنه فكان ذلك . فرحم الله فقيدنا وأحسن عزاء الإسلام والشرق فيه .





نور 08-31-2009 07:51 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
وريس ميرلو بونتي



موريس ميرلوبونتي (1908–1961 م) فيلسوف فرنسي تأثر بفينومينولوجيا هوسرل وبالنظرية القشتالتية التي وجهت اهتمامه نحو البحث في دور المحسوس والجسد في التجربة الإنسانية بوجه عام وفي المعرفة بوجه خاص. من أهم كتبه بنية السلوك (1942 م) و فينومينولوجيا الإدراك (1945). و قد بين في هذه الأعمال بطلان مطامح علم النفس في تأسيس ذاته كعلم. والنقد هنا ليس موجها فقط إلى علم النّفس بل إلى العلم بشكل عام بسبب نزوع هذا الأخير نحو تقديم فهم اختزالي وجاف للظواهر. ومهمة الفلسفة الفينومينولوجية، حسب ميرلوبونتي، تتمثل في تحقيق الرجوع إلى عالم الحياة الأصلي والبدئي وفي "العودة إلى الأشياء ذاتها"


نور 08-31-2009 07:52 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
توما الأكويني


القديس توما الأكويني (بالإيطالية: Tommaso d'Aquino) فيلسوف ولاهوتي إيطالي كاثوليكي شهير من أتباع الفلسفة المدرسية، طُوب قديساً. هو أحد علماء الكنيسة الثلاثة والثلاثين، ويعرف بأنه العالم الملائكي Doctor Angelicus، اعتبرته الكنيسة عالمها الأعظم، وظلت فلسفته التوماوية لوقت طويل المدخل الفلسفي الأساسي لمقاربة فكر الكنيسة الكاثوليكية. وهو حامي الجامعات والكليات والمدارس الكاثوليكية.

ولد في روكاسكا قرب أكوين عام 1225، وتوفي في 1274.
سيرة ذاتية

ولد توما الأكويني في 1225 في قلعة والده الكونت لاندوفل روكاسكا قرب أكوين في مملكة نابولي وإليها نسبته. كان عمه سينيبالد رئيس الرهبان البندكتيين في ديرهم الرئيسي في مونت كاسيني، ونوت العائلة أن يخلف توما عمه في منصبه، الأمر الذي يعد مسار مهنة طبيعي للابن الأصغر في أسرة نبلاء.

في سن الخامسة أُرسل إلى الدير ليتلقى تعليمه المبكر، وبعد الدراسة لمدة ست سنوات في جامعة نابولي، غادرها في سن السادسة عشرة، بتأثير الرهبان الدومينيكان، الذين كانوا يبذلون قصارى جهدهم لجذب الدارسين الشبان ذوي المهارة، واكتساب مكانة بينهم؛ مقدمين مع الرهبان الفرانسيسكان تحدياً ثورياً للنظام الإكليروسي الراسخ في أوروبا القرون الوسطى المبكرة.

هذا التغيير في المعتقد لم يرض عائلته، وفي طريقه إلى روما، اعتقل توما بواسطة شقيقه وأعيد إلى والديه في قلعة سان جيوفاني حيث بقي مُعتقلاً لسنة أو اثنتين لجعله يتراجع عن مقصده. وطبقاً لتراجمه المبكرة، فإن عائلته حاولت كل شيء لثنية عن مقاصده. وفي النهاية هُزمت معارضة عائلته بوساطة البابا إنوسنت السادس، واعتنق توما مذهب القديس دومينيك في عامه السابع عشر.

عندما لمس مشرفوه استعداده الطبيعي للدراسات اللاهوتية أرسلوه إلى المدرسة الدومينيكانية في كولونيا، حيث كان ألبرتس ماغنوس يُحاضر في الفلسفة واللاهوت. وصل توما إلى هناك في أواخر 1244، وصاحب ألبرتس إلى جامعة باريس في 1245 ليبقى هناك مع معلمه ثلاث سنوات، تخرج بعدها حاملاً شهادة في اللاهوت. في 1248 عاد إلى كولونيا مع ألبرتوس، وعُين محاضراً ثانياً، وطالب ماجستير. ويُمكن أن تؤخذ هذه السنة على أنها بداية نشاطه الأدبي، وحياته العامة.

قبل مغادرته باريس، أثيرت منازعات بين رجال الدين غير الرهبان، وبين الرهبان فيما يتعلق بحق التدريس في كلية اللاهوت بجامعة باريس، فاختير الأكويني الشاب ليدافع عن نظامه، ويجادل قائد الحملة ضد الرهبان غيوم دي سانت آمور الذي استطاع، في غيبة لويس التاسع أن يحد من حقوق الرهبان في التدريس، وقصره على مقر واحد، لكن البابا ألكسندر الرابع أعاد إلى الرهبان حقوقهم المكتسبة في سنة 1245. لسنوات عديدة لاحقة بقي توما مع فيلسوف المدرسية الشهير ألبرتس، وكانت صحبتهما ذات تأثير مهم في تطور توما الفكري، فقد جعلته دارساً شاملاً للمدرسية، ومتبعاً للطريقة الأرسطية.



نور 08-31-2009 07:52 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
بيار بورديو


بيار بورديو (1 أغسطس 1930 – 23 يناير 2002) عالم اجتماع فرنسي من المراجع العالمية في علم الاجتماع. بدأ نجمه يبزغ بين الأخصائيين انطلاقًا من الستينات وازدادت شهرته في آخر حياته بالتزامه العلني إلى جانب "المغلوبين". كان مصبّ عنايته تحليل إواليات تكرر التمرتبات الاجتماعية من جيل إلى جيل وذلك بتسليط الضوء على العوامل الاجتماعية والرمزية فيه.

العنف الرمزي

انتقد بورديو تغاضي الماركسية عن العوامل غير الاقتصادية إذ أن الفاعلين الغالبين ، في نظره، بإمكانهم فرض منتجاتهم الثقافية (مثلا ذوقهم الفني) أو الرمزية (مثلا طريقة جلوسهم أو ضحكهم وما إلى ذلك). فللعنف الرمزي (أي قدرة الغالبين على الحجب عن تعسف هذه المنتجات الرمزية وبالتالي على إظهارها على أنها شرعية) دور أساسي في فكر بيار بورديو. معنى ذلك أن كل سكان سوريا مثلا بما فيهم الفلاحون سيعتبرون لهجة الشام مهذبة أنيقة واللهجات الريفية غليظة جدًّا رغم أن اللهجة الشامية ليست لها قيمة أعلى بحد ذاتها. وإنما هي لغة الغالبين من المثقفين والساسة عبر العصور وأصبح كل الناس يسلّمون بأنها أفضل وبأن لغة البادية رديئة. فهذه العملية التي تؤدي بالمغلوب إلى أن يحتقر لغته ونفسه وأن يتوق إلى امتلاك لغة الغالبين (أو غيرها من منتجاتهم الثقافية والرمزية) هي مظهر من مظاهر العنف الرمزي.

الحقول الاجتماعية

إضافة إلى ذلك فالعالَم الاجتماعي الحديث مقسَّم في نظر بورديو إلى "حقول" أي فضاءات اجتماعية أساسها نشاط معيَّن (مثلا: الصحافة، الأدب، كرة القدم إلخ) يتنافس فيها الفاعلون لاحتلال مواقف الغلبة (مثلا: يريد الصحافي أن يشتغل في أنفذ جريدة وأن يحصل فيها على أجلّ منصب). فعلى غرار الماركسية إذن يرى صاحبُنا العالَم الاجتماعي نزاعيًّا بيد أنه يؤكد أن هذه الكفاحات مفرَّقة بين الحقول المختلفة وليست صراع طبقات على صعيد المجتمع بجملته فقط.

التطبع

ومن المفاهيم التي صاغها بورديو أيضًا مفهوم التطبع الذي يلعب الآن دورًا أساسيًا في كافة فروع العلو م الاجتماعية. فالفاعلون يطورون إستراتيجيات تركن إلى عدد قليل من الاستعدادات التي يكتسبها المرء بشكل لا شعوري في محيطه الاجتماعي والتي تمكِّنه من أن يكيف عمله مع ضرورات محيطه المعتاد (مثلا يطور الفلاح عقلية وعادات معينة سيطبقها على كل المشاكل التي يوجهه في حياته أمتّت بصلة إلى محيطه المعتاد أم لا) ولكل إنسان تطبعه الخاص الذي يختلف باختلاف الحقول التي هو طرف فيها وباختلاف الموضع الذي يحتله ضمن تلك الحقول.

التحليل الانعكاسي

كما أن بورديو شدد في آخر عقد حياته على ضرورة تحليل عالِم الاجتماع عملَه وخطابه ونشاطه تحليلا انعكاسيًا (ذاتيًا). بعبارة أخرى عليه أن يستعمل اكتشافات علمه ليغربل دوره وليكشف العوامل التي الناتجة عن تاريخه الشخصي وتطبعه والتي قد تؤثر على ممارسته العلمية وتشوش رؤيته للمجتمع دون أن يعي. ولذلك أصبح التحليل الانعكاسي في نظر بورديو شرطًا لكل عمل نزيه وموضوعي في مجال العلوم الاجتماعية.


أهم آثاره

فلا تزال أعمال بيار بورديو (أكثر من 30 كتابًا ومئات المقالات) تغذي فكر الباحثين وإن أُخذ عليها أحيانًا ميله إلى الحتمية.

* سوسيولوجيا الجزائر (1958)
* الورثاء: الطلبة والثقافة (1964)
* التكرر: موادّ من أجل نظرية لنظام التعليم (1970)
* التميز: نقد اجتماعي للأحكام (1979)
* الحس العملي (1980)
* معنى القول: اقتصاد التبادلات اللسانية (1982)
* درس في الدرس (1982)
* أقوال (1987)
* أنطولوجيا مارتن هيدغر السياسية (1988)
* قوانين الفن : تكوين الحقل الأدبي وبنيته (1992)
* بؤس لعالَم (1993)
* مسائل في علم الاجتماع (1994)
* تأملات باسكالية (1997)
* الغلبة الذكورية (1998)
* علم العلم وانعكاسية (2001)
* مداخلات سياسية 1961-2001 (2002)
* تخطيط لتحليل ذاتي (2004)




نور 08-31-2009 07:53 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
هاوارد زين


هاوارد زين، بالإنجليزية (Howard Zinn) من (مواليد 24 آب/أغسطس 1922) مؤرخ أمريكي، ناقد اجتماعي وسياسي عالمي.

تدمج فلسفة زين مابين الفكر الماركسي والاشتراكية والديمقراطية الاجتماعية. وكان من أبرز المدافعين عن الحقوق المدنية والحركات المناهضة للحرب منذ الستينيات ولا يزال.

مؤلف لما يزيد عن 20 كتاباً من أكثرها انتشاراً كتاب تاريخ الولايات المتحدة، وهو كتاب مازال يطبع منذ عقود وقد بيع منه أكثر من مليون نسخة.

هوارد زين استاذ فخري في قسم العلوم السياسية في جامعة بوسطن. ويقيم في حي أوبورندالي نيوتن في ماساشوستس مع زوجته روزلين وهي فنانة ومحررة ساعدت وكان لها دور في تحرير كتب زوجها. وقد أنجبا مايلا وجيف، ولهما منهما خمسة أحفاد.
الحقوق المدنية

في عام 1956 عين زين رئيساً لقم التاريخ والعلوم الاجتماعية في كلية سبيلمان حيث شارك في حركة الحقوق المدنية. وتعاون مع المؤرخ ستاوغتون ليند في توجيه الطلاب والناشطين وتوعيتهم لما له علاقة بالحقوق المدنية، وأقيل من عمله بعد أن وقف مع الطلاب في مطالبهم بخصوص المساواة، وعلق على تلك الفترة بقوله: "لقد تعلمت من طلابي أكثر مما تعلموا مني".

كتب زين كثيراً عن النضال من أجل الحقوق المدنية، وأخذ أجازة مدة سنة عام 1960 ليتفرغ لكتابة اثنين من أهم كتبه.

جهوده المناهضة للحرب

التحق عام 1964 بجامعة بوسطن، حيث درّس التاريخ والحريات المدنية حتى عام 1988، خلال هذه المرحلة عرف زين بانتقاده الكبير للحرب، خصوصاً حرب فيتنام.

لقد تشكلت آراؤه المناهضة للحرب من خلال خبرته الشخصية. ففي أبريل/نيسان من عام 1945 شارك في قصف مدينة روين في فرنسا، في أول استخدام لقنابل النابالم في تاريخ الحروب. القنابل استهدفت الجنود الألمان الذين، حسب وصف زين، كانوا ينتظرون اليوم الذي تنتهي فيه الحرب. الهجوم تسبب بمقتل جنود ألمان ومدنيين فرنسيين. بعد تسع سنوات أخر، زار زين مدينة رويان، لقراءة بعض التقارير وإجراء بعض المقابلات مع السكان. في كتابه، "سياسة التاريخ" و "القارئ زين"، استخلص بأن قرار ذلك الهجوم اتخذه قادة بهدف تحسين أوضاعهم الوظيفية أكثر من تحقيق أي هدف عسكري.

يناقش زين شرعية العمليات العسكرية التي يسقط فيها مدنيون في قصف المدن كما حصل في دريسدن، رويان، طوكيو، هيروشيما، ناجازاكي، إبان الحرب العالمية الثانية، وعلى مدينة هانوي في حرب فيتنام وبغداد في حرب العراق الأخيرة. وقد قدم وجهة نظره في كتاب "هيروشيما، نهاية الصمت"، حول استهداف المدنيين، وكانت نسبة المدنيين في الحرب العالمية الأولى نحو 1 إلى 10 جنود، وفي الحرب العالمية الثانية 1 إلى 1 ، لكنها في الحروب الحديثة باتت 2 إلى 8، وبدل قصف المدنيين، وقال بأن مواجهة دول المحور كان يمكن أن يتم إبان الحرب العالمية الثانية من خلال النشاطات الشعبية والمقاومة اللاعنفية.

فيتنام والعراق

زيارة زين إلى فيتنام بصحبة دانييل بيرغان، خلال عام 1968، حققت إطلاق صراح ثلاثة من جنود سلاح الجو الأمريكي، وهم أول من يتم تحريرهم منذ بدء الهجوم الأمريكي على ذلك البلد. وقد تم الترحيب بالحدث على مستوى واسع، وتناقلته الصحف والقنوات، وكتبت حوله الكتب ومنهم كتاب: "من رفع صوته؟ الاحتجاجات الأمريكية ضد حرب فيتنام".

وكان زن معارضاً قوياً للحرب ضد العراق، وأكد على أن أمريكا ستنهي حربها واحتلالها للعراق عندما يتعاظم حجم الاحتجاجات داخل الجيش، بنفس الطريقة التي حصل بها الأمر في فيتنام.

تاريخ الناس

يرى زين كمؤرخ بأن التاريخ الأمريكي يقدم في الكتب التقليدية بطريقة قاصرة. فقام بكتابة تاريخ الولايات المتحدة بنفسه، من خلال كتاب "التاريخ الشعبي للولايات المتحدة" في محاولة لتقديم وجهات نظر أخرى للتاريخ الأمريكي. يقدم الكتابة وصفاً للصراع بين الأمريكيين الاصليين والأوربيين، والغزو الأمريكي والتوسع، العبيد ضد العبودية، النقابات ضد الرأسماليين، النساء ضد الاضطهاد، الأفروأمريكيين ضد التمييز العنصري للحصول على حقوقهم المدنية، وآخرون ممن لم تحظ قصصهم بفرصة في الطريقة التي يعرض بها التاريخ عادة.

ظهرت الطبعة الأولى عام 1980، ومنذ ذلك الحين أصبح الطلاب مطالبين بقراءته في الثانويات والجامعات، وصار أحد النماذج الشهيرة في نقد علوم التدريس.

في ربيع عام 2003 احتفالاً ببيع النسخة رقم مليون من الكتاب عقدت جلسة لقراءة الكتاب وإصدار تسجيل صوتي مع مؤثرات صوتية في مدينة نيويورك. وبصوت هاوارد زين نفسه. تم بث الحفل على شبكة "ديمقراطية الآن" (Democracy Now!) ونشر الحفل أيضاً في قرص مدمج تحت عنوان: "الناس يتكلمون: أصوات أمريكية، بعضها مشهور، وبعضها مغمور".


نقد

يقدم مايكل كازين وهو ليبرالي معارض للماركسية وصفاً لهاورد زين، باعتباره "مبشراً ذو خيال ضيق لا يعني التاريخ بالنسبة إليه سوى سلسلة طويلة من الازدواجية الأخلاقية الصارمة". ويرد أروان سارفر على كازين بإظهار احترامه وإكباره لـ"التاريخ الصوتي الشعبي للولايات المتحدة"، إنها قصص تعرض روايات محزنة وأخرى ترفع الرأس من التاريخ الأمريكي.

ويقول كانييل فلين، وهو صاحب كتابين يدعم فيهما مواقف اليمين، أن زين "ذو عقلية منغلقة داخل إيديولوجيا ضيقة".

مؤلفاته


فنانون في زمن الحرب (1993)

الحرب الباردة والجامعة (1997)

إعلان الاستقلال: فحص الإيديولوجيا الأمريكية (1991)

العصيان والديمقراطية: المغالطات التسع حول لقانون والنظام (1968 وطبعة جديدة 2002)

إيما: مسرحية من فصلين حول إيما غولدمان، ثائرة أمريكية 2002

فشل في الانسحاب (1993)

مستقبل التاريخ: مقابلات مع ديفيد بارسماين (1999)

هيروشيما، نهاية الصمت (1995)

التاريخ الشعبي في الولايات المتحدة

تاريخ الشعبي للحرب الأهلية

والكثير من المؤلفات الأخرى..



نور 08-31-2009 07:53 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
رشدي راشد


رشدي حفني راشد (و. 1936) مفكر وفيلسوف مصري فرنسي. وشغل مناصب عدة في المركز الفرنسي للأبحاث العلمية منذ 1965، ومنصب مدير أبحاث الإبستمولوجيا وتاريخ العلوم في جامعة دنيس ديدرو بباريس حتى عام 2001، ومدير مركز الفلسفة والعلوم والفلسفة العربية للعصور الوسطى حتى عام 2001.

ولد رشدي راشد في القاهرة عام 1936، ودرس في جامعة القاهرة حيث حصل على ليسانس الفلسفة وهو في العشرين من عمره، ثم انتقل إلى فرنسا حيث حصل على دبلوم الرياضيات من جامعة باريس، ونال دكتوراه الدولة في تاريخ فلسفة الرياضيات من الجامعة نفسها.

مؤلفاته

وضع رشدي راشد أكثر من 30 كتاباً.

* "موسوعة تاريخ العلوم العربية"، مركز دراسات الوحدة العربية ومؤسسة عبد الحميد شومان، 1996.

جوائز وتكريم

* جائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية لعام 2007.
* ميدالية الرئيس الفرنسي للإنتاج العلمي عام 1989,
* ميدالية الأكاديمية الدولية لتاريخ العلوم (ميدالية ألكسندر كويري) عن أعماله عام 1990.



نور 08-31-2009 07:54 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
جوسف پريستلي


جوسف پريستلي {{**** (و. 13 مارس 1733 - 8 فبراير 1804) فيلسوف طبيعي بريطاني, ورجل دين معارض, ومنظر سياسي ومعلم. أهم ما يُذكر به اكتشافه في نفس الوقت مع أنطوان لاڤوازييه لغاز الأكسجين.

ظل الفضل في اكتشاف الأكسجين ينسب طويلا إلى جوزف بريستلي لا إلى شيليه، لأنه اكتشفه مستقلا عن شيليه، وأذاع اكتشافه هذا في 1775 قبل عامين من نشر شيليه المتأخر لكشفه. ومع ذلك فنحن نكرمه لأن أبحاثه أتاحت للافوازييه أن يضفي على الكيمياء شكلها الحديث، ولأنه كان من الرواد في الدراسة العلمية للكهرباء، ولأنه أسهم بشجاعة في الفكر البريطاني عن الدين والحكومة حتى أن جماعة متعصبة من الغوغاء أحرقت بيته في برمنجهام وحملته على الالتجاء إلى أمريكا. وقد لمس تاريخ الحضارة في نقط كثيرة، وهو واحد من أعظم شخصياته إلهاماً. ولد في يوركشير في 1733، لمشاط من المنشقين على الكنيسة الرسمية. وأكب بنهم على دراسة العلم، والفلسفة، واللاهوت، واللغات؛ فتعلم اللاتينية، واليونانية، والفرنسية، والألمانية، والإيطالية، والعربية، وحتى طرفاً من السريانية والكلدية. واشتغل أول الأمر واعظاً منقشاً في سافوك، ولكن عقده في لسانه انتقصت من تأثير بلاغته في السامعين. فلما بلغ الخامسة والعشرين نظم مدرسة خاصة بعث الحياة في منهاجها بتجارب في الفيزياء والكيمياء. وفي الثامنة والعشرين أصبح معلماً في أكاديمية للمنشقين في وارنجتن، وهناك علم خمس لغات، ووجد رغم ذلك الوقت ليجري أبحاثاً أكسبته زمالة في الجمعية الملكية (1776). في تلك السنة التقى بفرانكلن في لندن فشجعته على تأليف كتابه "تاريخ الكهرباء ووضعها الراهن" (1776) وهو مسح جدير بإعجاب للموضوع بأسره حتى جيله. وفي 1767 عين راعياً لكنيسة مل هل بليدز. وقد تذكر في تاريخ لاحق من حياته، إنه "نتيجة لسكناي حيناً بقرب مصنع عمومي للجعة أغريت بإجراء تجارب على الهواء الثابت(31). لأن عجين مصنع الجعة انبعث منه غاز ثاني أكسيد الكربون. وقد أذابه في الماء، وأعجبته نكهته الفوارة؛ وكان هذا أول "ماء صودا".

وفي 1772 أعفى من هموم الرزق بتعيينه أمين مكتبة للورد شلبيرن. وفي البيت الذي جهز له بكولن أجرى التجارب التي أكسبته شهرة دولية.

وقد حسن "وعاء هيلز الغازي" بأن جمع فوق الزئبق، بدلا من الماء، الغازات التي ولدها بأنواع مختلفة من المزج. ففي 1772 عزل أكسيد النتريك، وأكسيد النتري (الغاز الضحاك) وكلوريد الهيدروجين؛ وفي 1773 النشادر (مستقلاً عن شيليه)؛ وفي 1774 ثاني أكسيد الكبريت؛ وفي 1776 بيروكسيد الأزوت. وفي 15 مارس 1775 أرسل إلى جمعية الملكية خطاباً أذاع فيه كشفه للأكسجين. وقد وصف طريقته في المجلد الثاني من كتابه تجارب ومشاهدات في مختلف أنواع الهواء (1775) فقال أنه باستعمال عدسة حارقة قوية: "شرعت... بالاستعانة بها في أن أفحص نوع الهواء الذي تطلقه أنواع كثيرة جداً من المواد) حين تسخن بهذه الطريقة (بوضعها في... أوان... مملوءة بالزئبق ومقلوبة في حوض الزئبق... وبهذا الجهاز...، في أول أغسطس 1774، حاولت استخراج الهواء من الزئبق المكلس وحده (أكسيد الزئبق) وسرعان ما وجدت أن الهواء يطرد منه بسرعة باستعمال هذه العدسة... والذي أدهشني دهشة لا يمكنني التعبير عنها أن شمعة اشتعلت في هذا الهواء بلهب قوى جداً(32).

فلما لاحظ-كما لاحظ شيليه- أن في استطاعة فأر أن يعيش أطول في هذا الهواء المنزوع اللاهوب أو الفلوجستون (كما سمى الأكسجين) مما يعيش في الهواء العادي، خطر له أن يجرب بنفسه الهواء الجديد. "لن يعجب القارئ لأنني بعد أن أكد لي عظم صلاحية الهواء المنزوع اللاهوب من حياة الفئران فيه، وبغير ذلك من التجارب التي سبق ذكرها، تطلعت إلى تذوقه بنفسي. فأشبعت فضولي باستنشاقه وسحبه من زجاجة سيفون؛ وبهذه الطريقة أحلت أبريقاً كبيراً مملوءاً به إلى مستوى الهواء العادي. ولم يكن إحساس رئتي به يختلف اختلافاً محسوساً عن إحساسهما بالهواء العادي. ولكن خيل إلي أن صدري ظل بعض الوقت بعدها يحس بأنه خفيف إلى درجة غريبة. ومن يدري، فلعل هذا الهواء النقي سيصبح يوماً ما أداة عصرية من أدوات الترف؟ أما إلى اليوم فإن أحداً لم يستمتع باستنشاقه سواي أنا وفأرين(33)...

وقد تنبأ ببعض صور هذا الترف المستقبل: لنا أن نحزر-من قوة لهيب الشمعة المضاءة في هذا الهواء النقي وسطوعها الزائد-أنه قد يكون أصلح جداً للرئتين في حالات مرضية معينة، حين لا يكفي الهواء العادي إزالة الزفر الفلوجستي الفاسد (ثاني أكسيد الكربون) بالسرعة الكافية. ولكن ربما استنتجنا أيضاً من هذه التجارب أنه وإن كان الهواء المنزوع اللاهوب (الأكسجين) مفيداً جداً كدواء ، فإنه قد لا يكون بمثل هذه الصلاحية لنا في حالة الصحة العادية للبدن، لأن الشمعة تشتعل في الهواء المنزوع اللاهوب بأسرع مما تشتعل في الهواء العادي، ومن ثم فقد نفني حياتنا بأسرع مما ينبغي وتستهلك فينا القوة الحيوانية على عجل في هذا النوع النقي من الهواء(34).

وقد تألفت تجارب بريستلي بالفروض المثمرة والإدراكات اليقظة، ولكن تفسيراته النظرية كان أكثرها تقليداً. فقد ظن كما ظن شتال وشيليه أنه في الاحتراق يخرج الجسم المشتعل مادة هي الفلوجستون (اللاهوب) وذهب إلى أن هذه المادة تتحد مع أحد مكونات الهواء ليكونا "الهواء التالف" أو "الهواء ذات اللاهوب" (وهو الأزوت) أما المكون الآخر فسماه"الهواء المنزوع اللاهوب" وهو ما سيطلق عليه لافوازييه اسم الأكسجين. وبينما كان لافوازييه يقول بأن الجسم في عملية الاحتراق يمتص الأكسجين من الهواء بدلا من أن يطرد الفلجستون فيه، ظل بريستلي إلى آخر حياته متمسكاً بالمفهوم القديم. وفي 1774 سافر مع اللورد شلبيرن إلى القارة، وأخبره بتجارب الأكسجين. وفي 1780 أحاله شلبيرن إلى التقاعد بمعاش سنوي قدره 150 جنيهاً. واستقر بريستلي في برمجنهام قسيساً أصغر لجماعة كبيرة من المنشقين تدعى "المحفل الجديد". وانضم إلى جيمس وات، وجوسيا ودجوود، وارزمس داروين، وماثيوبولتن، وغيرهم في "جمعية قمرية" تناقش أحدث الأفكار في العلم، والتكنولوجيا، والفلسفة. وكان محبوباً من جميع الطبقات تقريباً وموضع الإعجاب لوجهه البشوش، وتواضعه، وسماحته، وطهارة حياته التي لا تشوبها شائبة(35). ولكن بعض جيرانه ارتابوا في مسيحيته. وفي كتابه "مقالات في المادة والروح" (1777) رد كل الأشياء، حتى النفس، إلى المادة وأصر على أن هذا الرأي شئ لا غبار عليه.

"فمعلوم جيداً لأهل العلم... إن ما عناه القدماء بالكائن اللامادي إنما هو نوع مهذب مما ينبغي أن نسميه الآن مادة، شئ كالهواء أو النفس، زود الناس لأول مرة باسم للنفس... ومن ثم لم يستعبد القدماء من العقل خاصية "الامتداد" والضغط المحلي. فقد كان لهم في رأيهم بعض الخواص المشتركة بينه وبين المادة، وكان في استطاعته أن يتحد معها، وأن يؤثر فيها ويتأثر بها... وعليه فقد رؤي أن... قوة الحس أو التفكير... يمكن أن تنقل لأغلظ ضروب المادة... وأن "النفس" "والجسم" لا بد أن يموتا معاً لأنهما في الواقع مادة واحدة(36).

وفي كتاب آخر نشره في نفس العام اسمه"شرح عقيدة الضرورية الفلسفية"، أنكر بريستلي بحماسه حرية الإرادة أسوة بهارتلي وهيوم. وفي كتابه "تاريخ تحريفات المسيحية" (1782) رفض المعجزات وسقوط آدم، وكفارة المسيح، وعقيد الثالوث. وذهب إلى أن هذه العقائد كلها تحريفات أدخلت أثناء تطور المسيحية؛ إذ لا وجود لها في تعاليم المسيح والرسل الأثنى عشر. ولم يبق من المسيحية في بريستلي غير الإيمان بالله المبني على شهادة للقصد الإلهي. ولم يكن راضياً تمام الرضى عن فكرة الخلود، فألمع إلى أن الله في يوم الحشر سيعيد خلق الأموات جميعاً. على أن رجاه الحقيقي لم يكن معقوداً على سماء في الآخرة بل على "بوتوبيا" تبنى على هذه الأرض بانتصار العلم على الخرافة والجهل. وندر أن عبر إنسان بحرارة كما عبر بريستلي عن دين القرن الثامن عشر، وعن التقدم، إذ يقول:

كل المعرفة ستقسم فروعاً وتوسع، ولما كانت المعرفة قوة كما لاحظ اللورد بيكون، فإن قوى البشر ستزداد في الواقع، فالطبيعة -مواردها وقوانينها- ستكون في متناول أكثر من ذي قبل، وسيجعل الناس وضعهم في هذا العالم أشد يسراً وراحة، وأغلب الظن أنهم سيطيلون وجودهم فوقه، وسيصبحون كل يوم أسعد حالاً، كل سعيد في ذاته، وأقدر (وأكثر ميلاً في ظني) على توصيل السعادة لغيره. ومن ثم، فأياً كانت بداية هذا العالم، فإن نهايته ستكون أمجد وأسعد مما يستطيع خيالنا الآن أن يتصوره...(37) وطوبى للذين يسهمون في نشر النور النقي لهذا الإنجيل الخالد(38). وفي رؤيا بريستلي أن بعض هذا التقدم المجيد سيكون سياسياً، وسيبنى على مبدأ إنساني بسيط "فتحقيق الخير والسعادة... لأغلبية الناس في أي دولة، هو المعيار الذي يجب أن يقرر به نهائياً كل شئ يمت إلى تلك الدولة(39). ويقول بنتام أنه وجد هنا مصدراً من مصادر فلسفة المنفعة التي بشر بها. وعند بريستلي أن الحكومة العادلة الوحيدة هي التي تستهدف إسعاد مواطنيها. ومما يتفق تماماً مع المسيحية أن يطيح الشعب بالحكومة التي يتضح له ظلمها. وقد أجاب عن تحذير القديس بولس الذي قال فيه "إن السلاطين الكائنة هي مرتبة من الله." بقوله "للسبب نفسه ستكون سلاطين المستقبل مرتبة من الله أيضاً(40).

وكان طبيعياً أن يتعاطف ثائر كهذا مع المستعمرات في احتجاجها على فرض الضرائب عليها دون أن يكون لها ممثلون في البرلمان البريطاني. وقد صفق للثورة الفرنسية بحرارة أشد حتى من حرارة تعاطفه مع المستعمرات. ولما ندد بها بيرك دافع عنها بريستلي فدمغه بيرك في البرلمان بالهرطقة. وكان بعض أصدقاء بريستلي يشاركونه آراءه المتطرفة. وفي 14 يوليو 1791 اجتمعت "جمعية برمنجهام الدستورية" في الفندق الملكي للاحتفال بالذكرى السنوية لسقوط الباستيل. ولم يحضر بريستلي الاحتفال. واحتشد جمع أمام الفندق واستمعوا إلى اتهامات زعمائهم للمهرطقين والخونة، ثم قذفوا نوافذ الفندق بالحجارة، ففر أصحاب المأدبة. وانطلق الجمع إلى بيت بريستلي فأحرقوه مبتهجين وأتوا على مختبره وأدواته ومكتبته ومخطوطاته. ثم ظلوا ثلاثة أيام يجوبون أنحاء برمنجهام وهم يقسمون أن يقتلوا جميع "الفلاسفة"؛ وراح المواطنون المروعون يخطون على زجاج نوافذهم عبارة "لا يوجد هنا فلاسفة". وفر بريستلي إلى ددلي، ثم لى لندن. ومنها وجه رسالة في 19 يوليو إلى أهل برمنجهام قال فيها:

مواطني وجيراني الأسبقون. بعد أن عشت معكم أحد عشر عاماً، خبرتم كلكم على السواء خلالها ذلك المسلك المسالم الذي كنت أسلكه في العكوف على الواجبات الهادئة لمهنتي وللفلسفة، لم أتوقع قط تلك الأضرار التي أوقعتموها مؤخراً بي وبأصدقائي... وعقول الإنجليز لحسن الحظ تستبشع "القتل"، ومن ثم لم تفكروا فيه (وهو ما أرجوه). ولكن ما قيمة الحياة إذا ارتكب كل شئ لجعلها شقية تعسة؟.. لقد دمرتم أثمن وانفع جهاز حقاً من الأجهزة الأدوات الفلسفية... لقد دمرتم مكتبة.... لا يمكن لمال أن يشتريها من جديد إلا بعد زمن طويل ولكن ما يحز في نفسي أكثر من هذا أنكم دمرتم مخطوطات هي ثمرة الدرس الكادح في سنوات كثيرة، ولن أستطع أبداً إعادة تأليفها من جديد؛ وقد فعلتم هذا بإنسان لم يؤذكم ولم يخطر له قط أن يؤذيكم.

وتخطئون إذا ظننتم أن مسلككم هذا قد يخدم قضيتكم أو يضر قضيتنا... فلو أنكم قضيتم على كما قضيتم على بيتي، ومكتبي، وأجهزتي، فإن عشرة أشخاص آخرين لهم من الجرأة والكفاية ما يعادل مالي أو يفوقه سيظهرون على الفور. ولو قضي على هؤلاء العشرة لظهر بدلهم مائة... نحن في هذا الأمر أشبه بالحملان وأنتم بالذئاب. وسنتمسك بخلقنا، ونرجو أن تغيروا خلقكم. وأياً كان الأمر، فإننا نرد على لعناتكم بالبركات، ونرجو أن تثوبوا سريعاً إلى ما امتاز به أهل برمنجهام فيما مضى من جد واجتهاد وعادات رزينة. وإنني المتمني لخيركم، المخلص،

ج. بريستلي

ولكنه قاضى المدينة مطالباً بتعويض، وقدر خسارته بمبلغ 4,500 جنيه. وأعان قضيته تشارلز جيمس فوكس، ومنحته برمنجهام 2,502 جنيهاً. فحاول أن يستقر في مواطن جديد في إنجلترا ولكن رجال الكنيسة، وأنصار الملكية، وزملاءه في الجمعية لملكية، تجنبوا صحبته(42).

وعرضت عليه الأكاديمية الفرنسية للعلوم عن طريق سكرتيرها كوندورسيه بيتاً ومختبراً في فرنسا. وفي 8 أبريل 1794 هاجر إلى أمريكا، وكان يومها في الحادية والستين، واختار بيته الجديد في مدينة نورثمبرلاند، في بنسلفانيا وطن فرانكلن، على ضفاف نهر سسكويهانا الجميل الذي سيحلم به بعد قليل كولردج وسوذي. ثم استأنف تجاربه واكتشف تركيب أول أكسيد الكربون. وقد احتفت به الجماعات العلمية وعرض عليه كرسي الكيمياء في جامعة بنسلفانيا. وفي 1796 ألقي على الجامعيين في فيلادلفيا سلسلة من الأحاديث عن "الشواهد على المسيحية" وكان من بين جمهور المستمعين جون آدمز نائب رئيس الجمهورية وكثيرون من أعضاء الكونجرس. ومن هذه الاجتماعات انبعثت جمعية للموحدين. وبعد عامين اقترح تيموثي بيكرنج، الوزير في حكومة الرئيس آدمز، ترحيل بريستلي بوصفه أجنبياً غير مرغوب فيه. ووضع انتخاب جفرسن (1800) نهاية لقلق بريستلي، فأتيحت له أربعة أعوام من السلام. وفي 1803 كتب آخر أبحاثه العلمية التي ظل يدافع فيها عن الفلوجستون ومات في نورتميرلاند في 6 فبراير 1804. وفي 1943 قررت الهيئة التشريعية البنسلفانية أن يكون بيته بيتاً تذكارياً قومياً.

وبينما اضطلع توماس بين بحملة بريستلي بوصفه مسيحياً متمرداً، واصل هنري كافندش أبحاثه في كيمياء الغازات. وكان كافندش ابن لورد، وابن أخي دوق، وقد ورث في الأربعين ثروة من أعظم الثروات في إنجلترا. كان خجولا متردداً في حديثه، مهملا في لباسه، فعاش عيشة النساك في مختبره بكلابهام كومن بلندن، ولم يسع إلى الشهرة. وتميزت أبحاثه بالتدقيق الشديد في قياس جميع الموارد ووزنها قبل التجربة وبعدها، وقد أعانت هذه المعايرات لافوازييه على أن يصوغ مبدأه القائل بأن كمية المادة تظل ثابتة في التغيرات الكيميائية.

وفي 1766 أنهى كافندش إلى الجمعية الملكية تجاربه على "الهواء الصناعي" أي الغاز المشتق من الجوامد. فقد توصل بإذابة الزنك أو القصدير في أحماض إلى استخراج ما سماه "الهواء القابل للاحتراق"؛ وقال أن هذا والفلوجستون شئ واحد، ونحن نسميه الآن الهيدروجين. وكان كافندش أول من أدرك أنه عنصر متميز، وعين وزنه النوعي. وفي 1783، وجد-وهو يتابع تجربة أجراها بريستلي- أنه إذا مررت شرارة كهربية في مزيج من الهواء العادي "والهواء القابل للاحتراق" تكاثف جزء من لمزيج وتحول إلى ندى. واستنتج من هذا التحليل الكهربي أن الماء مركب من 2.014 حجماً من "الهواء القابل للاحتراق" إلى حجم واحد من هواء برستلي المنزوع الفلوجستون، أو كما نقول الآن (يد 2 ا). وكان هذا أول برهان قاطع على أن الماء مركب لا عنصر (وقد ألمع جيمس وات، مستقلا، إلى نفس التركيب للماء في نفس السنة 1783). وبعد أن مرر كافندش ثانية شرارة كهربية في مزيج من الهيدروجين والهواء العادي حصل على حمض النتريك، واستنتج أن الهواء النقي مركب من الأوكسجين والنتروجين (الأزوت). (وكان دانيال رذرفورد الأدنبري قد اكتشف النتروجين بوصفه عنصراً متميزاً في 1772). واعترف كافندش بوجود بقية صغيرة لم يستطع تعليلها، ولكنه قدرها فبلغت 0,83 من لكمية الأصلية. وقد ظل هذا سراً غامضاً حتى 1894، حين عزل رايلي ورامزي هذا الجزء الذي نسميه الآن الأرجون، بوصفه عنصراً قائماً بذاته، ووجدا أن وزنه 0.94 من الهواء العادي. وهكذا أثبتت دقة موازين كافندش.



نور 08-31-2009 07:54 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
موزي


موزي العيري هو فيلسوف صيني جاء بعد كونفيشيوس وقد قال عنه خصمه منشيوس: "لقد كان يحب الناس جميعاً ، وكان يود لو يستطيع أن يبلى جسمه كله من قمة رأسه إلى أخمص قدمه إذا كان في هذا خير لبني الإنسان ؛ وقد نشأ موزي في بلدة لو التي نشأ فيها كنفوشيوس ، وذاعت شهرته بعد وفاة الحكيم الأكبر بزمن قليل. وكان يعيب على كنفوشيوس أن تفكيره خيالي غير عملي ، وأراد أن يستبدل بهذا التفكير دعوة الناس جميعاً لأن يحب بعضهم بعضاً. وكان من أوائل المناطقة الصينيين ومن شر المجادلين المحاجين في الصين ؛ وقد عرف القضية المنطقية تعريفاً غاية في البساطة فقال: هذه هي التي أسميها قواعد الاستدلال الثلاث: أين يجد الإنسان الأساس؟ ابحث عنه في دراسة تجارب أحكم الرجال الأقدمين. كيف يلم الإنسان به إلماماً عاماً؟ افحص عما في تجارب الناس العقلية من حقائق واقعية. كيف تطبقها؟ ضعها في قانون وسياسة حكومية ، وانظر هل تؤدي إلى خير الدولة ورفاهية الشعب أو لا تؤدي إليهما. وعلى هذا الأساس جَدَّ مودي في البرهنة على أن الأشباح والأرواح حقائق واقعية، لأن كثيرين من الناس قد شاهدوها ، وكان من أشد المعارضين لآراء كنفوشيوس المجردة غير المجسمة عن الله ، وكان من القائلين بشخصية الله. وكان يظن كما يظن بسكال أن الدين رهان مربح في كلتا الحالين: فإذا كان آباؤنا الذين نقرب لهم القرابين يستمعون إلينا فقد عقدنا بهذه القرابين صفقة رابحة ، وإذا كانوا أمواتاً لا حياة لهم ولا يشعرون بما نقرب إليهم فإن القرابين تتيح لنا فرصة الاجتماع بأهلينا وجيرتنا ، لنستمتع جميعاً بما نقدمه للموتى من طعام وشراب". وبهذه الطريقة عينها يثبت موزي أن الحب الشامل هو الحل الوحيد للمشكلة الاجتماعية ؛ فإذا ما عم الحب العالم أوجد فيه بلا ريب الدولة الفاضلة والسعادة الشاملة التي بها "يحب الناس كلهم بعضهم بعضاً ، ولا يفترس أقوياؤهم ضعفاءهم ، ولا تنهب كثرتهم قلتهم ، ولا يزدري أغنياؤهم فقراءهم ، ولا يسفه عظماؤهم صغارهم ، ولا يخدع الماكرون منهم السذج". والأنانية في رأيه مصدر كل شر سواء كان هذا الشر رغبة الطفل في التملك أو رغبة الإمبراطوريات في الفتح والاستعمار.

ويعجب موزي كيف يدين الناس أجمعون من يسرق خنزيراً ويعاقبونه أشد العقاب ، أما الذي يغزو مملكة ويغتصبها من أهلها ، فإنه يعد في أعين أمته بطلاً من الأبطال ومثلاً أعلى للأجيال المقبلة. ثم ينتقل مودي من هذه المبادئ السلمية إلى توجيه أشد النقد إلى قيام الدولة حتى لتكاد عقيدته السياسية تقترب كل القرب من الفوضى ، وحتى أزعجت هذه العقيدة ولاة الأمور في عصره. ويؤكد لنا كتاب سيرته أن مهندس الدولة في مملكة جو هَمَّ بغزو دولة سونج ليجرب في هذا الغزو سلماً جديداً من سلالم الحصار اخترعه في ذلك الوقت ؛ فما كان من مودي إلا أن أخذ يعظه ويشرح له عقيدة الحب والسلم العالميين حتى أقنعه بالعدول عن رأيه ، وحتى قال له المهندس: "لقد كنت قبل أن ألقاك معتزماً فتح بلاد سونج ، ولكني بعد أن لقيتك لا أحب أن تكون لي ولو سلمت إلي من غير مقاومة ومن غير أن يكون ثمة سبب حق عادل يحملني على فتحها". فأجابه موزي بقوله: "إذا كان الأمر كذلك فكأني قد أعطيتك الآن دولة سونج. فاستمسك بهذه الخطة العادلة أعطك ملك العالم كله".

وكان العلماء من أتباع كنفوشيوس والساسة أتباع لوينج يسخرون من هذه الأفكار السلمية ؛ ولكن مودي رغم هذه السخرية كان له أتباع ، وظلت آراؤه مدى قرنين كاملين عقيدة تدين بها شيعة تدعو إلى السلام ، وقام اثنان من مريديه وهما سونج بنج ، وجونج سون لونج بحملة قوية لنزع السلاح ، وجاهدا في سبيل هذه الدعوة حق الجهاد. وعارض هان- في أعظم النقاد في عصره هذه الحركة ، وكان ينظر إليها نظرة في وسعنا أن نسميها نظرة نيتشية ، وكانت حجته في معارضته أن الحرب ستظل هي الحكم بين الأمم حتى تنبت للناس بالفعل أجنحة الحب العام. ولما أصدر شين هوانج- دي أمره الشهير "بإحراق الكتب" ألقيت في النار جميع الآداب المودية كما ألقيت فيها جميع الكتب الكنفوشية ؛ وقضى هذا الحريق على الدين الجديد وإن لم يقض على عقيدة المعلم الأكبر وكتاباته.




نور 08-31-2009 07:56 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
يانگ جو


يانگ جو Yang Zhu (صينية تقليدية: 楊朱/杨朱; پن ين: Yáng Zhū; ويد-گيلز: Yang Chu; و. 370-319 ق.م.), كان فيلسوفاً صينياً خلال فترة الممالك المتحاربة. وكان في مطلع حياته منغمساً في الملذات, إپيقورياً, او صوفياً Sophist كبديل للفكر الكنفوشي, أفكار يانگ جو الصامدة توجد أساساً في الباب السابع من لِيـِزِي 列子 Liezi.

يانج جو هو المفكر الصيني التحرري الذي ضرب بعرض الحائط مبادئ كونفوشيوس و مودي العيري حيث عقيدته هي عقيدة أخرى ، تختلف عن العقيدة السابقة كل الاختلاف ، قد أخذت تنتشر وتشتد الدعوة إليها بين الصينيين ، فقد قام رجل يدعى يانگ جو لا نعرف عنه شيئاً إلا ما قاله عنه شانئوه وجهر بهذه الدعوة المتناقضة ، وهي أن الحياة ملأى بالآلام وأن اللذة هدفها الأعلى ، وكان ينكر وجود الله ، كما ينكر البعث ، ويقول إن الخلائق ليست إلا دمى لا حول لها ولا طول ، تحركها القوى الطبيعية العمياء التي أوجدتها ، والتي وهبتها أسلافها دون أن يكون لها في ذلك خيار ، ورسمت لها أخلاقها ، فلا تستطيع أن تتحول عنها أو أن تبدلها غيرَها. فأما الحكيم العاقل فيرضى بما قسم له دون أن يشكوا أو يتذمر ، ولكن لا يغتر بشيء من سخافات كنفوشيوس و موزي ، وما يقولانه عن الفضيلة الفطرية والحب العالمي ، والسمعة الطيبة. ومن أقواله أن المبادئ الخلقية شراك ينصبه الماكرون للسذج البسطاء ، وأن الحب العالمي وهمُ يتوهمه الأطفال الذين لا يعرفون كنه البغضاء العالمية التي هي سُنَّة الحياة ، وأن حسن الأحدوثة ألعوبة لا يستطيع الحمقى الذين ضحوا من أجلها أن يستمتعوا بعد وفاتهم بها ، وأن الأخيار يقاسون في الحياة ما يقاسيه الأشرار ، بل إنه ليبدو أن الأشرار أكثر استمتاعاً بالحياة من الأخيار. وأن أحكم الحكماء الأقدمين ليسوا هم رجال الأخلاق والحاكمين كما يقول كنفوشيوس بل هم عبدة الشهوات ، الذين كان من حظهم أن استبقوا المشترعين والفلاسفة ، فاستمتعوا بكل لذة دفعتهم إليها غرائزهم.

نعم إن الأشرار قد يخلّفون وراءهم سمعة غير طيبة ، ولكن ذلك أمر لا يقلق عظامهم. ثم يدعونا يانج جو إلى أن نفكر في مصير الأخيار والأشرار ، فيقول: إن الناس كلهم مجمعون على أن شون، ويو ، وجو جونج ، و كنفوشيوس كانوا خير الناس وأحقهم بالإعجاب ، وأن جياه، وجو ، شرهم جميعاً. ولكن شون قد اضطر إلى حرث الأرض في جنوب نهر هو ، والى صنع آنية الفخار بجوار بحيرة لاي ، ولم يكن في وسعه أن يستريح من عناء العمل لحظة قصيرة ، بل إنه لم يكن يستطيع أن يجد شيئاً من الطعام الشهي والملابس المدفئة ، ولم يكن في قلب أبويه شيء من الحب له ، كما لم يكن يجد من أخوته وأخواته شيئاً من العطف عليه. فلما نزل له "ياو" آخر الأمر عن المُلك ، كان قد تقدمت به السن ، وانحطت قواه العقلية ؛ وظهر أن ابنه شانج جو إنسان ناقص العقل عديم الكفاية؛ فلم يجد بداً من أن ينزل عن الملُك إلى يو. ومات بعدئذ ميتة محزنة. ولم يكن بين البشر كلهم إنسان قضى حياته كلها بائساً منغصاً ، كما قضى هو حياته. "وكان يو قد صرف كل جهوده في فلح الأرض ، وولد له طفل ولكنه لم يستطيع أن يربيه ؛ فكان يمر على باب داره ولا يدخلها ، وانحنى جسمه وانضمر وغلظ جلد يديه وقدميه وتحجر. فلما أن نزل له شون آخر الأمر عن العرش عاش في بيت وطئ حقير ، وإن كان يلبس ميدعة وقلنسوة ظريفتين. ثم مات ميتة محزنة ، ولم يكن بين الآدميين كلهم من عاش معيشة نكدة حزينة كما عاش يو. "وكان كنفوشيوس يفهم أساليب الملوك والحكام الأقدمين ، ويستجيب إلى دعوات أمراء عصره. ثم قطعت الشجرة التي يستظل بها في سونج ، وأزيلت آثار أقدامه من ويه ، وحل به الضنك في شانج وجو ، وحوصر في شان وتشي ؛ وأذله يانج هو وأهانه ، ومات ميتة محزنة. ولم يكن بين بنى الإنسان كلهم من عاش عيشة مضطربة صاخبة كما عاش كنفوشيوس.

"ولم يستمتع هؤلاء الحكماء الأربعة بالسرور يوماً واحداً من أيام حياتهم ، وذاعت شهرتهم بعد موتهم ذيوعاً سوف يدوم عشرات الآلاف من الأجيال ، ولكن هذه الشهرة هي الشيء الذي لا يختاره قط من يعنى بالحقائق ويهتم بها. هل يحتفلون بذكراهم؟ هذا مالا يعرفونه. وهل يكافئونهم على أعمالهم؟ وهذا أيضاً لا يعرفونه وليست شهرتهم خيراً لهم مما هي لجذع شجرة أو مَدَرة. أما (جياه) فقد ورث ثروة طائلة تجمعت مدى قرون طويلة ؛ ونال شرف الجلوس على العرش الملكي ؛ وأوتي من الحكمة ما يكفيه لأن يتحدى كل من هم دونه مقاماً ؛ ومن القوة ما يكفي لأن يزعزع به أركان العالم كله. وكان يستمتع بكل ما تستطيع العين والأذن أن تستمتعا به من ضروب الملذات ؛ ولم يحجم قط عن فعل كل ما سولت له نفسه أن يفعله. ومات ميتة هنيئة ؛ ولم يكن بين الآدميين كلهم من عاش عيشة مترفة فاسدة كما عاش هو. وورث جو (شِنْ) ثروة طائلة تجمعت في مدى قرون طويلة ، ونال شرف الجلوس على العرش الملكي ، وكان له من القوة ما يستطيع به أن يفعل كل ما يريد. وأباح لنفسه في قصوره فعل كل ما يشتهيه ، وأطلق لشهواته العنان خلال الليالي الطوال ؛ ولم يكدر صفو سعادته قط بالتفكير في آداب اللياقة أو العدالة ، حتى قضى نحبه كأبهج ما يقضى الناس نحبهم. ولم يكن في الآدميين كلهم من كانت حياته داعرة فاجرة كما كانت حياة جو. وقد استمتع هذان الرجلان السافلان في حياتهما بما شاءا من الملذات وأطلقا لشهواتهم العنان ، واشتهر بعد وفاتهما بأنهما كانا من أشد الناس حمقاً واستبداداً ، ولكنهما استمتعا باللذة وهي حقيقة لا تستطيع أن تهبها حسن الأحدوثة. فإذا لامهم الناس فإنهم لا يعرفون ، وإذا اثنوا عليهم ظلوا بهذا الثناء جاهلين ، وسمعتهم (السيئة) لا تهمهم أكثر مما تهم جذع شجرة أو مَدَرة.

ألا ما أعظم الفرق بين هذه الفلسفة وبين فلسفة كنفوشيوس وهنا أيضاً نظن أن الزمان وهو رجعي كالرجعيين من الآدميين قد أبقى لنا آراء أجل المفكرين الصينيين وأعظمهم ، ثم عدا على الباقين كلهم تقريباً فطواهم في غمرة الأرواح المنسية. ولعل الزمان محق في فعله هذا ، ذلك أن الإنسانية نفسها ما كانت لتعمر طويلاً لو كان فيها كثيرون ممن يفكرون كما يفكر يانگ جو . وكل ما تستطيع أن ترد به عليه هو أن المجتمع لا يمكن أن يقوم إذا لم يتعا
ون الفرد مع زملائه أخذاً وعطاءاً ؛ وإذا لم يتحملهم ويصبر على أذاهم ، ويتقيد بما في المجتمع ، من قيود أخلاقية ، وإن الفرد الكامل العقل لا يمكن أن يوجد في غير مجتمع، وأن حياتنا نفسها إنما تعتمد على ما فيها من قيود. ومن المؤرخين من يرى في انتشار هذه الفلسفة الأنانية بعض الأسباب التي أدت إلى ما أصاب المجتمع الصيني من انحلال في القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد. فلا عجب والحالة هذه أن يرفع منشيوس، جنسن (Dr. Johnson) زمانه ، عقيرته بالاحتجاج الشديد وبالتشهير بأبيقورية يانگ جو وبمثالية موزي فقال: "إن أقوال ينج جو ومودي تملأ العالم؛ وإذا سمعت الناس يتحدثون وجدتهم قد اعتنقوا آراء هذا أو آراء ذاك. فأما المبدأ الذي يدعو إليه ينج فهو هذا. "كل إنسان وشأنه" وهو مبدأ لا يعترف بمطالب الملك. أما مبدأ مو فهو هذا: "أحب الناس جميعا بقدر واحد"- وهو مبدأ لا يعترف بما يحق للأب من حب خاص. ومن لا يعترف بحق الملك ولا بحق الأب كان في منزلة الحيوان الأعجم. فإذا لم يوضع لمبادئهما حد ، وإذا لم تسد مبادئ كنفوشيوس ، فإنهما سيخدعان الناس بحديثهما المقلوب ، ويسدان في وجوههم طريق الخير والصلاح. "ولقد أزعجتني تلك الأشياء وأمرضت قلبي ، فوقفت أدافع عن عقائد الحكماء والأقدمين ، وأعارض ينج ومو ، وأطارد أقوالهما المنحطة ، حتى يتوارى هؤلاء المتحدثون الفاسدون فلا يجرءوا على الظهور. ولن يغير الحكماء من أقوالي هذه إذا ما عادوا إلى الظهور".



نور 08-31-2009 07:56 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
أبلار


پيتر أبلار (بالإنجليزية: Peter Abelard ، باللاتينية: Petrus Abaelardus ، بالفرنسية: Pierre Abélard ، ولد 21 إبريل 1079 - 1142) هو فيلسوف فرنسي شهير وله الفضل في إنشاء جامعة باريس ، ويعتبر شعلة ألهبت عقل أوربا اللاتينية في القرن الثاني عشر ، ويعتبر ممثلا لأخلاق عصره وآدابه ، وأرقى واعظم ما يخلب اللب ويبهر العقل في ذلك العصر. وتعتبر علاقته بتلميذته العاطفية إلواز بمثابة أسطورة.

النشأة

ولد أبلار في قرية له باليه Le Pallet القريبة من نانت Nantes إحدى مدن بريطانيا. وكان أبوه المعروف لنا بإسم بيرنجر Bérenger ، صاحب ضيعة متواضعة، وكان بمقدوره أن يهئ لأولاده الثلاثة ولابنته تعليماً حراً. وكان بيير Pierrc (ولسنا نعرف اصل لقبه أبلار) أكبر أولئك الأبناء، وكان بمقدوره أن يطالب بحق الابن الأكبر في ميراث ابيه ؛ ولكنه كان مولعاً بالدرس والتفكير الى حد جعله بعد أن كبر ينزل لأخويه عن حقه ، وعن نصيبه في أملاك الأسرة، وشرع يطلب الفلسفة، ويلقى بنفسه في معركتها أينما حمى وطيسها ، أو أينما وجد معلماً ذائع الصيت يدرسها.

أبلار وروسلان

كان اعظم ما اثر في حياته المستقبلية أن كان من أول أساتذته روسلان Roscelin (حوالي 1050- حوالي 1120) ، وهو رجل متمرد أنصب عليه كما أنصب على أبلار من بعده سخط الكنيسة وحرمانه من الدين.

وكان المنشأ الذي أثاره روسلان مسألة من مسائل المنطق الجاف الموغل في الجاف ، والتي تبدوا ابعد المسائل كلها عن الأذى ، وهي الوجود الموضوعي (للكليات). وكان (الكلي) في الفلسفة اليونانية وفلسفة العصور الوسطى هو الفكرة العامة التي تدل على صنف من الأشياء (كالكتاب، والحجر، والكوكب، والرجل، والنوع الإنساني، والشعب الفرنسي، والكنيسة الكاثوليكية)؛ أو الأعمال (كالقسوة ، والعدالة)؛ أو الصفات (كالجمال، والصدق). وكان أفلاطون ، وهو العليم بسرعة زوال الكائنات والأشياء الفردية، قد قال بأن الكلي اكثر بقاء، وأنه لذلك اكثر حقيقة، من أي فرد من الصنف الذي يصفه: فالجمال اكثر حقيقة من فريني Phryne، والعدالة اكثر حقيقة من أرستيديز والرجل اكثر حقيقة من سقراط ؛ وهذا هو الذي كانت العصور الوسطى تعبر عنه (بالواقعية). وخالف أرسطو هذا الرأي وقال أن (الكلي) ليس إلا فكرة يكونها العقل لتمثل صنفاً من الأشياء المتماثلة؛ فهو يرى أن الصنف نفسه لا يرى إلا فيصوره أعضائه التي يتركب هو منها. والناس في وقتنا هذا يتجادلون: هل يوجد (عقل جماعة) منفصلاً عن رغبات الأفراد الذين تتكون منهم هذه الجماعة وأفكارهم ومشاعرهم؟ فأما هيوم فقد قال أن (العقل) الفردي نفسه ليس إلا اسماً مجرداً من سلسلة الأحاسيس والأفكار، والإرادات التي في كائن حي ولمجموعها.

ولم يكن اليونان يهتمون اهتماما كبيراً بهذه المسألة، واكتفى فيلسوف من آخر الفلاسفة الوثنيين -هو برفيري Prophyry (حوالي 232- حوالي 304) الذي أقام في الشام وفي روما - بصياغتها دون أن يعرف حلاً لها. لكن العصور الوسطى كانت تراها مأساة حيوية.


أبلار والفلسفة الإدراكية

ألقي أبلار عصا التسيار في مدرسة وليم بعد المثير من التجوال العلمي 1103 ، وكان وقتئذ في الرابعة والعشرين أو الخامسة والعشرين من عمره. وكان وسيم الخلق حسن القوام ، بهي الطلعة. ذا جبهة عريضة تبعث في النفس الروعة؛ وكانت روحه المرحة تكسب طباعة وحديثة فتنة وحيوية. وكان يستطيع تأليف الأغاني وإنشادها، وكانت فكاهته القوية تزلزل الضعاف في قاعات الجدل. وكان شاباً مرحاً طروباً، عرف في الوقت نفسه باريس والفلسفة.

وكانت عيوبه هي العيوب التي تستلزمها صفاته: فقد كان مغروراً، مزهواً بنفسه، وقحاً، منطوياً على نفسه، دفعه ابتهاجه بمواهبه التي كان يعرفها حق المعرفة إلى أن يطرح بتهور الشباب العقائد التعسفية والعواطف الرقيقة التي كانت سائدة في عصره وبين أساتذته، وقد أسكرته بهجة الفلسفة المحببة إليه؛ فهذا العاشق الذائع الصيت يحب الجدل اكثر مما يحب إلواز. وقد سخر من واقعية أستاذه المسرفة ، وتحداه علناً أمام فرقته: يا عجباً الإنسانية كلها حاضرة في سقراط؟ إذن فحين تكون الإنسانية كلها حاضرة في الاسكندر لا بد أن يكون سقراط (الذي تشمله الإنسانية كلها) حاضراً في الاسكندر. ويخيل إلينا أن ما كان يقصده وليم هو أن جميع العناصر الجوهرية التي في الإنسانية حاضرة في كل كائن بشري. على أننا لم تصل إلينا حجج وليم في هذا النقاش؛ ومهما كانت هذه الحجج فأن أبلار لم يأخذ بشيء منها. فقد عارض واقعية وليم روسلان بالفلسفة التي سميت فيما بعد بالفلسفة الإدراكية.

وهي تقول أن الصنف (الإنسان والحجر) ليس له وجود جسمي الا في أفراده التي يتكون منها (الرجال، والحجارة)؛ وأن الصفات (كالبياض، والطيبة، والحقيقة) لا وجود لها إلا في الأجسام، أو الأفعال، أو الأفكار التي تصفها. ولكن الصنف والصفة ليسا مجرد اسمين، بل هما مدركان تكونهما عقولنا من العناصر أو المظاهر التي نلاحظ وجودها مشتركة بين طائفة من الأفراد، أو الأجسام، أو الآراء. وهذه العناصر المشتركة حقيقة، وأن لم تظهر إلا في الصور الفردية. وليست المدركات التي نفكر بها في هذه العناصر المشتركة -الأفكار الجنسية أو الكلية التي نفكر بها في الأصناف المكونة من أجسام متماثلة- ليست هذه المدركات (رياح الصوت)، بل هي اكثر أدوات التفكير نفعاً وأكثرها ضرورة، وبغيرها لا يمكن أن يكون للعلم ولا للفلسفة وجود. ويقولون أن أبلار بقي مع وليم (بعض الوقت). ثم شرع هو نفسه يدرس في ميلون Melun أولاً ثم في كوربي Corbeil بعدئذ، وتبعد أولى البلدتين أربعين ميلاً عن باريس أما الثانية فتبعد عنها خمسة وعشرين. وقد اخذ عليه بعضهم أنه أنشأ حانوته بعد تدريب جد قصير ؛ ولكن عدداً كبيراً من الطلاب هرع إليه ، لإعجابهم بسرعة بديهيته وزلقة لسانه.

وكان وليم في هذه الأثناء قد اصبح راهباً في دير القديس فكتور حيث طلب إليه أن يستمر في إلقاء محاضراته ؛ وعاد إليه أبلار تلميذاً بعد مرض شديد. ويبدو أنه كان على عظام فلسفة وليم لحم اكثر مما توحي به القراءة العاجلة لسيرة أبلار الموجزة التي كتبها بنفسه، ولكن سرعان ما تجددت مناقشاتهم القديمة، وأرغم أبلار (كما يقول أبلار نفسه) وليم على أن يعدل فلسفته الواقعية ، وبدأت مكانة وليم في الهبوط.


وعرض الأستاذ الذي خلفه والذي عينه بنفسه في نتردام أن يخلي مكانة لأبلار 1109 ، ولكن وليم لم يوافق على هذا العرض. وواصل أبلار محاضراته في ميلون ، ثم فوق جبل سانت جفييف المجاور لباريس. ونشبت بينه وبين وليم ، وببين طلابهما ، حرب كلامية دامت عدة سنين ، واصبح أبلار زعيم المحدثين أي الشبان المتمردين المتحمسين أصحاب المدرسة الحديثة.

الفيلسوف إبلار

بينما هو يخوض غمار هذه الحرب ترهب والداه، ولعلهما فعلا ذلك استعداداً للموت، واضطر أبلار أن يعود إلى له باليه Pallet ليكون في وداعهما، وربما كان من أسباب عودته تسوية بعض المشاكل الخاصة بأملاك الأسرة. ثم رجع أبلار الى باريس في عام 1115 ، بعد أن قضى بعض الوقت يدرس علوم الدين في لاءون ، وأقام مدرسته ، أو بدأ منهج محاضراته، في قاعات نتردام التي كان يجلس فيها وهو طالب قبل ذلك الوقت باثنتي عشرة سنة أو نحوها. ويبدو أنه لم يلق في ذلك معرضة ما. وكان وقتئذ من موظفي الكتدرائية وأن لم يصبح من قساوستها. وكان بمقدوره أن يتطلع إلى الكهنوتية العليا اذا لزم الصمت؛ ولكن هذا الشرط كان ثقيلاً عليه، لأنه درس الأدب كما درس الفلسفة، وكان أستاذاً في عرض الآراء عرضاً واضحاً لطيفا؛ وكان كغيره من الفرنسيين يرى أن الوضوح في التعبير واجب تحتمه المبادئ الخلقية، ولم يكن يخشى أن يخفف من عبء حديثه بقليل من الفكاهة. واقبل الطلاب من كثير من البلاد ليستمعوا إليه، وكانت الفصول التي يدرس لها كبيرة كبراً أغناه بالمال وأذاع شهرته بين الأمم ، تشهد بذلك رسالة بعث بها إليه فولك Foulques رئيس أحد الأديرة يقول فيها: بعثت إليك روما أبناءها تعلمهم. ولم تمنع المسافة الشاسعة، أو الجبال أو الوديان أو الطرق الموبوءة باللصوص، الشبان من الإقبال عليك. وازدحمت فصولك بالشبان الإنجليز الذين عبروا البحر المفحم بالأخطار، واقبل عليك التلاميذ من جميع أنحاء أسبانيا وفلاندرز وألمانيا ، ولم يملّو من الثناء على قوة عقلك. ولست اذكر شيئاً عن سكان باريس، وأقاصي فرنسا التي كانت هي الأخرى ظمأى لتعليمك، كأنه لا يوجد علم من العلوم لا يستطاع أخذه عنك. وما دام قد بلغ هذه الذروة من المجد والنجاح وبعد الصيت، فلم لا يرقى الى كرس الأسقفية (كما ارتقى إليه وليم)، ثم إلى كرس رئيس الأساقفة، ولم لا يرقى إلى كرسي البابوية.




نور 08-31-2009 07:57 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
هذه قائمة الفلاسفة الذين سبق التعريف بهم ..مرحبا بكل من يريد المشاركة وإضافة فيلسوف لم يسبق ذكره


أبدأ بالفلاسفة الغربين :


1. لوك، جون
2. فوكو، ميشيل
3. باشلار، جاستون
4. هايدجر، مارتين
5. بيكون، فرانسيس
6. فيورباخ، لودفيج أندريا
7. بوبر، مارتن
8. أناكسمندر
9. برادلي، فرانسيس هربرت
10. بيرجسون، هنري
11. ديوجين
12. بيكون، روجر
13. كارلايل، توماس
14. إمبيدوقليز
15. كونفوشيوس
16. لايبنيز، غوتفريت فلهلم
17. كانط، إيمانويل
18. هيوم، ديفيد
19. بينثام، جيرمي
20. كروتشي، بينيديتو
21. هوبز، توماس
22. هربارت، يوهان فريدريتش
23. هرقليطس
24. فريدريك نيتشه
25. فيثاغورث
26. سيغموند فرويد
27. بيرس، تشارلز ساندرز
28. مونتسكيو
29. ميلانكتون، فيليب
30. أبيقور
31. ماريتان، جاك
32. أبيكتيتوس
33. أبقراط
34. جون لوك
35. سبنسر، هربرت
36. سميث، آدم
37. شفايتزر، ألبرت
38. جان-بول شارل ايمارد سارت
39. شوبنهاور، آرثر
40. راسل، برتراند
41. روزنبيرج، ألفريد
42. رامانيوجا
43. أناكسجوراس
44. ديريدا، جاك
45. ويكلف، جون
46. باروخ سبينوزا
47. فيتجنشتاين، لودفيج
48. وليم أوف أكام
49. فولتير
50. جان جاك روسو
51. سبنجلر، أوزوالد
52. كارل ماركس
53. باشلار، جاستون
54. ألتوسير، لوي
55. ديموقريطس
56. طاليس
57. بارمنيدس
58. أفلاطون
59. أرسطو
60. سقراط
61. ماركوس أوريليوس
62. رينيه ديكارت
63. هيغل
64. يانگ جو
65. موزي
66. أبلار
67. هيپاتيا
68. موريس ميرلو بونتي
69. توما الأكويني
70. بيار بورديو
71. هاوارد زين
72. جوسف پريستلي
73. خنوفانس
74. رابندراناث طاغور
75. سون تزو
76. إرازموس



نور 08-31-2009 07:57 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
الفلاسفة العرب :





1. عبد الرحمن الكواكبي
2. ابن زهر
3. محمد عابد الجابري
4. رشدي راشد
5. محمد حسين الطباطبائي
6. ابن باجة
7. الكندي، أبو يوسف
8. ابن خلدون
9. ابن سينا
10. أبو حامد محمد بن محمد الغزالي
11. ابن طفيل، أبو بكر
12. أبو نصر محمد الفارابي
13. الخوارزمي
14. جارودي، رجاء
15. أبو حيان التوحيدي
16. ابن ميمون، موسى
17. ابن رشد
18. أبو الريحان البيروني
19. ابن الهيثم
20. أبو بكر الرازي
21. نصير الدين الطوسي



نور 08-31-2009 07:57 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
يوحنا الدمشقي


هو منصور بن سرجيوس الذي عرف فيما بعد بيوحنا الدمشقي، ولد في دمشق عاصمة الامويين سنة 695 وتوفي في القدس عام 754 م. عمل في صباه في ادارة المالية في الدولة الاموية. ولكنه تعبد وهجر الحياة المليئة بالحروب والجواري والحريم، ودخل دير القديس سابا قرب القدس، لقد تنسك وانقطع الى الدراسة والتأمل، ثم انتُدب للوعظ والارشاد والتعليم في منطقة اوروشليم،

انه احد اعلام المفكريين الدينيين السوريين، وكتاب ينبوع المعرفة الذي وضعه

يُعتبر اول مجموعة لاهوتية ظهرت في الكنيسة المسيحية، الذي جمع فيها خلاصة

الفكر اللاهوتي للكنيسة اليونانية، انه قد سبق القديس توما الإكويني الذي وضع

مجموعة مماثلة عرفت بالخلاصة اللاهوتية

وليوحنا الدمشقي، تراث شعري خالد من الترانيم والاناشيد الدينية، فضلا عن

مؤلفات عدة في التفسير، الزهد، ومجموعة ضخمة من المواعظ والخطب.

اما ينبوع المعرفة فيشتمل على ثلاثة اقسام هي : الفصول الفلسفية، وكتاب الهرطقات،

وبيان صحيح الإيمان الذي شرح فيها عقيدة الثالوث الأقدس، واعمال الله والعناية الألهية،

لقد اعتبرته الكنيستان اليونانية واللاتينية من قديسيها لسمعته الحميدة وسعة اطلاعه




نور 08-31-2009 07:58 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
كيركيغارد soern kierkegaard


لقد قال قبل وفاته :(بعد موتي سيقرأ الناس كتبي، ولعلهم سيقرأونها كثيرا)

انه الفيلسوف كيركيغارد التي لم تقُرأ مؤلفات بمثل هذا الشغف .والتي صبغ اسمه بالتشاؤم ايضا بعد شوبنهاور ، انه فيلسوف لاهوتي وجودي ولد في الدنمارك (1813 – 1855 )

وسورين كان احد ابناء تجار كوبنهاغن الاغنياء ، وكان هو اعز صديق لولده الذي عاش ايامه بالايمان والتقوى ،شديد التمسك بالدين ومع ذلك ظل طول حياته معذبا ،قلق النفس الى حد جعل يعتقد (( ان الله ليس خيرّا لغاية الخير )) طالما ان والده لم يجد في الدنيا راحة النفس والبال .في سنة 1830 التحق بجامعة كوبنهاغن لدراسة اللاهوت ، وكان قد اكتشف منذ حداثته عالما خياليا يحتل فيه المكانة الاولى في حياته ،وبعد عدة سنوات من دخوله الجامعة كتب في مذكراته .( ان ابلغ المآسي سنو ما يظل غامضاً، مغلقاعلىالفهم )، لذلك كانت حياة السيد المسيح انبل مأساة في تاريخ الانسانية ،وقد فاز بالدكتوراه في اللاهوت على رسالته ( مفهوم السخرية )

في سنة 1840 عقد خطبته على الآنسة ريجين اولسن ، وكانت في السادسة عشرة من العمر وكانت تختلف عنه من حيث روحها المرحة في حين كان هو دائم القلق والاضطراب كوالده ، ولكن هذه الخطبة سرعان ما انفصمت دون افصاح الاسباب ودون موافقة الفتاة وبعدها اخذ يحيا حياة عابثة صاخبة لا تتفق وطبيعته

قد وضع قراءة في كتابه الاول امام اسلوبين في الحياة عليهم الاختبار : الجمال او الأخلاق … فالآخذ بالجمال انسان يحيا بحواسه ويرتبط بالحياة المادية ، ويظل دائما نهبا للقلق ، لأنه انسان خالد وزائل معا ، فاذا اهمل الخلودحكم على نفسه باليأس ومن هذا اليأس ينشأ الاختبار ، ويختار الانسان ان يكون مخلصا لنفسه ويسلم جهوده من الغايات ويتحمل مسؤولياتها .. وذلك هو الإتجاه الاخلاقي .

كيركيغارد كتب لكي يثبت كيانه الفلسفي ولم يكتب يوما ليثبت عيشه

بدأ معركة عنيفة ضد الكنيسة الدنماركية مدفوعا باعتقاد بعدم مسيحية هذه الكنيسة التي يديرها مأجورون من الدولة ،ولم تقتصر معركته على القساوسة فحسب بل تعدتهم الى الكنيسة ذاتها .

وبقدر ما غضب رجال الدين وقتئذ ابتهج الشباب وصفقوا له ،

لم يعش كيركيغارد طويلا بل مات وهو في العقد الخامس من عمره بعد ان تعب من الديون وتعب من صحته ،فوقع بغتة على الطريق فنقل المستشفى وقبل ان يفارق الحياة كتب الى صديقه الأب ( برش ) في رسالة جاء فيها : تحية مني للبشر جميعا . فلقد احببتهم



نور 08-31-2009 07:58 PM

رد: الفلاسفة والمفكرين 00 نبذه عنهم شاملة
 
ديوي JOHN DEWEY


الفيلسوف الأمريكي جون ديوي (1859-1952)


يعتبر جون ديوي (John Dewey) من أشهر أعلام التربية الحديثة على المستوى العالمي. ارتبط اسمه بفلسفة التربية لأنه خاض في تحديد الغرض من التعليم وأفاض في الحديث عن ربط النظريات بالواقع من غير الخضوع للنظام الواقع والتقاليد الموروثة مهما كانت عريقة,فهو الأب الروحي للتربية التقديمية أو التدريجية وهو من أوائل الذين أسسوا في أمريكا المدارس التجريبية بالاشتراك مع زوجته في جامعة شيكاغو 1896 – 1904, وهو فيلسوف قبل أن يكون عالم في مجال التربية والتعليم . التعليم التقدمي أو التدريجي هي حركة نمت وتطورت من محاولات إصلاح التعليم الأمريكي بين أواخر القرن التاسع عشر ومنتصف القرن العشرين ، وتعود جذورها إلى فلاسفة عصر النهضة ، وبالأخص الفيلسوف التربوي جان جاك روسو وكذلك جوهان بستالوزي وفريدريك فرويبل . وهذه الظاهرة قد احتضنت وشملت المجالات الزراعية والاجتماعية والتعليمية ، وقد طالت هذه النظريات التعليمية التطور الصناعي الجديد أيضا ، تؤكد نظرية التعليم التقدمي على استمرارية إعادة بناء الخبرة الحياتية وتضع تربية الطفل في مركز الاهتمام . ديوي ذكر ان على المدرسة أن تعكس مستوى التطور الاجتماعي ،وقد أحدثت هذه النظرية تأثيراً دائماً على المدارس الأمريكية.ومن الجدير بالذكر انه ظهرت حركات تعليمية مشابهة في أوروبا ومتأثرة بأفكار ديوي كما وانه قد تأثّر أيضا ببعض أساليب التربية الأوروبية مثل أسلوب الصف المفتوح(open classroom) وكذلك بنظريات الإصلاح التربوي الذي دعت أليه المربية والفيلسوفة الأيطالية ماريا مونتسوري والتي تأثرت بأفكارها دور الحضانة السويدية ، ولا زال تأثيرها ساري المفعول إلى هذه اللحظة.

حياته :

ولد في أمريكا في ولاية فرمونت ( ( Vermontفي مدينة برلنغتون, كان أبوه في حالة اقتصادية جيدة وأمه من أسرة مثقفة وثرية. ساهمت والدته في حثه على المثابرة في طلب العلم وحريصة على تعليمه,كان ديوي منذ صغره محبا للقراءة والإطلاع ، قضى معظم وقت فراغه بالمكتبات وعندما تزوج "أليس" أثرت فيه تأثيرا عظيما ودفعته إلى الاهتمام بمشاكل الحياة المعاصرة ، ومما يروى عن فرط محبته لأبنائه وبناته أنه ألف كتابه الديمقراطية والتربية "وهو يحمل طفله على إحدى ركبتيه ويضع الورق الذي يكتب فيه على الأخرى" . حصل على درجة الدكتوراه من جامعة جون هوبكنر (1884 م) وعمل في التدريس وأثناء ذلك قام مع زوجته "أليس" ببناء مدرسة تجريبية ليطبق مشاريعه في الميدان ، لقد أتيحت الفرصة لديوي فزار الكثير من دول العالم وحاضر فيها ونشر أفكاره وفي منتصف الخمسينات من القرن العشرين أصبحت فلسفة التربية البراغماتية من أشهر الفلسفات وقد لاقت رواجاً حتى في العالم العربي ، قام ديوي بتأليف عدة كتب وهي تدل على سعة اهتماماته ، وتركزت كتبه على التربية وعلم الأخلاق والفلسفة وعلم النفس وكثيراً ما تكررت كلمة خبرة Experience في محتويات كتبه ورسائله ، من أهم كتب جون ديوي: المدرسة والمجتمع The school and Society ، الديمقراطية والتربية Democracy and Education ، الخبرة والتربية Experience and Education . كيف نفكر How We Think ، الحرية والثقافة Freedom and Culture ، تأثر ديوي فكرياً بدراسات هيجل الفلسفية وفروبل النفسية ودارون التطورية وكان امتدادا لبيرس ووليم جيمس في فلسفتهما البراغماتية القائمة على المنفعة والعائد الملموس أو الذي يمكن أن يلاحظ بالقياس. حرص ديوي على التأكيد على غرس مبدأ تربية المتعلم على إتباع منهج علمي في حل مشكلاته الحاضرة من خلال دراسة المشكلة وفرض الفروض وتجريبها. نجح ديوي في هجومه على فلسفة التعليم النمطية التقليدية وساهم في دفع عجلة التعليم إلى مسار مغاير له حيث نادى بأهمية الخبرة في التعليم وانتقد أسلوب التلقين (Rote learning) وأنكر الاعتماد الكلي على الكتاب المدرسي والمعلم كما شن هجومه على النظام التعليمي الصارم المبني على الطاعة التامة للوائح الإدارية الجامدة. توجه ديوي إلى جعل المدرسة بيئة ثرية بالخبرات حافلة بحركة المتعلمين من أجل تكوين عقلية علمية راشدة تستطيع حل المشكلات بأسلوب منهجي. من القواعد التي جاهد ديوي من أجل ترسيخها أن الطفل شمس التربية ونقطة ارتكازية في العملية التعليمية وأنَّه لن يتعلم بشكل أمثل إلا من خلال الخبرات الحياتية فإنَّ تعلم السباحة مثلا لا يمكن أن يتحقق من دون أن يمارس المتعلم عملية السباحة داخل الماء وكذلك شأن سائر المهارات العقلية والاجتماعية. ومن خلال تجاربه ودراساته شدد على أهمية ربط المدرسة بالمجتمع ونادى بالحياة الديمقراطية وبما أنه من أبرزعلماء الفلسفة التقدمية والبراجماتية فإنه حصر التربية بالمنفعة والمصلحة وأن التعليم يجب أن يخدم الأغراض العلمية والأهداف الواقعية التي تنفع الفرد الحر والمجتمع الديمقراطي. عمل ديوي في التدريس في كل من جامعة "متشغن" و"منيسوتا" وفي جامعة "إلينويز" وبدأ أعماله التجريبية قي مدرسته الخاصة بأفكاره ولعل الاتجاه التقليدي القديم العقيم لم يوافق على توجهات ديوي فاستقال في عام 1904م والتحق بجامعة "كولومبيا" في نيويورك إلى أن تقاعد في عام 1930م. ولم تكن جهود ديوي منحصرة في الولايات المتحدة فلقد دعته تركيا في العشرينات من القرن الماضي ليضع لها أسس تربية تقدمية ، وإذا كانت أفكار ديوي عموماً قد ساهمت في بناء الفكر التربوي المعاصر إيجابياً فإن عددا من الباحثين الغربيين يرون أنَّ الانهيار الأخلاقي الذي وصل إلى هاوية سحيقة لأسباب كثيرة منها مساهمة العلوم الاجتماعية الإنسانية في تقويض القيم الروحية والأخلاقية ، لقد آمن جون ديوي بنسبية الأخلاق وأنها متغيرة فخسر العمق الروحي التربوي عندما أبعد ترسيخ مفهوم الإيمان بالله في تربية الفرد والمجتمع بشكل متكامل. الأفكار التربوية التربية كما يتصورها ديوي : "تعني مجموعة العمليات التي يستطيع بها المجتمع أو زمرة اجتماعية كبرت أو صغرت أن تنقل سلطانها أو أهدافها المكتسبة، بغية تأمين وجودها الخاص ونموها المستمر، إن التربية هي الحياة" وبهذا حدد ديوي غرض التربية كحركة تخدم المتعلم في يومه قبل غده مع التأكيد على أنها عملية مجتمعية ديمقراطية إذ أن قوة المجتمع هي التي تصبغ الأفراد وتصيغ الأهداف فالعلاقة بين التربية والمجتمع علاقة وطيدة منذ القِدم. فالفلسفة عند ديوي ترسم مسارات التعليم ولا يمكن الفصل بين الفلسفة والتربية فالأول يقدم التصورات الضرورية والثاني يمثل التطبيق العملي لتلك التصورات ، إنَّ إسهامات ديوي يمكن تصنيفها تحت العلوم التربوية والفلسفية والنفسية والسياسية. إذا أردنا أن نوجز فلسفة وعقيدة ديوي التربوية فإن التعليم الأمثل عنده هو الذي يغرس مهارات ولا يكدس معلومات، وهو الذي يلامس متطلبات الواقع، ولا ينغمس في تقديس الماضي. ومما يترتب على الرؤية الفلسفية السابقة جملة من التطبيقات التربوية منها أن التربية تقوم على مبدأ تفاعل المتعلم مع البيئة المحيطة به والمجتمع الذي يعيش فيه ولذلك فإنه يحتاج إلى تنمية مهاراته الفكرية والعملية دائماً ليقوم بحل المشكلات بشكل راشد وأسس علمية ، استناداً لهذه الرؤية فإن العلوم النظرية وتشعيباتها الكثيرة ليست ذات أهمية في المنهج التعليمي طالما أنها لا تخدم المتعلم في تصريف شئون حياته. قام ديوي بتحويل عملية تهذيب الإنسان من العناية بالمُثل العقلية المجردة إلى الاهتمام بالنتائج المادية الملموسة ، في ظل هذه الفلسفة التي عُرفت باسم البراغماتية والأداتية والوظيفية فإن البحث العلمي لحل المشكلات الواقعية أهم أداة في الحياة لمعرفة الحقائق ولتربية الفرد ولتكوين المجتمع الديمقراطي.
من أفكار ديوي التربوية طريقة المشروع "project method" ويقصد بها أنَّ يقوم المتعلمون باختيار موضوع واحد ودراسته من عدة جوانب كأن يذهب المتعلمون إلى مزرعة وفيها يتعلمون كيفية الزراعة ويستمعون إلى تاريخ الزراعة في تلك المنطقة ويتعاون كل فرد من المجموعة بعمل جزء من المشروع ، في عملية تنفيذ المشروع يقوم الطالب بجمع البيانات المطلوبة من المكتبة أو مقابلة الأساتذة.
تعريف فلسفة (البراغماتية) Pragmatism :

(من اليونانية pragma فعل ،نشاط، عمل): تيار مثالي ذاتي في الفلسفة البرجوازية ، يرى في المنفعة العملية للمعارف مصدراً لها ومعياراً رئيسياً لصحتها ،وكانت المبادئ الأساسية لهذه الفلسفة قد صيغت في سبعينات القرن التاسع عشر على يدي شارلس بيرس 1839_1914 ، الذي طرح الموضوعة الشهيرة :( وجود الشئ يعني كونه نافعاً) ، وقد صادفت البراغماتية منذ مطلع القرن الحالي رواجاً واسعاً في اوساط الأنتلجنسيا الأمريكية والأنكليزية بفضل اعمال وليم جيمس (1842_1910) .وبين الوان البراغماتية تأتي (ألأداتية instrumentalism جون ديوي) و(العملياتية operationalism بريجمان) و(الأنسانية شيلر) ،وفيما يخص ألأداتية عند ديوي فهو يعتبر أن المعرفة هي الأداة الوحيدة في تطور المجتمع والمدرسة. وفي هذه الأيام يجري الحديث عن عالم روسي تربوي وعن نظرياته المهمة في مجال التربية والتعليم وهو الفيلسوف ليف فيكوتسكي . لقد توفي هذا العالم عام 1936 وبسبب الظروف السياسية لم تنتشر أفكاره في السويد حينذاك إلا على نطاق ضيق ، أما مجال اهتمامه الرئيسي فهو ألإبداع والخيال في مرحلة الطفولة ،ومن المحتمل أن تُسْتَعاض عن بعض افكار جون ديوي بأفكار فيكوتسكي في المستقبل.

معالم فكر جون ديوي :

1- الطبيعة البشرية والتجربة: يرى جون ديوي تعذر الفصل بين الطبيعة البشرية والتجربة، فالتجربة جانب مهم من جوانب الطبيعة البشرية، أما الطبيعة فهي مصدر معرفتنا والأساس الذي تصدر عنه تصرفاتنا وتجاربنا، لذلك ألح على ضرورة اهتمام الفلسفة بمشكلات الإنسان في عالم يتغير باستمرار، واعتبر الأفكار أدوات لحل المشكلات الإنسانية، ووصف خمس مراحل لحل المشكلة، وهي: - الإحساس بمشكلة تستحق الدراسة. - تحديد المشكلة وتعريفها. - صياغة عدد من الفرضيات كحلول مؤقتة لها. - استنباط النتائج الممكنة فكرياً. - التحقق من التجربة من أجل تأكيدها أو رفضها.

2-المنطق: أطلق ديوي على منطقه اسم ( نظرية البحث) وبها يعارض سائر النظريات المنطقية قديمها وحديثها، معتبراً أن أساس العلم في عصره قد تغير عما كان عليه سابقاً، فالعلم القديم كان يقوم على أساس الصفات الكيفية لا على أساس المقادير الكمية، والعلم الحديث يهتم بالعلاقات القائمة بين الظواهر المختلفة، وينظر إلى الحركة على أنها ظاهرة متجانسة بشتى صورها وأشكالها.

3- الوظيفية: نعت ديوي مذهبه بالوظيفي لاعتباره أن المعرفة آلة ينبغي توظيفها في خدمة متطلبات الحياة، وأن أهم ما يميز الخبرة اتصالها واستمراريتها، فتيارها متصل، يفضي كل جزء منها إلى الجزء الذي يليه.

4- الطريقة: آمن ديوي بالطريقة أكثر من الاهتمام بالإجابات المجردة، وقال: يجب عدم توقع إجابات نهائية وثابتة، والأفضل التعامل مع كل مشكلة إنسانية وقت ظهورها، لكي تطرح الحلول الممكنة في ظل مواقف الحياة الفعلية. وهو يرى أن معيار صحة الفكرة أو خطئها يكمن في فاعليتها ونتائجها في النشاط الإنساني، أي اختبارها في الواقع، وأن وظيفة البحث ليست الوصف، بل التغيير لخدمة الأغراض الإنسانية.

5- الديمقراطية:

في كتابه ( الديمقراطية والتربية) لم ينقد ديوي النظرية الفردية، كما عبر عنها ( روسو) في كتابه ( إيميل)، كما أنه لم يقم بنقد ( النظرية الاجتماعية) كما جاءت عند (هيجل)، ولكنه دافع عن مجتمع ديمقراطي تتوازن فيه قيمة الفرد وقيمة الجماعة، والجماعة النموذجية هي التي تتصف بالمرونة التي تساعد على نمو شامل للفرد لا رضوخه لسلطة مطلقة، باسم مصلحة المؤسسة تارة أو باسم السياسة العليا تارة أخرى، وقال: إنه لا تتم تغذية القدرات الاجتماعية والفردية عند الأطفال إلا في ظل مجتمع ديمقراطي، واعتبر أن المجتمع الديمقراطي لا يمكن أن يتحقق في ظل أديان تمارس التمييز والتفرقة بين الناس.


6-التربية: اهتم ديوي بالتربية اهتماماً كبيراً في فكره وممارساته، وقال:إن الحياة تسعى إلى دوام وجودها عن طريق التجدد المستمر، والتربية أداة لنقل أهداف المجتمع ومعارفه من جيل إلى جيل، فهي التجدد المستمر بعينه، وهي عملية نمو لا هدف لها إلا المزيد من النمو، بل إنها الحياة نفسها . لقد صور ديوي تطور تفكيره في أربعة أمور هي : - الاهتمام بالعملية التربوية نظرياً وتطبيقياً، لأن التربية تشكل جوهر اهتمامات الإنسانية جمعاء. - إخراج منطق واقعي لا صوري، يلغي الثنائية الموجودة بين منهج العلوم ومنهج الأخلاق، فالعلم هو التفكير النظري والأخلاق هي السلوك العملي في الحياة . - تخليص علم النفس مما علق به من أفكار ميتافيزيقية، والتركيز على الشعور والوعي وتطبيق علوم الحياة على نفسية البشر. - تطبيق مبادئ العلم الحديث ومناهجه وطرقه على العلوم الإنسانية.

لقد كان ديوي قوي التأثير، لإيمانه بأهمية الفكر وفاعليته، وبالروح الديمقراطية.
وقد نجحت البراجماتية في أمريكا لأنها كانت بمثابة جدل قائم بين المثالية الأمريكية

والوضعية الفرنسية والتطورية البريطانية ، وكانت تحاول التقاط الأيدلوجية المبعثرة التي بشر بها مفكرو ما قبل الداروينية، رافضة كل أنواع اليوتوبيا والحقائق النهائية المطلقة، مؤكدة على المجتمع التعددي والذكاء الذرائعي، وقرنت الفلسفة بالحياة واعتبرتها أسلوباً

لحل المشكلات الإنسانية، واعتبرت أن الإنسان بمقدوره تطويع الواقع وفقاً لأهدافه وحاجاته،

وشجعت البراجماتية تبرير المواقف بذريعة أنها تأتي بالمنفعة على صاحبها. ويرى جون ديوي أن الفنون الجميلة فنون نافعة ، ولا يريد أن يفصل الجميل عن النافع لأنه

يلاحظ أن الحياة الحضارية هي التي تتكفل بإظهار ما بين الفنون الجميلة و الفنون النفعية
من علاقة وثيقة ، ولو فهمنا المنفعة بشكل واسع لكان في وسعنا أن نقول إن الفنون الجميلة فنون نافعة ، ثم يدلل على أن لممارسة الفنون الجميلة بطريقة معتدلة قيمة عملية لا تُجحد لما لها من أثر تربوي عظيم الشأن على النفس ، وأن الخبرة الجمالية تؤهلنا للقيام بألوان جديدة من الإدراك ،
معنى ذلك أن للفنون الجميلة قيمة عملية لا تقل أهمية عن قيمة بعض الصناعات التكنولوجية ،
ويقرر ديوي أن الفنون الصناعية قد تنطوي على صبغة جمالية حين تجيء صورها متلائمة مع
استعمالاتها الخاصة ، وبهذا المعنى يمكن اعتبار السجاجيد و الأواني الخزفية و الأدوات المنزلية
موضوعات فنية بشرط أن يكون لموادها الأولية من التنظيم و الشكل ما يؤدي بطريقة مباشرة
إلى إثراء تجربة الشخص الذي يتأملها بعناية .

وينادي ديوي فكرة تداخل الفنون الجميلة و الفنون النافعة دون أن يفصل النشاط الفني عن النشاط الصناعي ، ويأتي حرص ديوي على ربط الفن بالتجربة على انه هو الذي أملى

عليه توثيق الصلة بين الفن الجميل و الفن النافع باعتبارهما مظهرين لنشاط بشري

واحد في صميمه . فالمنفعة التي يقصدها ديوي صناعية استهلاكية ، ثم يفصل في ذكر الأسباب التي جعلت البعض يعزل الفن الجميل عن المنفعة والتي يعيدها إلى عوامل تاريخية في مقدمتها بعض العوامل الاقتصادية و الصناعية و الحربية .




الساعة الآن 06:38 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by