شبكة صدفة

شبكة صدفة (http://www.aadd2.net/vb/index.php)
-   الشعر العربى القديم والحديث (http://www.aadd2.net/vb/forumdisplay.php?f=21)
-   -   ديوان الشاعر ... عدنان الصائغ (http://www.aadd2.net/vb/showthread.php?t=71400)

لمسة دفء 03-02-2010 08:50 PM

رد: ديوان الشاعر ... عدنان الصائغ
 
أنا خارجٌ من زمانِ الخياناتِ
نحوَ البكاءِ النبيلِ على {وطنٍ} أخضرٍ
حرثتهُ الخنازيرُ والسرفاتُ
أنا داخلٌ في مدارِ القصيدةِ
نصفَ طليقٍ
ونصفَ مصفّدْ
فعليكمْ رثائي بما تملكون من النادباتِ
وليسَ عليّ سوى أن أشيرَ لكمْ
بأصابع "نائلةٍ"
لقميصِ البلادِ المعلّقِ فوق رماحِ العشيرةِ
تنخبُهُ الطلقاتُ
فينسالُ نهرُ الفراتِ المضرّجُ بين أصابعكم
حينما تكتبونْ
- عبثٌ كلُّ ما يكتبُ الشعراءُ
..............
فهذا الزمانُ يعلّمنا
أن نصفّقَ للقاتلين
حينما يعبرون الرصيفَ إلى دمنا
وهذا الزمانُ يعلّمنا
أن نقصّرَ قاماتنا
.... كي تمرَّ الرياحُ على رسلها
أن نماشي القطيعَ إلى الكلأ الموسميِّ
ولكنني..........
من خلال الحطامِ الذي خلّفتهُ المدافعُ
أرفعُ كفي معفّرةً بالترابِ المدمّى.....
أمامَ عيونِ الزمانِ
أعلّمهُ كيفَ نحفرُ أسماءَنا بالأظافرِ
كي تتوهجَ: لا
نحنُ الذين خرجنا من الثكناتِ
نكشُّ ذبابَ العواصمِ عن جرحنا
أنخطيءُ - حين تمرُّ بنا الشاحناتُ الطويلةُ -
في عددِ الشهداءِ الذين مضوا في رحابِ القنابلْ
وفي عددِ الأصدقاءِ
الذين مضوا في الطوابيرِ
لكنني - والقصيدةُ {لمْ ترها بعدُ عينُ الرقابةِ} -
لا أخطيءُ الوجعَ المرَّ
حين نمرُّ على وجلِ الأمهاتِ
تسمّرنَ فوقَ رصيفِ المحطاتِ
يسألنَ مَنْ يعبرون إلى الحربِ
أن يأخذوا ليلهنَّ الطويلَ
مناديلَ دمعٍ تضمّدُ جرحَ المسافةِ
بين الرصاصةِ، والدعواتِ
يكابرنَ صبرَ السنينِ
أمامَ الأسرّةِ، فارغةٍ
في مستشفياتِ الحروبِ.. [... يشرّونَ فوقَ حبالِ الرياحِ
شراشفَ مَنْ رحلوا,
كي تجفّفَها للذين سيأتون عما قليلٍ...]
..................
إلى أين نمضي بأعمارنا - غضةً -
أيها الربُّ.........
سأكتمُ هذا الصراخَ بحنجرتي
ريثما تفطرونَ على صحفِ اليومِ، والشاي
أكتبُ عن قمرٍ سيجيءُ
وعن غيمةٍ عبرتْ قمحَنا
لتحطَّ على جرحِنا
أربّتُ فوق مواجعكمْ
كي أمرَّ كخيطِ القصيدةِ
يلظمُ قلبي بالطرقات
أخيطُ قميصَ المنافي على قَدِّ أحزانكمْ
وأتركُ دمَّ قميصي الذي قُدَّ من قُبلٍ
شاهدي ودليلي
لدى كاتبِ العدلِ
لمْ أنهزمْ....
أو أفرَّ - كخيلِ بني العمِّ -
من ساحةِ الحربِ
بيني وبين الرصاصِ مسافةُ صدقي
وهذي القصيدةُ, مبحوحةُ الصوتِ
من فرطِ ما هرولتْ في الخنادقِ
تصرخُ من فزعٍ وذهولْ:
ـ أوقفوا قرعَ هذي الطبولْ
مَنْ يمسحُ الآنَ عن قبوِ ذاكرتي
صورَ الأصدقاءِ الذين مضوا في بريدِ المعارك
بلا زهرةٍ أو نعاسٍ
ولمْ يتركوا غيرَ عنوانِ قلبي
أصدقائي الذين أضاعوا الطريقَ
إلى دمعِهمْ والمنازلْ
أصدقاءَ القنابلْ
أنا شختُ قبلَ أواني
ألمْ تبصروا رئتي سوّدتها الشعاراتُ لا التبغُ
ألمْ تبصروا قامتي حدّبتها خطى العابرين إلى الأوسمةْ
آهِ... مما يكتّمُ قلبي...
وما تعلنُ الصحفُ والفتياتُ
[ يراوغنَ نبضَ المحبِّ إلى مصعدِ الشقّةِ الفارهةْ ]
سلاماً بلادَ السنابلْ
سلاماً بلادَ الجداولْ
سلاماً بلادي، التي كلما حاصرتها القنابلْ
حملتْ جرحَها رايةً لتقاتلْ
ومالتْ على جهةِ الرومِ،
لا روم غير الذي تركَ الأهلُ في ظهرنا
من طعانِ السنانِ المخاتلْ
...................................
......................
على شفتي شجرٌ ذابلٌ، والفراتُ الذي مرَّ لمْ يروني. ورائي نباحُ الحروبِ العقيمةِ يطلقها الجنرالُ على لحمنا، فنراوغُ أسنانها والشظايا التي مشّطتْ شَعْرَ أطفالنا قبلَ أنْ يذهبوا للمدارسِ والوردِ. أركضُ، أركضُ، في غابةِ الموتِ، أجمعُ أحطابَ مَنْ رحلوا في خريف
هلْ
خطأٌ
أنْ
نحبَّ
الحياةْ!؟…




لمسة دفء 03-02-2010 08:50 PM

رد: ديوان الشاعر ... عدنان الصائغ
 
-1-
أصعدُ إلى ذقني
لأحلقَهُ
تسقطُ شظيّةٌ
في رغوةِ الصابون
وتنطفيءُ....
ألهذا لم أمتْ بعدُ
ولمْ احلقْ ذقني هذا الصباحْ
*
-2-
أتطلع إلى وجهي
في المرآة
شائخاً محني الظهر
أتركهُ في غرفتي، يصبُّ لي كوباً من القهوةِ المرّةِ
وأتجهُ إلى الشوارعِ راكضاً
بلحيةٍ كثّةٍ لمْ تشذبْها الطائرات
ألهذا كان الأطفالُ يختبئون في أدغالها من الذعرِ
والشوارعُ تهربُ إلى الملاجيءِ
تاركةً الجثثَ معلّقةً في الفراغ
*
-3-
عندما بدأتْ صافراتُ الإنذار
تطلقُ طيورَها الميّتة
في فضاءِ المدينةِ
هربَ الجميعُ إلى العلب
لحظةَ أن وجدتُ نفسي
ملتصقاً في مرآةِ الحلاقةِ
أتلاشى في قعرها رويداً، رويداً
حين مرّتِ الطائراتُ
سالَ الزئبقُ
فتشظّيتُ....




لمسة دفء 03-02-2010 08:51 PM

رد: ديوان الشاعر ... عدنان الصائغ
 
منذُ الصباح
وهو يجلسُ أمامَ طاولتهِ
فكّرَ أنْ يكتبَ عن ياسمين الحدائق
فتذكّرَ أعوادَ المشانق
فكّرَ أنْ يكتبَ عن موسيقى النهر
فتذكّرَ أشجارَ الفقراء التي أيبسها الحرمان
فكّرَ أنْ يكتبَ عن قرنفلِ المرأةِ العابقِ في دمه
فتذكّرَ صفيرَ القطاراتِ التي رحلتْ بأصدقائِهِ إلى المنافي
فكّرَ أنْ يكتبَ عن ذكرياته المتسكّعةِ تحت نثيثِ المطر
فتذكّرَ صريرَ المجنـزراتِ التي كانتْ تمشطُ شوارعَ طفولته
فكّرَ أنْ يكتبَ عن الهزائم
فتذكّرَ نياشينَ العقداءِ اللامعةَ على شاشاتِ الوطن
فكّرَ أنْ يكتبَ عن الانتصارات
فتصاعدَ في رأسهِ نحيبُ الأرامل
ممتزجاً برفاتِ الجنودِ المنسيين هناك
................
.........
في آخرةِ الليل
وَجَدَ سلةَ مهملاتِهِ مملوءةً
وورقتَهُ فارغةً بيضاء




لمسة دفء 03-02-2010 08:51 PM

رد: ديوان الشاعر ... عدنان الصائغ
 
-1-
بينما كانتْ بلادهُ تحترق...
كانت شفتاه تحترقان
على جسدِ الأرملةِ الفاتنة
التي كان زوجها يحترق...
على سواتر الحربِ
.... دفاعاً عن شرفِ الأرض
*
-2-
بينما كانتْ بلادهُ
تنفّضُ رمادها
كان ينفضُ سيجارهَ الأجنبيَّ في صحنِ أحلامه
ويدخّنُ بتلذذٍ
راسماً في دوائرِ الدخانِ المعطّر
- قبل أن يتبدّدَ –
عناقيدَ الكريستالِ في صالة قصرِه
والشعاراتِ التي سيعلّقها
على جدرانِ بيوتِ الطين




لمسة دفء 03-02-2010 08:51 PM

رد: ديوان الشاعر ... عدنان الصائغ
 
دائماً…
عند كشكِ المحطاتِ
أبتاعُ تذكرتين
دائماً، كنتُ أرنو لمقعدها الفارغِ
للحكايا التي كنتُ أعددتُها للطريقِ الطويلْ
دائماً، كنتُ أجلسُ ملتصقاً، قربَ نافذةٍ
في القطارِ المسافرِ، وحدي
وأتركُ
فوقَ
رصيفِ المحطةِ…
… تذكرةً ذابلةْ!




لمسة دفء 03-02-2010 08:52 PM

رد: ديوان الشاعر ... عدنان الصائغ
 
بين الكرسيِّ المكسورِ، وطاولةِ القلب
فكّرتُ بحالِ الشعرِ، وحالي
ما جدوى أنْ تَسَعَ العالمَ
في بيتٍ شعريٍّ
وتعيشُ بلا بيتٍ
ما جدوى أنْ تحتضنَ الفتياتُ دواوينَكَ
لكنكَ لنْ تحضنَ، في آخرةِ الليلِ…
سوى الأحلامْ
ما جدوى أنْ يتصدرَ أسمُكَ أعمدةَ الصفحاتِ..
ويعرفكَ القرّاءْ
لكنكَ حينَ تمرُّ أمامَ المطعمِ
لنْ يعرفَ منك سوى بنطالٍ رثٍّ
يجلسُ – كلَّ مساءٍ – منعزلاً، قلقاً
لا يجرؤُ، أنْ يطلبَ…
أكثرَ من صحنِ حساءْ




لمسة دفء 03-02-2010 08:53 PM

رد: ديوان الشاعر ... عدنان الصائغ
 
رغبةٌ عارمةْ
لذةٌ من جنونْ
.. وانكسارُ مرايا
رغبةٌ كاللهاثِ على جسدٍ أو حجرْ
لذةٌ كالنصالْ
..........
هكذا، والدقائقُ جمرْ
هكذا، والشوارعُ خاليةٌ من خطى امرأةٍ
.. أو ظلالْ
هكذا، أطفأََ الرغبةَ المستريبةَ، بالحلمِ
ثم انطفا
لاهثاً
منهكاً
فوق صمتِ الأريكةْ
.....
.....
بعد عشرِ ثوانٍ
على موتهِِ
جرسُ البابِ يُقرعُ...
... ها أنّها قادمة...!




لمسة دفء 03-02-2010 08:54 PM

رد: ديوان الشاعر ... عدنان الصائغ
 
صباحَ البنفسجِ، يا صاحبي
أنتَ تبصرُ أن الحديقةَ لم تنتشِ
والحقيقةَ لم ترتشِ
كيف أقبلتَ...
أيُّ الطريقِ إلى عنقي كان أسهلَ
أيُّ التقارير أعددتَ هذا الصباحَ المكّبلَ
أيُّ الحمائمِ قد أفزعتها البنادقُ
طارتْ تحلّقُ بين الفضاءِ
وبين قميصي المبلّل
ألمْ تبصرِ اللوزَ أزهرَ؟
والأفقَ أدنى من امرأةٍ
ستشرُّ الغروبَ على حبلِ قلبي، لترحلَ
مالكَ مرتبكاً
خلفَ سورِ الحديقةِ
ترقبُ نافذتي
وتمايز ما بين عنقي، وهذي الأزاهيرِ
دانيةِ القطفِ
ترنو إليكَ
فتجفلُ...
........................
............................
قلتُ: صباحاً جميلاً
سأفتحُ نافذتي
وأسدّدُ قلبي إلى الطلقةِ القاتلة




لمسة دفء 03-02-2010 08:54 PM

رد: ديوان الشاعر ... عدنان الصائغ
 
بين القميصِ الذي مالَ
والبرتقالِ الذي سالَ
حتى تبرعمَ عن حلمتين
فتحةٌ لارتباكِ الأصابعِ
منحدراً، من شتاءِ الجنونِ
.. إلى صيفِ خصركِ
يأخذُ قيلولةً للتغنجِ
- فوقَ سريرِ يدي -
استلذي بفوضاي
لا شاعرٌ دونَ فوضاه
لا مرمرٌ دون ساقيكِ
ينعكسانِ على شهوةِ السلّمِ المرمري
لا مطرٌ غير هذا الزغبْ
ينثُّ على ظمأ النافذةْ
…………
.........
ماذا أفكرُ..؟
ماذا تظنّينَ أنّي أفكرُ..!؟




لمسة دفء 03-02-2010 08:55 PM

رد: ديوان الشاعر ... عدنان الصائغ
 
حطَّ العصفورُ
على شباكي المفتوحِ
وراحَ يغني...
حين رآني، ما زلتُ أغطُّ بنومي
صفّقَ جنحيهِ...
... وشتّمني...
ومضى نحو الغابةْ




لمسة دفء 03-02-2010 08:55 PM

رد: ديوان الشاعر ... عدنان الصائغ
 
حين ترى المجروحَ..
يغني
- محترقَ الروحِ -
على قارعةِ الدربِ
فتوقفْ!
حتى تعبرَ آهتُهُ
نحو سماواتِ اللهِ
خوفاًَ أن تسحقها قدماك المسرعتانْ
حين تمرّانْ




لمسة دفء 03-02-2010 08:55 PM

رد: ديوان الشاعر ... عدنان الصائغ
 
إلى... ج
أكونُ لكِ الجسرَ
هل كنتِ لي نزهةً في أقاصي القصيدة…؟
أكنتِ ترين الأصابعَ – إذ تتشابكُ –
سلّمَكِ الحجريَّ… إلى المجدِ
أحني دمي، كي تمرَّ أغانيكِ، من ثقبِ قلبي
إلى مصعدِ الشقةِ الفارهةْ
وأختارُ لي ركنَ بارٍ
لأرقبَ في طفحِ الكأسِ،
ضحكتَكِ العسليةَ
في الحفلِ،…
في آخرِ الذكرياتِ
تسيلُ على الطاولاتِ
فتشربها الأعينُ القاحلةْ
فأقنعُ نفسي:
بأن المسافاتِ، كذبُ خطى
والصداقاتِ، كذبٌ أنيقٌ
والنساءَ الجميلاتِ،…
...... تكرارُ آهْ




لمسة دفء 03-02-2010 08:56 PM

رد: ديوان الشاعر ... عدنان الصائغ
 
أحياناً
… يوقفني وجهي في المرآةْ
أنتَ تغيّرتَ....
..… تغيّرتَ كثيراً
أتطلّعُ مذعوراً
لا أبصرُ في عينيّ سوى شيخٍ
يتأبّطُ عكّازَ قصائدهِ
… متجهاً نحو البحرِ
يتمرآى في صفحتِهِ الزرقاءْ
فيرى في أعماقِ الموجِ
ولداً في العشرين
يتطلّعُ مبهوراً
في وجهِ المرآة…
لا يدري الآنْ
أيّهما كانْ!؟




لمسة دفء 03-02-2010 08:56 PM

رد: ديوان الشاعر ... عدنان الصائغ
 
هكذا نفترقْ
الشوارعُ ملكي
الحدائقُ..
والخمرُ
والبحرُ..
والياسمينْ
.. وهذا الأفقْ
فما تملكينْ؟
والنجومُ نثارُ دموعي
على صفحاتِ الأرقْ
فأين إذن…
تسهرين؟
والنوافذُ لي
فما تحلمين؟
ما الذي أخسرُ – الآن –
لو…
ترحلين؟




لمسة دفء 03-02-2010 08:57 PM

رد: ديوان الشاعر ... عدنان الصائغ
 
ما أن أجلس على الكرسي - ذاتَ نهارٍ مشمسٍ -
صالباً ساقيَّ اللتين شوهتهما الحربُ
ومحدقاً في بريدِ الشوارعِ وهو يحملُ لي بطاقاتِ الأصدقاءِ المفقودة, والكسلََ،
والباصاتِ المسرعةَ, وغيومَ الدهشةِ..
مسترجعاً أمام عينيكِ السوداوين تأريخَ حزني الطويل
وبمجردِ أن أرمشَ جفني
تتساقطُ صورُ القنابلِ بدل الدموع
كفاكِ تحديقاً في مرايا عيوني..
لقد بكيتُ كثيراً, أكثرَ مما يجبُ
أكثرَ من كميةِ الدموعِ المخصصةِ لحياتي
والآنْ..
عليَّ أن أبتسمَ أمامَ مرايا المطعم الفخمِ، الذي تطأهُ أقدامُ دهشتي لأولِ مرة،
محاطاً بذراعك نصف العارية..
بينما يغطّي الفرو الثمينُ نصفَ العالم الشهي
اتركيني - لدقائق -
ريثما يهدأُ هذا الهلعُ الذي يسكنني
منذ دخلتُ – سهواً – رصيدكِ العاطفي
اتركيني - لساعات -
ففي داخلي سنواتٌ من الوحلِ والهلعِ والرصاصِ
لن تمسحَها يافطةُ النادلِ الأجنبيِّ، وهو ينحني بأدبٍ جمٍّ،
ليزيل قطرات القهوة التي أسقطها ارتباكي
على قماشِ الطاولةِ الأبيضِ
كان عليّ - على الأقلِ - أن أحدثكِ قبل هذا
عن بساتين طفولتي التي حرثتها أسنانُ البلدوزرات والمجنـزرات
عن قلبي الذي ما زال يرتجفُ على الأرصفةِ، كلما مرَّ به ما يشبهُ شَعرها الطويل
عن القنابلِ التي حفرتْ ذكرياتها على ملامحي
عن نساءِ الصالونات اللواتي تضاحكن لرؤية حذائي المغموسِ بالطين
عن الأرصفةِ التي شردتني في الأجازاتِ القصيرةِ {المسروقةِ}
والأشجار التي اختبأتْ في مساماتِ جلدي أثناء القصفِ
عن السنواتِ المرّة التي تركتْ طعمها عالقاً على شفتي..، حتى هذه اللحظة
من عصير أناناسكِ وفنجانِ قهوتي
كفاك تحديقاً في مرايا عيوني
أعرفُ.. أعرفُ.. أعرفُ
أعرفُ ذلك...
هذه الذكريات ضيّعتْ حياتي تماماً
أعرفُ، هذه القصائد التي غاصت معي في البرك،
وحملتها في الملاجيء والمقاهي والدروب
ستبقى معي أينما ارتحلتُ
أعرفُ، هذا القلب سيضيّعُ ما تبقى مني
لقد تورطتُ..
تورطتُ تماماً..
ورغم ذلك فلستُ على استعدادٍ
لأن أبدّلَ حياتي بأيةِ حياة على الاطلاقِ
فأنا أملكُ هذا الألمَ الذي يضيء
***********




لمسة دفء 03-02-2010 08:59 PM

رد: ديوان الشاعر ... عدنان الصائغ
 
قلتُ لها: يربكني شعرُكِ الطويل
وأقصدُ: إنّي أمدُ يدي إلى وسادتي
فأجدُ خصلاتكِ مبعثرةً...
وأحلامي مبعثرةً...
وسريري فارغاً ووحيداً مثلي
يا لحماقتي
كيف لي أن أصدّقَ أصابعي
وأكذّبَ شعرَكِ الطويل
*
لا حدَّ للبحرِ الذي يُقالُ له: أمواج ضفيرتكِ، وهي تتكسرُ
على رمالِ المرآةِ...
لا حدَّ لفوضاي التي يُقالُ لها: الشوارع المتسكعة معي على الورقْ
لا حدَّ للنساءِ اللواتي يُقالُ لهن: خيباتي المتكررة
لا حدَّ للمطرِ الذي يُقالُ له: العشب المتدفق بين أصابعي
لا حدَّ لقلبي الذي يُقالُ له: قلق القصيدة...
قلتُ لها: كمْ عمركِ يا زهرةَ الياسمين
فراحتْ تعدُّ على أصابعها
صباحاتِ الحبِّ
ظلَّ قلبي يتقافزُ بين أناملها الناعمةِ البيضاء، فأخطأتْ في الحسابِ
ياهِ...
قالتْ لي: كمْ عمركَ يا شاعري
فرحتُ أعدُّ على خفقِ قلبي
أحزانَ الشوارعِ، والكتبَ، وقائمةَ الديوانِ، والثكناتِ،
والنساءَ، والقنابلَ، وحبوبَ الفاليومِ، والمطرَ
ظلتْ تبكي...
فاخطأتُ في الحسابْ
ياه...
ابعدي دموعَكِ الحمقاءَ عن قلبي الأحمقِ
وتعالي...
نعدُّ من جديد...
**********




لمسة دفء 03-02-2010 09:00 PM

رد: ديوان الشاعر ... عدنان الصائغ
 
" ... لقد تركتُ ورائي أسماً مشرّفاً
حسنٌ... لقد كلفني ذلك حياةً من الحرمان..."
- شاعر مجهول -
إلى أصدقائي في الحماقات: جواد الحطاب،
عبد الرزاق الربيعي، فضل خلف جبر،
أمل الجبوري، ودنيا ميخائيل...
ذكرى السنوات المضاعة…
يسمّونها: أخطائي...
وأسميها: حماقات شاعر
يشيرون لفوضاي...
وينسون أن يشيروا لخطوها الفوضوي على رصيفِ قلبي
يلقون بسناراتهم في مياهي
فلا يصطادون سوى كواسجِ أخطائهم الميتةِ
ينبشون رمادَ قصائدي
بحثاً عن أسماءِ اللواتي أحببتُ
فلا يجدون سوى حرائقِ امرأةٍ واحدةٍ
يحطمون مراياي...
فتتناثرُ شظايا ذكرياتي
على مقاعدهم...
من يدلّني على مشجبٍ، أعلّقُ عليه معطفي البالي
... وقلبي
لقد تعبتُ من هذا القلبِ وأريدُ استبدالَهُ الآن...
بأيّةِ شجرةٍ... أو قرص أسبرين
ضجرتُ من معطفِ حزني الثقيل
أريد أن أهرعَ إلى براري النسيانْ
طليقاً من كلِّ شيء...
أمضغُ الصبيّرَ بفمٍ ملؤهُ الصفيرُ
لكني أرى ذكرياتكِ... تتبعني كظلي
آهِ...
أعرفُ أن ما من قتلٍ في العالمِ يعادلُ قتلَ قلب
وأعرفُ أيضاً، أنني بتصديقِ الآخرين... ضيعتُ صدقي...!
أيها القلبُ الفوضوي الذي عبثاً أحاولُ ترتيبَ نبضَهُ وأحلامَهُ وسريرَهُ
مالي أراكَ دائماً...
وقفاً كشجرةِ اليوكالبتوز
أمامَ نافذتها
والمطرُ...
– بريدُ الحزنِ –
يأتي محتشداً..
برسائل الذين لا يملكون عناوينَ حبيباتهم
كلُّ خطأكَ الكبير…
أيها القلبُ…
إنّكَ حاولتَ أنْ تحبَّ امرأةً واحدةً فقطْ..
*********




لمسة دفء 03-02-2010 09:01 PM

رد: ديوان الشاعر ... عدنان الصائغ
 
"سأجلسُ في المقهى، لأتخذ، قراراً حولَ حياتي
نعمْ حياتي أنا…
لكن، بحق الشيطان
أهذهِ حياة…
تستحقُ أنْ يُؤخذَ لها قرار"
....
باتجاهِ عزلةِ المقهى
أهربُ من البحر: أمواجِ ضفيرتِكِ – وأقصدُ –
اضطرابَ القصيدةِ
باتجاهِ رمالِ الندمِ: نسيانكِ – وأقصدُ -
النثرَ اليومي
أهربُ من الدقائقِ التي تنبضُ بكِ
إلى الساعةِ العاطلةِ، العقاربِ الواقفةِ على منتصفِ الذبول
أتعبتني الذكرياتُ
وآنَ لي أن أستريحَ على أيّةِ مصطبةٍ هادئةٍ
كأميرٍ مخلوعٍ
بعيداً عن الأبهةِ والشموعِ وجوقةِ المنشدين
ماداً خطاي على امتدادِ الشوارعِ والنسيانْ
الذكرياتُ وحدها التي تؤلمني أينما حللتُ
الذكرياتُ: بقايا الكرزاتِ
الذكرياتُ: رائحةُ شعركِ في كلِّ الشوارعِ
الذكرياتُ: انكسارُ المطرِ على شرشفي الأصفرِ
الذكرياتُ: رصيفُ الزعلِ
الذكرياتُ: القطارُ الراحلُ جنوباً باتجاهِ صيف شفتيكِ
الذكرياتُ: الأغاني الذابلةُ من فرطِ النعاسِ والبوحِ والإنتظارِ
الذكرياتُ: ساعي البريدِ الذي لا يحملُ رسائلَ إلى أحدٍ
الذكرياتُ: التي ضيعتني تماماً
ذكرياتُ الرمادِ والخنادقِ والمطرِ الأسودِ
أيتها الذكرياتُ
آنَ لي أنْ أغادرَ مراياكِ إلى الكتبِ التي لمْ أقرأها بعدُ
آنَ لي أن ألملمَ شظايا نفسي من الحاناتِ.
وأرجع إلى البيتِ – كهولتي المبكرةِ – قبلَ الواحدةِ على الأقل
آنَ لي أن أعيدَ ترتيبَ جنوني كي أصلحَ للنشرِ
آنَ لي أن أشربَ فنجانَ قهوتي الصباحية
بعيداً عن صباحكِ العاطلِ في المصعدِ العاطلِ
آنَ لي أن أفتحَ رئتي على اتساعِ الغاباتِ
وأطلق عصافيرَ أيامي الباقية
– التي لم يجففها الصيفُ والأقفاصُ والقنابلُ –
بعيداً، باتجاهِ الأفقِ والغصونِ البليلةِ والموسيقى
آن لي أن أحرقَ أوراقي
وأستقيل من هذهِ الوظيفةِ الرتيبةِ
موظف أرشيفٍ في متحفِ الذكرياتِ
أجمع الصورَ القديمةَ وطوابعَ الأحزانِ والأسماءَ التي انقرضتْ
لن أنتظرَ سنَّ التقاعدِ – كما يفعلُ الآخرون –
ففي صدري رجلٌ فوضويٌّ
لا يحب غرفَ الأضابيرِ الصفراء
ولا يطيق رائحةَ أدويةِ التحنيطِ
وداعاً أيتها الذكريات المحطنّة
ولا يطيق رائحةَ أدويةِ التحنيطِ
***********
***********
وداعاً أيتها الذكريات المحطنّة
***********




لمسة دفء 03-02-2010 09:02 PM

رد: ديوان الشاعر ... عدنان الصائغ
 
"قالتْ قطعةُ الجليدِ وقد مسَّها أولُ أشعةِ الشمسِ
في مستهلِ الربيع:
- أنا أحبُّ، وأذوبُ، وليسَ لي أن أحبَّ وأنْ أوجدَ
معاً. إذنْ لا بدَّ من الاختيارِ، بين أمرين: وجود
دون حبٍّ وهذا هو الشتاءُ القارسُ، أو حب دون
وجودٍ، وذلك هو الموتُ في مطلعِ الربيع".
- شعر روسي قديم -
.....
لا أملكُ خياراً
كقطرةِ مطرٍ…
أتسربُ في مساماتِ جسدكِ
وإلاّ فأين أمضي؟…
كقطرةِ مطرٍ..
أمسحُ الغبارَ والملحَ والخيباتِ
ليورق الزغبُ الذهبيُّ
مغطياً هذا الزبدَ الممتدَّ… حتى ركبتيكِ
وإلاّ فأين أورقُ؟
كقطرةِ مطر ٍ
أنقرُ زجاجَ نافذتكِ
كي لا تستسلمي للشرودِ
وتنسي كتابي المفتوحَ في حضنكِ
وإلاّ بماذا تفكرين؟
كقطرةِ مطرٍ
أشتاقُ إلى صيفِ شفتيكِ
ولكنكِ تخافين عبثَ المطرِ، وجنونَ الشعراءِ، ورحيلَ القطاراتِ
وإلاّ فلماذا تتهربين مني؟
لا أملكُ خياراً
الكتابةُ لحلِ ديوني، والقصيدةُ لزيادةِ شجوني
وبينهما، سأضيّعُ الكثيرَ من سنواتي عبثاً
من أجلِ وجبةِ كلماتٍ في حانةٍ تملؤها الفئرانْ
أنتِ، أيتها الجالسةُ بهدوءٍ
تنظرين من خللِ زجاجِ اللامبالاةِ
إلى شوارعِ قلبي وهي تضجُّ بزحامِ الناسِ والهمومِ والباصاتِ
سأنقرُ زجاجَ وحدتكِ
وأدعوكِ إلى التسكعِ معي تحتَ شمسِ الحياةِ الدافئة
*
لا أملكُ خياراً
فأنتِ…
تتربعين على عرشِ مملكةِ قصائدي
تفتحين خزائنَ الكلماتِ
تنتقين ما يروقُ لكِ
ثم تخرجين.. إلى الشوارعِ
مزهوةً بين الأخرياتِ
بلآليء الحروفِ التي تطوّقُ جيدكِ المرمري
وحشدِ أيائلِ القصائدِ التي تتبعُ رائحةَ سنابلِ شعركِ الطويلِ
تختارين القاموس الذي يناسبُ جمالكِ الفاضحَ
ثمَّ – بلا مبالاةٍ –
تضرمين الحرائقَ في أكداسِ اللغةِ
ماذا أفعلُ إذنْ…
– حين ترحلين عني غداً –
برمادِ الكلماتِ…
الذي تخلّفينهُ وراءكِ...
*
لا أملكُ خياراً
إلا ببقائكِ
وإلا ماذا ستجدُ من تأتي... بعد غيابكِ
غير كرسيٍّ مكسورٍ
هو قلبي...
ومملكةٍ من الخرابِ... هي أيامي
وشوارع بلا فرحٍ
ولا لغةٍ
ولا ذكرياتٍ
هي كلماتي...
*
لا أملكُ خياراً
أنتِ شمسٌ...
شمسٌ...
شمسٌ...
وقلبي...
آهِ...
قلبي... زهرةُ عبادٍ مجنونة
*************




لمسة دفء 03-02-2010 09:47 PM

رد: ديوان الشاعر ... عدنان الصائغ
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد المصرى. (المشاركة 353279)
سلوى ... الرائعة فى اختيارها وطرحها



تسلمى على روعة اختيارك وطرحك المميز

حفظك الله ويسر امورك

ننتظر منك دوماً روائع الادب العربى


دعواتى لك بالصحة والعافية

أحمد

أسعدنى مرورك الرائع وكلماتك الطيبة

دوما أنتظر تواجدك المميز



سلوى


الساعة الآن 07:35 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by