شبكة صدفة

شبكة صدفة (http://www.aadd2.net/vb/index.php)
-   الشعر العربى القديم والحديث (http://www.aadd2.net/vb/forumdisplay.php?f=21)
-   -   ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي (http://www.aadd2.net/vb/showthread.php?t=86529)

لمسة دفء 06-22-2010 10:42 AM

ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 
محمود سامي باشا بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري شاعر مصرى

نشأته

ولد في 6 أكتوبر عام 1839 م في حي باب الخلق بالقاهرة لأبوين من أصل شركسي من سلالة المقام السيفي نوروز الأتابكي (أخي برسباي). . وكان أجداده ملتزمي إقطاعية إيتاي البارود بمحافظة البحيرة. يعتبر البارودي رائد الشعر العربي الحديث الذي جدّد في القصيدة العربية شكلاً ومضموناً، ولقب باسم فارس السيف والقلم.

حياته العملية

أتم دراسته الابتدائية عام 1851 م ثم التحق بالمرحلة التجهيزية من المدرسة الحربية المفروزة وانتظم فيها يدرس فنون الحرب، وعلوم الدين واللغة والحساب والجبر وتخرج من المدرسة المفروزة عام 1855 م ولم يستطع استكمال دراسته العليا، والتحق بالجيش السلطاني.

عمل بعد ذلك بوزارة الخارجية وذهب إلى الأستانة عام 1857 م وأعانته إجادته للغة التركية ومعرفته اللغة الفارسية على الالتحاق بقلم كتابة السر بنظارة الخارجية التركية وظل هناك نحو سبع سنوات 1857-1863. ثم عاد إلى مصر في فبراير 1863 م عينه الخديوي إسماعيل معيناً لأحمد خيري باشا على إدارة المكاتبات بين مصر والأستانة.

ضاق البارودي برتابة العمل الديواني ونزعت نفسه إلى تحقيق آماله في حياة الفروسية والجهاد، فنجح في يوليو عام 1863 في الانتقال إلى الجيش حيث عمل برتبة البكباشي العسكرية وأُلحقَ بآلاي الحرس الخديوي وعين قائداً لكتيبتين من فرسانه، وأثبت كفاءة عالية في عمله. تجلت مواهبه الشعرية في سن مبكرة بعد أن استوعب التراث العربي وقرأ روائع الشعر العربي والفارسي والتركي، فكان ذلك من عوامل التجديد في شعره الأصيل.

اشترك الفارس الشاعر في إخماد ثورة جزيرة أقريطش (كريت) عام 1865 واستمر في تلك المهمة لمدة عامين أثبت فيهما شجاعة عالية وبطولة نادرة. وكان أحد أبطال ثورة عام 1881 م الشهيرة ضد الخديوي توفيق بالاشتراك مع أحمد عرابي، وقد أسندت إليه رئاسة الوزارة الوطنية في 4 فبراير 1882 م حتى 26 مايو 1882 م.

بعد سلسلة من أعمال الكفاح والنضال ضد فساد الحكم وضد الاحتلال الإنجليزي لمصر عام 1882 قررت السلطات الحاكمة نفيه مع زعماء الثورة العرابية في 3 ديسمبر عام 1882 إلى جزيرة سرنديب (سريلانكا).

حياته في المنفى

ظل في المنفى بمدينة كولومبو أكثر من سبعة عشر عاماً يعاني الوحدة والمرض والغربة عن وطنه، فسجّل كل ذلك في شعره النابع من ألمه وحنينه. تعلم الإنجليزية في خلالها وترجم كتباً إلى العربية. بعد أن بلغ الستين من عمره اشتدت عليه وطأة المرض وضعف بصره فقرر عودته إلى وطنه مصر للعلاج، فعاد إلى مصر يوم 12 سبتمبر 1899 م وكانت فرحته غامرة بعودته إلى الوطن وأنشد أنشودة العودة التي قال في مستهلها:

أبابلُ رأي العين أم هذه مصرُ
فإني أرى فيها عيوناً هي السحرُ

وفاته

توفي البارودي في 12 ديسمبر 1904 م بعد سلسلة من الكفاح والنضال من أجل استقلال مصر وحريتها وعزتها.

لمسة دفء 06-22-2010 10:42 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


آهٍ من غربَة ٍ وفقد حبيبٍ

آهٍ من غربَة ٍ وفقد حبيبٍ
أَوْرَثَا مُهْجَتِي عَذاباً مَكِيثَا
لا تسلنى عمَّا أقاسى ، فإنِّى
بينَ قومٍ لا يفقهونَ حديثا




لمسة دفء 06-22-2010 10:42 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


ألمْ يأنِ أنْ يرضى عنِ الدهرِ مغرمُ

ألمْ يأنِ أنْ يرضى عنِ الدهرِ مغرمُ
أَمِ الْعُمْرُ يَفْنَى وَالْمآرِبُ تُعْدَمُ؟
أُحَاوِلُ وَصْلاً مِنْ حَبِيبٍ مُمَنَّعٍ
وَبَعْضُ أَمَانِي النَّفْسِ غَيْبٌ مُرَجَّمُ
وَمَا كُلُّ مَنْ رَامَ الْعَظَائِمَ نَالَهَا
وَلاَ كُلُّ مَنْ خَاضَ الْكَرِيهَة َ يَغْنَمُ
يَسُرُّ الْفَتَى مِنْ عِشْقِهِ مَا يَسُوؤُهُ
وَ في الراحِ لهوٌ للنفوسِ وَ مغرمُ
وَ لوْ كانَ للإنسانِ علمٌ يدلهُ
على خافياتِ الغيبِ ما كانَ يندمُ
كتمتُ الهوى خوفَ الوشاة ِ ، فلمْ يزلْ
بِيَ الدَّمْعُ حَتَّى بَانَ مَا كُنْتُ أَكْتُمُ
وَكَيْفَ أُدَارِي النَّفْسَ وَهْيَ مَشُوقَة ٌ
وَأَحْلُمُ عَنْهَا وَالْهَوَى لَيْسَ يَحْلُمُ؟
وَتَحْتَ جَنَاحِ اللَّيْلِ مِنِّي ابْنُ لَوْعَة
يَرِقُّ إِلَيْهِ الطَّائِرُ الْمُتَرَنِّمُ
إِذَا مَدَّ مِنْ أَنْفَاسِهِ لاَحَ بَارِقٌ
وَإِنْ حَلَّ مِنْ أَجْفَانِهِ فَاضَ خِضْرِمُ
وَ إنَّ التي يشتاقها القلبُ غادة ٌ
لَهَا الرُّمْحُ قَدٌّ، وَالْمُهَنَّدُ مِعْصَمُ
يَنُمُّ بها صُبْحٌ مِنَ الْبِيضِ أَزْهَرٌ
وَيَكتُمُهَا نَقعٌ مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمُ
إِذَا رَاسَلَتْ كَانَتْ رِسَالَة ُ حُبِّهَا
بضربِ الظبا توحى ، وَ بالطعنِ تعجمُ
لَهَا مِنْ دِمَاءِ الصِّيدِ فِي حَوْمَة ِ الْوَغَى
شرابٌ ، وَ منْ هامِ الفوارسِ مطعمُ
فتلكَ التي لاَ وصلها متوقعٌ
لَدَيْنَا، وَلاَ سُلْوَانُهَا مُتَصَرَّمُ
علقتُ بها ، وَ هيَ المعالي ، وَ قلما
يَهِيمُ بِهَا إِلاَّ الشُّجَاعُ الْمُصَمِّمُ
هوى ، ليسَ فيهِ للملامة ِ مسلكٌ
وَلاَ لاِمْرِىء ٍ نَاجَى بِهِ النَّفْسَ مَأَثَمُ
تلذُّ بهِ الآلامُ وَ هيَ مبيرة ٌ
وَيَحْلُو بِهِ طَعْمُ الرَّدَى وَهْوَ عَلْقمُ
فمنْ يكُ بالبيضِ الكواعبِ مغرماً
فإنيَ بالبيضِ القواضبِ مغرمُ
أَسِيرُ وَأَنْفَاسُ الْعَوَاصِفِ رُكَّدٌ
وَأَسْرِي وَأَلْحَاظُ الْكَوَاكِبِ نُوَّمُ
وَ ما بينَ سلَّ السيفِ وَ الموتِ فرجة ٌ
لدى الحربِ إلاَّ ريثما أتكلمُ
أنا المرءُ لا يثنيهِ عما يرومهُ
نَهِيتُ الْعِدَا وَالشَّرُّ عُرْيَانُ أَشْأَمُ
أُغِيرُ عَلَى الأَبْطَالِ وَالصُّبْحُ أَشْهَبٌ
وَ آوي إلى الضيفانِ وَ الليلُ أدهمُ
وَيَصْحَبُني فِي كُلِّ رَوْعٍ ثَلاَثَة ٌ:
حُسَامٌ، وَطِرْفٌ أَعْوَجِيٌّ، وَلهْذَمُ
و ينصرني في كلَّ جمعٍ ثلاثة ٌ :
لسانٌ ، وَ برهانٌ ، وَ رأيٌ محكمُ
فما أنا بالمغمورِ إنْ عنَّ حادثٌ
و لاَ بالذي إنْ أشكلَ الأمرُ يفحمُ
لساني كنصلي في المقالِ ، وَ صارمي
كغربِ لساني حينَ لمْ يبقَ مقدمُ
إذا صلتُ فدتني " فراسٌ " بشيخها
وَ إنْ قلتُ حياني " شبيبٌ " وَ " أكثمُ "
فَلاَ تَحْتَقِرْ فَضْلَ الْكَلاَمِ؛ فَإِنَّهُ
مِنَ الْقَوْلِ مَا يَبْنِي الْمَعَالِي، وَيَهْدِمُ
وَمَا هُوَ إِلاَّ جَوْهَرُ الْفَضْلِ وَالنُّهَى
يسردُ في سلكِ المقالِ ، وينظمُ
فَمَا كُلُّ منْ حَاكَ الْقَصَائِدَ شَاعِرٌ
وَلاَ كُلُّ مَنْ قَالَ النسِيبَ مُتَيَّمُ
فَإِنْ يَكُ عَصْرُ الْقَوْلِ وَلَّى ، فَإِنَّنِي
بِفَضْلِي ـ وَإِنْ كُنْتُ الأَخِيرَ ـ مُقَدَّمُ








لمسة دفء 06-22-2010 10:42 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


ألا بأبى مَنْ حُسنهُ وحديثهُ

ألا بأبى مَنْ حُسنهُ وحديثهُ
إِذَا مَا الْتَقَيْنَا لَذَّة ُ الْعَيْنِ وَالسَّمْعِ
رَأَى مُقْلَتِي تَرْعَى رِيَاضَ جَمَالِهِ
فعاقَبها حَدَّينِ: بالسُهدِ والدمعِ






لمسة دفء 06-22-2010 10:43 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


ألا هتفَت بالأيكِ ساجِعة ُ القُمرِ

ألا هتفَت بالأيكِ ساجِعة ُ القُمر
فَطُف بالحُميَّا ، فهى ريحانة ُ العُمرِ
وإن أنتَ أترَعتَ الأباريقَ فلتَكن
سُلاَفاً، وَإِيَّاكَ الْفَضِيخَ مِنَ التَّمْرِ
فقاتلة ُ العُرجونِ للفاقدِ النَّدى
وصافية ُ العُنقودِ للماجدِ الغَمرِ
مُوَرَّدَة ٌ، تَمْتَدُّ مِنْهَا أَشِعَّة ٌ
تَدورُ بِها فى ظلِّ ألوية ٍ حُمرِ
إذا شجَّها السَّاقونَ دارَ حبابُها
عَليها ، كما دارَ الشَّرارُ على الجَمرِ
ثَوتْ فى ضميرِ الدَّهرِ والجوُّ ظُلمَة ٌ
بِلا كوكب ، والأرضُ تَسبحُ فى غَمرِ
فجاءت ، ولولا عَرفُها وبريقُها
لَكَانَتْ خَفاً بَيْنَ الدَّسَاكِرِ كَالضَّمْرِ
تُزَفُّ بأَلْحَانِ الْمَثَانِي كُئُوسُهَا
كَمَا زُفَّتِ الْحَسْنَاءُ بِالطَّبْلِ وَالزَّمْرِ
كُمَيْتٌ جَرَتْ في حَلْبَة ِ الدَّهْرِ، فَانْطَوَتْ
ثَميلَتُها ، والخيلُ تُحمَدُ بالضُّمرِ
فكَم بينَ آصالٍ أدَرنا كئوسَها
وَبَيْنَ لَيَالٍ مِنْ كَوَاكِبِها نُمْرِ
إِذَا أَنْتَ قَامَرْتَ الزَّمَانَ عَلَى الْمُنَى
بِمَا دَارَ مِنْ أَقْداحِها فُزْتَ بِالْقَمْرِ
فخُذ فى أفانينِ الخلاعة ِ والصِّبا
ودَعنى مِن زَيدِ النُّحاة ِ ومِن عَمرِ
أولئكَ قَومٌ فى حُروبٍ تفاقمَتْ
ولكِن خَلَتْ مِن فَتكة ِ البيضِ والسُمرِ
فَمَا تَصْلُحُ الأَيَّامُ إِلاَّ إِذَا خَلَتْ
قُلُوبُ الْوَرَى فِيها مِنَ الْحِقْدِ وَالْغِمْرِ
وَلاَ تَتَعَرَّضْ لامْرِىء ٍ بمَسَاءَة ٍ
ولا تحتلِبْ ضَرعَ الشِقاقِ ، ولا تَمرِ
ولا تَحتَقِر ذا فاقة ٍ بينَ طِمرهِ
فَيَا رُبَّ فَضْلٍ يَبْهَرُ الْعَقْلَ في طِمْرِ
وكيفَ يعيشُ المرءُ فى الدّهرِ آمناً
وَلِلْمَوْتِ فِينا وَثْبَة ُ اللَّيْثِ وَالنِّمْرِ؟
وَمَا أَحْسَبُ الأَيَّامَ تَصْفُو لِعاقِلٍ
ولَكِن صفاءَ العيشِ لِلجاهلِ الغًمرِ
سَعَيْتُ فَأَدْرَكْتُ الْمُنَى في طِلابِها
وكُلُّ امرئٍ فى الدَّهرِ يَسعى إلى أمرِ





لمسة دفء 06-22-2010 10:43 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


ألا ، منْ معيني على صاحبٍ

ألا ، منْ معيني على صاحبٍ
جرعتُ بصحبتهِ العلقما ؟
يَسُوءُ الْخَلِيلَ، وَيُؤْذِي الْجَلِيـ
ـسَ ، وَ يأنفُ إنْ زلَّ أنْ يندما
يلومُ على غيرِ ذنبٍ جرى
وَ يغضبُ منْ قبلِ أنْ يفهما
فَإِنْ قُلْتُ: «مَهْلاً» لَوَى شِدْقَهُ
وَإِنْ لَمْ أُجِبْ قَوْلَهُ بَرْطَمَا
لَهُ جَهَلاَتٌ تُمِيتُ الرِّضَا
وَحُمْقٌ يَكَادُ يُسِيلُ الدِّمَا
يكابرُ في الحقَّ إنْ مضهُ
وَلاَ يَدَعُ الظَّنَّ أَوْ يَأْثَمَا
فَلاَ أَنَا مِنْهُ أَرَى رَاحَة ً
وَلاَ أَنَا عَنْهُ أَرَى مَنْسِمَا
تبدلَ أنسي بهِ وحشة ً
وَعَادَ نَهَارِي بِهِ مُظْلِمَا
فلا رحمَ اللهُ يوماً جرى
عَلَيَّ بِهِ طَائِراً أَشْأَمَا





لمسة دفء 06-22-2010 10:43 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


ألا ، إنَّ أخلاقَ الرجالِ وَ إنْ نمتْ

ألا ، إنَّ أخلاقَ الرجالِ وَ إنْ نمتْ
فأربعة ٌ منها تفوقُ على الكلَّ :
وَقَارٌ بِلاَ كِبْرٍ، وَصَفْحٌ بِلاَ أَذى ً
وَجُودٌ بِلاَ مَنٍّ، وَحِلْمٌ بِلاَ ذُلِّ





لمسة دفء 06-22-2010 10:43 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


ألا قل لقومٍ شامتينَ تربَّصوا

ألا قل لقومٍ شامتينَ تربَّصوا
تَهَزُّمَ شَرٍّ بِالْمَنِيَّة ِ كارِثِ
أرى سِترَ خطبٍ قد ترفَّعَ وانبرَت
تلوحُ لهم منهُ وجوهُ الحوادثِ









لمسة دفء 06-22-2010 10:43 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


ألائمتِى كُفِّى الملامَ عنِ الَّذى

ألائمتِى كُفِّى الملامَ عنِ الَّذى
أُحاوِلهُ من رحلة ٍ وسِفارِ
فلولا سُرَى البّدرِ المُنيرِ لَعاقَهُ
عنِ التِّمِّ لبثٌ فى مَغيبِ سِرارِ






لمسة دفء 06-22-2010 10:44 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


أليلَى !ما لِقلبِكِ ليسَ يَرثِى

أليلَى !ما لِقلبِكِ ليسَ يَرثِى
لِما ألقاهُ مِنْ ألَمِ الفِراقِ؟
كَتَمْتُ هَوَاكِ حَتَّى نَمَّ دَمْعِي
وَذَابَتْ مُهْجَتِي مِمَّا أُلاقِي
وَرَقَّتْ لِي قُلُوبُ النَّاسِ حَتَّى
بَكى لِى كلُّ ساقٍ فَوقَ ساقِ
تَلُومِيني عَلَى عَبَراتِ عَيْنِي؟
وَلَوْلاَ الْحُبُّ لَمْ تَجْرِ الْمَآقِي
وَمِنْ عَجَبِ الْهَوَى يَا لَيْلُ أَنِّي
فَنِيتُ صَبَابَة ً وَهَوَاكِ بَاقِي
وَمَا إِنْ عِشْتُ بَعْدَ الْبَيْنِ إِلاَّ
لِما أرجوهُ مِن وشكِ التَلاقِى
ولَولا أنَّنى فى قَيدِ سُقمٍ
لَطِرْتُ إِلَيْكِ مِنْ فَرْطِ اشْتِيَاقِي




لمسة دفء 06-22-2010 10:44 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


أليسَ منَ العدلِ أن تسمعا ؟

أليسَ منَ العدلِ أن تسمعا ؟
فأشكُو إليكَ نَموماً سَعَى
أَطَاعَ لَهُ الْمَاءُ حَتَّى اسْتَقَى
وَأَمْكَنَهُ الرِّعْيُ حَتَّى رَعَى
أتاكَ فأغشيتَهُ مَنزِلاً
رَحِيباً، وَأَرْعَيْتَهُ مِسْمَعَا
فأبدَعَ ما شاءَ فى فِرية ٍ
تَأَنَّقَ فِي صُنْعِهَا وَادَّعَى
صَناعُ اللِّسانِ ، خَلوبُ البيا
نِ، يَخْلُقُ مِنْ ضِحْكِهِ أَدْمُعَا
حَرِيصٌ عَلَى الشَّرِّ، لاَ يَنْثَنِي
عنِ القصدِ ما لمْ يَجدْ مَنزَعا
يَسِيرُ مَعَ الرِّفْقِ، حَتَّى إِذَا
تَمكَّنَ مِنْ فُرصَة ٍ أَوضَعا
وَمَا كَانَ لَوْلاَ خِلاَجُ الظُّنُونِ
لِيَرْغَبَ فِي الْقَوْلِ، أَوْ يَطْمَعَا
ولا وحِفاظِكَ ، وهوَ اليميـ
ـنُ ما حُلتُ عَنْ عَهدِكُمْ إِصبَعا
وَلَكِنَّهَا نَزَغَاتُ الْوُشَاة ِ
أصابَتْ هوى ً ، فلوَتْ أخدعا
وَلَيْسَ مَلاَمِي عَلَى مَنْ وَشَى
ولكِنْ مَلامِى علَى مَنْ وَعى
أَيَجْمُلُ بِالْعَهْدِ أَنْ يُسْتَبَاحَ
لِواشٍ ، ولِلوُدِّ أنْ يُقطعا ؟
فَشَتَّانَ مَا بَيْنَنَا فِي الْوِدَا
دِ: خِلٌّ أَضَاعَ، وَخِلٌّ رَعَى
ومن أشرَكَ النَّاسَ فى أمرِهِ
دَعَتهُ الضَّرورَة ُ أن يُخدعا
فَخُذها إليكَ عِتابيَّة ً
تَرُدُّ عَصِيَّ الْمُنَى طَيِّعَا
ولولا مَكانُكَ من مَهجتى
لما قلتُ لابنِ عِثارٍ لَعا





لمسة دفء 06-22-2010 10:44 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


أمولاى ، دُم لِلملكِ رَبًّا تسوسُهُ

أمولاى ، دُم لِلملكِ رَبًّا تسوسُهُ
بِحِكْمَة ِ مَطْبُوعٍ عَلَى الْحِلْمِ وَالْبَاسِ
ولا زالتِ الأعيادُ تَجرى سُعودها
عَلَيْكَ، وَتَحْظَى مِنْ عُلاَكَ بِإِينَاسِ
فلولاكَ ما فازَتْ يَدُ القُطرِ بالمُنى
ولا نشأتْ روحُ العَدالة ِ فى النَّاسِ
وَهذَا لِسَانُ الشُّكْرِ يَدْعُ ومُؤَرِّخاً
حَوَى الْعِيدُ أَنْوَاعَ الْفَخَارِ بعَبَّاسِ







لمسة دفء 06-22-2010 10:45 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


أبابلُ رَأى َ العينِ أم هذهِ مِصرُ

أبابلُ رَأى َ العينِ أم هذهِ مِصرُ
فإنِّى أرى فيها عيوناً هى َ السِحرُ
نَوَاعِس أَيْقَظْنَ الْهَوَى بِلَوَاحِظٍ
تَدِينُ لَهَا بِالْفَتْكَة ِ الْبِيضُ وَالسُّمْرُ
فليسَ لعقلٍ دونَ سُلطانِها حِمى ً
ولا لفؤادٍ دونَ غِشيانِها سِترُ
فَإِنْ يَكُ مُوسى أَبْطَلَ السِّحْرَ مَرَّة ً
فذلِكَ عصرُ المعجِزاتِ ، وذا عصرُ
فَأَيُّ فُؤادٍ لاَ يَذُوبُ صَبَابَة ً وَمُزْنَة ٍ
عَيْنٍ لاَ يَصُوبُ لَهَا قَطْرُ؟
بِنفسى وإن عَزَّت على َّ ربيبة ٌ
مِنَ العينِ فى أجفانِ مُقلتِها فَترُ
فَتَاة ٌ يَرِفُّ الْبَدْرُ تَحْتَ قِناعِها
وَيَخْطِرُ في أَبْرَادِهَا الْغُصُنُ النَّضْرُ
تُرِيكَ جُمانَ الْقَطْرِ في أُقْحُوَانَة ٍ
مُفَلَّجَة ِ الأَطْرَافِ، قِيلَ لَهَا ثَغْرُ
تَدِينُ لِعَيْنَيْهَا سَوَاحِرُ «بَابِلٍ»
وتسكرُ من صَهباءِ ريقتها الخَمرُ
فيا ربَّة َ الخِدرِ الَّذى حالَ دونَهُ
ضَراغِمُ حربٍ ، غابَها الأَسَلُ السُمرُ
أَمَا مِنْ وِصَالٍ أَسْتَعِيدُ بِأُنْسِهِ
نَضَارَة َ عَيْشٍ كَانَ أَفْسَدَهُ الْهَجْرُ؟
رضيتُ منَ الدُّنيا بِحبِّكَ عالماً
بِأنَّ جُنُونِي في هَوَاكِ هُوَ الْفَخْرُ
فلا تَحسبى شوقى فُكاهة َ مازحٍ
فما هُوَ إلاَّ الجمرُ، أو دونهُ الجمرُ
هوى ً كضميرِ الزندِ ، لو أنَّ مَدمعى
تَأَخَّرَ عَنْ سُقْيَاهُ لاَحْتَرَقَ الصَّدْرُ
إِذَا مَا أَتَيْتُ الْحَيَّ فَارَتْ بِغَيْظِها
قُلُوبُ رِجَالٍ حَشْوُ آماقِها الْغَدْرُ
يَظُنُّونَ بِي شَرّاً، وَلَسْتُ بِأَهْلِهِ
وظَنُّ الفتى مِن غيرِ بيِّنة ٍ وِزرُ
وماذا عليهِم إن ترنَّمَ شاعِرٌ
بِقَافِيَة ٍ لاَ عَيْبَ فِيها، وَلاَ نُكْرُ؟
أفى الحقِّ أن تبكِى الحمائمُ شَجوها
ويُبلى فلا يبكِى على نَفسهِ حُرُّ ؟
وأى ُّ نَكيرٍ فى هوًى شبَّ وقدهُ
بِقَلْبِ أَخِي شَوْقٍ فَبَاحَ بِهِ الشِّعْرُ؟
فَلا يَبْتَدِرْنِي بِالْمَلاَمَة ِ عَاذِلٌ
فإنَّ الهوى فيهِ لمُعتذرٍ عُذرُ
إذا لم يَكن لِلحُبِّ فضلٌ على النُّهى
لما ذَلَّ حَى ٌّ لَلهوى ولَهُ قَدرُ
وَكَيْفَ أَسُومُ الْقَلْبَ صَبْراً عَلَى الْهوى
وَلَمْ يَبْقَ لِي فِي الْحُبِّ قلْبٌ وَلا صَبْرُ؟
لِيهنَ الهوى أنِّى خضَعتُ لِحُكمهِ
وَإِنْ كَانَ لِي فِي غَيْرِهِ النَّهْيُ والأَمْرُ
وإنِّى امرؤٌ تأبى لى الضَّيمَ صولة ٌ
مَوَاقِعُهَا فِي كُلِّ مُعْتَرَكٍ حُمْرُ
أَبِيٌّ عَلَى الْحِدْثَانِ، لاَ يَسْتَفِزُّنِي
عَظيمٌ ، ولا يأوى إلى ساحتى ذعرُ
إذا صُلتُ صالَ الموتُ مِن وكراتهِ
وإن قُلتُ أرخى مِن أعنَّتهِ الشِعرُ




لمسة دفء 06-22-2010 10:45 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


أتاني أنَّ عبدَ اللهِ أصغى

أتاني أنَّ " عبدَ اللهِ " أصغى
إِلَى وَاشٍ؛ فَغَيَّرَهُ عَلَيَّا
وَمَا عَهْدِي بِهِ غِرّاً، وَلَكِنْ
تَوَلَّتْ أَمْرَ فِطْنَتِهِ الْحُمَيَّا
فقلتُ لهُ : تثبتْ تلقَ رشداً
فَكَمْ مِنْ سُرْعَة ٍ وَهَبَتْكَ غَيَّا
فَإِنَّكَ لَوْ عَرْفتَ وِدَادَ قَلْبِي
إليكَ ، لجئتَ معتذراً إليا





لمسة دفء 06-22-2010 10:45 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


أترى الصبا خطرتْ بوادي المنحنة ؟

أترى الصبا خطرتْ بوادي المنحنة ؟
فجنتْ عبيرَ المسكِ منْ ذاكَ الجنى ؟
مَرَّتْ بِنَا طَفَلَ الَعَشِيِّ، فَمَا دَرَى
أحدٌ بسرَّ ضميرها إلاَّ أنا
و تحملتْ سرَّ الهوى ؛ فترددتْ
بِرَسَائِلِ الأَشْوَاقِ فِيمَا بَيْنَنَا
عبقتْ غلائلها بنشرِ عرارة ٍ
بَدَوِيَّة ٍ، بِسِوَى الأَنَامِلِ تُجْتَنَى
تَحْمِي مَنَابِتَهَا قَسَاوِرُ غَارَة ٍ
يَجِدُونَ صَعْبَ الْمَوْتِ خَطْباً هَيِّنَا
منْ كلَّ مشتملٍ بشعلة ِ صارمٍ
أمضى منَ الأجلِ الوحيَّ إذَ ادنا
وَ بمسقطِ العلمينِ جؤذرُ كلة ٍ
يُصْمِي بِنَظْرَتِهِ الأُسُودَ إِذَا رَنَا
صنعَ الوشاة ُ لهُ حديثاً كاذباً
فقسا عليَّ ، وَ كانَ سهلاً لينا
مَاذَا عَلَيْهِ ـ وَلاَ أُرِيدُ مَلاَمَة ً ـ
لَوْ جَادَ مَعْهَا بِالتَّحِيَّة ِ أَوْ كَنَى ؟
إني لأقنعُ منْ هواهُ بنظرة ٍ
تُرْوِي الْغَلِيلَ مِنَ الصَّدَى لَوْ أَمْكَنَا
أخنى عليَّ معَ الزمانِ ، وَ ليتهُ
لما أساءَ الدهرُ صنعاً أحسنا
وَرَأَى الْمَشِيبَ تَلَوَّنَتْ أَلْوَانُهُ
في عارضيَّ منَ الأسى ؛ فتلونا
وَالْمَرْءُ فِي الدُّنْيَا رَهِينُ حَوَادِثٍ
تودى بجدتهِ ، وَ تلبسهُ الضنى
ليتَ المشيبَ تأخرت أيامهُ
حَتَّى أَفْوزَ مِنَ الشَّبِيبَة ِ بِالْمُنَى





لمسة دفء 06-22-2010 10:45 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


أبَى الضَّيمَ ، فاستلَّ الحُسامَ وأصحرا

أبَى الضَّيمَ ، فاستلَّ الحُسامَ وأصحرا
وَذُو الْحِلْمِ إِنْ سِيمَ الْهَوَانَ تَنَمَّرَا
وَطَارَتْ بِهِ في مُلْتَقَى الْخَيْلِ عَزْمَة ٌ
أَعَادَتْ خَبِينَ الصُّبْحِ بالنَّقْعِ أَكْدَرَا
فردَّ ذبابَ المشرفِى َّ مُثلَّما
وَغَادَرَ صَدْرَ السَّمْهَرِيِّ مُكَسَّرَا
جِلادُ امرئٍ آلى بِقائمِ سيفهِ
عَلَى الْمَجْدِ أَنْ يُولِيهِ نَصْراً مُؤَزَّرَا
جَدِيرٌ إِذَا مَا هَمَّ أنْ يَكْسُوَ الْقَنَا
وبيضَ الظُبا ثَوباً مِنَ الدَمِ أحمرا
وَمَا كُلُّ مَنْ سَاسَ الأَعِنَّة َ فَارِساً
وَلاَ كُلُّ مَنْ نَاشَ الأَسِنَّة َ قَسْوَرَا







لمسة دفء 06-22-2010 10:46 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


أتُرى الحمامَ ينوحُ من طربٍ معى

أتُرى الحمامَ ينوحُ من طربٍ معى
وَنَدَى الْغَمَامَة ِ يَسْتَهِلُّ لِمَدْمَعِي؟
مَا لِلنَّسِيمِ بَلِيلَة ٍ أَذْيَالُهُ؟
أَتُرَاهُ مَرَّ عَلَى جَدَاوِلِ أَدْمُعِي؟
بل ما لِهذا البرقِ مُلتهِبَ الحشا ؟
أَسَمَتْ إِلَيْهِ شَرَارَة ٌ مِنْ أَضْلُعِي؟
لم أدرِ هل شعرَ الزمانُ بِلوعتى
فرثى لَها ، أم هاجتِ الدُنيا مَعى ؟
فالغيثُ يَهمى رِقَّة ً لِصبابتى
وَالطَّيْرُ تَبْكِي رَحْمَة ً لِتَوَجُّعِي
خَطَرَاتُ شَوْقٍ، أَلْهَبَتْ بَجَوَانِحِي
نَاراً يَدِبُّ أَزِيزُهَا فِي مِسْمَعِي
وَجَوًى كَأَطْرَافِ الأَسِنَّة ِ، لَمْ يَدَعْ
لِلصَّبْرِ بَيْنَ مَقِيلِهِ مِنْ مَفْزَعِ
يأهلَ ذا النادى ! أليسَ بكم فتى ً
يَرثى لويلاتِ المشوقِ المولعِ ؟
أَبْكِي، فَيَرْحَمُنِي الْجَمَادُ، وَلاَ أَرَى
خِلاًّ يَرِقُّ إِلَى شَكَاتِي، أَوْ يَعِي
فإذا دَعوتَ بِصاحبٍ لم يَلتفِتْ
وإذا لجأتَ إلى أخٍ لم ينفَعِ
وَمِنَ الْعَجَائِبِ أَنَّنِي أَشْكُوُ الْهَوَى
والذنبُ لى فى كُلِّ ما أنا مُدَّعِى
قَدْ طَالَمَا يَا قَلْبُ قُلْتُ لَكَ احْتَرِسْ
أَرَأَيْتَ كَيْفَ يَخِيبُ مَنْ لَمْ يَسْمَعِ؟
أوقعتَ نَفسكَ فى حبائلِ خُدعة ٍ
لاَ تُسْتَقَالُ، فَخُذْ لِنَفْسِكَ أَوْ دَعِ
يا ظبية المقياس ! هذا مَدمعى
فرِدِى ، وهذا روضُ قلبى فارتعى
إن كانَ لا يرضيكِ إلاَّ شِقوتى
فلقد بلغتِ مُناكِ مِنها ، فاقنَعى
أنا منكِ بينَ صبابة ٍ لاتنقضِى
أيَّامها ، وغواية ٍ لم تُقلعِ
فثِقى بِما تمليهِ ألسنة َ الهوى
وَهْيَ الدُّمُوعُ، فَحَقُّهَا لَمْ يُدْفَعِ
لاتحسبى قولى خديعة َ ماكرٍ
إِنَّ الْوَفِيَّ بعَهْدِهِ لَمْ يَخْدَعِ
إِنِّي لأَقْنَعُ مِنْ هَوَاكِ بنَظْرَة ٍ
وَأَعُدُّهَا صِلَة ً إِذَا لَمْ تَمْنَعِي
هَذِي مُنَايَ، وَحَبَّذَا لَوْ نلْتُهَا
عَنْ طِيبِ نَفْسٍ، فَهْيَ أَكْبَرُ مُقْنِعِ




لمسة دفء 06-22-2010 10:46 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


أبعدَ ستينَّ لى حاجٌ فأطلبها ؟

أبعدَ ستينَّ لى حاجٌ فأطلبها ؟
هَيْهاتَ، ما لامْرِىء ٍ بَعْدَ الصِّبَا حاجُ
إِنَّ ابْنَ آدَمَ في الدُّنْيَا عَلَى خَطَرٍ
لا يَسْتَقِيمُ لَهُ قَصْدٌ ومِنْهاجُ
كأنما هوَ فى فلكٍ تحيطُ بهِ
مِنْ جانِبَيْهِ أَعاصِيرٌ وأَمْواجُ
يهوى البقاءَ ، ومكروهُ الفناءِ بهِ
ويستعِزُّ بأمنٍ فيهِ إزعاجُ
لا أَحْفِلُ الطَّيْرَ إِنْ غَنَّتْ، وإِنْ نَعَبَتْ
سِيَّانِ عِنْدِي صَفَّارٌ وشَحَّاجُ
يستعظمونَ منَ الحجَّاجِ صولّتهُ
وكلُّ قومٍ بهِم للظُلمِ حجَّاجُ





لمسة دفء 06-22-2010 10:46 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


أبنى ِ الكنانة َ أبشِروا بمحمَّدٍ

أبنى ِ الكنانة َ أبشِروا بمحمَّدٍ
وثِقوا براعٍ فى المكارم أوحدِ
فَهُوَ الزَّعِيمُ لَكُمْ بِكُلِّ فَضيلة ٍ
تَبْقَى مَآثِرُهَا، وَعَيْشٍ أَرْغَدِ
مَلِكٌ نَمَتْهُ أَرُومَة ٌ عَلَوِيَّة ٌ
ملكَت بسؤدُدِها عنانَ الفرقدِ
يَقِظُ الْبَصِيرَة ِ لَوْ سَرَتْ في عَيْنِهِ
سِنَة ُ الرُّقَادِ، فَقَلْبُهُ لَمْ يَرْقُدِ
بدهاتهُ قيدُ الصوابِ ، وعَزمهُ
شرُكُ الفوارسِ فى العجاجُ الأربدِ
فإذا تنمَّرَ فهو,, زيدٌ ،، فى الوغى
وإِذَا تَكَلَّمَ فَهْوَ «قَيْسٌ» في النَّدِي
مُتَقَسَّمٌ مَا بَيْنَ حُنْكَة ِ أَشْيَبٍ
صَدَقَتْ مَخِيلَتُهُ، وَحِلْيَة ِ أَمْرَدِ
لا يستريحُ إلى الفراغِ ، ولا يرى
عيشاً يلذُّ بهِ إذا لم يجهدِ
فنهارهُ غيثُ اللَّهيفِ ، وليلهُ
في طَاعَة ِ الرَّحْمنِ لَيْلُ الْعُبَّدِ
لهجٌ بحبِّ الصالحاتِ ، فكلما
بَلَغَ النِّهَايَة َ مِنْ صَنِيعٍ يَبْتَدِي
خُلُقٌ تميَّزَ عن سواهُ بفضلهِ
والْفَضْلُ في الأَخْلاقِ إِرْثُ الْمَحْتِدِ
إقليدٌ معضلة ٍ ، ومعقِلُ عائذٍ
وسماءُ منتجعٍ ، وقبلة ُ مهتدِ
حَسُنَتْ بِهِ الأَيَّامُ حَتَّى أَسْفَرَتْ
عن وجهِ معشوقِ الشَّمائلِ أغيَد
وَصَفَتْ مَوَارِدُ مِصْرَ حَتَّى أَصْبَحَتْ
بعدَ الكدورة ِ شرعة ً للورَّدِ
فَالْعَدْلُ يَرْعَاهَا بِرَأْفَة ِ وَالِدٍ
والبأسُ يحميها بصولة ِ أصيَدِ
بَلَغَتْ بِفَضْلِ «مُحَمَّدٍ» مَا أَمَّلَتْ
مِنْ عِيشَة ٍ رَغَدٍ وَجَدٍّ أَسْعَدِ
هُوَ ذَلِكَ الْمَلِكُ الذي أَوْصَافُهُ
فى الشعر حلية ُ راجزٍ ومقصِّدِ
فبنورهِ فى كلِّ جنحٍ نهتدى
وبِهَدْيِهِ في كُلِّ خَطْبٍ نَفْتَدِي
سنَّ المشورة َ ، وهى أكرمُ خطَّة ٍ
يجرى عليها كل راعٍ مرشدِ
هِيَ عِصْمَة ُ الدِّينِ التي أَوْحَى بهَا
رَبُّ الْعِبَادِ إِلى النَّبِيِّ «مُحَمَّدِ»
فَمَنِ اسْتَعَانَ بِهَا تَأَيَّدَ مُلْكُهُ
ومن استهانَ بأمرها لم يرشُدِ
أَمْرَانِ ما اجْتَمَعَا لِقَائِدِ أُمَّة
إلاَّ جنى بهما ثمارَ السؤددِ
جَمْعٌ يَكُونُ الأَمْرُ فِيمَا بَيْنَهُمْ
شورى ، وجندٌ للعدو بمرصدِ
هيهاتَ يحيا الملكَ دونَ مشورة ٍ
ويَعِزُّ رُكْنُ الْمَجْدِ مَا لَمْ يُعْمَدِ
فالسَّيْفُ لا يَمْضِي بِدُونِ رَوِيَّة ٍ
وَالرَّأْيُ لا يَمْضِي بغَيْرِ مُهَنَّدِ
فاعكفْ على الشورى تجد فى طيِّها
من بينات الحكمِ مالم يوجدِ
لا غَرْوَ أَن أَبْصَرْتَ في صَفَحَاتِهَا
صُوَرَ الْحَوَادِثِ، فَهْيَ مِرْآة ُ الْغَدِ
فَالْعَقْلُ كَالْمِنْظَارِ يُبْصِرُ ما نَأَى
عنه قريباً ، دونَ لمسٍ باليدِ
وكفاكَ علمُكِ بالأمورِ، وليسَ من
سَلَكَ السَّبيلَ كَحَائِرٍ لَمْ يَهْتَدِ
فلأنتَ أولَ من أفادَ بعدلهِ
حُرِّيَّة َ الأَخْلاَقِ بَعْدَ تَعَبُّدِ
أَطْلَقْتَ كُلَّ مُقَيَّدٍ، وَحَلَلْتَ كُـ
ـلَّ مُعَقَّدٍ، وَجَمَعْتَ كُلَّ مُبَدَّدِ
وتمتَّعتْ بالعدلِ منكَ رعيَّة ٌ
كانت فريسة َ كلِّ باغٍ معتدِ
فاسلم لخير ولا ية ٍ عزَّت بها
نفسُ النصيحِ ، وذلَّ كلُّ مفنَّدِ
ضَرَحَتْ قَذَاة َ الْغَيِّ عَنْ جَفْنِ الْهُدَى
وَسَرَتْ قِنَاعَ الْيَأْسِ عَنْ أَمَلٍ نَدِ
ضَمَّتْ إِلَيْكَ زِمامَ كُلِّ مُثَلِّثٍ
وَثَنَتْ إِلَيْكَ عِنَانَ كُلِّ مُوَحِّدِ
وَتَأَلَّفَتْ بَعْدَ الْعَدَاوَة ِ أَنْفُسٌ
سكنت بعدلكَ في نعيمٍ سرمدِ
فحباكَ ربُّكَ بالجميلِ كرامة ً
لِجَزِيلِ مَا أَوْلَيْتَ أُمَّة َ «أَحْمَدِ»
وَتَهَنَّ بِالْمُلْكِ الَّذِي أَلْبَسْتَهُ
شرفاً بمثلِ ردائهِ لم يرتدِ
بَزَغَتْ بِهِ شَمْسُ الْهِدَايَة ِ بَعْدَ مَا
أفلَت ، وأبصرَ كلُّ طرفٍ أرمدِ
لم يبقَ من ذى خلة ٍ إلاَّ اغتدى
بجميلِ صنعِكَ مصدراً للوفَّدِ
بَلَغَتْ بِكَ الآمَالُ أَبْعَدَ غَايَة ٍ
قَصَرَتْ عَلى الإِغْضَاءِ طَرْفَ الْحُسَّدِ
فاسعد ودم واغنم وجُدْ وانعمْ وسُد
وابْدَأْ وَعُدْ وَتَهَنَّ واسْلَمْ وازْدَدِ
لا زالَ عدلكَ فى الأنامِ مخلداً
فَالعَدْلُ في الأَيَّامِ خَيْرُ مُخَلَّدِ




لمسة دفء 06-22-2010 10:46 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


أيا مَلِكاَ همَت كفَّاهُ جوداً

أيا مَلِكاَ همَت كفَّاهُ جوداً
عَلَى الثَّقَلَيْنِ: مِنْ بَادٍ وَقَارِي
عراكَ النِيلُ من بلدٍ بعيدٍ
فألبسهُ الكرامة َ فهوَ عارى





لمسة دفء 06-22-2010 10:47 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


أحببتُ منْ والى علياً رغبة

أحببتُ منْ والى " علياً " رغبة ً
في فضلهِ ، وَ كرهتُ منْ عاداهُ
هُوَ ذَلِكَ الْحَبْرُ الَّذِي مَنْ أَمَّهُ
نالَ الرضا ، وَ أجيبَ منْ ناداهُ
وَ كفى بسبطيهِ إماما رحمة ٍ
نَالاَ مِنَ الرِّضْوَان مَا قَصَدَاهُ
قَدْ عَزَّ مَنْ وَالاهُ فِي الدُّنْيَا، وَفِي
يَوْمِ الْحِسَابِ، وَذَلَّ مَنْ بَادَاهُ
فَاقْصِدْ لَهُ، وَاعْرِفْهُ، وَاسْتَمْسِكْ بِهِ
تَلْقَ الْهُدَى ، وَكَفَى الْمُرِيدَ هُدَاهُ
وَ إذا عرتكَ ملموٌ ، فاهتفْ بهِ
تَسْمَعْ بِقَلْبِكَ حَيْثُ كُنْتَ صَدَاهُ




لمسة دفء 06-22-2010 10:47 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


أحببْ بهنَّ معاهداً وَ معانا

أحببْ بهنَّ معاهداً وَ معانا
كَانَتْ مَنَازِلُنَا بِهَا أَحْيَانَا
دِمَنٌ عَفَتْ بَعْدَ الأَنِيسِ، فَأَصْبَحَتْ
للجازئاتِ منَ الظباءِ مكانا
وَ لقدْ نرى فيها ملاعبَ لمْ تزلْ
تشجى الفؤادَ ، وَ لا نرى إنسانا
عرفتْ بها الجردُ العتاقُ مجالها
فَغَدَتْ تُحَمْحِمُ رِقَّة ً وَحَنَانَا
بتنا بها متساندينَ على الثرى
نَصِفُ الْكَلاَلَ، وَنَذْكُرُ الإِخْوَانَا
أيامَ لا يردُ الجمامَ لعزها
أَحَدٌ، وَلاَ يَرْعَى الْجَمِيمَ سِوَانَا
في مَعْشَرٍ رَسَخَتْ حَصَاة ُ حُلُومِهِمْ
أدباً ، وَ خفوا للوغى فرسانا
قرنوا الشجاعة َ بالسماحة ِ ، فاغتدوا
قَيْدَ الْمَحَامِدِ شِدَّة ً وَلِيَانَا
طَلَعُوا عَلَى الزَّمَنِ الْبَهِيمِ، فَأَثْقَبُوا
نارَ الفضائلِ حجة ً وَ بيانا
منْ كلَّ مشبوبٍ تخالُ لسانهُ
عِنْدَ التَّخَاصُمِ فِي النَّدِيِّ سِنَانَا
إنْ قالَ برَّ ، وَ إنْ أتاهُ مطردٌ
آوى ، وَ إنْ سئلَ الكرامة َ لانا
أنا منهمُ ، وَ العودُ يتبعُ أصلهُ
وَابْنُ الْهَجِينَة ِ لاَ يَكُونُ هِجَانَا
فاكوِ الحسودَ بناظريهِ ، وَ قلْ لهُ :
إنْ كنتَ تجهلنا فكيفَ ترانا ؟
إِنَّا إِذَا مَا الْحَرْبُ شَبَّ سَعِيرُهَا
نحمى النزيلَ ، وَ نمنعُ الجيرانا
وَنَرُدُّ عَادِيَة َ الْخَمِيسِ بِأَنْفُسٍ
عَلِمَتْ بِأَنَّ مِنَ الْحَيَاة ِ هَوَانَا
فَتَرَى عِتَاقَ الْخَيْلِ حَوْلَ بُيُوتِنَا
قُبَّ الْبُطُونِ، تُنَازِعُ الأَرْسَانَا
مشقَ الطرادُ لحومهنَّ ، فلمْ يدعْ
إِلاَّ خَوَاصِرَ كَالْقِسِيِّ مِتَانَا
منْ كلَّ منتصبٍ على َ أقيادهِ
متطلعٌ يتنظرُ الحدثانا
بَذَخَتْ قَوَائِمُهُ، وَأَقْبَلَ مَتْنُهُ
وَانْضَمَّ كَلْكَلُهُ، وَطَالَ عِنَانَا
فإذا علا حزناً أطارَ شرارهُ
وَإِذَا أَتَى سَهْلاً أَطَارَ دُخَانَا
وَ الخيلُ أكرمُ صاحبٍ يومَ الوغى
وَ السلمِ ، تبعثُ غارة ً وَ رهانا
فعلى بطونِ خيارها أرزاقنا
وَ على َ ظهورِ جيادها مغدانا
هَذَا الْفَخَارُ، فَدُرْ بِعَيْنِكَ حَيْثُمَا
دارَ الزمانُ ، فلنْ ترى نقصانا



لمسة دفء 06-22-2010 10:47 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


أحببْ ، وَ أبغضْ ، وَ قلْ بحقًّ

أحببْ ، وَ أبغضْ ، وَ قلْ بحقًّ
وَلاَ تُسَاهِلْ، وَلاَ تُخَاشِنْ
فالحبُّ يعمى عنِ المساوى
وَالْبُغْضُ يُعْمِي عَنِ الْمَحَاسِنْ




لمسة دفء 06-22-2010 10:47 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


أديرا كئوسَ الرَّاحِ ، قَد لمعَ الفَجرُ

أديرا كئوسَ الرَّاحِ ، قَد لمعَ الفَجرُ
وصاحَت بِنا الأطيارُ أن وجبَ السُّكرُ
أما تريانِ اللَّيلَ كيفَ تسللَت
كَوَاكِبُهُ لِلْغَرْبِ، وَانْحَدَرَ النَّسْرُ
فَقُومَا انْظُرَا ما يَصْنَعُ الصُّبْحُ بِالدُّجَى
فإنِّى أرى ما ليسَ يبلُغُهُ الذِّكرُ
أرى أدهماً يتلوهُ أشهبُ طارِدٌ
كِلا الْفَرَسَيْنِ اغْتَالَ شَأْوَهُمَا الْحُضْرُ
وقَد حنَّتِ الأطيارُ فى وكُناتِها
وقَامَ يُحيِّينا على سَاقهِ الزَهرُ
وأصبَحتِ الغُدرانُ تَصقلُها الصَبا
وَيَرْقُمُ مَتْنَيْهَا بِلُؤْلُئِهِ الْقَطْرُ
تَرِفُّ كما رفَّت صحائفُ فِضَّة ٍ
عَليهِنَّ مِن لألاءِ شمسِ الضُحى تِبرُ
كَأَنَّ بَنَاتِ الْمَاءِ تَقْرَأُ مَتْنَهَا
صَبَاحاً، وَظِلُّ الغُصْنِ لاَحَ بِها سَطْرُ
عَصَائِبُ حَوْلَ الْمَاءِ يَدْرِمْنَ هُتَّفاً
بِلحنٍ له فى كُلِّ سامِعة ٍ أثرُ
إذا صَرصَرَ البازى تلبَّدنَ بِالثرَى
مِنَ الرُعبِ حتَّى لا يَبينُ لَها صَرُّ
يُسَارِقْنَهُ حَتَّى إِذَا غَابَ ظِلُّهُ
عَنِ الْمَاءِ عَادَ اللَّحْنُ، وَانْتَشَرَ الْهَدْرُ
تَرَاهُنَّ أَسْرَاباً عَلَى الْمَاءِ حُوَّماً
يُقرِّبها ظِمءٌ ، ويُبعدُها ذعرُ
تَروحُ وتغدو بينَ أفنانِ دوحَة ٍ
سَقَاهَا مِنَ الْوَسْمِيِّ مُسْتَوْكَفٌ غَزْرُ
لَهَا فِي نَوَاحِي الأُفْقِ لَفْتَة ُ أَصْيَدٍ
يَلُوحُ عَلَى أَطْرافِ عِرْنِينِهِ الْكِبْرُ
مَلاعِبُ لَهوٍ يَقصُرُ الطَرفُ دُونَها
وَدُنْيَا نَعِيمٍ لا يُحِيطُ بِها الْفِكْرُ
فيا صاحِبى نَجواى َ ! قوما لِشُربِها
ففى مِثلِ هذا اليومِ طابَت لنا الخَمرُ
وشَأنكُما فى الراحِ ، فالعيشُ والصِبا
إِذَا الرَّاحُ لَمْ تَخْفِرْهُمَا فَسَدَ الْعُمْرُ
خَبيئَة ُ قَوْم خَلَّفُوهَا لِغَيْرهمْ
خلَت دونَها الأيَّامُ ، واختَلَفَ العَصرُ
فجاءَت كَمِصباحِ السَماءِ مُنيرة ً
إذا اتقدَت في الكأسِ سارَ بِها السَفرُ
وإن أنتما غنَّيتمانى فَلتَكُن
أَنَاشِيدَ يَهْفُو دُونَ تَسْماعِها الصَّبْرُ
أَنَاشِيدَ فِيها لِلْمَلِيحَة ِ وَالْهَوَى
مَعاذيرُ أحوالٍ يَلينُ لَها الصَّخرُ
لَعلَّ هواها أن يعودَ كما بَدا
رَخِيَّ الْحَوَاشِي قَبْلَ أَنْ يَنْشَبَ الْهَجْرُ
مِنَ الْبِيضِ، مَيْسَانُ الْعَشِيَّاتِ، غَادَة ٌ
سَلِيمَة ُ مَا تَحْوِي الْمَعَاقِدُ وَالأُزْرُ
إِذَا سَفَرَتْ وَالْبَدْرُ لَيْلَة َ تِمِّهِ
ولاحا سَواءً ، قيلَ أيُّهُما البَدرُ ؟
لها لَفتة ُ الخشفُ الأغنِّ ، ونَظرة ٌ
تُقصِّرُ عن أمثالِها الفَتكَة ُ البِكرُ
تَرُدُّ النُّفُوسَ السَّالِماتِ سَقِيمَة ً
وَتَفْعَلُ مَا لاَ تَفْعَلُ الْبِيضُ وَالسُّمْرُ
خَفضتُ لَها مِنِّى جناحَى مودَّة ٍ
وَدِنْتُ لِعَيْنَيْهَا كَمَا حَكَمَ الدَّهْرُ
عَلى أَنَّ مَا بَيْني وَبَيْنَ عَشِيرِهَا
قَوارِعُ سوءٍ لا ينامُ لَها وِترُ
فيا ربَّة َ الخَلخَالِ ! رفقاً بِمُهجَتى
فَبِالْغَادَة ِ الْحَسْنَاءِ لاَ يَحْسُنُ الْغَدْرُ
وَبُقْيَا عَلى قَلْبِي، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِهِ
سِوَى حُبِّ " عبدِ اللهِ " كانَ لَهُ عُذرُ
أخى ، وصَديقى ، وابنُ ُدِّى ، وصاحِبى
وَمَوْضِعُ سِرِّي حِينَ يَعْتَلِجُ الصَّدْرُ
هُوَ الصَّاحبُ الْمَشْكُورُ فِي الْوُدِّ سَعْيُهُ
وَمَا خَيْرُ وُدٍّ لَيْسَ يَلْحَقُهُ شُكْرُ؟
أمينٌ على غيبِ الصَّديقِ إذا ونَت
عُهودُ أُناسٍ ، أو تطرَّقها فَترُ
فَلا جَهْرُهُ سِرٌّ، وَلاَ سِرُّ صَدْرِهِ
إِذَا امْتَحَنَ الْوَاشِي ضَمائِرَهُ جَهْرُ
يَدِبُّ على المَعنى الخَفِى ِّ بِفِكرة ٍ
سواءٌ لديها السَهلُ فى ذاكَ والوَعرُ
لَهُ الْبُلْجَة ُ الْغَرَّاءُ يَسْرِي شُعَاعُهَا
إذا غامَ أفقُ الفَهمِ ، والتبسَ الأمرُ
تَزاحمُ أفواجُ الكَلامِ بِصدرهِ
فَلَوْ غَضَّ مِنْ صَوْتٍ لَكَانَ لَهَا هَدْرُ
لَهُ قَلَمٌ لَوْلاَ غَزَارة ُ فِكْرِهِ
لَجَفَّتْ لَدَيْهِ السُّحْبُ، أَوْ نَفِدَ الْبَحْرُ
إِذَا اخْتَمَرَتْ بِاللَّيْلِ قِمَّة ُ رَأْسِهِ
تفجَّرَ من أطرافِ لِمَّتِها الفَجرُ
إِلَيْكَ ابْنَ بَطْحَاءِ الْكَلامِ تَشَذَّرَتْ
بِركبِ المعانى لا يُكفكِفُها الزَجرُ
قلائصُ لا يَرعَينَ عازِبة َ الكلا
وَلاَ يَسْتَبِقْنَ الْمَاءَ إِنْ فَاتَهَا الْعِشْرُ
وَمَا هُوَ إِلاَّ الشِّعْرُ سَارَتْ عِيابُهُ
وفى طَيِّها من طيبِ ما ضُمِّنَت نَشرُ
فَأَلْقِ إِلَيْهِ السَّمْعَ يُنْبِئْكَ أَنَّهُ
هُوَ الشِعرُ ، لا ما يدَّعى الملأُ الغَمرُ
يَزيدُ على الإنشادِ حُسناً ، كأنَّنى
نَفَثْتُ بِهِ سِحْراً، وَلَيْسَ بِهِ سِحْرُ
فَدُمْ لِلْعُلا، وَالْعِلْمِ، وَالْحِلْمِ، والتُّقَى
وَنَيْلِ الْمُنَى مَا أَوْرَقَ الْغُصُنُ النَّضْرُ




لمسة دفء 06-22-2010 10:48 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


أيدَ المنُونِ قدَحتِ أى َّ زِنادِ

أيدَ المنُونِ قدَحتِ أى َّ زِنادِ
وأطرتِ أى َّ شعلة ٍ بفؤادى
أوهَنتِ عزمى وهو حَملة ُ فيلقٍ
وحَطَمتِ عودى وهو رُمحُ طِرادِ
لم أدرِ هَلْ خَطبٌ ألمَّ بِساحتى
فَأَنَاخَ، أَمْ سَهْمٌ أَصابَ سَوَادِي؟
أَقْذَى الْعُيُونَ فَأَسْبَلَتْ بِمَدَامِعٍ
تجرى على الخدَّينِ كالفِرصادِ
ما كُنْتُ أَحْسَبُنِي أُراعُ لِحَادِثٍ
حتَّى مُنيتُ بهِ فأَوهَنَ آدى
أَبلتنى الحسراتُ حتَّى لم يكد
جِسْمِي يَلُوحُ لأَعْيُنِ الْعُوَّادِ
أَسْتَنْجِدُ الزَّفَراتِ وَهْيَ لَوافِحٌ
وَأُسَفِّهُ الْعَبَرَاتِ وَهْيَ بَوَادِي
لا لوعتى تدعُ الفؤادَ ، ولا يدى
تقوَى على ردِّ الحبيبِ الغادى
يا دَهْرُ، فِيمَ فَجَعْتَنِي بِحَلِيْلَة ٍ؟
كانَتْ خَلاصَة َ عُدَّتِي وَعَتَادِي
إِنْ كُنْتَ لَمْ تَرْحَمْ ضَنَايَ لِبُعْدِها
أفلا رحِمتَ منَ الأسى أولادى ؟
أَفْرَدْتَهُنَّ فَلَمْ يَنَمْنَ تَوَجُّعاً
قرحَى العيونِ رواجِفَ الأكباد
أَلْقَيْنَ دُرَّ عُقُودِهِنَّ، وَصُغْنَ مِنْ
دُرِّ الدُّموعِ قلائدَ الأجيادِ
يبكينَ من ولهٍ فراقَ حَفيَّة ٍ
كانتْ لَهنَّ كثيرة َ الإسعادِ
فَخُدُودُهُنَّ مِنَ الدُّمُوعِ نَدِيَّة ٌ
وقًلوبُهنَّ منَ الهمومِ صوادى
أسليلة َ القمرينِ ! أى ُّ فجيعة ٍ
حَلَّتْ لِفَقْدِكَ بَيْنَ هَذَا النَّادِي؟
أعزز على َّ بأن أراكِ رهينة ً
في جَوْفِ أَغْبَرَ قاتِمِ الأَسْدَادِ!





لمسة دفء 06-22-2010 10:48 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


أدرِ الكأسَ يا نديمُ ، وهاتِ


أدرِ الكأسَ يا نديمُ ، وهاتِ
واسْقِنِيها عَلَى جَبِينِ الْغَدَاة ِ
شاقَ سمعى الغِناءُ فى رونقِ الفجـ
ـرِ، وسَجْعُ الطُّيُورِ في الْعَذَباتِ
أَيُّ شَيْءٍ أَشْهَى إِلَى النَّفْسِ مِنْ كَأْ
سٍ مُدارٍ على بساطِ بناتِ ؟
هُوَ يَوْمٌ تَعَطَّرَتْ طَرَفاهُ
بشمالٍ مسكيَّة ِ النفحاتِ
باسمُ الزَّهرِ ، عاطرُ النَّشرِ، هامى الـ
ـقَطْرِ، وَانِي الصَّبَا، عَلِيلُ الْمَهَاة ِ
مَسْرَحٌ لِلْعُيُونِ يَمْتَدُّ فِيهِ
نفسُ الريحِ بينَ ماضٍ وآتِ
فامْتَثِلْ دَعْوَة َ الصَّبُوحِ، وبادِرْ
فُرْصَة َ الدَّهْرِ قَبْلَ وَشْكِ الْفَواتِ
وتَدَرَّجْ مَعِي إِلَى رَوْضَة ِ الْمَنْـ
ـيَلِ ذاتِ النَّخِيلِ والثَّمَراتِ
فهى مرعى الهوى ، ومغنى التَّصابى
ومَراحُ الْمُنَى ، ومَسْرَى الْحَياة ِ
أَلفتها النفوسُ ، فهى َ إليها
مِنْ أَلِيمِ الأَشْواقِ فِي حَسَراتِ
تبعَثُ اللَّهوَ والسُّرورَ، وتمحو
مِنْ فُؤَادِ الْحَزِينِ كُلَّ شَكاة ِ
بَيْنَ نَدْمانَ كَالكَواكِبِ حُسْناً
ورعابيبَ كالدُّمى خَفِراتِ
يتساقّونَ بالكئوسِ مُداماً
هى كالشَّمسِ فى قميص إياة ِ
فى أباريقَ كالطيورِ اشرأبَّت
حَذَرَ الفَتْكِ مِنْ صِيَاحِ الْبُزَاة ِ
حانياتٍ على الكئوسِ منَ الرأ
فة ِ ، يُرضِعنَهنَّ كالأمهاتِ
لا ترى العينُ بينهُمْ غيرَ صبٍّ
بِسماعٍ ، أو هائمٍ بفتاة ِ
ومغنٍّ إذا شدَا خِلتَ أنَّ الـ
أرضَ ظلَّت تدورُ بالفلواتِ
مَلَكَ السَّمْعَ والْفُؤادَ بلَحْنٍ
يفتِنُ الغيدَ داخِلَ الحجُراتِ
يبعّثُ الصوتَ مرسلاً ، فإذا ما
غضَّ منهُ استدارَ بينَ اللَّهاة
غردٍ يبطِلُ الحديثَ ، ويُنسى
رَبَّة َ الْحُزْنِ لَوْعَة َ الذُّكُرَاتِ
تِلْكَ واللَّهِ لَذَّة ُ الْعَيْشِ، لا سَوْ
مُ الأمانى فى عالمِ الخطراتِ





لمسة دفء 06-22-2010 10:48 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


أيها المغرورُ ، مهلا

أيها المغرورُ ، مهلا
لَسْتَ لِلتَّكْرِيمَ أَهْلاَ
كَيْفَ صَادَفْتَ الأَمَانِي؟
هلْ رأيتَ الصعبَ سهلا ؟
خلتها ماءً نميرا
فاشربنْ علاًّ ، وَ نهلا
أينَ أهلُ الدارِ ؟ فانظرْ
هَلْ تَرَى بِالدَّارِ أَهْلاَ؟
رُبَّ حُسْنٍ فِي ثِيَابٍ
عَادَ غِسْليناً ومُهْلاَ؟
وَعُيُونٍ كُنَّ سُوداً
صرنَ عندَ الموتِ شهلا
سَوْفَ يَلْقَى كُلُّ بَاغٍ
فِي الْوَرَى خِزْياً وَبَهْلاَ
إِنَّمَا الدُّنْيَا غُرُورٌ
لمْ تدعْ طفلاً وَ كهلا
كَمْ حَكِيمٍ ضَلَّ فِيهَا
فاكتسى بالعلمِ جهلا





لمسة دفء 06-22-2010 10:49 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


أيها الشاعرُ المجيدُ ! تدبرْ

أيها الشاعرُ المجيدُ ! تدبرْ
وَ اجعلِ القولَ منكَ ذا تحكيمِ
لا تذمَّ اللئيمَ ، وَ وامدحْ كريماً
إنَّ مدحَ الكريمِ ذمُّ اللئيمِ





لمسة دفء 06-22-2010 10:49 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


أخو العلمِ في الدنيا لذي الجهل محوجٌ

أخو العلمِ في الدنيا لذي الجهل محوجٌ
وَ كلٌّ لهُ عندَ القياسِ معالمُ
فلولاَ وجودُ العلمِ ما عاشَ جاهلٌ
ولَوْلاَ وُجُودُ الْجَهْلِ مَا عَاشَ عالِمُ






لمسة دفء 06-22-2010 10:49 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


أينَ ليالينا بِوادى الغضَى ؟

أينَ ليالينا بِوادى الغضَى ؟
ذَلكَ عَهْدٌ لَيْتَهُ مَا انْقَضَى
كُنْتُ بِهِ مِنْ عِيشَتِي رَاضِياً
حَتَّى إِذَا وَلَّى عَدِمْتُ الرِّضَا
أَيَّامُ لَهْوٍ وَصِباً، كُلَّمَا
ذَكَرْتُهَا ضَاقَ عَلَيَّ الْفَضَا
فَآهِ مِنْ دَهْرٍ بِأَحْكَامِهِ
جَارَ عَلَيْنَا، وقضى ما قَضَى !
أَيَّ قِنَاعٍ مِنْ شَبَابٍ سَرَا؟
وأى َّ ثوبٍ من نعيمٍ نَضا ؟
قد بيَّض الأسودَ من لِمَّتى
يَا لَيْتَهُ سَوَّدَ ما بَيَّضَا
عَهْدٌ كَطَيْفٍ زَارَ، حَتَّى إِذَا
أشرقَ صبحٌ من مشيبى مضى
ما كانَ إلاَّ كنسيمٍ سرى
وعارضٍ غامَ ، وبرقٍ أضا
وَلَّى ، وَلَمْ يُعْقِبْ سِوَى حَسْرَة ٍ
بَيْنَ الْحَشَا، كَالصَّارِمِ الْمُنْتَضَى
لَوْلا الْغَضَا ـ وَهْوَ مَطافُ الْهَوَى
مَا شَبَّ في قَلْبِيَ جَمْرُ الْغَضَى
أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ بِهِ شَادِناً
عذَّبنى بالصدِّ ، بل أرمضا
مُعْتَدِلُ الْقَامَة ِ، ذُو لَحْظَة ٍ
تَعَلَّمَ الْخَطِّيُّ مِنْهُ الْمَضَا
ظَبى ُ حِمى ً ، مذ غربتْ شمسهُ
عن ناظرى بالبينِ ما غمَّضا
قَدْ سَرَّنِي حينَ أَتَى مُقْبِلاً
وساءنى حينَ مَضى مُعرِضاً
حَمَّلَنِي مِنْ وَجْدِهِ لَوْعَة ً
لو نهضَ الدهرُ بها خفَّضا
قد أخذَ النومَ ، وما ردَّهُ
واستلبَ القلبَ ، وما عوَّضا
ما بالهُ ماطلَ فى وعدهِ ؟
أَلَمْ يَحِنْ لِلدَّيْنِ أَنْ يُقْتَضَى ؟
قَاضَيْتُهُ عِنْدَ مَلِيكِ الْهَوَى
فغلَّ حقِّى ، وأساءَ القضا
فَمَنْ لَهُ أَشْكُو وَقَدْ سَامَنِي
جَوراً ؟ وحقُّ الجورِ أن يُرفضا
تاللهِ لولا خَوفُ هِجرانهِ
مَا بَاتَ قَلْبِي عَانِياً مُحْرَضَا
فإنَّ لى من عزمتى صاحِباً
يَمنعُنى فى الروعِ أن أدحضا
ولَستُ مِمَّنْ إن دجا حادِثٌ
ألقى زِمامَ الأمرِ أو فوَّضا
لكنَّنى ألقى الردى حاسِراً
وَأَصْدَعُ الْخَصْمَ إِذَا عَرَّضَا
أَسْتَحْقِبُ الشَّهْدَ لِمَنْ وَدَّنِي
وَأَنْفُثُ السُّمَّ لِمنْ أَبْغَضَا
جَرَّدتُ نفسِى لِطِلابِ العُلا
والسَّيْفُ لاَ يُرْهَبُ أَوْ يُنْتَضَى
وَلِي مِنَ الْقَوْلِ نَصِيرٌ، إِذَا
دَعَوْتُهُ في حَاجَة ٍ أَوْفَضَا
سَلْ عَنِّيَ الْمَجْدَ، وَلاَ تَحْتَشِمْ
فالمجدُ يدرى أى َّ سيفٍ نضا




لمسة دفء 06-22-2010 10:49 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


أحِمى الجزيرَة ِ مَطلعُ الشَّمسِ

أحِمى الجزيرَة ِ مَطلعُ الشَّمسِ
أم لاحَ ضَوءُ غزالة ِ الإنسِ ؟
خَرَجَتْ إِلَى الْبُسْتَانِ لاهِيَة ً
تَخْتَالُ بَيْنَ كَواعِبٍ خَمْسِ
فَتبعتُ مسراها على عَجلٍ
حتَّى ظَفِرتُ بنظرة ٍ خَلسِ
فَسَتَرْنَهَا عَنِّي، وَسِرْنَ بِها
في رَوْضَة ٍ فَيْنَانَة ِ الْغَرْسِ
فوقفتُ مَطويًّا على كمدٍ
وَمَضَتْ عَلَى آثارِهَا نَفْسِي
تِلْكَ الَّتِي لَوْلاَ هَوَايَ بِها
ما بِتُّ مِن أملٍ على يَأسِ
هَيْهَاتَ أَنْسَى حُسْنَ صُورَتِها
وحَوادِثُ الأيَّامِ قد تنسى





لمسة دفء 06-22-2010 10:50 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


أيُّ فتى ً للعظيمِ نندبهُ

أيُّ فتى ً للعظيمِ نندبهُ
شَاطَ عَلَى أَنْصُلِ الرِّمَاحِ دَمُهْ
أسلمهُ صحبهُ ، وَ ما علموا
أَنَّ سَوْفَ يَمْحُو وُجُودَهُمْ عَدَمُهْ
زالَ الألى حاذوا مصارعهمْ
وَلمْ تَزُلْ عَنْ مَكَانِهَا قَدَمُهْ
طَاحَ بِجُثْمَانِهِ الرَّدَى ، وَرَقَا
إلى سمواتِ ربهِ نسمهْ
نِعْمَ فَتَى الْحَرْبِ فِي الْهِيَاجِ إِذ
شبَّ لظى البأاءِ ، وَ اعتلى ضرمهْ
قدْ ألفتْ صحبة َ القنا يدهُ
وَاعْتَادَ «لَبَّيكَ» فِي السَّمَاحِ فَمُهْ
لَيْسَ بِهَيَّابَة ٍ، وَلاَ وَكَلٍ
بلْ صادقٌي اللقاءِ معترفهْ
إِنْ صَالَ فَلَّ الْعِدَا بِصَوْلَتِهِ
أَوْ قَالَ أَرْوَتْ مُشَاشَنَا كَلِمُهْ
يَنْكَفِتُ الْجَيْشُ حِينَ يَفْجَؤُهُ
وَ يصعقُ القرنُ حينَ يلتزمهُ
بَكَى بِدَمْعِ الْفِرِنْدِ صَارِمُهُ
وَانْشَقَّ مِنْ طُولِ حُزْنِهِ قَلَمُهْ
فَمَنْ إِلَى مَلْجَإِ الضَّعِيفِ إِذَا
أقبلَ ليلٌ ، وً أطبقتْ ظلمهْ
وَمَنْ يَقُودُ الزُّحُوفَ رَاجِفَة ً
وَ اليومُ بالحربِ ساطعٌ قتمهْ
مَاتَ، وَأَبْقَى شَجاً لِفُرْقَتِهِ
يَكَادُ يَفْرِي قُلُوبَنَا أَلَمُهُ
فاذهبْ ، عليكَ السلامُ منْ بطلٍ
مَاتَ، وَعَاشَتْ مِنْ بَعْدِهِ نِعَمُهْ






لمسة دفء 06-22-2010 10:50 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


أدِّى الرِسالة َ يا عصفورَة َ الوادِى

أدِّى الرِسالة َ يا عصفورَة َ الوادِى
وَبَاكِرِي الْحَيَّ مِنْ قَوْلِي بِإِنْشَادِ
ترقَّبى سِنة َ الحُرَّاسِ ، وانطَلقى
بَيْنَ الْخَمَائِلِ مِنْ «لُبْنَانَ» وَارْتَادِي
لعلَّ نغمة َ ودٍّ منكِ شائقة ً
تَهُزُّ عِطْفَ «شَكِيبٍ» كَوْكَبِ النَّادِي
هُو الهُمَامُ الَّذِي أَحْيَا بِمَنْطِقِهِ
آثارُ قومٍ أجادوا النُّطقَ بالضَّادِ
تَلْقَى بِهِ أَحْنَفَ الأَخْلاقِ مُنْتَدِياً
وفى الكريهة ِ عمراً ، وابنَ شدَّادِ
أَحى وداداً ، وحسبى أنَّهُ نسبٌ
خالى الصَّحيفة ِ من غِلٍّ وأحقادِ
أَفَادَنِي أَدَباً مِنْ مَنْطِقٍ شَهِدَتْ
بِفَضْلِهِ الناسُ مِنْ قَارٍ، وَمِنْ بَادِي
عذبِ الشريعة ، لو أنَّ السحابَ همَى
بِمِثْلِهِ، لَمْ يَدَعْ في الأَرْضِ مِنْ صَادِي
سَرَتْ بِقَلْبِيَ مِنْهُ نَشْوَة ٌ مَلَكَتْ
بحسنها مسمعى عن نغمة ِ الشَّادى
يَابْنَ الْكِرَامِ! عَدَتْنِي عَنْكَ عَادِيَة ٌ
كَادَتْ تَسُدُّ عَلَى عَيْنِي بِأَسْدَادِ
فَاعْذِرْ أَخَاكَ، فَلَولاَ مَا بِهِ لَجَرَى
في حَلْبَة ِ الشُّكْرِ جَرْيَ السَّابِقِ الْعَادِي
وَهَاكَهَا تُحْفَة ً مِنِّي وَإِنْ صغُرَتْ
فالدُّرُ وهو صغيرٌ حلى ُ أجيادِ




لمسة دفء 06-22-2010 10:50 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


أربَّة ُ العودِ ، أم قمريَّة ُ السَّحر

أربَّة ُ العودِ ، أم قمريَّة ُ السَّحرِ
غَنَّتْ فَحَرَّكَتِ الأَشْجَانَ بِالْوتَرِ؟
حَوْرَاءُ لِلسِّحْرِ فِي أَلْحَاظِهَا أَثَرٌ
يُريكُ أنَّ الرُّقى ضَربٌ منَ الهذَر
لَوْ لَمْ تَكُنْ قَمراً فِي الْحُسْنِ مَا ظَهَرَتْ
لأعينِ النَّاسِ فى ليلٍ مِنَ الشَّعَر
أَمْلَتْ عَلَيَّ بِلَحْظَيْهَا حَدِيثَ هَوى ً
عرفتُ منهُ ضَميرَ العينِ بِالأثرِ
كأنَّما بينَ جفنيها إذا نظَرَت
" هاروتُ " يعبَثُ بالألبابِ والفِكرِ
لاَ غَرْوَ أَنْ هِمْتُ مِنْ وَجْدٍ بِصُورَتِهَا
فَالْحُسْنُ مَشْغَلَة ٌ لِلْعَقْلِ وَالْبَصَرِ
لا تَقنعُ العينُ منها كلَّما نظرتْ
وكيفَ يقتَنعُ المشتاقُ بالنَظرِ ؟
ناغيتُها بلسانِ الشَّوقِ ، فازدهَرت
لِلْحُسْنِ فِي وَجْنَتَيْهَا وَرْدَتَا خَفَرِ
وَازْوَرَّ حَاجبُهَا عَنْ نَظْرَة ٍ رَشَقَتْ
سَوَادَ قَلْبِي بِسَهْمٍ صِيغَ مِنْ حَوَرِ
فلم أزَل بِرُقى الأشعارِ أعطِفُها
وَرُقْيَة ُ الشِّعْرِ تُجْرِي الْماءَ فِي الْحَجَرِ
حتَّى إذا عَلِمت أنِّى بِها كَلِفٌ
وَأَنَّنِي مِنْ تَجَنِّيها علَى خَطَرِ
تَبَسَّمَتْ، فَجَلَتْ لِلْعَيْنِ مِنْ فَمهَا
يَاقُوتَة ً أُودِعَتْ سَطْرَيْنِ مِنْ دُرَرِ
فَبِتُّ مِنْ وَصْلِها، في جَنَّة ٍ يَنَعَتْ
أَفْنَانُهَا بِثِمَارِ الأُنْس والْحَبَر
أبَحتُ للعينِ فيها ما تَقَرُّ بهِ
وَذُدْتُ كَفَّ الصِّبَا عَنْ مَعْقِدِ الأُزُرِ
حتَّى اشْرَأَبَّتْ عُقَاب الْفَجْرِ، وانْطَلَقَتْ
حمائمُ الشُهبِ من أُحبولة ِ السَحَرِ
فيا لَها ليلة ً ! كانت برونَقِها
تَارِيخَ لَهْوٍ لِمَا أَحْرَزْتُ مِنْ وَطَرِ
وَسَمْتُهَا بِضِياءِ الْكَأْسِ، فَالْتَمَعتْ
وَزِينَة ُ الدُّهْمِ في الأَوْضَاحِ وَالْغُرَرِ
لو كانَ يسمحُ لى دهرى بِعودتِها
لَبِعْتُ فِيها لَذِيذَ النَّوْمِ بِالسَّهَرِ
ولَّتْ ، فلم يبقَ مِنها غيرُ فَذلَكة ٍ
تَلوحُ فى دَفترِ الأوهامِ والذُكَرِ
وأى ُّ باقٍ على الأيامِ نَطلبهُ
وَكُلُّ وَارِدَة ٍ يَوْماً إِلَى صَدَر
فَلاَ تَثِقْ بِوَفَاءِ الدَّهْرِ، إِنَّ لَهُ
غَدراً يفوِّقُ بينَ العودِ والثمرِ
ولا تَغرَّنْكَ من وَجهٍ بشاشَتهُ
فَالسَّمُّ يُوجَدُ في نَضْرٍ مِنَ الشَّجَرِ
قد كِدتُ أُتهمُ ظنِّى فى فِراستهِ
مِنْ طُولِ مَا اشْتَبَهَتْ عَيْنَايَ فِي الصُّوَرِ
فَخُذ لِنفسكَ من دنياكَ ما سمحَتْ
بِهِ إِلَيْكَ، وَكُنْ مِنْهَا عَلَى حَذَرِ
وسالمِ الدهرَ تسلَمْ من غوائلهِ
فَصاحِبُ الشَّرِّ لاَ يَنْجُو مِنَ الْكَدر
لاَ يَبْلُغُ الْمَرْءُ مَا يَهْواهُ مِنْ أَرَبٍ
إلاَّ بِتَركِ الَّذى يخشاهُ مِن ضَرَرِ
فانعَمْ وطِب والهُ واطرَبْ واسعَ واعلُ وسُدْ
وَاشْرَبْ وغَنِّ وتِهْ وَالْعبْ وهِمْ وطِرِ
لاَ يَقْنَطُ الْمَرْءُ مِنْ غُفْرَانِ خَالِقِهِ
ما لم يَكُن كافِراً بالبعثِ والقَدَرِ





لمسة دفء 06-22-2010 10:50 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 


أَلاَ يا حَمَامَ الأَيْكِ إِلْفُكَ حَاضِرٌ

أَلاَ يا حَمَامَ الأَيْكِ إِلْفُكَ حَاضِرٌ
وغصنُكَ ميَّادٌ ، ففيمَ تَنوحُ ؟
غَدَوْتَ سَلِيماً في نَعِيمٍ وَغِبْطَة ٍ
وَلَكِنَّ قَلْبِي بِالغَرَامِ جَرِيحُ
فإن كُنتَ لى عوناً على الشَّوقِ فاستعِرْ
لِعَيْنَيْكَ دَمْعاً، فَالبُكَاءُ مُريحُ
وإلاَّ فدَعنى من هديلكَ ، وانصرِفْ
فَلَيْسَ سَواءً بَاذِلٌ وشَحِيحُ




اميرة صدفة 06-22-2010 11:35 AM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 
طرح راائع وقيم

سلوتي

سلمت يمناك على روعه الاختيار

لك الجوري

أحمد اسماعيل 06-23-2010 09:55 PM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 
رووووووووعة




سلوى .. مميز طرحك



تسلم ايدك على روعة الطرح

اسعدك الله ويسر امورك

دعواتى لك بالصحة والعافية

نور 07-03-2010 09:00 PM

رد: ديوان الشاعر ... محمود سامي البارودي
 
رووووووووووعة
لاتعليق يليق بهذا الزخم
قمة الجمال حرفا ومعنى
سلوى
رائعة انت بكل جهدك وتميز اطروحاتك
سلمت الايادى ومانقلت من روائع الكلم
دعواتى لك بالصحة والسعادة


الساعة الآن 09:10 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by