العبث ليس هو اللعب‏..‏ لان اللعب علم له اصول وقواعد‏..‏ كرة القدم‏:‏ لعب‏..‏ ولكن لها قوانين ولوائح‏.‏ ولها خبراء‏.‏ والملاعب هي المحاكمة العلنية‏..‏ والحكم هو القاضي الذي لاراد لقضائه‏..‏

والجمهور يتفرج ولا يتدخل‏..‏ وكأنه ليس موجودا‏..‏ والحكم نفسه يجري بين اللاعبين‏..‏ وكأنه ليس موجودا‏..‏ انه مثل القوانين‏:‏ موجودة ولكن احدا لا يراها‏..‏ فكل قوانين الجاذبية تنطبق عليك‏..‏ ولكنك لا تدري بها‏..‏ والحكم هو العقل الرياضي وهو الضمير الاخلاقي وهو الحقيقة الخفية وكل هذا لعب‏.‏ ولكنه ليس عبثا‏.‏

فالعبث له معني آخر‏:‏ فاللعب هو شعورك بأنه لا معني لاي شيء‏.‏ ولا قيمة‏..‏ ولا قاعدة‏..‏ ولا أمل في ان يكون لكل الذي تقول أي مدلول‏..‏ أو أي جدوي‏..‏ مثلا‏:‏ أنا اكتب لكي تقرأ‏.‏ وأنا امضي في الكتابة لأن كل هذه الكلمات التي أستخدمها لها نفس المعني عندك‏..‏ فاستمراري في الكتابة هو استمرار في الحديث إليك‏..‏ وأنا أستمر لأنك تتابع ما أقول‏.‏ وأنت تتابعه لأنك تفهم‏...‏ وأنت تفهم لأن كل هذه الكلمات من أولها لآخرها لها نفس المعني‏:‏ عندي وعندك‏.‏

هذا هو العبث‏..‏ والمعني‏:‏ ان الناس عندهم شعور قوي بأن احدا لم يعد قادرا علي التفاهم مع أحد‏.‏ ورغم ان الناس كثيرون في كل مكان فلا أحد يشعر بأحد‏..‏ ولا أحد يهمه أحدا‏.‏ فالناس يكلمون أنفسهم‏..‏ ويمشون فرادي والمسافات بعيدة‏..‏ بين فمي واذنك‏,‏ وفمك واذني‏..‏ بين الجماهير الصامتة المنعزلة الحزينة التي تسير في أثناء النوم وتتكلم‏!‏

انها اذن خيبة الأمل علي المسرح التي تصور احباط المتفرجين‏!‏