شبكة صدفة

شبكة صدفة (http://www.aadd2.net/vb/index.php)
-   القصص والروايات (http://www.aadd2.net/vb/forumdisplay.php?f=49)
-   -   شريط الذكريات (http://www.aadd2.net/vb/showthread.php?t=20087)

لمسة دفء 11-26-2008 07:57 PM

شريط الذكريات
 
السٍـٍلام.عليكٍـٍم.ورحمٍـٍ ٍة.اللٍـٍه.وبركٍـٍاته


الجروح تستوعب جسدها ... والدماء تنزف منها تاركة الصديد خلفها... الهزال استولى على البقية الباقية من الأعضاء السالمة ... هذه الملامح التي رآها في الفرس الأسيرة بأيدي حفنة صبية يقرعونها بالعصي ... يستعذبون تعذيبها ... قرأ في عينيها صرخة استغاثة تستنجد به منقذا من أسرها.

وقف يعجب من الحياة وقسوتها ... حين لا يجد الحيوان الضعيف قوتا بل ويجد من يعشق إهداء الألم لها من هؤلاء الصبية ... ألا يكون الموت أجمل دفئا لهذه النفس البريئة ... ألا تكون الحياة عبئا ثقيلا عليها تتعبها بمرور لحظاتها على آلامها.

نعم أفضل شئ أن أخلص هذه المسكينة من جلاديها هؤلاء ... وأبعث لها الموت الرحيم بإبرة كلفتها لا تتجاوز الدينارين ... عرض على الصبية أن يبيعوه الفرس :... عرض عليهم دنانير زهيدة ...كان زاهدا فيها وكانت بالنسبة لهم ربحا وفيرا من صفقة تأكدوا من ربحهم وخسارته فيها ... فما عساه سيجني من فرس عظامها بادية من هزالها .

قادها تتلكأ في مشيتها من ضعفها ... الذباب يحدوها بفيالقه المنغصة .. من خلفه صوت تهامس الصبية فرحين بربحهم ... أحدهم لوى رأسه ناحية الفرس ملوحا بيده وصوته يودعها : وداعا إعجاز ...

ضحك في سره حين وصلته العبارة ... أضحكه اسم الفرس وحالها المغاير عنه ... أي إعجاز هذا ... والداء يعجزها عن الحركة ... لكنه مجرد اسم .. ومتى كانت الأسماء تفصل طبقا للواقع ... الواقع تارة يسبق الأسماء ... وأخرى تسبقه الأسماء ...ونادرا ما يتطابقان ...بدت آثار ابتسامته المختلسة في محياه شيئا ما وأخفاها موليا عن الأطفال .

سار يخاطب ذاته ... لحظات وأصل الأسطبل وأدس الإبرة في هذا الجسد المعذب المرهق وأريحه من عناء ضعفه ومن ملاحقة الديدان والحشرات .

الطريق لا تخلو من صديق يصادفك على غير ميعاد ... حياه صديقه فارس وعيناه لا تنفكان من الفرس الهزيلة ... تحيته مشوشة ولسانه معقود بعينيه .. وعيناه متسمرتان في الفرس المحتضرة .

ما بالك يا صاحبي عشقت ما هو على الموت بميعاد ... دون مقدمات عرض عليه أن يشتري الفرس منه ... الدهشة عقدت لسانه كما انعقد لسان صاحبه بالفرس قبل حين .

قايضه عليها بكل ما يملك من دجاج وبط وحيوانات داجنة ...استجاب ولم يدع للجدال نصيبا ...ورأى نفسه رابحا كما رأى الصبية أنفسهم رابحين حين عدوه خاسرا ...يالها من أقدار غريبة حقا ... تجعل من خسارته ربحا ...ومن صاحب الداء مرغوبا ... ولكم كانت سعادته وافرة حين باع الدجاج والبط وجنى من بيعها أضعاف ثمن الفرس بعشرات المرات .

كان يظن صاحبه فارس مغفلا اشترى الفرس بما لا تستحق ...ولكنه لم يكن كذلك ... بعينيه الثاقبتين أدرك في الفرس مستقبلا لا يدركه أصحاب النظرة العابرة ... عيناه أخترقتا ستار الغيب وشاهدت الغد الجميل في حياة هذه الفرس المنهكة.

وكأن في يديه سر عيسى المسيح في إشفاء المرضى ... وفي لمساته مكنون الحياة ينضحه في جسد الفرس ... وكأن في قدرته ملكة إحياء الموتى .

تعاهد فارس بعناية الفرس إعجاز برعايتها وتطبيبها... دبت الحياة في أعضائها كما يدب الينعان في العود الأخضر حين تتدفق له المياه ... وتنقضي الشهور والمشيئة تكتب في الغيب خفايا لا تدركها العقول .

استوت الفرس في القوة والجمال والسرعة كأبدع ما تكون ...وكأن الأمس ماهو إلا حلم لا يرتبط بهذه الحقيقة في شيء أبدا ...

الدهشة العظمى كانت في سباق الخيل ... عندما أحرزت ( إعجاز) المرتبة الأولى وسبقت كل المنافسين ... الدهشة أخرست من اشتراها بدنانير زهيدة متشفقا ... عيناه تكادان أن تتفجرا من عميق المفاجأة ...ومن قوام الفرس الأخاذ ..أحقا هذه هي الفرس إعجاز... التي كانت على مقربة من حقنها بحقنة الموت الرحيم .

متى وكيف وأنى ...تتزاحم الأسئلة والإستفهامات في جمجمته الضيقة ...وأنى لها أن تتسع لهول الصدمة ...الحلم أٌقرب إلى التصديق من الواقع المستحيل .

الإدراكات عاجزة عن الإلمام بما للقدرة الإلهية من سعة وإمكانيات في الخلق ...وكيف للقطرة أن تدرك حركة المحيط ...استغفر مما كانت يداه ستقترفان من إثم ...كانت يداه قاب قوس من بعثها إلى الفناء ...

أعاد شريط ذاكرته منذ الصبية وهم يشبعونها إيذاء حتى فوزها الأخير هذا ... ورأى خياله في الشريط وهو يرسلها بحقنة الخلاص المزعوم إلى الفناء .. وتسلل إلى ذاكرته صوت ذلك الطفل يلوح لها مودعا ... حين سمع لأول مرة اسمها وسخر منه... الآن أدرك سر اسمها ذاك .

هاهي إعجاز واقع ماثل أمامه ...تملأ المضمار خيلاء ونشاطا ... الآخرون مبهورون بفوزها وحسب .. أما من رأى ماضيها .. ففي خلده يعبث حجم المعجزة ... فسبحان من يحيي الموتى ... ويهب خلقه من مواهبه ما يصنع الخوارق ... وسبحان من ألهم الإنسان الأمل ليسحق به اليأس ... وسبحان من يعطي بقدر ما تمتلك النفس من ثقة في عطاياه .... سبحانه فله في خلقه معاجز لا تحصى وتقصر عن إدراكها العقول ....


من القلب آلاف التحية والاحترام

نور 11-26-2008 11:04 PM

رد: شريط الذكريات
 
سبحان الله
القدرة الالهية اعجاز الله فى الكون
اعجاز لاينتهى لايحده حد فهو من مالك الكون
اعجاز لايحصى ليس له انتهاء
مااجمل طرحك الرائع
سلوى
سلمت غاليتى على رووعة فكرك الروحانى
جميل ماسطرت هنا وماقرءت انا
http://img409.imageshack.us/img409/5849/5409cw4.gif

الاسير 07-13-2009 05:50 PM

رد: شريط الذكريات
 
بسم الله
سلام الله عليكم و رحمته و بركاته
اخيتي سلوى
بارك الله فيكي
تقبلي مروري و خالص تحياتي
جابر المجبري

لمسة دفء 10-25-2009 08:08 PM

رد: شريط الذكريات
 
نور


تسلمى على مرورك وتعليقك الرائع


لك كل الود

أحمد اسماعيل 11-01-2009 12:34 AM

رد: شريط الذكريات
 


سلوى . طرح قوى

اسعدك الله ويسر امورك

دعواتى لك بالصحة والعافية


الساعة الآن 11:39 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by