شبكة صدفة

شبكة صدفة (http://www.aadd2.net/vb/index.php)
-   المنتدى الاسلامى (http://www.aadd2.net/vb/forumdisplay.php?f=16)
-   -   تتفاضل الأعمال بتفاضل ما في القلوب (http://www.aadd2.net/vb/showthread.php?t=20353)

نور 11-30-2008 07:39 PM

تتفاضل الأعمال بتفاضل ما في القلوب
 
تتفاضل الأعمال بتفاضل ما في القلوب

إن العمل اليسير الموافق لمرضاة الرب وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- أحب إلى الله –تعالى- من العمل الكثير إذا خلا عن ذلك أو عن بعضه، ولهذا قال الله -تعالى-: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [الملك : 2]، وقال: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [الكهف : 7]، وقال: {وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [هود: 7].

فهو سبحانه وتعالى إنما خلق السموات والأرض والموت والحياة، وزيَّن الأرض بما عليها ليبلو عبادة أيهم أحسن عملًا، لا أكثر عملًا.
و"الأحسن" هو: الأخلص والأصوب، وهو الموافق لمرضاته ومحبته، دون الأكثر الخالي من ذلك، فهو سبحانه وتعالى يحب أن يُتعبَّد له بالأرضى له وإن كان قليلًا، دون الأكثر الذي لا يرضيه، والأكثر الذي غيره أرضى له منه.
ولهذا يكون العملان في الصورة واحدًا وبينهما في الفضل، بل بين قليل أحدهما وكثير الآخر في الفضل أعظم مما بين السماء والأرض، وهذا الفضل يكون بحسب رضا الرب –سبحانه- بالعمل، وقبوله له، ومحبته له، وفرحه به سبحانه وتعالى، كما يفرح بتوبة التائب أعظم فرح، ولا ريب أن تلك التوبة الصادقة أفضل وأحب إلى الله –تعالى- من أعمال كثير من التطوعات وإن زادت في الكثرة على التوبة.

ولهذا كان القبول مختلفًا ومتفاوتًا بحسب رضا الرب سبحانه بالعمل: فقبول يوجب رضا الله سبحانه وتعالى، ومباهاة الملائكة، وتقريب عبده منه.

وقبول يترتب عليه كثرة الثواب والعطاء فقط.
كمن تصدق بألف دينار من جملة ماله –مثلًا- بحيث لم يكترث بها، والألف لم تنقصه تقصًا يتأثر به، بل هي في بيته بمنزلة حصى لقيه في داره أخرج منها هذا المقدار، إما ليتخلص من همه وحفظه، وإما ليجازى عليه بمثله، أو غير ذلك.
وآخر عنده رغيف واحد هو قوته، لا يملك غيره، فآثر به على نفسه من هو أحوج إليه منه، محبة لله، وتقربًا إليه وتوددًا، ورغبة في مرضاته، وإيثارًا على نفسه.


فيا لله كم بعد ما بين الصدقتين في الفضل، ومحبة الله وقبوله ورضاه، وقد قَبِل سبحانه هذه وهذه، لكن قبول الرضا والمحبة والاعتداد والمباهاة شيء، وقبول الثواب والجزاء شيء.
والأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والمحبة والتعظيم والإجلال، وقصد وجه المعبود وحده دون شيء من الحظوظ سواه؛ حتى تكون صورة العملين واحدة وبينهما في الفضل ما لا يحصيه إلا الله -تعالى-.
وتتفاضل أيضًا بتجريد المتابعة، فبين العملين من الفضل بحسب ما يتفاضلان به في المتابعة، فتتفاضل الأعمال بحسب تجريد الإخلاص والمتابعة تفاضلًا لا يحصيه إلا الله –تعالى-، وينضاف هذا إلى كون أحد العملين أحب إلى الله في نفس
مثاله: الجهاد وبذل النفس لله –تعالى- هو من أحب الأعمال إلى الله –تعالى-، ويقترن بتجريد الإخلاص والمتابعة، وكذلك الصلاة والعلم وقراءة القرآن، فإذا فَضُل العلم في نفسه، وفَضُل قصد صاحبه وإخلاصه، وتجرَّدت متابعته؛ لم يمتنع أن يكون العمل الواحد أفضل من سبعين، بل وسبعمائة من نوعه.
فتأمل هذا فإنه يزيل عنك إشكالات كثيرة، ويطلعك على سر العمل والفضل، وأن الله -سبحانه وتعالى- أحكم الحاكمين، يضع فضله مواضعه، وهو أعلم بالشاكرين.



المرجع: المنار المنيف في الصحيح والضعيف

للإمام: ابن القيم -رحمه الله-

marmer 11-30-2008 08:55 PM

رد: تتفاضل الأعمال بتفاضل ما في القلوب
 
جزاكى الله خير

اللهم تب علينا

أحمد اسماعيل 11-30-2008 10:09 PM

رد: تتفاضل الأعمال بتفاضل ما في القلوب
 
نور .. رائعة الطرح

تسلمى على طرحك الرائع

حفظك الله ويسر امورك

دعواتى لكى باصحة والعافية

ساجده 11-30-2008 10:11 PM

رد: تتفاضل الأعمال بتفاضل ما في القلوب
 
نور

جزاكى الله خيرا على طرحك القيم

ربى يجعله بميزان حسناتك

اسعدك ربى بالدارين

مرمر 12-01-2008 12:36 PM

رد: تتفاضل الأعمال بتفاضل ما في القلوب
 
نور

جزاك الله كل خير علي الطرح الرائع


جعله الله بميزان حسناتك


دعواتي بالخير


الساعة الآن 09:23 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by