شبكة صدفة

شبكة صدفة (http://www.aadd2.net/vb/index.php)
-   سيرة الانبياء والصحابة (http://www.aadd2.net/vb/forumdisplay.php?f=18)
-   -   قم فأنذر .. أم لم يعرفوا رسولهم (http://www.aadd2.net/vb/showthread.php?t=127552)

نور 05-21-2011 07:30 PM

قم فأنذر .. أم لم يعرفوا رسولهم
 


"قُمْ فَأنْذِرْ"
( .. أمْ لـَمْ يعْرِفُوْا رَسُوْلهَمْ ؟ )
طرح جديد في سيرة رسول الله r ..
نظرات في معجزاته .. وحقوقه ..
بقلم /
د.محمد بن عبد الرحمن العريفي
أستاذ جامعي
خطيب جامع البواردي بالرياض
محاضر معتمد لدورات السعادة وفن التعامل مع الناس
عضو الهيئة العليا للإعلام الإسلامي
مدير عام مركز ناصح للدراسات والاستشارات

تنبيه هام جداً : هذه النسخة ليست للتصوير ولا للنشر ،
فأرجو مراعاة ذلك ، وفق الله الجميع .. آمين ..
P
بداية
كان موقفاً محرجاً ذلك اليوم لما دخلت على طلابي في الكلية ..
كانت محاضرتي حول السيرة النبوية ..
وقفت أمام الطلاب .. هم في السنة الثانية الجامعية ..
أردت أن أقيس معلوماتهم لأعرف المستوى الذي أخاطبهم نم خلاله ..
سألتهم : يا شباب .. أعطوني أسماء أربع زوجات .. من زوجات النبي r ..
كان سؤالاً سهلاً طرحته بين أيديهم على استحياء ..
كانوا أربعين طالباً ..
رفع أحدهم يده صارخاً : يا دكتور ..
قلت : نعم ..
قال : خديجة ..
فعددت بأصابعي قائلاً : خديجة .. أحسنت ..
رفع الثاني يده : يا دكتور .. عائشة ..
قلت : ممتاز .. عائشة ..
ثم سكتوا!!
سكتوا؟! الأربعون ؟!! نعم سكتوا .. الأربعون !!
أخذت أطوف بنظري بينهم .. وأردد عبارات الأسف .. ألا تعرفون رسولكم .. ألا تعرفون أمهات المؤمنين ( أفاااااا ) ..
فقال أحدهم : هاه .. يا دكتور .. دكتور .. تذكرت إحدى زوجاته ..
قلت : من ..
قال : آمنة !!
آمنة .. هي أم رسول الله r .. وقد ظن المسكين أنها زوجته ..
قلت : آمنة !! هي أمه .. الله يخليك لأمك ..!!
فسكت خجلاً ..
وخيّم الصمت عليهم .. والحزن عليَّ ..
فأراد أحدهم أن يزيل الكآبة عن الشيخ .. بجواب يبهج خاطره ..
فقال :
يا دكتور .. تذكرت اسم زوجة ..
قلت : هاه .. من؟
قال : فاطمة !!
ضحك بعض الطلاب .. وظهر التعجب على آخرين ..
وفريق ثالث .. لم يبدُ منهم أي تفاعل .. لأنهم يظنون الجواب صحيحاً .. يظنون فاطمة اسم زوجة من زوجاته r ..
قلت له : فاطمة رضي الله عنها .. هي ابنته ..
سكت الطالب .. بل سكت الجميع ..
فقلت لهم :
أخبروني يا شباب بأسماء خمسة من لاعبي فريق .. فريق .. وجعلت أتذكر فريقاً كروياً أسألهم عنه .. وخشيت أن يجيبوا الجواب الصحيح فأصاب بخيبة أمل .. فلم أذكر فريقاً قريباً .. وإنما تباعدت .. علهم يعجزون عن الجواب .. فقلت : من لاعبي فريق البرازيل ..
فتصايحوا : أنا .. أنا ..
وجعلت الأسماء تهب عليّ هبوباً .. برنالدو .. تيتو .. الخ ..
وأنا أعد بأصابعي .. فإذا أصابع يدي الأولى تمتلئ .. ثم تمتلئ أصابع يدي الثانية .. ثم أعود إلى الأولى .. فإذا هم قد عدوا خمسة عشر اسماً !!
فسألتهم :
الذي أعرف أن عدد لاعبي الفريق لا يتعدى أحد عشر لاعباً ..
فلماذا ذكرتم خمسة عشر ..؟
فقالوا : نحن ذكرنا لك أسماء اللاعبين الأساسيين .. والاحتياط ..
والنكتة أنني لما كانوا يعدون أسماء اللاعبين .. كنت أعد بأصابعي وأعيد اسم اللاعب .. فإذا أخطأت في لفظ الاسم .. ضحكوا من ( جهلي ) .. وعدلوا لي الاسم ..
وصدق الله .. ( أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون ) ..


نور 05-21-2011 07:34 PM

رد: قم فأنذر .. أم لم يعرفوا رسولهم
 
لا تعتذروا

شعر طلابي بمقدار الحزن البادي على وجهي ..
فبدؤوا يقولون معتذرين : يا شيخ .. لا تلمنا .. فالإعلام يبرز هؤلاء فنحفظهم ..
فقلت لهم : لا تعتذروا .. فالإعلام يملك أن يبرزهم .. لكنه لا يملك أن يلزمك بمتابعتهم .. وتتبع أخبارهم .. وحفظ أسمائهم .. وتذاكر قصصهم .. وجعلهم مادة لأحاديث مجالسنا .. ومواضيع منتدياتنا .. وألوان ألبستنا .. الخ ..
فكما يوجد قنوات للرياضة .. فهناك قنوات للثقافة .. والأخبار .. والشريعة .. والتعليم ..
وقل مثل ذلك فيما تنشره الجرائد والمجلات ومواقع الانترنت .. إلى غير ذلك ..
فلا تعتذروا ..
ومن الطريف أن أذكر ..
أنني ألقيت محاضرة قبل أيام في إحدى القرى .. أؤكد : إحدى القرى ..
كانت المحاضرة حول حياة النبي r ..
ذكرت في آخر المحاضرة أهمية تعلم السيرة النبوية .. ثم ذكرت هذا الموقف الذي وقع بيني وبين طلابي ..
كان أمامي بعض صغار السن الذي لا تتجاوز أعمارهم العشر سنين ..
فقلت في أثناء سردي للموقف : ثم سألأت طلابي : أعطوني أسماء أربع من زوجات النبي r .. وأكملت القصة .. والأمر عادي ..
فلما قلت : ثم قلت لطلابي : هاه يا شباب .ز أعطوني أسماء خمسة من لاعبي البرازيل .. تصايح الصغار الذين أمامي : أنا .ز أنا .. أنا ..
يظنوني أسأل الحاضرين !!
فرأيتها فرصة لتسجيل موقف .. فالتفت إلى أحدهم .. وقلت : هاه يا شاطر .. أجب ..
فقال : برنالدو .. و ..
قلت : يكفي .. تدرس في أي صف يا شاطر ؟
فقال بكل براءة : رابع باء ..!!
فلتفت إلى الثاني وقلت : هاه ؟
قال : تيتو ..
قلت : وأنت أي صف تدرس ؟
فقال : خامس جيم ..
كادت الدموع تنزل من عيني ..
ورأيت بعض الناس .. دمعت عيناه .. قهراً .. وحُقَّ له ذلك ..
أدركت عندها أننا بحاجة إلى إبراز هذا الرسول .. الذي هو أحب إلينا من أرواحنا ..
فكان هذا الكتاب المختصر في نوع من السيرة قلما يطرق .. وهو الكلام عن معجزاته وآيات نبوته r ..
فعسى الله أن ينفع بهذا الكتاب ويرفع .. آمين .. آمين ..

كتبه الداعي لك بالخير/

د.محمد بن عبد الرحمن العريفي

أستاذ جامعي

خطيب جامع البواردي بالرياض

عضو الهيئة العليا للإعلام الإسلامي

محاضر معتمد لدورات السعادة وفن التعامل مع الناس

مؤسس ومدير مركز ناصح للدراسات والاستشارات الاجتماعية

الرياض 1/5/1427هـ

* * * * * *





نور 05-21-2011 07:36 PM

رد: قم فأنذر .. أم لم يعرفوا رسولهم
 
أم لم يعرفوا رسولهم ؟
اسمه : محمد بن عبد الله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب ..
قبيلته : قرشي هاشمي .
كنيته : أبو القاسم .
أمه: آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب ..
قبيلتها : قرشية زهرية ..
ولادته : ولد r بمكة في دار عمه أبيطالب ..
تاريخ ولادته : يومالاثنين 12ربيع الأول من عام الفيل ( الموافق20 إبريل/نيسان عام571للميلاد ) .
نشأ يتيماً : توفي أبوه وأمه حامل به..حيث ماتت أمه وعمره 6سنوات فكفله جده عبدالمطلب ثم مات جده .. فكفله من بعده عمه أبو طالب.
أرضعته حليمة بنت أبي ذؤيب .. من قبيلة بني سعد ..
زواجه :
تزوج خديجة بنت خويلد بن أسد القرشية وهوفي الخامسة والعشرين من عمره وهي في الأربعين,
ماتت خديجة رضي الله عنها قبل الهجرة بثلاث سنين ..
تزوج بعد خديجة بقية نسائه الطاهرات ..
فتزوج سودة بنت زمعة .. رضي الله عنها ..
ثم تزوج عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما ..
ثم تزوج حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ..
ثم تزوج زينب بنت خزيمة بن الحارث رضي الله عنها ..
ثك تزوج أم سلمة واسمها هند بنت أمية رضي الله عنها ..
ثم تزوج زينب بنت جحش رضي الله عنها ..
ثم تزوج جويرية بنت الحارث رضي الله عنها ..
ثم تزوج أم حبيبة واسمها رملة بنت أبي سفيان ..
ثم تزوج صفية بنت حييّ بن أخطب رضي الله عنها ..
ثم تزوج ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها ..
وهي آخر من تزوج رسول الله r ..
أولاده : ثلاثة ذكور .. وأربع إناث ..
ولدت له خديجة : القاسم .. وعبد الله .. وقد ماتاصغيرين.. وكان عبد الله يلقب بالطيب والطاهر..
وولدت له جاريته مارية القبطية إبراهيم .. ومات صغيراً أيضاً ..
بناته : وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة .. وهؤلاء كلهن من خديجة ..
توفي جميع أولاده في حياته ,إلا ابنته فاطمة ..
بعثه الله تعالى رسولاً بوحي نزل عليه وهو يتعبد في غار حراء ..
هو آخر الأنبياء والرسل .. وهو رسول إلى الناس أجمعين ..
كما قال سبحانه : { وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ًونذيراً ولكن أكثر الناس لا يعلمون } سبأ/28.
وأنزل عليه في رمضان أول آية من القرآن الكريم وهي قوله تعالى:
اقْرَأْ بِاسْمِرَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ وتتابع نزول القرآن عليه بواسطة جبريل عليه السلام.
بدأدعوته سرا مدة ثلاث سنوات ..
ثم أمره الله أن يجهر بها وينذر قومه,
فأعلن الدعوةإلى توحيد الله تعالى ونبذ الأوثان.
لقي صدا وعنتا من كبار قريش وصناديدهم وأوذيأصحابه الكرام ..
فأذن r لهم بالهجرة إلى الحبشة .. وهي أثيوبيا اليوم ..
فهاجر إليها ثلاثةوثمانون رجلا عدا النساء والأولاد ..
ثم أمره الله تعالى بالهجرة إلى المدينةفهاجر إليها مع أبي بكر في السنة الأولى الهجرية الموافق سنة 622 م ..
جرت بينه وبين قريش غزوات انتهت بفتح مكة سنةثمان للهجرة.
دانت له العرب وأتته وفودها تعلن إسلامها سنة 9 و 10 للهجرة.
وفيسنة عشر للهجرة حج حجة الوداع وعاد إلى المدينة
ثم توفي فيها في 12 ربيع الأولعام 11 للهجرة ( الموافق 8 يونيو / حزيران سنة 632م ) ..


من أهم الأحداث في حياته r ..
الإسراء والمعراج : وكان قبل الهجرة بثلاث سنين وفيه فرضت الصلاة ..
السنة 1هـ : الهجرة ..وبناء المسجد ..وبداية تأسيس الدولة ..وفرض الزكاة.
السنة 2هـ : غزوة بدر الكبرى ..
السنة 3هـ : غزوة أحد ..
السنة 4هـ : غزوة يهود بني النضير ..
السنة 5هـ : غزوة بني المصطلق .. وغزوة الأحزاب .. وغزوة يهود بني قريظة ..
السنة 6هـ : صلح الحديبية ..
السنة 7هـ : غزوة خيبر .. وفي هذه السنة اعتمر النبي r والمسلمون أول عمرة في الإسلام ..
السنة 8هـ : غزوة مؤتة بين المسلمين والروم .. وفتح مكة .. وغزوة حُنين ضد قبائل هوازن وثقيف ..
السنة 9هـ : غزوة تبوك .. وهي آخر غزواته r .. وفي هذه السنة دخل الناس في دين الله أفواجاً .. وسمي هذا العام عام الوفود .
السنة 10هـ : حجة الوداع .. وحج فيها مع النبي r أكثر من مائة ألف مسلم ..
السنة 11هـ : وفاة رسول الله r ..
وقد اخترت في هذا الكتاب أن نسبح في بحر معجزاته وآيات نبوته r ..
وهي كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية تزيد على ألف معجزة .. لكني أذكر منها ما تيسر ..
* * * * * *

آيات الأنبياء
آيات الأنبياء ومعجزاتهم .. خصهم الله بها تصديقاً على رسالته ..
وتكون المعجزات خارجة عن قدرة البشر ..
ومعجز كل رسول موافق للأغلب من أحوال عصره ..
· فموسى عليه السلام .. حين بعث في عصر السحرة ..
فلق الله له البحر .. وقلب العصا حية ..
· أما عيسى عليه السلام .. فبعث في عصر الطب وأنواع العلاج ..
فخصه الله بإبراء المرضى .. وإحياء الموتى ..
· أما محمد عليه السلام .. فقد جمع الله له من أنواع الآيات .. ما بهر البريات ..
فنزل عليه القرآن ..
الذي أعجز الفصحاء .. وغلب البلغاء .. وتبلد فيه الشعراء ..
قال الله : ] وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [ ..
ولكثرة دلائل نبوة محمد r .. لم يملك أحد أن يكذب بها إلا من عاند واستكبر ..

بل حتى الكفار الذين حاربوه .. وضيقوا عليه .. هم مصدقون بنبوته في قلوبهم ..ولكن يمنعهم الكبر والغي من اتباعه ..
أو ما سمعت أبا طالب يقول :
والله لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسد في التراب دفينا
ودعوتني وعلمت أنك ناصحي فلقد صدقت وكنت فينا أمينا
وعرضت دينا قد عرفت بأنه من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذار مسبة لوجدتني سمحاً بذاك مبينا
وحتى اليهود .. كانوا يعلمون أنه r هو النبي الحق الذي يجب عليهم اتباعه .. ولكنهم تكبروا عن ذلك ..
كل شيء شهد له r بالنبوة .. حتى الأشجار .. والأحجار .. والحيوانات ..

* * * * * *

ذئب يتكلم
في أوائل بعثة النبي r ..
كان أحد رعاة الغنم .. يرعى غنمه في بعض بوادي المدينة ..
فعدا الذئب على شاة منها .. فأخذها وعدا هارباً .. فطلبه الراعي فانتزعها منه ..
فولى الذئب هارباً .. ثم وقف فجأة .. وأقعى الذئب على ذنبه ..
ثم التفت إلى الراعي .. وقال :
ألا تتقي الله !! تنزع مني رزقاً ساقه الله إليَّ ؟!
فقال الراعي : يااااا عجباً !! ذئبٌ مقعٍ على ذنبه .. يكلمني كلام الإنس ..!!!
فقال الذئب : ألا أخبرك بأعجب من ذلك ؟
.. أعجب من هذا .. رجل في النخلات بين الحرتين .. يخبركم بما مضى .. وما هو كائن بعدكم ..
يعني رسول الله r ..
ومضى الذئب إلى شأنه !!
فأقبل الراعي يسوق غنمه .. حتى دخل المدينة .. وجمع غنمه في زاوية من زواياها ..
ثم أتى النبي r فأخبره ..
فأمر رسول الله r أحد الصحابة فنادى في الناس : الصلاة جامعة ..
فاجتمع الناس في المسجد .. لا يدرون لماذا جمعهم النبي r ..
فخرج النبي عليه الصلاة والسلام عليهم .. فإذا هم جالسون .. منصتون بين يديه ..
والأعرابي راعي الغنم جالس بينهم ..
فقال r للأعرابي : أخبرهم ..
فتكلم الأعرابي .. وأخبرهم بخير الذئب ..
كان كلام الأعرابي غريباً .. والناس يستمعون .. والنبي r ساكت ..
فلما انتهى الراعي من كلامه ..
قال رسول الله r : صدق ..
والذي نفس محمد بيده .. لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنس ..
ويكلمَ الرجلَ عذبةُ سوطه .. وشراكُ نعله .. ويخبره فخذُه ما أحدث أهله بعده ..([1])
فهذا من آيات نبوته r أن شهدت له أنواع المخلوقات بالنبوة ..

* * * * * * * * *
إخباره ببعض المغيبات
إخباره r بالمغيبات أنواع ..
فأحياناً يخبر بغيب لم يقع بعد .. فيقع على ما أخبر به r تماماً ..
من ذلك ..أنه :
بعد هجرة النبي r إلى المدينة .. انطلق سعد بن معاذ t إلى مكة معتمراً ..
فنزل على أمية بن خلف .. وكان بينهما ودٌ وصداقة في الجاهلية ..
ولم يكن وقع بين المسلمين والكفار حروب بعد ..
فكان أمية إذا سافر إلى الشام .. نزل عند صديقه سعد بن معاذ في مكة .. وارتاح أياماً ثم واصل سفره ..
وكذلك كان سعد .. يأتي مكة .. فينزل عند أمية ..
لما نزل سعد عند أمية .. قال له : يا أمية .. انظر لي ساعة خلوة .. لعلي أن أطوف بالبيت ..
فقال أمية : انتظر حتى إذا انتصف النهار .. وغفل الناس .. انطلقت .. فطفت ..
فلما اشتدت شمس النهار .. وأوى الناس إلى بيوتهم ..خرج أمية بسعد .. متوجهاً به إلى البيت الحرام .. الكعبة ..
في أثناء الطريق لقيهما رأس الكفر أبو جهل ..
نظر أبو جهل إلى سعد بن معاذ فلم يعرفه .. فسأل أمية .. قال :
يا أبا صفوان !! من هذا معك ؟
قال أمية : هذا سعد بن معاذ .. اليثربي .. أي القادم من يثرب وهي المدينة ..
فتذكر أبو جهل أن أهل يثرب .. هم الذين ناصروا النبي r .. وقبلوه مهاجراً إليهم ..
فغضب وقال :
ألا أراك تطوف بالبيت آمنا .. وقد آويتم محمداً والصباة معه .. والصباة هم الذين غيروا دينهم ..
فسكت سعد ..
فقال أبو جهل : وزعمتم أنكم تنصرونهم .. وتعينونهم .. أما والله لولا أنك مع أبي صفوان ما رجعت إلى أهلك سالماً ..
سعد سيد في قومه .. ولا يرضى أن يهان بمثل هذا الكلام .. فغضب وقال :
لئن منعتني من هذا .. لأمنعنك ما هو أشد عليك منه ..
أمنعك من طريقك إلى الشام ..
كان سعد يعلم أن أبا جهل تاجر له قوافل تذهب إلى الشام .ز ولا بد أن تمر بالمدينة .. فهدده أن يقطع الطريق عليها ..
ثار أبو جهل وسعد .. وتخاصما ..
فتحير أمية .. لمن ينتصر؟
فهذا سيد قومه في المدينة .. وهذا سيد قومه في مكة ..
فمالت نفسه مع أبي جهل ..
فقال لسعد : يا سعد .. لا ترفع صوتك على أبي الحكم .. فإنه سيد أهل الوادي ..
فقال سعد t : وأنت دعنا منك يا أمية .. فوالله لقد سمعت رسول الله r يقول : إنه قاتلك ..
ففزع أمية وقال : يقتلني بمكة أم في غيرها ؟!
قال سعد : لا أدري ..
فاضطرب أمية وفزع فزعاً شديداً .. وولى وهو يقول .. والله ما يكذب محمد أبداً ..
ثم رجع أمية إلى أهله .. فدخل على زوجته .. وهو ينتفض وقال لها :
يا أم صفوان .. ألم تسمعي ما قال لي سعد ؟!!
قالت : وما قال لك ؟
قال : زعم أن محمداً أخبرهم أنه قاتلي ..
ففزعت وقالت : بمكة ؟
قال : لا أدري ..
فقالت : والله ما يكذب محمد ..
فقال أمية : والله لا أخرج من مكة أبداً ..
ومضت الأيام ..
فأقبلت لقريش قافلة من الشام ..
فخرج r ليعترض طريقها ..
فأرسل قائد القافلة أبو سفيان إلى قريش في مكة يستنصرهم للخروج للقتال والدفاع عن القافلة ..
ثار أهل مكة ..
وقام أبو جهل يستنصر الناس .. ويستحثهم للخروج للقتال ..
ويقول : أدركوا عيركم .. أموالكم ..
بدأ الناس يتجهزون .. منهم من يحد سيفه .. ومن يجمع متاعه .. ومن يجهز فرسه ..
كل أهل مكة تجهزوا للخروج للقتال .. إلا واحد .. أمية ين خلف ..
كره أمية أن يخرج .. وخاف على نفسه .. وجلس في ظل الكعبة ..
فعلم أبو جهل أن أمية سيتخلف عن الخروج ..
فأتاه فقال :
يا أبا صفوان .. إنك متى يراك الناس قد تخلفت .. وأنت سيد أهل الوادي .. تخلفوا معك ..
فأبى أمية أن يخرج .. فهو يعلم أن محمداً ( r ) .. لا يكذب أبداً ..
أبو جهل كافر حقير .. لكنه ذكي !!
ابتكر أبو جهل طريقة يستحث بها أمية للخروج ..
فماذا فعل ؟!
أخذ أبو جهل مبخرة ووضع فيها جمراً وطيباً ..
ثم أقبل بهذا البخور إلى أمية وهو جالس بين قومه في ظل الكعبة .. وقال : خذ تطيب .. يا أبا صفوان .. تطيب إنما أنت من النساء ..
أي ما دام أنك لن تخرج للقتال فمعناه أنك ستجلس مع النساء ونحن نخرج نقاتل عنك .. فخذ تطيب .. كما تتطيب النساء !!
آآآه .. ما أخبث أبا جهل !!! يعلم من أين تؤكل الكتف !!
ما كاد أمية يسمع هذا الكلام .. حتى ثار .. وقام وهو يقول :
أما إذ غلبتني .. فوالله لأشترين أجود بعير بمكة ..
ثم أقبل على بيته وقال :
يا أم صفوان .. جهزيني ..
فقالت : يا أبا صفوان .. قد نسيت ما قال لك أخوك اليثربي !!
قال : لا .. وما أريد أن أجوز معهم إلا قريباً .. وأعود ..
كانت خطة أمية أن يسير مع الجيش .. بعض الطريق ثم يتخفى عنهم .. ويعود إلى مكة ..
وفعلاً .. خرج أمية مع الجيش .. وجعل لا ينزل الجيش منزلاً أثناء الطريق .. لنوم أو طعام .. إلا ربط بعيره بجانبه .. استعداداً للهرب ..
لكن أبا جهل كان بالمرصاد .. فلم يزل يسير مع الجيش .. حتى وصل موقع معركة بدر ..
وقتله الله بأيدي المسلمين .. ([2])
وتحقق ما أخبر به r من أن المسلمين يقتلون أمية ..
* * * * *

( [1] ) رواه البيهقي وأحمد بإسناد صحيح ..
( [2] ) رواه البخاري

نور 05-21-2011 07:37 PM

رد: قم فأنذر .. أم لم يعرفوا رسولهم
 
خطة لقتله r !!
وأحياناً يخبر r بشيء وقع .. لكنه وقع في موضع غائب عنه ..
كأن يخبر بشيء وقع في مكة .. أو فارس .. أو اليمن ..
ومن ذلك :
بعد معركة بدر وهزيمة مشركي قريش فيها ..
رجع كفار قريش إلى مكة ..
وقد قتل منهم من قتل .. وأسر من أسر ..
كانت مصيبة عظيمة على قريش ..
أقبل عمير بن وهب .. إلى الكعبة فرأى صفوان بن أمية جالساً في الحجر في ظل الكعبة ..
فجلس عمير إليه ..
وجعلا يتبادلان الآهات .. فكلاهما مصاب .. عمير ابنه مأسور .. وصفوان أبو مقتول ..
فقال صفوان : قبح الله العيشَ بعد قتلى بدر ..
قال عمير : أجلْ .. والله ما في العيش خير بعدهم ..
ثم تحمس عمير فقال : لولا دينٌ عليَّ .. لا أجد له قضاء .. وعيالٌ لا أدع لهم شيئاً .. لرحلت إلى محمد فقتلته .. إن ملأت عيني منه ..
فإن لي علة أعتل بها إن دخلت المدينة .. أقول : قدمتُ على ابني أفدي هذا الأسير ..
فرح صفوان بقوله .. وشعر أنها فرصة للانتقام ..
فقال : عليَّ دينُك .. فأنا أقضيه .. وعيالك أسوة عيالي في النفقة .. فاذهب إلى محمد فاقتله ..
شعر عمير أنه أوقع نفسه في فخ .. ولكن لا سبيل للتراجع ..

قام صفوان مسرعاً .. وجهز لعمير راحلة .. ودفع إلى عمير سيفاً مصُقِولاً مسموماً ..
وودع عمير أهله .. ومضى يسير مغادراً مكة وقد تكون نظراته إلى بيوتها وجبالها هي النظرات الأخيرة ..
وصل عمير إلى المدينة ..
توجه إلى المسجد ..
نزل عند بابه .. وعقل راحلته ..
وتناول سيفه المسموم .. وعلقه في عنقه ..
ودخل المسجد .. وتوجه إلى رسول الله r ..
رآه عمر .. فصاح : هذا عدو الله .. الذي حرَّش بيننا يوم بدر ..
انطلق عمر ليمنعه من الوصول إلى رسول الله .. لكنه وصل ..
وقف عمير بين يدي النبي r ..
وكانت خطته .. أن يغافل النبي r .. ويضربه فجأة بالسيف ويقتله .. ثم لا يهمه ما يقع بعد ذلك .. فقد قضى دينه .. وأمّن عياله ..
مسكين .. كان يظن المسألة سهلة إلى هذه الدرجة !!
نظر النبي r إلى عمير .. ورأى السيف معه .. فقال :
ما أقدمك ؟
كان عمير متوقعاً هذا السؤال .. وبالتالي فالجواب جاهز .. قال :
ابني أسير عندكم .. وجئت أفتديه .. ففادونا في أسرائنا .. فإنكم العشيرة والأهل ..
فقال r : فما بال السيف في عنقك !!
فعلاً!! من جاء ليفتدي أسير يعلق في عنقه كيس مال .. لا سيفاً ..
فقال عمير : قبحها الله من سيوف .. فهل أغنت عنا شيئاً يوم بدر ..!! إنما نسيته في عنقي حين نزلت ..
فقال له رسول الله r : اصدقني .. ما أقدمك ؟؟
قال : ما قدمتُ إلا في أسيري ..
فقال r : فماذا شرطت لصفوان بن أمية في الحجر .. ؟؟
ففزع عمير .. وقال : ماذا شرطت ؟!!
قال : تحملت له بقتلي .. على أن يعول بيتك .. ويقضي دينك .. والله حائل بينك وبين ذلك ..
انتفض عمير .. وعجب كيف علم النبي r بخبره مع صفوان !
فقال : أشهد أنك رسول الله .. وأن لا إله إلا الله ..
كنا نكذبك بالوحي وبما يأتيك من السماء ..
وهذا الحديث كان بيني وبين صفوان في الحجر .. لم يطلع عليه أحد غيري وغيره .. فما أأخبرك به إلا الله .. ([1])
ودخل عمير في الإسلام .. وصار من خيار المسلمين ..
فهذا من آيات نبوة محمد r التي رآها عمير فدخل في الإسلام بسببها ..
* * * * * *
الشاة المسمومة !!
وكذلك ما وقع منه r مع اليهود لما أرادوا قتله ..
فإنه r وقعت له غزوة إلى اليهود في خيبر .. فحاصرهم .. حتى طال الحصار ..
ثم استسلموا .. ودخا عليه الصلاة والسلام فاتحاً ..
فأقبلت امرأة يهودية حاقدة .. وطبخت شاة .. وشوتها .. وجعلت فيها سماً ..
ومن حقدها سألت : أي الشاة أحب إلى محمد ؟
فقيل لها : الذراع ..
فزادت السم في الذراع ..
فلما استقر r مع بعض أصحابه في خيبر ..
أقبلت اليهودية بطعامها .. ووضعته بين يدي النبي r وأصحابه .. وزعمت أنه هدية لهم !!
عجباً !! هل رأيت أحداً يهدي الموت ؟!
كان الصحابة جائعين .. وكذلك كان r .. حصار طويل .. وزاد قليل .. وحر وتعب .. ثم شاة مشوية !!
وضع لصحابة أيديهم آكلين ..
ورسول الله r أخذ قطعة من الذراع فرفعها إلى فمه الطاهر .. ونهش من لحمها نهشة ..
وفجأة صاح بأصحابه .. أن يتوقفوا عن الأكل ..
فتوقفوا .. مندهشين ..
ثم قال r : اجمعوا إليَّ من كان هاهنا من يهود ..
فجمعوهم له ..
فقال r : إني سائلكم عن شيء .. فهل أنتم صادقي عنه ؟
قالوا : نعم ..
فقال r : من أبوكم ؟
كان لهذه القبيلة من اليهود جد .. لا يفتخرون بالانتساب إليه .. فيدعون الانتساب إلى جد آخر ..
فقالوا : أبو نا فلان ..
فقال r : كذبتم .. بل أبوكم فلان ..
قالوا : صدقت ..
قال : فهل أنتم صادقي عن شيء إن سألت عنه ؟
فقالوا : نعم .. يا أبا القاسم .. وإن كذبنا عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا ..
فقال لهم : من أهل النار ؟
قالوا : نكون فيها يسيراً .. ثم تخلفونا فيها ..
فقال r : اخسئوا فيها .. والله لا نخلفكم فيها أبداً ..
ثم قال : هل أنتم صادقي عن شيء .. إن سألتكم عنه ؟
قالوا : نعم .. يا أبا القاسم ..
فقال : هل جعلتم في هذه الشاة سماً ؟
قالوا : نعم .. نعم ..
قال : ما حملكم على ذلك ؟
قالوا : أردنا إن كنت كاذباً .. نستريح منك .. وإن كنت نبياً لم يضرك ..
ولكن !! من أخبرك ؟
فرفع r الذراع وقال : أخبرتني هذه الذراع .. ([2])
فصلوات ربي وسلمه عليه .. حتى الذراع أنطقها الله .. لما لم ترد أن تضر نبيه r ..

* * * * * *
ربي قتل ربكما !!
ومن إخباره r أيضاً بالمغيبات ..
أنه r بعث عبد الله بن حذافة t إلى كسرى ملك الفرس .. يدعوه إلى الإسلام ..
وصل الكتاب إلى كسرى .. وهو ملك عظيم في قومه .. يملك فارس كلها .. إيران .. وأفغانستان .. وباكستان .. وغيرها ..
فلما قرأ كسرى الكتاب غضب .. ومزق الكتاب .. وقال :
يكتب إليَّ بهذا الكتاب وهو عبدي ..!!
كان كسرى متكبراً متغطرساً .. فلم يكتف بتمزيق الكتاب .. لا .. وإنما كتب إلى أمير اليمن باذان :
بلغني أن في أرضك رجلاً تنبأ .. فابعث إليه من عندك رجلين جلدين فليربطاه وليأتياني به ..
فبعث أمير اليمن باذان رجلين .. ليربطا النبي r ويحضراه إليه !!!
مساكين !!
خرج الرجلان حتى قدما المدينة .. فدخلا على رسول الله r ..
فقالا له : انطلق معنا .. وإن أبيت فكسرى مهلكك ومهلك قومك ومخرب بلادك ..
فنظر إليهما النبي r .. فإذا هما قد حلقا لحاهما وأبقيا شواربهما..
فكره النظر إليهما .. وقال : ويلكما !! من أمركما بهذا ؟؟
قالا : أمرنا بهذا ربنا .. يعنيان كسرى ..
فقال r : لكن ربي عز وجل .. أمرني بإعفاء لحيتي وبقص شاربي ..
ثم قال لهما بكل هدووووء :
ارجعا حتى تأتياني الغد ..
وجاء الوحي إلى رسول الله r .. أن الله سلط على كسرى ابنه فقتله ..
فلما أتيا رسول الله r قال لهما :
إن ربي غضب على ربكما فقتله .. فدمه في نحره ساخن الساعة ..
يعني : مات الآن ..!! فلا يزال دمه يجري منه حاراً ..
فاستعظما الأمر .. وقالا له : هل تدري ما تقول ؟! أنكتب بهذا عنك ؟ أنخبر الملك به ؟
فقال r بكل ثقة : نعم .. أخبراه ذلك عني ..
وقولا له :
إن ديني وسلطاني سيبلغ ما بلغ ملك كسرى .. وينتهي إلى منتهى الخف والحافر ..
وقولا له :
إنك إن أسلمت أعطيتك ما تحت يديك وملكتك على قومك من الأبناء ..
فخرج الرجلان من عنده r .. يخبان السير إلى اليمن .. حتى قدما على باذان وأخبراه الخبر ..
فإذا هو لم يبلغه ما وقع في فارس لبعد المسافة ..
فقال باذان : والله ما هذا بكلام ملك .. وإني لأرى الرجل نبياً كما يقول .. ولننظرن ما قد قال .. فلئن كان ما قد قال حقاً فإنه لنبي مرسل .. وإن لم يكن فسنرى فيه رأينا ..
فلم يلبث باذان أن قدم عليه كتاب شيرويه ابن كسرى .. يخبره أنه صار الملك .. ويأمره بالطاعة ..
فنظر باذان في وقت مقتل كسرى .. فإذا هي الساعة التي أخبر النبي r بها الرجلين ..
فقال باذان : إن هذا الرجل لرسول الله .. ثم أسلم باذان لله تعالى .. وأسلم أهل اليمن ..([3])

* * * * * *

( [1] ) أخرجه موسى بن عقبة في مغازيه .
( [2] ) رواه البخاري عن أبي هريرة .
( [3] ) ذكره ابن إسحاق في السيرة .

نور 05-21-2011 07:40 PM

رد: قم فأنذر .. أم لم يعرفوا رسولهم
 
موت النجاشي ..
كان النجاشي t رجلاً صالحاً آوى المؤمنين .. ونصرهم ..
فكان النبي r يحبه ويهدي إليه ..
فجهز له النبي r يوماً هدية فيها طيب ورداء .. وأرسل بها رسولاً إلى الحبشة .. أثيوبيا ..
ولما انطلق الرسول إلى الحبشة ..
قال r لأم سلمة t وكان قد تزوج بها حديثاً .. :
قد أهديت للنجاشي أواق من مسك وحلة .. وما أراه إلا قد مات .. ولا أرى هديتي التي أهديتُ إليه إلا سترد إليَّ ..
فإذا ردت إلي فهي لكِ ..
فكان كما قال r ..
مات النجاشى وردت إليه r هديته ..
فلما ردت إليه الهدية أعطى كل امرأة من نسائه أوقية من ذلك المسك .. وأعطى سائره أم سلمة .. وأعطاها الحلة ..
* * * * * *
مقتل الأسود العنسي ..
اخبر بمقتل الأسود العنسي في صنعاء اليمن فيالليلة التي قتل فيها في المدينة ,فجاء الخبر بما أخبر به .[ رواهالبخاري ]
كان r في مجالسه مع أصحابه يحدثهم أحياناً بأحداث مستقبلية ..
كخبره عن أشراط الساعة وغيرها ..
ومن ذلك إخباره r عن أشخاص يدَّعون النبوة ..
ومن هؤلاء الأسود العنسي اليمني .. الذي ادعى أنه نبي .. وتغلب على أهل اليمن حتى ملكها كلها ..
وكان باليمن معاذ بن جبل t وأبو موسى الأشعري قد بعثهما النبي r إلى اليمن لدعوة أهلها ..
فخرجا من اليمن لما رأيا تغلب الأسود عليها ..
تمكن الأسود العنسي من اليمن .. وجعل أهل اليمن يرتدون عن الإسلام ..
تزوج الأسود العنسي امرأة اسمها زاذ .. وكانت امرأة حسناء جميلة .. مؤمنة بالله تعالى مصدقة برسوله محمد r ..
كانت زاذ امرأة صالحة .. لكن الأسود قتل زوجها وأكرهها على الزواج منه ..
وكان لها ابن عم اسمه فيروز .. رجل صالح ..
مضت الأيام والأسود العنسي يزداد طغيانه يوماً فيوماً ..
أراد النبي r أن يقضي على فتنة الأسود .. لكن اليمن بعيدة .. وقيادة جيش كامل إلى اليمن فيه مشقة شديدة ..
فبعث النبي r رسالة إلى أهل اليمن .. مع رجل اسمه وبر بن يحنس الديلمي ..
يأمر المسلمين الذين هناك بمقاتلة الأسود العنسي والقضاء على فتنته ..
فقام فيروز ودخل على بنت عمه زاذ امرأة الأسود .. وقال لها :
يا ابنة عمي .. قد عرفت بلاء هذا الرجل لقومك .. قد قتل زوجك .. وطأطأ رؤوس قومك .. قتل رجالهم .. وفضح نساءهم .. فهل تعينينا عليه ؟
قالت : أعينكم على أي أمر ؟
قال : إخراجه من اليمن ..
قالت المرأة : أو قتله ؟
قال : أو قتلة ..
قالت : نعم .. والله ما خلق الله شخصاً هو أبغض إليَّ منه .. فما يقوم لله بحق .. ولا ينتهي له عن حرمة .. فإذا عزمتم على قتله فأخبروني .. أعلمكم بما في هذا الأمر ..
استبشر فيروز بذلك .. وخرج من عندها واجتمع بأصحابه وجعلوا يتشاورون .. فبينما هم كذلك ..
إذ مر بهم الأسود .. وقد جُمعت له مائة دابة ما بين بقرة وبعير ..
فقام الأسود وخط خطاً في الأرض .. فأقيمت الدواب من وراء الخط .. صفاً واحداً ..
وقام الأسود دونها .. فنحرها بسكين معه .. وهي غير مربوطة .. ولا معقّلة .. وهي تنصاع له .. ولا تقاوم .. ما يتقدم أو يتأخر عن الخط منها شيء .. حتى زهقت أرواحها !!
وليس هذا غريباً .. فقد كان الأسود يستعمل الجن والشياطين والكهانة في التأثير .. وفي استكشاف أخبار الناس .. ويدعي أنه نبي يخبر الناس بالغيب !!
ثم التفت الأسود إلى فيروز وقال : أحقٌ ما بلغني عنك يا فيروز ؟ لقد هممت أن أنحرك فألحقك بهذه البهيمة .. وأبدى الأسود له السكين ورفعها عليه ..
فقال فيروز مهدئاً له : اخترتنا لصهرك .. وفضلتنا على الأبناء .. فلو لم تكن نبياً ما بعنا نصيبنا منك بشيء .. فكيف وقد اجتمع لنا بك أمر الآخرة والدنيا .. فلا تقبل علينا أمثال ما يبلغك .. فأنا بحيث تحب ..
فرضي الأسود عنه .. وأمره بقسم لحوم تلك الأنعام ..
ففرقها فيروز في أهل صنعاء ..
ثم أسرع فرجع إلى الأسود .. فلما اقترب منه .. فإذا مع الأسود رجل يحرّضه على قتل فيروز ..
وإذا الأسود يقول : أنا قاتله غداً وأصحابه ..
ثم دخل الأسود داره .. ولم يعلم بفيروز ..
فرجع فيروز إلى أصحابه فأعلمهم بما سمع من الأسود ..
فاجتمع رأيهم على قتل الأسود قبل أن يقتلهم ..
فمضى فيروز فدخل على زوجة الأسود فعرض عليها الأمر .. وكيف يقتلونه ؟
فقالت : إنه ليس من الدار بيت ولا حجرة .. إلا والحرس محيطون به ..
غير هذا البيت .. وأشارت إلى غرفة منزوية في الدار .. فإن ظهر هذا البيت إلى مكان كذا وكذا من الطريق ..
فإذا أمسيتم .. فانقبوا الجدار من الخارج على هذا البيت .. فإذا دخلتم فليس من دون قتله شيء ..
وإني سأضع في البيت سراجاً وسلاحاً ..
فوافقها فيروز على ذلك ..
ثم قام خارجاً من عندها متخفياً ..
وفجأة فإذا الأسود أمامه .. فقال له : ما أدخلك على أهلي ؟
وكان الأسود عنيفاً .. واشتد غضبه .. وهم بقتله .. فصاحت المرأة .. وقالت : ابن عمي .. ابن عمي .. جاءني زائرا ..
فقال : اسكتي .. لا أبا لك .. قد وهبته لك ..
فخرج فيروز على أصحابه فقال : النجاء .. النجاء .. وأخبرهم الخبر .. وأن الأسود اطلع عليه .. وشك في أمرهم ..
فحاروا ماذا يصنعون ..
فبعثت المرأة إليهم .. تشجعهم .. وتقول لهم :
لا تنثنوا عما كنتم عازمين عليه ..
فدخل عليها فيروز .. فاستثبت منها الخبر .. ثم دخل إلى الغرفة التي سينقبون جدارها .. وجعل ينقب الجدار من الداخل ليسهل عليهم العمل ليلاً ..
ثم أقبل إلى غرفة زوجة الأسود .. فجلس عندها كالزائر لها ..
فدخل الأسود فقال : وما هذا ؟
فقالت : إنه أخي من الرضاعة .. وهو ابن عمي .. فنهره الأسود وأخرجه ..
فرجع فيروز إلى أصحابه ..
فلما كان الليل .. نقبوا جدار ذلك البيت من الخارج .. فدخلوا .. فوجدوا فيه سراجاً تحت قدر مقلوب ..
فأخذوه .. وأخذوا السلاح .. ولم يشعر بهم أحد ..
ثم تقدم فيروز .. ودخل على الأسود .. فإذا الأسود نائم على فراش من حرير .. قد غرق رأسه في جسده .. وهو سكران يغط .. والمرأة جالسة عنده ..
فعاجله ودق عنقه بالسيف .. وأقبل أصحاب فيروز فساعدوه .. وجعل الأسود يخور ويصيح ..
فأقبل الحرس مسرعين إلى غرفة نومه ..
فقالوا : ما هذا ؟ ما هذا ؟!!
فخرجت إليهم المرأة وقالت : النبي يوحي إليه !!
فرجعوا ..
وصدقوا أنهم نبيهم يوحى إليه ..!! فلا ينبغي قطع الوحي عليه ..
وفي الصباح خرج فيروز مع أصحابه .. وألقوا رأس الأسود إلى الناس .. وجعلوا يؤذنون قائلين :
اشهد أن محمداً رسول الله .. اشهد أن محمداً رسول الله ..
وانطفأت فتنة الأسود العنسي بقتله ..
هذا ما حدث في اليمن .. في صنعاء ..
أما في المدينة .. فقد أتى الخبر إلى النبي r من السماء في الليلة نفسها ..
فلما جلس مع أصحابه .. قال :
قتل العنسي البارحة .. قتله رجل مبارك .. من أهل بيت مباركين ..
قيل : ومن ؟
قال : فيروز .. فيروز ..
وبعدها بثلاثة أيام .. توفي النبي r ..
فهذا أيضاً من أعلام نبوته r أنه تكشف له بعض المغيبات الواقعة في بلاد بعيدة ..
* * * * * *

نور 05-21-2011 07:41 PM

رد: قم فأنذر .. أم لم يعرفوا رسولهم
 
وعليك السلام .. خبيب ..!!
قدم على رسول الله r بعد معركة أحد قوم من قبيلتي عضل والقارة .. فقالوا :
يا رسول الله .. إن فينا إسلاماً .. فابعث معنا نفراً من أصحابك ..
يفقهوننا في الدين ..
ويقرئوننا القرآن ..
ويعلموننا شرائع الإسلام ..
فبعث رسول الله r معهم نفراً ستة من خيار أصحابه .. وهم :
مرثد بن أبي مرثد الغنوي ..
وخالد بن البكير الليثي ..
وعاصم بن ثابت ..
وخبيب بن عدي ..
وزيد بن الدثنة ..
وعبد الله بن طارق ..رضي الله عنهم ..
فخرجوا مع القوم .. وكانوا يمرون بقبائل كافرة .. ويتخفّون ..
حتى وصلوا إلى موضع اسمه "الرجيع " .. وهو قريب من قبيلة هذيل ..
فسمعت بهم قبيلة هذيل .. فخرج إليهم مائة فارس من هذيل ..
فاقتصوا آثارهم .. حتى أتوا منزلاً نزلوه فوجدوا فيه نوى تمر تزودوه من المدينة ..
فقالوا : هذا تمر يثرب ..
فتبعوا آثارهم حتى لحقوهم ..
فلما أدركوهم .. هجموا عليهم .. فلجأ الصحابة إلى هضبة ..
فأقبل القوم فأحاطوا بهم .. وحاولوا الصعود إليهم .. فلم يقدروا ..
فقالوا للصحابة : لكم العهد والميثاق .. إن نزلتم إلينا ألا نقتل منكم رجلاً ..
فقال عاصم : أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر ..
ثم رفع بصره إلى السماء وقال : اللهم أخبر عنا رسولك r ..
فثار الهذليون .. وقاتلوا الصحابة وجعلوا يرمونهم بالنبل .. حتى قتلوا عاصماً وأصحابه ..
وبقي خبيب بن عدي .. وزيد بن الدثنة .. وعبد الله بن طارق ..
فناداهم القوم .. وأعطوهم العهد والميثاق .. فاستسلموا لهم ..
فنزل الصحابة إليهم ..
فلما استمكنوا منهم .. حلوا أوتار قسيهم .. فربطوهم بها ..
فقال عبد الله بن طارق : هذا أول الغدر .. وأطلق يده من الرباط .. وأخذ سيفه .. وتأخر عنهم .. ورفع السيف .. وكان شجاعاً قوياً .. فلم يجرؤوا على الاقتراب منه .. فأخذوا يرمونه بالحجارة .. حتى مات t ..
وانطلقوا بخبيب .. وزيد .. حتى باعوهما بمكة ..
فاشترى خبيباً بنو الحارث بن عامر .. وكان خبيب قد قتل الحارث في معركة بدر ..
وأما زيد .. فابتاعه صفوان بن أمية .. ليقتله عوضاً عن أبيه الذي قتله المسلمون في معركة بدر ..
ودفعه صفوان إلى عبد له اسمه نسطاس .. ليقتله ..
خرج به نسطاس من مكة ليقتله .. واجتمعت قريش .. لتراه .. فيهم أبو سفيان بن حرب ..
فقال له أبو سفيان - حين رأى زيداً مربوطاً ليقتل - : أنشدك بالله يا زيد : أتحب أن محمدا الآن عندنا .. مكانك نضرب عنقه .. وأنك في أهلك ؟
فقال : والله ما أحب أن محمداً الآن في مكانه الذي هو فيه .. تصيبه شوكة تؤذيه .. وأني جالس في أهلي ..
فقال أبو سفيان : ما رأيت من الناس أحداً يحب أحداً .. كحب أصحاب محمد محمداً ( r ) ..
ثم قتله نسطاس ..
فرضي الله عن زيد ..
وأما خبيب بن عدي .. فحبسوه أياماً .. فرأوا منه عجباً !!
قالت ماوية وهي جارية عندهم : حبسوا خبيباً في بيتي .. فلقد اطلعت عليه يوماً .. وإن في يده عنقوداً من عنب كبير مثل رأس الرجل .. يأكل منه ..!! وما أعلم في وقته في أرض الله عنباً يؤكل ..
وقال لي حين أجمعوا على قتله : ابعثي إلي بحديدة ( سكين أو موسى ) أتطهر بها قبل القتل .. أراد أن يزيل بها بعض الشعر من جسده ..
قالت : فناولت غلاماً لي سكيناً حادة .. فقلت له : أدخل بها على هذا الرجل البيت فأعطه إياها ..
فلما ذهب الغلام .. ندمت وقلت : ماذا صنعت !! أصاب والله الرجل ثأره .. يقتل هذا الغلام فيكون رجلاً برجل ..
فلما ناوله السكين .. أخذها من يده .. ثم قال :
لعمرك ما خافت أمك غدري حين بعثتك بهذه الحديدة إلي .. ثم خلى سبيله ..
ثم خرجوا بخبيب ليصلبوه ..
فلما عاين الموت .. قال لهم : إن رأيتم أن تدعوني حتى أركع ركعتين ..
قالوا : دونك فاركع .. فركع ركعتين أتمهما وأحسنهما ..
ثم أقبل على القوم فقال : أما والله لولا أن تظنوا أني إنما طولت جزعاً من القتل لاستكثرت من الصلاة ..
فكان خبيب t أول من سن للمسلمين هاتين الركعتين عند القتل ..
ثم رفعوه على خشبة .. فلما أوثقوه .. رفع بصره إلى السماء وقال :
اللهم إنا قد بلغنا رسالة رسولك .. فبلغه الغداة ما يصنع بنا ..
ثم دعا عليهم فقال :
اللهم أحصهم عدداً .. واقتلهم بدداً .. ولا تغادر منهم أحداً ..
ثم قال :
ولست أبالي حين اقتل مسلما * على أي شق كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ * يبارك على أوصال شلو ممزع
ثم قتلوه ..
هذا ما حدث في مكة ..
وعلى بعد أكثر من أربعمائة كيل .. في المدينة .. وفي اللحظة نفسها التي استشهد فيها خبيب ..
كان التأثر بادياًً على رسول الله r وهو بين أصحابه .. وهو يهم أن يخبرهم بخبر إخوانهم الذين أرسلهم دعاة .. فإذا هم شهداء .. فقال r :
وعليك السلام خبيب .. وعليك السلام ..
ثم قال : خبيب .. قتلته قريش ..
* * * * * *
إخباره r فتنة عثمان t ..
كان أبو موسى الأشعري t شديد المحبة للنبي r ..
توضأ في بيته يوماً ثم خرج متوجهاً إلى رسول الله r ..
عازماً على ملازمة النبي r ذلك اليوم .. وخدمته ..
توجه أبو موسى إلى المسجد .. فسأل عن النبي عليه الصلاة والسلام .. فقالوا : خرج .. ووجّه ها هنا ..
فخرج أبو موسى على إثره .. يسأل عنه .. حتى دخل بستاناً .. فإذا رسول الله r قد قضى حاجته وتوضأ ..
ثم جاء r فجلس على حافة البئر ..
وكشف عن ساقيه .. ودلاهما في البئر ..
سلم عليه أبو موسى .. ثم انصرف فجلس عند الباب .. وقالت : لأكونن بواب رسول الله r اليوم ..
وبعد وقت يسير .. جاء أبو بكر t فدفع الباب ..
قالت أبو موسى : من هذا ؟
قال : أبو بكر ..
قالت : على رسلك .. ثم ذهب .. فقال : يا رسول الله .. هذا أبو بكر يستأذن ..
فقال r : ائذن له .. وبشره بالجنة ..
فأقبل أبو موسى فقال لأبي بكر : ادخل .. ورسول الله r يبشرك بالجنة ..
فدخل أبو بكر مستبشراً .. وجلس عن يمين رسول الله r .. ودلى رجليه في البئر كما صنع النبي r .. وكشف عن ساقيه ..
وأخذا يتحدثان ..
فرجع أبو موسى .. فجلس ..
وهو يتمنى أن يأتي أخوه لعله أن يدخل في الرحمة .. فيبشر بالجنة ..
ويقول في نفسه : قد تركت أخي يتوضأ .. ويلحقني .. فإن يرد الله به خيراً يأت به ..
فبنما هو كذلك .. فإذا إنسان يحرك الباب ..
قال : من هذا ؟
قال : عمر بن الخطاب ..
قال :على رسلك ..
فمضى أبو موسى إلى رسول الله r .. فسلم عليه .. فقال : هذا عمر بن الخطاب يستأذن ..
فقال r : ائذن له .. وبشره بالجنة ..
فرجع إلى الباب .. وفتحه .. وقال : ادخل .. وبشرك رسول الله r بالجنة ..
فدخل ..
وجلس مع رسول الله r على حافة البئر عن يساره .. ودلى رجليه في البئر ..
فرجع أبو موسى إلى الباب .. وذهنه مشغول بأمر أخيه ..
وقال في نفسه : إن يرد الله بفلان خيراً .. يأت به ..
فبنما هو كذلك .. إذ جاء إنسان يحرك الباب ..
فقال : من هذا ؟
فقال : عثمان بن عفان ..
قال : على رسلك ..
فذهب إلى رسول الله r فأخبره ..
فأجابه r كما أجاب عن أبي بكر وعمر .. حيث قال : ائذن له .. وبشره بالجنة ..
لكنه r زاد كلمة عن عثمان فقال : وبشره بالجنة على بلوى تصيبه ..
نعم .. على بلوى تصيبه ..
وكأنه عليه الصلاة والسلام يعني الفتنة التي وقعت في آخر عهد عثمان t .. والتي كانت سبباً في مقتله واستشهاده t ..
وإذا بالنبي r يخبر عثمان بأمر سيقع له بعد أكثر من عشرين سنة ..
رجع أبو موسى إلى عثمان .. وهو يحمل له بشرى .. وتهديد ..
فقال له : ادخل .. وبشرك رسول الله r بالجنة .. على بلوى تصيبك ..
ترددت عبارة : على بلوى تصيبك .. في ذهن عثمان مراراً .. فقال بكل يقين :
الله المستعان ..
ثم دخل عثمان .. فجلس على حافة البئر .. مواجهاً للنبي r وأبي بكر وعمر ..
وتمر السنين .. ويتولى أبو بكر .. ثم يموت ويمضي إلى الجنة ..
ثم يتولى عمر .. ثم يقتل وهو يصلي الفجر ويمضي إلى الجنة ..
ثم يتولى عثمان .. فتقع الفتن عليه .. والبلايا في آخر حياته .. ويتعب .. ويتألم .. وفي آخر الأمر يقتل وهو يقرأ القرآن .. ويمضي إلى الجنة ..
* * * * * *

نور 05-21-2011 07:42 PM

رد: قم فأنذر .. أم لم يعرفوا رسولهم
 
نبأني العليم الخبير ..
قال ابن عمر t :
كنت جالساً مع النبي r في مسجد منى ..
فأتاه رجل من الأنصار .. ورجل من قبيلة ثقيف .. فسلما .. ثم قالا :
يا رسول الله .. جئنا نسألك ..
فقال r : إن شئتما أن أخبركما بما جئتما تسألاني عنه فعلت .. وإن شئتما أن أمسك فعلت ..
فقالا : أخبرنا يا رسول الله ..
فقال الثقفي للأنصاري : سل ..
فقال الأنصاري : أخبرني يا رسول الله ..
فقال r : جئتني تسألني عن :
مخرجك من بيتك تؤم البيت الحرام .. وما لك فيه ..؟
وعن ركعتيك بعد الطواف .. وما لك فيهما ..؟
وعن طوافك بين الصفا والمروة .. وما لك فيه ..؟
وعن وقوفك عشية عرفة .. وما لك فيه ..؟
وعن رميك الجمار .. وما لك فيه ..؟
وعن حلقك رأسك .. وما لك فيه ..؟
وعن طوافك بالبيت بعد ذلك .. وما لك فيه .. ؟
مع الإفاضة ..؟
فقال الأنصاري : والذي بعثك بالحق .. لـ عن هذا جئت أسألك ..
فقال r : فإنك :
إذا خرجت من بيتك تؤم البيت الحرام لا تضع ناقتك خفاً ولا ترفعه .. إلا كتب الله لك به حسنة .. ومحا عنك خطيئة ..
وأما ركعتاك بعد الطواف .. كعتق رقبة من بني إسماعيل ..
وأما طوافك بالصفا والمروة بعد ذلك كعتق سبعين رقبة ..
وأما وقوفك عشية عرفة فإن الله تبارك وتعالى يهبط إلى سماء الدنيا فيباهي بكم الملائكة .. يقول : عبادي جاؤوني شعثاً من كل فج عميق .. يرجون جنتي ..
فلو كانت ذنوبهم كعدد الرمل .. أو كقطر المطر .. أو كزبد البحر .. لغفرتها ..
أفيضوا عبادي مغفوراً لكم .. ولمن شفعتم له ..
وأما رميك الجمار .. فلك بكل حصاة رميتها .. كبيرة من الموبقات ..
وأما نحرك .. فمدخوراً لك ..
وأما حلاقك رأسك .. فلك بكل شعرة حلقتها حسنة .. وتمحي عنك بها خطيئة ..
وأما طوافك بالبيت بعد ذلك .. فإنك تطوف ولا ذنب لك ..
يأتي ملك حتى يضع يديه بين كتفيك .. فيقول اعمل فيما يستقبل فقد غفر لك ما مضى .. ([1])
فهذا الخبر أيضاً من آيات نبوته عليه الصلاة والسلام ..
* * * * * *
خبر الناقة !!
خرج r إلى معركة تبوك .. في حر ٍيشوي الوجوه .. وطريق شديد المشقة ..
نزلوا منزلاً .. فأصابهم فيه عطش شديد ..
حتى كادت رقاب بعضهم تنقطع من شدة الحر والعطش ..
حتى إن الرجل لينحر بعيره .. فيعتصر ما في جوفه فيشربه ..
فقال أبو بكر t : يا رسول الله .. إن الله قد عودك في الدعاء خيراً .. فادع الله لنا ..
فقال r : أو تحب ذلك ؟
قال : نعم ..
فرفع r يديه نحو السماء .. فدعا وتضرع والتجأ ..
فلم يخفض يديه حتى سكبت السماء مطرها .. فملئوا ما معهم من قرب وآنية ..
فذهب الصحابة ينظرون حولهم .. فإذا السحابة ما جاوزت موضع عسكرهم ..
وكان معهم رجل منافق .. فالتفت أحد إليه .. وقال :
ويحك يا فلان .. آمن .. هل بعد هذا من شيء ؟!
فقال المنافق : وما العجب ! سحابة مارة فأمطرتنا ..
وفي هذه الغزوة :
ذُكر أن ناقة رسول الله r ضلت ..
فتفرق الصحابة يبحثون عنها ..
فقال رجل من المنافقين : هذا محمد يخبركم أنه نبي .. ويخبركم خبر السماء .. وهو لا يدري أين ناقته !!
فلما بلغ هذا الكلام النبي r .. قال :
إني والله لا أعلم إلا ما علمني الله .. وقد دلني الله عليها .. هي في الوادي قد حبستها شجرة بزمامها ..
فانطلق بعض الصحابة فجاءوا بها ..
ففي هذا الحديث .. استجابة الله تعالى لدعاء نبيه r .. وفيه كشفه لنبيه r شيئاً من المغيبات . وهو موضع ناقته ..
* * * * * *
رحم الله أبا ذر!!..
لما سار رسول الله r إلى تبوك .. كان الطريق شاقاً .. والحر شديداً ..
وجعل بعض الناس يتخلف ..
والنبي r لا يشدد على من تخلف ..
فإذا قيل : يا رسول الله .. تخلف فلان ..
يقول : دعوه .. إن يكُ فيه خير فسيلحقه الله بكم .. وإن يكُ به غير ذلك فقد أراحكم الله منه ..
خرج r وأصحابه .. ومضو يسيرون على الرمال الحارة ..
كان أبو ذر من خيار الصحابة .. وكان على بعير كليل ضعيف .. فتأخر عنهم ..
فتلفت بعض الصحابة فلم ير أبا ذر .. فقال : يا رسول الله تخلف أبو ذر .. وابطأ به بعيره ..
فقال عنه r كما قال عن غيره : دعوه .. إن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم ..وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه ..
أبو ذر .. أتعبه بعيره .. وتعسّر عليه في المشي ..
فلما رأى أبو ذر بعيره قد ابطأ عليه .. نزل .. وأخذ متاعه فحمله على ظهره ..
ثم مضى ماشياً وترك البعير ..
وأسرع ليلحق برسول الله r .. يسير في الحر والشمس .. على قدميه ..
وفي أثناء الطريق .. نزل رسول الله r .. في بعض الطريق ..
فقال بعض المسلمين : يا رسول الله .. هذا رجل ماش على الطريق .. مقبل علينا ..
فنظر النبي r إلى هذا القادم .. الذي يمشي في شدة البحر .. ومتاعه على ظهره .. والغبار يخفيه تارة .. ويظهره تارة .. فقال r : كن أبا ذر ..
فلما تأمله القوم ..
قالوا : يا رسول الله .. هو والله أبو ذر ..
فقال r .. وكأنه ينظر إلى الأفق البعيييييد : يرحم الله أبا ذر .. يمشى وحده .. ويموت وحده .. ويبعث وحده ..
ومضت السنين .. وتوفي النبي r ..
وتولى بعده أبو بكر وعمر t ..
وفي عهد عثمان .. خرج أبو ذر عن المدينة وسكن في الربذة .. في خيمة في الصحراء ..
وسكن مع من تبقى من أهله .. زوجة وغلام ..
فلما كبر وحضرته الوفاة ..
جلست أم ذر عند رأسه .. تبكي ..
فالتفت إليها وقال : ما يبكيك ؟
فقالت : مالي لا أبكي !! وأنت تموت بفلاة من الأرض .. وليس عندي ثوب يَسَعُكَ كفناً ..
قال : فلا تبكي .. وأبشري .. فإني سمعت رسول الله r يقول لنفرٍ أنا فيهم :
"ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض .. يشهده عصابة من المؤمنين "..
وليس من أولئك النفر الذين قال لهم ذلك أحد إلا وقد هلك في قرية جماعة .. وأنا الذي أموت بفلاة ..
ثم قال أبو ذر بكل يقين :
والله ما كَذبتُ .. ولا كُذِبتُ ..
فأبصري الطريق ..
قالت : وأنـَّى !! وقد ذهب الحجاج ! وانقطعت الطرق !
قال : اذهبي فتبصري ..
فمضت المرأة تمشي .. فتصعد الكثيب .. فتنظر في أدنى الطريق وأقصاه فلا ترى أحداً ..
فترجع إليه فتمرضه وتهتم به ..
فإذا اشتد عليه الأمر .. قامت ونظرت في الطريق .. فلا ترى أحداً .. فترجع ..
فبينما هي كذلك .. إذا هي برجال على رحالهم يقبلون من بعيد حتى وقفوا عليها ..
فقالوا : ما لك يا أمة الله ..؟
قالت : امرؤ من المسلمين يموت .. تكفنونه ؟
قالوا : من هو ؟
قالت : أبو ذر ..
قالوا : صاحب رسول الله r ؟
قالت : نعم ..
فتصايحوا .. أبو ذر .. أبو ذر .. ودخلوا الخيمة مسرعين ..
فلما جلسوا عند رأسه .. رحّب بهم .. وقال :
إني سمعت رسول الله r يقول لنفر أنا فيهم : "ليموتن منكم رجل بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين " ..
وليس من أولئك النفر أحد إلا هلك في قرية وجماعة .. وأنا الذي أموت بفلاة ..
أنتم تسمعون ؟
إنه لو كان عندي ثوب يسعني كفناً لي .. أو لامرأتي ..
أنتم تسمعون ؟
إني أشهدكم .. أن لا يكفنني رجل منكم .. كان أميراً أو عريفاً أو بريداً أو نقيباً ..
فنظروا .. فإذا ليس أحد منهم إلا قارف بعض ذلك ..
إلا فتى معهم من الأنصار .. قال :
يا عم .. أنا أكفنك .. لم أصب مما ذكرت شيئاً .. أكفنك في ردائي هذا .. وفي ثوبين معي من غزل أمي حاكتهما لي ..
ثم لما مات وجهزوه .. مر بهم عبد الله بن مسعود .. في أصحاب معه من أهل الكوفة ..
فقال : ما هذا ؟
فقيل : جنازة أبي ذر ..
فاستهل ابن مسعود يبكي .. وقال :
صدق رسول الله r :"يرحم الله أبا ذر .. يمشي وحده .. ويموت وحده .. ويبعث وحده "
ثم نزل ابن مسعود فوليه بنفسه حتى دفنه ..
* * * * * *

( [1] ) رواه البزار والطبراني في الكبير بنحوه

نور 05-21-2011 07:45 PM

رد: قم فأنذر .. أم لم يعرفوا رسولهم
 
عجب الله من صنيعكما!
جاء رجل إلى رسول الله r .. فقال :
إني مجهود ..
كان الجوع ظاهراً على محيا الرجل ..
فأرسل النبي r إلى بعض نسائه يسألها إن كان عندها طعام .. فقالت :
والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء ..
ثم أرسل r إلى زوجته الأخرى .. يسألها .. هل يوجد عندها شيء ؟ أي شي .. خبز .. تمر .. لبن ..
فقالت مثل ما قالت الأولى : والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء ..
فأرسل إلى الأخرى .. والأخرى .. حتى قلن كلهن مثل ذلك : ما عندهن إلا ماء ..
فالتفت r إلى أصحابه .. فقال :
من يضيف هذا الليلة .. رحمه الله ..
كان أكثر الصحابة حالهم كحاله r .. إن وجدوا غداء لم يجدوا عشاء .. وإن وجدوا عشاء لم يجدوا فطوراً ..
فسكت الصحابة ..
والرجل ينتظر ضيافته .. فهو ضيف نبيهم عليه الصلاة والسلام ..
فقام رجل من الأنصار .. فقال : أنا يا رسول الله ..
ثم انطلق الأنصاري بالرجل إلى بيته ..
دخلا ..
فقال لامرأته : هل عندك شيء ؟
قالت : لا .. إلا قوت صبياني ..
ليس في البيت إلا عشاء الصبيان تلك الليلة .. ولعله وجبتهم الوحيدة ذلك اليوم .. وهو مع ذلك قليل ..
كان الموقف عصيباً .. لكنه موقف رجولي في الوقت نفسه ..
فقال الرجل : علليهم بشيء .. أي أشغليهم حتى يناموا .. من غير عشاء ..
فإذا جلس ضيفنا على الطعام .. فقومي إلى السراج كأنك تصلحيه .. فأطفئيه .. وأريه أنا نأكل معه ..
وهكذا كان .. قعدوا مع الضيف في الظلام .. الرجل وامرأته يمضغان ألسنتهما .. والضيف يأكل الطعام ..
وانتهت الوليمة .. وخرج ضيف رسول الله r ريان شبعان ..
فلما أصبح الرجل الأنصاري .. غدا على النبي r ..
فلما رآه r قال :
قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة ..
وإذا خبر السماء قد كشف له الحال .. ([1])
* * * * * *
أو لننزعن الثياب !!
حاطب بن أبي بلتعة t .. من خيار المهاجرين ..
ترك أهله .. وماله .. وولده .. في مكة .. وخرج مهاجراً في سبيل الله ..
كان من خيار المجاهدين .. بل ممن جاهد في أول لقاء بين الإسلام والكفر .. في معركة بدر ..
كان كثير التفكير في ولده وأهله الذين في مكة .. بين ظهراني المشركين .. لا حامي لهم من الناس .. ولا نصير ..
ولم يكن حاطب من قبيلة قريش نفسها .. بل كان حليفاً لهم .. ساكناً في ديارهم .. وليس منهم ..
أما بقية المهاجرين ممن تركوا أهليهم وأولادهم في مكة .. فلهم أقارب يحمون أهليهم .. ويدافعون عنهم ..
فكان حاطب يفكر دائماً في طريقة أو خدمة يقدمها لقريش .. ليكتسب عندهم مكانة .. فلا يتعرضون لأهله وولده ..
مرت السنين ..
وكتب النبي عليه الصلاة والسلام عهد صلح الحديبية مع قريش ..
فلم تلبث قريش أن نقضت العهد .. فعزم r على فتح مكة ..
فأمر المسلمين بالتجهز لغزوهم .. وكان r حريصاً على أن لا تعلم قريش بخبره .. حتى لا تستعد فتقع مقتلة عظيمة بين الجيشين ..
فدعا r ربه فقال :" اللهم عم عليهم خبرنا" ..
ومضت أيام يسيرة .. والخبر مكتوم ..
فشغر حاطب أنها الفرصة .. لاكتساب معروف على قريش ..
فكتب كتاباً إلى قريش يخبرهم فيه بغزو النبي r لهم ..
وناوله لامرأة قرشية كانت في المدينة .. وأمرها أن تذهب به لأهل مكة ..
فما كادت المرأة تفارق المدينة .. حتى أطلع الله رسوله r على الخبر ..
كان لا بد من تدارك أمر الكتاب قبل أن يصل إلى قريش ..
فبعث r في إثر المرأة علياً والزبير والمقداد .. ثلاثة أسود .. وأخبرهم عن الموقع الذي وصلت إليه المرأة تحديداً ..
فقال :"انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ .. فإن بها ظعينة – امرأة على بعير - معها كتاب " ..
مضى الأبطال الثلاثة حتى وقفوا على المرأة ..
فقالوا : أخرجي الكتاب الذي معك ..
قالت : ما معي كتاب ..
ففتشوا رحلها .. وجميع ما معها .. فلم يجدوا شيئاً ..
فقال علي : والله .. ما كَذَبنا .. ولا كُذِبنا ..
والله لتخرجن الكتاب .. أو لتلقين الثياب ..
وقد علم علي أنها تخبئ الكتاب في موضع تظن أنهم لن يفتشوه ..
فلما رأت المرأة أنه حازم .. علمت أنه لا مفر من الاعتراف ..
فقالت : تأخروا عني ..
فتأخروا .. فحلت المرأة خمارها عن رأسها .. وأخرجت الرسالة من عقاصها .. من بين ظفائر شعرها ..
فأخذ الصحابة الكتاب ..
فأتوا به رسول الله r ..
فتح النبي r الكتاب .. فإذا فيه :
من حاطب بن أبي بلتعة .. إلى أناس من المشركين بمكة .. يخبرهم ببعض أمر رسول الله r ..
كان حاطب حاضراً في المجلس ..
والكتاب يقرأ على النبي r .. والصحابة يسمعون ..
عجباً!! حاطب يخبر الكفار بغزو النبي r لهم !!
أول مرة يقع ذلك بين المسلمين ..
التفت r .. إلى حاطب فقال : يا حاطب ما هذا ؟
توجهت الأنظار إلى حاطب .. كادت الأعين تأكله ..
فقال حاطب :
يا رسول الله .. لا تعجل عليّ ..
إني كنت امرأً ملصقاً في قريش .. ولم أكن من أنفسهم ..
وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم بمكة ..
فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن اتخذ عندهم يداً يحمون بها قرابتي ..
يا رسول الله ..
والله ما فعلت ذلك كفراً ..
ولا ارتداداً عن ديني ..
ولا رضا بالكفر بعد الإسلام ..
ثم سكت حاطب ..
وسكت رسول الله r ..
والناس مطرقون كأن على رؤوسهم الطير ..
فحسم النبي r الموقف .. بكلمتين .. قال : إنه صدقكم ..
لم يتحمل عمر t الموقف .. فقال : يا رسول الله .. دعني أضرب عنق هذا المنافق ..
فقال رسول الله r : "إنه قد شهد بدراً .. وما يدريك لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال :
اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ".
فأنزل الله تعالى قوله ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ .. ﴾ ..([2]) ..
فمن أخبر النبي r بما فعل حاطب .. ؟
ومن دله على الموضع الذي وصلت إليه المرأة تحديداً ؟!
إنه العليم الخبير .. تأييداً وإعجازاً ..
* * * * * *
أخوكم النجاشي .. مات!!
كان النجاشي ملك الحبشة .. رجلاً صالحاً ..
ناصر المؤمنين ..
لم يقدّر للنجاشي أن يرى النبي r .. في الدنيا .. لكنه سيراه في الآخرة .. بإذن الله ..
مات النجاشي .. في الحبشة بين قومه النصارى ..
وفي اليوم نفسه .. في المدينة خرج r على أصحابه وقال :
قد مات اليوم عبدُ الله الصالحُ أصحمة ..
فخرج إلى المصلى وكبر أربع تكبيرات .. ([3])
* * * * * *
تسألني .. أم أخبرك ؟!
قال وابصة الأسدي t ..
أتيت رسول الله r .. وأنا أريد أن لا أدع شيئاً من البر والإثم إلا سألت عنه ..
أتيته وهو في عصابة من المسلمين يستفتونه .. فجعلت أتخطاهم ..
فقالوا : إليك يا وابصة عن رسول الله ..
فقلت : دعوني أدنو منه .. فإنه أحب الناس إلي أن أدنو منه ..
فقال r : دعوا وابصة .. ادنُ يا وابصة! ادنُ يا وابصة! ..
فدنوت منه حتى قعدت بين يديه ..
فقال : يا وابصة أخبرك أم تسألني ؟..
فقلت : لا.. بل أخبرني ..
فقال r : جئت تسأل عن البر والإثم ..
فقلت : نعم ..
فجمع أنامله فجعل ينكت بهن صدري .. ويقول :
يا وابصة استفت قلبك واستفت نفسك ..
يا وابصة استفت قلبك واستفت نفسك ..
يا وابصة استفت قلبك واستفت نفسك ..
البر ما اطمأنت إليه النفس ..
والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر .. وإن أفتاك الناس وأفتوك ) .. ([4])
* * * * * *
بل أنا أقتله ..
عدد من الكفار كانوا يتهددون النبي r .. بالقتل والأذى .. والله تعالى يعصمه منهم ..
من بين هؤلاء .. أبُـَيّ بن خلف ..
كان كافراً فاجراً .. له فرس يعلفها أحسن الطعام .. ويقول : اقتل محمداً عليها ..
وأعد سيفاً حاداً زعم أنه سيقتل به النبي عليه الصلاة والسلام ..
كان النبي r في المدينة .. فلما بلغته تهديدات أبُـَيّ بن خلف .. قال عليه الصلاة والسلام :
بل أنا أقتله إن شاء الله عز وجل ..
ومضت السنين ..
وفي نهاية معركة أحد .. أقبل أُبـيُّ مقنَّعاً .. مغطياً جسده بالحديد .. وهو يقول :
لا نجوت إن نجا محمد ..
ثم هجم مقبلاً على النبي r ..
فاستقبله مصعب بن عمير .. يحمي رسول الله r بنفسه .. فقتل مصعب بن عمير ..
فالتقط النبي r حربة من يد أحد أصحابه .. ونظر إلى أبُـَيّ .. فإذا في رقبته موضع قد انحسر عنه الحديد ..
فطعنه فيها بحربته ..
كان الموضع المنكشف صغيراً .. والحديد كثير .. فلم تدخل الحربة كلها .. لكنها جرحته في رقبته ..
فصاح أبُـَيّ صيحة عظيمة .. ووقع عن فرسه .. ولم يخرج من طعنته دم ..
فأتاه أصحابه فاحتملوه وهو يخور خوار الثور ..
فلما رأوا رعبه وجزعه .. قالوا :
الله !! ماااا أجزعك !! إنما هو خدش ..
فقال أبُـَيّ : إن محمداً قد إنه يقتلني .. ووالذي نفسي بيده لو كان هذا الذي بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعون ..
ثم لم يلبث أبُـَيّ أن مات .. ومضى إلى النار .. ([5])
* * * * * *
إخباره بهبوب ريح شديدة
خرج r مع أصحابه يقودهم إلى تبوك ..
فلما وصلوا إلى تبوك .. قال r :
ستهب عليكم الليلة ريح شديدة .. فلا يقم فيها أحد ..
فمن كان له بعير فليشدَّ عقاله ..
فهبت تلك الليلة ريح شديدة ..
فقام رجل من القوم .. فحملته الريح حتى ألقته بجبل طيء في بلدة حائل .. ([6])
* * * * * *
إخباره بظهور الفواحش والأمراض
قال r : ( ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها .. إلا ابتلوا بالطواعين .. والأوجاع .. التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا ) .
فظهور الفواحش الآن منتشر في المجتمعات المنحلة أخلاقياً ودينياً .. حتى خرجوا من دائرة السرية إلى دائرة العلنية ..
فتحقق قوله r ( حتى يعلنوا بها ) .. ومن ثم أصابهم الوعيد ..
فظهرت فيهم الأمراض الجديدة التي لم تكن معروفة من قبل .. الإيدز .. الهربس .. السيلان .. الزهري ..
فمرض الإيدز مثلاً اكتُشِف عام ( 1981م ) و ( الفيروس ) المسبب له لم يكتشف إلا عام 1983م وهو نوع جديد من الفيروسات لم يكن معروفاً من قبل ..
وكذلك غيره من هذه الأمراض ..
وصدق من لا ينطق عن الهوى ..
* * * * * *
إخباره عن غزاة البحر إلى قبرص.
كان رسول الله r يدخل على عمته أم حرام بنت ملحان .. فيزورها ويطعم عندها ..
وكان زوجها عبادة بن الصامت .. يفرح بلقاء النبي r ..
دخل عليها r يوماً فأكل عندها طعاماً ..
ثم اضطجع r في بيتها فغلبته عينه .. ونام ..
ثم استيقظ وهو يضحك ..
قالت : ما يضحكك يا رسول الله ؟
فقال : ناس من أمتي عرضوا علي غُزاة في سبيل الله يركبون البحر .. ملوكاً على الأسرة .. أو مثل الملوك على الأسرة ..
ملوك على الأسرة !! اشتاقت أم ملحان أن تكون من هؤلاء ... فقالت :
يا رسول الله! ادع الله أن يجعلني منهم .. فدعا لها r أن تكون منهم ..
ثم وضع رأسه فنام ..
ثم استيقظ وهو يضحك ..
قالت : ما يضحكك يا رسول الله ؟
قال : ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله -كما قال في الأولى- ..
فقالت أم ملحان : يا رسول الله! ادع الله أن يجعلني منهم ..
فقال r : أنت من الأولين ..
ومضت السنين .. وتوفي النبي عليه الصلاة والسلام ..
وتولى من بعده الخلفاء الأربعة الراشدون ..
ثم لما كان عهد معاوية t .. ركبت أم حرام بنت ملحان t البحر .. فلما خرجت من السفينة وركبت دابتها .. صرعت عن دابتها فماتت t ) ([7]) .
* * * * * *
الإخبار عن مدعي النبوة:
أخبر r عن أمور مستقبلية .. كلها وقعت كما أخبر عليه الصلاة والسلام ..
من ذلك :
قوله r : ( إن بين يدي الساعة ثلاثين كذاباً دجالاً .. كلهم يزعم أنه نبي ) ..
وقال : (لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا ً) ..
وقد خرج عدد من هؤلاء .. منهم : مسيلمة .. والعنسي .. والمختار ..
ووجد من النساء من ادعين النبوة مثل سجاح .
* * * * * *
وقفة ..
هذا هو النوع الأول من معجزاته r ..
وهو بلا شك من إخبار الله تعالى له .. وإلا فنحن نعلم أن الغيب لا يعلمه إلا الله ..
كما قال تعالى : ] عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً [ ..
ولقد أمر الله نبيه أن يخبرنا بأنه لا يعلم الغيب ..
فقال تعالى : ] قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [ ..
وعِلْمُ رسول الله تعالى لشيء من الغيب هو من آيات نبوته ..
ولا يجوز لأحد كائناً من كان أن يدعي أنه يكشف له الغيب .. بل ولا يجوز تصديق من يدعون ذلك .. أو سؤالُهم ..

* * * * * *


( [1] ) رواه مسلم
( [2] ) رواه البخاري
( [3] ) رواه البخاري

( [4] ) رواه البيهقي وأحمد بإسناد صحيح ..
( [5] ) أخرجه موسى بن عقبة في مغازيه ..
( [6] ) بلدة حائل بينها وبين تبوك أكثر من 500كم .

( [7] )رواه البخاري ومسلم.

نور 05-21-2011 07:47 PM

رد: قم فأنذر .. أم لم يعرفوا رسولهم
 
النوع الثاني : معجزاته الكونية :

انشقاق القمر
دعا النبي r الكفار بكل سبيل ..
وهم يكذبون ويبحثون عن حجج وأعذار ..
حتى قالوا له يوماً : شق لنا القمر ..!!
فدعا النبي r ربه .. ودعا ..
وفجأة .. انشق القمر نصفين !!
قال ابن مسعود t :
رأيت القمر منشقاً شقتين بمكة .. قبل مخرج النبي rمنها .. شِقة على جبل أبي قبيس .. وشقة على السويداء .. ([1])
رأى الكفار ذلك .. فشدهت أبصارهم ..
لكن غلبهم شيطانهم وقالوا : هذا سحر سحركم به ..
ثم لأجل أن يخرجوا من حرج الموقف .. قالوا : انظروا المسافرين القادمين ..
فإن كانوا وهم في ديارهم رأوا مثل ما رأيتم .. فقد صدق ..
وإن لم يكونوا رأوا مثل ما رأيتم .. فهو سحر ..
فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم ..
فلما وصل أول المسافرين إلى مكة .. سألتهم قريش : هل رأيتم القمر منشقاً ..
قالوا : نعم .. ليلة كذا وكذا ..
ثم وصل بقية المسافرين .. وكلهم يجيبون الجواب نفسه ..
فكذبت قريش واستكبرت وقالت : هذا قد سحر الناس كلهم ..
وأنزل الله تعالى خبر هذه المعجزة في كتابه ..
فقال تعالى : ] اقتربت الساعة وانشق القمر * وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر * وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر * ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر * حكمة بالغة فما تغن النذر * فتولَّ عنهم يوم يدع الداع إلى شيء نكر * خشعاً أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر[ ..
والعجب أن الأبحاث العلمية المنشورة اليوم .. المتخصصة في دراسات حول القمر .. أثبتت وجود شق يقطع القمر نصفين .. وكأنه أصابه في ما مضى انشقاق ..
* * * * * * * * * *
أشار للسماء فأطاعته
ومن تأثيره r .. أنه أشار إلى السماء فأطاعته بإذن الله ..
ففي فترة من عهد النبوة المبارك .. تقلص المطر .. وأجدبت الأرض .. وماتت الزروع ..
فبينما هو r يخطب الناس على منبره يوم الجمعة ..
إذ دخل رجل المسجد .. ورسول الله r قائماً يخطب ..
فاستقبل رسول الله r قائماً .. ولم ينتظر .. بل قطع الخطبة .. وصاح بأعلى صوته .. قال :
يا رسول الله .. هلكت الأموال .. وانقطعت السبل .. فادع الله يغيثنا ..
كان الرجل يتكلم من حرقة أصابته .. وهو يرى أولاده جوعى .. وأغنامه هلكى ..
السبل تقطعت .. والأرض أجدبت .. والأموال نفدت ..
كان رسول الله r يعيش هموم أصحابه ..
فلم يتأخر .. وإنما رفع يديه إلى السماء .. ودعا .. وتضرع والتجا .. وقال :
اللهم اسقنا .. اللهم اسقنا .. اللهم اسقنا ..
كان أنس t حاضراً بين المصلين .. فلما رأى النبي r يبتهل ويستسقي .. رفع بصره ينظر إلى السماء ..
قال أنس :
فلا والله .. ما نرى في السماء من سحاب ولا من قزعة ..
وإن السماء لمثل الزجاجة .. وما بيننا وبين سلع من دار ..
فوالذي نفسي بيده .. ما وضع يديه حتى ثار السحاب أمثال الجبال ..
ثم لم ينزل رسول الله r عن منبره .. حتى رأيت المطر يتحادر عن لحيته ..!!
وأمطرت السماء .. سبعة أيام متواصلة ..
حتى رويت الأرض .. وشبعت الأنعام ..
وفي الجمعة الأخرى .. قام r يخطب الناس على منبره المبارك ..
وفجأة فإذا الرجل نفسه .. أو غيره ..
يدخل من ذلك الباب نفسه ..
ورسول الله r قائم يخطب .. فاستقبله قائماً .. فقال :
يا رسول الله .. هلكت الأموال .. وانقطعت السبل .. فادع الله يمسكها عنا ..
فرفع رسول الله r يديه .. ثم قال :
اللهم حوالينا ولا علينا .. اللهم على الآكام .. والظراب .. وبطون الأودية .. ومنابت الشجر ..
ثم جعل r يشير بيده إلى نواحي السحاب في السماء ..
قال أنس :
فما يشير r بيده إلى ناحية إلا تفرجت ..
حتى رأيت المدينة في مثل الجوبة .. أي صارت المياه حولها .. وهي كالجزيرة ..
وسال وادي قناة شهراً .. ولم يجيء أحد من ناحية .. إلا أخبر بجود ومطر .. أي كل من وصل إلى المدينة من سفر أخبرهم بكثرة الأمطار حولها ..
وهذا من بركة دعائه r ( حوالينا ولا علينا ) .. ([2])
ولا شك أن تأثيره r في السحاب .. هو من القدرة التي مكن الله تعالى نبيه r منها ..
وتصرفه r فيما حوله .. هو بإذن الله ومشيئته ..
كما كان عيسى عليه السلام .. يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله ..
وإلا فلو شاء الله تعالى لما مكن أحداً من البشر لا نبياً ولا غيره من فعل هذه الأشياء ..
ولكنه عز وجل يمكنهم منها .. لحكمة يريدها ..

* * * * * * * * * *


( [1] ) رواه البخاري

( [2] ) رواه البخاري ومسلم

نور 05-21-2011 07:48 PM

رد: قم فأنذر .. أم لم يعرفوا رسولهم
 
النوع الثالث من معجزاته : تصرفه في الحيوان ..

قصة الجمل الهائج
رجع رسول الله r مع أصحابه من سفر ..
فأقبلوا على بستان لأحد الأنصار من بني النجار ..
فلما أراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يدخله .. قيل له :
يا رسول الله .. إن في البستان جملاً .. لا يدخل أحد إلا شد عليه ..
فمشى r .. حتى أتى الحائط فدخل ..
فإذا البعير هائج في زاوية من البستان ..
فلما رأى النبي r البعير .. دعاه إليه ..
فجاء الجمل يمشي بكل خضوع .. واضعاً مشفره إلى الأرض ..
حتى برك بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام ..
فقال r : هاتوا خطامه .. أي رباطه ليربطه ..
فأتوه به .. فربطه .. وخطمه ..
ثم دفعه - بكل هدوء - إلى صاحبه ..
ثم التفت r إلى الناس فقال :
إنه ليس شيء بين السماء والأرض .. إلا يعلم أني رسول الله .. إلا عاصي الجن والإنس .. ([1]) ..
* * * * * *
أم معبد ..
لما ضيقت قريش على المؤمنين في مكة .. جعلوا يهاجرون منها إلى غيرها ..
ثم عزم r على الهجرة ..
وخرج ليلة هاجر من مكة إلى المدينة هو وأبو بكر ..
معهما عامر ابن فهيرة مولى أبي بكر ..
ودليلهم على الطريق عبد الله بن أريقط الليثي ..
كانت قريش قد جعلت الجوائز لمن يقبض عليهم .. وصار الناس يطلبونهم .. ويلتمسونهم في كل مكان ..
في أثناء الطريق .. فنيت أزوادهم ..
فمروا بخيمتين لامرأة من الأعراب اسمها أم معبد الخزاعية ..
وكانت أم معبد امرأة جريئة .. تجلس خارج خيمتها .. عند الباب .. وربما أسقت من يمر بها ماء .. أو أطعمته شيئاً إن كان عندها ..
فلما رآها النبي r .. ومن معه .. سألوها :
هل عندها لحم .. أو لبن .. يشترونه منها ..
فلم يكن عندها شيئ من ذلك ..
فاعتذرت وقالت : لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القرى ..
فنظر النبي r حولها .. فإذا القوم – فعلاً - مرملون .. مسنتون .. أرضهم مجدبة .. وأنعامهم هزيلة ..
كان r وأصحابه قد اشتد عليهم الجوع ..
فلمح r في طرف بيتها شاة هزيلة ..
فقال : ما هذه الشاة يا أم معبد ؟!
فقالت : شاة خلفها الجهد عن الغنم ..
قال : فهل بها من لبن ؟
قالت : هي أجهد من ذلك ..
قال : تأذنين لي أن أحلبها ؟
قالت : إن كان بها حلب .. فاحلبها ..
فدعا رسول الله r بالشاة فمسحها .. وذكر اسم الله .. ومسح ضرعها .. وذكر اسم الله ..
ودعا بإناء كبير ..
وفجأة فإذا بالشاة .. يكبر ضرعها .. ويمتلأ حليباً .. وتباعد رجليها عن بعضهما استعداداً للحلب ..
فحلب r في الإناء حتى ملأه ..
وسقى أم معبد .. وسقى أصحابه .. فشربوا .. حتى شبعوا ..
ثم شرب هو r ..
ثم حلب في الإناء ثانياً حتى ملأه ..
وتركه عند أم معبد .. وخرج مع أصحابه ..
فما لبثت أم معبد أن جاء زوجها أبو معبد يسوق غنماً هزالاً عجافاً .. لا طعام ولا مرعى ..
فلما رأى اللبن .. تعجب !!.. وقال :
من أين هذا اللبن .. يا أم معبد ؟ ولا حلوبة في البيت ! والشاة عازب !
فقالت : لا .. والله إنه مر بنا رجل مبارك .. وحدث معه .. كذا وكذا ..
فعجب أبو معبد .. وقال : صفيه لي .. فوالله إني لأراه صاحب قريش الذي تطلب ..
فقالت أم معبد : رأيت رجلاً :
ظاهر الوضاءة ..
حسن الخلق ..
مليح الوجه ..
لم تعبه ثجلة ..
ولم تزر به صعلة ..
قسيم .. وسيم ..
في عينيه دعج ..
وفي أشفاره وطف ..
وفي صوته صحل ..
أكحل ..
أزج .. أقرن ..
في عنقه سطع ..
وفي لحيته كثاثة ..
إذا صمت فعليه الوقار ..
وإذا تكلم سما .. وعلاه البهاء ..
حلو المنطق ..
فصل .. لا نزر .. ولا هذر ..
كأن منطقه خرزات نظم ينحدرن ..
أبهى الناس .. وأجمله من بعيد ..
وأحسنه من قريب ..
ربعة لا تنساه عين من طول ..
ولا تقتحمه عين من قصر ..
غصن بين غصنين ..
فهو أنضر الثلاثة منظراً ..
وأحسنهم قداً ..
له رفقاء يحفون به ..
إن قال استمعوا لقوله .. وإن أمر تبادروا لأمره ..
محفود محشود .. لا عابس .. ولا معتد ..
ومضت أم معبد تصف أعظم رجل عرفته الدنيا .. فماذا عساها تذكر أو تترك !!
فقال أبو معبد : هذا والله صاحب قريش الذي تطلب .. ولو صادفته لالتمست أن أصحبه .. ولأجهدن إن وجدت إلى ذلك سبيلاً ..
جزى الله رب الناس خير جزائه *** رفيقين حلا خيمتي أم معبد
هما نزلا بالبر وارتحلا به *** فافلح من أمسى رفيق محمد
سلوا أختكم عن شاتها وإنائها * فانكم إن تسألوا الشاة تشهد
دعاها بشاة حائل فتحلبت * له بصريح ضرة الشاة مزبد
* * * * * *
جمل يشتكي للنبي r
قال عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ t :
أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ r خَلْفَهُ على بعيره ذَاتَ يَوْمٍ ..
فَدَخَلَ حَائِط بستان لِرَجُلٍ مِنَ الأنْصَارِ ..
فَإِذَا فيه جَمَلٌ ..
فَلَمَّا رَأَى الجمل النَّبِيَّ r حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ ..
فَأَتَاهُ النَّبِيُّ r فَمَسَحَ ذِفْرَاهُ فَسَكَتَ ..
فالتفت r حوله وجعل يسأل :
مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ؟
لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ؟
فَجَاءَ فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ : لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ ..
فَقَالَ r : أَفَلاَ تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا .. فَإِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ ..([2])
* * * * * *
استجابة جمل
كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنَ الأنْصَارِ لَهُمْ جَمَلٌ يَسْنُونَ عَلَيْهِ .. أي يستخرجون عليه الماء من البئر ..
وَإِنَّ الْجَمَلَ اسْتُصْعِبَ عَلَيْهِمْ فَمَنَعَهُمْ ظَهْرَهُ .. وهاج عليهم .. فلم يستطيعوا استعماله .. ولا الركوب عليه .. فتعطلت منافعهم .. والناس فقراء لا يقدرون على شراء غيره ..
فجاء أصحابه إِلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَقَالُوا :
إِنَّهُ كَانَ لَنَا جَمَلٌ نُسْنِي عَلَيْهِ .. وَإِنَّهُ اسْتُصْعِبَ عَلَيْنَا وَمَنَعَنَا ظَهْرَهُ ..
وَقَدْ عَطِشَ الزَّرْعُ وَالنَّخْلُ ..
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r لأصْحَابِهِ :
قُومُوا ..
فَقَامُوا يمشون معه ..
فَمضى حتى دَخَلَ البستان ..
فإذا الجمل فِي نَاحِيَةٍ منه ..
فَمَشَى النَّبِيُّ r نَحْوَهُ ..
فخاف الأنصار أن يؤذي الجمل رسول الله r .. فَقَالَوا :
يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّهُ قَدْ صَارَ مِثْلَ الْكَلْبِ الْكَلِبِ .. أي مثل الكلب الهائج الثائر .. وَإِنَّا نَخَافُ عَلَيْكَ صَوْلَتَهُ ..
فَقَالَ r : لَيْسَ عَلَيَّ مِنْهُ بَأْسٌ .. ومضى يمشي إليه ..
فَلَمَّا نَظَرَ الْجَمَلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ r .. أَقْبَلَ يمشي نَحْوَ النبي عليه الصلاة والسلام .. حَتَّى خَرَّ سَاجِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ ..
فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ r بِنَاصِيَتِهِ .. أي بأعلى رأسه .. والجمل بين يديه ذليل هادئ منساق بين يديه .. حَتَّى أَدْخَلَهُ فِي عَمَلِه .. وخطمه r وربطه ..
فَعجب الصحابة وقَالَوا :
يَا رَسُولَ اللَّهِ .. هَذِهِ بَهِيمَةٌ لاَ تَعْقِلُ تَسْجُدُ لَكَ ..!! وَنَحْنُ نَعْقِلُ .. فَنَحْنُ أَحَقُّ أَنْ نَسْجُدَ لَكَ ..
فَقَالَ r : لاَ يَصْلُحُ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ ..
وَلَوْ صَلَحَ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ لأمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا مِنْ عِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا .. ([3])
* * * * * *
تأثيره r في جمل جابر
جابر بن عبد الله t الصحابي الجليل .. قتل أبوه في معركة أحد .. وخلف عنده سبع أخوات ليس لهن عائل غيره .. وخلف ديناً كثيراً .. على ظهر هذا الشاب الذي لا يزال في أول شبابه ..
فكان جابر دائماً ساهم الفكر .. منشغل البال بأمر دَينه وأخواته .. والغرماء يطالبونه صباحاً ومساءً ..
خرج جابر مع النبي r في غزوة ذات الرقاع .. وكان لشدة فقره على جمل كليل ضعيف ما يكاد يسير .. ولم يجد جابر ما يشتري به جملاً .. فسبقه الناس وصار هو في آخر القافلة ..
وكان النبي r يسير في آخر الجيش .. فأدرك جابراً وجمله يدبُّ به دبيباً .. والناس قد سبقوه ..
فقال النبي r : مالك يا جابر ؟
قال : يا رسول الله أبطأ بي جملي هذا ..
فقال النبي r : أنخه ..
فأناخه جابر وأناخ النبي r ناقته ..
ثم قال : أعطني العصا من يدك أو اقطع لي عصا من شجرة ..فناوله جابر العصا ..
برَكَ الجمل على الأرض كليلاً ضعيفاً ..
فأقبل e إلى الجمل وضربه بالعصا شيئاً يسيراً ..
فنهض الجمل يجري قد امتلأ نشاطاً .. فتعلق به جابر وركب على ظهره ..
مشى جابر بجانب النبي e .. فرحاً مستبشراً .. وقد صار جمله نشيطاً سابقاً ..
التفت e إلى جابر .. وأراد أن يتحدث معه ..
فما هي الأحاديث التي اختارها النبي e ليثيرها مع جابر ..
جابر كان شاباً في أول شبابه ..
هموم الشباب في الغالب تدور حول الزواج .. وطلب الرزق ..
قال e : يا جابر .. هل تزوجت ..؟
قال جابر : نعم ..
قال : بكراً .. أم ثيباً ..
قال : بل ثيباً ..
فعجب النبي e كيف أن شاباً بكراً في أول زواج له .. يتزوج ثيباً ..
فقال ملاطفاً لجابر : هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك ..
فقال جابر : يا رسول الله .. إن أبي قتل في أحد .. وترك تسع أخوات ليس لهن راعٍ غيري .. فكرهت أن أتزوج فتاة مثلهن فتكثر بينهن الخلافات .. فتزوجت امرأة أكبر منهن لتكون مثل أمهن ..
هذا معنى كلام جابر ..
رأى النبي e أن أمامه شاب ضحى بمتعته الخاصة لأجل أخواته ..
فأراد e أن يمازحه بكلمات تصلح للشباب .. فقال له :
لعلنا إذا أقبلنا إلى المدينة أن ننزل في صرار ([4]) .. فتسمع بنا زوجتك فتفرش لك النمارق ..
يعني وإن كنت تزوجت ثيباً إلا أنها لا تزال عروساً تفرح بك إذا قدمت وتبسط فراشها .. وتصف عليه الوسائد ..
فتذكر جابر فقره وفقر أخواته .. فقال : نمارق !! والله يا رسول الله ما عندنا نمارق ..
فقال e : إنه ستكون لكم نمارق إن شاء الله ..
ثم مشيا .. فأراد e أن يهب لجابر مالاً ..
فالفت إليه وقال : يا جابر ..
قال : لبيك يا رسول الله ..
فقال : أتبيعني جملك ؟
تفكر جابر فإذا جمله هو رأس ماله .. هكذا كان وهو كليل ضعيف .. فكيف وقد صار قوياً جلداً !!
لكنه رأى أنه لا مجال لرد طلب رسول الله e ..
قال جابر : سُمْه يا رسول الله .. بكم ؟
فقال e : بدرهم !!
قال جابر : درهم !! تغبنني يا رسول الله ..
فقال e : بدرهمين ..
قال : لا .. تغبنني يا رسول الله ..
فما زالا يتزايدان حتى بلغا به أربعين درهماً .. أوقية من ذهب ..
فقال جابر : نعم .. ولكن أشترط عليك أن أبقى عليه إلى المدينة ..
قال r : نعم ..
فلما وصلوا إلى المدينة .. مضى جابر إلى منزله وأنزل متاعه من على الجمل ومضى ليصلي مع النبي r وربط الجمل عند المسجد ..
فما خرج النبي r قال جابر : يا رسول الله هذا جملك ..
فقال r : يا بلال .. أعط جابراً أربعين درهماً وزده ..
فناول بلال جابراً أربعين درهماً وزاده ..
فحمل جابر المال ومضى به يقلبه بين يديه .. متفكراً في حاله !! ماذا يفعل بهذا المال ؟! أيشتري به جملاً .. أم يبتاع به متاعاً لبيته .. أم ..
وفجأة التفت رسول الله e إلى بلال وقال : يا بلال .. خذ المال وأعطه جابراً ..
جبذ بلال الجمل ومضى به إلى جابر .. فلما وصل به إليه .. تعجب جابر .. هل ألغيت الصفقة ؟!
قال بلال : خذ الجمل يا جابر ..
قال جابر : ما الخبر !!..
قال بلال : قد أمرني رسول الله e أن أعطيك الجمل .. والمال ..
فرجع جابر إلى رسول الله e وسأله عن الخبر .. أما تريد الجمل !!
فقال e : أتراني ماكستك لآخذ جملك ..
يعني أنا لم أكن أطالبك بخفض السعر لأجل أن آخذ الجمل وإنما لأجل أن أقدر كم أعطيك من المال معونة لك على أمورك ..
* * * * * *

( [1] ) رواه أحمد والدارمي ، وقال الهيثمي : رجاله ثقات وفي بعضهم ضعف
( [2] )رواه البيهقي وأحمد بإسناد صحيح ..

( [3] ) قال أبو نعيم في ما تضمنته هذه الحادثة وأمثالها : إما أن يكون النبي ^ أعطي علماً بمنطق هذه البهائم .. فذلك له آية كما كان لسليمان عليه السلام آية بعلم منطق الطير .. أو أنه علم ذلك بالوحي .. وأيُّ ذلك كان ففيه أُعجوبة وآية معجزة.
( [4] ) موضع على بعد 5كم من المدينة


الساعة الآن 12:26 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by