شبكة صدفة

شبكة صدفة (http://www.aadd2.net/vb/index.php)
-   سياحة الدول العربيه (http://www.aadd2.net/vb/forumdisplay.php?f=69)
-   -   فنون عربية وعالمية (http://www.aadd2.net/vb/showthread.php?t=5056)

نور 03-13-2008 03:10 AM

فنون عربية وعالمية
 
http://www.kazamiza.com/vb/images/icons/ahmed2.gif ~*~فنون عربية وعالمية~*~


الفن التشكيلي في فلسطين

ما قبل 1948:
شهدت هذه المرحلة عدة محاولات في مجال الفن، ولكن هذه المحاولات -وحتى الخامات المستخدمة- تعتبر بُدائية ضعيفة بالنسبة للفن في سائر الدول العربية وقتها، وكان هذا نتيجة لعدم الاستقرار والاضطرابات التي كانت تعصف بفلسطين آنذاك، هذا خلال الفترة الأولى من هذه القرن، إلا أن بعض الفنانين الفلسطينيين استطاع أن يبرهن عن موهبة رغم هذه الظروف، ومن أهمهم الفنان جمال بدران، الذي وُلد في حيفا سنة 1905، وبدأ حياته الفنية بالدراسة في مصر، وقام هناك بدراسات في الفن الشرقي والخط العربي (فن الكتابة) وكان هذا سنة 1927، وتبع ذلك بالذهاب إلى لندن لدراسة الفنون التطبيقية، ثم قفل عائدًا إلى فلسطين وقام بالاشتغال


http://univers-art.arabfunart.com/pl..._art_fathi.jpg
مدرسًا للفن والحرف اليدوية، ثم أصبح مساعد مفتش في المدارس الفلسطينية.
ويرجع الفضل إليه في اكتشاف عدد من الفنانين والموهوبين، وتشجيعهم وإعانتهم على مواصلة دراسة الفنون، بالذهاب إلى القاهرة في أواسط الثلاثينيات، ولقد ظهر تأثيره في كثير من أعمال تلاميذه.
ظهر في العشرينيات من هذا القرن فنانان آخران هما : حنا مسمار، وفضول وده. الأول درس فن السيراميك في ألمانيا، والثاني قام بدراسة فن التصوير الزيتي والرسم في إيطاليا. ولكن أعمالهم كانت محدودة بالنسبة لأعمال جمال بدران، ومن الطبيعي أن يقوم الفنان بمعارض لعرض لوحاته وأعماله على جمهور الناس للبيع والمشاهدة، إلا أن هذا لم يكن متاحًا للفنان الفلسطيني في فترة ما قبل 1948، والأعمال الفنية التي نتجت في هذه الفترة كانت أعمالَ مَن يقومون بتدريس الحرف اليدوية والفن ؛ فأُطلق عليهم الفنانون الهواة، ومعظم أعمالهم إما أنها أُهملت في المخازن، وإما عُلِّقت في البيوت والمدارس والنوادي العامة، ولكن سجل هذه الأعمال لم يكن له صلة بما يحدث على الساحة الفلسطينية، فقد كانت تنحصر في البورتريهات، والمناظر الطبيعية، المواضيع الدينية والتاريخية والملاحم العربية، إلا أن معظم هذه الأعمال كانت منقولة من أعمال شهيرة.
رواد الفن الفلسطيني المعاصر:
الأحداث المروعة لسنة 48 كانت بمثابة صدمة أثرت على كل الفلسطينيين بجميع الفئات، هذا بجانب حياة الذل والهوان في مخيمات اللاجئين، ولكن مع كل هذا استطاع إسماعيل شموت ذو الـ18 عامًا أن يشق طريقه إلى القاهرة، بعد سنتين في مخيمات اللاجئين في غزة، وهناك التحق بكلية الفنون الجميلة، ولكنه اكتشف بعد التحاقه أنه انتقل جسديًّا من مخيمات اللاجئين، ولكن عقله وقلبه وتفكيره كان هناك؛ فظهرت شخصيته الفلسطينية في أعماله، فمعظم أعماله تعالج وتناقش المعاناة التي تعرض لها اللاجئون.
وفي عام 1953 أخذ كل أعماله التي أنتجها خلال فترة وجوده في مصر وذهب إلى غزة حيث أقام أول معرض له، وكان لهذا المعرض وضع خاص؛ إذ كان أول معرض فني يقام في فلسطين http://univers-art.arabfunart.com/pl...rt_shamoot.jpgلفنان


فلسطيني، وقام بعرض حوالي 60 لوحة ما بين لوحة زيتية مائية ورسومات، وكانت من ضمن هذه اللوح أشهر أعماله "إلى أين"، وقد كان هذا المعرض بمثابة حدث بَعَث الروح للفلسطينيين، وفي المواهب الشابة لتطوير أنفسهم في هذا المجال.
وفي عام 1953 وصلت فنانة فلسطينية أخرى إلى القاهرة للدراسة هي: تمام الأكحل التي وُلدت في يافا سنة 1935 وكانت من ضمن اللاجئين الذين ذهبوا إلى لبنان، وقد أرسلها والداها إلى القاهرة للدراسة، وهناك انضمت إلى إسماعيل شموت، وانضمت إليهما بعد ذلك فنانة فلسطينية أخرى هي: نهاد سيباس وأقاموا معرضًا لأعمالهم عام 1954، وكان هذا أول معرض يقام لفنانين فلسطينيين خارج الأراضي الفلسطينية، وقد لاقى هذا المعرض قبولا وتغطية إعلامية واسعة.
ومع عدم اعتياد الفلسطينيين على هذا النوع من الفن التشكيلي فإنه أصبح نوعًا من الهوية الثقافية للفلسطينيين، وقُوبل هذا المعرض بحماس من جميع الأوساط الفلسطينية والعربية؛ فهذا النوع من الفن ليس لمجرد تجميل الحياة، ولكنه نوع من التعبير عن الحياة وعن كل ما يحيط بالفنان من أحداث ومواقف، وتعبير عن الحلم الفلسطيني وتجسيد للجرح.
وفي أواسط الخمسينيات تبع هؤلاء الفنانين مجموعةٌ أخرى كانت تُعتبر من الوجوه والمواهب الجديدة في هذا المجال، وفي أوائل الستينيات تخرجت هذه المجموعات من الأكاديميات والكليات الفنية التي درسوا فيها، وأصبحت هذه المجموعة نشيطة جدًّا في الأوساط الفنية، سواء الفلسطينية أم العربية؛ فقد أقيمت المعارض الجماعية لهذه المجموعة الجديدة، سواء من فلسطينيين أم مشتركة بين فلسطينيين وعرب، كان من فناني هذه المجموعة الجديدة: توفيق عبد الله، ميخائيل نيجر لبنان، إبراهيم حازيمة، سمير سلامة في سوريا، سامية تأتأ، محمد بوشناق، عذاف عرفات في الأردن، وغيرهم كثير في جميع الدول العربية.
كانت معظم اللوحات ـ وإن لم يكن كل لوحات هذه الفترة ـ يتبع المدرسة الواقعية الانطباعية مع استخدام الرموز، ويرجع هذا لأسباب منها:
1- أن الأكاديميات العربية تدرس وفقًا لمنهج أكاديمي بحت، وهو تقليد أو محاكاة ما تراه العين.
2- ولأن كل فناني هذه الفترة كانوا من الناجين من أحداث 48 واللاجئين المقيمين في المخيمات؛ لذلك درسوا الفن ليس لأجل الفن، ولكن لتجسيد معاناتهم كفلسطينيين، وللتعبير عن شعب يحاول استرجاع وطنه.
http://univers-art.arabfunart.com/pl..._art_halaj.jpgوفنانو


الخمسينيات كانوا قد وهبوا أنفسهم للقضية الفلسطينية والدفاع عنها بكل قدراتهم ومهارتهم الفنية، وكان لهم مطلق الحرية في التعبير عن كل ما آمنوا به.
آفاق ومعتقدات جديدة:
وبحلول الستينيات شهدت الساحة الفلسطينية تغيرات كثيرة: كتغير الشخصية الفلسطينية، وضياع الهوية وتكوين المنظمات المسلحة، وتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، وبداية المقاومة المسلحة.
فتبين الفنان الفلسطيني هذه القضية ووقف في الجبهة يؤازر هذه الحركات المتنامية، واتسمت أعمال هذه الفترة بالتوحد مع القضية الفلسطينية والدعوة لها ومساندتها، مع الوعي الكامل بالتغيرات الجارية على الساحة، وبعد حرب 1967 التي أسفرت عن هزيمة ثلاث دول عربية وانتصار إسرائيل التي ضمت إليها بقية فلسطين: الضفة الغربية وقطاع غزة، وبهذه الهزيمة وهذه التغيرات أدرك العرب والفلسطينيون قوة وخطورة الحركة الصهيونية، وظهر الفدائيون وبدأت أعمالهم وأُعلن تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية.
وبدأت حقبة جديدة أو عصر جديد لفن ولفناني فلسطين؛ فقبل تأسيس المنظمة كان الفنان يعتمد على جهده وقدرته ومهارته المحدودة، ولكن بعد تأسيسها أصبح الفنان الفلسطيني لأول مرة من الدعائم الأساسية والشرعية لهذه المؤسسة الوطنية.
ومنحت التسهيلات والفرص الآتية:
1- توحدت المنظمة لدعم نشاطات الفنانين ومساعدتهم للترويج لأعمالهم.
2- توظيف كثير من الفنانين في نشاطات ثقافية ومعلوماتية خاصة بالمنظمة وحركات المقاومة

http://univers-art.arabfunart.com/pl...art_mozaen.jpg

الأخرى.
3- إنشاء الاتحاد العام للفنانين الفلسطينيين (1969) الذي حمل على عاتقه تنظيم المعارض الخارجية والداخلية للفنانين والمساعدة على تنمية المهارات والخامات الفنية.
4- تحديد المواهب الشابة الواعدة وإرسالهم لاستكمال دراستهم في مجال الفنون في أي من الدول الصديقة، فأدت هذه التطورات إلى تأثير واضح على الفن والفنانين الفلسطينيين؛ فلقد تخلصت من قيود الواقعية والانطباعية واتجهت إلى آفاق ومدارس جديدة: كالرمزية والسريالية، وتطور استخدام الألوان، ولكن الفن التشكيلي الفلسطيني لم يتحرر من الموضوع الرئيسي والهمّ الفلسطيني؛ ففلسطين واستقلالها ومعاناة شعبها كان الموضوع الرئيسي في أي عمل، ولكن في هذه الفترة تحررت الأعمال نوعًا ما من المأساة والكآبة التي اتسمت بها أعمال الخمسينيات.
الفنان الفلسطيني تحت الحكم الإسرائيلي:
تبع الاحتلالَ للضفة الغربية وقطاع غزة كثيرٌ من النشاطات الفنية المقاومة للاحتلال الإسرائيلي؛ فكثرت الأعمال الفنية والمعارض مما أدى إلى تعرّض هؤلاء الفنانين إما إلى مصادرة أعمالهم وإما إلى إغلاق المعارض الفنية وحبس الفنانين، وإعاقة وصول الأعمال الفنية إلى المعارض، وما إلى ذلك من أعمال لإخراس المقاومة الفنية.
ومن الفنانين الذين تعرضوا لمثل هذه الأعمال القمعية: كامل مغني الذي تخرج في الفنون الجميلة بالإسكندرية، وعمل مدرسًا في كلية النجاح بنابلس، الضفة الغربية فقد حُكم عليه بالسجن لمدة عامين، وقاموا بنسف منزله وتلفيق التهم له على أن له صلة بحركات المقاومة الفلسطينية.
أما سليمان منصور فقد تخرج من معهد الفنون "بزالل" القدس فقد استُدعي من قِبل الجيش الإسرائيلي لاستجوابه ووضعه تحت المراقبة وصُودرت لوحاته.
أما فتحي الجبين من غزة فتم سجنه، لمدة سبعة أشهر لتميزه باستعمال ألوان العلم الفلسطيني في جميع مواضيع لوحاته الفنية، وتم إغلاق معرضه الذي أقيم 1979 برام الله وفي قاعة العرض الوحيدة، الموجودة بالضفة الغربية وصُودرت أعماله.
http://univers-art.arabfunart.com/pl...art_hazema.jpgوكان


من ضمن نشاطات هذا المعرض: عرض خامات محلية كالرمل، والطين، والصبغات والجلود، والأخشاب، وما إلى ذلك من الخامات المستخدمة في مجال الفن … إلخ؛ وقاموا بهذا العمل لإجبار الفنانين على استعمال المواد الخام التي تتيحها لهم إسرائيل.
ولكن مع كل هذا فهناك سمة واحدة مشتركة بين جميع الفنانين الفلسطينيين ـ سواء المقيمون في فلسطين أم المهجَّرون أم الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين ـ وهي أن فلسطين قضيتهم في جميع أعمالهم بوجهة أو بأخرى.
وأخيرًا مع تأخر نهوض الحركة الفنية في فلسطين وضعفها في البداية، ومع إنجازات الأربعين سنة الماضية -فإنها أصبحت الآن في موازاة الحركة الفنية العربية؛ فحققت تواجدًا واضحًا خلال هذه الأعوام القليلة، إلا أنها ما زال أمامها مشوار كبير لتقطعه؛ لأن الإبداع ليس له حدود.

تابع


نور 03-13-2008 03:12 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
الرسم التونسي المعاصر


لم يعرف تاريخ الفنون العربية المعاصرة، كالتي بالعراق أو بالمغرب أو بالجزائر أو بمصر، صراعا http://univers-art.arabfunart.com/tunis2_new1.jpgواضح المعالم وخفيّ كالصّراع الذي تطرحه وضعيّة الفنون التشكيليّة التّونسية في ما يسمّى بالتشخيص والتجريد.
تحت عنوان استمراريّة التّشخيص، يشير علي اللّواتي إلى أنّ التّشخيص لم يخسر مواقعه في الفنّ التّشكيلي التّونسي في قمّة سيطرة الاختيارات التجريديّة موضّحا أنّ عددا غير قليل من التّجريد التونسيين قد تخلّوا عن أساليبهم القديمة للانخراط في تجربة إبداعيّة جديدة. فهل يعني ذلك أنّ التّجريد لم يقنع ممارسيه بالقدر الكافي ؟ أم أنّ المغامرة التّجريديّة لم تجد منافذ جديدة تؤمن استمراريتها ؟ أم أنّ للمؤثّرات الخارجيّة كالسّرياليّة والتشخيصيّة المحدثة عند الغرب كانت وراء التخلّي عن التّجريد لفائدة التّشخيص ؟ أو الاستمرار في التّشخيص بالنّسبة لتجارب سابقة ؟
إنّ تجارب، مثل تجربة الحبيب بوعبانة الجديدة أو الأمين ساسي منذ أواسط الثمانينات أو كذلك عودة الحبيب شبيل إلى التّشخيص بالإضافة إلى تغيّر مسار عادل مقديش نحو الحضور المكثّف للشّخصيات، تشكّل منعطفات في التّجارب الفنّية الفرديّة لكلّ رسّام من هؤلاء. كما تشكّل في نفس الوقت واجهة جديدة من الممارسة التشكيليّة التشخيصيّة ذات الصّيغ "الجديدة"، نقصد بذلك جديدة العهد على الفنون التشكيليّة التونسيّة. لذلك لنا أن نتساءل عن هذه التحوّلات لدى هؤلاء الفنّانين، خاصّة وأنّنا نلاحظ ذات الملاحظة التي أوردها علي اللّواتي بخصوص تمسّك العديد من الفنّانين بالتّجريد كخيار فنّي مثل رشيد الفخفاخ وابراهيم العزّاببي والناصر بن الشيخ ولطفي الأرناؤوط وسمير التريكي ونجيب بلخوجة وغيرهم. فهل يمكن أن نقول أنّ هذا التّشخيص محدث ؟ مع وعينا بأنّ التشخيصيّة الجديدة مصطلح غربي يفيد ويدلّ على تجارب تشكيليّة غريبة، لها تصوّراتها وعلى صلة وثيقة بتاريخ الرّسم الغربي كتجربة فرانسيس بايكن أو فلاريو آدمي وهارفي تيليماك وغيرهم ؟ وهل يمكن اعتبار ذلك من القطائع الايبستيمولوجية ؟
إنّ التّناظر أو التّوازي بين الوجه المحلّي للتّحديث في صلب التّشخيص و الوجه الغربي ليس ممكنا لاختلاف الحيزين

http://univers-art.arabfunart.com/tunis2_new2.jpg

الثقافيين لكلا لممارستين. وسوف نحاول في ما يلي تبيّن أوجه التحديث في ممارسة التّشخيص من خلال بعض التّجارب.
تنطلق قراءات تاريخ الفنّ التّشكيلي بتونس من معطيات ثابتة، تتمثّل أوّلها في تأثير فنّ المستوطنين والمستعمرين في أرضيّة الفنون التشكيليّة كممارسة وثانيها في تمكّن مدرسة تونس من سلطة كبيرة في حقل الفنون التشكيليّة من خلال تصدرها لواجهة الأحداث وللمشهد الثقافي محليّا ودوليّا. وهي معطيات مؤثّرة لما تكتسيه من بعد تاريخي ومن سلطة تأخذ شكل الأبوّة كما تأخذ شكل العادات والتقاليد المتأصّلة في المشهد الثقافي المحلّي. لذلك وجب التنبّه إلى مدى حضور وإلى مدى تأثير هذه الممارسة التصويريّة المشخّصة، التي تعكس أبعادا مشهديّة على علاقة مباشرة بالواقع. لأنّ لهذا الحضور الممتد تاريخيّا ولهذا التاريخ المتمكّن من وسائله السلطويّة والإعلاميّة رواسب في التلقي والإدراك، غذتها فئة مثقفة لها علاقات بمدرسة تونس وفئة أخرى من أصحاب المجموعات ومن أصحاب الأروقة، التي لها منافع خلف الترويح الفنّي المشهدي الموروث عن الحقبة الاستعمارية وعن الرّواد. وهي عوامل وإن تضافرت، لم تنف ولم تمنع ممارسة تجريديّة عند بعض الرسّامين أعضاء مدرسة تونس كنالّو ليفي وآدقار النقاش أو عند الهادي التركي وحسن السّوفي أو صفّية فرحات. والقول بصراع بين التجريد والتشخيص ليس وجيها أو صائبا. ففي صلب مدرسة تونس نفسها أعضاء يمارسون هذا النّوع من الفنّ. فأين تكمن إشكاليّة الصّراع بين التّشخيص والتّجريد، بما أنّ المعلن من هذا الصّراع لا يتجاوز حدود الاتّهامات بالفلوكلور في اتّجاه مدرسة تونس وبالاستسهال واتّباع الغرب في اتّجاه الفنّانين الجدد؟ وهل يمكن حقّا، الإقرار بوجود قطائع ايبستيمولوجية في مسار الفنون التشكيليّة التونسية، خاصّة وأنّنا نعلم أنّ هناك العديد من الآراء المتضاربة حول مدرسة تونس وحول التّجريد منذ الستّينات ؟
يقدّم لنا كلّ من محمد بن مفتاح وعادل مقديش وفتحي بن زاكور عوالما سحرية يخرج فيها كلّ فنّان كائناته الآدمية على هيئة وفي شكل مستحدث بين الطرافة وبين التجاوز للأسلوب الأكاديمي. يقدّم بن مفتاح أعمالا مائية وأخرى محفورة وثالثة بتقنية الأكليريك. يطرح من خلالها رؤى تشكيلية تتداخل فيها المرجعيات بين المرجعية الغربية في مستوى التقنيات وممارستها حرفيا وبين المرجعيات الشرقية التي تتضح في تحويل شكل الجسد بمنحه فرصة الإنعتاق من الشكل الآكاديمي وإمكانية التشكل حسب تصورات ايروسية من جهة وحالمة من

http://univers-art.arabfunart.com/tunis2_new3.jpg


جهة أخرى. وبإحكام الخطّ يخرج الشكل من اعتياديه ظهوره إلى تعبير يسيطر عليه التبسيط والزخرف و الرهافة. ومع بن مفتاح ليس هنالك مشهدا مرسوما على الطّريقة التقليدية، بل هنالك لوحة تتشكّل بكائنات آدمية تخترق البعد الواقعي للإقامة في تداعيات الحلم. وهو ما يسمح بتمرير الرّؤى إلى سطح الّلّوحة، مشحونة بهواجس شخصية وبتجربة منفصلة تؤكّد ذاتيتها وخصوصيتها أكثر فأكثر. إنّ صور النساء المبسطة إلى حدّ تلامس فيه وجه المنحوت الشرقي للعصور الغابرة وكذلك التنويع في تأويل الشكل الآدمي إلى كائنات آلية وأخرى تعيش رهن حداثة واهية أعطت للتشخيص عند بن مقتاح أبعادا تشكيلية ومضامين فنّية وإنسانية تعكس عمق الإنساني في الفنّان الذي يتجاوز المجال المحلّي الضيّق دون أن يتنّصل من انتمائه إلى الثقافة الشرقية.
أمّا بن زاكور فهو يقدّم من خلال كائناته المجنّحة وجها ملائكيّا لرسومه المتحركة. فهو يتّبع تقنيات المنظور من جهة ومنجهة أخرى يبسّط رسومه حتّى تغدو خطوطا قليلة العدد ووفيرة التعبير. فالأشخاص التي يرسمها بن زاكور متحركة تتملص من الجاذبية لترقص في الفضاء، يضفي عليها مسحة من الشفافية بالحجب ومسحة من الخيال بإضافة الأجنحة. وهو ما لم نتعوّده في الرّسم التونسي سابقا. وإذا ما تثبتنا جيّدا في الأبعاد المرجعية لأعماله لأمكن لنا تميز ثرائها وتوغّلها إلى حدود عصر النهضة، حيث نتذكّر رسومات الملائكة المجنّحة والوجوه المعبّر وهو ما حاول بن زاكور شحنه في لوحاته التي يتحوّل الكائن فيها إلى طائر يتلقّى النّور ويعكسه ويجوب الفضاء المضاء كالملاك، لذلك يعدّ مجدّدا شأنه شأن بن مفتاح رغم عدم تخلّيهما عن الصبغة الكلاسيكية في صياغة نسب الجسم الآدمي أو في التّأكيد على الرسم الخطّي.
وفي زمن متقدّم، يفاجئ عادل مقديش محبّي الفنّ بصورة مستحضرة من الفضاء الأسطوري والخرافي

http://univers-art.arabfunart.com/tunis2_new4.jpg


والشعبي بالرّجوع إلى الجازية وسيرة بني هلال وبإستدعاء الصّور المتخيّلة شفويّا والمتناقلة مروية. فيحوّل هذه الخامة الابداعية إلى صور تستمدّ أسسها من الخيال ومن جميع أنواع المنمنمات التي تحتوي البعد الغرائبي، يصرّ في ذلك على أنّ فنّه ليس سريـاليّا نظـرالأنّ المخيال العربي يحتوي هذهالأبعاد العجائبية بمعزل عن التنظير للحلم السريالي. وقد سعى عادل مقديش إلى كسب المعادلة بين حذق التقنية خطّيا ولونيّا وبين استلهام المرجع الأصلي الكامن في ايروسية التاريخ العربي والتاريخ الإنساني. وهو بذلك ينفي التأثّر المرجعي بالسريالية ويؤكّد على بعد تراثي بدأ في عمقه مختلفا عن أدوات فنّاني مدرسة تونس. وتستمدّ أعمال عادل مقديش وقار حضورها من بلاغة تقنياتها وكذلك من تمرّدها الدّاخلي وانسحابها إلى حضن أسطوري يؤسّس الوعي بغيابه والحاضر بالذكرى. ورغم ذلك تشمل مفرداته بعضا من أساليب فنّاني مدرسة تونس في إخراج مختلف وبمرونة أكثر شاعرية.
أظهرت تجربة لمين ساسي تحوّلا نحو تشخيص حرّ بعد أن كان الفنّان تجريديّا. فمنذ أن استولت الأشخاص الأشباح على فضاء لوحته ولمين ساسي يحاول التنويع تقنيا وتركيبيا على مشهد لا زمان ولا مكان له، تنعتق فيه الأشخاص من جاذبية الواقع وتتحرك من ثقل تفاصيلها، إلى أن نمت في تجربته بوادر تجاوز وتنويع تقني ومادي بالأساس قدّم بها رؤى حالمة وتصوّرا جماليّا عميقا. فالثّراء الذي تحتويه تشخيصه الأمين ساسي ناتج عن تطلّع الرسام إلى عدم التقيّد وإلى محاولة الإخارج باستعمال أوضاع وهيئات الأشخاص وكذلك بتوجيه الإبصار لعبة بين الكائن والكائن. ليس هنالك حدّة في لوحاته كما أنّه ليس هنالك صلابة في تكويناته إلاّ في التّوجيه إلى الأفق وإلى الأعلى. وعادة ما تنجذب أشخاص الأمين ساسي إلى الأسفل وإلى الأمام. فالمتعة مختلفة عند الفنّانين ( بن زاكور وساسي ) إذا يطلق بن زاكور أشخاصه كالطّيور ويكبح لمين ساسي جماح أشخاصه كالخيول لذلك يصطدم المتأمّل في أعمالهما بتشابه شكلي إزاء إفتراق جوهري.
تكمن اللّذة، في الأصل، عند بن زاكور في الإعتاق طريق للخلاص أمّا لدى لمين ساسي ففي القبض على اللّحظة الحدث وهو الجوهري حسب رأينا. بينما يختلف موقع كلّ من بن مفتاح وبن زاكور ومقديش وساسي من مشاهدهم المرسومة من منطلق اختلاف المقاربة التشخيصية في زمن الإدراك وأثناء التشكيل الفنّي. رغم أنّ المعطيات المرجعيّة تتّصل بعوالم جماعية كالحلم والرؤيا والتراث والتقنية وشرقية الرّوح وليس من أمر ثابت


http://univers-art.arabfunart.com/tunis2_new5.jpg


بينهم غير إصرارهم على معانقة المطلق في المشهد بمغادرة الواقع كمعطى تكرّس عند سابقيهم وعلى إخراج الأشخاص من الإطار المحلّي الثابت إلى محليّة تعبيريّة كلّ حسب آلياته وتقنياته.
عندما غادر الحبيب بوعبانة تجاربه التجريدية وجد نفسه نموذجا لفنّه ومرجعا ذاتيا يعتمد عليه قبل كلّ شيء. لذلك اصطبغت أعماله بتمرد الفنّان على ذاته وبالتقاط التفاصيل الشارعية التي ميّزت لوحاته الأخيرة. فكان الهامه مرتبطا بلذّة الإقبال على الحياة وبألم ممارسة هذه الحياة في نفس الوقت وهو ما طبع لمسته بالحرية وباختراق أكاديمية الرّسم. فكانت الألوان والّلمسات وتحويل الأشكال الآدمية عن طبيعتها تقنيات تستلهم جانبا كبيرا من الوحشية ومن التعبيرية المتمردة في بدايات القرن العشرين، غير أنّ ما امتازت به أعماله من صدق ممزوج برؤية نقدية ثاقبة هو الذي شحنها بطابع خاص أنقذها من بؤرة المرجعية. فتّشخيصية الحبيب بوعبانة وإن تشابهت مع الكثيرين إلاّ أنّها تنحاز لمبدعها لأنّها تلتحم به وبحياته ذاتالبعد التفصيلي. لذلك يمكن أن نقول أنّ بوعبانة قناص للعابر يثبّته فيحوله مرئيا من شحوبه اليومي إلى نضارته اللّوحة.
إنّ العيّنة الأخيرة التي نريد الإشارة إليها هي أعمالأحمد الحجري فهذا الفنّان ولدت تجربتهبالخارج http://univers-art.arabfunart.com/tunis2_new6.jpgونمت هناك. وشكل بعفويته وبفنّه الخام وجها جديدا من وجوه التعامل مع التّشخيص الحرّ الذي يجد صداه في حكايات ألف ليلة وليلة وفي المرويات الشعبية، حيث يحاول أحمد الحجري تجسيمها بمزاجية فيها طرافة السّرد والحكاية وذكرى الطفولة في تدفّقفطريّ يضمر تأثّرا برسم المنمنمة وغيرها من فنون الكتابفي الحضارات الشّرقية ولعلّ نجاحه في أوروبا ناتج عن توفيره لأعمال مطلوبة حسب اختيارات غرائبية الذّوق وهو ما مكّنه من تصدير تجربته إلى تونس مستعينا بالإعلام والنّقد الغربيين.
من خلال هذه النماذج التي أتينا عليها يمكننا أن نصوغ مجموعة أفكار حول هذه التوجهات الجديدة في التّشخيص :
أوّلا: نشير أنّها تجارب منفصلة كلّيا عن بعضها البعض رغم تراسل بعض التجارب تقنيّا إذ نجد إمكانية التحاور بين بن مفتاح ومقديش من جهة وبن زاكور وساسي من جهة أخرى والحبيب بوعبانة وساسي في وجه ثالث وكذلك بين الحجري وبن زاكور في مستويات أقلّ.
ثانيا: تتمسّك هذه التجارب بعدم التّشبّث بتثبيت المحلّي بوصفه قيّمة جمالية لذلك تتأكّد مطلقيتها ورحابة انفتاحها على الذّاتي كمطلب ضمني للممارسة التشكيلية.
ثالثا: يصرّ كلّ فنّان على استقلاليته دون التحرّج من المرجعية، بل نلتمس في تجارب مثل تجربة مقديش وبن مفتاح والحجري تأكيدا على المرجعية، خاصّة التراثية.
رابعا: اختار هذه التجارب تكريس المستويات التقنية والتّواصل في العمل اليومي الأمر الّذي جعل من الفنّ مهنة أساسية ممّا مكّنها من اكتساب سوق جديدة رغم أنّ بعضها سعى إلى الحفاظ على حرفائه بالتّضحية بتعطيل تقدّم التجربة حتّى كأنّ ببعضهم أضحى يكرّر نفسه.
خامسا: تقدّم هذه التجارب مقترحات تشكيليّة وجمالية ذاتية تنهل من الحلم ومن الأسطوري لتنجز مشروعا متحرّكا لفنّ تشخيصي غير مقنّن ولا استشراقي، رغم أنّها تستجيب في بعض من ملامحها إلى قانون سيطرة صورة غرائبية وعجائبية يمتدحها الغربي قبل المحلّي.

خاتمـــة


تكمن الإشكاليّة الرئيسيّة ظاهريّا في قناعات الرسّامين و في اختياراتهم لكنّها تبطن اختلافات جوهريّة وممارسات ثقافية لها علاقة بالسّوق الفنّية من جهة وبتأثيرات أصحاب القاعات وأصحاب المجموعات الفنّية وكذلك يhttp://univers-art.arabfunart.com/tunis2_new7.jpgوجّه العلاقة مع الثقافة الغربيّة ومنها خاصّة الفرنسيّة. إنّه لا يمكن الحديث عن حركة تشكيليّة بتونس ولا في أيّ بلاد عربيّة أخرى فمفهوم الحركة والتّيار له دلالة سكركستيكيّة واضحة وكذلك أسلوبيّة منخرطة في تاريخ مرتاكم كتاريخ الفنّ الغربي. وحيث أنّ تجربة الفنون التشكيليّة في تونس مازالت حديثة العهد لا يتجاوز عمرها القرن وبضع السنوات، فإنّه لا يمكن الذهاب في اتّجاه التّنطير للقطائع أو القول بوجود حركات وتيارات. فنحن نلاحظ أنّ الفنّ التشكيلي التونسي ظلّ وعلى مدى أكثر من نصف قرن متبعا للسّلف الغربي من التيارات الحديثة يأخذ من الاستشراق ومن الانطباعيّة ومن الوحشيّة والتّكعيبيّة أدواته ووسائله بشكل مباشر وأحيانا بشكل غير مباشر. لذلك يمكن أن نقول بوجود إرهاصات التّجاوز والبحث عن الهويّة من داخل الممارسة المنقولة تصوّرا وتطبيقا.
إنّ تقسيم تاريخ الفنّ التشكيلي بتونس إلى حقب أمرا غير مجديا كما أنّ النّظر إلى تاريخ الرّسم بتونس بالاعتماد على المجموعات وتكوّنها ومساراتها لا يسمح بتحيين قراءة هذا التاريخ. لأنّ أهمّ ما يمكن استنتاجه هو تأسّس مدرسة تونس وتمكّنها من السّيطرة على أوضاع الفنون التّشكيليّة منذ خمسينات القرن العشرين إلى تسعيناتهوبروز محاولات التّكتّل في صلب مجموعات أخرى لا أكثر ولا أقلّ .وحتّى وإن ظهر التّجريد متأخّرا واتّضح أنّه وجه من وجوه الانفلات عن مسار مدرسة تونس وعن أسلوبها فإنّه لا يعكس صبغة طلائعيّة اكتسبت حضورا مسيطرا على ساحة الأحداث التشكيليّة.
وفي خاتمة حديثنا هذا لا يمكننا أن نقرّ بوجود تشخيصية محدثة على أساس أنّها تيّار أو توجّه بقدر ما نرى في هذه التجارب محاولة لكسر طوق المتعارف عليه من بعد مشهديّ في تاريخ الفنّ التشكيلي التونسي وهي مبادرات فردية أثّرت المشهد الفنّي المحلّي وموّلته بإمكانيات جديدة أمام تعثّر المنحى التّجريدي عند البعض كما تعثّر به في الغرب. ولعلّه من الممكن القول أنّ الثبات على ممارسة لا تجد حلولا وآفاقا لأصحابها ليس سهلا فإنّ اتّجاه هؤلاء إلى التشخيص كان منفذا يستجيب إلى حاجات ذاتية ونفسية قبل أن تكون مادية والتي صارت في نهاية الأمر مكسبا. وقد يكون من الطريف أن ننظر إلى بعض أعضاء مدرسة تونس وهم يغيّرون في تقنياتهم وفي انتاجاتهم انخراطا في حركة التحوّل المتأثّر بلزوم ما يلزم في المجال التشكيلي.

نور 03-13-2008 03:28 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
الفنون التشكيلية في البحرين1/2

تـتـصـفُ طـبـيـعـة الـفـنـون الـتـشـكـيـلـيـة فـي الـبـحـريـن مُـنـذ انـبـعـاثـهـا مـع بـدايـات الـتـعـلـيـم
http://univers-art.arabfunart.com/bhrane_art1.jpg

الـنـظـامـي الـحـكـومـي و حـتـى الـيـوم بـالاستمراريةِ والـتـفـاعـل و الـنـشـاط الـدؤوب ، مـع تـنـوع غـنـيّ مـلـحـوظ فـي الأسـالـيـب و الـتـقـنـيـات و الاتـجـاهـات و الـمـذاهـب فـي الـنـاتـج الـفـنـي. و لا شـك فـي أن أسـبـاب ذلـك عـائـدة إلـى عـوامـل عـديـدة مُـخـتـلـفـة، لـعـل أهـمـهـا يـكـمُـن في تـَـميّـز مُجـتـمـع جُـزر مـمـلـكـة الـبحـريـن بالـتـسامـح و الانـفـتـاح الـذهـني والـمعـرفي عـلى مُخـتـلـف ثـقـافـات العـالم ، لـكـون الـبحـريـن ثـغـراً مُـهـماً من الـثـغـور في هـذا الجـزء الـجـنـوبـي الـشـرقـي مـن الـشـرق العـربي الـمـجـيـد، و مـركـز حـضـاري مـوغـل فـي الـقـدم ، قـد الـتـقـت عـلى أرضه مُـنذ أقـدم العـهـود أمم و شعـوب مُـخـتـلـف حـضـارات الـعـالم، و أيـضـاً يعـود هـذا الـتـنـوع الـغـني فـي الإنتاج إلـى ارتـفـاع مـلحـوظ في نـسـبة فـئـة الـعُـمـر الـشـبـابـيّـة فـيه.
و بالـتالي فـإن مُجـتـمع البحـريـن مُجـتـمع فـتـىّ، يـتـصف بالحـيـوية و الـنشاط، و تـغـلبُ عـلى تـوجـُهـاتـه الـعـامة و رؤاه نـزعـة الـتـغـيـيـر و الـتجـديـد الـمُـسـتـمـرة، كـل ذلـك فـي إطـارٍ مُعـطيات حـضارية و اجـتـماعـيـة مـتيـنة موغـلة فـي الأصالة و القـدمِ ، و مُـستـندة إلى إرث راسخ عـظيـم من التاريـخ العـربي الإسلامي العـريـق الـذي يـتـمـتـع و يـعـتـز بـه أهـل ممـلـكة البحـريـن.
فـفـي هـذا الـجـزء مـن الـعـالـم ، عـلـى شـواطـئ الـخـلـيـج الـعـربـي الـدافـئـة و مـن عـمـق أراضـيـه الـفـيـحـاء، اخـتـرع الإنـسـان فـي نـهـايـة الألـف الـرابـع قـبـل الـتـاريـخ أول كـتـابـة عـرفـتـهـا الـبـشـريـة، عـلـى هـيـئـة صـور رمـزيـة نـُـقِـشـت بـالـقـلـم فـي رُقـيـمـات مـن الـطـيـن الـمَـمـشـوق. و مـنـذ أول مُـحـاولاتـه الـكـتـابـيـة تـلـك ظـهـر فـي سـجـلات مُـعـامـلاتـه الـتـجـاريـة و الإداريـة، و كـذلـك فـي نـصـوص ابـتـهـالاتـه الـديـنـيـة الـمـكـتـوبـة، أسـم الـمـكـان (تـلـمـون)، هـذا الاسـم الـقـديـم لـلـبـحـريـن. و قـد ظـهـرت أهـمـيـة هـذا الـمـكـان و سـره، عـنـدمـا تـكـرر ظـهـور الاسـم (تـلـمـون) فـي الـعـديـد مـن قـصـص و أسـاطـيـر الأولـيـن،

http://univers-art.arabfunart.com/bhrane_art2.jpg

عـنـدمـا عـثـر عـلـى أقـدم نـصـوصـهـا مـكـتـوبـة فـي قـطـع صـغـيـرة مـن الـطـيـن بـيـن آثـار أقـدم مـعـابـد و قـصـور حـضـارات الـعـالـم فـي وادي الـرافـديـن.
فـفـي تـلـك الـكـتـابـات الأولـى لـلإنـسـان، و الـتـي اعـتـبـرهـا الـعـلـمـاء أول دلائـل تـحـضّـره و انـتـقـالـه مـن عـصـر الـكـهـوف الـحـجـريـة إلـى الـمَـدنـيّـة، و الـتـي تـضـمـنـت أيـضـاً خـلاصـة مُـعـتـقـداتـه و طـقـوسـه الـتـعـبـديـة و أسـمـاء آلـهـتـه و مـلـوكـه و أبـطـالـه، ظـهـرت (مـمـلـكـة تـلـمـون) عـلـى أنـهـا الـمـكـان الـطـاهـر الـنـظـيـف، الـذي أضـطـجـع فـيـه أحـد أهـم أركـان ديـانـتـهـم، ألا وهـو الإلـه (أنـكـي) إلـه الحـكـمـة و المـيـاه الـعـذبـة و واهـب الحـيـاة ، أضـطـجـع فـيه مـع زوجـتـه الآلـهـة (نيـن حـور شـاق)، و فـيـه أيـضـاً اخـتـار أن يُـشـيّـد عـلـى نـبـع الـمـاء الـعـذب (الأبـزو) أول مـعـابد البـشـريـة.
و لـِمـن يَـهـمُـه تـتـبـع خـيـط الإبـداع و تـقـصـي مـصـدر نـشـأتـه الأولى عـنـد الـبـشـريـة، عـلـيـه الـعـودة إلـى تـلـك الأشـعـار و الـقـصـص و الأسـاطـيـر الأولـى الـتـي شـرحـت ، كـيـف حـول هـذا الإلـه الأسـطـوري الـمـكـان ( تـلـمـون ) مـسـرحـاً لـجـمـيـع أفـعـال الـخـلـق و الإبـداع الأولـى ، حـيـث صنع من الطـيـن الـممـشـوق، الذي اســتـخـرجـه مـن قـاع نـبـع الـمـاء ( الأبـزو ) فـي ذلـك الـمـعـبـد الأول، أنـواعـاً مـن الـتـمـاثـيـل ، فـكـانـت آلـهـةً و بـشـراً، و حـفـر الآبـار و بـنـى، و اسـتـصـلـح الأرض وزرعـهـا بـالـنـخـل ثـم اخـتـرع الـكـتـابـة.
و مـع مجيء الإسـلام و سـطـوع نـوره مـن و عـلـى أرض الـحـضـارات، فـقـد الـفـن و إلـى الأبـد، عـنـد أهـل هـذه الـمـنـطـقـة الـعـربـيـة الـعـريـقـة، قـاعـدتـه الـوثـنـيـة الأولـى، إذ لـم يَـعُـد فـعـل الإبـداع الـمُـطـلـق عـنـدهـم، مـن صُـنـع الآلـهـة الـوثـنـيـة و لا فـي يـد كـهـانـهـم ، و إنما هـو ــ و كـما جـاء به الـديـن الإسلامـي الحـنـيـف ــ عـائـد إلى الله عـز و جـل، فـهـو؛ الواحـد الأحـد ، الـفـرد الـصـمـد، و هـو الـخـالـق، والـمُـبـدع، و الـمُـصـور، و إلـيـه تـرجـع الأمـور.
فـأدى هـذا الـتـبـدل فـي أسـس و مـفـهـوم الـفـن و الإبـداع بـالإنـسـان الـعـربـي الـمُـسـلـم فـي هـذه الـحـوض الـثـقـافـي، إلـى الـتـوجـه بـحـِسـه الـمُـرهـف و بـفـنـه ، إلـى تـوظـيـفـهـمـا فـيـمـا هـو أكـثـر نـفـعـاً ومـوائـمـة فـي حـيـاتـه و مـع مُـجـتـمـعـه.
فـبعـد أن كـان الفن، مُـسخراً لـلاستحـواذ عـلى الإنـسان و عـلى فـكره من أجـل إخـضاعـه لـسـلـطـان الـمـلـوك الآلـهـة الـوثـنـيـيـن، و لـسـحـر و جـبـروت كـهـانـهـم ، أصـبـحـت وظـيـفـتـه الأولـى مـن شـأن الـنـاس و الامـتـزاج الأمـثـل بـمـعـطـيـات و مـتـطـلـبـات حـيـاتـهـم و بـيـئـتـهـم .
فـظـهـر نبـوغ الـمـسـلـمـون و تـجـلـت إبـداعـاتـهـم في حـرفـهم و صـنـاعـاتـهم اليـدويـة، و عـلى هـذا الأساس ازدهـرت تـلـك الـصـنـاعـات و الـحـرف الـيـدويـة فـي جـمـيـع أرجـاء مـمـلـكـة الـبـحـريـن و غـيـرهـا مـن الـبـلاد الإسـلامـيـة ، و أتـقـنـت فـنـونـهـا لـدرجـة ظـهـرت عـنـد الـبـعـض، عـلـى أنـهـا قـد وصـلـت إلـى غـايـة فـي الـتـرف ، إذ قـال عـنـهـا الـعـلامـة أبـن خـلـدون فـي مُـقـدمـتـه الـشـهـيـرة: "و أمـا الـيـمـن والـبـحـريـن و عـمـان و الـجـزيـرة، و إن مـلـكـتـه الـعـرب، إلا أنـهـم تـداولـوا مـلـكـه آلافـاً مـن الـسـنـيـن فـي أمـم كـثـيـرة ، و اخـتـطـوا أمـصـاره و مـدنـه ، و بـلـغـوا الـغـايـة مـن الـحـضـارة و الـتـرف مـثـل عـاد و ثـمـود و الـعـمـالـقـة و حـمـيـر مـن بـعـدهـم الـتـبـابـعـة و الأذواء، فـطـال أمـد الـمـلـك و الـحـضـارة و اسـتـحـكـمـت صـبـغـتـهـا و تـوفـرت الـصـنـائـع و رسـخـت ، فـلـم تـبـلـى بـبـلـى الـدولـة..".
و بـعـد انحـسـار حـقـبـة ازدهـار صـنـاعـة الـغـوص عـلـى الـلـؤلـؤ الـطـبـيـعـي الـنـفـيـس، الـذي

http://univers-art.arabfunart.com/bhrane_art3.jpg

اشـتـهـرت بـه الـبـحـريـن و اعـتـمـدت عـلـى عـائـداتـه مـنـذ بـدء حـضـارتـهـا، و ذلـك بـسـبـب تـوصـل الـشـرق الأدنـى إلـى اسـتـزراع شـيـئـاً شـبـيـهـاً بـه صـنـاعـيـاً فـي مـطـلـع الـقـرن الـعـشـريـن، جـاء اكـتـشـاف الـنـفـط بـيـن عـامـي 31 ــ 1932 م و تـدفـق عـائـداتـه عـلـى الـبـحـريـن، و قـبـل أيـة دولـة مـن دول الـخـلـيـج الـعـربـيـة ، بـمـثـابـة الـحـل الـعـصـري، الـذي أخـرج الـمـجـتـمـع فـيـهـا قـبـل غـيـرهـا مـن نـمـط الـحـيـاة الـسـائـد آنـذاك، و الـذي كـان قـائـمـاً فـي الأصـل عـلـى الـحـرف و الـصـنـاعـات الـتـقـلـيـديـة، و عـلـى مـا كـانـت تـقـتـضـيـه طـبـيـعـتـهـا مـن نـظـام اجـتـمـاعـي قـديـم مـتـوارث، و خـرج إلـى هـذا الـنـمـط الـحـيـاتـي الأوروبـي الـذي عـمّ الـعـالـم بـاسـم الـحـيـاة الـحـديـثـة أو الـعـصـريـة.
يُـقـــال بـأنـك إن أردت أن تُـؤرخ لـلـــفـن، فـسـيـتـوجّـب عـلـيـك قـبـل أن تـحـشـد الـوقـائـع و الأحـداث والأسمـاء و الـسـنـوات ، بأن تـأتـى بـتـعـريـفٍ لـمـا هـو الـفـن أولاً. وإذا أردت أن تُــؤرخ لـلـــفـن الـحـديـث، فـعـلـيـك أن تُــعـرّف مـا هـي الـحــداثـة فـي الــفـن.. هـكـذا إذن ، فـأنـنـا إن أردنـا أن نـؤرخ لـلـفـن فـي مـمـلـكـة الـبـحـريـن، و جـوانـب الحـداثـة فـيـه، سـنـجـد أنـفـسـنـا فـي مواجـهـة هـذه الـمـسـألة، وسـيـكـون مـطـلـوبـاً مـنـا تـعـريـف مـا هـو الـفـن فـي مـمـلـكـة الـبـحـريـن و كـذلـك تـحـديـد مفـهـوم مـا هـو الـجـانـب الـحـديـث فـيـه.. !
فـمـا هـو تـعـريـف الفـن فـي الـبـحـريـن .. يـا تـرى؟
لا شـك عـنـدي و أيـضـاً أعـتـقـد بـأنـه كـذلـك عـنـد أغـلـب الـنـاس ، بـأن سـؤالاً كـهـذا لـهـو مـن الـمـسـائـل الـتـي لا يـرد طـرحـهـا عـلـى الـذهـن، لا لـشـيء، إلا لأن مـسـألـة تـعـريـف الـفـن، لـهـي مـن الـمـسـائـل الـتـي يـعـتـقـد الـكـثـيـرون مـنـا بـداهـةً، بـأنـهـا مـن الـمـواضـيـع الـمفـروغ منهـا، أو من الإجـابـة عـلـيـها ، و ذلـك لأن الغـالبـيـة مـن الـنـاس تـعـتـقـد بـأنـهـا تـعـلم بـالـفـطـرة ؛ مـا هـو الـفـن.. مـثـلـمـا هـي واثـقـة فـي الـعـادة مـن عـلـمـهـا بـمـا هـو الـجـمـال.. !
ولـو حـدث وأن طُـرح مـثـل هـذا الـسـؤال (مـا هـو الـفـن؟) عـلـى أحـداً.. لـوجـدت جـوابـه ــ بـعـد ابــتـسـامـة واهـيـةٍ فـي أغـلـب الـحـالات ــ بـأن الـفـن هـو: هـذا الذي نـراه مـن حـولـنـا، أي أنه هـذا الذي يُـحـيـط بـنـا مـن أعـمال تـشـكـيـلـيـة؛ مـثـل الـلـوحـة أو الـصـورة و الـتـمـثـال و مـا شـابـه..
و مـمـا لا شـك فـيـه بـأن جـوابـاً بـديـهـيـاً كـهـذا ، لـن يـحـل لـنـا مـن الـجـانـب الـفـكـري أو الـفـلـسـفـي أو الـتـاريـخـي مـسـألـة الـبـحـث عـن تـعـريـف لـلـفـن فـي مـمـلـكـة الـبـحـريـن، لأن هـذا الـذي

http://univers-art.arabfunart.com/bhrane_art4.jpg

نـراه و يـحـيـط بـنـا مـن أنـتـاج فـنـي هـو فـي الـحـقـيـقـة، مـشـابـه إلـى درجـة الـتـطـابـق فـي شـكـلـه و طـبـيـعـتـه و أحـيـانـاً حـتـى فـي محـتـواه أو مـضـمـونه ، ذلـك الذي نـعـرفـه مـن الإنـتـاج الـفـنـي، و الذي عـادةً مـا يـكـون مـثـلـه مـوجـوداً فـي أي مـكـان مـن الـعـالـم، و لـيـس فـي مـمـلـكـة الـبـحـريـن وحـدهـا و حـسـب..!
فـهـل هـذا هـو مـا يـمـثـل الـفـن فـي الـبـحـريـن؟ أو بـسـؤال مـخـتـلف؛ هـل يـمـكـن اعـتـبـار ذلـك الـنـوع مـن الإنـتـاج فـنـاً بـحـريـنـيـاً أصـيـلاً؟
ــ فـإن كـان الـجـواب عـلـى هـذا الـسـؤال بـالإيـجـاب.. فـسـيـصـبـح تـعـريـف الـفـن هـنـا مـسـألـة سـهـلـة و عـامـة ، و ذلـك لأن صـفـات و مـواصـفـات الـفـن هـنـا بـاتـت مـسـألـة عـالـمـيـة عـامـة أو شـائـعـة، مـسـألـة سـقـطـت مـنـهـا قـضـيـة الـهـويـة أو الـمـحـلـيـة ، بـل و تـسـقـط مـنـهـا أيـضـاً مـيـزة الـخـصـوصـيـة، بـكـل صـفـاتـهـا و أهـمـيـتـهـا الـدقـيـقـة الـمـعـروفـة فـي الـفـن، و الـفـن الـحـديـث عـلـى وجـه الـتـحـديـد، فـسـؤال مـثـل: مـا هـو تـعـريـف الـفـن فـي مـمـلـكـة الـبـحـريـن؟ لـن يـتـطـلـب فـي هـذه الـحـالـة مـنـا أي جـهـدٍ فـكـري خـاصٍ بـضـرورة الإتـيـان بـتـعـريـفٍ مـخـتـلـف و مـن مـنـظـورٍ محـلـيٍ أصـيــلٍ.
و لـكـن و بـمـجـرد إدراك أولـئـك الـذيـن ردوا عـلـى هـذا الـسـؤال بـالإيـجـاب، لـمـسـألـة سـقـوط مـوضـوع الـهـويـة مـن تـعـريـفـهـم لـلـفـن، لـوجـدنـا أن مـوقـفـهـم الـعـام يـنـقـلـب رأسـاً عـلـى عـقـب، ولـوجـدتـهـم أيـضـاً مـن أول الـداعـيـن إلـى تـأكـيـد مـكـانـة الـهـويـة و دورهـا فـي الـفـن و تـعـريـفـه مـن الـمـنـطـلـق الـمـحـلـى، بـل و مـن أي مـنـطـلـق آخـر مُـغـايـر.. !
إذ أن الـمـتـتـبـعـيـن لـحـركـة الـفـنـون فـي الـعـالـم الـعـربـي، يـعـرفـون تـمـامـاً مـا قـد شـكـلـتـه و تـشـكـله و إلى الـيـوم ، مـسـألـة (الأصــالة و الـمـعـاصـرة) فـي الـثـقـافـة العـربـيـة الحـديـثـة ، و يـدركـون أكـثـر من غـيـرهـم، مـدى خـطـورة مـا قـد ثار و احـتـدم و ما زال في موضوعـهـا من آراء و اطروحـات، لا عـد لها و لا حـصر.
ــ و أما إذا كان جـوابهـم عـلى سـؤال ما إذا كان ذلك فـناً يمـثـل البحـرين بالـنفـي، و هـذا أمـراً نـادراً، فـإنـنـا سـنـضـطـر فـي حـيـنـهـا أن نـسـأل هـؤلاء عــن تـعـريـفـهـم الخـاص لما هو الفـن في ممـلـكـة الـبحـريـن، و ما هي طـبيعـة مضمونه؟
و لاشـك عـنـدي أن الـمـوضـوع فـي هـذه الـحـالـة، أي عـنـد دعـوة الـنـاس هـكـذا لـتـعـريـف الـفـن، سـيـصـبـح الـمـوضـوع دعـوة عـامـة مـفـتـوحـة لـكـل مـجـتـهـدٍ بـأن يـأتـي بـمـا عـنـده، و فـي كـلا

http://univers-art.arabfunart.com/bhrane_art5.jpg

الـحـالـتـيـن، سـيـكـون لـمـوضـوع الـهـويـة فـي صـيـاغـة الـتـعـريـف أهـمـيـة لا مـنـاص مـنـهـا.. !
و هـا أنـا ذا أحـاول أن أدلـو بـدلـوي، و مـا سـوف أعـرضـه هـنـا مـن إجـابات أو تـعـريـف لـلـفـن فـي الـبـحـريـن، و تـحـديـد الـجـانـب الـحـديـث مـنـه تـسـهـيـلاً لـتـأريـخـه و فـهـمـه، مـا هـو فـي حـقـيـقـة الأمـر إلا اجـتـهـاداً فـرديـاً مـتـواضـعـاً، أدعـوكـم بـإلـحـاح لا إلـى قـبـولـه عـلـى مـا هـو عـلـيـه، و إنـمـا إلـى الـتـصـدي لـه تـأمـلاً و تـحـلـيـلاً و نـقـداً.. عـلـنـا جـمـيـعـاً مـن قـدح الـفـكـــر نـشـتـعــل.. !
فماذا يمكن أن يكون تعريف الفن التشكيلي في مملكة البحرين أو ما هو نوعه؟
أن مـجـتـمـع الـبـحـريـن، و كذلـك مجـتـمـعـات دول الخـلـيـج العـربـيـة عـامةً؛ لم تـعّـرف الـفـن بـمـفـهـومـه الأوروبي، المـصـطـلح عـلـى تسـمـيـتـه بـفـن الـشـفـالـيـه Chevalet الـمـتـمـثـل فـي الـلـوحـة الـتـصـويـريـة الـمـؤطـرة مـثـلاً، أي لـوحـة الـمـسـنـد ــ إلا مـع بـدايـات انتشار الـتـعـلـيـم الـعـام النظـامي الحكومي.
و الـسـؤال الذي يـطـرح نـفـسـه هـنـا هـو ؛ مـا هـو مـفـهـوم الـفـن الذي كـان سـائـداً فـي هـذه الـمـنـطـقـة قـبـيـل مـجـئ الـفـن بـمـفـهـومـه الأوروبي إلـى الـبـحـريـن و دول الـخـلـيـج ؟ وهـل كـان هـنـاك أي نـوعٍ مـن فـن الـتـصـويـر مـثـلاً ؟
أن حـالـة الـفـن فـي الـبـحـريـن و فـي دول الـخـلـيـج الـعـربـيـة آنـذاك ، كـانـت امـتـداداً طـبـيـعـيـاً لـتـقـلـيـد فـكـري و تـقـني أو حـرفـي، كـان سـائـداً فـي الـمجـتـمع ، شـأنـه شـأن جـمـيـع تـلـك الـتـقـالـيـد الاجـتـمـاعـيـة الأخـرى الـمـتــوارثـة، الـتـي يـتـطـابـق حـالـهـا الـذي كـانـت عـلـيـه و حـالـة الـوجـود الـسـاكـن.. !
هـذه الحـالـة الـتي كـانت تـعـيـشـها أيـضـاً الـفـنـون الـعـربـيـة الـتـقـلـيـديـة، أو تـلـك الـتي تسـمـى بالإسـلاميـة، في مخـتـلـف أقـطـار الـعـالـم الـعـربـي و الإسـلامـي ، وذلـك قـبـيـل أن تـقـع تـلـك الأقـطـار تحـت طائل المـد الـعـارم لـلـمـدنـيـة عـلـى الـنـمـط الأوروبي مـن أثـر زحـف الـمـسـتـعـمـر الأوروبـي عـلـيـهـا وعـلـى مـدنـيـتـهـا.
أن الـفـن بـمـفـهـوم لـوحـة الـمـسـنـد الـقـادم لـنـا مـن مـعـطـيـات فـكـر عـصـر الـنـهـضـة الأوروبـيـة، لـم يـكـن فـي مـمـلـكـة الـبـحـريـن، و لا فـي دول الـخـلـيـج الـعـربـيـة ، فـنـاً مـعـروفـاً أو مـألـوفـاً. و أن مـسـألـة http://univers-art.arabfunart.com/bhrane_art6.jpg


حـصـر الاسـتـمـتـاع الـذهـنـي و البصـري فـي حـيـز الـلـوحـة الـمـقـفـل، أو فـي إطـارٍ محـددٍ، كـمـا تـمـلـيـه و تـشـتـرطـه لوحـة الـمـسـنـد، لم يـكن أمراً وارداً فـي الـفـكر المحـلى عـلى الإطـلاق، و لـم أجـد لـه فـي تـراث هـذه الـمـنـطـقـة الـعـربـيـة أي أسـاس ، و ذلـك لأن مـفهـوم الفـن الـسـائد ، منذ أن كان هـناك فـنـاً فـي هـذا الـعـالـم الـعـربـي و الإسلامي.
إذ لـم تـكـن هـنـاك فـواصـل أو حـدود بـيـن الـفـن و واقـع الـحـيـاة الـيـومـيـة لـلـنـاس فـي الـبـحـريـن عـبـر الـتـاريـخ ، فـلـقـد كـان الـفـن مـهـارة فـائـقـة و إتـقـان يـتـمـيـز بـهـمـا و يـمـتـلـكـهـمـا أصـحـاب الـحـرف الـيـدويـة و الـصـنـاع، مـن مـثـل؛ صـانـع الـفـخـار، و الـحـائـك الـمـشـتـغـل بـالـنـسـيـج والـخـيـاطـة، و الـقـلاف صـانـع الـسـفـن و الـنـجـار، و الـبـنـاء و مـزخـرف و مـجـصـص الـمـنـازل، و الـحـداد و الـصـفـار و صـانع الـحـلـي و الـخـنـاجـر و الـسـيـوف، إذ كـانـت كـل تـلـك الحـرف الأصـيـلـة المـتـوارثـة من غـابـر الأزمـنـة، تـشـكـل ركـنـاً أسـاسـيـاً و هـامـاً، مـكـمـلاً لأهـم نـشـاطـات أهـل مـمـلـكـة الـبـحـريـن الـيـومـيـة حـتـى قـبـيـل اكـتـشـاف الـنـفـط فـيـهـا، و لـم يُـعـرف الـفـن الـتـشـكـيـلـي بـمـفـهـومـه الأوروبـي الـحـديـث إلا مـع بـدايـات الـتـعـلـيـم الـنـظـامـي الـحـكـومـي .
وقـد قـمـت ــ و حـسـب امـكـانـاتـى الـمـتـواضـعـة ــ بالاسـتـقـصـاء عـن مـا يـمـكـن أن يـتـوفـر فـي الـسـاحـة الـمـحـلـيـة، مـن نـمـاذج أو أعـمـال فـنـيـة تـاريـخـيـة أو قـديـمـة، قـد تـسـمح طـبـيـعـتهـا بأن تـدرج تحـت الـمفـهـوم الأوروبي لـلفـن، فـلم أعـثـر عـلى أي شيء فـنـي، يـمكـن أن تـكون له نفـس وظـيـفـة أو مـفـهـوم (لـوحـة الـشـفـالـيـه) أو لـوحـة الـمـسـنـد ، يـمكـن أن يـؤرخ بـفـتـرة مـا قـبـل تـاريـخ مـجـيـئـهـا مـع مـنـاهـج الـتـعـلـيـم الـنـظـامـي إلـى الـخـلـيـج !
الـلـهـم إلا هـذا الـنـوع مـن الأعـمـال الـتـصـويـريـة، الـذي هـو عـبـارة عـن رسـومـات أو تـصـاويـر مـلـونـة، تـكـون فـي الـعـادة لأنـواع مـن الـسـفـن الـشـراعـيـة الـمـحـلـيـة الـكـبـيـرة الـمـشـهـورة أحـيـانـاً بـيـن أهـل الـبـحـر.
و قـد وجـدت مـنـهـا فـي بـادئ الأمـر ، نـمـاذج عـنـد بـعـض الـمـشـتـغـلـيـن بـالـبـحـر و الـسـفـن، ورأيـت مـنـهـا فـي الـسـتـيـنـيـات نـمـاذج كـانـت مُـعـلـقـة عـلـى الـجـدران ، فـي بـعـض المقاهي الـشـعـبـيـة


http://univers-art.arabfunart.com/bhrane_art7.jpg
الـعـامـة، و أحـيـانـاً فـي مـجـالـس أهـل الـغـوص عـلـى الـلـؤلـؤ و تـجـاره، أو مـعـلـقـة فـي دكـاكـيـنـهـم .
و كـان انـطـبـاعـي الأول عـنـهـا، و تـفـسـيـري لـنـوعـهـا و طـبـيـعـتـهـا؛ بـأنـهـا أعـمـالاً تـصـويـريـة تـراثـيـة قـديـمـة، قـد تُـمـثـل امـتـداداً لـنـمـط مـحـلـى أصـيـل مـن فـن الـتـصـويـر و الـرسـم، أو أنـهـا بـقـايـا ذلـك الـتـقـلـيـد الـعـريـق الـذي أرسـتـه نـمـاذج الـمـنـمنـمـات الـتـي تـضـمـنـتـهـا الـتـصـاويـر و رسـومات الـكـتـب و الـمخـطـوطـات الـعـربـيـة الإسـلامـيـة الـقـديـمـة، مـنـذ انـتـشـار الإسـلام فـي ربـوع هـذه الأرض الـفـيـحـاء.
و يـأتـي هـذا الـتـشـابـه الـمـدهـش بـيـنـهـمـا ، لا مـن حـيـث الانـطـبـاع الـعـام و الـهـويـة و حـسـب، و إنـمـا مـن حـيـث مـعـطـيـاتـهـا الـتـقـنـيـة الـتـشـكـيـلـيـة الـتـي اتـصـفـت بـهـا و تـمـيـزت الـفـنـون الـتـقـلـيـديـة فـي الـبـلاد العـربـية والإسـلامـيـة، و قـيـمـها الـجـمـالـيـة و طـبـيـعـة مـضـمـونـهـا الأدبي و مـعـطـيـاتـهـا.
و لـكن بعـد الـفـحـص و الـتـدقـيـق فـي تـفـاصـيـلهـا الـفـنـية و نمـطـهـا، و بعـد تـقـصى مـصدرهـا الأصـلي، و البحـث عـن مـنـتجـيـهـا ، وجـدت أن هـذه الرسـومات و الـصـور الـمـحـلـيـة، مـا هـي فـي حـقـيـقـتـهـا إلا نـوعـاً جـديـداً مـن الـرسـومـات، الـتـي كـان يـرســم مـثـلـهـا من يـسـمـون بالأسـاتـذة (الـقـلافـون) و هـم صـنـاع الـسـفـن الـتـقـلـيـديـة الـمـحـلـيـون، و ذلـك مـن أجـل أن يـسـتـخـدمـوهـا كـدلـيـلٍ فـنـي حـرفـي أو هـنـدسـي تـفـصـيـلـي عـنـد صـنـاعـة الـسـفـيـنـة ، مـن أجـل تـحـديـد شـكـلـهـا و نـوعـهـا وتـفـاصـيـلـهـا الإنـشـائـيـة أو الـبـنـيـويـة و مـقـاسـات حـجـمـهـا و أظـهـار نـسـب أجـزائـهـا و مـا شـابـه، أي أن وظـيـفـتـهـا مـشـابـهـة لـدرجـة كـبـيـرة لأي رسـم هـنـدسـي صـنـاعـي .
و فـي أكـثـر الأحـيـان تـسـتـخـدم أيـضـاً، لـغـرض عـرض تـلـك الـنـمـاذج مـن الـسـفـن الـمـرسـومـة، عـلـى الـشـخـص الـذي أوعـز بـصـنـاعـتـهـا أو عـلـى مـالـكـهـا، و ذلـك قـبـل الـبـدء بـمـشـروع بـنـاء الـسـفـيـنـة نـفـسـهـا، و مـن أجـل أخـذ الـرأي و الـمـوافـقـة الـنـهـائـيـة عـلـى مـا سـتـكـون عـلـيـه الـهـيـئـة الـعـامـة لـلـسـفـيـنـة ، بـعـد الـتـصـنـيـع .
و نـظـراً لـلـطـبـيـعـة الـفـنـيـة و الـهـنـدسـيـة الأصـلـيـة لـهـذه الـتـصاويـر و الـرسـومات ، نـسـتـطـيـع أن نـقـول أنـهـا مـن أنـتـاج هـؤلاء الـصـنـاع الـمحـتـرفـيـن، الـذيـن يـطـلـق عـلـيـهـم أسـم (الـقـلالـيـف؛ و هـي جـمـع قـلاف) ثـم انتشرت فـيـمـا بـعـد، و تـم تـداولـهـا كـنـوع مـن الـوثـائـق بـيـن مـن يـطـلـق عـلـيـهـم في الـلـهـجـة الـمـحـلـيـة (بـالـنـوآخـذه؛ وهـى جـمـع نـوخـذه) وهـم ربـابـنـة الـسـفـن، و أحـيـانـاً هـم مـتـضـمـنـيـهـا أو مـلاكـهـا الأصـلـيـيـن أيـضـاً ، ثـم اشـتـهـرت تـلـك الـتـصـاويـر و شـاعـت في أوسـاط أهـل الـبـحـر عـامـةً، أو بـشـكـل خـاص بـيـن أهـل الـغـوص عـلـى الـلـؤلـؤ و بـيـن تـجـاره و الـمـشـتـغـلـيـن فـي صـنـاعـتـه .
فـمـع تـقـهـقـر صـنـاعـة الـسـفـن الـتـقـلـيـديـة، بـعـد انـتـكـاسـة الـتـجـارة الـبـحـريـة و تـعـطـل خـطـوط الـمـلاحـة بــسـبـب الـحـروب الـعـالـمـيـة الـعـظـمـى، و كـذلـك تـدهـور سـوق الـلـؤلـؤ الطبيعي، وانـتـكـاسـتـه الأخـيـرة فـي الـبـحـريـن و الـخـلـيـج ، عـنـدمـا تـم الـتـوصـل إلـى اسـتـزراع نـوع مـن الـلـؤلـؤ صـنـاعـيـاً مـن قـبـل الـيـابـانـيـون فـي مـطـلـع هـذا الـقـرن الـعـشـريـن، تـحـول الـبـعـض مـن الـمـشـتـغـلـيـن بـصـنـاعـة الـسـفـن إلـى صـنـاع نـمـاذج مـصـغـرة لـلـسـفـن الـتـقـلـيـديـة مـن أجـل بـيـعـهـا عـلـى الـجتالـيـات الأجـنـبـيـة الـمـتـواجـدة فـي الـبـحـريـن و الـخـلـيـج آنـذاك، و حـدث تـبـدل جـذري فـي طـبـيـعـة و وظـيـفـة تـلـك الـتـصـاويـر و الـرسـومـات الـتـقـلـيـديـة الـحـرفـيـة، و ذلـك بـتـحـولـهـا شـيـئـاً فـشـيـئـاً إلـى مـجـرد http://univers-art.arabfunart.com/bhrane_art8.jpgصـور تـذكـاريـة ، قـد فـقـدت وظـيـفـتـهـا الـصـنـاعـيـة الأصـلـيـة، و أهـمـيـتـهـا الـعـلـمـيـة الـهـنـدسـيـة الـمـعـهـودة. فـأخـذت لـهـا وظـيـفـة جـديـدة تـعـادل فـي طـبـيـعـتـهـا و مـكـانـتـهـا مـا تـقـوم بـه لـوحـة الـمـسنـد، و ما لـهـا مـن مـدلـول فـي الـفـن الـتـشـكـيـلـي الأوروبي أو الـفـن بـشـكـل عـام . فـأصـبـحـت تـلـك الـتـصـاويـر فـي هـيـئـتـهـا و وظـيـفـتـهـا الـجـديـدة شـيـئـاً قـيّـمـاً يـمـيـل إلـى اقـتـنـائـه ملاك الـسفن و أهـل الـبحـر، و خـاصة أولـئـك الـذيـن سكـن البـحـر و أمـجـاده وجـدانهـم عـمـيـقـاً، إلـى حـيـث أصـبـحـت فـيـهـا تـلـك الـتـصـاويـر عـنـدهـم رمـزاً خـالـداً لـمـاضٍ تـلـيـدٍ.
و لـقـد حـدث كـل ذلـك الـتـبـدل فـي وظـيـفـة تـلـك الأعـمـال الـفـنـيـة الـمـحـلـيـة مـتـزامـنـاً و مـتـفـقـاً مـع حـركـة تـحـول مـجـتـمـع الـبـحـريـن و الـخـلـيـج، و تـغـيـر اقـتـصـاده، مـن ذاك الـذي كـان مـعـتـمـداً عـلـى الـبـحـر و صـنـاعـة الـغـوص عـلـى الـلـؤلـؤ الـتـقـلـيـديـة، إلـى الاعـتـماد بـصـورة شـبـه كـلـيـة و حـيـويـة عـلـى صـنـاعـة الـنـفـط الـحـديـثـة و عـائـداتـهـا الـكـبـيـرة الـتـي بـدأت تـدرهـا عـلـى مـجـتـمـعـاتـنـا الـخـلـيـجـيـة مـنـذ اكـتـشـافـهـا.
و أكـثـر مـا وصـل إلـيـنـا مـن نـمـاذج مـن هـذه الـرسـومـات و الـتـصـاويـر الـمـحـلـيـة الـمـمـيـزة و الـنـادرة، هـي مـن الأعـمـال الـتـي تـم إنتاجها حـديـثـاً نـسـبـيـاً .. وأن أقـدم نـمـوذجٍ أصـليٍ مـن هـذه الـرسـومـات استطعت الـحـصـول عـلـيـه فـي الـبـحـريـن قـد لا يـزيـد عـمـره ــ فـي تـقـديـر الـشـخـصي ــ عـلى الـستـيـن أو الـسـبـعـيـن عـامـاً ، حـتـى تـاريـخ كـتـابـة هـذه السـطـور

نور 03-13-2008 03:32 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
الفنون التشكيلية في البحرين2/2


ومع بـدء الـتـعـلـيم الـعـام الـنـظـامـي الحكومي في الـبحـريـن في نهـايـة العـقـد الثاني مـن هـذا الـقـرن الـعـشـريـن، http://univers-art.arabfunart.com/bhrane_art9.jpg

أنـتـشـر عـن طـريـق مـنـاهـج الـتـعـلـيـم الـعـام أو مـن خـلال طـرق الـتـدريـس فـي الـمـدارس الـحـكـومـيـة الـفـن بـمـفـهـومـه الأوروبي وعـلـى أسـاس وتـقـلـيـد فـكـرى وتـقـنـى من معـطـيـات عـصـر الـنهـضـة الأوروبـيـة .

فـعـرفـنـا أول مـا عـرفـنـا مـن هـــذا الـــفـن هـــو؛ رمـــوزه الـكــبـيـرة مـمـثـلـة في الـفـنـان لـيـونـاردو دا فـــنـشـى Leonardo de Vinci ولـوحـــتـه الـشهـيـرة الـمـونـالـيـزا Monaliza وعـرفـنـا كـذلـك مـايـكـل أنـجـلـوMichael Angelo وقـصـة مـعـانـاتـه فـي رسـم سـقـف كـنـيـسـة الـسـكـسـتـيـن Sixtine في الـفـاتـيـكـان بـرومـا أو إبـداعـاتـه في تـصـمـيـم واجـهات قـبـور عـظـماء إيـطـالـيا ومـلـوكـها و الـبـابـوات .. وكل تـلك الـمـعـلـومـات والـمـعـارف التي عـظـمـت لـنـا أوروبـا إلـى درجـةٍ تـراكـمـت فـيـهـا عـلـى ثـقـافـتـنـا وتـربـيـتـنا وجـذورنا الـعـربـية طـبـقـات سـمـيـكـة وثـقـيـلـة مـن غـبـار الـحـضارة الأوروبـية!

لـقـد تـعـرفـنـا عـلـى كـل أولـئـك الـفـنـانـون الأوروبـيـون الـرواد، عـنـدمـا وردت أسـمـاؤهم، لا فـي سـيـاق تـدريـس مـادة الـفـن أو مـنـاهـجـهـا، و إنـمـا وردت في كـتـب الـتـاريـخ الـعـام، إذ لـم يـكـن لـمـادة الـفـنـون الـجـمـيـلـة آنـذاك أي نوع مـن الـمـراجـع أو الـكـتـب، بـل و لم يـكـن لـهـا أي مـنـهـج تـعـلـيـمـي مـكـتـوب، إذ كـانـت الـفـنـون تـلـقـن تـلـقـيـنـاً شـفـويـاً ومـن خـلال الـمـمـارسـة الـتـعـلـيـمـيـة الـعـمـلـيـة.

و هـكـذا وجـدنـا أن الـفـنـون الـتـشـكـيـلـيـة فـي الـبـحـريـن بـعـد هـذا الـتـلـقـيـن الـمـدرسـي عـلـى الـفـن بـمـفـهـومـه الأوروبي، قـد اتـجـهـت حـركـتـهـا و أتـجـه عـقـلـهـا (هـذا إن كـان لـلـفـنـون عـقـلاً!) وبـشـكـل تـلـقـائـي آلـي فـي اتـجـاه مـحـدد مـعـروف، وهـو نـفـس الاتجاه الـذي سارت عـليه مخـتـلـف الـمـجـتـمـعـات فـي الـعـالـم؛ ألا وهـو اتـجـاه الـتـحـضـر عـلـى الـنـمـط الأوروبي الـشـائـع، نـظـراً لـمـا كـانـت تـمـر بـه دول الـخـلـيـج بـل ودول الـعـالـم قـاطـبـةً آنـذاك مـن تـحـولات اجتماعية و ااقتصادية وسـيـاسـيـة شـامـلـة، و نـظـراً لـتـصّـدر ثـقـافـة الـدول الـمهـيـمنة و ما كـان لهـا مـن تـأثـيـر نـافـذ و خـطـيـر عـلـى تـوجـهـات الأمـم و شـعـوبـهـا و عـلـى طـرق http://univers-art.arabfunart.com/bhrane_art10.jpg


مـعـيـشـتـهـا وأسـالـيـب انتقالها مـن حـلـقـات ثـقـافـاتـهـا الـوطـنـيـة أو الإقليمية الـتـقـلـيـديـة الـمـقـفـلـة إلـى سـاحـات مـا كـان يغـزو الـعـالـم آنـذاك مـن مـعـطـيـات حـضـارة الـغـرب!

و الـسؤال الـذي يطـرح نفـسه هـنا بعـد هـذه الإشارة الـصريحـة إلـى أثـر حـضـارة الغـرب عـلـى الـعـالـم هـو؛ مـاذا نـتـوقـع أن نـجـد فـي الـسـاحـة الـتـشـكـيـلـيـة الـمـحـلـيـة مـن إبـداعـات؟

ما يـبـدو لي جـواباً صـالحـاً هـو؛ أنـهـا فـي غـالـبـهـا إبـداعـات تـأسـسـت عـلـى هـذا الـذي قـد فُـرش من أرضيـة ثـقافـية و معـرفـية عـامة ، أُجـيـز لـنـفـسـي هـنـا بـوصـفـهـا (مُـسـتـغـربـة) بكـل ما تـذهـب إلـيه كـلـمة الاستغراب هـنا من مـعـانـي و أبـعـاد..! فـسـيـان عـنـدي إن كـان ذلـك استغرابا بـمـعـنـى الاتجاه إلـى الـغـرب، أو استغرابا بـمـعـنـى الاندهاش أو الانبهار؟

تـلـك كـانـت مـقـدمـة مـخـتـصـرة لـكـيـف وجـد الـفـنـان التشكيلي الـمـحـلـى نـفـسـه مـنـجـرفـاً مـع تـيـار تـمـدن الـبـحـريـن مـنـذ ابتداء فـتـرة مـا بـعـد اكتشاف الـنـفـط ، و دخـول الـمـجـتـمـع البحريني مـدنـيـة الـقـرن الـعـشـريـن. وعـلـى أسـاس مـا ذهـبـت إلـيـه هـذه الـمـقـدمـة يـمـكـنـنا الـقـول؛ بـأن الـحـركـة الـتـشـكـيـلـيـة فـي الـبـحـريـن هـي حـركـة حـديـثـة بـطـبـيـعـتـهـا، و هـي كـذلـك فـي تـوجـهـاتـهـا الـتـي كـانـت و مـا تـزال ، مـن تـوجـهـات نـفـس هـذه الـفـتـرة الانتقالية الـحـرجـة مـن تـاريـخ الـبـحـريـن الـحـديـث، و هي أيـضـاً مـن نـوع تـفـاعـلـهـا التنموي الثقافي و الفكري الـعـام في مـرحـلـتـه الـمـعـاصـرة هـذه.

ومن المهم الـتـنـبيـه هنا إلى أن إضافـة صفة الحـداثـة لعـنوان وأسم الفن التشكيلي المحلى في هـذا الـسـيـاق لـم يـقـصـد بـه أبـداً الـدلالـة عـلـى مـدى حـداثـة مـضـمـون الـفـن التشكيلي الـمحـلى، بـقـدر مـا هي إشـارة إلـى عـمر الفـنـون الـتـشـكـيـلـة الـحـديـث نـسـبـيـاً في الـبـحـريـن.

http://univers-art.arabfunart.com/bhrane_art11.jpg



لـقـد كـان لـتـتـالـى إقـامـة مـعـارض الـفـنـون الـتـشـكـيـلـيـة الـجـمـاعـيـة مُـنـذ ولادة فـكـرتـهـا مـن بـيـن أروقـة و أدراج صـفـوف مـدارس الـتـعـلـيـم الـعـام الـحـكـومـيـة، و نـجـاح بـدايـات هـذه الـمـعـارض الـمـفـتـوحـة لـعـامـة الـنـاس نـجـاحـاً إعـلامـيـاً مـلـحـوظـاً، بـعـد أن حـظـيـت بـالـتـرحـيـب و الإقـبـال الـكـبـيـر مـن الـحـكـام و الأعـيـان و كـبـار الـمـسـئـولـيـن و الـنـاس عـلـيـهـا، و ذلـك مـنـذ أن أقـيـم الأول مـن هـذه الـمـعـارض فـي عـام 1956 م بـنـادي الـعـروبـة، و الـثـانـي فـي عـام 1957 م بـالـنـادي الأهـلـي فـي مـديـنـة الـمـنـامـة الـعـاصـمـة، أثـراً إيـجـابـيـاً بـالـغ الأهـمـيـة، وضـع مـنـذ الـوهـلـة الأولـى حـركـة الـفـنـون الـتـشـكـيـلـيـة و أفـرادهـا عـلـى سـلـم اجـتـمـاعـي و مـعـرفـي ٍ صـاعـدٍ ، وصـل بـالـفـن و الـفـنـان فـي مـمـلـكـة الـبـحـريـن، بـعـد أن خـرج مـن مـخـاض الـتـأسـيـس، و ولادة أول الـتـجـمـعـات الأهـلـيـة الـتـخـصـصـيـة فـي هـذا الـمـجـال؛ كـأسـرة هـواة الـفـن الـتـي تـأسـسـت فـي عـام 1956 م، إلـى مـكـانـة مـرمـوقـة مـتـصـدرةٍ الـنـشـاط الـثـقـافـي ، بـل تـصـدرت جـميـع الـمجـالات الـثـقـافـيـة الـمـعـروفـة في مـجـتـمـع ممـلـكـة البـحـريـن الـنـاهـض.

و أول من ظـهـر و أشـتـهـر من فـنـانـي هـذه الـحـقـبـة الـتـأسـيـسـيـة الأولـي، الـفنان يـوسـف قـاسـم، هـذا الـفـنـان الـمـتـعـدد الـمـواهـب و الـقـدرات، فـإلـى جـانـب اشـتـهـاره كـفـنـان تـشـكـيـلـي مـتـمـيـز، كـان يـعـد ، بـعـد الـمـرحـوم الـمـصـور الشعـبي محـمـد الـمـاص، مـن أوائـل مـن فـتـح لـه مـن الـفـنـانـيـن الـبــحـريـنـيـيـن محـلاً تجـاريـاً (أسـتـوديـو) لـلـتـصـويـر الـضـوئي، و كان أيـضاً عـازفـاً مـاهـراً عـلى آلـة الـعـود و الـكـمـان، رافـق بـعـزفـه الـعـديـد مـن الـمـغـنـيـن المعـروفـين الأوائل.

ثـم ظـهـر فـي نـفـس الـفـتـرة عـدد مـن الـفـنـانـيـن الـتـشـكـيـلـيـيـن الـمـوهـوبـيـن، كـان مـن أبـرزهـم الـمـرحـوم الـفـنـان الأسـتـاذ أحـمـد الـسـنـي الـذي أصـبـح أول مـوجـه لـمـادة الـرسـم و الأشـغـال الـيـدويـة فـي مـدارس http://univers-art.arabfunart.com/bhrane_art12.jpg



الـبـحـريـن، و مـن أول مـن سـاهـم فـي إقـامـة أول الـمـعـارض الـجـمـاعـيـة الـمـشـتـركـة لـلـفـنـانـيـن الـمـحـلـيـيـن فـي الـخـمـسـيـنـيـات مـن الـقـرن الـعـشـريـن، فـتـعـددت هـذه الـمـعـارض بـنـجـاحـهـا، و انـتـقـلـت مـن أروقـة الـمـدارس و جـمـاعـات الـنـشـاط الـمـدرسـي الـصـغـيـرة، إلـى قـاعـات الأنـديـة الـثـقـافـيـة الأهـلـيـة، فـعـزز هـذا الـمـنـاخ آنـذاك ظـهـور نوع من الجـماعـات الثـقـافـية الـصغـيـرة المـسـتـقـلـة، مـثـل نـدوة الـفـن و الأدب بالمنامة العـاصـمة الـتـي كـان وراء فـكـرة تأسـيـسـهـا الـمرحـوم أحـمـد يـوسـف الـقـصـيـبـي و شـاركـه فـي إخـراجـها إلى حـيـز الوجـود الفـنان عبد الـكريـم العـريـض و عـدد مـن الـتـلامـيـذ زملاء الدراسـة.

و أثـنـاء هـذه الـحـقـبـة الأولـى ظـهـر أيـضـاً، رسـام الـكـريـكـاتـيـر الأول فـي دول الـخـلـيـج الـعـربـيـة آنـذاك الـفـنـان عـبـد الله الـمـحـرقـي، و كـان مـن أبـرز و أكـثـر الـفـنـانـيـن شـهـرة و نـجـاحـاً، فـقـد اسـتـطـاع بـالإضـافـة إلـى رسـمـه لـلـكـريـكـتـيـر فـي الـصـحـف الـيـومـيـة و الـمـجـلات، أن يـقـتـرب كـثـيـراً بـأعـمـالـه الـتـصـويـريـة الـطـبـيـعـيـة الـمـسـتـوحـاة مـن واقـع حـيـاة أهـل الـخـلـيـج الـتـقــلـيـديـة، مـن ذوق عـامـة الـنـاس و أن يـحـقـق سـمـعـة طـيـبـة لـفـنـه، و أن يـكـتـسـب شـهـرة لـم يـحـظـى بـهـا أحـد مـن الـفـنـانـيـن مـن قـبـلـه، لا عـلـى الـمـسـتـوى الـجـمـاهـيـري الـمـحـلـي و حـسـب، و إنـمـا عـلـى الـصـعـيـد الـحـكـومـي الـرسـمـي، و عـلـى مـسـتـوى دول الـخـلـيـج الـعـربـيـة أيـضـاً.

و نـظـراً لـتـصـدر أسـرة هـواة الـفـن الـتـي تـحـول أسـمـهـا فـيـمـا بـعـد إلـى أسـرة فـنـانـي الـبـحـريـن، الـنـشـاط و الـوسـط الـثـقـافـي و الـفـنـي فـي مـطـلـع الـسـتـيـنـيـات مـن الـقـرن الـعـشـريـن، نـظـراً لـتـنوع وتـعـدد نشاطـاتـهـا الـفـنـيـة كـالـمـسـرح و الـمـوسـيـقـى و الـغـنـاء، اسـتـطـاعـت هـذه الـمـؤسـسـة الأهـلـيـة الـمـسـتـقـلـة و الـوحـيـدة مـن نـوعـهـا فـي الـبـحـريـن و دول الـخـلـيـج آنـذاك، مـن اسـتـقـطـاب مـجـمـوعـة مـهـمـة مـن الـفـنـانـيـن و الـهـواة، مـن مـخـتـلـف مـنـاطـق الـبـحـريـن، تـشـكـلـت مـن بـيـنـهـا مـجـمـوعـة مُـتـمـيـزة مـن الـفـنـانـيـن الـتـشـكـيـلـيـيـن، لـتـكـون مـن تـلاحـمـهـا أول نـواة صـلـبـة مـن الـتـشـكـيـلـيـيـن الـمـحـلـيـيـن. و قـد كـان مـن أهـم أعـضـاء هـذه الـطـلـيـعـة مـن الـفـنـانـيـن الـتـشـكـيـلـيـيـن، هـم كـل مـن: عـزيـز زباري و الـمـرحـوم راشـد سـوار و إسـحـاق http://univers-art.arabfunart.com/bhrane_art13.jpg


خـنـجـي و المـرحـوم حـسـيـن الـسـنـي و عـبـد الـكـريـم الـعـريـض و راشـد الـعـريـفـي و نـاصـر الـيـوسـف و أسـامـة صـالـح و عـبـد الـكـريـم الـبـوسـطـة و أحـمـد بـاقـر.

و قـد أقـامـت هـذه الـطـلـيـعـة مـن الـتـشـكـيـلـيـيـن مـنـذ الـسـتـيـنـيـات مـن الـقـرن الـعـشـريـن، الـعـديـد مـن الـمـعـارض الـجـمـاعـيـة الـنـاجـحـة، كـانـت أحـيـانـاً مُـرافـقـة بـعـروض مـسرحـيـة و غـنائيـة و مـوسـيـقـيـة ، فـي أمـاكـن مـخـتـلـفـة مـن مـمـلـكـة الـبـحـريـن، و أقـامـة أيـضـاً و لأول مـرة خـارج الـبـحـريـن مـعـرض لـهـا بـدولـة الـكـويـت الـشـقـيـقـة.

و فـي الـسـبـعـيـنـيـات مـن الـقـرن الـعـشـريـن فـتـح بـعـض الـفـنـانـون لأنـفـسـهـم أمـاكـن و صـالات خـاصـة لـلـعـرض، كـان أولـهـا دكـان كـريـم الـعـريـض الـذي ابـتـدأ بـعـرض مُـشـتـرك مـن الأعـمـال الـتـشـكـيـلـيـة لـمـجـمـوعـة مـن الـفـنـانـيـن أعـضـاء أسـرة هـواة الـفـن آنـذاك ثـم تـحـول لـمـرسـم و مـعـرض خـاص بـه، ثـم فـتـح أحـمـد بـاقـر بـقـلـب سـوق الـمـنـامـة مـعـرض خـاص بـأعـمـالـه ، فـتـبـعـه بـعـدهـا افـتـتـاح الـمـعـرض الـسـيـاحـي لـصـاحـبـه راشـد الـعـريـفـي، و غـالـري الـبـانـوش لـصـاحـبـتـه شـهـرزاد يـتـيـم .

و فـي الـبـدايـة، كـان لاقـتـنـاء الـجـالـيـات الأجـنـبـيـة الـمـتـواجـدة فـي الـبـحـريـن و دول الـخـلـيـج الـعـربـيـة، و إقـبـالـهـم عـلـى شـراء الـلـوحـات الـتـي تـذكرهـم عـلى مـا يـبـدوا بـمـعـالـم الـبـحـريـن و الـخـلـيـج الـتـقـلـيـديـة، دور مُـشـجـع عـلـى اسـتـمـرار الـعـديـد مـن الـفـنـانـيـن الـمـحـلـيـيـن فـي الإنـتـاج، و تـوجـهـم بـاسـتـمـرار إلـى نـقـل و تـصـويـر مـشـاهـد الـحـيـاة الـيـومـيـة و الـطـبـيـعـة و مـعـالـم الـبـيـئـة الـمـحـلـيـة الـتـقـلـيـديـة، و خـاصـة تـلـك الآيـلـة للانـقـراض. ألا أن ذلـك و عـلـى الـرغـم مـن كـل إيـجـابـيـاتـه و عـوائـده الـمـالـيـة الـمـشـجـعـة لـلـفـنـانـيـن ، قـد أدى إلـى انـشـغـال الـعـديـد مـنـهـم بـتـكـرار أنـفـسـهـم ، و تـصـويـر مـا كـان مـنـاسـبـاً لـذوق الـمـسـتـهـلـك الأجـنـبي، فـنـتـج عـند الـبـعـض عـزوف عـن الـبـحـث و تـنـمـيـة الـقـدرات الإبـداعـيـة، أو الـتـحـقـق بـأقـل تـقـديـر مـن الـنـفـس أو تـحـقـيـق الـهـوية.

فـكـانـت أول الأعـمـال الـمـنـتـجـة مـتـشـابـهـة، و مـمـا كـان يـزيـد الأمـر تـشـابـهـاً و تـقـاربـاً، هـو قـلـة عـدد http://univers-art.arabfunart.com/bhrane_art14.jpg



الـفـنـانـيـن الـمـحـلـيـيـن نـسـبـيـاً، و عـمـلـهـم كـمـجـمـوعـة مـتـقـاربـة حـمـيـمـة فـي عـلاقـاتـهـا بـبـعـضـهـا الـبـعـض، نـظـراً لـتـشـابـه و تـقـارب ظـروفـهـم و مـسـتـويـاتـهـم الـمـعـيـشـيـة و الـتـعـلـيـمـيـة، و صـغـر حـجـم حـدود دائـرة تـحـركـهـم و احـتـكـاكـهـم بـالآخـريـن.

لـقـد كـان مـفـهـوم الـفـن لـدى الـفـنـانـيـن الـمـحـلـيـيـن الأوائـل، هـو نـفـس الـمـفـهـوم الـذي سـاد الـمـنـاهــج الـدراسـيـة لإدارة مـعـارف حـكـومـة الـبـحـريـن آنـذاك، و هـو أيـضـاً نـفـس الـمـفـهـوم الـذي كـان قـد عـمّ أوروبـا، و مـنـبـعـه إيـطـالـيـا الـقـرن الـسـادس عـشـر، و الـقـائـل بـأن الـفـن هـو عـمـل ناتـج عـن جـهد معـرفـي ذهـنـي بـالـدرجـة الأولـى، مـثـلـه فـي ذلـك مـثـل عـلـم الـريـاضـيـات و الـهـنـدسـة و مـا إلـى ذلـك، و لا يـمـكـن اعـتـبـاره عـلـى أنـه حـرفـة كـبـاقـي الـحـرف و الـصـنـاعـات الـيـدويـة الـتـي لا يـتـطـلـب إنـتـاجـهـا إلا الـجـهـد الـعـضـلـي.

فبدون أية خبرة سابقة، عـمل الفـنـان الـمـحـلـي، و ذلـك عـن طـريـق الـتـجـربـة و الخـطأ و الـمـمـارسـة العـمـليـة الـمُـسـتـمـرة، عـلـى اكـتـشـاف مـجـلات الـفـنـون الـتـشـكـيـلـيـة، و ذلـك بمـحـاكـاة الـنمـوذج الأوروبـي الـتـقـلـيـدي، الـكـلاسـيـكـي بـوجـه خـاص ، فـكـانـت الـنـتـيـجـة أعجـاباً و شـغـفـاً متـزايـداً بـفـنـون الـغـرب، و تـقـدمـاً كـان لا بـأس بـه عـلـى صـعـيـد الـتـقـنـيـة.

و جـاءت أول الأعـمـال الـمُـنـتـجـة مـحـلـيـاً، تـحـمـلُ فـي إطـارهـا و مـضـمـونـهـا مـلامـح مُطابقـة لأعـمال مـشاهـير الفن الأوروبي، إذ امتازت بصـياغـات تشـكيـليـة مـتـقـدمـة و موزونة، و ذلـك مـن حـيـث الـمـظـهـر الـشـكـلـي الـعـام، كـالاهـتـمـام بـمـصـادر الـضـوء و الـتـكـويـن و الأبعـاد و الـنـسب و الـمنـظـور الـمـنـطـقـي الأوروبـي، و بـطـرق مـزج الألـوان و دهـن الـلـوحـة.

و لـعـل تـحـرر الـمـدرسـة الانـطـبـاعـيـة الأوروبـيـة مـن الـقـيـود و الـصـرامـة الأكـاديـمـيـة، و الـقـواعـد الـكـلاسـيـكـيـة الـدقـيـقـة، و لـجـوئـهـا إلـى لـمـسـات الـفـرشـاة الـعـريـضـة الـحـرة، و تـبـسـيـط و تـسـطـيـح الأشـكـال و الـكـتـل و الـتـغـاضـي عـن الـتـفـاصـيـل الـدقـيـقـة، بـل و غـمـر الـلـوحـة بـالـضـوء و الألـوان الـفـرحـة الـبـهـيـة، حـبـب و سـهـل لـجـوء مُـعـظـم الـفـنـانـيـن الـمـحـلـيـيـن، إلـى الأسـلـوب الانـطـبـاعـي الـجـمـيـل و الـمـعـروف، و لا لـبـس عـنـدنـا فـي ذلـك ، لأن حـال الـفـنـان الـمـحـلـي آنـذاك كـان مـشـابـهـاً لأحـوال مُـعـظـم الـفـنـانـيـن الـعـرب، خـاصـة إذا مـا عـرفـنـا بـأن هـذا الأسـلـوب الانـطـبـاعـي الأوروبـي، قـد كـان هـو الـنـمـط الأكـثـر شـيـوعـاً فـي http://univers-art.arabfunart.com/bhrane_art15.jpg


الـعـالـم آنـذاك، و أن مـُـعـظـم الـمـدرسـيـن الـمـشـتـغـلـيـن فـي تـعـلـيـم مـادة الـفـنـون الـجـمـيـلـة أو الـرسـم و الأشـغـال الـيـدويـة فـي مـدارس الـبـحـريـن ، قـد كـانـوا مـن الـمـدرسـيـن الـعـرب الـمُـسـتـقـدمـيـن، و مـن الـذيـن تـتـلـمـذوا فـي بـلـدانـهـم عـلـى نـفـس الـنـمـط الـدراسـي الـمـنـتـهـج لـنـفـس الـرؤى الأوروبـيـة فـي تـعـلـيـم الـفـنـون.

ألا أن انـتـمـاء الـفـنـان الـمـحـلـي الـعـضـوي بـبـيـئـتـه و تـاريـخـه و تـراثـه، أعـاده و بـالـتـقـنـيـة الـتـشـكـيـلـيـة و الـمـُعـطـيـات الـجـمـالـيـة الأوروبـيـة نـفـسـهـا الـتـي تـعـلـمـهـا، إلـى تصويـر ما قد اعتـادت أن تراه عـيـنـاه مـن حـولـه، و ما قـد شـبت عـلـيـه أحـاسـيـسـه تشتـهـيـه، أعـادتـه إلـى رسـم و تـصـويـر بـيـئـتـه الـمـحـلـيـة الـتـي كـان يـعـيـشـهـا عـمـيـقـاً فـي وجـدانـه.



ألا أن ذلـك لـم يـدم طـويـلاً ، حـتـى خـرج بـعـض أفـراد هـذه الـطـلـيـعـة مـن الـفـنانيـن المحـليـيـن إلى الـدراسة و الـتـخـصص الدقـيـق في الـفـنـون الجـميلة في الخـارج، و كان أول هؤلاء، هم كل من: الـفنان المرحـوم أحـمد الـسني الـذي أرسـل إلـى دورة قـصـيـرة إلـى الـمـمـلـكـة الـمـتحـدة، و الـفـنان عـبـد الله الـمحـرقـي الـذي تـخـصـص فـي هـنـدسـة الـديـكـور مـن كـل مـن مـصـر ثـم سـوريـة، و الـفـنـان حـسـيـن الـسـنـي الـذي درس بـمـعـهـد الـفـنـون الجـمـيـلـة بـبـغـداد، ثـم الـفـنـان أحـمـد بـاقـر الذي ذهـب فـي نهـايـة الـسـتـيـنـيـات من الـقـرن الـعـشـريـ ، إلـى فـرنـسـا و بـريـطـانـيـا لـلـدراسـة حـتـى نـال فـي نـهـايـة الـمـطـاف درجـة الـدكـتـوراه فـي الـفـنـون الـجـمـيـلـة و عـلـومـهـا و تـقـنـيـاتـهـا مـن جـامعـة الـسوربون.


و عـنـدمـا قـل نـشـاط أسـرة هـواة الـفـن و ضـعـف دورهـا و وهـن ، ظـهـر دور جـمـعـيـات جـديـدة تـخـصـصـت فـي مـجـالات الـفـنـون الـتـشـكـيـلـيـة، مـثـل جـمـعـيـة الـفـن الـمـعـاصـر الـتـي تـأسـسـت فـي عـام 1970 م، إثـر مـبـادرة مـن الـسـيـدة فـلـنـون و شـوقـي الـزيـاني عـندمـا أقـيـم أول مـعـرض تـأسـيـسـي لـهـذه الـجـمـعـيـة بـفـنـدق الـخــلـيـج بـالـمـنـامـة، و شـارك فـيـه كـل مـن: عـبـد الله الـمـحـرقـي و الـمـرحـوم حـسـيـن الـسـنـي و اسـحـاق خـنـجـي و راشـد الـعـريـفـي و عـبـد الـكـريـم الـعـريـض و يـوسـف زعـل و شـوقـي الـزيـانـي و أحـمـد نـشـابـه و أحـمـد الـخـاجـة و أحـمـد أمـيـن و أحـمـد الـعـريـفـي و مـنـصـور رضـي و الـشـيـخ راشـد بـن خـلـيـفـة آل خـلـيـفـة و الـشـيـخ سـلـمـان بـن مـحـمـد آل خـلـيـفـة.

و مـنـذ اسـتـقـلال دولـة الـبـحـريـن فـي عـام 1971 م، دخـلـت الـثـقـافـة و الـفـنـون حـقـبـة جـديـدة تـوفـرت فـيـهـا http://univers-art.arabfunart.com/bhrane_art16.jpg


لـلـفـن و الـفـنـانـيـن مـظـلـة مـن الـرعـايـة و الـدعـم الـحـكـومـي الـرسـمـي، الـذي لـم يـتـوفـر مـثـلـه لـلـفـنـون و الـثـقـافـة فـي الـسـابـق، فـبـعـد أن أكـد دسـتـور الـدولـة الـحـديـثـة الـصـادر فـي عـام 1973 م عـلـى هـويـة الـبـحـريـن الـعـربـيـة الإسـلامـيـة فـي الـمـادة الأولـى مـن الـبـاب الأول، نـصـت الـمـادة الـسـابـعـة مـن الـجـزء ألـف عـلـى (رعـايـة الـدولـة لـلـعـلـوم و الآداب و الـفـنـون، و تـشـجـيـع الـبـحـث الـعـلمـي، كـما تـكـفـل الـخـدمات الـتـعـلـيـمـيـة و الـثـقـافـيـة لـلمـواطـنـيـن).

و من أبـرز ظـواهر هـذا الاهـتـمام الـرسـمي الحـكومـي بـالـثـقـافـة و الـفـنون، قـيـام الـدولـة بـإنـشـاء الـهـيـئـات الـرسـمـيـة، الـمـعـنـيـة بـتـنـظـيـم شـؤون الـثـقـافـة و الـفـنـون و الآداب و إدارتـهـا، و اعـتـمـاد الـمـوازنـات الـمـالـيـة و الـجـوائـز الـقـيـمـة لـهـا و رعـاية الحـرفـيـيـن و الحـرف الـيـدويـة و الـصـنـاعـات الـتـقـلـيـديـة، و إنـشـاء الـمـتـاحـف و تـرمـيـم الـمـعـالـم الـتـراثـيـة و الأثـريـة، ثـم أحـتـفـاء الـدولـة مُـمـثـلـة فـي مـقـام حـضـرة صـاحـب الـسـمـو الـشـيـخ خـلـيـفـة بـن سـلـمـان آل خـلـيـفـة رئـيـس مـجـلـس الـوزراء الـمـوقـر ، بـالـفـن و الـفـنـان، و ذلـك بـرعـايـة سـمـوه الـشـخـصـيـة لـلمعـرض السنوي لـلـفـنـانـيـن الـتـشـكـيـلـيـيـن الـبحـريـنـيـيـن، الـذي اعـتـادت تـنـظـيـمـه إدارة الـثـقـافـة و الـفـنـون مـنـذ عـام 1972 م.

و لـمـا كـان هـذا الـمـعـرض هـو الـمـعـرض الـسـنـوي الـعـام الـوحـيـد فـي الـبـحـريـن، و الاشـتـراك فـيـه خـاضـع لـشـروط و مـواصـفـات مـعـيـنـة و تـقـويـم لـجـنـة تـحـكـيـم، مـمـا يـحـول أحـيـانـاً دون ظـهـور بـعـض الأعـمال إلـى الجـمـهـور، ارتـأت مـجـمـوعـة مـن الـفـنـانـيـن أعـضـاء فـي جـمـعـيـة الـفـن الـمـعـاصـر، و مـن أجـل تـفـعـيـل دور الـجـمـعـيـة، الـتـي لـم تـقـم بـأي نـشـاط يـذكـر مـنـذ مـعـرضـهـا الـتـأسـيـسـي الأول مـنـذ أكـثـر مـن ثـلاث سـنـوات و اسـتـقـطـاب الأعـضـاء الـجـدد، ارتأت تـلـك الـمـجـمـوعـة فـي عـام 1974 م و بـمـبـادرة مـن أحـمـد بـاقـر الـذي كـان أمـيـن سـر الـجـمـعـيـة آنـذاك، تـأسـيـس مـعـرض جـمـاعـي سـنـوي، مـواز لـلـمـعـرض الـسـنـوي الـعـام الـرسـمـي ، و ذلـك عـلـى غـرار فـكـرة صـالـون الـفـنـانـيـن الـمـرفـوضـيـن الـفـرنـسـي، و أطـلـق عـلـيـه مـعـرض الـربـيـع، و شـارك فـي هـذا الـمـعـرض الـذي أقـيـم بـنـادي الـعـروبـة بـالـمـنـامـة كـل مـن: أحـمـد بـاقـر و إبـراهـيـم حـسـن إبـراهـيـم و أحـمـد الـخـاجـة و أحـمـد الـعـريـفـي و أحـمـد الـمـنـصـوري و إسـحـاق خـنـجـي و إسـمـاعـيـل نـيـروز و أصـغـر إسـمـاعـيـل و حـامـد عـبـيـد و راشـد الـعـريـفـي و صـالـح بـوعـيـنـيـن و صـفـيـة سـوار و كـامـل بـركـات و http://univers-art.arabfunart.com/bhrane_art17.jpg



عـلـي كـاظـم و عـبـد الإمـام بـرنـي و عـبـد الـرسـول غـلـوم و عـبـاس المحـروس و عباس الموسوي و عباس سلـمان حـسن و عـبـد الـرحـيـم شـريـف و عـبـد الـرحـمـن جـابـر و عـبـد الـكـريـم الـبـوسـطـة و عـبد الكريـم العـريض و الـمرحـوم عـبد الـلـطـيـف مـفـيـز و الـمرحـوم عـبـد المـنعـم الـبـوسـطـة و عـدنـان إبـراهـيـم و مـحـسـن الـتـيـتـون و مـنـصـور مـحـمـد رضي و ناصـر الـيوسـف و نجـمـه محـسـني و يـوسـف هـزيـم و المرحـوم حـسـيـن الـسني.

و قـد لاقـى هـذا الـمـعـرض الأول الـذي وضـع تـحـت رعـايـة صـاحـب الـعـظـمـة الـشـيـخ حـمـد بـن عـيـسـى آل خـلـيـفـة مـلـك مملـكة البحـريـن و الذي كان ولـياً لـلـعـهـد قـائـداً لـقـوة دفـاع الـبحـريـن آنـذاك، نجاحاً بـاهـراً و إقـبـالاً شـديـداً مـن الـجـمـهـور و الـمـقـيـمـيـن فـي الـبـحـريـن، أقـيـمـت عـلـى أثـره أول نـدوة فـكـريـة عـن الـفـنـون الـتـشـكـيـلـيـة فـي الـبـحـريـن، شـارك فـيـهـا كـل مـن: عـبـاس الـمـحـروس و عـبـد الـكـريـم الـعـريـض و راشـد الـعـريـفـي و أحـمـد بـاقـر .

كـمـا صـدر بـعـيـد هـذه الـفـتـرة أول كـتـاب عـن الـفـن الـتـشـكـيـلـي فـي الـبـحـريـن ، و كـان بـعـنـوان (الـفـن الـتـشـكـيـلـي الـمـعـاصـر فـي الـبـحـريـن) مـن تـألـيـف أحـمـــد بـاقـر ، فـتـلـتـه فـيـمـا بـعـد إصـدارات مـتـعـددة عـن الـفـنـون.

لـقـد شـهـدت الـفـنـون الـتـشـكـيـلـيـة فـي الـبـحـريـن مـنـذ الـسـبـعـيـنـيـات مـن الـقـرن الـعـشـريـن، طـفـرة نـوعـيـة مُـهـمـة، خـاصـة بـعـد عـودة الـعـديـد مـن الـفـنـانـيـن الـمـحـلـيـيـن الـدارسـيـن فـي الـخـارج، حـيـث ازداد بـشـكـل كـبـيـر و مـلـحـوظ عـدد الـمـعـارض الـفـرديـة و الجـمـاعـيـة، و ظـهـرت الـجـمـاعـات و تـعـددت الاتـجـاهـات و الـتـوجـاهـات الـفـكـريـة، فتبايـنـت نـوعـاً مـا الـفـوارق، و دخـل الـفـنـانـون فـي سـجـال مـؤثـر فـيـمـا بـيـنـهـم، مـمـا أبـطـأ أحـيـانـاً انـدفـاعـهـم الـمـعـهـود إلـى الأمـام. إذ لـم يـكـن ذلـك الـذي احـتـدم بـيـن الـفـنـانـيـن من جـدل، فـي حـيـنـهـا ، نـاتـج عـن أي اخـتـلاف فـكـري إبـداعـي أو ثـقـافـي مـعـيـن، بـقـدر مـا كـان صـراع و جـود و نـفـوذ بـيـن الأجـيـال. فـجـمـيـع الـفـنـانـون، و بـمـخـتـلـف أجـيـالـهـم ، صـاروا يـنـزعـون و بـصـورة عـامـة و شـامـلـة، إلـى نـفـس الاتـجـاهـات الـحـديـثـة أو الـمـعـاصـرة الـسـائـدة فـي الـفـن فـي الـعـالـم الـعـربـي و الـعـالـم، أو عـلـى الأقـل إلـى مـا كـان يـبـدوا لـهـم كـذلـك.

و فـي عـام 1993 م و بـمـبـادرة مـن الـفـنـان الـشـيـخ راشـد بـن خـلـيـفـة آل خـلـيـفـة و أحـمـد بـاقـر، قـامـت مـجـمـوعـة مـن الـفـنـانـيـن و غـالـبـيـتـهـم كـانـت مـن المؤهـلـيـن عـلـمـيـاً، بـتـأسـيـس جـمـعـيـة جـديـدة تـحـت اسـم جـمـعـيـة الـبـحـريـن لـلـفـنـون الـتـشـكـيـلـة، و قـد وقـع عـلـى طـلـب إشـهـارهـا كـل مـن:

الـشـيـخ راشـد بـن خـلـيـفـة آل خـلـيـفـة، الـدكـتـور أحـمـد بـاقـر، عـبـد الله الـمـحـرقـي، الـمـرحـوم راشـد سـوار، عـزيـز زبـاري، يـوسـف قـاسـم، الـمـرحـوم عـبـد الـلـطـيـف مـفـيـز، حـامـد الـيـمـانـي، عـبـاس الـمـحـروس، مـحـمـود الـيـمـانـي، عـبـد الله يـوسـف، أسـامـه صـالـح، صـفـيـة سـوار، إبـراهـيـم حـسـن إبـراهـيـم، عـبـد الـرحـيـم شـريـف، إبـراهـيـم بـوسـعـد، بـديـع الـشـيـخ، مـحـمـد صـالـح خـمـيـس، عـبـد الـحـمـيـد سـعـيـد، عـلـى يـوسـف قhttp://univers-art.arabfunart.com/bhrane_art18.jpg


ـاسـم، عـبـد الإلـه الـعـرب، سـعـيـد الـعـلـوي، صـبـاح الـمـوسـوي، خـاتـون الأنـصـاري، عـيـسـى الـشـربـتـي، أحـمـد غـلـوم.

لـقـد كـان لـتـأسـس جـمـعـيـة الـبـحـريـن لـلـفـنـون الـشـكـيـلـيـة بـرعـايـة و دعـم مـن لـدن صـاحـب الـسـمـو رئـيـس مـجـلـس الـوزراء الـمـوقـر الـشـيـخ خـلـيـفـة بـن سـلـمـان آل خـلـيـفـة حـفـظـه الله، و مـتـابـعـة الـفـنـان الـشـيـخ راشـد بـن خـلـيـفـة آل خـلـيـفـة الـمـبـاشـرة و الـمـسـتـمـرة، و ذلـك مـن أجـل تـفـعـيـل دور الـجـمـعـيـة و أنـشـطـتـهـا و مـؤازرة الـفـنـانـيـن، أثـر مـهـم و كـبـيـر عـلـى تـطـور مـسـار الـحـركـة الـتـشـكـيـلـيـة فـي مـمـلـكـة الـبـحـريـن، و عـلـى نـمـاء سـمـعـة الـفـنـان الـبـحـريـنـي إقـلـيـمـيـاً و دولـيـاً، إذ ازدادت بـشـكـل مـلـحـوظ مـشـاركـاتـه فـي الـمـعـارض و الـمـنـاسـبـات الـعـربـيـة و الـدولـيـة، كـمـا نـشـطـت الـجـمـعـيـة فـي اسـتـضـافـة الـعـديـد مـن الـنـدوات و مـعـارض الـفـنـانـيـن الـعـرب و الأجـانـب. و بـمـبـادرة مـن أحـمـد بـاقـر أفـتـتـح بـمـقـر الـجـمـعـيـة بـالـمـنـامـة، أول مـدرسـة مـسـتـقـلـة تـحـت أسـم (مـدرسـة الـبـحـريـن لـلـفـنـون الـجـمـيـلـة) لـتـعـلـيـم الـفـنـون الـجـمـيـلـة بـمـخـتـلـف فـروعـهـا و تـخـصـصـاتـهـا، و أنـشـئـت فـيـهـا الـورش و الـمـراسـم الـخـاصـة و قـاعـة عـرض دائـمـة.

لـقـد اسـتـطـاعـت هـذه الـمـعـارض الـسـنـويـة الـجـمـاعـيـة الـهـامـة، و جـمـيـع تـلـك الـفـعـالـيـات و الأنـشـطـة الـمُـتـنـوعـة، الـتـي كـانـت تـسـاهـم فـيـهـا و بـشـكـل مـتـواصـل و فـعـال الـجـهـات الـرسـمـيـة الـحـكـومـيـة و الـجـمـعـيـات، و يـبـادر بـهـا الـفـنـانـون أحـيـانـاً، أن تـؤسـس لـعـلاقـة واسـعـة مـتـطـورة و مـتـيـنـة ربـطـت بـيـن المـجـتـمـع و الـفـن و الـفـنـانـيـن، و دفـعـت إلـى تـحـسـن نـوعـي مُـسـتـمـر فـي طـبـيـعـة الإنـتـاج الـتـشـكـيـلـي الـمـحـلـي و أوجـدت لـه سـوقـاً مـحـلـيـة رائـجـة؛ فـمـن مـُعـتـرك الـتـجـارب الـتـأسـيـسـيـة و حـب الإطـلاع و مـحـاولات الاحـتـراف الأولـى لـلـفـنـانـيـن، و مـن إرهـاصـات تـقـنـيـات الـتـشـكـيـل و تـحـديـات صـيـاغـة جـسـم الـلـوحـة و إبـداع مـضـمـونـهـا، أي بـعـد تـراكـم الـخـبـرات، و بـعـد تـزايـد عـدد الـفـنـانـيـن الـمـمـارسـيـن، و ظـهـور الـمـطـلـعـيـن و الـمـؤهـلـيـن تـأهـيـلاً عـلـمـيـاً مـتـقـدمـاً مـنـهـم، اسـتـطـاع الـفـنـانـون في مـمـلـكـة الـبـحـريـن أن يـخـرجـوا، لا إلـى الـسـاحـة المحـلـيـة و الإقـلـيـمـيـة و حـسـب، و إنما إلـى الأرحـب مـنـها، بإنـتـاج تـشـكـيـلي مَـرمـوق يَـتـسـمُ بـالـتـنـوع و الـغـزارة و الـحـرفـيّـة الـمُـتـقـدمـة، و يـتـمـيـز بخـصـوصـيـة ظـاهـرة تـنـم عـن مـدى عـمـيـق لحـب الإنـسـان فـي مـمـلـكـة الـبـحـريـن لـلـفـن و الإبـداع، بـل لـلحـضارة

نور 03-13-2008 03:35 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
الفن الجزائري الحديث.. محاولة للإبداع

لو اعتبرنا الفن التشكيلي أدبا تكتب فيه مئات الصفحات في لوحة واحدة، أداته الفرشاة، ومادته الألوان والأصباغ، تنبثق أبعاده ومدلولاته من واقع الشعب وتاريخه وانتمائه وأحلامه، لقلنـا إن الفنـانين التشكيليين الجزائريين برعوا في هذا الأدب وسجلوا فيه مئات الصفحات الخالدة التي انتزعت إعجـاب خبراء الفن الغربيين.
قـال أحـد النقاد الغـربيين وهو يصف الفن الجزائري: "إن رسامي الشرق كـانوا من بين أفضل أولئك الـذين http://univers-art.arabfunart.com/algeria_art1.jpg


تمكنـوا من تحويل أنـاملهم إلى عدسات!". ولقـد أقـامت في الجزائر خلال القرن التاسع عشر نخبة من كبار المستشرقين والرسامين الغـربيين الـذين انبهـروا بثراء البيئـة الاجتماعيـة الإسلامية، وترك العديد منهم لوحات وأعمالا ناطقة تعبر عن انجذابهم إلى سحر هـذه البيئة وعمقهـا وأصالتها وثرائها بالتراث المتميز، وكان من أبرز هؤلاء "دولاكروا" و"فرومنتين" و "سكاسريو" و "إيتيان ديني" وغيرهم من الذين أضافوا لمعروضات المتحف الوطني للفنون الجميلة أعمالا رائعة. ولقد بلغ تأثر بعضهم بهذه البيئـة حد التمسك بالإقامة الدائمة في الجزائر لتدريس الطريقة الغـربية في التعبير الانطباعي في المدرسة الوطنية للفنون الجميلة بالعاصمة الجزائرية. ولقـد ذهب الرسام الفرنسي الشهير "إيتيان ديني" في تأثره بهذا التراث إلى حد إشهار إسلامه عام 1913 وسمى نفسـه "نـاصر الـدين"، ومـات عقب أدائه لفريضة الحج عام 1929 ودفن في مدينـة بوسعادة الجزائرية بعد أن أقام عدة معارض فنية في الجزائر وبـاريس أبرز من خـلالها عمق التراث الإسـلامي وأبعاده الحضارية والإنسانية.
ولعل السمة الأساسية في الفن الجزائري الحديث، التي تبرز جليا في معظم الأعمال المعروضة في المتاحف وبيوتات الفن - إن لم نقل فيها جميعا - تكمن في أنه عبّ بعمق من منابع الفن الإسلامي الأصيل الذي كتب له أن يتطور على نحو مثير للإعجـاب في دول المغرب الإسلامي كافة. وكانت فنون كتابة آيات القرآن الكريم بالخط العربي، المصبوبة في أطر من الزخارف الهندسية المتشابكة، إلى جـانب تصـوير المساجد والجوامع والأحياء الشعبيـة، تمثل المادة الرئيسـة التي تنـاولها الفنانون ببراعة وثـراء. ويمكن أن ينسب للفنانين الجزائريين فضل المساهمة البناءة في تطوير شكل الحرف العربي وأبعاد الهندسة الزخرفية بشكل مستمر خلال فترة متميزة دفعتهم فيها وطنيتهم إلى الإبداع أثناء سعيهم الدءوب للتعبير عن انتمائهم وهويتهم.
الفن الانطباعي في الجزائر
وكانت محصلـة هذه الجهود قد تمثلت ببروز فنانين مشاهير ذوي مدارس متميزة أثروا الحركة الفنيـة الجزائرية بمجموعات مهمة من التحف التشكيلية التراثية. وقـد تكـون أبـرز سمات الفن الانطبـاعي في التشكيل الجزائري هي تلك http://univers-art.arabfunart.com/algeria_art2.jpg

التي يتضح فيها الارتباط الوثيق والتناسق البنائي بين فن كتابة الخط وأبعاد الزخرفة الهندسية. ولعل من الخطأ التصور إن المدارس التشكيلية الجزائرية هي امتداد لنظيراتها المشرقية العربية أو الإسلامية، لأن المشاهد المتمعن في نتاجاتها سرعان ما يقع على تميزها الذي فـرضته ظروف المنطقة وإيحاءاتها ومدلولاتها. وعلى الرغم من التركيـز على الجانب الانتمائي في الفن التشكيلي الجزائري فإن الفنانين لم يكـونوا متحجـرين وصادين عن التأثر بالمدارس الفنيـة الغربية وأساليبها في التعبير الانطباعي. ولقد سعى العديد منهم إلى توظيف هذا التزاوج بين المدرستين لتجـديد الدم الذي كـان يجري بحيوية في عروق الحركة الفنية الجزائرية..
ضمن هـذه البيئة من التمسك بالأصل والتراث، والانفتاح المقنن على الغرب ترعـرع العديد من الفنانين التشكيليين الجزائريين الذين سنتعـرض لسير وأعمال أهمهم.
ولد محمد راسم في العاصمة الجزائرية عام 1896. وهو ينحدر من أسرة عريقة في ضروب الفن التشكيلي سعت إلى إبراز التراث التقليدي والانتماء الإسلامي للشعب الجزائري. ويعـد راسم من رواد المدرسـة التقليدية حيث اهتم برسم المناظر الطبيعية والأحياء والزوايا الشعبية بالزيت، كما برع في فنون النمنمة والزخرفة، برزت قدراته الإبداعية أثناء عمله أستاذا في المدرسة الوطنية للفنون الجميلة في مدينة الجزائر، وفاز بـالجائزة الجزائريـة الكبرى في الفن التشكيلي عـام 1933، كما أحرز ميدالية الفنانين المستشرقين التي كانت تمنحها رابطة الفنانين الغربيين المقيمين في الجزائر لكبار الفنانين. وبلغ صيته أقـاصي أوربا حيث منح العضوية الشرفية لجمعية الفنانين الملكيـة في إنجلترا. وأقام العديد من المعارض الشخصية في لندن وباريس وفيينا والقاهرة واستوكهولم وكوبنهاغن وأوسلو وتونس وفرصوفيا وبيروت وبغداد والجزائر. وتوجد العديد من أعماله الزيتية ومنمنماته في المتحف الوطني للفنون الجميلة في مدينة الجزائر وكمقتنيات في العديد من المتاحف وصالات العرض عبر العالم. وفي عام 1960 كثر كتـابا بعنـوان "الحيـاة الإسلاميـة في الماضي"، كما نشر عام 1971 كتابا مفصلا حول سيرته وفنه بعنوان "محمد راسم الجزائري".
محمد تمام
فنان فـذ، متعـدد المواهب، ذائع الصيت، احترف الفن التشكيلي بمختلف منـاحيه وضروبه، فبرع في التصويـر http://univers-art.arabfunart.com/algeria_art5.jpg


بالزيت وبالزخرفة العربية الإسلامية وفن المنمنمات وتأثر أيما تأثـر بـالفن الموسيقي الأندلسي، واهتم بتاريخيه، والكتابة عن رواده، وكان يجيد العزف على العود والقيثار..
ولد محمد تمام في الثالث والعشرين من شهر فبراير من عام 1915 في حي القصبة العتيـد بالعاصمة الجزائرية. وظهر ميله للإبداع في الفن التشكيلي منذ صغره بسبب نشـوئه في وسط فني، فكـان صـديقا ملازما للفنانين والحرفيين البارعين الذين دأبوا على تخليد التراث الإسـلامي من أمثال الأخـوين عمر ومحمد راسم والفنان التركي البارع دلاشي عبدالرحمن ومصطفى بن دباغ. واتصل بـرواد الحركـة الفنيـة الاستشراقيـة الأوائل وعلى رأسهم "لادولاكـروا" و"فرمنتان" و "رينوار" و "إيتيان ديني" والمؤرخ "جورج مارسيه" و"سوبيرو" و"لانغلوا"، كما استقى الكثير من الخبرة في فن الرسم وتدبيج الألوان خلال فترة انتسابه إلى "مدرسة الفنون الزخرفية والمنمنمات الإسلامية" التي أسسها عمر راسم وكـانت تحمل مشعل إحياء التراث الجزائري الإسلامي والتصدي للأهداف الاستعمارية الكامنة في حركة الاستشراق. وكان محمد تمام يجمع في شخصيته بين اتجاهين متناقضين ظاهريا، حيث كان شـديـد التمسك بـالتراث العـربي الإسلامي، وفي الوقت نفسه كان دائم التوثب للاطلاع والانفتاح على إبداعات الحضارة الغربية..
تعلم تمام القواعد الأولى لفن الزخرفة والنمنمة على يـدي معلمه الأول عمر راسم في بداية عام 1931، واتصل بالعـديد من الفنـانين الجزائريين الملتزمين فشجعوه على الانتساب إلى مدرسـة الفنون الجميلة فتفوق فيها حتى خصـه الحاكـم العام الفرنسي لمدينـة الجزائر بمنحة خـولته الانتساب إلى المدرسة العليا للفنون الزخرفية في باريس عام 1936. ولقد تمكن في فترة دراسته من الاتصال والاحتكـاك برواد المدارس الفنية الحديثة في أوربا. وعاد تمام إلى الجزائر بعد قضاء 27 عاما في فرنسا ليبدأ فترة العطاء الغزير والإنتاج الرفيع من الأعمال الفنية التي تشهد الآن على براعتـه الفائقة وأصالته الراسخة وإحساساته المرهفـة العميقة. ويبـدو ميل محمد تمام للمدرسة الانطباعية من خـلال أعمالـه الأولى التي صور فيها بالزيت مناظر طبيعية ومواضيع اجتماعية. وسرعان ما استحوذ فن الزخرفة الإسلامية على الكثير من اهتماماته، حيث رسم زخـارف فـائقـة الجـمال لصفحـات القـرآن الكـريم بالإضـافة لمواضيع أخرى ذات طابع ديني وتراثي..
عمل محمـد تمام أستـاذا في الزخرفة والمنمنمات في المدرسة الوطنية للفنون الجميلة، وساهم في تأسيس الاتحاد الوطني للفنون التشكيلية عام 1967. وشارك في العديد من المعارض الفنية، الشخصيـة والجماعية، في العديد من دول العالم.
مصطفى بن دباغ
يعـد مصطفى بن دباغ أحـد رواد الفن التشكيلي الجزائري. ولد في الخامس من شهـر سبتمبر من عام 1906 في حي القصبـة الـذي خـرج العـديـد من الشخصيات الوطنية والفنية، وهـو ينتمي لعائلة عرف عنها الضلوع في الحرف ذات الطابع الفني، فكان أبوه مساحا، وجده لأمه عالما في الفلك والرياضيات عرف باسم "أحمر خدو". برع ابن دباغ في فنون الزخرفة منذ صغـره، حيث تتلمـذ على الفنـان التركي دلاشي عبدالرحمن ودرس فن صناعة الخزف في مدرسة الفنون الجميلـة على الأستـاذين "سـوبيرو" و"لانغلـوا" المتخصصين في فن الزخرفة الفارسية. واهتم بعد ذلك بالغوص في فضاءات فن الزخرفة الإسلامية وقرأ حولها العديد من الدراسات المنشورة للمؤرخين والفنانين المستشرقين من أمثال "ميجون" و "بـايو" و"ريكـار" و "مارسي". وتلازم ظهور نبوغه في فن الزخرفة مع تصاعد شعوره الوطني وميله للدفاع عن أصالـة الشعب الجزائري العربي المسلم والتصـدي لحملات التشـويه والتشكيك التي كـانت تقودها السلطات الاستعمارية الفرنسية ترسيخا لاستراتيجيـة ضم الجزائر إلى فـرنسا، فأسس "جمعيـة شمال إفريقيا للفنون الزخرفية" التي كانـت مقرا للنضال الـوطني إلى جـانب العمل الفني، فبادرت السلطات الفرنسية إلى تبـديل اسمهـا إلى "جمعيـة
http://univers-art.arabfunart.com/algeria_art4.jpg

الحرفيين المسلمين الجزائريين". وفـازت هذه الجمعية الجديدة بتأييد كبار الشخصيات الوطنية الجزائرية لما كان لها من أبعاد نضالية فأغدقوا عليها العطايا والهبات حتى بلغت من النجاح أكثر مما كان ينتظر مؤسسوها. وبـرزت أعمال ابن دباغ الزخرفية المتميزة من خلال المعارض التي أقامتها الجمعية، ففضلت السلطـات الفرنسية الاستفادة من خبراته وعينته أستاذا في مدرسة الفنون الجميلة، ليصبح أول جزائري يرتقي إلى هذه المرتبة.. ولا بد أن نشير، في آخر هذا العرض الموجز، إلى أن رواد الحركـة التشكيلية الجزائريـة الحديثة أكثر من أن يتسع هذا المقام لذكر سيرهم وأعمالهم ومآثرهم، فهم بدون شك، يستهلون الكثـير من البحث للتعريف بأعمالهم المتميـزة التي بهرت خبراء المدارس الفنيـة الغربية. وقـد يكـون لي، أو لغيري، حظ الحديث، في عجالة أخرى، عن المآثر الفنية لمحمد إسياخم، ومحمد غانم، وصمصـوم إسماعيل، ومحمـد خـدة، وعلي خـوجة، وبشير يلس، وقرماز عبدالقادر، وفارس بوخاتم، والفنانة باية، وأزواو معمري، وغيرهم.

نور 03-13-2008 03:39 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
الحركة التشكيلية السورية


تتميز الحركة التشكيلية السورية بذلك التواصل الذي يمتد من بدايات القرن العشرين وحتى الآن من دون انقطاع أو قطيعة، وإنما مسيرة متناغمة ذات إيقاع عاكس لإيقاع الواقع ومتغيراته. ولأن المسيرة طويلة نسبيا، فـأي محاولة للتأريخ لها لا بد من أن يشوبها بعض اختصار واختزال وربما انتقاء، فالهدف في النهاية ليس التأريخ بعينه، http://univers-art.arabfunart.com/sirya_art1.jpg



ولكنه العثورعلى أهم الملامح المشتركة والوقوف عند المنتجات الاهم، من أجل إعطاء صورة أقرب إلى الحقيقة عن تلك المسيرة.
وهنا يحاول الناقد عبدالله أبوراشد، رسم لوحة واقعية ذات أبعاد نقدية للحركة التشكيلية السورية المعاصرة، والتي قسمها إلى ثلاث مراحل يرى أنها تمثيل صادق لثلاثة منحنيات خطرة في طريق هذه الحركة.
مما لا شك فيه، ان الحركة الفنية التشكيلية السوريا. هي حركة فنية معاصرة شأنها في ذلك كـمثـيـلاتها في العالم العربي. وهي من أكثـر المنتجات الثقافية تفاعلا، وتواجدا في مساحة العروض الفنية في سوريا وخارجها. والنشاط الكمي الأكثر تميزا وزخما وجوديا فى كافة معابر التواصل البصري مع المبتكروجمهوره ونقاده وصحفييه، ومروجي العمل الفني ومقتنيه، وان حركة المعارض الفنية الجماعية والفردية المليئة بالتجارب الفنية التشكيلية السوريا، ذات النفحة المتفردة لخـصوصيـة هذا الفنان وتلك الفنانة، تستحـضر كـافة الأجـيال والمدارس والاتجـاهات الفنية التقليدية، والتسجـيليـة والسياحـية والفكرية الحداثية، ما بعدالحداثة "الشيئية" او سـواها. يمكن للمـتلقي والبـاحث ونقـاد الفن، ووسائط الإعلام المسموعة، المرئية، والمكتوبة، أن تلحض الخط البياني التصاعدي لهذه الحركة الفنية التشكيلية النشطة كميا التي لها من العمر نحو سبعين عاما من العطاء المستمر القائم على التنوع والاختلاف المنهجي والمحـتوى الموضوعي والاسلوبية الشكلية والمعالجـة التـقنيـة، لهذه التجرية الفنية اوتلك، إذ يمكن رصدها وتوثيقها منهجيا في ثلاث مراحل زمنية رئيسية.
المرحلة الأولى: منتجـات فناني الرعيل الأول الذين تربوا وتدربوا على انفسهم في منتجـاتهم، . وتجاربهم الفنية الابتكارية التي وجدت في فنون التقليد والمحاكاة، واستنساخ الأعمال الفنية في سياقـها النمطي، والمؤسسـة في بعضها على النزعات الفطرية (فن الناييف) شكلا مالوفـا لآليات العمل الفني.
المرحلة الثانية: المنتجات التي توافقت مع الروح الأكاديمية المدرسية ذات النفحات الأيديولوجـية المحـمولة وفق توجـهات المؤسسـة الرسمية والحكومية النقابية كتعبير مطابق لثقافة السلطة السائدة.
المرحلة الثالثة: المنتجات المتساوقة مع روح العصر"ما بعد الحداثي"، المتوجهة إلى خصخصة الفنون التشكيلية لحساب الصورة البصرية، كجزء لا يتجزأ من حركية المجتمع الاستهلاكي.
في كل الاحـوال، لا بد من القـول ان الفن التشكيلي السوري يتسم بصفات وخـصائص عديدة، إنه مفتوح على التجارب العالمية متدثر بأثواب الحرية التعبيرية المنفلتة من عقال اللمسة الأيديولوجية، وإن كانت هي الصفة التعبيرية الأكثر حضورا في عموم التجارب والاجيال الفنية المتعاقبة. السبب كامن في جوهره بآليات الصراع العربي- الصهيوني، وما حمله هذا الصراع على مدار خمسين عاما من المآسي والخلفيات، والأفكار الأيديولوجية المعمقة لتفاعلاته على كل المستويات الإنسانية الابتكارية في كافة منتجات العمل الفني والتشكيلي على كل وجه الخصوص. تجارب فنية تشكيليـة متنوعة، متجاوزة احـيانا للنزعات المدرسية الأكاديمية، او جامعة لمجموع


http://univers-art.arabfunart.com/sirya_art2.jpg

مدارس وتيارات فنية، وتقنيات حتى في التجربة الفنية الواحدة في بعض الاحيان. تلبس المنتجات الفنية، والفنانون التشكيليون من داخل البيت الفني المدرسي الأكاديمي ومن خارجه، أثواب العصر الحديث، والحقبة العولمية، بينما نجد في الوقت ذاته تيارات وتجارب تقف راسخة البنيان والمقولات في الانخـاه المقابل. منحـازة للذات الفنيـة في إيقاعاتها المحلية القومية. منتمية لجماليات المكان السوري وثقإفته المعرفية والبصرية، وأبعاده التاريخية والحضارية، وهويته العريية القومية في زخمها الجمالي الإسلامي، تخوض معركة إثبات الذات المحلية والخصوصية التعبيرية، من خلال التغني بحرفية الأرابسك والاشتغال على مكونات وعناصر "التشكيل الحروفي" حينا. أو استحضار الفن السوري التـراثي القديم وتقديمه في إطار وجبات لونية وخطية وفكرية غنية في الاستحضار المجازي "الفنتازيا" كعبث أسطوري لذاكرة بصرية ومفـردات، ونص فني تشكيلي متنوع الخـامات والتقنيات والمحـتوى الموضوعي المرصوف على موائد الثقافة البصرية السوريا حينا آخر. لتشكل مثل تلك التجارب إسقاطا لمفاهيم "أيديولوجيا" من نوع آخـر. كمحاولة قومية عربية مشروعة للدفـاع عن الهوية والبـحث عن الذات الفنيـة والخصوصية المحلية في معابرالتأليف التقنى والشكلي في انسـاق عالمية الفن حداثة وتوحدا إنسا نيا.
تعود بدايات الحركة الفنية التشكيلية السوريا. كوجود زمني وصيرورة تطورية إلى النصف الأول من القرن العشرين، حـيث كان للواقـع السياسي الذي تعيشه المنطقة العربية عموما وسوريا خصوصا، من انضواء تحت مظلة وسيادة الحقبة العثمانية التي ساهمت في تكريس الفنون العربية الإسلامية ذات الصبغة والأسلوبية العثمانية، لم تتـجاوز المنتجـات الفنيـة آنذاك إطار الفلسفة الإسلامية في أنماطها الجمالية كنوع من الحرف والمهن الفنية التطبيـقية الضرورية والملبـية لحاجات يومية محددة، المبتعدة بطبيعة الحال عن سياقات الفنون الجـميلة "التشكيلية" في الغرب الاوروبي في إحـالاته الفنية والمعرفية والجمالية والتـقنيـة، كـتلك الاعمال ذات البناء التـقني والشكلي النحـتي في كـتل مليـئـة بالموضوعات الإنسانية "التشخيصية" أو الحفرية الترسيمية المتبعة في مختلف الدول والكيانات الثقافية وفي الفلسفات الأوروبية البينية، وإن مجموعة من المواهب الفنيـة السـوريا وجـدت في الحقبـة العثمانية مكانا مناسبا لذاتها الابتكارية، من خـلال التعـامل الفني مع اللوحات التـصويرية الزيتية التزيينية ذات الطبيعة الاستنساخـية، المكرسة لشخوص القادة والأمراء الأتراك الذين عبروا على سوريا، وتسجيل المواقف ألبصرية لمأثرهم في كافـة المدن والمحـافطات السوريا من مساجد، وتكايا وقصور واسواق ومزارات، ومعالم تاريخـية حـضـارية، وجمالية تخلد ذكـراهم، أو محاولة استلهام التاريخ واستحضار صور للخلفاء والفـاتحين العـرب والمسلمين، وتصـوير المعـالم الدينية الإسلامية، ومعاركهم الحاسمة في مفاصل التاريخ. وثمة نمط آخر من
http://univers-art.arabfunart.com/sirya_art3.jpg


الفنانين التشكيليين السـوريين الاوائل. الذين وجـدوا في الحـقـبـة الاستـعـمـارية الاوروبيـة ا لغـربيـة (الانتـداب الفرنسي)، مجـالا متاحا لصقل مواهبهم، ورعايتها، عبر ما تتيحه السياسة الاستعمارية من احتواء واهداف توسعية، حيث وجد الاستعمار الأوروبي الفرنسي ضـالتـه المنشـودة في قنوات الثقافة عموما والبصرية خصوصا. أولى محاولاته للدخول المريح من خلال معابر الفنون الجميلة "التشكيلية"، كسياق طبيعي "تطبيعي استعماري"، وعامل مهم في تشكيل ذاكرة بصرية سوريا تتناغم وذاته الابتكارية، تدور في فلك مرجعياته الثقافية والبـصرية التي تدين بالوجود والولاء للنزعات الفرنسية (الفرانكوفونية)، التي عملت جاهدة على تكوين ثقافـة بصرية سوريا تابعة لفنونها الفرنسية الطابع والأسلوبية التقنية والمحتوى الموضـوعي، وقـد كـانت اللمـسـة الاوروييـة "الاستـشراق"، المجـال الحـيوي العـريض والمثـير للدهشـة والإبهـار لدى الفنانين التـشكيليين السوريين في تلك المرحلة الزمنية، مما يسر وسهل عمليات استمالتهم إلى بيانها الفني التشكيلي، والعمل الفاعل لاستقطاب وظيفي للعديد من المواهب الفنية السوريا، لا سيما شرائح الشباب، وتبنيهم فنيا رعاية ودعما متنوع الموارد، وصقلا لمواهبهم عبر المنح التعليمية التي كانت تقدمها سلطة الانتداب الفرنسي آنذاك في هذا السياق. لقمـد برزت مجـموعة من الفنانين التـشكيليين السوريين الذين درسوا في الغرب الاروبي عموما وفرنسا خصوصا "المدرسة الوطنية- بوزار باريس". وارتهن وجودهم الزمني والمكاني إلى إنتاجية فنية تميل نحو التقليد والتبعية والمهنة الحرفية اكثر منها للروح الابتكارية والآكاديمية. نذكر من هؤلاء الفنانين على سبيل المثال: توفيق طارق، ميشيل كرشة، محمود جلال، عبدالوهاب أبوالسعود، سعيد تحسين، صبحي شعيب، خالد معاذ، أنور علي أرناؤوط، وفتحي محمد.
لقد كان الفنان توفـيق طارق الذي عاش ما بين 1875 و1940، من الاوائل الذين سخروا مواهبهم وخبراتهم الفنية التجريبية، وثقافاتهم المعرفية والبصرية للأجيال الفنية الناشئة التي تتلمذت على يديه في محترفه الفني بمدينة دمشق. شكل عاملا موثرا في تعميم الأنماط الفنية التسجيلية ذات الصبغة المهنية الاحترافية المطابقة تاليفا وبناء تكوينيا، وذات طبيعة مهنية أقرب إلى الحرفة والصناعة منها إلى الفن التشكيلي الأكاديمي التعليمي. بل اتخذ أسلوبية العين واليد الخبيرة في تصوير المناظر الطبيعية والمشاهد الخلوية واللوحـات الشخـصـية للقـادة والامراء العرب المسلمين. والمعـارك الفاصلة في التاريخ العربي الإسلامي، وتسجـيل اللقطات البصرية الموثقة للمعالم الإسلامية من مساجد واحياء دمشقية باعتبارها الشغل الشاغل، والمجال الحيوي لعموم رسومه ومنتجه الفني التشكيلي الذي رافقه طيلة حياته الفنية. ومن أبرز لوحاته "معركة حطين". أما الفنان "عبدا لوهاب أبوالسعود" الذي عاش ما بين 1897 و 1951، والذي كـان متـعدد المواهب الفنية التي توزعت ما بين المسرح والفن التشكيلي، والعمل التربوى الوظيفي كمدرس في مدرسة التجهيز الأولى بمدشق، فقد كان له اكبر الأثر في رعاية مجموعة من الفنانين والمواهب السوريا التي امست تلك المدرسة موئلا ومكانا مميزا لرعاية الموهوبين، ومركز
http://univers-art.arabfunart.com/sirya_art4.jpg


ااساسيا في تفعيل الحضور الفني لحـركتي الفن التشكيلي والمسرح في سوريا. كان ماخوذا بالجماليات العربية الإسلامية، وبفنونها الزخرفية وعمارتها المتميزة التي رافقته في كل لوحـاته ومنتجـاته الفنيـة توثيقا ولمسة تقنية ومواقف بصرية تسجيلية. من أشهر لوحاته "فتح الأندلس- قصرالحمراء".
بينما جسد الفنان "سعيد تحسين" الذي عاش مـا بين 1904 و1985 النقلة النوعـيـة في تاريخ الحـركة الفنية التـشكيلية السوريا، من الفن الفطري ذي النفحة المهنية الشعبية، إلى الصيغة الاكاديمية ذات الأبعاد المهنية الدراسية، مستفيدا من وجوده في بغداد (1924) كمدرس للفنون في دار المعلمين مما اتاح له تمثيل الروح القومية العربية التي كانت تجد لها فسحة واسعة في تلك الفترة، حيث كانت اللوحة التاريخية والشعبية والسياسية الاجتماعية التحررية هي عناوين بارزة في عموم لوحـاته. من اهم أعماله "صلاح الدين الأيوبي، قصف المجلس النيابي".
اما الفنان "محمـود جلال" الذي عاش ما بين 1911 و 1975. فيعتبـر حجرالأساس في ولادة المنهج الاكاديمي في الفن التشكيلي السوري. من موقـعه كتربوي وفنان منتج في وقت واحد، فقد سمحت له مواقـعه الوظيفية في اطارالسلك التربوي، خوض غمار البـحث عن طرق ومنافذ اكاديمية لرعاية وصقل المواهب الفنية السوريا من خلال البعثات التعليمية في دول الغرب الأوروبي ومصر العربية المتقدمة فنيا، فكانت جهوده المبذولة خطوة البداية لإيفاد عشرات الأسماء الفنية التي تبوأت مكانة مرموقة في الحركة الفنية التشكيلية في عموم الأراضي السوريا ومدينة دمشق وحلب على وجه الخـصوص. لقد كان الفنان محمود جلال تربويا فـاعلا ومصورا ونحاتا مميزا أنتج العديد من الأعمال الفنية من اشهرها لوحاته التصويرية "صانعة ا لقش".
بينما تفرد النحات "فتحي محمد" الذي عاش مـا بين 1917 و 1958، والذي وجـد نفسـه وذاته الابتكارية في ميادين النحت في تقنياته المتنوعة الخدمات والقدرات لا سيما خامة "البرونز"، في أسلوبيته التعبيرية المتاثرة بالمدارس الإيطالية وبالفن ذي النسب المذهبية التقليدية. حيث اسس لوجـود نحت سـوري مـعـاصر خـارج المألوف الاجتماعي والنفحة الدينية التحريمية، مقدما مجموعة من التماثيل والنصب التذكارية التي ازدانت بها الساحات العامة المنتشرة في سوريا، ابرزها تمثال الشهيد عدنان المالكي الموضوع في ساحة المالكي في حي أبي رمانة في دمشق.
بناء على ما تقدم، نجـد ان المنح الدراسيـة الممنوحة لأصحاب المواهب السوريين. قد قدمت الفرصة المناسبة http://univers-art.arabfunart.com/sirya_art5.jpg


لترسيخ معارفهم وخبراتهم، وثقافتهم البصرية والتقنية، من خلال الاطلاع على تجـارب الدول المتقدمـة في هذا السيـاق. وهناك عشرات الفنانين الذين درسوا وتخرجوا من الاكاديميات الفنية في الدول الأورويية الغربية مـثل: فـرنسا، بريطا نيا، ألما نيـا، وايطا ليـا، وفي مرحلة لاحقة في الدول الاوروبية الشرقـيـة الإشتراكية مثل: روسيا، بولندا، روما نيا، بلغاريا والمانيا الشرقية. وآخرون وجدوا في مصر العريية مجـالا جيدا لمتابعة الدراسة الفنية الاكاديمية، بحيث أمسى هؤلاء الخريجون اللبنات الاساسية في بناء الحركة الفنية التشكيلية المعاصرة، كرعيل أول متشكل اساسا في سياق تجمعات فنية في باديء الأمر. مثل: "جمعية أصدقاء الفن". أو من خلال محترفات الفنانين الميسورين أنفسهم، الذين وضعوا مشاغلهم ومراسمهم في خدمة الثقافة البصرية لأصحاب المواهب من شرائح الشباب.
لقد كان لولادة كلية الفنون الجميلة، بجامعة دمشق في ستينيات القرن العشرين أكبر الأثر في رعاية المواهب الفنية السوريا والعربية، وصقلها في الاتجاهات المدرسية الاكاديمية المرغوبة، وأ مست كليـة الفنون الجـمـيلة منذ ذلك الوقت وحـتى اللحظة الموئل الاساسي الرافد للحـركة الفنية التشكيلية السوريا المعاصرة بالمواهب الفنية في سوق إنتاجية العمل الفني التشكيلي. إذ تخرج هذه الكلية في كل عام افـواجـا من الدارسين في مجالات الدراسة الاكاديمية، الموزعة في خمسة فروع وأقسام رئيسية هي: التصوير بأنواعه، النحت بأنواعه، الحفر والطباعة اليدوية، الاتصالات البصرية، الإعلان، التصميم الداخلي والديكور. يشكل مـجـموع الدارسين في كل عقد زمني مرحلة من مراحل الأجيال الفنية الاكاديمية المتعاقبة. إضافة إلى مجموع المواهب الدارسة في المراكز الثقافية التابعة لوزارة الثقافة السوريا وفي كل المحافظات السوريا. ويمكن القول إنه كان هناك نحـو أربعة أجـيال فنية متعـاقـبة متنوعة الاخـتـصـاصـات الفنيـة مـا بين 1965 و1995. استطاعت قلة منهم متابعة رحلة الفن والحياة عبر الخامات والمواد الفنية المتنوعة ذات الصلة بميادين الدراسة الاكاديمية. وكثير منهم حققوا لذاتهم الفردية الابتكارية حضورا ثقافيا وبصمة فنية مميزة لصيقة باسمهم كمثال يحتذى للعديد من الدارسين والفنانين التـشكيليين السـوريين والعرب.
نرى من المفيد في هذا السياق ان نذكر بعضا من اسماء تلك العلامات الفنية السوريا التي كان لبعضهم وما زال لآخرين حضورهم الإنتاجي المشهود في أجيال الحركة الفنية التشكيلية، بعيدا عن مراتب الأهمية وسعة الانتشار والخصوصية، والترتيب الأبجدي، وميادين التخصص الأكاديمي لكل منهم. هذا لا يعني إهمال أوالتقليل من شان أسماء فنية تشكيلية سوريا لم نأت على ذكرها في متن الأسماء المسرودة أدناه. نراها وفق التسلسل الزمني التالي:
فنانو الرعيل الاول:
نذكـر منهم: توفـيق طارق، عـبـدالوهاب أبوالسعود، سعيد تحسين، ميشيل كرشة، محمود جـلال، رشـاد مصطفى، صبحي شعيب؟ ناظم جعفري، خير الدين الأيوبي، عبدالعزيز نشواتي، صلاح الناشف، سهيل الاحدب، رويير ملكي، خالد معاذ، أنور أرناؤوط، شريف أورفلي، ميلاد الشايب، نصير شوري، محمود حماد، أسعد زكاري، إقبال قارصلي، الياس زيات، تيسير حباس، جاك ورده، رولان خـوري، زياد الرومي، سـامي برهان، طالب يازجي، عـبـدالقـادر أرناؤوط، ناجي عـبـيـد، عبد الرحـيم تاتاري، عبـد الظاهر مراد، عدنان انجيله، عدنان رفاعي، عاصم زكريا، غالب سالم، غازي الخالدي، غسان سباعي، غياث الاخرس، فاتح المدرس، فيصل عجـمي، لؤي كيالي، ليلى نصير، http://univers-art.arabfunart.com/sirya_art6.jpg

لبـيب رسـلان، معد اورفلي، نذير نبـعة، وهبي الحريري، ممدوح قشلان، ادهم إسماعيل، برهان كركوتلي، زهيرة الرز، خالد المز، خزيمة علواني، عبدالمنان شما، عبدا لقادر النائب، مروان قصاب باشي، نعيم إسماعيل.
فنانو الرعيل الثاني:
نذكر منهم: (إحسان عنتابي، نزار علوش، هالة مهايني، نزيه فريجات،هيال ابازيد، وليد الشامي، وحيد مغاربة، وضاح الدقر، يوسف عبدلكي، عاصم الباشا، جاسم محمد علي، خالصة هلال، جمال عباس، خالد جلال، إنصاف الشوا، تركي محمود بك، جليـدان الجـاسم، علي الصـابوني، فـائق دحـدوح، خلدون شيشكلي، خليل عكاري، ممدوح النابلسي، سهام منصور، جرجس سعد، سعيد طه، ممتاز البحرة، ظافر سرميني، أسعد عرابي، حيدر اليازجي، عبدا لقادر عزوز، نشأت رعدون، طلال معلا، عبداللطيف الصمودي، عبدالسلام شعيرة، عبدالكريم فرج، عبدالله السيد، عبدالله مراد، عز الدين شموط، نشات الزعبي، الفـريد حـتمل، مامون الحمصي، مجيد جمول، محمد حسام الدين، محمود شاهين، مصطفى يحيى، لجينة الأصيل، علي سرميني، علي سليم الخالد، غسان جديد، فؤاد ابوسعده، لميس ضو شوالي، أسماء فيومي، ثائر حسني، معد اورفلي، أنور دياب، منى قولي، خالد الأسود، نهلة هلال، نعيم شلش، عدنان برش، سعيد مخلوف، اريينية فوسكانيان.
فنانو الرعيل الثالث:
نذكر منهم: محمد غنوم، عتاب حريب، جمود شنتوت، زهيرحسيب، فؤاد طوبال، جورج كفا، غالب الصفدي، احمد الياس، وليد اغا، اكثم عبدالحميد، نزار صابور، نذير نصرا لله، سوسن جلال، إدوار شهدا، نزيه الهجري، سمير غنوم، شفيق اشتي، شريف محرم، صادق الحسن، جمانة جـبـر، حـسين يونس، زياد قات، زياد دلول، أمير حمدان، أيمن الدقر، أكوب جامكوجيان، جورج فرح، جميل قاشا، احمد إبراهيم، أحمد يازجي، محمد بعجانو، عبدالحكيم الحسيني، عبدا لرزاق السمان، عبدالرحمن مهنا، صبحي عبدالنايف، زهيردباغ، سوسن الزعبي، عصام درويش، علي سليمان، عبدالحي حطاب، عماد لاذقـاني، سمير الجندي، صفوان داحول، احمد معلا، فؤاد دحدوح، باسم دحدوح، إملي فرح، نبيل السمان، يعقوب إبراهيم، يوسف عقيل، ربيع الأخرس، غسان نعنع، مرفق مخول، مصطفى علي، محمد ميره، نذير إسماعيل وجورج ماهر.
فنانو الرعيل الرابع:
نذكر منهم: إبراهيم الحميد، امد برهو، اكرم حـمـزة، اسعد فرزات، امل زيات، باسم دحـدوح، عبدالله أبوعسلي، فارس قره بيت، كرزيلا بريدي، محمد صالح بدوي، نداء طنوس، نداء الدروبي، هويدا ابوحمدان، وضاح السيد، ياسر حمود، يوسف البوشي، منصور حناوي، محمود حسو، مامون البوشي، محمد شبيب، محمد سموقان، جهاد http://univers-art.arabfunart.com/sirya_art7.jpg

مسعود، علي العبود، فادي يازجي، ايمن اسمندر، وائل دهان، لانا سعد، عصام الشـاطر، عماد كسحوت، سناء فريد، إسماعيل نصره، غزوان العلاف، إياد بلال، حسان حرفوش، علي علي، عامر سعدون، احمد كريم منصور، نصرورور، سارة شمة وعبيد الحميد عبدالله.
ذاكرة الفن التشكيلي السوري البصرية
ننطلق من مـقـولة أن الفنون الجـمـيلة "التشكيلية" هي اللغة البـصرية الوحـيدة التي تحقق التفاهم الإنساني، وتعمق اواصر الصداقة والتوافق والاحتواء والتفاعل النفعي الحضاري، والثقافي والجمالي ما بين الشعوب والافراد، بعيدا عن تأويلات الكلام المكتـوب حـول النص الفني التـشكيلي. وهي بذلك تشكل لغة عالميـة فـوق القوميات وحدود الجغرافيا الإقليمية للدول والأديان وأنماط الايديولوجية المحلية والقومية. متجاوزة لكل المفاهيم الإيهامية بمحدودية الفن التشكيلي وقدرته على التواصل في صنح حضارة إنسانية شمولية متكاملة البصمات، وجامعة للهويات والخـصوصيات، نرى ان الحركة الفنية التشكيلية السوريا لم تتبلوركوجود ثقافي وذاكرة بصرية مستقلة عن مرجعيات منتمية إلى ثقافة وبصريات الآخر في الضفة الاورويية الأخرى. وما زالت في طورالتجريبية المبررة، والمفتوحة على التنوع والاختلاف المفاهيمي والشكلي والتقني، في إنتاجـية كمية (نشاطية) تدعو إلى التفاؤل ومشروعية الطموح المستمر في إيصال المنتجات الفنيـة الفـردية السوريا ورودا طرية وندية في حـديقـة الفن التـشكيلي العالميـة، حـاملة في منتجاتها المكونات الرئيسية في هذه الحركة من حـيث المنتج الفني (الفنان)، والعـمل الفني، وجمهورالنخـبة المتمثل بالمقتني والتاجرالمروج والصحافي الإعلامي، والناقد الفني المتخصص، ووسائل الإعلام المتنوعة في مجملها تدور في فلك التفاعل مع الآخر الثقافي محاكاة وتقليدا، لا سيما الفن الأوروبي الغربي الذي تشكل منتجاته وتجاربه الفنية التشكيلية مركز الاستقطاب العالمي، كمرجعيات لا فكاك من الاقتداء بها في اي عملية ابتكارية، او تجربة فردية معرفية او بصرية ليس في سوريا وحسب، بل في عموم بقاع الكرة الارضية. من هنا نعتقد ان الإشارة إلى مرجعيات وذاكرة الحركة الفنية التشكيلية السوريا المعرفية والاكاديمية البصرية ضرورة منطقية ومنهجية، يتحقق من خلالها عملية التكامل والشمولية الثقافية ما بين الشعوب والدول والهويات المحلية والقومية المجتمعة في بوتقة عالمية واحدة. يمكن تصنيف هذه التراكمات المعرفية البصرية المرجعية
في أربعة مصادررئيسية هي:
1- الذاكرة البصرية الاوروبية الأكاديمية (نمط منتجات عصر النهضة الايطالية).
2- الذاكـرة البـصـرية الاوروييـة الحـديثـة " "الحداثة وما بعدها" (نمط منتجات أوروبا الغريية والشرقية)..
3- الذاكرة البصرية المصرية ذات المرجعيات الأورويية والغريية والشرقية.
4- الذاكرة البصرية الاستلهامية من وحي التراث المتحققة بحرفية الارابسك، اي التشكيل الحروفي. والحرف http://univers-art.arabfunart.com/sirya_art8.jpg


المهنية، والأوابد التاريخية الحضارية للممالك السوريا القديمة المغرقة في القدم والمحملة بمقولات اسطورية، واخرى تسجيلية للاماكن الخلوية للطبيعة السوريا المتنوعة.
هذه المرجعيات الاربعة التي تضم في خلفياتها الفكرية والبـصرية، بحسب التوصيف الأوروبي الغربي كمجـالات ومـيـادين الفنون الجميلة "التشكيلية" الخمسة سالفة الذكر في سياقها التخـصصي المعمول به اكاديميا في كلية الفنون الجميلة والمعاهد الفنية السوريا ذات الصلة، تدور في كل الاحـوال بدوامـة التـفـاعل البـصـري التجريبي، وفردية الفن ونخبويته في كافة المسارات التواصلية، والتي لاتنفصل بشكل او بآخر عن النزعات المركزية الغريية الأوروبية.
مدارس وعلامات فنية مميزة في الفن التشكيلي السوري
كما سبق وأشرنا، فالفنان التشكيلي السوري ابن تجربته الثقافية البصرية غير المحدودة في نمط قـسـري اكـاديمي.. ومنتـجـاته الفنيـة التشكيلية أساسا قائمة على الحرية التاليفية في اخـتيار الموضوعات، وعناصر ومفردات ورموز التكوين، وتقنياته وبنائية العمل الفني في صورته التعبيرية النهائية واللصيقة بطبيعة الحال بالتفرد الاسلوبي والخصوصية التعبيرية والتقنية لكل تجرية فنية سوريا. فإن التنوع والاختلاف هما المجـال الحـيـوي لكل ذلك النشـاط الكمي في الحركـة الفنية التشكيلية الذي لم يفرزحـتى اللحظة فنا تشكيليا سوريا خالصا. بل تنهل عموم التجارب الفنية من بحرالتنوع المدرسي والمعالجة التقنية. إذ نجد في المنتج الفني الواحد عموم المدارس والاتجاهات الفنية ذات استنسابية أوروبية غربية في سياق مستنسخ حينا، ومنسوخ في كثير من الأحيان، موزعة ما بين الواقعية الكلاسيكية، مرورا بالتعبيرية، الواقعية، الرمزية، وحرفية الأرابسك، وصولا إلى التجـريد، وفنون مـا بعد الحـداثة "الشيئية". وان كانت غالبية الاعمال الفنية التشكيلية متراوحة في كثيرمن الأحيان ما بين المدارس ا لثلاث الاساسية (الواقعية التعبيرية، والتعبيرية الرمزية، التعبيرية التجريدية). أي انهـا تراوح في حدود المدرسـة التـعبيـرية ذات الأنفاس الألمانية التي تجد لدى الفنان التشكيلي السوري راحة تأليفية، وانسجاما نفسيا وانفعاليا واستحـضارا ملهما لذاته الفكرية والفلسفية والبصرية. متوافقا مع حقيقة الواقـع العربي المعاش، وما يتعرض له الوطن العربي عموما والسوري من تحـديات داخلية وخارجية لا سيما مسالة الصراع العربي- الصهيوني، واندماج الفنان التشكيلي السوري مع أحداثه وتفاعلاته وطنيا وقوميا وانسانيا.
ثمة علامات فنية تشكيلية سوريا فردية حفرت لذاتها الابتكارية "الإبداعية" بصمات عميقة في مساحة الفن التشكيلي السوري والعربي والعالمي، والمدربة فنيا وتقنيا وفق التريية الفنية الاكاديمية الغربية الاورويية. ففي مجال التصوير برع الفنان "فـاتح المدرس"، في تكريس ذاته الفنيـة كـحـالة ثقافية سوريا مشهودة، وجعلته ذاته الابتكارية المتنوعة الاهتمامات يلعب دورا رئيسيا في ثقافة العـديد من الأجـيال الفنية السوريا، وأمسى مـرجـعـيـة لهم في اعمـالهم على الرغم من مرجعياته الأوروبية الغريية.
http://univers-art.arabfunart.com/sirya_art9.jpgأما في مجال النحت مقد تفرد الفنان النحات سعيد مخلوف، بذاته الابتكارية، وتفرده الأسلوبي والتقني، وخروجه الملحوظ عن مرجعيات الذاكرة البـصـرية الاكاديمية والاوروبية الغـربيـة في آن واحد. مقدما تجاربه البحثية في اكتشاف قدرات الخامات البيئية السوريا على التطويع والعطاء الفني المثير للتفاعل والبصريات الحافلة بكل أسرار وجماليات المكان السوري في حديثه وقديمه عبر توليفاته التقنية والشكلية على خـامات الخـشب المتنوع والصلصـال والزجـاج والعظام وسواها، مستنبطا خصوصية سوريا خالصة في هذا الاتجـاه الابتكاري "الإبداعي". وشكل ذاكـرة بصـرية للعـديد من النحـاتين السـوريين، في تعبيريته الفطرية المحملة بهموم الإنسان اولا وأخيرا.
أما في مجال فنون الحفر"الغرافيك" فقد بقي هذا الفن اوروبيـا خـالصا على الرغم من وجـود ملامح جمالية وتقنية حافلة في المواقف البصرية التاريخية العربية المغرقة بالقدم مثل الأختام الاسطوانية والمسكوكات والألواح الطينية المكرسة لابجـديات التاريخ الإنساني. حاول الفنان علي سليم الخالد، من خلال تقنيته المفضلة الحفر الحجري "الليتوغراف"، ان يستحضر رموزه من البيئات السوريا المتعددة لا سيما اوابد مدينة تدمر في توليفة تقنية ومحتوى موضوعي يحـدد تجريبيته النشطة، وليشكل من اسلوبيته ملاذا بصريا لبـعض الحـفارين في الوسط الفني التشكيلي السوري.


نور 03-13-2008 03:41 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
دلالات الرمز في الفنون التشكيلية الفلسطينية 1

الفنون التشكيلية الفلسطينية مفطورة ابتكارًا ومنتجًا ودلالات مفاهيمية على قيم الرمز ومكوناته http://univers-art.arabfunart.com/dlalatalramz1.jpg


وتعبيراته شكلياً وخطيا ولونياً وبناءً فنيًا تشكيلياً. فالرمز جزء لا يتجزأ من تاريخ وتراث وحضارة وجماليات الشعب العربي الفلسطيني في كافة مناقبه الحياتية اليومية والمهنية والثقافية والدينية والاعتقادية يلازمه في كافة حقبه التاريخية والزمانية والمكانية. سواء أكانت في عصوره المغرقة بالقدم أو الحديثة أو المعاصرة،ومدى ارتباطه الوثيق بمحيطه العربي كوحدة قومية وهوية عربية نضالية ودلالة كفاحية مستمرة في التاريخ العربي المعاصر وحدوث نكبة فلسطين عام 1948 بفعل الغزوات الاستعمارية الغربية الأوربية التي رافقت بدايات القرن العشرين لاسيما بعد احتضان وولادة الحركة الصهيونية في مؤتمر بال عام 1897 وعقد اتفاقيات سايكس – بيكو عام 1916 ، والتي أمست المشكلة الفلسطينية منذ ذلك التاريخ بمثابة القضية المركزية للأمة العربية الناهضة في أنظمتها الوطنية ضد أشكال الاستعمار القديم والحديث. وأصبحت تحتل مساحة من الوجدان العربي ونبض الشارع ومقياساً تضامنياً لحقيقة العواطف والأحاسيس والهم الوجودي المشترك في معركة الوجود للشعب العربي مع الكيان الصهيوني،وما شكلته هذه القضية المصيرية والحيوية من محمولات دلالية ورمزية وترميزية في كل المسالك والدروب وأنماط التفاعل الإنساني وبكل الاتجاهات والميادين.
نكبة فلسطين عام 1948 التي قسمت الشعب العربي الفلسطيني إلى قسمين مؤلمين. واقع الاحتلال والقمع والسطوة الصهيونية الاستيطانية.وواقع التشرد وفقدان الأرض والوطن في أماكن اللجوء العربية والدولية،وما تعرض له هذا الشعب المُقسم من مؤامرات عربية وأوربية وغربية وأمريكية متكررة لإنهاء وجوده كشعب وهوية قومية عربية وإنسانية وحضارية وجمالية.وما شكله الرمز في سياقه المفاهيمي الواسع في كافة منابت الإبداع من مكانة فاعلة في صيرورة التصدي لحلقات المؤامرة على هذا الشعب العربي الفلسطيني المكافح إلى "يوم الدين".وقد كان للرمز في مساحة الإبداع الفني التشكيلي الفلسطيني الأهمية البارزة والتواجد الدائم في كافة أعمال الفنانين http://univers-art.arabfunart.com/dlalatalramz2.jpg



التشكيليين الفلسطينيين والعرب والمكافحين العالميين في نصرة وعدالة القضية العربية الفلسطينية لوحة وملصقة وحفرية ونصباً نحتيًا وسواها من أشكال التعبير الفني التشكيلي.
الرمز في المنتج الفني التشكيلي الفلسطيني المعاصر مرتبط مباشرة بواقع الاحتلال الصهيوني،ومنخرط في الحدث الفلسطيني الكفاحي عِبر قنواته النضالية المتاحة.حيث وقف الفنان التشكيلي الفلسطيني في الخندق الدفاعي الأول عن الحقوق الوطنية والقومية والتاريخية والحضارية والجمالية للشعب العربي الفلسطيني في فلسطين ومن خارجها والمتفاعل مع مسألة الصراع العربي – الصهيوني وتفاعلات اللحظة الآنية والمعايشة اليومية لدروب الآلام الفلسطينية. تُقحم الفنان التشكيلي الفلسطيني بالتعاطي مع الرموز التعبيرية تواصلا كفاحياً مشروعاً في أخذ زمام المبادرة التحريضية والدعائية لأشكال النضال الفلسطيني وبكل مستوياته وآلياته وأدواته،ربطا مباشرا ودلالياً لهدف منشود من وراء كل عمل فني تشكيلي منفذة بأساليب تقنية متعددة المفردات والعناصر الفنية التشكيلية الرصفية لبنائية التكوين وتوصيل أفكاره ومحموله الفكري والنضالي والسياسي والجمالي،بحيث يُشكل المنتج الفني التشكيلي الفلسطيني المعادل الموضوعي لمجمل طرق النضال الفلسطيني في المعابر الإبداعية الأُخرى الموازية والمندمجة في سياق تكاملي وشمولي مع ماهية وكينونة الفنون الجميلة التعبيرية. سواء أكان هذا الرمز الدلالي عنصراً متفرداً ومتكرراً في أبعاد العمل الفني أو مُتشكل من مجموعة عناصر فنية متجانسة ومتكاملة خطياً ولوناً وفكرة تعبيرية ومواقف مشهدية. حيث تُشكل ثلاثية الأبعاد الشكلية (الخط،اللون،بناء التكوين) مجالاً حيوياً لإيصال الفكرة القصدية في شكل رسالة جمالية إنسانية حضارية وكفاحية معبرة عن واقع وحياة الشعب العربي الفلسطيني وتاريخ أمة،وتظهر تجليات الفكرة التصويرية في مدخلاتها الدلالية الرمزية البصرية المرئية في توليفات التكوين بالعمل الفني تقنيًا وفكرياً مقولة الفنان الوجودية والتعبيرية والدور الوظيفي والكفاحي كجزء لا يتجزأ من مخرجات العملية النضالية في مجملها الكفاحي.
http://univers-art.arabfunart.com/dlalatalramz3.jpg


إن أية نظرة موضوعية عامة سبرية أو مسحية أو متفحصة ومتبصرة في عموم المنتج الفني التشكيلي الفلسطيني داخل فلسين وفي مناطق الاغتراب العربية والعالمية التي واكبت حركة النضال الوطني والقومي الفلسطيني منذ بداية القرن العشرين وتواصلت مع انطلاقة النضال الفلسطيني المسلح في الفاتح من كانون الثاني عام 1965 وحتى اللحظة الآنية المعايشة وما تلاها من خطوات إقدام وإحجام ملتصقة بهموم الوطن الفلسطيني ومسيرته النضالية وبالمواطن والهويّة والانتماء،وعوامل النكوص والإحباط والانسلاخ والتشظي في تداعيات القطرية العربية والانحياز للوطن القطري الضيق والتخلي عن مركزية القضية الفلسطينية في مساحة الفعل العربي الرسمي.وقنوات الأمل والتفاؤل المشوبة بدماء الشهداء والتضحيات العربية والعالمية والفلسطينية،وإلى ما هنالك من تعبيرات وصفية أدبية ورمزية التي أوجدت للفنان التشكيلي الفلسطيني وسواه من المناضلين فسحة رحبة لدور نضالي مميز،ليجد الفنانين ذواتهم الابتكارية والإنسانية داخل الحدث جنودا مجهولين في تشكيل لحمة إضافية لتوثيق عرى التواصل النضالي مع القضية الفلسطينية كتفًا بكتف مع المقاتلين في مواقع الصمود والتحدي وحروب الوجود.
ارتبط الرمز في أشكاله الخطية واللونية والفكرية عِبر عناصر ومكونات فنية شكلية مثل (البندقية، الفدائي، الشمس، القمر، الغزال، الخراف، الديوك، الكوفيات، الأسماك، الماء، الأشجار، الأيقونات، الأساطير، الزخارف النباتية والهندسية والحيوانية،المهن اليدوية،العادات والتقاليد، الأزياء،الهلال ورماة الحجارة) وغيرها من رموز ودلالات مفاهيمية وفكرية مستحضرة ومنشودة من مِخيال الذاكرة الشعبية والموروث الحضاري والجمالي والحكايات والأشعار والمقولات والأهازيج والأغاني والذات الفنية المبتكرة والمتضافرة مع روحية الذات النضالية والوجودية في معركة البقاء. مشغولة في اللوحات التصويرية في أناقة تعبيرية مناسبة لمدلول اللون في الذاكرة لتشكل الدائرة اللونية الأساسية(الأحمر،الأصفر،ال زرق) والمساعدة المتممة(الأبيض والأسود) وتدرجاتها اللونية الاشتقاقية بروداً وحرارة وحِدة لونية، ووحدة عضوية متكاملة لمعزوفة الوطن والنضال الوطني الفلسطيني في إيقاعات بصرية فنية تشكيلية. وليمة بصرية حاشدة لكل الرموز والدلالات المعبرة
http://univers-art.arabfunart.com/dlalatalramz4.jpg



والموحية.تبعاً لذات الفنان الابتكارية وقدراته في امتلاك أدواته ومفرداته الوصفية والتقنية والمتوافقة مع اتساع مساحة التأليف الرمزي لتجليات الأفكار والحدس والابتكار.اللون "الأحمر" كمدلول معبر عن الثورة والحركة المقاومية وتدفق شلال الدماء في شرايين الثوار المكافحين الذين يقدمون أرواحهم قرابين حب ووفاء وولاء على مذبح الحرية ومسالك العودة إلى فلسطين أعراساً وشهداء في قافلة الأجيال.بينما "الأخضر" كمدلول رمزي للطبيعة والخير والعطاء وازدهار الحياة وتألقها واستمرار جذوة الكفاح.أما "الأزرق" بدلالاته متعدد الخصائص والسمات وإحالاته الإلهية والكونية، والمعبر عن الحرية ونبض الحياة والانعتاق وسمو النفس البشرية وحالات التصوف والهيام في مساحات الوطن وأماني أبنائه في تحقيق الأهداف النضالية الكبرى في مسيرة الآلام الفلسطينية عِبر قرن من الزمن،وغيرها من الملونات المجتمعة في حضرة الوطن وفضاء القضية الفلسطينية في سياق فنون تشكيلية أصيلة معبرة عن الذات والوجود وموقعنا في خارطة الصراع.أنهاراً جمالية متدفقة تصب في واحة الوطن العربي الفلسطيني وأماني العودة ودروب التحرير متعددة المسالك والأشكال.

نور 03-13-2008 03:43 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
دلالات الرمز في الفنون التشكيلية الفلسطينية 2

في أزمنة الانهيارات الكبرى والهزائم تتعلق الشعوب بقشة محاولة واعتقادا منها بأنها بيت الخلاص،ودفعاً قسرياً انفعالياً في استمرارية نبض ووهج الحياة. وبالتالي التنكر لواقع مفضوح ورفض هذا الواقع المأزوم والمنكوب والمهزوم.والحال هذه عقب هزيمة الأنظمة العربية في حرب حزيران 1965 أمست حركة المقاومة الفلسطينية الناهضة، والفدائي الفلسطيني – الرمز دلالة نضالية وهويّة قومية عربية وجسد بحركته الدينامية والاستشهادية في لحظة يعربية تلك "القشة" الرمز والمُعطى والمرجعية الكفاحية في رفض الواقع الرسمي العربي المهزوم.
تنوعت المصادر الإبداعية باختلاف الوسائط التعبيرية. في السياسة والأدب والفنون الجميلة من مسرح http://univers-art.arabfunart.com/fedaei_ramz1.jpg



وموسيقى وسينما وأغاني ورقص وتشكيل. ممجدة ذلك الفدائي الفلسطيني "الرمز" في كل مفاصل الحياة العربية اليومية،ولعب الفن التشكيلي العربي الفلسطيني على قدم المساواة في التعبير عن هذه الحالة الكفاحية الاستثنائية في حركة النضال القومي العربي المعاصر. فكانت الأعمال الفنية التشكيلية تنطق في أسلوبيتها ومعالجتها التقنية لزخم الموضوعات والتجليات الابتكارية للفنانين والحدسية التفاعلية مع الرؤى والتوصيفات المشهدية البصرية المجازي والمعبرة عن هذه الطاقة الإنسانية الخلاقة "الفدائي" المندفعة نحو الأرض والوطن مؤمنة بالأهداف التي رسمتها قوافل الشهداء الأولى في رحلة التحرير والعودة ومعركة الوجود،ورصد للواقع ومجموع الأماني والأحلام المتفاعلة مع ذكريات "المخيم" وأماكن اللجوء متعددة الأسماء والأماكن، حيث ولد الفدائي"الرمز" في أحشاء البؤس والتشرد والقهر الإنساني والمعاناة.حاملاً معه أوجاعه وآمال شعبه وأمته وآلامه. عنواناً لقضية عادلة وتكريساً فاعلاً لهويّة نضالية تحتل فلسطين فيها موقع القلب المدمى للأمة العربية.وكانت مادة حية حافلة بالمواضيع الاستلهامية ودفق الحياة وصخب قنوات التعبير الفني التشكيلي الخطي واللوني المتفاعلة مع الأحاسيس الإنسانية الصادقة في توليفات ومفردات تشكيلية تحدد مقولة كل فنان تشكيلي فلسطيني ومدى تواصله مع دوره النضالي وقضيته شكلانياً وتعبيرياً وتقنياً وتوصيفاً مشهدياً وفاء لدماء الشهداء، وهم يعتمرون كوفياتهم المزركشة تُلثم تفاصيل الوجوه وعيون يقظة متفائلة بالعودة وغناء معزوفة التحرير منارات مضيئة على الطريق. يتمنطقون ثيابهم "الخاكية أو المرقطة الملونة"من كل الفئات العمرية. فتية ، شباباً، رجالاً، كهولاً ونساء. قوافل عابرة إلى فلسطين جسوراً أزلية لا تنتهي في حدود الجراح والاعتقال والداء والشهداء. هذا الفدائي سواء أكان ذكراً أم أنثى احتل مساحة من الوجدان العربي وأضاء الذاكرة الثقافية والنضالية والبصرية كأفراد وكشعوب، ولنا في كل المواقع النضالية مآثر جميلة وبيارق وتذكارات وشواهد، لا سيما بعد هزيمة حزيران 1967 حيث غدا الفدائي"الرمز" الأنموذج الأمثل للتضحية وتعبيراً عن نضال الأمة العربية مجتمعة،ومساراً واضحاً للصمود والتحدي وشرطاً موضوعياً ملازماً لمقولة"إزالة أثار العدوان". وحافزا مثيرا لدافعية الشبان للانخراط في صفوف الثورة الفلسطينية من كل الجنسيات العربية والعالمية. والتغني بأفعاله في مواقع البطولة والاستشهاد.
الفدائي"الرمز" الذي احتضنته اللوحة والمنحوتة والملصقة الفنية التشكيلية كدلالة معرفية ووجدانية معبرة عن هويّة وجودية وكفاحية،معتمدة على التكوين الشكلاني في صياغة واقعية للحالة المرصودة.أي المواءمة ما بين http://univers-art.arabfunart.com/fedaei_ramz2.jpg



الشكل والمضمون والمعالجة الأسلوبية والتقنية في تحميل اللحظة التوصيفية أشكالاً تعبيرية تحريضية تثويرية،وإدخال الفن التشكيلي في مجالاته الوظيفية في المجتمع وكل أنماط السلوك الاجتماعي والحياة.وتنوعت الموضوعات بتلون الحالة الرصدية وتفاعلات الفنان التشكيلي وصدقه التعبيري والفكري والجمالي وقدراته المهنية والتقنية والأكاديمية في توصيل الغاية المنشودة من منتجه الفني وتأثره بالثقافات الفنية التشكيلية السائدة من مدارس واتجاهات موزعة ما بين المدارس "الواقعية،التعبيرية، الرمزية،السوريالية،الروما نسية، والتجريدية". معتمدة في غالبية الأعمال الفنية في سياقها الإبداعي التأليفي على المعايشة اليومية للحالة الانفعالية المتفاعلة مع مجريات الحدث الكفاحي.قائمة على النمط البنائي التحفيزي للصورة البصرية المقصودة والتي يتموضع فيها مفردة وهيئة الفدائي "الرمز" كمكون أساسي في مساحات العمل الفني واندماجه الكامل مع بقية العناصر والمفردات التشكيلية الأخرى المتممة لجمالية التأليف البصري وأنساق التوصيف الدلالي والجمالي من "خط،لون، كتل بنائية، مساحات، ورموز متوازنة الصياغة ومتجانسة مع روحية الفكرة التعبيرية والمنفذة بأساليب وتقنيات عابقة بخصوصية كل فنان بذاته الإبداعية المستقلة عن الآخرين، والتي تشكل مع الأخر الإبداعي لوحة تكاملية لأهزوجة الفدائي"الرمز". تصوغها الأيدي الماهرة ما بين اللوحة التصويرية الزيتية والمائية والباستيلية. أو المنحوتة المنفذة بخامات متنوعة في أوضاع حركية ثلاثية الأبعاد بأعمال "نصبية أو بارليف جداري ملحمي". أو الملصقات الإعلانية التحريضية (الملصق السياسي) باعتبارها من أكثر الأدوات الإعلامية بروزاً في كافة فصائل حركة المقاومة الفلسطينية لأهمية دورها الوظيفي التحريضي كقيم بصرية مباشرة سواء أكانت هذه الغائية للذات التنظيمية أو الهويّة النضالية باعتبارها أكثر يسراً وتدولاً حيث يستحضر الفنان التشكيلي صورة الفدائي "الرمز" في تعبيرات خطية ولونية وجمالية تُفصح عن كينونتها الأيديولوجية وتجليات الحالة التواصلية مع هذا الرمز في ضمير وأدوات ومفردات الفنانين التشكيليين ومؤثراتها في الشارع العربي المقاوم.
لقد اتخذ الفنانون التشكيليون عموما من أوضاع الحركية للفدائي بواقعيته التشخيصية في مواقف قتالية متنوعة ومتوازية مع الخلفيات الشكلانية المناسبة وقصدية الفكرة التأليفية المعبرة، وهو يرتدي لباسه القتالي الميداني المدجج بالسلاح كأسلحة فردية معهودة ومدلولات استعداده التام والمعقلن لخوض معركة الفداء والاستشهاد ضد http://univers-art.arabfunart.com/fedaei_ramz5.jpg


لعدو الصهيوني. أو رافعاً يده بإشارة النصر الطقسية. أو إظهاراً للتعبيرات الحسية في ملامح الوجوه الملثمة والعيون المشعة والمشبعة بالتفاؤل والقدرة على التضحية بالنفس والاستشهاد. أو إظهار حالات الاشتباك مع قوات العدو الصهيوني في أشكال ملحمية حيث تغدو التكوينات الفنية التعبيرية والموضوعية تفسح عن المباشرة الشكلية والواقعية الوصفية لحقيقة المواقف البصرية والمشهدية. والتي تأخذ في بعض الأحوال قسوة الخطوط وصراحة الملونات التناقضية فوق سطوح الخامات محددة لماهية التكوينات ومقولاتها الدلالية وكينونة اللحظة الحدسية والتفاعلية لخيال الفنان، والتي تجد في حركيتها عنفوان اللحظة وجودة التوصيف والتقاط ومضات الاندهاش الأولى في عين المتلقي كامتداد طبيعي لجمالية الفكرة والتي تأخذ هيئة الفدائي"الرمز" بعض المبالغات الشكلية لدى بعض الفنانين لتشكل في مجموع الأعمال الفنية التشكيلية الفلسطينية معزوفة قومية عربية صادحة بكل ملونات الفداء والبقاء والصمود، وأهمية الفدائي المقاوم في مساحة الوجدان وتشكيل الذاكرة البصرية والكفاحية للشعب العربي الفلسطيني المناضل.

نور 03-13-2008 03:46 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
الحركة التشكيلية في المملكة العربية السعودية.


تعتبر الستينيات الميلادية بداية فعلية لحركة الفن التشكيلي في المملكة العربية السعودية, فمع بداياتها انطلقت البعثات لدراسة الفن والتربية الفنية خارج البلاد, ومع منتصفها بدأت حركة العروض الفردية في بعض مدن المملكة.
http://univers-art.arabfunart.com/saudi_art2.jpg


كان ابتعاث عبدالحليم رضوي وعبدالرشيد سلطان ومحمد عبدالحميد محبت وجميل مرزا واحمد عائش الدشاس, وآخرين منطلقا لبعثات اخرى خلال الستينيات او السبعينيات الى الولايات المتحدة الامريكية وايطاليا, مثل محمد الصقعي وبكر شيخون وعلي الرزيزاء ومحمد الشليم وضياء عزيز وخالد العبدان وكمال المعلم وجميعهم درسوا في ايطاليا كما درس فؤاد مغربل ومحمد الرصيص في مصر, وعبدالحميد البقشي وعبدالله المرزوق وحمزة باجودة ويوسف العمود وناصر الرفاعي في الولايات المتحدة الامريكية وابتعث فيصل السمرة الى فرنسا ودرست منيرة موصلي في مصر ونبيلة البسام في الولايات المتحدة الامريكية, وواصل عبدالستار الموسى دراسته الفنية خارج المملكة على حسابه الخاص, مثل نبيلة ومنيرة, كما تلقت صفية بن زقر دراسات حرة في مصر وبريطانيا.
يعتبر عبدالحليم رضوي 1939م صاحب اول معرض فردي يقيمه بعد عودته الى المملكة مباشرة في العام 1964م, في مدينة جدة, واقام عبدالرشيد سلطان معرضه الاول في جدة عام 1965م واقام عبدالعزيز الحماد معرضه الاول في نفس العام, واقام محمد السليم اول معارضه الفردية عام 1967 في الرياض, وبعد عام اقامت (صفية بن زقر ومنيرة موصلي) معرضا مشتركا في مدينة جدة كما اقيم في مدينة الرياض معرض جماعي كبير عام 1969 نظمته المديرية العامة لرعاية الشباب, وانطلقت خلال السبعينيات معارض عديدة في مختلف مدن المملكة العربية السعودية.
في العروض الأولى كانت الأعمال الفنية تلامس المظاهر البيئية والاجتماعية كان الفنان عبدالحليم رضوي قد عاد بعيدا, بعض الشيء, عن المحاكاة والتمثيل, الا ان ردة الفعل كانت قوية حيث العزوف عن حضور معرضه وهو ما وقع مع الفنان عبدالعزيز الحماد في معارضه الأولى في الدمام.
كانت اعمال رضوي, فيما بعد, بتعبيرية استفاد منها من معالجات (فان جوخ) وحرارة تلويناته, وقد وظف, رضوي, المنازل الشعبية والكتابات, والطيور, والشخوص, تحتشد للتعبير عما سمّاه بالتموجات الفكرية والشحنات الانفعالية, وقدّم مؤلفا في هذا الصدد ولعلها دلالة على حيوية هذا الفنان الذي اندفع الى الساحة بقوة نشاط الشباب, وقابل هذا النشاط المتقد لرضوي اسم مهم في حركة الفن التشكيلي في المملكة العربية السعودية, وهو محمد موسى السليم 1938 ــ 1997م الذي اصبح ورضوي خلال سنوات قطبي النشاط التشكيلي, باقامة العروض الفردية, ولقد عمل السليم لترسيخ بعض المفاهيم لتأكيد اهمية انتماء العمل الفني الى بيئة محلية كانت مصادره فيها المحيط البيئي والطبيعي في الصحراء, والارياف فرسم النباتات والمخططات الجديدة, والمتغيرات, كما رسم مواضيع الأمومة والفلاحة وغيرها, وميز اعماله صدقها الفني واصالتها. لقد كانت تبقيعاته المتأثرة بأعمال بعض الانطباعيين مستهلا لخوض غمار تجارب متصلة انتهت بما اسماه (الافاقية) في اشارة الى امتداد معالجاته, اللونية وتلخيصاته الشكلية وايحاءاته لمفردات وعناصر محلية بينها الخيمة,والجمل, والبيوت الطينية والاشجار والحروف, وغيرها.
http://univers-art.arabfunart.com/saudi_art1.jpg


يعتبر عبدالجبار اليحيا 1931م من الرعيل الاول وان بدا حضوره متأخرا, لقداسهم في اواخر الستينيات بالنشر في احدى الصحف المحلية عن الفن التشكيلي, واقام اول معارضه الفردية عام 1973م, وان رسم وعرض في اطار ضيق, محيط عمله الوظيفي, واعمال هذا الفنان بدأت بمحاكاة الطبيعة, والمظاهر الحياتية خاصة في الرياض, الا ان اهم المتغيرات في اعماله كانت تناوله لمواضيع تمس المرأة وتربطها ببعض العناصر كالنخلة, او المنازل الطينية او حتى الرجل حينما رسم احدى اروع لوحاته (البناء) التي تجسدت فيها البساطة والاختزال وكثافة الفكرة.
ومنذ اعمالها المبكرة انشغلت صفية بنت زقر 1940م بتسجيل المظاهر الحياتية في منطقة الحجاز عامة, ومكة المكرمة على وجه الخصوص. وثقت للعادات والتقاليد الاجتماعية, وغاصت في اعماقها, رسمت بعفوية وبساطة مظاهر الاعراس وحركة الاسواق وجلسات النساء, والرجال, وقد نشطت (صفية) في نقل اعمالها للعرض خارج المملكة مبكرا.
وسجّل سعد العبيد 1944م مظاهر اجتماعية منذ بداياته وحتى فترة قريبة, كما رسم الصحراء, والاطفال, وكبار السن, والمواضيع الانسانية, المستوحاة من المحيط في دلالات رمزية احيانا, ومباشرة غالبا مستفيدا الى حد ما من معالجات الانطباعيين التنقيطية, ويلتقى مع اهتماماته محمد الصندل 1944م الذي رسم المظاهر الاجتماعية في مدينته الاحساء.
رسم مظاهرها الريفية (الفلاحون والبائعات, والمزارع) كما رسم بعض المظاهر الاجتماعية, ويلفت في اعماله انحيازه الى مواضيع معينة مثل (البناء, الخباز, الحناء, المرفاعة), وغيرها, والتقى معه في هذا الاتجاه نحو المحيط وعلى تنوع المواضيع, واختلاف المعالجة عبدالرحمن الحافظ 1953 واحمد المغلوت 1950م وعلي الصفّار 1953 الذي استفاد من بعض معالجات الانطباعيين في ضربة لونية تعبيرية, وكذلك منير الحجي الذي لون بانطباعية غنائية, المزارع, واهتم برسم المراكب والمنازل القديمة.
مظاهر اجتماعية
وظهر الاهتمام بالمظاهر الاجتماعية في اعمال العديد من الفنانين التشكيليين السعوديين مثل ابراهيم الزيكان الذي رسم المزارع والمنازل الشعبية, وفوزية عبداللطيف التي نقلت باحساسها الفطري حيوية الحارة الشعبية وجلسات وعادات النساء, وعبدالرحمن الحواس الذي زخرف ولوّن بمبالغة, وبحرفية منازله الطينية النجدية بتأثير اعمال الفنان علي الرزيزاء 1944م ويعتبر الفنان عبدالله الشلتي واحدا من ابرز الانطباعيين السعوديين ذلك ان للبيئة التي عاش فيها الفنان تأثيرا في حلوله الفنية التي منحت لوحته تأثيرها. رسم الشلتي الطبيعة العسيرية, بمزارعها وجبالها المخضرة, ومنازلها التي يميزها نمطها المعماري, ولقد ترك هذا اثره في عدد من الفنانين مثل عبدالله شاهر وحسن عسيري وسعود القحطاني وفايع الالمعي خلال فترة من حياتهم الفنية وآخرين, وجميعهم من ابناء منطقة هذا الفنان.
ونوّع محمد المنيف 1953 على مواضيع استلهمها من بيئته وبدرجة من الرهافة وهو يوظف الالوان المائية.
وجاءت اعمال الامير خالد الفيصل دافئة وشاعرية في تناوله للطبيعة البرية بكل ما تحمله من جمال ربيعي, موحيا بعلاقة شعرية, وصفية, في لوحته, وباشر ضياء عزيز في تناول مواضيع اجتماعية شعبية يستوحيها من الحارة او من العادات اليومية للنساء في منازلهن, كما رسم مواضيع نسائية اخرى ابرزها كان عن القضية الفلسطينية.
وتطرح اعمال بعض الفنانين التشكيليين السعوديين, على تأثرها بتيار فني حديث ـ اهتماما بالبيئة وبالمحيط الاجتماعي.
فنجد حلولا تستفيد من اعمال التكعيبيين, واخرى من السيرياليين او التجريديين ففؤاد مغربل رسم بداية محاكيا للمظاهر المعمارية في المدينة المنورة الا ان هذه المحاكاة اتصلت فيما بعد بتقطيعات جزئية في لوحته وكأنه يسعى لتحليل مساحات,

http://univers-art.arabfunart.com/saudi_art3.jpg

وإحالتها الى منشور تنعكس فيه درجات عديدة للون واحد, الا ان محمد عبدالرحمن سيام, تناول مواضيع اخرى اقرب الى اعمال التكعيبيين المركبة التي تتألف فيها المساحات وتنبسط العناصر للتعبير عن فكرة عامة, اهتم فيها بمجموعات لونية يحاول من خلالها ايصال افكاره, اما على حسن هويدي فقد كانت منطلقاته محاكية ومباشرة برسم مواضيع قريبة للنساء والاطفال, والاسواق, وغيرها وقد تراوحت اهتماماته بين المباشرة احيانا, وبين اضفاء غلالة من المساحات الهندسية التي تشف الشكل وتتلون معه المساحات قريبا من الاختيار العام, بحيث ان رهافة الفنان وحساسيته تجعله يبقى على حال اللون, دونما اشغاله او الاضافة اليه من مجموعة اخرى. وقد عبرت بعض اعمال هويدي المبكرة عن قدرة تركيبية تمثلت في مجموعة من الاعمال حملت عناصر ومفردات مستوحاة من الابنية, والشواهد او الرموز المعمارية الاسلامية حققت للفنان مكانة وتأثيرا مبكرين.
ويستفيد محمد الرصيعي من اعمال وحلول التكعيبيين في احالتهم عناصرهم الى حدودها الهندسية, محافظا على الهيئة العامة للموضوع وموظفا ألوانه بحيوية, وطرح سعدون السعدون اعمالا بتأثير التكعيبية تناول فيها مواضيع محددّة واخرى جمالية كانت اكثر تعبيرية بمعالجاته اللونية.
وتبرز في تجارب الفنانين التشكيليين السعوديين اعمال عبدالحميد البقشي الذي اطلق منتصف السبعينيات اعماله التي تأثرت بصياغات وافكار السيرياليين, الا ان الفنان البقشي كان يوظف عناصر محلية منحت عمله بعدها الاجتماعي, وقد تركت هذه الاعمال بمهارات الفنان وقدراته الفنية, وبتلويناته وغرائبية عناصره تأثيرها في اعمال بعض الفنانين, وسواء كان هذا بالالتقاء به او الابتعاد عن حلوله, الا ان هذا التأثير بدا وضحا في اعمال عبدالعظيم شلي وسامي الحسين, وفنانين آخرين من الناشئين وكانت اعمال خالد الامير على علاقة بتأثيرات سيريالية وهو يتناول مواضيع مختلفة بينها ما يعبر عن قدرات ومهارات هذا الفنان وصدقه, كما كانت اعمال خليل حسن خليل بكل ما تحمله من محاولة للتعبير عما هو اجتماعي او تاريخي يسقطه على حاضره, وحملت اعمال صالح خطاب حلولها الخاصة, ورموزها ودلالاتها في تعبير عن الانسان والحياة والموت, كما كانت اعمال حميدة السنان التي تأثرت بالاجتماعي او التاريخي.
التوجه نحو الموروث
يعتبر التراث منهلا ومرجعا مهما في تجربة العديد من الفنانين التشكيليين السعوديين, وعلى ان عددا منهم قد حاكاه في مظاهره المعمارية او الحياتية والاجتماعية موثقا ما اصبح في حال من المتغيرات او لم يبق من اثره الا القليل, فان صوتا اخر ظهر مبكرا في استلهام هذا التراث, وبعثه في صورة تأليفية تباشر احيانا, وتوفق احيانا وتسعى ان تجدد وتغاير في حالات اخرى.
فقد شكّل التوجه نحو الموروث المحلي خاصة والعربي والاسلامي عامة تيارا قويا وبارزا منذ وقت مبكر, وقد شهد ذلك http://univers-art.arabfunart.com/saudi_art4.jpg



العروض التي حاول بعض الفنانين بعث هذا الأثر في صور متعددة, وهي عروض مبكرة اختلطت فيها المحاولات, واتيحت للمشاركة فيها الفرصة للفنانين والهواة فمثلت لوحة عبدالحليم رضوى وفي صيغ تأليفية, تركيبية وحداتها وعناصرها في بعث لعناصر محلبة اراد لها (عصرنة) واحالة جديدة على خلاف المشاهد المباشرة وهي الصيغة التي دافع عنها ايضا, وباختلاف بيّن, الفنان محمد السليم الذي استوحى من الخيمة, والصحراء ليصيغ موضوعا مختلفا من منطلقات تراثية شعبية كان يتعامل معها بحميمية, ولقد توجه ذات المنحى سمير الدهام 1954 الذي لخص عناصره ومنحها بعدها او دلالاتها الرمزية, وتعامل مع تلوينات دافئة خاصة من البني والاصفر, فرسم الاسواق الشعبية والرقصات, والتقط مواضيع شعبية ميّزت تجربته الفنية مبكرا, كما كانت اعمال علي الرزيزاء الذي عاد الى المعمار الشعبي في نجد, عاد الى الرسوم الجدرانية والنقوش ليستوحي منها متعاملا مع المعاجين والالوان النحاسية والذهبية لعمل فني يحمل نفسا متميزا ومختلفا ترك اثره في بعض تلامذته الفنانين الشباب.
واستوحى عبدالله الشيخ 1936 من المعمار التقليدي العراقي وموظفا عناصر لوحته لتقديم موضوع ذي ابعاد شعبية بتوظيفاته اللونية الحميمة واشكاله لواجهات المنازل والنوافذ والابواب. وهو ما وظفه عبدالله المرزوق في صياغات تجريدية هندسية لخص معها الشكل, واختار ألوانا محدودة قرّبت فكرته الفنية, ومنحت لوحته عمقها ودلالتها, وجاءت لوحة طه صبان لتبعث فيها الرموز والعناصر المحلية, والمواضيع العامة للحارة وللبحر ولحركة يومية جرّد معها الاشكال في اثر تجريدي مميز, وكانت اعمال ابراهيم بوقس تستوحي من الشعبي, المحلي, في تلوينات زاهية وعناصر بينها الهندسي والعضوي, والكتابي, وكانت اعمال سليمان باجبع تكرس لصيغة شعبية لها رموزها وعناصرها بينها الوجوه الأدمية والطيور والخيول والكتابات وعلى نحو تبسيطي يستفيد من تسطيح الفنون الاسلامية والشعبية, ويلتقى معه احمد السبت على اختلاف تلوينات (السبت) الشفافة التي عبّرت عن شخصيته الفنية وعلى ان فنانا نحاتا مثل علي الطمسي قد تعامل مع خامة صعبة هي الرخام الا ان مواضيع هذا الفنان انحازت الى ما هو تراثي في تبسيط لبعض العناصر المحلية, والكتابات, وانحازت الى ما هو تراثي في تبسيط لبعض العناصر المحلية, والكتابات, وقد تجاوز الفنان هذه العناصر ـ المواضيع الى تشكيلات جمالية عبّرت او اوحت بالأمومة في معظم الاحيان.
الحرف العربي
منذ السبعينيات كان الحرف العربي يحضر في اعمال بعض الفنانين التشكيليين السعوديين, الا ان هذا الحضور كان ثانويا وكان ـ كما يبدو ــ بتأثير التيار القوي الذي ظهر عند بعض الفنانين العرب, واستقبلته الساحة العربية بمعرض (البعد الواحد).
من بين من تأثر بالتيار الحروفي محمد الصقجي الذي تناوله مباشراً ومكتوباً على شكل آية قرآنية كريمة او قول مأثور او غيره الا ان هذا الحرف اتخذ منحى مغايرا فيما بعد في محاولة للاستفادة من طواعيته, ومعطياته الجمالية, الا ان فنانا اخر هو محمد السليم كان الحرف لديه صيغة مجرّدة تتجرد وسط الارتدادات المسطحة التي تنبعث في لوحته الفنية, ومعها يوجد الحرف وسط امتداداته اللونية الطاغية في اللوحة.
محالا من حالته المباشرة الى تشكيلات تتآلف وعناصر او موحيات اخرى. الا ان الفنان سعى فيما بعد الى تناول مباشر للحروف فكتب بخطوط حرّة آيات وادعية واقوال مأثورة وقدّم بكرشيخون الحرف كاضافة او اشغال لمساحاته وتكويناته الفنية مستوحيا ـ كما يبدو ـ هذه الكتابات من الحشوات والزخارف الاسلامية, وجاورت الكتابات في بعض اعمال علي الرزيزاء, الاشكال الزخرفية وكتبها عبدالحليم رضوي لايصال وتكثيف فكرته عندما كتب القدس تناديكم او اين الضمير, او الشهادتين, وغيرها, وحملت لوحات ناصر الموسى شخصيتها الحروفية منذ 1983 عندما تناول الحرف بكثافة ظهر معها معرضه الشخصي الذي يعتبر اول معرض فردي اختص بالحرف العربي, وفيه كانت المعالجات دافئة وعفوية منحت التجربة ـ في بداياتها ـ دفئها واهميتها, ويواصل الفنان تناول الحرف العربي في معظم اعماله الفنية حتى التي تنشر هالة باستمرار (مجلة التوباد) الدورية, كمخرج فني لها.
حضر الحرف في تجربة عبدالعزيز عاشور في مباشرة اهتم معها باللون والتصميم الذي تنبثق معه الحروف من مركز واحد, وتعود اليه, خلاف يوسف احمد جاها الذي توازعت حروفه مساحات اللوحة, كما ظهرت بتقطيعاتها وتجزيئاتها كمن يبحث في علاقات ما بينها, وحضرت الحروف ايضا في اعمال لحمزة باجودة يباشر بوجودها بينما جاءت عند فهد الربيق لتقدم رؤيته الفنية المتأثرة بالتونسي نجا المهداوي, وهي تجربة استمرت اعواما قليلة عاد بعدها الفنان الى صياغاته الحلمية الخاصة والتي ظهر منها على حروفه شفافية التلوين ورهافة المعالجة, بينما كان الحرف العربي عند سليمان الحلوة شاعريا والصياغة على درجة من الرهافة والرومانسية, وقد تناول الحرف العربي عدد من الفنانين التشكيليين السعوديين تباينت حلولهم واختلفت نتائجهم وسنجد أهمها عند تركي الدوسري ويحيى شريفي وعلي عيسى الدوسري ورضا وارس واحمد منشي واحمد السبت واحمد الاعرج, وآخرين, وقد يكون لبعض الفنانين العرب الاثر الواضح في تجارب بعض التشكيليين السعوديين الحروفية, كما كان الاثر ايضا للمشاريع الخاصة بالمطارات الكبرى الثلاثة والتي استهلت في بداية الثمانينيات في مطار الملك عبدالعزيز بجدة وشارك فيه العديد من الفنانين العرب مثل ضياء العزاوي ووجيه نحله واحمد شبرين ومزيد بلكاهية ومحمد المليجي ونجا مهداوي, والقائمة طويلة.
جاءت اعمال فيصل السمرة 1954 لتعبر عن حداثة جديدة للوحة التشكيلية السعودية, فالفنان منذ عودته من فرنسا ــ بعد اكمال دراسته الفنية ـ خاض تجارب تنوعت معها الصيغ والخدمات وانتهت باستخدامه في اخر معارضه بجدة الاسلاك والصفائح المعدنية او الحديد, ورابطا بين علاقة انسانية, وحالة من العودة الى ما يحقق معادلة جماليات, وحداثة اللوحة ـ العمل الفني, بينما وظفت منيرة موصلي الخامات والاصباع والتلوينات الشعبية لتلعبير عن هوية محلية لعملها الفني الذي تناولت عناصره بشكل فطري وفق استخدام الخامات كانت اعمال تحديثية لسعر الخليوي وصديق واصل ومهدي الجريبي ومحمد الفاوري وحمدان محارب وهاشم سلطان, وآخرين.
لقد عبّرت العديد من الاسماء التشكيلية في الساحة السعودية عن توجهات سعت مبكرا من عمر تجاربها الى بحث, وسعي عن


http://univers-art.arabfunart.com/saudi_art5.jpg


صيغة مميزة, وسنجد مثل ذلك في اعمال عثمان الخزيم وزمان محمد جاسم ومحمد المصلي ومحمد الحمد وعبدالعزيز الماجد وعبدالله ادريس ونايل ملا وعبدالله حماس وعبدالله نواوي وسعد المسعري وابراهيم النغيثر وعبدالوهاب عطيف وخالد العويس ورائدة عاشور وشادية عالم وبدرية الناصر واضواء بنت يزيد وشريفة السريري وصالح النقيدان ومفرح عسيري وعبدالعظيم الضامن ونوال مصلي وكمال المعلم واحمد فلمبان.. واخرين.
لقد بدأت عدة قنوات حكومية وخاصة في رفد الساحة التشكيلية بالمملكة بالمعارض التي شجعت الفنانين والفنانات منذ قيام الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون 1973 ثم افتتاحها لعدة فروع تزيد حتى الان على العشرة, والرئاسة العامة لرعاية الشباب التي تكثف بقيامها وانشاء ادارة الشئون الثقافية, قسم الفنون التشكيلية المعارض الجماعية التي خصصت لها الجوائز المادية واتسمت هذه المعارض (المعرض العام للمقتنيات, والمعرض العام لمناطق المملكة, ومعرض الفن السعودي المعاصر, والمعرض العام للمراسم) بجانب معارض اخرى واقامة معارض سعودية في الخارج واستضافت معارض عربية او دولية لفنانين عرب واجانب, ونظم الحرس الوطني السعودي معرضا جماعيا للفنانين السعوديين بشكل سنوي منذ 1985م من خلال المهرجان الوطني للتراث والثقافة, وتنظم الخطوط الجوية العربية السعودية مسابقة منذ 1993م تحت مسمى مسابقة (ملون السعودية) تمنح جوائز مادية للفائزين فيها, وتقوم عدة صالات عرض خاصة بتنظيم معارض شخصية ومشتركة وجماعية للفنانين من داخل السعودية, ومن خارجها, وبرزت بين المؤسسات الفنية (المنصورية للثقافة والابداع) التي اخذت على عاتقها شكلا رياديا تنظيميا اهتمت منه بالفنانين.
وتبنت عروضهم داخل المملكة العربية السعودية وخارجها, وقد قامت في السعودية بعض الجماعات التشكيلية من ابرزها كجماعة فناني المدينة المنورة, وجماعة درب النجا, وجماعة الفنون التشكيلية بمركز الخدمة الاجتماعية بالقطيف في المنطقة الشرقية, وجماعة الاصدقاء الخمسة, وغيرها.

نور 03-13-2008 03:48 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
الشخصية في الفن المصري بين الحرفة والهواية1


كانت الحركة الفنية رغم حداثتها – حين ظهرت بصورة رسمية في عام 1908- تاريخ إنشاء مدرسة الفنون http://univers-art.arabfunart.com/shkgseya_masreya1.jpg


الجميلة، كانت قد بدأت قوية، ومتسقة إلى حد بعيد مع التيار القومي العارم الذى كان معنياً بطرح قضية الاستقلال الوطني على الساحة عن طريق النضال.
كان طبيعياً أن يخرج من بين ثنايا هذا المعطف القومي فنانون أفذاذ يتبنون نفس التوجهات والآمال ، ويسـاعدون علــى خـلق تيــار وطني فــي ســـياقه وأوصـافه، مثــل محمود مـخـتار (1891-1934)، ومحمد ناجي (1988-1956)، ومحمود سعيد (1897-1964)، وراغب عياد (1892-1982)، ويوسف كامل (1891-1972)، وحبيب جورجي (1892-1965).
ترجم محمود مختار في تماثيله النبض القوي الواضح للنضال المصري، وللكبرياء الوطني، وعبر عن فحوى الضمير الشعبي في إزدرائه الكلى للمحل الأجنبي، وفي تمجيد الأبطال القوميين. كانت قضية البحث عن الشخصية هي البديل الغائي في مواجهة المسخ القائم.
وبينما كان راغب عياد منشغلا في تصاويره بتجسيد الوجدان الشعبي محملاً بتلك المواريث العميقة لقيم المصريين الروحية، كان محمود سعيد ومحمد ناجي قد انسلخا – طواعية واختيارا – عن مهمة التعبير لصالح الطبقة العالية التى كانا ينتميان اليها. لقد تسببت تصاويرهم المشبعة بآفاق الضمير الوطني صدمة فجائية في مواجهة القيم الرجعية المعادية التى كانت تتبناها المفاهيم الملكية.
فعلى حين رسم محمود سعيد حياة الصيادين على الشواطىء، وحشد في أعماله الجمال اليومي لتلك الفتنة الخافية في وجوه بنات الحضر، والريف ، وكرس جانياً كبيرا من أعماله للتعبير عن حياة أولئك البسطاء، والفقراء والباعة المتجولين، وحاملي البيارق، 00 كان محمد ناجي يرسم – في الجانب الآخر – الفلاحين، والعمال، وزمن الحصاد. وفي إحدى صوره الشهيرة العملاقة رسم الشعب المصري بجميع طوائفه وفي وسطهم الشيخ المسلم، والقس المسيحي يتبادلان معاً حمل الصليب والهلال، تجسيداً للوحدة الدينية واتلروحية والعرقية، وعوامل النبل الفياض التى تغطى وجوه أولئك المتعبين، وغير المتعبين على السواء.
لم يكن الفن إذن يبحث في الأسواق عمن يشتريه. بل إن شراء الفن كان من بين تلك المعصيات التى تخدش كبرياء صانعه.
كانت المهمة هى كذلك عطاء غارق في النبل الوطني من دون بديل يوازيه، سوى الوطن.
كانت ثورة 1919 الشعبية نتاجاً منطقياً للمعتقد، وللوجدان المصري الذي مهد لها. كانت تمثل مصداقية كاملة للأفكار، وللثقافات، وللفن، وللآمال الشعبية التى أخذت تميز هذه الفترة على وجه من الصعب أن يتكرر.
وفي النصف الثاني من العشرينات وحتى النصف الأول من الأربعينيات ، كانت حركة الفكر الاجتماعي النشيط ، والملتزم بالنطاق العارم للنموذج الشعبي، والوطني، قد تم حصارها عن طريق تلك المحاولات المتواترة، التى أخذت على عاتقها إحلال المعتقد "الغيبى" بديلا عن عملية الإدراك المستنير لفكرة الوطن. وانتشرت آنذاك صورة للأهداف الرامية إلى تغذية الوجدان الفردي الأحادى، وتحييد "النموذج" الوطني عن طريق التمجيد الملح للذات المفردة، وإغراقها في حالة من التعقيدات الرومانسية العليلة. وظهر – آنذاك – أولئك المغنون، والملحنون، الذين يبثون للناس حالة العليل وهو انه بدلاً عن الوطن، ويحشدون قواهم الفنية للحب المريض بدلاً عن القومية، ويتغنون بالوحدة، وسهر الليالي، والحزن المتدني، 00 بدلاً عن الالتحام مع المشاكل الحياتية للأمة.
ومن الزاوية الأخرى، كان الفنانون الأجانب قد أخذوا يحتلون الساحة الممهدة كتلبية – شبه طبيعية في جانب، ومتعمدة في جانب آخر – بغية إشباع الاهتمامات المصطنعة للطبقة الحاكمة، أيا كان انتماءها القومي.
كان هنالك تياراً تحتياً قوياً يجرى لحقن الدماغ المصرية بهدف النحر في كيان النموذج الشعبي، وإحلال بدائل معاكسة، وطيعة. ولم يكن غريبا – لآنئذ – أن يقتحم ضمير الحركة الفنية الوليدة عشرات من الفنانين الأجانب، وأنصاف الأجانب من كافة الأجناس ، وهم مدعومين – لسوء الحظ على كل صعيد – بالكثير من التوفير والاحترام وربما المهابة، من قبل الطبقة العالية الغنية.
كان من بين هؤلاء بيبي مارتان، وأنجيليو دو رويز، وتشارلز بيوجلان الفرنسيون ، وكارولين رينر النمساوية، وأزيكو بارانداني، وجوزيبي سباستي الايطاليان، وآرتي توباليان البريطاني، ومارجوت فيولون، وميخائيلا بورشار السويسريتان، وأشود زوريان الخراساني، وارستومنتس أنحييلولوبولو اليوماني، وسيمون سامسونيان، وفاهان هوفيفيان التركيان، وسالم موجلى الأندونيسى. فضلا على عشران آخرين ولدوا في مصر، من بينهم :أندريه ساسون، وباروخ، وكليا بدارو، وجوزيف بونيللو، ولويس جوليان، وأرماندو ماريدل، وروز بابازيان، وارستيد باباجورج.
ولقد حاز عدد من هؤلاء الفنانين على الجوائز الأولى لصالون القاهرة، وأرسل بعضهم لتمثيل مصر في بينالي فينسيا، وساوباولو الدوليين عدة مرات.
http://univers-art.arabfunart.com/shkgseya_masreya2.jpg


كان التوغل قد وصل إلى النخاع، وأحكم الحصار. وكان طبيعيا – ربما – أن يخرج من جعبة هؤلاء الأجانب فنانون مصريون واقعون تحت تأثير التيارات العاتية، فإن الأغراء كان قويا، والتوفير كان مضمونا ،وتحقيق الذات المفردة – أيا كان ذلك التحقيق – رهين بمدى التجديف في عمق التيار، 000، ومنذ العام 1938، كان قد تم انسلاخ ملحوظ بعيدا عن تلك القيم الوفية للذكريات الشعبية التى سادت أعمال الفنانين المصريين في السابق.
وفي أول بيان صدر بتوقيع الفنان المصرى كامل التلمساني في يناير 1937، قال فيه : " إن الحساسية الشرقية هي غطاؤنا" ولكنه تحت توقيعه ايضا كتب مايلي : " بيان جماعة مابعد المستشرقين"، وهو وإن كان لجماعة "مابعد المستشرقين" حقا، إلا أنه يحمل في طياته ذلك الاعتراف الواضح المهذب بأحقية خروجه مع جماعته من ثنايا جعبة الفنانين الأجانب. تلك الجعبة التي نتحفظ على مراميها، وإن كنا لا نتجاهل – بالحق والانصاف – وجهها الآخر الجواني في حركة التعبير الفني بصورة مستقلة للغاية.
وفي الفترة من عام 1938- 1946، كان رمسيس يونان والتلمساني، وفؤاد كامل، قد اعتبروا في مصاف الفنانين"اسورياليين" بشكل قاطع، وإن كانوا بعد ذلك قد ذهبوا في الفن إلى شوط آخر بعد عام 1955.

بداية النهوض


وبالمقابل ظهر حسين يوسف أمين (1904) في منتصف الأربعينيات، حين نادى بضورة تكوين "جماعة الفن المعاصر" على أنها رسالة وهدف، مقابل حالات التردي التى بدأت تشكل الواقع المصرى.
كان نداء حسين يوسف أمين هو البداية من جديد. فالمعاصرة عنده كانت هي الغوص حتى القاع في متن المأثورات الشعبية، وإحلال التقاليد والقيم المصرية الأصلية، على أساس أنها عناصراً لبطولات الوطنية، واستخدام الرموز المتخمة بمكنونات الضمير الشعبي في رسوم الفنانين باعتبارها موجودات قدسية الطابع في حد ذاتها.
إن "الشخصية المصرية" في مواجهة المحتلين كانت بحاجة إلى رحيقها الغائب، كانت بحاجة إلى إعادة تصنيف وتصحيف الصيغ المختلة السياق والأوصاف.
كانت بحاجة الى أن تغتسل ، وتنهض. وبعد عام واحد فقط كان قد انضم الى هذه الدعوة فنانون ملتزمون – بحكم انتماءاتهم – الى تمحيد المضامين السلفية، وعوامل اتلداعي "الميتافيزيقي" للخيال الشعبي، برغم انحيازهم – في نفس الوقت – لتحديث الأساليب والصياغات وتجديد التراث. كانوا يريدون "فنا مصريا"، وليس فنا يعد من قبيل "ماابعد المستشرقين".
أخذ أولئك الفنانون ينجزون تصاويرهم التى كانت تعالج موضوعات خشنة وقاسية بأساليب حوشية الطابع، وميتافيزيقية القالب، غير أنها ملتزمة على نحو قويم بذكريات المصريين لنموذج البطل القومي. كانت هذه التصاوير تعبر بالضرورية عن رفض ماهو قائم على اعتبار أنه واقع مزيف جدير بالسخرية، والمهانة. بل إن بعض رسومهم التى كانت تعبر بشكل فج عن القبح الفاضح بالمقارنة للجماليات الرومانسية المصطنعة التى أخذت تفرزها طبقات مابعد الحرب الفنية، كانت بمثابة تعبير عن قدر الصدام المرتقب في مواجهة النموذج الصنمي المنتشر في اسواق "الإيليت".
كان حامد ندا، وسمير رافع، وعبدالهادي الجزار،وماهر رائف، يمثلون "جبهة فن" وطنية على نحو مختلف، وحين كان غيقاع هذا الطنين يجري سريعاً، فقد كان من الطبيعي أن يتقابل ويتحد بصورة مباشرة بالتعبير عن نقل صور النضال المصري عند البعض، وتمجيد الجماليات الشعبية عند البعض الآخر. كان هناك آنذاك سيد عبدالرسول، وتحية حليم، وانجي أفلاطون، وعبدالقادر رزق، وصلاح طاهر، وحسين بيكار.
لقد كان الحال إذن على هذا النحو المثير المتوتر. فإن "رفض تحييد الجماهير" أمام صور التعبير الفني – آنذاك – كانت مسألة لازمة.ورفض تحييد المثقفين المصريين أمام الأماني الشعبية، كانت إحدى ضرورات التوجه والقالب.
http://univers-art.arabfunart.com/shkgseya_masreya3.jpg


كان الرواية كلها في حقيقتها دعوة لممارسة النضال من جديد. كان الفن "هواية" ، ولم يكن "حرفة" فإن عوامل النبل المكين من الصعب هنا أن يتم تدحيضها، أو تهوينها بالاحتراف، فلم يكن قد استقر في اعتبار أحد أن الفن هو "بورصة التجار" إيا كان سبيلهم، وإن الأهداف الرفيعة ما كان يجسر أحد على خدشها بأخذ الفن في مواضع الأسواق، وبالنظر الى محتل أجنبي لم يصل فقط الى الأرض، والرزق، والكبرياء الوطني، وإنما أيضا أخذ يزحف في صميم رقعة الدماغ ذاتها. وكانت ثورة 1952 هي النموذج المقابل لثورة 1919 الشعبية.كانت نتاجا للسنوات العشر السابقة عليها، مثلما كانت ثورة 1919 نتاجا هي أيضا، للسنوات العشر السابقة عليها. كان التمهيد يكاد يكون هو ذاته، وكذلك الفرز يكاد يكون هو ذاته.
اتجاهات رئيسية ثلاثة
كانت الثورة منحازة للفقراء، ولأصحاب الأحلام الوطنية، للفلاحين والعمال، وأولئك المعدمين الذين يمثلون غالبية الشعب المصري. ومن هنا بدأ صراع "الأسلوب" الفني. كان الفنانون مدعوون بصورة مباشرة لتجاوز مخاوفهم وشكوكهم حيال قضية التعبير الفني. إن الحلم الوطني الذي طال أمده قد بات من الممكن لمسه على نحو فعال وحقيقي، بحيث كان متعيناً على بعض الفنانين الخلافين أن يتجاوزا فكرة الثورة ذاتها بحثاً عما وراءها، بحثاً عن المستقبل. كانوا يستطيعون حينذاك أن يمنحنوا طموحاتهم الذاتية في نطاق التقنيات الفنية السائدة في العالم، واستقراء صيغ التعبير الفني دون خشية أو حساسية.
ثمة في هذه اللحظة ما دعي الاتجاهات المتداخلة، والروافد الهائمة الى أن تختط لنفسها الطريقة، والوسيلة، بحيث تعبر عن مكنوناتها، وعناصر بنائها، وسياقها، حتى تلوذ "بالفكرة المصرية"، وتضمن التكريس المارد لاعتماد الطابع.
حينذاك ظهرت ثلاثة اتجاهات رئيسية افرزت نتاجها في قنوات الفن المصري.
وتقول "اتجاهات" لأنها لم تكن "مدارس" فن . فالمدرسة الفنية تبدأ بذوق عام ضاغط بغية اشباع حاجات جمالية، ولزومية. ويكون الاحتياج طبيعياً، في حين أن الضرورات إليه يحكمها المجتمع، واتلاريخ ،والاقتصاد، والنظام السياسي. ثمة في المدرسة الفنية مايلزم من "الزمن" بحيث يبدو لنا الأمر "تلقائيا" ولكنه في الحقيقة "مراداً" على صورته ومذهبه. ثم يأخذ الشوط مسافته البعيدة حين تتكون الملامح، وتكتمل، وتستقر الأشباه، ثم يأتي وقت يكون الحقن فيه ضرورياً للتغلب على فكرة النمط والقالب الجاهز، وحينئذ يبدأ التطوير – من حيث يجب أن يبدأ التطوير – طوعاً للمجمع والتاريخ، وكذلك طوعاً لقوة التأثير الفعلية الخلافة لفكرة الجمال، ولفكرة الضرورة، ولفكرة الخيال.
فالمدرسة الفنية إذن هي معيار للنطاق الصحي الصرف في مجتمع هو سليم البنية والخلايا. ونحن من هنا لايمكننا الزعم بأن الحركة الفنية المصرية كانت قد تشكلت أبعادها على مدارك المدرسة الفنية، بقدر ماكانت نوعاً شائكا من ردود الأفعال، وانعكاساً قوياً للدواعي التى استلزمتها، وأفرزتها، على صورة تكاد تكون محتومة. ومع أن ذلك ذلك لا ينقص من قدر شأنها، إلا أننا هنا نتحدث عن المعيار والصورة، حتى نتجنب قدر المستطاع تلك التعبيرات الرائجة في أسواق النقد المشاع على كل منهج وسبيل.
الصراع بين الحرفة والهواية :
إن الاشكال الصنمية كانت قد تهاوت أمام الشعارات الواضحة التى طرحتها ثورة 1952 على الساحة، وبات على كثير من الفنانين أن يحددوا مواقفهم الابدعية، والثقافية من وحى ضميرهم الصافي. وأياً ما كان تقييمنا لطبيعة المرحلة، فقد وجد الفنانون أنفسهم أمام حالة من الحرية جعلتهم مسئولون إلى حد بعيد عن التعبير عن شعارات الثورة التى كانت هى نفسها شهاراتهم هم.
ظهرت إذن ثلاثة اتجاهات رئيسية :
الاتجاه الأول (1945-1958)
مجموعة كانت بمثابة جزء من نبص حركة التحول الاجتماعي ذاته، يقف فى وسطها حامد ندا وعبدالهادي الجزار، وسمير رافع، وماهر رائف، وسيد عبدالرسول، وانحي افلاطون، وتحية حليم، وحامد عبدالله، وأبوخليل لطفي، وعبدالقادر رزق، وحامد عويس ومحمود مرسي. كان هؤلاء معنيون إلى حد بعيد بمسألة التعبير عن بنية "الشخصية المصرية" الجديدة من خلال الرمز من ناحية، ومن خلال التأكيد على فكرة الكبرياء والانتصار لجماليات الواقع المصري الذي ظل مهانا لزمن طويل، من ناحية أخرى.
إن تعبير الشخصية المصرية كان واردا "كاحتمال" فني، ورد فعل جوابي على الترقبات الظنية هذه الشخصية التى تخرج هذه المرة متحررة من ربقة الاحتلال، ومن طغيان الطبقة البرجوازية المصطنعة، وهي متحلية بشعارات الثورة التى تفجرت وهي تطالب بالعدل الاجتماعي، وبالتطهير، وبتصفية الاقطاع، وبإعادة الأرض إلى الفلاحين، وبحق المصريين في العمل ضد امتيازات الأجانب القسرية.
لقد كانت أعمال أولئك الفنانين تمثل نوعاً من الطموح الفني، والسياسي الذي كان مدعاة للفخر والتأييد في ذلك الوقت، وانتشرت حينئذ وسائل تعبير تطرح مجموعة موضوعات تمثل واقع اللافح المصري، وتمجد العمل، وتسجل الانجاز. وبوجه عام فقد كانت لوحاتهم تمثل حالة من حالات الانتصار الذاتي، والكبرياء الوطني، كما كانت أيضا تتميز بقدر معقول من الصدق ضمن لها – من بين ماضمن – الاستقبال الجماهيري الطيب، والتفهم اللازم.
لقد أخذ الناس يتحركون من قبورهم المظلمة عند عبدالهادي الجزار، بينما ظلت القطة على ذلك النحو المتواتر التي رسمها بها "الجزار" تمثل معادلا يكاد يكون غائباً للضمير الحي. وفي لوحات أخرى كان الجزار قد خصص للرجال الموتى في مقابرهم رصيداً هائلا من السخرية المريرة، وفيما قبل ذلك – أي في العام 1949 – فإنه كان قد جعل "الفأر" يزحف في البيوت، ويأكل النسوة، ورسم تجار الغيب على أنهم اشرار جالبون للتفزز والقذارة.
على حين كان حامد ندا قد اختار رمزه الشهير "الديك" في أعماله جميعا على وجه التقريب فهو ديك لا يعرف الاستكانة أو الصمت بل إنه كان كذلك معادلا "للاحتمال" مثلما كان "الزير" عنده معادلا للأخلاق، ومثلما كانت "السمكة" عنده أيضا رمزاً عمومياً لفكرة "الخير".
كانت رسومهم خشنة، ولافحة الضوء ومزرية، وربما قبيحة بالنظر إلى حجم المرارة الكامنة، والولوج في صميم الصدق في التعبير.
ربما كانوا تعبيريون غلاظ "حوشيون"،وربما كانوا واقعيون رمزيون إلى درجة اختيار نقيض تصامي قاس، أو خليط مقطر من ذلك النهج والقالب التقني الذي قدمه "الفارو سكويروس (1896-1974)، وفان جوخ (1853-1890)، ورووه (1871-1958)، وبيير بونارد (1867-1947) – على أن النبه كان "مصريا" وكذلك الضمير الفني، والعناصر، والاخلاق، ومكونات العمل البنائية.
أما في الجانب الآخر من هذا الاتجاه الأول، فإننا نجد سيد عبدالرسول وتحية حليم، وقد عبرا عن الشوق الى إhttp://univers-art.arabfunart.com/shkgseya_masreya4.jpgحلال الجماليات المصرية باعتبارها معادلاً للكبرياء. فإن الجمال لم يعد قائماً لديهم في مدى صمت الطبيعة. لم يعد "الجمال" مجموعة تفاحات الى جوار بعضها فوق طبق أو هو "طبيعة ميتة" لجزء من سمكة، أو هو لمنشور ضوئي مندفع من نافذة مواربة ساقطاً في مواضع الصمت بين الظل والنور. كما أن الجمال لم يعد زهوراً شجية اللون في أواني الزينة المنزلية.. ذلك أن الجمال عندهما لم يكن موقفا محايدا تجاه "الأخلاق". أمي أنه لم يكن موقفاً "كلياً في ذاته"، بل كان جزءا من طابع التعبير – أيا كان التعبير -، جزءا من وجهة النظر، جزءاً من "المسألة" حين يصعب التعرف عليه منفصلاً أو مستقلاً عن بقية العناصر في العمل.
رسم سيد عبدالرسول عروسه المولد الشعبية، وبائعات البرتقال، كما رسم حامد عويس الفلاحين، وجامعي المحاصيل، ورسمت تحية حليم الصيادين ورقصة التحطيب ، والأسواق العمومية، والحواري المملوءة بأطفال الفقراء وهي ضنينة بضوء الطبيعة.
لم يكن الهدف إذن هو تملق أذواق المشترين، أو أن يلوذ الفنانون بمتعة الانتشار، أو المتاجرة بالقيمة. بل إنه كان حالة من حالات إثبات الوجود. كانت "هواية" معادلة لمعنى"النيل والشرف" بمفاهيم زمانها. ومادامت "الحرفة" هي نقيض الهواية، فإن الخروج إليها كان شائكا. ثم إن اختراق الحواجز بين "هواية الفن"، وحرفة الفن"، كان في ذلك الزمان تطلعا شأننا يتساهل ازدراء مشاهديه.


نور 03-13-2008 03:50 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
الشخصية في الفن المصري بين الحرفة والهواية2


الاتجاه الثاني (1958-1972)
أما الاتجاه الثاني فكان يضم مجموعة من الفنانين هي بمثابة "نتاج" لعملية التحول الاجتماعي ذاتها، http://univers-art.arabfunart.com/shkgseya_masreya5.jpg


ولكنها ليست من أسباب بعثها مثلما جرى عليه حديثا في السابق حول مجموعة الاتجاه الأول.
إن الشعارات الوطنية التى أخذت الثورة على عاتقها مهمة نشرها وتحقيقها، قد استطاعت أن تفرز لنفسها مؤيديها على نطاق واسع. وبعد أن كانت قضية النضال الوطني الأساسية هي التحرر من الاستعمار الأجنبي، فإنها قد تحولت بعد طروحات الثورة الى قضية محورها هو البحث عن بنائيات الشخصية المصرية. ومادام أنه من العسير نظرياً، وعملياً، التنقيب عن هذه "الشخصية" من خلال المفاهيم الاصطناعية – قبل الخمسينيات – التى كانت تقدم واقعاً كاذباً، وحقيقة مختلفة لمجموعات المشاهدين، فقد جرى التوجه بالضرورة إلى البحث عن ماهية الينابيع التى يمكن الارتكاز على عناصرها في صياغة فن مصري يحمل مقومات العصر، وتكون ملامه من موجبات الشخصية.
كان الفارق دقيقا، والاختلاف شاسعاً بين المجموعة الأولى التى تمثل "الاتجاه الأول"، وبين المجموعة الثانية التى تمثل "الاتجاه الثاني"، وذلك لثلاثة اسباب :
أ*- في الاتجاه الأول، كان الفن مستنداً على عوامل أساسية من بينها حسن النية، وتلقائية التعبير، وطبيعة المهمة المطلوبة. باختصار كان نوعاً من ردود الفعل التى استوجبتها الضرورة. على حين أ، مجموعة الاتجاه الثاني لم تكن تصدر تعبيراتها عن ردود أفعال بقدر ما كان فنها واعياً بمهمته، وربما متعمداً في بعض الحالات.
ب*- كانت مجموعة الاتجاه الأول في مواجهة محتل أجنبي مع عمليات متواترة من الغزو الفني والثقافي والفكري، على حين أن مجموعة الاتجاه الثاني كانت متحررة من تلك الوقاعد التقليدية لمفهوم النضال، في حضور حكم وطني مصري، يعالج هو بنفسه الأفعال مباشرة، وردود الأفعال على السواء.
ج- كانت مجموعة الاتجاه الأول جزءا من بين عناصر التجهيز لحركة التحول الاجتماعي، على حين أن مجموعة الاتجاه الثاني كانت فرزاً من صميم التحول ذاته.
وكما قلنا في السابق، فإن المهمة كانت شائكة ودقيقة، برغم وحدة الهدف. فقد كانت فكرة "التراث" في حد ذاتها غامضة، ومعقدة، كما أن "التحديث" نفسه كان قضية شديدة الخطر. فكيف كان يمكن الدمج،وتجنب الدمج. وكيف كان يمكن أن يتم ذلك تلقائياً من دون "اصطناع" لسياق الابتكار. كيف كان يمكن أن يتم اللقاء بين "التراث والتحديث" بعيداً عن "الاعتقاد"، ودون تكريس قوي مستنير لفكرة الابداع ذاتها،ولفكرة التجهيز لشخصية فنية وطنية – في وقت واحد – على مسطح العمل الفني. كيف كان يمكن استعارة التقنيات القاعدية لصنع الفن، تلك التى استلزمتها أشواط بعيدة،وتطورات زمنية وموضوعية وطبيعية لمجتمع مختلف، وإحلال هذه التقنيات على نفس الخلق الذي قامت عليه في أجزاء من تراث مجتمع آخر، وكيف يبدو العمل الفني ناطقاً بلغات الزمن الحديث، ويكون التعبير فيه شجياً ووشيجاً بتراث صانعه.
لم تكن القضية "رياضية" حتى يمكن بث الحلول على القواعد. وإنما هي كانت قضية "إنسانية".وكانت الصعوبة هي في محاولات تذليل الغموض الانساني حتى تنكشف للفنان القاعدة "الاحتمالية" لذلك المنطق الرياضي الخبىء للمدرك الانساني. فإن "مهمة" التراث والتجديد" التحرر من السلطة بكامل أنواعها، سلطة الماضي، وسلطة الموروث،00 فلا سلطان إلا للعقل تلك كانت القضية.
بالأحرى، المأزق الذي سقط فيه جانب من الفنانين، بسبب عدم دراية البعض كلية بطبيعة "الاشكالية"، وبسب نقص فاعلية "التنوير" عند البعض الثاني، أما عند البعض الثالث فقد كان ذلك بسبب الاتجار.
المنبع الأول :
اللجوء الى الريف والقرية المصرية، التي كانت وماتزال محتفظة بخمائرها، وتقاليدها الراسخة، ومحصنة ضد يأسها وعذابها، بالأسس الحضرية الضاربة في أعماق الزمن.
كانت العادات، والتقاليد،والسلوك اليومي، ومفهوم العقيدة، والزواج، والموت، والميلاد، والاعياد، والملاحم،والغناء والحصاد، وتقديس النيل، 00 مع مختلف الغيبيات العالقة في الذاكرة المزدحمة، هى بذاتها "المتاهل" التى تمثل العنصر البنائي الحي للشخصية المصرية كما رآها أصحاب ذلك المنبع الأول. وفوق ذلك جميعه، كان هنالك "الفلاح المصري"، الذي أخذ يمثل ظهوره الطاغي على الحياة الفنية، حالة من التحدي والكبرياء لطبيعة المفاهيم التي كانت تعمل جاهدة على نبذ، وازدراء الفلاح المصري كما لو كان مواطناً من الدرجة الدنيا لا يستحق – حتى – مجرد الالتفات.
فلعله كان طبيعياً آنذاك أن يظهر – من بين من ظهر – جمال السجيني، وكمال خليفة، ومحمد حسين هجرس، وأحمد عبدالوهاب، وآدم حنين، وأنور عبدالمولى، وصالح رضا، في ا لنحت -، ومصطفى احمد، وجاذبية سرى، وجمال محمود، وعمر النجدى ، وجورج البهجورى، ورفعت احمد، وفاروق شحاته، ومصطفى الرزاز، وفؤاد تاج فى التصوير والحفر، الى جانب "أمومة" نحت، بروزنز، للفنان جمال السجيني المجموعة التى أطلقت على نفسها اسم "جماعة التجربيين، سعيد العدوى، مصطفى عبد المعطى، ومحمود عبدالله" بالاسكندرية.
بل لعله كان طبيعياً أن يخرج هؤلاء من جعبة المجموعة السابقة، وأن يتجاوزوا الطبيعة والواقع، فيلتحما معا كأفران رسالة وطريق.
في ذلك الوقت، أنجز جمال السجيني تمثاله الشهير "الأمومة"، ومجموعات أخرى متتالية للمطروقات النحاسية المعلقة. لايهم هنا كيف كان السجيني في تمثال الأمومة هذا قريبا الى معالجات هنرى

http://univers-art.arabfunart.com/shkgseya_masreya6.jpg

مور(1898) حين استخدم الفراغ – لأول مرة – في صميم الحجم والكتلة، على اعتبار أنه عنصر للجمال، وحين استخدم ذات الملامس والثنيات الدائرية في حذر متعمد لتلافي الكسور الحادة في العمل على مثل ما يفعل "مور"، 00 لا يعنينا ذلك الآن كثيراً، بقدر ما يعنينا اختيار السجيني لهذه الأم الجالسة القرفصاء على نسق يصعب أن يكون لغير أم مصرية جالسة على حالها ومآلها في بلاد الفلاحين. فلقد نحتها السجيني كالنصب القدسي. فإذا وقفت أمامها، فإنه لن يكون هنالك من سبيل سوى الاحتفاظ لها بالقدر العالي "لماهية" فلاحة مصرية هي أم، وامرأة في نفس الوقت. لا يعنينا هنا الا قدر التعظيم الذى ضمنه السجيني لمعنى الفلاحة مع كونها أما عطاءة تضم طفلاً.
وبينما قد عمر النجدي المتاهي الشعبية، وجو الكتاتيب، وحفظه القرآن الكريم وهم جالسون على "مصاطب" القرية، كان صالح رضا قد أنجز منحوتته الشهيرة أيضا "عروس النيل"، ثم "الأسرة المصرية"، تلك التى كان ملتزماً فيها على نحو أو آخر بالطابع السلفي السكوني في منحوتات مصر القديمة. وآنذاك كانت جاذبية سرى قد أخذت تبرز في سياق لوحاتها الجميلة حالة وصفية شجية للألعاب الشعبية في حواري الفقراء، وأنجزت في ذلك الوقت "لعبة السيجة"، و"لعبة الحجلة"، و"أولاد الحارة" في حين ظل جمال محمود، ورفعت أحمد – مع آخرين – وفيان لمواسم الحصاد، ورقصة الحصان والتحطيب، والأعياد الشعبية في رسومهم.
المنبع الثاني :
اللجوء على الفن المصري القديم "الفرعونية"، على اعتبار أنه استنباط لجماليات لا تقبل الجدل. بل إنه قضية منتهية لا سبيل إلى انكار منابعها وأصولها. ولم يكن يضير أولئك الفنانون كونهم خطابيون، بقدر ماكان يعنيهم الزهو باقنعتهم، على أساس أن الفن الذي يقدمونه – من هذا المعنى – كاف للتعبير عن الشخصية المصرية. غير أن "الشخصية المصرية" من هذا المنبع كانت تحتاج الى كثير من النظر، والتدقيق. ذلك أن الفن المصري القديم استلزمته عوامل غيبية عديدة، وظروف موضوعية، وهو فن سكوني غير قابل بطبيعته "للقص"، و "اللزق" مثل فنون إنسانية أخرى. لقد كانت محاولات التعبير للخروج من مأزق الشخصية المصرية عن طريق تحديث الفن المصري القديم، هي محاولات تنبىء عن مدى العجز الثقافي الذى منة به أصحاب هذا المنبع، 00 ذلك أنهم وجدوا أنفسهم وقد أصبحوا موشكين على الاعلان عن إفلاسهم. فالاتجار بالفن عن طريق ابتزاز مشاهديه لم يقدر له إلا أن يقوم بدوره المحتوم، وهو الكشف عن خبيئته، وتعرية مراميه. ذلك أن المسكنات التى جرت على العمل الفني بغرض تحديثه من خارجه، قدأزاحت الستار عن الجانب التلفيقي، كما وأن المسكنات الأخرى التى جرت على العمل من داخله لم تقدم للمشاهدين فاعلية يرتكن عليها، سوى اعادته مرة أخرى الى أصوله من حيث جاء.
المنبع الثالث :
اللجوء الى المقومات الجمالية للعنصر القومي في الفن الاسلامي. وحين جرى ذلك اللجوء، فقد كان جانب منه هو نوع من رد الفعل في مواجهة "الهزيمة"1967، أما الجانب الآخر منه، فقد كان محاولة جدية لتدبير يقظة الفنان في مواجهة إهدار قيمه ومواريثه. وبالتالي الى تعليق هويته القومية حتى حدود التجميد.
ثمة إذن ذلك التشابه القائم بين دوافع المجموعة الأولى التى تمثل "الاتجاه الاول" إجمالا، وبين دوافع هذه المجموعة في المنبع الثالث من "الاتتجاه الثاني"، مع فارق امتيازها بالإرادة الفتية ممثلة في "الاختيار"، وبالتوجه الفني ممثل في "التصميم" بانتخاب وتنقية عناصر بعينها.
كان من بين هذه المجموعة يوسف سيده، ورمزي مصطفى، وأبو خليل لطفى، وطه حسين وعمر النجدي، وسليم، وفتحي جودة،وكمال السراج، ومحي الدين حسين.
كان الأمر ممكنا، لأنه كان ببساطة "محتمل".
وهو كان "محتمل" بسبب اختيار هذه المجموعة لفكرة العنصر القومي ممثلة في جماليات الفن الاسلامي بوجه عام. إن "الممكن" و"المحتمل" هنا، يفسرها الانتقاء الواعي "لمشروع" قابل بطبيعته لاستيعاب أزمنة محدثة متلاحقة، من الزاوية الجمالية، والتقنية البحتة.
فالفن الاسلامي هو بطبيعته فن "توازني". يحمل خواص "المد والجزر" و"القص واللصق" دون أن تصاب جمالياته – باعتباره موروث – بالضرر. كما وأن مفرداته لها قابلية التجسيم والتطويع، والتحويل والتحوير، والفرز والضم، والتربيع والتدوير. فهو فن قائم على "فرضية" أصولية في منهج الفن، ومرتكز على قاعدية بنائية الطابع في منهج التصميم. فأبلغ مافيه هو نقطة، وأقصى مافيه هو دائرة، وأهم مافيه هو قدرته على أن يكون كياناً صحيحاً مستقلاً، ومتحرراً، من سلطان العقيدة.
والفارق بينه وبين الفن الفرعوني هو فارق في جوهر المنهج الانساني. فعلى حين أن الفن الاسلامي هو "جزئي" بنائي الطابع، فإن الفن الفرعوني هو "كلي" سكوني، يستساغ بكامله، أو يترك بكامله على حاله.
ومادامت المحاولة كانت "ممكنة" و"احتمالية" فإن "المخاطرة" عن طريق التحديث كانت مستساغة. فالخشية الوحيدة لم تكن واردة إلا حين يكون الحد الأدنى من قيمة المعيار الثقافي والتقني والابتكاري لصاحب هذا النوع من التوجه، غير ضامنة للقبول بهذا التحدى.
هذا التحدى الذى هو صيغة عصرية – بديلة للقديم – من أجل الوصول الى شخصية مصرية القالب وقومية الطابع في الفن المصري.
خاتمة الاتجاه الثاني :
لقد كان هنالك إذن توجه من نوع مختلف توجه نحو الشخصية المصرية عن طريق وضع عناصر أبطالها مرة واحدة فوق المسروح. لم يكن الأمر هيناً في طريق تذليل المصاعب أمام تلك المجموعة الهامة من الفنانين المصريين. فإن المجموعة الأولى "صاحبة الاتجاه الأول" – كانت قد احتلت المواقع، وحازت على قسط من التوفير الجماهيري، والاحترام العني. كان عليهم أن يلوذوا بحماية المجموعة الأولى صاحبة الاتجاه الأول سعياً وراء الاعتراف.
إن التناقض الوحيد بينهما كان زمانياً، وموضوعياً، وفيما عدا ذلك فإن الاندماج معهم كان ممكناً، ومرحلياً فإنه كان – ربما – محتوماً.
ثمة سياق إذن.
وثمة تنافس على فكرة الوطن ذاتها، قد بدأ ومادام الحال كذلك، فإن "الهواية"كانت قد أخذت تفقد مقوماتها الصلبة القديمة، في السبيل الى أن تكون هواية محايدة، هواية في ذاتها، هواية أحادية المدلول والصناعة من دون أن يكون لها شأن فيما يتعلق بمعنى الانحطاط أو النبل. هواية هي قريبة الى الحرفة، ولكنها بالقطع ليست الحرفة ذاتها. ذلك أن الدولة كانت هي جامع اللوحات الوحيد لمتحق الفن.
الاتجاه الثالث : (1955-1970)
أما الاتجاه الثالث فهو ذلك الذي استمر قائماً منذ النصف الثاني من الخمسينيات حتى نهاية الستينيات كلها على الأقل. وقد ضمن ذلك مجموعة متناقضة الى حد بعيد من الفنانين المصريين، حين ظل انتمائها للفلسفات، وللافكار المغايرة، ولحركة التحول الاجتماعي القوية، دون حسم واضح، ودون موقف محدد. كان بعضا منهم قد صرح علانية بازدرائه لفكرة "الشخصية المصرية" على اعتبار أنها نقيض لفكرة "الحرية". فالشخصية المصرية كانت في نظرهم سياق مبالغ فيه الى درجة التزمت الفاضح، بل انه في نظرهم ليس إلا حالة هروبية تذهب الى حد إغلاق الأبواب والنوافذ، بل والى حد تجميد العقل. وبالتالي فإنها تحكم بالموت على معنى الفن الرفيع، وتكرس النفاق الذى هو ضد الحرية في صالح مجموعة من الأفكار "الرجعية" لمناهضة التقدم، ولفرض حصار على مفهوم "الفن العالمي".
كانت هذه المجموعة تضم فنانين تجريديين، وانطباعيين، وتأثريين، وواقعيين مدرسين في وقت واحد، ومع أنهم كانوا مختلفين الى حد التناقض، والعداء في المنهج الفني، إلا أنهم بوجه عام كانوا يتبنون نفس الأفكار، ونفس الوفاء العلني لمفهوم الحرية، باعتبار أن الغرب هو النموذج، وبأن الغرب هو صيغة لامندوحة منها لابتكار الفنان، وبأن هذه الصيغة وهذا النموذج هما السبيل الى العالمية.
وباستثناء فنان مثل سيف وائلي، فليس هناك مفر من ذكر فنانين مثل رمسيس يونان، وفؤاد كامل، ومنير كنعان، ومصطفى الأرناؤوطي، وراتب صديق، ومحمد صبري، وصبري راغب. على اعتبار أنهم ممثلون رئيسيون لطبيعة الأفكار والتوجهات السالفة في إشكالية التعبير الفني.
وبينما كان البعض يرى نفسه منتميا بالضرورة الى شريحة عالية القدر من "الإيليت" المصري، فإن البعض الآخر كان قد أثر استخلاص جانب هروبي واضح عن طريق تمجيد الجماليات الكائنة في الطبيعة ذاتها، أو رسم أشخاص جالسين، أو فتاة تقرأ في كتاب، أو منظر من أسبانيا، او رسم آنية بجوار نافذة مفتوحة.
وعلى حين كان فؤاد كامل ورمسيس يونان، يتبنيان نزعة من المنطق الثقافي – المستنير، وانحيازا علنيا – في نفس الوقت – للتقنية الغربية، فإنهما كانا بارعان في التحدث أيضا عن القضية الثقافية، وكذلك عن الشخصية المصرية سواء بسواء.
كانت قضية "الفن للفن" قد صعدت على الساحة بوجه عام، وعادت تلك المقولات الغامضة حول الفن "لغاية في ذاته" تتحسس الطريق للاعلان عن نفسها، كما عادت فكرة "الفن الملتزم" كرد فعل أيدولوجي معاكس – من البعض الآخر – لتزايد الأمر سوءاً، وتعقيداً.
ومع ذلك فإنه كان من الغريب أن نرى معظم أعضاء هذه المجموعة ممن حازوا على التقدير الرسمي الوافر، وربما كانوا هم أنفسهم من أوائل من منحتهم الأجهزة الرسمية المعنية مايعرف بـ "منحة التفرغ الفني"، ووضعتهم من حيث الرواتب – خلال منتصف الستينيات نفسها – في مكانة عالية بصورة أو بأخرى.
وثمة ايضا مادفع عديداً من الهيئات الدبلوماسية وممثليها، وبعض الجاليات الأجنبية، على الاقبال على اقتناء أعمال هذه المجموعة بطريقة تكاد تكون متعمدة على نحو واضح، بحيث يتم احتضان شريحة من الفنانين ممن ينتمون الى مايعرف "بالثقافة الرفيعة". هذه الثقافة التى هى في نظر أولئك المشترون كفيلة بالتعبير عنهم هم أنفسهم بصورة اساسية.
لقد كان الهدف – على مايبدو – هو محاولة الابقاء على النمط ، أو هو – على الاصح – محاولة لتحويل الابتكار – مهما كان تقييمنا لمنطلقات هذا الابتكار – الى نموذج، وقالب صنمي يصعب التحرر منه.
إن المقتني، وجامع اللوحات، بداً يتأهب لأن يكون هو نفسه صانع العمل، وخالقه. ففي بقعة يخلو فيها كيان متحضر لنظام جامعي اللوحات، فإن الساحة تكون نهياً لأخطار "قطاع الطرق" ممن هم قادرون على ممارسة الوصاية، وربما النصح أيضا لعملية صنع الفن ذاتها.
الأغراض الربحية بين الهواية والحرفة (من 1973)
وفيما بين عامي 1973 –1983 كان الصراع خشناً وقاسيا. كانت الاتجاهات السالفة واللاحقة قد اختلطت مع بعضها البعض منذ أوائل السبعينيات، ثم بدأت الأفكار الأولى لتحالفات المصالح. وباستثناء فنانين http://univers-art.arabfunart.com/shkgseya_masreya7.jpgهامين مثل فرغلي عبدالحفيظ وأحمد نوار، وجانب قليل للغاية من بعض شباب الفنانين التالين لهما، فإنه لم يعد الفن، أو الأسلوب، أو التوجه، أو الالتزام، أو الحرية، أو الانتماء، أو التراث، أو الجمال، أو الاخلاق، معياراً لصنع الفن – أيا كانت المعايير – وإنما صارت محاوراً لتحالفات تسوسها المصالح الذاتية، وتحكمها التطلعات الناجمة عن تصادم الأضداد.
وبدأ الحال كما لو كنا قد عدنا إلى زمن الجاهلية، وحرب الطوائف، حين أخذ العامدون وغيرهم، تساندهم مؤسسات كاملة، يهدرون يوماً بعد يوم وظيفة الفن الأساسية. تلك الوظيفة التى هي "إعادة اكتشاف الحياة والواقع"و"إعادة صياغة الحياة والواقع" – وهو تعبير وإن كان يبدو غامضا ومعقداً وشائكاً، إلا أنه هو السبيل الوحيد لترتيب التقدم، ولصنع الحضارة.
لقد ساعد على هذا إهدار الخطير، ذلك الانسحاب الجماعي الصامت – منذ العام 1974 – من قبل مجموعات الفنانين الجادين، أولئك الذين كانوا قد تحملوا على عواتقهم مهمات حيوية وثقيلة في السابق، وكانوا مؤهلين – على نحو أو آخر – لمواصلة الدور بصورة فعالة وعملية.
آنذاك بدأت مجموعة من صالات عرض الفن التجارية تفتح أبوابها في مواقع عديدة راقية في وسط القاهرة، والمعادي، ومصر الجديدة، والهرم، ومدينة نصر، ومدينة المهندسين وجاردن سيتي والزمالك بالقاهرة، ورشدي والعجمي بالاسكندرية، بل إن الأمر تعدى ذلك الى افتتاح صالات لعرض الفن في الشقق السكنية ذاتها.
ولم يكن هناك ثمة اعتراض على مثل هذا الإحلال الجديد، فإن ضرورته هى في الواقع شديدة الاعتبار بالنسبة للفن ، بالنظر الى مضاره المتوقعة، لولا أن جانيا كبيرا منها لم يكن متسلحاً بالتأهيل الأدنى لفكرة إدارة الفن، وللقسط الواجب من المعرفة الثقافية والتقنية حول المهمة المعقدة التى تتطلبها حقيقة الواقع في شخصية مالك صالة العرض الفني ذاته.
لقد كان الغرض"ربحياً" في أغلب الأحوال، ومظهرياً نفعياً في أحوال أخرى، وأما ماعدا ذلك – أي الفن والفنان والمجتمع – فإنه كان قد تم ترتيبها باعتبارها كياناً ثانوياً، بل ودراستها باعتبارها"مشروعا للجدوى”. لم يكن غريبا أن يتحلل جانب لا يستهان به من الفنانين المصريين – في تلك الحقبة الزمنية – من التزاماتهم الأخلاقية، ويقفون فجأة في طابور الانتظار الطويل، آملين أن يجيىء الوقت حتى تدرج أسماءهم في مشاريع الجدوى هذه، بل ,ان ينسحب ذلك على أعمالهم فيتحولون من الابتكار الى النمط المراد، وأن يصيروا "فرضية" من صنع العميل، بدلاً من أن يكون العميل هو كيان من صنعهم هم.
آنذاك أصبحت الساحة نهباً مشاعاً لمجموعات طالعة من الفنانين المصريين، وهم مهمومون بعامل الريح دون أن يكون ولاؤهم الأساسي موظفاً لعملية صنع الفن ذاتها.
وأحكم الحصار مرة أخرى، حتى صارت حركة الفن ذاتها مهددة في صميمها الأكيد بأن تنصهر وتتحول – الى ذلك الانتاج الكمي لما يعرف بـ "فن الباتيك" بعد أن حاز في زمن قصير – كما لو كان بديلا للفن – على قسط كبير من الانتشار المصطنع والتدليل الزائف.
بل إن الحال وصل في مرات عديدة، ببعض صناع الحرف الى حد أنهم وجدوا الأمر مستساغاً، واختاروا لذلك أفضل قاعات العرض الحكومية، دون أن يخامرهم الشعور بالإثم أو الغضاضة.
صار الجو إذن خانقاً حين أهدرت الهواية، واسقطت .
وأما "الحرفة" 00 فبعيدة
ومازال الشوط أمامها بعيداً.
وأما الطريق غليها فيعوزه هو أيضا طريق آخر، ووسيلة أخرى.

نور 03-13-2008 03:53 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
الفن التشكيلي في العراق

تكتسب تجارب الرواد في فترة الحرب الأولي أهمية تأريخ بوصفها نموذجا لفن الرسم في ظل ظروف اجتماعية معينة أصبح بعدها هذا الرعيل واضحا بفكره وثقافته واهتماماته.
http://univers-art.arabfunart.com/iraqi_art1.jpg



فقد أرسل أول مبعوث في الفن للدارسة خارج البلاد على نفقة الحكومة العراقية عام ( 1930 ) وأقيم أول معرض فني زراعي صناعي ببغداد ضم بعض اللوحات الفنية وكان لهذه الأحداث بالنسبة لمحبي الفن وقع في النفوس بقدر ما لدخول العراق عام ( 1932 ) في عصبة الأمم من أهمية سياسية .. وفي عام (1935 ) صدر كتاب ( قواعد الرسم على الطبيعة للفنان عاصم حافظ ) وفي عام (1936) أقام الفنان حافظ الدروبي أول معرض شخصي في بغداد . . وفي عام (1938) عاد الفنان فائق حسن إلى العراق من باريس نشاطاً فنياً مع زملائه.
وفي عام (1939) سافر جواد سليم إلى فرنسا للدارسة الفنية .. وفي الثالث من أيلول عام (1939) اندلعت نيران الحرب العالمية الثانية بينما كان الفنانون التشكيليون يجرون في دار الفنان ( فائق حسن ) لقاءات لمناقشة بعض القيم الفنية نتج عنها تحقيق فكرة فتح فرع للرسم في معهد الفنون الجميلة عام (1939).
وفي بداية عام (1940) تشكلت جمعية أصدقاء الفن بمبادرة من الفنان أكرم شكري وكريم مجيد وعطا صبري وشوكت سليمان.
وفي عام (1941) أقامت هذه الجمعية أول معرض لها شارك فيه فنانون هواة . . وكانت أعمالهم محتشدة باتجاهات أسلوبية مختلفة بعضها ناشئ عن التوتر الذاتي والمجتمعي في آن واحد وبعضها مثل الاتجاه التقليدي الذي طبعته الأساليب العديدة التي تحاكي الواقع في أعمالها ، ليسوا طبيعيين في إنتاجهم وليسو نمطيين في اتجاه ذلك الإنتاج حتى يصعب أحيانا التمييز بين الاختلاطات الأسلوبية وبين توقعات المستقبل إذا ما أخذنا الجانب التقني للأعمال الفنية وليس العامل الاجتماعي وحده.
كانت بعض الأعمال الفنية تعبر عن الموقف الاجتماعي ولم تبتعد في تعبر عن الموقف الاجتماعي ولم تبتعد في تعبيرها عن المساهمة الأساسية في الكفاح السياسي ضد التخلف والتأخر وكانت هناك علاقات واضحة بين ما يطرحه الفنان وبين الظروف المحيطة وخاصة ما يشير إلى النزعات المتقدمة في رفض الاغتراب عن مشاكل وقضايا الشعب أو عند وقوع أحداث قومية ووطنية ، اقتصادية أو سياسية خطيرة في الوطن العربي وفي العراق بالذات بما فيها http://univers-art.arabfunart.com/iraqi_art2.jpg



الانتفاضات والوثبات الشعبية وتبلور الشعور القومي بعد تهديد الصهيونية العالمية بادعاءاتها القائمة على العنصرية في أرض فلسطين العربية قبل حرب سنة 1948 والتنادي بتحقيق مقرراتهم في مؤتمر ( بازل ) الصهيوني عام (1897).
وفي جانب آخر استهدف الفنانون اكتشاف أنفسهم ، ساعين إلى مطابقة الطبيعة وإجراء تجارب عليها بالألوان كما فعل الانطباعيون الفرنسيون وكانت هذه الاعتمادات الفسيولوجية هي القضية الملحة الأخرى في ظل ظروفهم الخاصة ، وبدأت الحياة الفنية في العقد الرابع تنبض بالحيوية وبالقدرة على احتدام الصراع في المجتمع وقد تبلورت هذا المفاهيم في أوساط المثقفين عموماً.
في عام (1942) افتتح الفنان حافظ الدروبي مرسماً حراً ، كان من المقرر له أن يكون نواة المشغل فني كبير إلا أن هذه المحاولة لم يكتب لها النجاح بسبب تكوين العلاقات الاجتماعية وطبيعتها اليومية فالمرسم الحر يلزم الفنان بالعمل داخله في جو أكثر صرامة وضغطاً على حريته في حين كان ميل الفنانين وقتذاك نحو الخروج إلى ضواحي المدن في الحقول والأرياف والمرتفعات والجبال .. و " هكذا فأنها بمقدار ما كانت تبدو فيه ( صديً ) للتجمعات الفنية الأوربية (كجماعة الأنبياء) الفرنسية مثلاً في نهاية القرن التاسع عشر ، كانت أيضاً ضرورة تاريخية اقتضاها نضوج الوعي الفني لدي الفنان العراقي إلى الحد الذي أخذ فيه يتحمس للممارسة الفنية بصورة غير فردية ، كما كانت ضرورة اجتماعية وفكرية اقتضاها نمو الجمهور الحديث في مطلع نشأته ، إذ هو يستكمل جميع أبعاد وجوده الإنساني ".
وهكذا بدأت أولي العلاقات المضيئة في ارتباط البدايات الفنية بالفكر العالمي تدريجياً عن طريق اهتمام الفنان العراقي بالاتجاهات والأساليب الفنية في أوربا والشعور العميق بأهمية التقنية الشكلية التي تنضج من الأسلوب باتجاه وضوح المضمون تبلورت المفاهيم القومية والإنسانية المتقدمة في أوساط الفنانين التشكيليين وبلغت نضجها في العقد الخامس من هذا القرن وبأت من المؤكد القول أنه عقد التنوير أو العقد العظيم في تاريخ النهضة الثقافية الحديثة في العراق .. وقد شكلت خلالها الجماعات الفنية وبدأت ترتبط عن طريق اهتمام الفنانين أنفسهم بالأساليب الفنية في أوربا..
أن الحاجة إلى ظهور جماعات تلتقي عبر ملاحظات جوهرية اجتماعية وفكرية أعلنت عن نفسها للتعبير عن ظاهرة تجعل من الفن وسيلة عمل إبداعي لا يكون بمعزل عن المناخ الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي ، وهكذا ظهرت جماعة ( الرواد ) عام 1950 " لتلزم أعضائها بالبحث عن المناخ الفني خارج http://univers-art.arabfunart.com/iraqi_art4.jpg



إطار المرسم الشخي مثلما تلزمهم بتذوق الموسيق أو حمل أدوات الرسم والسفر الى ضواحي بغداد لرسم المنظر الطبيعي " كما أصبحت النزعة الاجتماعية واضحة في كيان " جماعة بغداد للفن الحديث " التي تشكلت عام ( 1951 ) تعبيراً سنمعني الالتزام الحضاري المحلي والإنساني معاً كذلك تشكلت ( جماعة الفنانين الانطباعيين ) عام 1953 وهى في الحقيقة ما كانت تعني بالبحث عن ( طرح الانطباعيين الفرنسيين ) ذاته ، إنما هي مجرد تسمية أدبية في إطارها العام ، وكانت التزاماً تقنياً في أحيان قليلة جداً دون التوصل إلى رؤية جديدة في الفن شأنها في ذلك وبشكل أوضح شأن الجماعات الفنية التي ظهرت في الستينات التي اعتمدت التقنية ، والشكل كجماعة ( المعاصرين ) عام 1965 و ( جماعة المجددين ) 1965 و ( جماعة الجنوب للفنون التشكيلية و (جماعة 14 تموز) و ( جماعة حواء وأدم ) و ( جماعة المدرسة العراقية الحديثة ) عام 1966 ثم ظهرت جماعة الزاوية و ( جماعة الحدث القائم ) و (جماعة تموز) في عام 1967 كما ظهرت ( جماعة البصرة ) و ( جماعة البداية ) عام 1968 وكذلك ( جماعة الفنانين الشباب ) و ( الفن المعاصر ) والرؤية الجديدة عام 1969 .. وفي مطلع عام 1970 ظهرت جماعات كثيرة منها جماعة " نينوي للفن الحديث " وجماعة " السبعين " وجماعة المثلث و " الدائرة " و " الظل " وجماعة فناني السليمانية وجسم سة باء وجماعة النجف .. ولكن هذه ( الجماعات ) لم تستمر في عطائها.
لقد كان الهدف من تشكيل جمعية الفنانين العراقيين عام 1956 هو جمع شمل أعضاء الجماعات الفنية وتنظيم أعمالهم والمساهمة في البحث عن قيمة جديدة لملامح الفن المعاصر في العراق ، كذلك ظهرت نقابة الفنانين لتكوين مركزاً حيوياً لكافة الاتجاهات الفنية الحسية والبصرية .. لتأجيج مفهوم الالتزام الجماعي بعد التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في العراق التي أعقبت قيام ثورة 17 تموز القومية والاشتراكية عام 1968 .
وفي عام 1971 ظهرت جماعة " الأكاديميين " وجماعة الواقعية الحديثة وتجمع البعد الواحد التي استهلمت الحرف العربي في أعمال أعضائها.
كذلك برزت ظاهرة جديدة هي " تأسيس " صالات العرض الفنية ابتداء من " كاليري الواسطي " عام 1965 وقاعة " أيا " وكاليري (تاله) عام 1967 وكاليري 3و4 ، ولم يكتب لهذه الفكرة الاستمرار ، على الرغم من أن الحركة الفنية في العراق في حيوية وأتساع متواصل.
أن واقع الحركات الفنية في الوطن العربي ذو صلة رحمية بالاتجاهات والأساليب الأوربية من الناحية الأسلوبية ، وخاصة تلك التي جاءت نتيجة جهود فردية


http://univers-art.arabfunart.com/iraqi_art5.jpg


على مستوي البحث عن أسلوب حياة وتجارب إبداع في تحرير معني العمل الفني.
لهذا بات من الضروري النظر إلى ( العملية الإبداعية الفردية ) في الفن على أنها دلالة في تفسيرنا للأشياء والعلل وسببية الظواهر ، والفنان الحقيقي هو الذي يرتبط بالشروط الموضوعية والحالات التاريخية ، ولابد أن يسعى لتحرير هذا المعني بالتغيير واتخاذ الوسائل المتقدمة لكي يكون فعل التعبير (ضرورة) لا يمكن لبعض اتجاهات الحياة الاجتماعية والنفسية أن تفسر بدونها طالما لا يمكن أن تتم عملية ( التوصيل ) بغيرها ولا يمكن للأسلوب عداها أن يثير الحواس لخلق حوافز المشاركة في تغيير الأشياء والأنماط والاتجاهات السائدة نحو مرحلة جديدة ، ومتى ما عكس العمل الفني ، الحس الاجتماعي وتمثل صراعات الأمة جماليا حققت تلك ( الأفعال – الضرورة – التجربة ) خصائصها ، وتأتي بعض التجارب وهي تبعث على الحيرة والتردد دون أن تتسم بالغموض والغرابة والشبحية في خلق ( الأفعال – الضرورة ) – أو إلقاء الضوء على المنطقة الداكنة من بقاع الذات الأنسابى ، وما بين فردية الفنان – كذات – وتقنياته – كوسائل فردية تظهر علامات يتقرر في ضوئها وضوح المضمون والشكل باتجاه وضوح الأسلوب وهذا ما فعله فنان مثل ( بول سيزان – 1839 – 1906) من حيث بناء اللوحة واختيار الألوان التي خضعت إلى التجزيء في ألوان الطيف الشمسي المرتبط بدرجات الضوء وحساسية المادة.
وفقا للكثير من الأساليب والاتجاهات الفنية التي سادت أوربا فقد تأثر الفنانون العرب خلال دراساتهم في المعاهد والأكاديميات الغربية وعادوا محملين بتقنياتها وأساليبها يحكم التفاعل والتأثير والتلقين ، وكان ينبغي إلا يتوقفوا عند التفاعل والتلقين وهم يحددون الأطر التي يتحركون داخلها.
علة الظاهرة أننا – بعد ازدهار حضاري عظيم – عشنا في فترة مظلمة خلال ستة قرون توقف العقل العربي خلالها عن الإبداع والتغيير والتقدم ومرت بفترات سلبية وأن اختلفت أثارها الثقافية على مظاهرها ، فهي بالنتيجة متلقية ساكنة لثقافة استعمارية تفاوتت في تأثيراتها وتغلغلها في حركات الفنون التشكيلية ، وبحكم انهيار الدولة العثمانية العجوز ثم تقسيم مناطق النفوذ بين فرنس وإنكلترا وما نتج عن ذلك من ظواهر متردية وعلل اجتماعية وتخريبية ومحاولة إلغاء الوجود القومي للامة العربية كان للفن التشكيلي نصيبه من تلك النتائج ، وأخطرها الفكر التجزيئى المرتبط بثقافة وفكر القوي الغازية الاستعمارية وشيوع ظاهرة التوسل بتقنياتها واتجاهاتها الفنية ، ( والفن المسندي ) من تلك الوسائل التي استخدمت في هذا الغزو الثقافي على الرغم من أهمية الفترة التي ساد فيها ذلك النوع من الفن في أوربا قرابة الأربعمائة عام باعتباره نتيجة لمظهر من مظاهر عصر النهضة ، فأنه بعيد عن قيم وتقاليد وروح الفنان العربي وبعيد عن مفرداته الأساسية في تعامله مع الحياة ، ومهما تحمل من أراء مضادة له فأنه مظهر بارز في وسائل التعبير الفني في العالم ، ومازالت هذه الظاهرة قائمة وستظل وليس فيها ( خطر كبير ) على واقع الحركة التشكيلية العربية المعاصرة اذا استطاع الفنان العربي أن يتفاعل ويميز طريقه فيبدع ويضيف.
ترتبط هذه الملاحظات بطبيعة الظروف التي نشأ فيها الفن التشكيلي الحديث في الوطن العربي وتحولاته ، وفي المرحلة المتأخرة عند بواكير الخمسينات طرح عدد من الشباب العربي أفكارا جديدة ودعوات قومية وإنسانية إلى تحدي الذات وتحريك الذهن باتجاه العصر الراهن للتفاعل والتمثيل والبحث عن الهواية

http://univers-art.arabfunart.com/iraqi_art6.jpg

العربية في الفن ولم تكن تلك الدعوة إلى تحدي الذات العربية وحالاتها الملقاة بالماضي مرتكزة إلى فهم عميق للتاريخ والى تفسير موضوعي لحركته ، بل كانت عواطف صادقة لم ترتكز إلى فكر علمي قائد او حركة موحدة ثم سرعان ما تحول هذا النداء إلى مسألة وموقف (مثاليين) وفي حدود (كلامية الحضارة) لان نظرة ذلك (الجيل المتحمس) إلى التاريخ لم تتجاوز نفسها وسكونيتها ولم تحدد تصورا موضوعيا للزمن والصيرورة التاريخية وأولت اهتمامها للأشكال دون المضامين.
الفنانون التشكيليون العرب جزء من شرائح أمتهم ولهم عنها مواقف إزاء تفسير ظواهر التاريخ المستمر في ذاكرتهم على الدوام ، وهذا يفسر غياب المنطق الأيديولوجي الذي يحكم مسيرة أمتهم ويحلل مرحلتها صراعاتها وينظم تصوراتها وطموحها ويؤشر أهدافها ويعمل على دمج ذهنية أبنائها بطبيعة العصر وتقنياته ويبلور خطط وأهداف مؤسساته المستقبلية ، من هنا نتواجه مع ذهنية الفنان التشكيلي وازدواجيته ، بين ارتماء سلفي في أحضان التاريخ وبين طبيعة عصر يواجهه كل لحظة ويتحداه بشروطه العلمية والتكنوذرية.
ومن هنا يتجسد بشكل اكثر حدة ، التناقض بين عنصر المكان وعنصر الزمان الحضاريين إلا أن المسافة التي تتطاول بسرعة هائلة تكمن في عنصر الزمان الحضاري الذي نعاني منه ألان في محاولة تكيفنا مع المرحلة التاريخية المحددة التي نسعى إلى تجاوزها

نور 03-13-2008 03:55 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
نشأة الفن المعاصر المغربي (1/2).

طوني مرايني
لقد ظهر قبل الاستقلال بعامين في المغرب كتاب صغير الحجم بعنوان " ميلاد الرسم الإسلامي بالمغرب". تعرض مؤلفه http://univers-art.arabfunart.com/maroc_art1.jpg




"سانت - إينيان" في فصل من فصوله إلى بعض الرسامين الشباب المسلمين الذين اكتشفوا انفتاح العالم التشكيلي في وجوهم". فلقد قسمهم إلى نوعين، رسامين درسوا الرسم وآخرين عصاميين، في الصنف الأول، ذكر أسماء عبدالسلام الفاسي وحسن الكلاوي ومريم مزيان وعمر مشماشة وفريد بلكاهية، وفي الصنف الثاني ذكر أسماء محمد بن علال وأحمد بن إدريس اليعقوبي ومولاي أحمد الإدريسي والحمري. وبما أن هذا المؤلف أشاد بالاستعمار الثقافي، فإنه نسب فضل نهضة الرسم المغربي إلى ما قامت به الحماية من أعمال. غير أن تحليلنا الموثق لهذه المرحلة يناقض ما أثبته هذا المؤلف. فعند قراءتنا لكتابه، نخرج منه بانطباع أن المؤلف عوض أن يبحث عن بداية تاريخ الرسم المغربي في فترة الاستقلال، حاول أن يردها إلى فترة الاستعمار، وكان ذلك مفاجأة غير منتظرة على أنه إبان فترة الاستقلال، أنجز رسامون آخرون عبر أبحاثهم أعمالا متنوعة وخصبة، فرضت نفسها على أنها ظاهرة مغاربة، الشيء الذي جعل البورجوازية تتذوقه ومثلها المثقفون والإيديولوجيون أيضا، كل فئة تعكس عليه رغباتها وآمالها وغاياتها. ولدى اكتشاف الغرب لصحوة العالم الثالث، قبلت المعارض الدولية الكبرى عرض بعض النماذج لرسامين منتمين إلى البلدان الحديثة العهد بالاستقلال، (ومنها المغرب) تلك التى رأت في الرسم نوعا من الخطوة، في حين أن الرسامين أنفسهم خم وحدهم الذين تحملوا عبْ هذه المهمة الشاقة في هذه المرحلة التاريخية.
وحين نتحدث عن البداية لا ينبغي نسيان المخاض الطويل الذي تفرضه كل ولادة. فالرسم ليس طفلا، إنه سيرورة حية. هكذا كانت بداية الرسم المعاصر في المغرب عميقة الجذور في حقبة تمتد على مدى طول النصف الأول من القرن العشرين. بداية أساسها في رسم يعزى إلى حقبة الاستقلال، رسم أكد نفسه بعد ذلك باعتباره باعثا على استيقاظ الوعي النظري ابتداء من السنوات الستين.
أما اللحظة الحاسمة لهذه السيرورة التاريخية، فقد تحققت حين اعترف للرسم في المغرب بأنه ظاهرة ثقافية تتسع للأحلام وللرؤي وللمواهب، وتجعل الأسلوب والكيفية يختلفان من فنان إلى آخر، غير أن المهم يبدو في أن الرسم مطالب به على أنه تعبير فردي وعلى أنه نوع من اللغة يدخل في نطاق مشروع ثقافة معربية معاصرة. هكذا بدأ حضور محتشم لبعض رسامين مغاربة ابتداء من سنة 1951 في صالونات رسامين أوروبيين في المغرب. وفي سنة 1952، في صالون الشتاء بمراكش، عرض فريد بلكاهية، وعمر مشماشة، والطيب لحلو، وحسن ا لكلاوي، ومولاي أحمد الإدريسي، ومحمد الحمري، ومحمد بن علال. واقيم أيضا بين نهاية السنوات الأربعين وسنة الاستقلال، بعض أوائل المعارض الفردية (الحمرى، ومريم مزيان، (أول رسامة مسلمة في المغرب) وفريد بلكاهية مثلا) ثم إن معارض شخصية دشنت في الخارج،

http://univers-art.arabfunart.com/maroc_art3.jpg


(الجلاوي والإدريسي وأحرضان والبايز واليعقوبي) وبعد الاستقلال أي في السنوات الخمسين، أقيمت في المغرب معارض فردية، من بينها معارض المكي مورسيا والمكي مغارة والجيلالي الغرباوي وكريم بناني ومحمد المليحي ومحمد عطا الله وسعد السفاج وأحمد الشرقاوي. وأقيم على الخصوص عدد من المعارض الجماعية، مما ساهم في إعطاء نظرة أولى عامة عن الرسم المغربي لهذه الحقبة. وبين المعارض التي أقيمت في الخارج يمكن ذكر مساهمة المغرب في بينالي الأسكندرية الثاني سنة 1957،(شارك فيه بالإضافة إلى الرسامين الذين ذكروا، بل من حسداي الموزنينو وبنهاييم ومريس أراما وحسين) وفي معرض الفنانين المغاربة في سان فرانسيسكو ميزيوم أوف ارت سنة 1957، وفي رواق المغرب في المعرض الدولي ببروكسيل سنة 1958، أو في واشنطن D.C ولندن وفيينا إلخ.
وأخيرا ففي سنة 1959 شارك المغرب في أول بينالي للشباب في باريس، حيث وقع الاختيار على الغرباوي وكريم بناني وبلكاهية وحسين والمليحي والباز كان باريس لهذه الفترة مركزا للفن المعاصر في أوروبا. على أن هذه المشاركة لم تكن لتمر في خفاء. فمن بين زائري هذا البينالي فينتوري الذي كتب في المجلة إيطالية إكسريسو "بأن الاكتشاف الحقيقي بالنسبة إليه كان في باريس حيث السحر اللامنظر للرسم المغربي ثمارا معترفا بها خارج حدوده، وفي هذه الأثناء فإن مصالح الفنون الجميلة والمتاحف المغربية (التي تولت إدارتها نعيمة الخطيب) نظمت في المغرب عدة معارض جماعية متجولة، أصبح معها الرسم المغربي الوليد ذا وجود شعبي حقيقي. وابتداء من سنة 1960، نشر غاستون ديبل في إطار المركز الثقافي سلسلة كتيبات صغيرة مزينة عبارة عن دراسات عن كل من الغرباوي والإدريسي واليعقوبي وأحرضان والشرقاوي وبن علال وبلكاهية.
فهل كل هذا كاف ليدل على أن الرسم حصل في المغرب على جميع احتياجاته ومطامحه؟ لا. ذلك أنه بمناسبة معرض "رسامي مدرسة باريس والرسامين المغاربة" الذي دشن في الرباط سنة 1962، فإن الناقد الفرنسي ميشيل راغون الذي أعجب بتنوع وحيوية شباب الرسامين الأهالي (سماهم أيضا رسامين شبابا مغاربة حقيقيين) فكتب :"الرسامون الشباب المغاربة الحقيقيون هم اليوم أبعد من أن ينالوا نجاحهم ، فهم مدينون بالتعريف بهم إلى كل من غاستون دييل ونعيمممة الخطيب مديرة المتاحف المغربية."(بستان الفنون رقم 114، ص 29) وعندما استعمل راغون صيغة الرسامون الشباب المغاربة الحقيقيون"، كان لفظة حقيقيين تعني قياسا إلى بعض الرسامين الأجانب المقيمين في المغرب، (فبركة لوحات بشكل آلي من أجل تصديرها، جمال ونخيل ورقصة البطن إلخ). هؤلاء الرسامون الذين لم يجرؤ أي غاليري في باريس على عرض أعمالهم، كانوا طيلة أيام الحماية متصدرين ولايزالون. إن أعمالهم بالنسبة إلى بعض بورجوازيي المغرب(..)المنبهرين بالحكاية، هي الرسم المغربي الحقيقي"، وفعلا، فإنه بالرغم من المساعي المحمودة التي قام بها أولئك الذين دعموا الرسم المغربي الوليد،فإن الوضع عراه التباس تجاري وثقافي وأخذ على أنه رسم مغربي حقيقي. ولطمأنة الجميع، فإن المعارض الجماعية الجوالة انتهت بالحصول على مواد مرسومة من كل نوع. وبدون أي عمل يراهن على الكيف، وبدون تحدي أصول تاريخية ثقافية، وبدون تعمق في النظرية وفي الفكر، فإن الخطر تبدى في الوصول إلى الباب المسدود. وازدادت خطورة هذا الالتباس بتأكيد بعض الملاحظين الأجانب ومنهم سانت - إينيان أن الرسامين المغاربة انطلقوا من فراغ ثقافي عوضوه بالمثاقفة. حتى ميشيل راغون روج لهذه الفكرة حين أكد:"إن الرسامين الأهالي يبنغي أن ينطلقوا من صفر، لأن رسمهم التقليدي كان ليس غير سم تزييني، ولذا كانوا عالة على الرسم الأوروبي.(نفس المصدر ص 26) إنا نعرف أنه ماعدا بعض المقلدين وأمثالهم في كل مكان، فإن الرسامين الأوائل المغاربة لم يأخذوا دروسهم في مدارس الرسم التي لم يستطيعوا حتى حدود السنوات الخمسين) الالتحاق بها، ولكنهم أخذوها فيما هو أكثر فائدة، وهو ما يمكن أن نسمييه روح العصر. ومن جانب آخر، فإن إرادة القطيعة والميل إلى التعبير الذاتي عند الرسامين المغاربة، مصدرهما هو القلق الناتج عن توجه نحو الأحلام والخرافات والألوان والعلامات والرموز، تلك التي يزخر بها عالم جواني مرتبط بتاريخهم نفسه، إن حالات اليعقوبي والإدريسي وأحرضان دليل على ذلك، ويمكن


http://univers-art.arabfunart.com/maroc_art2.jpg


سرد أسماء أخرى. إن الرسم الشعبي والثقافة التقليدية لم يكونا فراغت تزيينيا، وحتى الرسم المعاصر ذلك المفرق منه في التجريدية غير عاكس لحركة البحث عن ألصول، وهذا ما تمركزت حوله المعايير الثقافية في السنوات الستين.
وفي سنة 1962، أكد راغون تقسيم اتجاهات الرسم المغربي إلى اربعة رئيسية : الاتجاه الذي يستلهم الفولكلور، (يعني بذلك الفنون الشعبية) والاتجاه الغرائبي (السحري) والاتجاه التجريدي والاتجاه الفطري، غير أننا أخذنا برأي سانت - غينيان، فاختصرنا هذه الاتجاهات في اثنين رئيسيين فقط. وبعد أقل من عامين، لم يكن البحث ليعثر على غير هذين الاتجاهين .. والتزاما للدقة، ففي سنة 1964، أشار بيير جوديبير (في كتابه : الرسم المغاربي) على عدد من اتجاهات التجريد المعاصر في أقطار المغرب، ومنها المغرب (الانطباعية والهندسية واللاشكلية والغنائية) توازي هذه تشخيصية حلمية مؤسلبة فطرية أو انطباعية وبعيدا من أي تأثير أكاديمي رسمي أو أي مدرسة أسلوبية، فإن الرسم المغربي انعكست عليه عدد من الاتجاهات والشخصيات والعوالم الرؤيوية . وعبر السنين وقع الانصراف إلى البحث عن منابع تتوخى استرجاع الذاكرة وهي تنحو في نفس الوقت نحو الأزمنة المعاصرة. لقد عبر الشاعر الجزائري م. عبدون عن هذا التصور بعبارة قريبة من عبارة أطلقها م. خيرالدين، وهي :" الذاكرة المستقبلية"(أنفاس 10-8-1968، ص 13). على هذا الحد، فنحن لا نزال في السنوات الستين، أي في عمق فعل جمعوي وفي نقاش مستقل اتخذ موقفا إشكاليا حتى بالنسبة إلى حقبة البداية. وبعد انصرام حقبة الغبطة بصحوة العالم الثالث، كان على الرسامين أن يواجهوا كثيرا من الصعوبات المتعلقة بعرض أعمالهم في جو من احترام المتطلبات المعنية والفنية، من أجل الحصول على تغطية صحفية ملائمة، ومن أجل متابعة أبحاثهم متحررين من أغلال بلاغة فولكلورية حكائية وتماثلية. وأيضا ،أصبح عسيرا عليهم اقتحام المجال الدولي الذي أصبح منذ الآن فصاعدا سوقا لا يروج فيه غير رسم كله غربي. هذا وإن التفكير والنقاش اللذين دارا حول أبحاث هؤلاء الرسامين وفي مدة عشر سنوات، كانت الوضعية الدولية قد تغيرت كثيرا ووجد لهذا التغير صدى في المغرب، مما دفع بعجلة سنوات البداية إلى تطور وتجديد جذريين.
لنعد إذن إلى السنوات الخمسين أي إلى المرحلة التي سبقت الاستقلال ثم تلته، أي مرحلة بداية الرسم المعاصر في المغرب، فهي كما يقال مرحلة الربط المعقدة الهجينة. فلقد مرت حقبة الحماية وفتح أما الرسامين عهد جديد. ذلك أن الذين سبق لهم أن أنتجوا أعمالا في سنوات الاستعمار شاركوا في العرض رسامين شبابا ولدوا في عهد الحماية وطرقوا مجالات أخرى. فإن أعمالا تشخيصية أو فطرية عايشت أعمالا تجريدية. وكان هنا رسامون مختلفون لكل سوقه وجمهوره أو رسامون لا جمهور لهم ولا مستهلك لأعمالهم، اتخذوا كممثلين للرسم المغربي الوليد. ولأنه في دوامة الغبطة بالبحث عن الإنقاذ والشرعية حيث يتعذر وجود التصنيف، فإن المعارض ضمت بين رحابتها كل من حمل في يده فرشاة وزعم أنه رسام. وحين يقارن بين الرؤي التجارب تسترجع فقرات من تاريخ تمت معرفته بشكل سيء عبر أعمال معروضة سيئة البناء، يقدم كل ذلك على أنه من الرسم الوطني. ومن الشمال إلى الجنوب كان على الرسامين أنفسهم وعلى الجمهور بصفة أكثر، أن يجدوا فعلا في هذا الرسم وجودهم المتبادل. إن الرسم المعاصر في المغرب بحث عن روحه وعن سبب وجوده وعن وحدته المادية. أما حماسة الرسامين والجمهور فلقد كانت بمثابة تقريظ له، فماذا يعني هذا الرسم؟ إن هذه الخطوات الأولى ضرورية لفتح حوار ومحاولة الإجابة عن هذا السؤال. إن الأجيال الشابة الراهنة لا تقدر صعوبة وضعية الرسم المغربي في حقبة البدايات البعيدة. فغالبا ما ينسون ما أحدثه الاستعمار من تأثير في المهمة التي قام بها من أجل


http://univers-art.arabfunart.com/maroc_art4.jpg


بناء ثقافة تشكيلية وطنية. الصحافة والنقاد وغاليرات العرض والمشترون والجمهور والمجلات الثقافية والعلاقة بين المؤسسات والرسامين ومعرفة الماضي واستعادة الميراث التشكيلي الوطني، كل ذلك بدا كما لو أنه إشكالية يجب أن تحل بأي ثمن كان ولو بفراغ بنيوي كبير، لعل هذه الأجيال عرفت كم كان صعبا ودراميا معنى أن يصبح الإنسان رساما يمتلك الأدوات الضرورية، ويفتح نافذة على العالم، ويقطع الصلة مع زمن مضى. كانت الاستعدادات كثيرة، ولكن حظوظ التكوين الفني البعيد عن مجال العصامية بل حتى حظوظ الدراسة نفسها كانت جد محدودة. على أن الاحتكاك بالرسامين الأجانب الذي سهل إمكانية استعمال أدوات الرسم والتردد على ورشاتهم كان حاسما بالنسبة إلى بعض الرسامين المغاربة(بن علال واليعقوبي والأدريسي مثلا) وإذا عرف شمال المغرب مدرسة تطوان تلك التي كونت رسامين مغاربة في السنوات الأربعين، فإن بقية المغرب كما ذكر سانت - إينيان كانت قد عرفت سنة 1954، ندوات خاصة بالتدريب على التخطيط الفني وعلى الرسم استفاد منها الشبان المسلمون من الجنسين. هذه الندوات أنشأتها مصلحة الشباب والرياضة.
وبهذه المناسبة، يجب أن نشير إلى الدور الخاص الذي لعبته جاكلين بروتسكيس، تلك التى نشطت أحد معامل هذه المصلحة في الرباط حيث رعت موهبة كل من الأبيض ميلود والجزولي. ولقد قامت بعض العائلات بتضحيات كبيرة حين أرسلت أبناءها إلى الخارج للتكوين في معاهد الرسم ومن هؤلاء في هذه الحقبة من أصبح علامة بارزة ذات ذات شأن في الرسم المغربي(المليحي والشرقاوي وشبعة وكريم بناني والغرباوي) وكان أيضا أمام هؤلاء الرسامين الشباب إمكانية الاستفادة من بعض المنح للدراسة في بلاد أجنبية مختلفة. مما كان سببا في تنوع التجارب التي حصل عليها هؤلاء الرسامين المغاربة( في أسبانيا وإيطاليا وفي بلدان أوروبا الشرقية وفي فرنسا وفي الولايات المتحدة الخ) تنوع التجارب هذا ساهم في إثراء مجالات الأبحاث الفردية. لكن ن فإذا كان شباب الرسامين المغاربة اليوم يملكون في الغرب علامات مرجعية فإن الرسامين المنتمين إلى مرحلة البداية خاضوا في ميدان مجهول. لذلك، فليس سرا أن نذكر الجمهور بهذه المسائل المتعلقة بمغرب تغير اليوم جذريا، إن كل ما يدعو إلى تحريك الذاكرة لا يكون إلا مفيدا.
وأخيرا فيمكن عند مواجهة رسامي هذه الحقبة ألا ندرك اليوم إدراكا حقيقيا فائدة بعض التجارب المتعلقة بالمواد والرموز والعلامات والصور. إن الأعمال الهشة في الزمن وفي القاعدة المادية، تحدثنا عن شئ خارجي في تصورية متخيلة. أما ما يبقى من طور فني على مقاس سيرورة حية، فهو ما أقحم في هذه الرغبة. إن التجارب إن كانت في لحظة ما هادفة إلى التجديد، لمن الممكن أن تفقد جدتها الأصلية إن وقع الاقتصار فيها على لوحات قليلة. غير أنها إذا انتهجت طريق التنويع : كتعبيد طريق واكتشاف شكل وتدقيق رمز، فإن المكتسبات من خلالها تبقى راسخة في المحصول التاريخي، وبعكس ذلك فإن حكم التاريخ سيقحم عنصرا زائدا في عملية إدراك الحقبة......

نور 03-13-2008 03:57 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
نشأة الفن المعاصر المغربي (2/2).

ينبغي أن ننظر بعين التقدير الكبير إلى المجهود الضخم الذي قام به هذا الجيل الذي انطلقت به أولى بوادر التشكيل المغربي، (1955-1965) ذلك أنه عانى كثيرا من العوائق والإحباطات. تجلت العوائق في انعدام ثقافة بصرية لدى المغاربة آنذاك (إلا ما كان خاصا بالفسيفساء والزليج والقيشاني)، وفي وقوف التقاليد دينية أو عرفية في وجه كل محاولة يقصد منها إدماج البصري في التذوق الجمالي. وتجلت الإحباطات في أن مستهلك التشكيل المغربي أجنبي وليس محليا، ولذلك، كان استغلال الإمكانيات التشكيلية المحلية يكاد أن يكون ضعيفا. يضاف كل هذا إلى أن جيل الانطلاقة عانى من سلطة الآباء الواقعين تحت تأثير فكرة حرمة التصوير التي جهر بها الفقهاء وأشاعوها في الناس، فكان أن منع الآباء أبناءهم من ممارسة الرسم تعلما وتعليما وهواية واحترافا. ولم يصمد في وجه هذه الفكرة إلا الرسامون الذين ذهبت بهم الجرأة إلى أبعد مدى، أو الذين كان لهم آباء متنورون، وحتى العامة، ما كانوا يرون في الرسام سوى إنسان يشغل وقته بما لا يليق به.
في هذا المناخ المضطرب، مارس جيل الانطلاقة التشكيل الذي كان آنذاك عبارة عن اتجاهين رئيسين هما التشخيصية على اتجاهين هما الانطباعية والفطرية، بينما اشتملت اللاتشخيصية أي التجريدية على الغنائية والمفارقية والعلامية والإلصاقية والهندسية والسوريالية والتلفيقية.
ويلاحظ أن التشخيصية الفطرية قامت على العصامية، والتشخيصية الانطباعية على الدرس الأكاديمي، على حين امتازت اللا تشخيصية بكون أغلب ممثليها تخرجوا من كبريات المدارس الفنية الغربية. يستثني منهم أحمد اليعقوبي، فلقد كان عصاميا شجعه على الرسم رسامون غربيون أقاموا في طنجة في السنوات الخمسين.
التشخيصية الإنطباعية
يمثل جيل التشخيصية الانطباعية كل من محمد السرغيني وحسن الكلاوي ومريم أمزيان، ويجمع بين هؤلاء جميعا أنهم اتخذوا لرسوماتهم موضوعا خاصا بكل واحد منهم، فالمكان للسرغيني والفرس للكلاوي والمرأة لأمزيان ، كما جمع بينهم وفاؤهم للأساليب الأكاديمية ولعكس أعمالهم على مظاهر مغربية.
محمد السرغيني والمكان
لقد انفرد محمد السرغيني (1923) في تشخيصيته بدراسة المكان على أساس الحالة أو المعمار أو التاريخ، المكان باعتباره فضاء للوحة. إن الأبواب المتمركزة في بعض لوحاته لتعكس أول ما تعكس تراثا طاله الإهمال، يؤكد ذلك أن الألوان والخطوط والمسافة التي تنجز بها هذه الأبواب تكتسب تعبيريتها من إقصاء الآلي لصالح توحيش بسيط. وفي إطار المعمار تنصب كل رؤية الرسام على تحديد هيكل مزدحم لمنازل تتجاور على رأس ربوة في إطار فضاء يشكل حدود المساحة المرسومة، كما هو الشان في تلك اللوحات التي تشخص بعض أحياء تطوان هناك طراز قوطي أندلسي من حيث شكل هذه المنازل، وهناك طراز محلي تطواني يدل على بياض الجير وسطيح قرميدية حمراء هي ميراث أندلسي؟ وفي إطار التاريخ يبدو المكان المرسوم بمحتويات في لوحات الأبواب والمنازل عبارة عن شهادة مزدوجة أولها نشوء وآخرها أيلولة، ويعني هذا تسجيلا لأوضاع كانت على غير ماهي عليه حاضرا. وهذا ما يؤكد أن سيرورة التاريخ في مخيلة الرسام عكسية إذ تنطلق من الكمال وتؤول للنقصان، إنها رؤية إدانة. وعليه، فالمكان عند الرسام طبيعة ميتة حينا وحينا آخر موضوعة Le theme وحينا ثالثا تعبير لوني ذو نكهة مغربية شمالية، وحينا رابعا توحيش شفاف. أمن الخطوط والإيقاع والحيز والمسافة فلكها ذاتية لانطلاقها من هاجس مغربة التشكيل.
حسن الكلاوي والفرس
قامت تشخيصية الرسام حسن الكلاوي (1924) على مقولة الفرس في أوضاعه المختلفة، فهو كينونة وهو في نفس الوقت كائن. هو كائن من حيث أنه


http://univers-art.arabfunart.com/maroc_art9.jpg


موضوع خصب للتحليل التشكيلي، وهو كينونة من حيث إظهار نبله واقفا وكبريائه متأودا ونفوره مسرعا.
الكائن مادة والكينونة حركة. وهنا يمكن أن نتساءل، هل هذه الكينونة لا تتكامل إلا باجتماع صفاتها المختلفة الموزعة على لوحات، أو أنها يمكن أن تلتقط كلها في لوحة واحدة، وتكون في اللوحات الأخرى تنويعات على الأصل ؟ الجواب أن هذه الصفات موزعة على ماهو أكثر من لوحة، مما يعني أن مقولة الفرس هذه تتدرج تصاعديا من لوحة إلى أخرى. وهناك تساؤل آخر، وهو هل تشخيص كينونة الفرس بهذا الشكل تشيييء له؟ لعل الأمر لا يعدو أن يكون وسيلة لتدريب اليد على نقل ما تشاهده العين اللاقطة من تقاطيع جسده المختلفة الدقيقة.
رأى الرسام في الفرس كائنا تشريحياً وجمالياً وفروسياً. فهو كائن تشريحي من خلال بروز تقاطيع جسده في حالة وقوف أو سباق أو جموح أو استعراض، وهو كائن جمالى من خلال تناسق هذه التقاطيع، وهو كائن فروسي من خلال حركات فانطازيا مغربية. كل ذلك بتشفيف الألوان في الجسد، وتعتيمها في فضاء اللوحة حتى ليكاد الفضاء أن يصبح ظلا للمرسوم فيه. ولا تأخذ الخطوط منحى تجريديا بل منحى عاديا لأن غايتها أن تعبر بالحقيقة لا بالمجاز. وإذا كان الإيقاع في لوحات الرسام أكثر بروزا فلأنه الوسيلة الوحيدة لتصوير الواقع حرفيا، وما لمسافة إلا فضاء فيه يتحرك هذا الايقاع. إن توقف الرسام عند الفرس في أغلب أعماله، لا ينافي أن بعض أعماله الأخرى شخصت المادة كطبيعة ميتة، والإنسان كحياة وكأوضاع نفسية مختلفة. مما دل على وفرة المرجعيات التي استقى منها الرسام تأثيراته التشكيلية.
مريم أمزيان والمرأة
أوقفت الرسامة مريم أمزيان (1930) أغلب أعمالها على تحليل المظهر الخارجي للمرأة في الجنوب المغربي، لما تتيحه للنظر من تماوج ألوان في أزيائها بما


http://univers-art.arabfunart.com/maroc_art5.jpg


ينعكس عليها بهذه الأزياء من ظلال شمس الغروب وصفاء زرقة السماء. على أن بعضا من أعمالها الأخرى إن كانت تعكس نفس الحنين إلى المنابع المغربية الأولى، فإن انطباعيتها لم تهمل بقايا الأشياء التي يتكون منها هذا الجنوب، ذلك أنها تقتنص كل ما هو نموذجي فيه كالمعمار البدائي القائم على عنصر الطين المتمز بقصوره وقبابه. أما في خصوص المرأة الجنوبية فقد رسمت لها الرسامة صورة جانبية لوجهها (Portrait) كما لو كانت تلح على إبراز خصوصياتها في الزي وفي الزينة وفي صفاء الملامح وفي خشونة البشرة، كما رسمتها في حالة حركة جماعية وهي تؤدي رقصة أحيدوس، كما اهتمت بتصوير المظهر الخارجي للعرائس وهن يتحلين بأنواع الزهور وفي آذانهن الحلي الفضية الأمازيغية.
إن لوحاتها التي ينتقل فيها اللون الواحد بتدرج عبر ما يتناسل منه ألوان، لتعكس قدرتها على استيلاد الألوان إما بالمزج الكامل وإما بالجزئي، وعلى تبسيط التعبير من حيث المعطي الصوري وتكثيفه من حيث الدلالة اللونية، ذلك أن هذا التدرج المنجز بعناية تنتظم فيه التلوينات التي تبلور الموضوعة في أوضاع مختلفة، كما تجعل الشكل مصاحبا لهذه الأوضاع. ولعل اللون الأزرق الغامق الذي يتشكل منه نقاب النساء الجنوبيات هو ما يلفت نظر الرسامة، يجد للأزرق الغامق في النقاب نوعا من الهرمنة مع زرقة سماء الجنوب وسطوع شمسه. وهنا نتساءل: هل ما في لوحات الرسامة من محلي باعثه الانتماء والحنين إلى الانتماء، أو أنه بحث عن الغرائبى ؟ الحق أن هناك فرقا بين رؤية سياحية وأخرى تأصيلية، إذ أن شمس الجنوب وزرقة سمائه لاتسير غورهما إلا رؤية جنوبية حقيقية.
التشخيصية الفطرية
تمثل التشخيصية الفطرية اتجاهات خمسة : عجائبية مع محمد الحمرى، وطفولية مع احمد الأدريسي ، وحكائية مع أحمد الورديغي، وحدسية مع محمد بن علال، ومشهدية مع الطيب لحلو.
على أن الجامع بين هذه الاتجاهات الفطرية الأربعة، هو أنها انطلقت من محلية مغربية فضاؤها هو المدينة أو القرية الجنوبية أو بعض المناطق البحرية، كما اتفقت في توزيع ألوان لا يهيمن أحدها على الآخر، وفي تشغيل فضاء اللوحة كله، فلا فراغ فيه، وفي الاستفادة من التراب الفني التقليدي المغربي.
محمد الحمري والعجائبية
تبدو فطرية الرسام محمد الحمري (1932) عجائبية، لأنها تستمد نسغها من الوهمي حينا ومن الخارق للعادة حينا ثانيا، على أنها في كلتا الحالتين تتخذ من


http://univers-art.arabfunart.com/maroc_art6.jpg


اليومي موضوعا لها، تعريه من مظهره المنطقي الواقعي، وتزج به في إطار العجيب والمدهش، حتى لكأن الحقيقي وهو والعادي رتيب، مما يجعلها تقترح على المشاهد عالما جوانيا ساخرا توحيشيا تتكوم فيه المرئيات والمحسوسات. وتتوسل هذه العجائبية إلى ذلك باستعمال الألوان المضيئة المصممة تصميما دقيقا لكي تعبر عن المحلي في المدينة أو القرية الجبلية. المدينة عبارة عن قباب خضراء تشير إلى عالم الولاية والأولياء، والقرية وهدة أو منبسط من الارض ليست ذات كثافة سكانية.
ولعل ما رسمه من هذه المشاهد واقع تحت تأثير المكتسب مما تعلمه الرسام من مجتمع الأجانب في طنجة، ولذلك فاليومي عنده متحرك وموسمي، متحرك بما فيه الشخوص، وموسمي بما فيه من انبهار هذه الشخوص بالإجتماع في محيط واسع من المدينة. والحق أن شخوصه واقعية أو غير واقعية، كالعرائس التي يلح على ربطها بموضوعة اللوحة، في علاقة متخيلة بينها وبين البشري. أما طريقة الرسام في إنجاز رسوماته فمعتمدة على الألوان الفاتحة إن تعلق الأمر بالشخوص الحية أو المتخيلة، وعلى الألوان الغامقة إن تعلق الأمر بتحديد فضائية المكان. وتلعب الفرشاة دورا أساسيا في خلق نتوءات في أرضية اللوحة لتدل بذلك على أن مرحلة اللون الخام لا تزال مستمرة عند الرسام ولم تصل بعد إلى تعبيريتها النهائية.
أحمد الإدريسي والطفولية
وتقوم فطرية الرسام أحمد الإدريسي (1923-1973) على الاغتراف من عالم الطفولة الذي هو المتخيل البديل عن العالم الراهن الذي ليس سوى معاناة مريرة. وعذا ذلك، فهذا العالم المتخيل الطفولي تتقاطع فيه الأعمار، رجال برانسهم تخفي وجوهم، رجال محاطون بأشجار يابسة أشكالها غير طبيعية، رجال مصحوبون بحيوانات كالحمير والخيول، كأن الماضي الطفل هذا محدود ومقصور على هذه المخلوقات. كل ذلك في إطار فضاء محفوف بمشاهد تحددها خطوط لا تشي بما بين هذه المشاهد من تقارب، مما يبرر اغتراف الرسام من لا وعيه الذي يقوم مقام الذاكرة.
إن مضمون هذا التصور الطفولي الذي هو رسالة الرسام المبثوثة في اللوحة، توازيه رمزية لا تغيب عن ذهن الناظر المتفحص، رمزية تتدرج فيها الألوان إلى مقاماتها المختلفة، وكلما وصل اللون إلى آخر مدى من مقاماته، توصل إلى طريقة بها يسهل مهمة سطوع لون آخر عليه، إلى أن يتقلب هو الآخر في مقاماته. هذا والوشيحة التي تجعل الارتباط بين لون وآخر هي انبثاق اللونين معا من نفس الفصيلة. ولذلك تخصبت ا لرمزية التعبيرية للألوان حتى أصبح البني رمزا لتراب الأرض ورمالها، والأخضر رمزا للخصوبة المتجلية في استمرار الحياة، والأصفر رمزا لغياب الحوار وحضور العنف، والأحمر رمزا للدم السائل الذي هو نذير الموت. ومهما يكن الأمر فما عاناه الرسام من إحباط في طفولته أصبح مثار تأمل في يفاعته وشيخوخته.
أحمد الورديغي والخرافية
وتقوم فطرية الرسام أحمد الورديغي (1928-1974) على الحكي الذي يمرر الرسام من خلاله خرافات جلها مستوحى من أجواء ألف ليلة وليلة. أما مواضيع هذه الخرافات التي تتراوح أهدافها بين الأخلاقية والوعظية والتزهدية الجامعة بين الفرحة والمحكي والمشخص فمستوحاة من تقاليد شعبية مغربية (الفداوي). ومن عجيب الأمر أن فضاء اللوحة يتسع لكل هذه العناصر حتى وإن كان متوسط الحجم.(للرسام لوحات كثيرة من الحجم الكبير). إن إزدحام لوحات الرسام بكل ما يتطلبه الحكي من شخوص وحركات وتداولية زمان واختلاف مكان، جعل كثيرا من مستهلكي اعماله ينبهرون بما فيها من تزيينية تلتقي فيها قباب المساجد بنوافذ القصور المنيفة التي صمم لها الرسام معمارا خرافيا حين جعلها أفقيا وعموديا تلتقي بشكل عشوائي، ولأن الحكي يستلزم وجود شخوص فإنها هي الأخرى خزافية النموذج مبثوثة كيفما اتفق لها في فضاء اللوحة، متساكنة مع أنماط من الحيوانات التي تكاد أن تكون أسطورية، مما دل على مخيلة خصبة. ولولا حضور تقاليد شفوية واحتفالية في أعماله، لأمكن القول بأنه يستلهمها من عالم صمم هو بنفسه جغرافيته المتخيلة.
محمد بن علال والحدسية
وتقوم فطرية الرسام محمد بن علال 11924 على احتفاء كبير برؤية الحاضر الراهن في صيغة أشكال صورية تحدث ولا تعاش أي تتخيل محدوسة. وكان من المنتظر من فطري مثله أن يرتكز أساسا على الذاكرة التي تميز بين مجرد حاضر راهن وبين آخر. هو قيد الواقع. ولما لم يتحقق ذلك، صح أن يقال : إن هذه الأشكال الصورية تقيم بين هذا الواقع وبين فهمه حاجزا، فالرسام بهذه الأشكال لا يلتقط غير ظل الصورة. هكذا يبدو الواقع الراهن كما لو أنه مشاهد وهمية - وربما هلامية - حيث إنها مكدسة في لوحاته بشكل بعيد عن الانسجام. هذه هي الصيغة المحدوسة اللائقة بالعالم المثالي المنشود كما تصوره هذا الرسام. إن شخوص الرسام بشرية (الفران والمعلم والمرأة العاملة) دالة على احتفائه بالعنصر المهم في هذا الحاضر حاضره، وما اختلافها من حيث وظائفها إلا دلالة على أن الواقع ذو وجوه مختلفة لولا اختلافها لأمكن أن تكون الرتابة هي ما يعكس التشكيل. على أن هذه الشخوص تكاد تكون مستوحاة من المنمنمات الفارسية، في دقة الخطوط وتداول الألوان وازدحام الفضاء بها كل هذا لم يمنع الرسام من تأثيث بعض رسومه بطير الحباري ونبات خبازي، وذلك حين تعلق الأمر بلوحات فضاؤها هو الجنوب المغربي، مما قرب هذه اللوحات إلى تزيين جغرافي منها إلى فضاء مؤهل لاستقبال نماذج مرسومة عليه.
والذي جعل من رؤية الرسام للحاضر الراهن رؤية ساخرة هو توحيشه لبعض مظاهر الحياة اليومية توحيشيا لا يتورع عن المبالغة في استعمال اللونين الصلصالي والبنفسجي تلوينا لنموذج أو تعميرا لفضاء أو تفصيلا لمجمل في اللوحة.
الطيب لحلو والمشهدية
ارتبط الرسام الطيب لحلو (1919) برسم مشاهد من الجنوب المغربي، لكنه كان شديد التعلق بالضوء الناصع الممزوج بظل وارف واضح وهو يضع التصميم البنائي لهذه المشاهد بصيغة تركيبات أفقية منفصل بعضها عن بعض بجبال أو بربوات، تركيبات قائمة على أساس من اللون الصلصالي الذي يغشي جدران القصبات الجنوبية.
هذا ولا تقتصر مشاهده على الشكل الثابت للأبنية، بل تتجاوزه إلى رسم شخوص يتحركون في فضاء اللوحة. إنهم رجال في حالة عمل، ونساء متبرجات بخمر وبحلى ذات ألوان حية، عبر الرسام عن إيقاع حركاتهن الراقصة بالألوان الغامقة. هذه الحركية هي ما يكسر رتابة المشاهد البنائية الثابتة في مقارها، وهي ما يؤكد هيمنة التقاليد العريقة التي هي النسيج البكر لكل لوحات الرسام، ذلك أن المشهد عنده بتوازي فيه المتحرك والراكد بشكل يوحي بقيام هذا الفضاء على أساس المفارقة.
إن الميزة الأولى التي تلاحظ في أعماله محاولته إغداق الدفء على ألوان مندمجة في إيقاع محكم منشرح، حيث يهيمن الأحمر والأزرق والرمادي، وحيث تحدث هذه الألوان مجتمعة نوعا من التناغم والثراء التعبيريين يتجددان من لوحة إلى أخرى.
اللاتشخيصية واتجاهاتها
لا يمكن الجزم بأن الاتجاهات التي سنشير إليها فيما يلي هي اتجاهات غالبة على أصحابها ممن يمثلون جيل الانطلاقة، ذلك أنهم لم ينطلقوا منها منذ أول عهدهم بمغامرة الرسم، بل انتهوا إليها بعد أن قاموا بجولات في مختلف الاتجاهات التي سادت التشكيل المعاصر ابتداء من الانطباعية والوحشية والتكعيبية، وحين حطوا رحالهم على عالم التجريد الفسيح انبهروا بثرائه الذهني وقدرته على استبصار المرئيات متحركة أو جامدة، وتوغله في عالم اللا وعي المفسر لكثير من الغوامض. كان التجريد في عرفهم طريقة انتماء إلى المعاصرة، والبحث عن مناطق نفوذ عذراء بحثا عن التفرد والخصوصية. إنه تخصيب الظاهر بالباطن.
وهكذا فهناك تجريدية غنائية مع الغرباوي، وتجريبية مع بلكاهية، ومفارقية مع كريم بناني، وعلامية مع الشرقاوي، وإلصاقية مع المكي مغارة، وهندسية الأشكال مع المليحي، وهندسية المفاهيم مع شبعة، وسوريالية مع أحرضان، وتلفيقية مع اليعقوبي.
الغنائية
تبدو التجريدية الغنائية عند الرسام الجيلالي الغرباوي (1930-1971) في الضوء الذي يهب المادة حركية ونصاعة وفي اللون الواحد منسدلا على ألوان


http://univers-art.arabfunart.com/maroc_art7.jpg


أخرى، وفي الإيقاع الذي يموضع المرسوم في فضاء اللوحة موازيا للضوء واللون وللألوان المتصاقبة. وبالطبع، فهذه الغنائية أكثر تعبيرية من الانسجام، لأنها هي التي تجعل موقعه في اللوحة مريحا. وتلعب الخطوط المتشابكة في بؤرة اللوحة والمنفرجة في أطرافها دوراً أساسيا في هذه الغنائية. اللون في فضاء اللوحة بكر وليس خاما، لأن الخام في حاجة إلى المزج على حين أن البكر يولد جاهزا للتعبير التشكيلي.
هذا وتعرب الحركة من خلال هذه الغنائية عن وجدان الرسام الذي يتفاءل مع رسومه باعتبارها وسيلته المعربة عن كوامنه. والذين عرفوا الرسام كثيرا ما أشادوا بما بينه وبين رسوماته وحالاته النفسية. لكن هذه الحركة التي تميز أكثر أعماله لا شكلية، بسبب من أنه يشعرنها إذ يمنحها دلالة جوانية لا تعكس غير القلق والميل إلى الوحدة، فعن طريقها يعلن ولاءه إلى عالم يفهمه وينفر منه في نفس الآن.
التجريبية
إن الرسام فريد بلكاهية (1934) لم يصل إلى التجريدية التجريبية إلا بعد أن جرب أساليب عديدة لرسامين غربيين معاصرين. كانت هذه الأساليب كلها تستقي وحيها من موضوعة الإنسان. وما تخلص من ذلك حتى انصرف إلى تجريدية تجريبية كان مدفوعا إليها بسبب من تهافت زملائه في جيل الانطلاقة عليها. تتميز هذه التجريدية من حيث اللون بالميل إلى الغامق وتهميش الناصع، وهذا ما حذا بالرسام أولا إلى اللجوء إلى الأقنعة التي تخفي الوجوه وراءها، رامزا بذلك إلى ما يخالجه من الشك في صفاء السرائر لدى الإنسان الساعي إلى إخفاء هويته. ثم مر من الأقنعة إلى استغلال ما في النحاس من قابلية تشكيلية أساسها التجسيم. وكان في ذلك عالة على الصناعة التقليدية المغربية التي لم يستطع النفاذ إلى جوهرها، كما لم يستطع تطويعها إلى المعطيات التشكيلية المعاصرة، ثم انساق إلى التجريب في مادة الجلد، وبما أن هذا له محيط من نفسه، فإن الرسام لم يكن ليضع له إطارا، كأنه رسم جداري وليس لوحة. وفي كل من النحاس والجلد كانت الموتيفات تقوم مقام الشخوص، وكان النقش في الأول والوشم في الثاني هو ما فيهمها من أثر تشكيلي. وفي إطار الألوان عمد إلى استغلال صفرة الزعفران وحمرة الحناء وسواد الصمغ لرسم الأيدي المنتصبة، كل ذلك من أجل اكتساب هوية خاصة. ولعله استفاد - في إطار التجريب ايضا - من علم الفلك الإسلامي حين اصطنع في بعض رسوماته الأبراج وفضاء المزولة.
المفارقية
إن الرسام كريم بناني (1938) في بدايته وقبل أن يستقر على التجريدية المفارقية قضى وقتا يسير في رسم الوجوه البشرية ذكورا وإناثا رسما يخفي في طياته نزوعا حكائيا نفذه بألوان مكثفة، وبعد ذلك انصرف إلى الاهتمام بالخط العربي مستغلا ما فيه من إمكانيات زخرفية وهندسية، وكان ينجزه بخطوط كثيفة تشي بما في هذا الخط من رمزية أصلية، كل ذلك بأسلوب النتوء والنقش على الخشب، ثم بعد ذلك انصرف إلى الزرابي حين اكتشف زخرفيتها الخالصة. من هنا ابتدأ اهتمامه بملاحظة المفارقة في المرئيات من الأشياء ومدى ما يمكن أن تسهم به في صقل عدسة العين المجردة، وفي تزويد الحساسية بالقساوة اللازمة.
وتميزت هذه التجريدية من حيص المضمون بانعدام الموضوعة وبالبحث عن صلة الماضي بالحاضر بحثا انتهى بأن قطع الرسام صلته بالفنون التقليدية مغترفا من ينابيع تعبير تشكيلي حداثي. أما من حيث الشكل، فقد التمس الرسام بالمفارقة الجمع بين الجامد والمتحرك من أجل إعطاء الحركة بعدا آخر لا يقوم إلا على أساس خداع العين، من ذلك كان إلحاحه على تحميل اللون صورة ضده بما يفيئه عليه من تغميق بالمزج، ومن ذلك أيضا تطعيم المادة حية بما يوحي بموتها والعكس بالعكس. وكان الرسام في كل هذا المنعطف واقعا تحت تأثير كثير من الإتجاهات التجريدية التي سبقه إليها كل من الغرباوي والشرقاوي.
العلامية : ومن البداية، اتخذت تجريدية الرسام أحمد الشرقاوي (4391-7691) طريق البحث عن العلامة في الخط العربي وفي الفن التقليدي البريدي. وحين عمق بحثه فيها، أصر بشكل حاسم على عرضها في لوحاته بمهارة دلت على تمكنه من النفاذ إلى عمقها بحساسية تصل بين الماضي والحاضر. وكان أن انصرف بدافع تعلقه بالعلامة هذه إلى البحث عنها في مجال آخر هو مجال الوشم على بشرة المرأة. ولعله بذلك كان مفتونا بالبحث عن الأصول الأسطورية للوشم، تلك الأصول الراجعة إلى ماض سحيق اجتمعت فيه الجمالية بالطقوس الدينية، موائمة بين الدنيوي والديني، فأصبح لها بذلك مدلالوت متشابكة باعتبارها عنصرا تزيينيا. وسع الرسام بحثه عنها في الفخار وفي الحلي وفي الزرابي وفي الجلد وفي بشرة الإنسان، فجردها من مظهرها القار ووهب لها حركية محكمة دلت على حضورها الشامل في حياة الانسان الاجتماعية.
ولقد عرض الرسام العلامة هذه عبر وسائل تشكيلية بأسلوب شصي لم يجاره فيه أحد من الرسامين المغاربة الذين اهتموا بها. عرضها عبر بروز ألوان أعطتها بعدا جديدا انعكست عليه تأملاته وروحيته وإحكامه للخطاب التشكيلي المعاصر. ولعل نظر الفنان فيه قاده إليه ما عرفت هذه في أميريكا من تحليل على يد بيرس، قبل أن تصبح عنصرا مهما عناصر السيميولوجيا، ولذا فموقف الرسام منها أنها لغة بالإشارة أولا وبالحروف ثانيا، هي تاريخ فعلي وأسطوري، وهي تزيين فوق ذلك.
الإلصاقية
ابتدأ الرسام المكي مغارة (1932) يرسم المشاهد المختلفة التي تساعد حاسة الرؤية على دقة الالتقاط وقدرة اليد على مجاراتها، وتلت هذه المرحلة مرحلة


http://univers-art.arabfunart.com/maroc_art8.jpg


رسم الوجوه البشرية رسما يكاد يكون آليا، الشيء الذي دل على أنه استطاع أن يطوع العين لليد واليد للعين. ولعله كان في هذه المرحلة شديد الالتصاق بالأسلوب الأكاديمي الذي هو أول الطريق. تلت هذه مرحلة التعبير التشكيلي الذي إن دل على غنائية عامة فإنه مال إلى إقصاء الأشكال من اللوحة، والاستعاضة عنها بالموتيفات التي تحيل عليها ذاكرته، وهي موتيفات في أغلبها شبحية غير كاملة التكوين، وهذا ما جعله يستغل قماش الخيش الذي بث فيه لواعج رسام دائم الترحال. وتم له ذلك عبر الصمغ وعبر ألوان يهيمن عليها الأزرق والأحمر والأبيض المشهب، مما يعطي انعكاسا لمظهر التهابات من جهة، ولنتواءات من جهة ثانية. وكان هذا هو مفهومه للشفافية.
بعد هذه المرحلة اتخذت اللوحة عنده في الغالب فضاء مقسما إلى جزئين جزء هو الأيمن منجز بشكل عادي ، وجزء أيسر جعله في الغالب كذلك مرتعا لأطياف شخوص أو لبعض أعضاء بشرية مكبرة بشكل مسخي. وكذا هذا ما قربه من عملية الإلصاق التي أدخلت إلى اللوحة عناصر غير تشكيلية من المواد الجامدة المختلفة، كالخيوط والخرق وقطع اللدائن أو الحديد، وكان هدفه من ذلك مزدوج الغاية، فهو يريد خرق العادة بخروجه عن المألوف، وهو في نفس الوقت يؤكد أن كل ما في الكون صالح لأن يستغل تشكيليا.
هندسية (الأشكال)
ظهر الرسام محمد المليحي (1936) أول ما ظهر في الساحة التشكيلية المغربية تجريديا هندسيا واستمر على ذلك إلى الآن، فدل اختياره المبكر هذا على أنه لم يقم في المرحلة الأكاديمية إلا مدة يسيرة. ومحصل تجريديته أنه يستغل الأشكال الهندسية لا بقصد توأمتها بشكل زخرفي، بل بأشكال متنوعة هي خلاصة قراءته لقدرتها التعبيرية. هذا ولكي يبعد عنها النمط الزخرفي الرتيب فقد اختار لها أوضاع ليست لها في الغالب : قارن المثلث بالمستطيل والأفقي بالعمودي والدوائر بالخطوط المائلة، وقدم كل ذلك في إطار ألوان أبكار تعبيرها أكثر إشعاعا مما لو كانت ممتزجة. وكان أول ما اهتدى إليه الرسام أن غير سمات الخطوط الأفقية والعمودية والمائلة فجعلها متمرجة أكسبها تعبيرية هندسية متناسقة وهي منضدة أو متراكبة أو متوازية. وكان أن اتخذ من هذا التموج شعارا خاصا بأعماله أحادي اللون. شعارا أصبح فيما بعد وسيلة لانبثاق عدة نظريات مجازية تقرأ اللوحة من خلالها على أنها فقرة متراصة حركتها لا تنقطع.
هندسة (المفاهيم)
كذلك، كان الرسام محمد شبعة (1935) مثل زميله المليحي منطلقا من آخر ما توصل إليه بحثه في اللغة التشكيلية، حيث حط الرحال منذ بدئه على تجريدية


http://univers-art.arabfunart.com/maroc_art10.jpg


هندسية تتعيى المفاهيم دون الأشكال، وملخص هذا الاتجاه أنه يتحرى تحقيق حركية غنائية يسودها اللون الأسود والأبيض، هي طريق الرسام المعبد الرامي إلى تأسيس مفاهيم للغة التشكيلية، مفاهيم لا تهمل المكتسب الغربي، كما لا تفرط في الاثيل التقليدي، مفاهيم تحدد مجال الهوية الخاصة بالرسام جامعة بين الأصالة والمعاصرة المنبثقة من ثقافتين، وذلك عبر صفاء اللون وتوزيع الضوء توزيعا نسبيا وتحييدية المادة وهندسية أرضية اللوحة وحضور الإيقاع الذي يحدث توازنا بين الممتلىء والفارغ.
والرسام فوق ذلك يستلهم الهندسة العربية القديمة فقد قدم منها أشكالا وخطوطاً وتعاريج إلا أنه لم يسقط في فخ الزخرفية، بل كان قصد إلى استنطاقها وتحليلها لا إلى محاكاتها. لقد طوعها لمتخيله بطريقة دلت على رؤية صقليه تسعى إلى تحقيق تواصل مع الماضي انطلاقا من إعادة صياغة المادة في قالب هندسي.
لم تكن كل أعمال الرسام تصب في الاتجاه الهندسي المفاهيمي، بل إن صاحبها بين الحين والآخر جال في آفاق تجريدية أخرى جمعت بين الممكن واللا ممكن، بين الحلم اليقظ والحلم النائم، ولكنه سرعان ما يعود إلى اختياره الأول لأنه ملاذه الأول والأخير. أما ابتعاده عنه فليس إلا ظرفيا أي استجماما يفرضه على المبدع إدمانه الاتجاه الواحد.
السوريالية
يختفي الرسام المحجوبي أحرضان (1924) وراء تجريدية سوريالية ذات تعبيرية تشكيلية ملتبسة، يطغى عليها الحدسي، حتى ليجعل منها عالم حلم يحرر الرسام من سلطة هواجسه. إنه بهذه المواراة خلق عالما غاصا بالنزوات، عالما إذا كان لا يشبه عالمه المعيش الواقعي، فإنه مع ذلك ترك فيه شيئا من جوهره، جوهر الباحث عن هوية في مزدحم يعج بالهويات المختلفة.
إن السوريالية في هذه التجريدية تتكىء على مجالي الطبيعة حيث يجري الماء من اللا بداية ويركض نحو اللانهائية، وحيث الحيوانات ذات التكوينات العجيبة، http://univers-art.arabfunart.com/maroc_art11.jpgوالنباتات المتشابكة الأغصان كما لو أنها نباتات أدغال، وحيث الغنائية اللونية والضوئية تشير إلى لطخات فرشاتية شعثاء، وحيث الشخوص ذوو ملامح غريبة ومحاصرون لا صلة لهم بالعالم الخارجي إلى من خلال كوي ضيقة، مما تصبح معه الرؤيا الواضحة على جانب كبير من القساوة. هذه السوريالية في لوحات الرسام الأخيرة دالة على نظرته الثاقبة الذكية العميقة التي هي رؤيا شاعر أكثر مما هي لرسام. ولأن هذه السوريالية على هذا النمط، فإنها لم تستق من دالي الاعتماد على الحدس واللاداعي، وينقصها ما امتاز به هذا الإسباني الفذ من ثقافة شاملة.
التلفيقية
تعكس لوحات الرسام أحمد اليعقوبي (1932-1987) تجريدية مستوحاة من أهم اتجاهات التشكيل المعاصر الذي عرفه الغرب منذ السنوات الثلاثين فتجد لفي لوحاته ملامح انطباعية مرة وتقويرات تكعيبية مرة أخرى، وأثرا توحيشيا مرة ثالثة. ولكن ما يميز أعماله الأخيرة أنه مال إلى تجريد تلفيقي Eclectrique استفاد من كل ما ذكر، وقام على ثراء المخيلة التي تضخم الحجم الصغير وتقلص الحجم الكبير إما للتعرية وإما للمسخ، وذلك بحثا عن جمالية غير مألوفة، كما قام على الخرافي من الأحداث مستمدا إياها من الذاكرة ومن الطفولة ومن الحلم صياغة ورؤية ومعيشا. والحق أن المخيلة والخرافي والذاكرة والطفولية تعاونت على ابتكار هاجس يؤرق ذهنية الرسام، ودليل ذلك أن كل هذه العناصر حاضرة في أعماله كلها بنسبة تقل أو تكثر، يقدم الرسام كل هذه العناصر بطريقتين : طريقة الشخوص وطريقة الموتيفات : شخوصه الحيوانية أسطورية، وموتيفاته مستفادة من مشاهداته التي خصبت ملاحظاته. هاتان الطريقتان عرضتا عبر مزج لوني محكم، غير أن الرسام إذا آثر فضاء اللوحة بالعتمة وكانت ربتات الفرشاة فيه صريحة، فإنه بربتات لونية ناتئة، أفاء على الشخوص والموتيفات نصاعة كأنه جعلها المقصودة بالذات، إذ لا يهم هذا الفضاء بالقياس إلى أهمية الشخوص والموتيفات. إن هذا دليل آخر على عصامية الرسام التي لا ترى التصويرية والتشكيلية إلا على هذا المنوال.

نور 03-13-2008 04:00 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
الفن التشكيلي الكويتي البحث عن الذات1/2

بالرغم من حداثة "الحركة التشكيلية الكويتية المعاصرة" وصغر سنها بالنسبة لمثيلاتها في الوطن العربي والأجنبي إلا أنها استطاعت أن تبرز بزمن قياسي كحركة فنية ذات شخصية مميزة استمدت هويتها من مكونات المجتمع الكويتي http://univers-art.arabfunart.com/kuwaiti_art_aiub.jpg

الاجتماعية والثقافية وأصبحت معالم بيئتها صورة صادقة من هذه التركيبة الخاصة لهذا المجتمع الذي أخذ بكل أساليب الحضارة الحديثة· لكنه لم ينسى عاداته وتقاليده وتراثه ا لعربي ا لإسلامي.
إن إطلاله على هذه الحركة الفنية لن تمكننا من الإيفاء بشكل كامل بجوانب "الفن التشكيلي الكويتي "· ولكن تلمس أهم مقوماتها التي تشكل خط سيرها الفني سيعطي قدرتم كافتا من الإيضاح تمتهن القارئ من التعرف عليها وفهم شخصيتها بشكل عام.
الماضي الملهم والمعلم
بين البحر والصحراء عاش الإنسان الكويتي قصة كفاح طويلة· وهي قصة مليئة بمشاهد الصراع الإنساني مع الطبيعة وظروف الحياة المعيشية الصعبة التي فرضتها عوامل المناخ والموقع على أهل الكويت في الماضي· فقد كانت الكويت عبارة عن ميناء عريي صغير نسبيا يحتل مساحة من الأرض تقدر بثمانية كيلومترات مريع على رأس (جون) خاص بها يعرف بخليج الكويت- أقصى الشمال من الخليج العربي- ويحيط بهذه المدينة سور من الطين بنيئ لصد الغزاة· وكانت منافذ هذا السور (لأريعه) تفضي بالمدينة إلى صحراء قاحلة مترامية الأطراف تحيط بها من كل جانب.
لقد تكاتفت ظروف المناخ الصعبة وطبيعة الأرض الصحراوية ضد سكانها مما دفعهم ذلك إلى الاتجاه ناحية البحر للاشتغال بصيد اللؤلؤ والأسماك· والتجارة التي عمادها صناعة السفن والقوارب وقد أعطاهم ذلك خبرة ودراية بطرق التجارة البحرية فتجاوزوا بهذه الخبرة البلدان المجاورة إلى شبه القارة الهندية وسواحل أفريقيا كما أكسبتهم هذه http://univers-art.arabfunart.com/kuwaiti_art_qssar.jpg


المهنة ثروة مهنية ومادية وثقافية· وفتحت أذهانهم للأساليب المعيشية والاجتماعية في هذه الأقطار· وهذا ما زاد تقبلهم بسرعة للأفكار الجديدة وعرس في نفوسهم الاستعداد للتطور والنمو.
ومن ناحية أخرى لم تقف ظروف الصحراء الصعبة عائقا أمام ولوجها والإبحار بها للاتصال بالدول العربية المتاخمة لحدودها والاتجار معها والاستزادة مما فيها من علم ومعرفة.
إن تاريخ الكويت "ملحمة" نسجت أجزاءها قصة حب عظيمة بين الكويتي وأرضة· وظل بتنامي هذا الحب جيلا بعد جيل ويتعمق بين الإنسان والأرض· فكانت الكويت هي "درة الخليج ".
بين رائحة اللون وطعم الماضي
لقد ظل حب الماضي والإخلاص له يسيطر على عاطفة وفكر أبناء الكويت· وظلت مشاهد الملحمة الإنسانية التي عاشها الأجداد تتراءى أمام مخيلتهم مسترشدين بحكايات كبار السن من رجالات الكويت· ورموز التراث الكويتي التي مازالت شاهده على فصول هذه الفترة· ولذلك فقد اتجهت عواطفهم وأحاسيسهم أول ما اتجهت إلى تسجيل مشاهد بيئتهم المحلية في صياغات مليئة بالحب والإخلاص للماضي.
ويعتبر الفنان القدير"أيوب حسين " أكثرهم إخلاصا وتمسكا بهذا الاتجاه فهو يسجل بعفوية وواقعية صادقة أشكال وأساليب الحياة الاجتماعية مسترشدين بذاكره واعية لكل الأنماط والممارسات اليومية للشعب الكويتي في تلك الفترة قبل أن تمتد إليها يد التغيير والتبديل بدخول تيار الحضارة الحديثة مع تدفق· فالسكيك الترابية- الحواري- والبيوت الطينية وساحل البحر تشكل نموذجا حيا للمحيط الذي يتحرك فيه سكان تلك المدينة البسيطة التي طبعت بساطها على أسلوب الحياة اليومي لهم· تتجلى في حركة النساء الرتيبة وهن يغسل الثياب على ساحل البحر بينما يهم بعضهن http://univers-art.arabfunart.com/ku...art_hameed.jpg



بالانصراف إلى بيوتهن بعد الانتهاء من هذه المهمة· أما الصغار فيلهون بحيوية على رمال الشاطئ أو يسبحون في البحر· وفي مشاهد أخرى يبدو الرجال منصرفين إلى أعمالهم من بيع وشراء أو تعليم وتعلم أو استعداد لبدء موسم الغوص أو السفر بقصد التجارة· كما صور فرحة العودة من البحر بعد أشهر من العناء والتعب في سبيل لقمة العيش· أو ممارسة أهل الكويت لنشاطاتهم الاقتصادية والاجتماعية البسيطة الخالية من التعقيد والتكلف.
لقد عالج كثير من التشكيليين الكويتيين هذه الأنماط الحياتية أمثال المرحوم "معجب الدوسري " الذي توفى في صيف 1956 والفنان "بدر القطامي " الذي صاغ عناصره بأسلوب تأثيري شفاف· فشكلت أعماله مجموعة خاصة اعتنت بتسجيل زوايا ورموز من التراث والبيئة بحس عاطفي تداخله في بعض الأحيان نظرة فلسفية لهذه الأشكال والأشياء كما في أعماله: وثول- كباكب- البراقع- دكان قديم- العودة من البحر.
أما الفنان "محمود رضوان " فقد ركز جل اهتمامه على تسجيل الأنماط المعمارية في الكويت القديمة· وهو قد سلك هذا الاتجاه باندفاع شديد لاحتواء صورة هذه الأساليب في البناء قبل أن تعمل بها معاول الهدم لتفسح الطريق أمام الكتل الخرسانية الصماء الخالية من كل تعبير عاطفي أو حس إنساني· وقد برزت مساحاته وكتله بتعبيرية مميزة أضفت على هذه الأشكال نبضا حيا ينبعث من داخل هذه المنازل الطينية فيشعرك ذلك بحركة ساكنيها رغم سماكة الجدران المعمارية القديمة التي زال بالفعل أغلبها وهو هنا قد أكمل الخط الذي شكله باقي التشكيليين الكويتيين والذي ينتهي غالتا عند الممارسات المعيشية اليومية للإنسان الكويتي.
وعملية التفاعل العاطفي بين البيئة والفنان التشكيلي لم تقتصر على بعضهم بل هي خطوة طبيعته للتواصل بين الإنسان الكويتي وماضية المليء بقص الكفاح من أجل ترسيخ دعائم بناء هذه الدولة الفتية· (فسكيك) "مساعد فهد" بهدوئها وبساطتها الشفافة· أو حكايات " خليفة القطان " الذي شكلها ببراعة مميزة عن أيام الانتظار الطويلة التي تعيشها أم أو زوجة أو أبناء مترقبين عودة رجلهم الذاهب إلى رحلة غوص أو سفر بعيد إلى سواحل الهند أو أفريقيا· أو تلك http://univers-art.arabfunart.com/ku...rt_musaiab.jpg


اللمحات الوامضة التي سجل فيها بعض من أشكال تراثنا البحري له دليل صادق على هذا الارتباط.
ويقتفي أثر هذه الخطوات كل من "علي نعمان " و "يوسف القطامي " و "خزعل القفاص " و"عبدالرضا باقر" وداوود الشميمري " و افهد حبيب " ونادر عبد الحميد" وغيرهم.
الخروج عن إطار المألوف
لاشك بأن البيئة الكويتية القديمة برموزها المعبرة وعناصرها المحببة للنفس قد هيمنت بشكل واضح على فكر وعاطفة الفنان التشكيلي الكويتي وقد كانت هي موضوعة المفضل في بداية الحركة التشكيلية الكويتية قبل أن يخرج ويحتك بالأساليب والتجارب الفنية عربتا وعالمتا عن طريق البعثات والدورات الدراسية الأكاديمية المتخصصة التي أرسلتها الحكومة الكويتية أو من خلال سعي الفنانين أنفسهم بالسفر إلى جميع أنحاء العالم لزيارة المتاحف والمعارض الفنية والاختلاط بالفنانين والتعرف على أساليبهم وثقافاتهم الفنية· وحتى بعد أن هضم كل هذه الأساليب والتجارب وعايش مختلف الثقافات العالمية بعاطفة ملتهبة وذهن متفتح لكل ما هو جديد· لم يبعده ذلك عن محيط النقطة التي بدأ منها بل زاده ذلك تعلقا بها من خلال توظيف ما شاهده وتعلمه في إيجاد صيغ جديدة لهذه الأشكال والمشاهد وتعدى بذلك إطار المشهد العاطفي- التسجيلي- إلى استخلاص مفاهيم فكرية وفلسفية أمسكت هذه المواضيع من السقوط في هوة التكرار الممل وبالتالي فقدان قيمتها العاطفية والفكرية.
لقد حاول "عبد الله القصار" إبراز الجانب الفلسفي لهذه المشاهد وهي محاولة متقدمة وناجحة لانتشالها من تقليديتها وهو بذلك ومع باقي زملائه الذين شاطروه البحث في هذا الاتجاه قد أوجدوا صياغة تجديدية لعناصر ورموز البيئة فأعماله: (وحش البحار- طريق الحصى- الهودج- السعلوه ا· أبرزت عناصر التراث المادية بنسيجها الأدبي برؤية فنية عصرية وأضافت إلى قيمتها الأدبية والمعنوية قيمة فكرية وفنية مميزة.
وأيضا من الذين تناولوا رموز التراث الأدبي الفنان المرحوم "أحمد عبد الرضا" في مجموعته: (السعلوه- الطنطل- حمارة القايله)· وهي شخصيات خرافية من التراث الأدبي للمنطقة طالما أثارت الخوف في نفوس الأطفال قديما عند سماع حكاياتها من أفواه الكبار· ومكنه اتجاهه هذا من الخروج عن مألوف المعالجة التقليدية للرموز المادية للتراث الكويتي إلى الرموز الفكرية وهي خطوة جريئة حاول بعض الفنانين ولوجها ولكن توقفوا بعد أول تجربة "كالقصار" و "عيسى صقر" بينما أثرى "الصالح" مجموعته الفنية بشخوصها المتنوعة.
وإذا كان "القصار"أو غيره من التشكيليين قد سجلوا أشكال الممارسات المعيشية لسكان الكويت في البحر الذي كان عماد حياتهم الاقتصادية وأبرزوا المعاناة والمخاطر التي كانوا يواجهونها في أعماقه المخيفة أو على سطحه المليء بالمفاجآت المأساوية· فإن "عبد الله السالم " قد اهتم بتراث الصحراء اهتماما كبيرا وركز جهده على إبرازه برؤية حديثة تبعده عن (الرؤية الكربونية) التي انجرف إليها في فترة معينة كثير من الفنانين الذين تناولوا رموز البيئة البحرية والصحراوية والتي اعتمد تناولهم لها على (شف) هذه العناصر التراثية من بعض الصور الفوتوغرافية القديمة بشكل جاف وخال من أي حس عاطفي فجاءت أعمالهم غريبة عن البيئة التي استمدت أفكارها وعناصرها منها وخرجت للجمهور وكأنها (نسخ كربونية) باهتة.
http://univers-art.arabfunart.com/ku...rt_buhamad.jpg



ويسير "إبراهيم إسماعيل " و" سعود الفرج " في نفس الاتجاه الذي يسير فيه "عبد الله السالم " فقد صاغا مواضيعهما ورتبا عناصرهما بطريقة خاصة أبعدت أعمالهم عن روتين التكرار الممل· مستغلين لذلك الحركة الهندسية ذات الخطوط إلحاده بشكل مميز لم يفقد الحدث حسه الإنساني والعاطفي كما أن "محمد الشيخ الفارسي " قد أوجد لهذه الرموز شخصية خاصة من خلال توظيفه لمفاهيم رسوم الأطفال في صياغة مواضيعه وهو منفذ ذكي حرر"الشيخ "به أفكاره ومواضيعه من روتينية الأداء في التشكيل الفني المعتاد· ومن أعماله كمثال: لعبة اللقصة- ألعاب شعبية- طبق حنه وطبق ماش- حبيبتي الكويت- ا لفتاه والصندوق ا لمبيت.
أما الفنان المرحوم "أمير عبد الرضا" و"محمد البحيري " و "محمد قمبر" و"صفوان الأيوبي " و"جعفر دشتي " و فاضل العبار" و"أمين الصالح " فقد اتجه كل منهم لاستغلال حركة الخطوط والمساحات اللونية في صياغة الأفكار المعالجة والوصول بعناصر العمل إلى شكلها النهائي المجرد في شخوصيتها العامة لكنها في نفس الوقت لم تفقد حس الطبيعة للبيئة الكويتية فطعم ملوحة البحر أو حرارة الصحراء أو خطوط الحركة العمرانية في المدينة الكويتية الحديثة تتوالف مع هذه المساحات اللونية لتطبعها برؤية محلية صادقة رغم صياغتها المفرطة في الحداثة.
كما يأخذ الحرف العربي والزخرفة الإسلامية مكانة خاصة في المعالجات التشكيلية الحديثة والتي تبنى صياغتها كل من الفنانة "سعاد العيسى" والفنان "قاسم ياسين " و ا فريد العلي " وأخيرا "محمد الشيخ "و"حميد خزعل ".
تظل حركة الإنسان المعاصر المعاشية هي المشهد الوحيد الغائب عن ذهن التشكيلي الكويتي ربما لأن هذا المشهد- باعتقاد الفنانين- توفرت له أكثر من فرصة تعبيرية سجلت حركته الزمنية لحظة بلحظة بدأ من آلة التصوير الضوئية إلى السينمائية والتلفزيونية وغير ذلك من وسائل الإعلام المختلفة ولذلك فالذين تناولوا هذه المواقف قلة أبرزهم هو الفنان "جاسم بو حمد" الذي صور الحد وته اليومية لحركة الإنسان المعاصر بدأ بالسوق وحركته المستمرة بين البائع والمشتري كأعماله: بائع السجائر- سوق الخضار- خواطر وأفكار عن القنص- وهي رياضه تشد أبناء الكويت كهواية http://univers-art.arabfunart.com/ku...art_qambar.jpg



محببة إليهم لازمتهم منذ القديم وتعيدهم اليوم إلى أجواء الصحراء التي طالما جابهها الأجداد في ترحالهم بحتا عن المرعى أو التجارة أو طلب العلم· وقد أفرد لهذا الموضوع المميز مجموعة فنية من عشرة أجزاء.
ويوازي "بوحمد" في هذا الاتجاه الفنان "حسين مسيب " الذي سجل كثير من المواقف الإنسانية التي حفت عن الكثير منا برغم معايشتنا لها كل يوم· لكن المسيب احتواها بنظرة مدققة· من (الحمال) وهو يجلس على الأرض تعبا إلى (الصباغ) الذي غفت عينه بعد عناء يوم من العمل إلى (الشاب) راكب الدراجة الذي يلاحق فتاة تسير في الشارع يحاول مغازلتها بإلحاح بريء· أما "عبد العزيز آرتي " فقد خص هذه الرؤية بمجموعة لا بأس بها من أعماله الفنية مصورا فترة الخمسينات والستينات من خلال مشاهد عديدة من أهمها: أ الشارع الجديد- شارع فهد السالم سنة 54- شارع تونس- السالمية وقت المطر- هدف عرباوي· وهي فترة لم ينتبه إليها الكثير من الفنانين خاصة وأنها تعتبر فترة انتقال وتحول في الحياة العامة بين القديم والحديث.
ربما ستظل هذه الحكايات اليومية البسيطة مدار بحث وتقصي طويلين من قبل "بوحمد" و"مسيب " فالعلاقات الإنسانية مستمرة باستمرار دورة الزمن الأبدية ولذلك فالمشاهد تتكرر وتتجدد· وربما سيلتفت غيرهما من الفنانين لهذه العلاقة بين حركة الإنسان وحركة الزمن اليومية

نور 03-13-2008 04:03 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
الفن التشكيلي الكويتي البحث عن الذات2/2.

العاطفة.. البحث عن الذات والجذور.
لم يمنع ارتباط وتعلق الفنان الكويتي برموز بيئته وتراثه المحليين من التفكير والبحث فيما يدور حوله· فالبيئة هي قرين الحدث

http://univers-art.arabfunart.com/kuwaiti_art_khrgi.jpg


اليومي المعاش والتراث الكويتي هو امتداد للحدث والقضية التاريخية للأمة كاملة· ولذلك فهو يسعى بدأب وإصرار للبحث عن ذاته؟ وذاته الخاصة تعني جذوره وأصالته العربية· وكل ما ينصب في وجدانه من أحاسيس ومشاعر يتسرب إلى أعماقه التي هي جزء من تاريخ طويل وعريق من الأصالة العربية· فيخرج هذا الارتباط العاطفي الكبير على شكل رؤية خاصة متعددة الأساليب فنيا تبعا لدور الحالة وتفاعلها بالنسبة له أو للمحيط الذي يتحرك ويعيش فيه.
لقد أخذت القضية الفلسطينية ومعانات الشعب الفلسطيني واللبناني حيزا كبيرا من فكر ومشاعر الفنان الكويتي المعاصر كقضايا حية تعاش يوميا لحظة بلحظة· بل أن الانطلاقة والإيمان لهذه الحركة التشكيلية بدأت من خلال هذه المشاعر العربية الصادقة الإيمان بوحدة الأمة العربية فأول معرض تشكيلي أقيم بشكل مدروس ومتكامل كان بمناسبة مؤتمر الأدباء العرب سنة 1958 وكانت جلسات ومناقشات هدا المؤتمر آنذاك مظاهرة قوية للقومية العربية والاتجاه القومي الصحيح وقد رأت معارف الكويت- وهي الراعية لهذا المؤتمر- أن تعطي لهذه المناسبة أهميتها وقررت إقامة معرض للفنون التشكيلية تحت اسم (معرض البطولة العربية) تيمنا بتلك المرحلة الزاهرة من مراحل التضامن العربي· وكفاحه ضد العهود البالية والاستعمار. لقد شاءت الأقدار أن تتزامن بداية تنظيم وبلورة شخصية الحركة التشكيلية الكويتية بالشكل العلمي المدروس مع هذه المناسبة الثقافية والتي كانت محور بحثها صحوة القومية العربية http://univers-art.arabfunart.com/kuwaiti_art_bhari.jpg


وفي أجواء مشبعة بالتضامن العربي للنهوض والكفاح ضد الاستعمار والتخلف· فـ"سالم الخرجي " و"محمد السمحان " و"محمد الشيباني " و"عبدالله القصار و"سامي محمد" و "عبد الوهاب العوضي " قد ترجموا هذه المشاعر أعمالا فنية رسمت صدق وإخلاص حسهم القومي تجاه قضايانا المصيرية المعاصرة.
إن مجموعة "سامي محمد" النحتية (صبرا وشاتيلا) تعتبر من أبرز وأنضج التجارب الفنية التي عبرت عن تفاعل الفنان التشكيلي الكويتي مع الحدث وقد كرش في تشكيلها الفكري والفني جل اهتمامه مظهرا لحظات القهر والمعاناة المأساوية التي يمكن أن تحيط بإنسان أعزل!.
وإذا كان "سامي محمد " قد أبرز معاناة الشعب الفلسطيني واللبناني فإن "سالم الخرجي " في أعماله التي تناولت نفس اللحظة الزمنية قد عزز هذا الخط المأساوي في المعالجة ومن أبرز أعماله (الجرح والحجارة - ا لصمت).
لقد تناول (سامي والخرجي) هذه القضية من جانبها المساوي الذي ولّد في نفوسنا مشاعر الغضب والتقزز لهذه المشاهد أللا إنسانية ضد شعب أعزل يعيش في كل يوم ألوان مختلفة من صنوف الاضطهاد العنصري والقهر النفسي والجسدي من بينما أبرز "محمد الشيباني " الجانب الآخر للإنسان الفلسطيني في مقاومته للمحتل· فأعماله: (غضب- لا للاحتلال) رمزية مبسطه تسجل ثورة الحجارة تلك الأداة السحرية التي حركت مشاعر وضمير العالم· فهذا النموذج الفني المخرج بعناية وذكاء لمخاطبة العالم الغربي· وهذه المجموعة من الأعمال تشكل خطا مميزا للفكر النضالي http://univers-art.arabfunart.com/kuwaiti_art_baqer.jpg


والانتماء القومي للفنان الكويتي من أجل تحرير الأرض· وإذا كانت القضايا العربية تمثل جزء من فكر وعاطفة التشكيلي الكويتي فأن قضيته الخاصة أصبحت جزء من اهتمام الفكر العربي والتي تمثلت في المحنة التي عاشها الشعب الكويتي تحت الاحتلال العراقي وما تبع ذلك من مآسي إنسانية غلفت قلوب كثير من الأسر الكويتية بالحزن والأسى على أبنائها الأسرى· ولم يتخلى هذا الفنان عن دوره في رصد جوانب هذه القضية الإنسانية وأفسح لها مكانا في مساحاته اللونية· كما سجل أيضا مشاهد مؤثرة لمقاومة الشعب ا لكويتي للاحتلال.
ويقف "محمد السمحان" داخل دائرة خاصة به في تعبيره الفني عن مسيرة المقاومة الكويتية والنضال الفلسطيني أو المعاناة اللبنانية ليشكل بكثير من البساطة التعبيرية الحركة الزمنية لنضال الشعب العربي كما في أعماله (قطعة قمر- القمر البعيد- خيول وحجارة منشورات ومقاومة- معتقل)· وهو قد يتجاوز في بعض الأحيان حدود الهموم العربية ليحتوي الإنسان عالميا· فالفلسفة الفكرية التي يبحث من خلالها صياغاته وإن بدأت من داخل النفس لكنها لم تغفل ارتباطه كجزء من العالم الواسع يؤثر ويتأثر بكل ما يدور فيه!· وهذه الأمثلة من الفنانين والمحاولات التعبيرية ليست هي الوحيدة فلم تخل تجربة فنية خاصة إلا وتناولت بشكل أو بآخر بالتعبير عن هذه المشاعر.
لقد بدأ الفنان التشكيلي الكويتي يتجه بفنه وفكره إلى خارج نطاق التسجيل للحدث والمشهد اليومي الملاصق له· فالارتباط الفكري بالثقافات العالمية بشكل عام· والمشاهد اليومية لما يدور خارج الحدود التي يتحرك ويعيش فيها بشكل خاص والتي بسطت سبلها شبكات الاتصال السمعية والبصرية العصرية دفعت به إلى الاتجاه لإيجاد سبل تعبيرية مميزة تمكنه من إيصال فلسفته الفكرية وصياغاته التعبيرية إلى أفراد مجتمعه أو المجتمعات الأخرى· ولا يعني هذا انسلاخه أو ابتعاده عن رموز البيئة بل ظل محافظا على تركيباتها وذاتيتها المميزة· وأعطى في نفس الوقت ذاته وشخصيته الفنية مقدارا من الحرية والحركة داخل إطار العمل الفني مقدرا بذلك أهمية إبراز فكره وفلسفته الخاصة تجاه القضايا الإنسانية والاجتماعية التي يعالجها في صياغاته الإبداعية وجاعلا من هذا الاتجاه نقطة توازن بين الأسلوب التسجيلي والأسلوب الفكري الفلسفي الذي بدأ يتنامى بسرعة توازي تنامي التبادل الفني بين الكويت بمؤسساتها المتخصصة http://univers-art.arabfunart.com/ku...t_ibraheem.jpg



كالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب والجمعية الكويتية للفنون التشكيلية ووزارة الإعلام والمؤسسات المشابهة لها في البلدان العربية والصديقة والذي تجلى في صور إقامة المعارض التشكيلية المتبادلة والمشاركة في النشاطات التشكيلية التي تقام في هذه البلدان.
ويبرز أكثر من فنان كويتي في تتبع وصياغة هذه الأفكار تشكيليا· ويعتبر الفنان "عبد الله القصار" أكثرهم إيمانا بهذا الاتجاه وأيضا "خليفة القطان "والتي احتوتها كل من مجموعته (البيضة- التفاحة)· وأخيرا مجموعته الجديدة التي تناولت لمحات من التراث الكويتي البحري.
أما "حميد خزعل" الذي برزت عناصره كأدوات تعبيرية عن أفكاره الخاصة· وجاءت متوافقة مع صياغاته الفنية للموضوع لتشكل في نهاية الأمر فلسفة رمزية لتلك التحرشات الذهنية التي يصطدم بها أثناء ممارساته اليومية كما في (العتمة- الخروج مبكرا- آخر المحاربين- احتمالات- تحية لأرواح شهداء لارنكا- امتزاج)· ثم النحات سامي محمد· أحمد عبد الرضا· ومحمد الشيباني الذي أهتم بتسجيل بعض القضايا الاجتماعية كما في (العانس- خرافه). وهو سلوك يكشف مدى الاهتمام الذي يوليه هذا الفنان لقضايا قد يجد البعض إحراجا في معالجتها تشكيليا وهو يبدو أكثر إصرارا على التمسك بهذا المنهج في البحث والتحليل في عمله المجسم (لحظة عابرة) عندما تناول برمزية تحتوي كثيرا من الصراحة التي لم نتعود عليها في معالجتنا التشكيلية حتى الآن لعلاقة الرجل بالمرأة!· لكن الشيباني كان أكثر شجاعة في التناول الصريح لمثل هذه القضية الحساسة.
من كل هذا نلاحظ بأن أغلب التشكيليين الكويتيين قد تناولوا في أعمالهم أكثر من أسلوب فكري ولذلك فإن أسماءهم تتكرر كلما حاولنا قراءة جانب من جوانب الصياغات الفكرية للتشكيل الكويتي وقد حاولت قدر الإمكان أن أركز بشكل أو بآخر على أكثر الاتجاهات وضوحا في مسيرة كل فنان وهم بالطبع كما أسلفنا نماذج منتقاة للمساعدة على تفهم جوانب الحركة التشكيلية بشكل عام ومركز.
النحت الكويتي هذا الطفل اليتيم.
التوفيق والمساندة التي خصت بها الحركة التشكيلية الكويتية لم تقتصر على جانب تقني واحد فقط بل شملت كافة الجوانب المختلفة ومن ضمنها (النحت)· لكنه بالرغم من ذلك يقف منزويا حزينا مترددا في الدخول للدائرة الكبيرة التي يحتلها الفن التشكيلي بوجه عام· والأسباب التي تقف وراء الانزواء والتي صاحبت النحت منذ بداية تبلور شخصية الحركة التشكيلية بشكلها المعاصر هو عزوف كثير من " المقتنين " عن اقتناء الأعمال النحتية· ووجود قلة من http://univers-art.arabfunart.com/kuwaiti_art_qffas.jpg


المشجعين لن يغير شيئا من هذا الأمر· كما أن صعوبة الحصول على المواد الخام وارتفاع أسعارها كالرخام والخشب وأيضا ارتفاع تكلفة صب البرونز الذي يتم خارج الكويت دفع النحاتين الكويتيين إلى الإقلال من إنتاج الأعمال النحتية والاتجاه لمجالات فنية أخرى لإفراغ شحناتهم الإبداعية المميزة من خلالها.
ويقف الفنان " سامي محمد" في مقدمة النحاتين الكويتيين بغزارة وتميز إنتاجه الذي برز كأسلوب فني وفكري لفت انتباه المهتمين والنقاد ومن أبرز أعماله (صبرا وشاتيلا- المكبس- الصندوق- محاولة الخروج- إندفاعة - صرخة من الأعماق).
كما ويحتل النحات "عيسى صقر" في هذا المجال مكانة خاصة أيضا بأسلوبه المميز الذي وظف له رموز البيئة لإبراز منحوتاته وتأكيد أسلوبه الذي اعتمد الكتلة كأساس لخلق شخوصه وعناصره والتي تحركها لمسات من الخطوط البسيطة.
"خزعل القفاص " له بصمته المميزة والمهمة كنحات مبدع اختار أفكاره ومزجها بشيء من الغرابة الفلسفية رغم بساطتها الشكلية والتعبيرية متخذا هو أيضا جزيئات البيئة مجال تتحرك فيه أفكاره مثال (الهامور- تمر وقهوة).
يأتي النحات "عبد الحميد إسماعيل " أيضا كأحد أهم عناصر هذه المجموعة وهو أيضا وأن توقف فترة لعدة سنوات لكنه عاد باندفاع كبير ليضيف لمجموعته النحتية بعدا جديدا تمتزج فيه التجربة بواقعية التشكيل بتآلف إبداعي مميز كما في: (السوس- لبنان- امرأة- تكوينات).
لقد حاول بعض التشكيليين الرسامين أيضا ولوج هذا المجال بين الحين والآخر برغم وعورة الطريق كنوع من التجربة مثال (جاسم بوحمد- خليفة القطان- عبد الله القصار) وقد يكون "بوحمد" أكثر الثلاثة إهتماما لكن تجربته لم تنل حظها من النضج كمجاله في التصوير.
الفنانات التشكيليات الكويتيات.
التشكيليات الكويتيات يمكن عدهن على أصابع اليد فهن قليلات بدأن مسيرتهن جنبا إلى جنب مع زملائهم التشكيليين الكويتيين· وقد برزت مجموعة منهن بينما انسحبت أخريات بكل هدوء دون أسباب ملحوظة فالفرصة متاحة في بلد أعطى المرأة حقوقا لم تتاح لمثيلاتها في بلدان أخرى إلا في وقت متأخر وهيأ لها فرص التعليم وممارسة نشاطاتها http://univers-art.arabfunart.com/kuwaiti_art_mudi.jpg


المختلفة بكل حرية ومساندة على المستوى الشعبي والرسمي.
ومن أبرز التشكيليات الكويتيات (موضي الحجي- سعاد العيسى- صبيحة بشارة- ثريا البقصمي- سامية السيد عمر- ليديا القطان- نسرين عبد الله).
لقد دارت أغلب الأفكار والمواضيع التي تناولتها الفنانات الكويتيات حول المرأة "فصبيحه بشاره " رسمت المرأة بعاطفة شديدة أبرزت فيها رقتها كمرآه تمارس علاقتها الإنسانية والاجتماعية ببساطة شديدة فمره نشاهدها مستلقية باسترخاء أو أخرى تتحدث لصديقة في جو من الهدوء· وحتى مجموعة أعمالها المميزة التي رسمت فيها تكوينات من مقاطع نباتية- ورود- لم تخل من إحساس أتثوي. "سعاد العيسى" و "ثريا البقصمي " تشكلان خالا واحدا وإن اختلفتا تقنيا· فالحس الزخرفي هو المسيطر على أجواء العمل عندهما وكلتاهما اتجهتا نحو مجال الطباعة في إبراز أفكارهما فنيا.
وقد استطاعت "موضي الحجي " بلورة تجربتها الفنية لتخرج بمحصله مميزة وأبرز شاهد على ذلك مجموعتها التكوينية النباتية- سعف النخل- هذا بالإضافة إلى تجاربها الأخرى· وتتميز "موضي " بغزارة إنتاجها وجديته المتواصلة في البحث والتطوير المبتكر لأفكارها وتقنياتها الفنية.
وبالرغم قلة عدد الفنانات إلا أن ذلك لم يؤثر على تواجدهن في الساحة التشكيلية وذلك يرجع للإصرار والمثابرة التي يتمتعن بها وهذه خاصية أبرزت أسماؤهن بشكل واضح في محيط الحركة التشكيلية الكويتية بشكل خاص والعربية بشكل عام كفنانات عربيات لهن أساليبهن الفنية ورؤيتهن الفكرية الخاصة.
وقد انضمت في السنوات الأخيرة لساحة التشكيل الكويتي العديد من الفنانات· والمتتبع لإنتاجهن يلاحظ جدية مسعى هذه المجموعة لبلورة أسلوب خاص بكل واحدة منهن· والنشاط الملحوظ في العمل وإثراء المعارض السنوية بإنتاجهن.


http://univers-art.arabfunart.com/kuwaiti_art_ledea.jpg
http://univers-art.arabfunart.com/ku...rt_thoraia.jpg
http://univers-art.arabfunart.com/kuwaiti_art_ghada.jpg

نور 03-13-2008 04:05 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
الفن التشكيلي الإماراتي صورة المكان 1/2

الحنين إلى المكان, شكل من أشكال التعاطي الدائم مع الواقع, بمختلف مستوياته الواقعية والنفسية, والإيحائية وتختلف http://univers-art.arabfunart.com/emarat3.jpg


سبل المحاكاة وألوانها من فنان إلى آخر لتكون الموهبة والخبرة الذاتية أدوات الاختيار أو الاختزال أو التكرار, فالفنان الذي يعي مهمته التسجيلية مثلا هو غير الفنان المحلل لدرجات الانتماء للواقعية, بل وانتقادها أحيانا وإعادة تأليفها, وقد تعامل مع هذا الواقع العديد من فناني الإمارات منذ بداية الحركة التشكيلية وحتى اليوم,
وسواء صاحب الاهتمام والتشجيع هؤلاء الفنانين أو تنحى عنهم إلا أن ترجيح ارتباطهم القوي بالمتلقي إنما يقع ضمن مفهوم الفهم المباشر لتفاصيل المنظر الطبيعي الذي يستمد الفنان منه موضوعا إنسانيا يقدم حميمية العلاقة بين العين والمكان, سواء أكان هذا المكان طبيعيا أم صناعيا من بناء الإنسان وآثاره واهتماماته.
الاعتماد على الحرفة, أو التقنية, أو المهارة, موضوع أساسي أيضا في المبادرة إلى العلاقة مع الجمهور, وتأكيد أدراجها في منطق وفلسفة المنظور الطبيعي والإنشائي المؤاتي لفهم العين للموجودات يسهل ـ دون أدنى شك ـ مهمة الاعتراف بها وتلقيها في إطار بحث الإنسان الدائب للسيطرة على الطبيعة ـ الخطاب الأزلي الذي جعل الإنسان يحقق نجاحاته في بناء تصوراته عن الطبيعة واستبطان هذه التصورات في محاولة لاعلاء الذات وإشراكها في فعل ستختلف الآراء والفلسفات حوله فيما بعد بنتيجة المراقبة والملاحظة لمعاني التمايز والاختلاف.
ْوسواء اعتبرنا التعامل مع الطبيعة أو المكان رثاء لها أو ابتهاجا باحتوائها للأدوار الإنسانية المرئية فإن الإشارة إلى أن هذا النوع من الفنون قد شكل ظاهرة في التشكيل العربي عامة والتشكيل في الإمارات خاصة هي إشارة إلى عميق الاستفادة من المحامل التشكيلية التي أبدعها الآخر في رحم فلسفات مختلفة, بل وتشكل مرجعا خالص التكامل للخيال والعقل في إبداعه لأعمال لاقت من الاهتمام ما يفوق جاذبيتها وانتمائها الحضاري للعصر, ساعد في ذلك الحنين والعشق للموضوعات التي بات يفصل المجتمع في الإمارات عنها خطوات واسعة, مما يجعل الرغبة لإعادة التصور واقعة في مقدار الانفعال الذي تولده مثل هذه الأعمال التي تفتح نوافذ من الحاضر على الماضي تذكر الناشئة بدورة http://univers-art.arabfunart.com/emarat4.jpg



التاريخ التي تمضي باتجاه واحد حاملة معها السلوكيات والذكريات وعدم الاستقرار بسبب إحلال نظم جمالية مكان أخرى. وبسبب تبدل صورة الحاضر إلى ما يوافقه إنتاجيا وأخلاقيا واجتماعيا. إذ لا مجال للثبات, فالتغيير سنة الكون وقانون تبدله من حال إلى حال.
إلا أن عديد الفنانين لابد يشيرون بأعمالهم إلى حالة من الثبات تطال تجربتهم بالرغم مما يحاولون أن يوصوا به من تغيير في الأساليب أو الاتجاهات, ودون اكتراث ـ في اغلب الأوقات ـ بمبادئ التغير الاجتماعي والمعرفي والتقني التي تطال الحراك الإنساني في انتقاله من موقع إلى آخر. ولا تشكل هذه الإحالة أي هجوم أو صدام مع تلك التيارات, فهي أشكال سائدة في مختلف العصور والأزمان, وتتجلى في القيمة التربوية التي تشير إليها وخاصة فيما تقدمه من كشف عن خصائص ومفاهيم سابقة كادت تنتهي أو تختفي أو إنها اختفت فعلا من الحياة, وبهذا نتبادل الحوار معها يكون من منطلق الدلالات التاريخية لمحتوياتها, وهي تلعب دورا توضيحيا للتقاليد والأدوار في تحولها من حال إلى حال.
ولا عجب فيما نراه من إقبال الفنانين الأجانب على أيقاظ معرفتنا بالنعمة التي نحن فيها حين يتهافتون على رسم رموز تقترن بالدلالات الفاعلة في اهتمامات الإنسان المحلي لما تشير إليه في التراث البصري والعقلي والتاريخي, وبكل ما يحقق الذات في تحولها إلى الخلف للارتباط بالأفكار التي تنأى عن المستقبل وما يمكن أن يدفع باتجاه اكتشاف الرؤى المعاصرة ودمجها في رؤى الحداثة التي تعبر عن أشكال التغير ف بجماليات الإنسان الجديد..
ومهما كانت قيمة الإحالة السلفية لإبراز الذات التاريخية المحملة برموز التراث وعباراته البصرية.. إلا أن انقطاعا عن روح الحياة سيبدو جليا فيما تكرسه مثل هذه الرسوم التي تخاطب الواقع باعتباره جزءا من الماضي لا باعتباره نداء للنقد يتضمن مشروع التعبير عن المعاش. والقضية الأساسية في هذا الطرح هي ما يستشعره المبدع وهو يلح على البحث في الفنون البصرية للوصول إلى بدائل ترقى بفهم المجتمع لأحوال الفنون بدلا من اقتيادها إلى الخلف. في اكثر رسوم الطبيعة التي تمجد الفهم الاستهلاكي للعمل الفني لا تشارك الروح في تفجير طاقة الجمال في المتلقي, بل إن هذه الرسوم تقسم الموقف منها إلى اثنين, الأول يعتقد بغرابة إنجاز مثل هذه الأعمال, وهؤلاء يمتلكون روحا نقدية,
والثاني يرى ضرورة إنجازها لتأكيد استمرار بؤس تلقيها تحت اكثر من غطاء قد يصل بعضها إلى حدود الحديث عن الأخلاقيات الجمالية. وقد كانت مساحة التشكيل في الإمارات مساحة واسعة تمثل هذا التجاذب فيما بين الدعوة الاحلالية والدعوة التغييرية, بما حققه أبناؤها الفنانون من إنجازات حملت بمجملها اختيارات الإنسان المبدع في هذه المنطقة من http://univers-art.arabfunart.com/emarat5.jpg



الخليج العربي. ولقد سعى اكثر من تجمع فني لاستبدال صورة السائد في الفنون منذ بداية الثمانينيات في القرن المنصرم وحتى اليوم, وهي مواجهة يشير اكثر من باحث إلى إنها تتم في إطار الصراع بين القديم والجديد,
مما يشير إلى أزمة تنويرية يعيشها المحمل التشكيلي الإماراتي يسببها الحنين إلى الماضي وما تفرزه الحياة الجديدة بمطلقها الفلسفي والمعماري والنظري والاقتصادي من دعوة للتحديث والاستمرار في إنتاج ثقافة مغايرة مواكبة لانتصارات الإنسان وانحيازه إلى خصوصيته رغم أن سرعة التحديث تؤدي أحيانا إلى إنتاج صدامات اجتماعية ومعرفية يعجز التكيف معها وقد تؤدي إلى الشعور بمجموعة من الاستلابات الفكرية التي تطال مجالات إنتاج الثقافة والمعارف. إن الانتماء لعالم متحرك يمتزج فيه الماضي بالحاضر قد يعرقل عملية الإنتاج المعرفي كونه يقدم الماضي بصورة الحاضر
وهذا انشقاق واضح في هوية وخصوصية المجتمع الذي ينشد دائما التقدم والحرية والسيادة كحقوق تعيد صياغة التوجه الفكري وتجيب عن أسئلته الراهنة.. وإذا كانت الإحالة إلى المكان لا تخرج عن الإطار الحنيني الذي أشرنا إليه في البداية فإن ذلك يدعونا للتميز بين المكان الواقعي والمكان الافتراضي في العمل الفني.. المكان الذي تدلي جمالياته برؤاها التنويرية كلما أوغل المرء في سبره والكشف عن سطوته أو ترهله أو ما يحاول بعض المبدعين تحقيقه بتزيينه على هيئة ما يكون الجوهر.
لقد سعي عبد القادر الريس باستثنائية مشهود لها أن يكون حياديا في تفكيره البصري إذ تنازعه التسجيل والتجريد, وثمة مغزى وراء ذلك يتمثل بإعلانه عن انتمائه لكل ما يبدع, ولعل إنجازاته المتفوقة تقنيا ولونيا تنضج في الأجيال اللاحقة قيمة التراث الأصيل وما خلفه الأجداد للأبناء في رحلتهم الشمولية (العمارة والحرف والمهن). حتى إن مرجع العديد من الأجيال الجديدة ينكمش في تصور أعمال هذا الفنان المجيد.
إلا أن الرحيل عبر الماضي لا يعدو التفكير المثالي به والانقطاع عن الحاضر (الواقع الحقيقي) وذلك بحصر الوطن في إطار لا يتحرك قد يستدعي الوقوف عند فترة زمنية بما يحيط بها من (نوستالجيا) تؤجج المشاعر دون أن تكون عتبة للانتقال إلى مجال ارحب كما كان يحدث في بنية القصيدة الجاهلية على سبيل المثال.
http://univers-art.arabfunart.com/emarat6.jpg


أشير إلى خصوصية تجربة الريس ليس على مستوى الإنجاز فحسب, بل ما تحققه من صدى تخيلي وإيحائي جمالي يطل الوهم الذي ينشئ التصورات الجديدة للواقع الماضي, وبكل ما يمكن أن يجعلنا نتفكر بالمجازات البصرية الواقعية التي استنبطها الفنان من الموثيفات المحلية, وهو وان صورها على نحو شديد المهارة بالمطابقة المنظورية والتشريحية والتلوينية فإن ذلك يذكر بالإحالات المباشرة التي قام بها الفنان محمد يوسف علي مبكرا حين جعل من هذه الموثيفات مادة الموضوع وشكله فاستخدم الأبواب والنوافذ والأخشاب والجبس وغير ذلك من المواد التي تشكل جزءا لا ينفصل عن الواقع الواقعي, مستفيدا من غياب استخدامها وندرته لتتحول أعماله إلى مفاهيم لا يحدها حاجز عن المتلقي الذي قد يتعامل معها في الحقيقة كنفيسة من نفائس التعلق بالماضي, وقد استفاد العديد من فناني الخليج العربي من هذه التجربة المبكرة فنوعوا عليها وعلى إشاراتها ورموزها الواقعية.
كما إن مجموعة المحدثين في الفنون الإماراتية لم يبتعدوا كثيرا عن هذا المفهوم بأعمالهم المتنوعة, معتبرين إن التحول في المفهوم لا يعني التحول الشكلي, فالفكرة هي الدافع إلى التشكيل, الفكرة باعتبارها ماضيا وحاضرا, وبمقدار ما تشكل أعمالهم انتماء للذاكرة فإنها من الناحية الذهنية اكثر ارتباطا بالواقع المباشر لموجودات المكان, بل إن انبثاق العمل, أي عمل, إنما يشكل إضافة حية إلى الذاكرة الواقعية التي تتفاعل مع لغة التعبير عن هذا الواقع,
وقد تميز اكثر من فنان في الإمارات في هذا الجانب الاكتشافي والتنبؤي للواقع فأهلهم للمرور بمراحل مختلفة, قد تختلف في أسلوب التعامل مع الواقع إلا أنها تتفق بالاتجاه والهدف لإعادة صياغة الموقف من التراث والواقع والتجديد في ظل التحديثات التي طالت المجتمع, وقد جاراهم بوعي وحذق الفنان عبد الرحيم سالم الذي استطاع أن يبقى محايدا في بحثه البصري دون أن يوغل في تيار أو جماعة, فبقي وفيا لذاتيته التي يستلهم منها الفضاء الحركي بمقدرة توازي مرئيات الواقع واحتمالات تحقيقه عبر الحركة, وهو وان كان نحاتا مجيدا فإن هذه الإمكانية ذهبت هدرا بمقابل الإيغال في تفصيلات التصوير التي لم يقف على جانب محدد فيها بل استمر عبر تجربته الطويلة نسبيا (تخرج العام 1980 من القاهرة) في تنويع المواد والخامات (الحجر والخشب والمعادن, الأدوات التراثية, الورق المعدني, الورق الشفاف, النايلون, الأحبار الصناعية, الباستيل, العرض الادائي).
وشكلت مساحة الحلم لدى المبدعة نجاة حسن مكي فضاء اللوحة عبر متابعتها للموتيفات التقليدية الأنثوية خاصة, فترجمت خامات البيئة الشعبية إلى وسائط بصرية يعيد إيقاعها التراكمي بناء المساحة بشكل يجعل الواقع يحضر متحللا من ارثه التجسيدي ليستحيل إلى تفاصيل مبهرة للعين في فيمتها الطقسية, موحية بموسيقى حفية, ليست أعلى من صوت الواقع معه. وقد نجحت نجاة مكي في إخفاء لغة شعائرية خلف هذه الموتيفات تضج بالانتماء للأنثى وكيفية أدراك عالمها الداخلي والحواسي بخبرة مستقرة أهلتها لاستكمال حوارها مع المكان, ومع السعي لاستنفاذ الحنين إليه بطريقة مغايرة.
http://univers-art.arabfunart.com/emarat1.jpg ويمكن القول من هذا المنظور أن المحمل التشكيلي في الإمارات الذي وضع المكان كواقع متعدد المستويات في مركز اهتمامه, قد نجح في انتزاع عدد من المفاهيم من بحث المبدعين الذي يتراوح بين الرؤى المباشرة وما فوق هذه الرؤى ليستمر المخاض خارج محاكاة الواقع والوقوع في أسره, مؤكدين على انتزاع الذات من نظريات المحاكاة والبقاء في عالم الانزياح لا الاستقرار إذ لم يتعامل أي منهم مع الواقع على انه أمر علوي أو تفوقي وإنما يروح نقدية غائية استمرت مادتها من الصراع التشكيلي العربي والدولي حول الأفكار العامة التي يشكل المكان أحد محاور جدالاتها كموقع افتراضي للخصوصية إن لم نقل الهوية.
لقد أهم الفنان في الإمارات بهذه العلاقة التواصلية مع الواقع دون أن يذهب به الاعتقاد للولاء المطلق له, سواء من جهة التخيل التي لجأ إليها الريس أو لغة استنطاق الذاكرة بما تتالى عليه حسن شريف وحسين شريف ومحمد احمد إبراهيم وعبد الله السعدي ومحمد كاظم وكافة التخارجات التي سعى إليها أو ما قامت به مكي من إحلال للموثيفات مكان أصولها وما ذهب إليه محمد القصاب ومحمد العبدالله وعبدالرحيم سالم للارتقاء بإيقاع العمل البصري ليفيض على الواقع بدلا من تمثله أو محاكاته.

نور 03-13-2008 04:07 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
الفن التشكيلي الإماراتي صورة المكان 2/2

الانسجام مع الذات وحرية التعبير
شكلت النهضة الاقتصادية أساساً ملحوظ المكانة لتأسيس المجتمع الحديث في دولة الامارات, ولعل التطور الاجتماعي http://univers-art.arabfunart.com/emarat7.jpg


في مختلف اتجاهات حركة النمو الثقافي والفكري يعود لانتصار الانسان في مشروعه العقلاني وهو يلغي ويبني لتحرير الزمن من انتمائه لقوى الماضي, ويرافق هذا التوجه رغبة نقدية لبناء الافكار عبر الفعاليات واسعة الانتشار في مختلف التصورات والمشاريع التي لابد ان تنطلق أساساً من ايمانه او اعتقاد بضرورة الانسجام مع الذات التي يعلو شأنها بقدر ما يتحقق لها من حرية في التعبير والمبادرة والمجتمع الذي اقبل بكامل طاقته باتجاه الابداع والتأسيس له بعد الاستقلال والاتحاد وانتفاء الحاجة والفوز,
انما احتضن هذا الابداع عبر ايمان مطلق بضرورة احياء وسائل التقدم والتطور في الذات المبدعة, والاستجابة لخطابها الذي لم ينفصل عن الانتماء لشروط الحداثة التي اقتضت الانتماء للعصر وروحه والتعبير عن ذلك بصراحة ووضوح على قاعدة من الفهم عالي السوية لخصوصية الانسان وانتمائه بعيداً عن تقليدية التخلف وذلك بالفصل التام بين فهم معنى التراث وتمثله وبين انتاج الثقافة المعاصرة التي تؤطرها التقنية وصراعات السلطة العلمية والمتغيرات الفلسفية والاعلامية.
قد يبدو الكلام النظري اكثر دقة من الاحالات المباشرة على محمل تعبيري كالتشكيل في الامارات ـ مرمى الهدف ـ وما حققه في مجالات تمثل المتغيرات الاجتماعية والفكرية والنفسية وكل ما انجزه في هذا الاطار عن طريق العمل الفردي أو الجماعي, والتعديلات التي طرأت على جسمه بالانتقال في الزمان من مرحلة إلى أخرى.
لابد ان نتذكر منذ البداية ان غاية كل فنان, وكل مبدع تمثلت منذ البداية في الاستجابة للفرصة المتاحة للتعبير عن ذات الجماعة لاختراق المراحل وحرقها باتجاه بناء التكوينات الثقافية الأولى وقد تجلى ذلك في المسرح والفن التشكيلي والادب, بالمضي قدماً في الاستجابة لطبيعة الشعور والشخصية لاعادة انتاج الأنواع الابداعية التي تعارف عليها الانسان في تحوله الدائم, ولا نعني في هذا الخصوص بأن انسان المنطقة كان منقطعاً كلياً عن الحراك الابداعي العربي على اقل تقدير, انما ما نعنيه ان ابتعاداً عن هذا الحراك فرضته شروط مختلفة طالت المجتمع ما قبل الطفرة النفطية, وحالت بينه وبين بناء البنية الثقافية التحتية التي تؤهل المبدع ليعيش تحولات الابداع.
ولهذا فمن الطبيعي ان نشير هنا إلى ان ان العملية الابداعية كانت رهنا بالمتحولات العربية والدولية المرافقة أو المواكبة للتحولات المحلية, وقد تمكن المبدع المحلي من تمثل معاني التعبير عن الذات دون ان يتأثر مباشرة بما بدأت تحققه الثروة من تنمية عامة, وسعت مجالات الرخاء الاجتماعي ومنحت المجتمع اعترافاً بذاته, من نفسه أولاً, ومن الآخرين ثانياً..
دون ان تتحول هذه الذات إلى متحف يجمد صورة الانسان على هيئة معينة, وكما حقق المجتمع هذه المميزات فقد انعكست على المعاني العامة للمنتج الابداعي التشكيلي الذي بدأ بالتوجه إلى اكتساب المعارف البصرية المختلفة بدءاً من الجيل الأول الذي انطلق إلى مختلف العواصم والجامعات كي يتوافق والمعطيات العامة التي توصل اليها التشكيل العربي.
الشيء المهم هو ان روح المبدعين القلقة في تلك المرحلة كانت تخفق في حيرة شاملة تطال إلى جانب اكتساب الخبرات وهضمها بناء خطابها الخاص, ومشروعها الذي يميزها ببناء المؤسسات الثقافية والفنية, الجمعيات والدوائر, الصالات وقبل ذلك كله محاولة القبول الاجتماعي للأدوار التي تخرج كالشهب من جسد الثبات إلى مجالات الحياة لبناء معاني الاحتياج إلى الابداع, ولهذا يشار دائماً إلى قيمة التأسيس وارهاصات البناء وقلق المبدع في بحثه عن سبل لنشر الوعي لدى متلقي الفنون وتوحيد مبادىء ورؤى الاساليب الفنية لتتناسب مع الاندفاعة الاقتصادية, العمرانية والمدينية التي تتجاهل وظائف مجتمعية وتحل محلها وظائف اخرى تسمح بتغيير التصور والتخيل لتغير ركائزهما ومفرداتهما.
ان اعادة اكتشاف الذات, تقتضي معرفة تاريخها, بل استرجاع مفرداتها على نحو تكاملي مع وضع استراتيجيات قراءة المستقبل الجمالي لهذه الذات في ضوء الحداثة التي شكلت الرسالة الوحيدة لمنطلقات الابداع المحلي دون ان تفسح http://univers-art.arabfunart.com/emarat9.jpg



مجالاً لنزعات تنحي شبكة الانتماء للمستقبل لاحساسها الفطري بمعاني التدمير التي تلحق بجماليات الانسان وهو يحاول ان يشد الحياة بعكس الزمان, ولعله مشهد طبيعي في حركة المتغيرات لدى مجتمعات اخرى, الا انه لم يمثل دعوة واضحة المعالم في الابداع الاماراتي الذي بشر رواده بالامكانيات الخلاقة لجوهر الخيال الشعبي الذي يمزج الرغبة بالتطور بالاجتهاد لتحقيق ذلك على شكل خاص لم يدخل في اطار الثورة أو الانقلاب, الكلمات التي تغري الباحثين برنينها والتي عزلت الكثير من المفاهيم عن الفضاء العام للمجتمعات العربية في تعبيرها عن ذاتها وعن حركاتها الابداعية الفنية.. بل وغالباً ما خففت من امكانيات تأمل هذه الذات تحت تأثير الوقع المتسارع للأحداث العامة الموازية.
توفرت للساحة الابداعية في الامارات ومنذ البداية مجموعة واسعة من المبدعين الذين انهوا تحضيراتهم الاكاديمية والابداعية وانجزوا بخبراتهم المكثفة نتاجاً يمكن ان نحدد نهوضه منذ الثمانينيات كتيار عام مع الاشارة إلى بعض المجهودات (آلات حادة لصنع الفن) ان المواجهة بين الجديد والقديم راوحت بين النضج والفجاجة, عاملها البعض بحميمية وعمق باعتبارها عافية حقيقية بالنسبة لواقع الامارات, بينما طرحها البعض كموضة وصرعة سرعان ما تزول وتتلاشى..
أهل الابداع انفسهم كانوا مثل هذه الزلزلة, بعضهم تسلح بثقافة وفكر وبعضهم ركب الموجة وذهب إلى الزبد متأثراً بالرياح التي تهب بكل صالح وطالح, بل ان بعض اهل الثقافة لم يفطن إلى الجوهري والاساسي في النهوض الجديد, فعامله بفوقية لا تليق بالابداع وحرية التعبير والتأسيس لكيان ثقافي جديد... لقد كان اختراق اللوحة التقليدية عملاً جارحاً عنيفاً وغير مقبول لانه غير مسبوق وغير متوقع.. عقد من الزمان ونيف على تجربة (المريجة) في الشارقة.
العلاقة بين الالتزام بالتغيير ومحاور النهوض المجتمعي كانت متساوقة اذن في عمق محددات الابداع, وهذه الرؤية المعبأة اساساً من طبيعة التحولات العامة التي كانت تقود معاني انسنة الصورة بنفي الوهم عنها ومنح المبدع امكانية التعبير عن المجتمع الجديد باعادة صياغة وتأليف الغاية من البحث عن الحكمة والعدالة ومنح الذاكرة ضفافاً فسيحة لاعلاء مكانة التجارب الفنية الفردية وهي تسعى إلى التميز في مواضيعها, ورغم ما يميز السبعينيات والثمانينيات في السعي إلى فروع البحث واتجاهاته للقلق الذي اعترى التجارب التي تراها الكاتبة نجوم الغانم غير مستقرة على أسلوب عندما تتعرض لتاريخ الحركة التشكيلية في دولة الامارات: (العديد من الفنانين قد حاولوا ايجاد ارضية عمل لهم منذ اواخر الستينيات وانتهاء بالتسعينيات ولحداثة التجربة الفنية في الدولة فان معظم تلك الاسماء قدمت اكثر من اسلوب,
فترى الفنان في احد معارضه على سبيل المثال يقدم اسلوباً فنياً معيناً, بينما نراه في المعرض الذي يليه يطرح اسلوباً مناقضاً, بل ان البعض وحتى يومنا هذا يقدم عدة اساليب متباينة في العمل الفني الواحد, وقد يبدأ الفنان تجربته باتجاه حداثي, وينتهي بأن يقدم اعمالاً كلاسيكية والعكس صحيح... هذا الارتباك يعود إلى قصر عمر تجربة الفنان الابداعية والمعرفية وثانياً إلى الافتقار للتراكم التاريخي في الحركة التشكيلية المحلية عموماً).
الفنان حسن شريف يصرح بشكل مباشر حين كتب (احسست ابتداء من عام 1982 ان الكثير من اللوحات التشكيلية, سواء الانطباعية أو التجريدية التعبيرية في كل مكان بدأت تفقد أهميتها لدي, اذ لم اعد احس بأي متعة بصرية عند مشاهدتها, وشعرت ان هناك فجوة بين اللوحة وبين النحت التقليدي. ويجب البحث عن العمل الفني في هذه الفجوة, ومنذ ذلك الحين بدأ لي ان العمل الفني ليس هو اللوحة ولا النحت بل هو (شيء آخر), هكذا حاولت ملء هذه الفجوة. كل تجربة قادتني إلى تجربة اخرى, واعتقد ان جميع الاعمال التي انتجتها منذ عام 1982 وحتى الان هي تجربة واحدة مستمرة.. واحياناً اعود إلى بعض الاعمال القديمة التي كنت عرضتها سابقاً واستمر في استكمالها بعد توقفي عن انتاجها لسنوات طويلة).
انها روح كلية منقسمة في مفردات كل فنان يسعى إلى الاختلاف مع الجماليات المسيطرة, متحولاً بنصوصه إلى وجود يطال الدور الاجتماعي للابداع والوعي به, اذ كلما تعمق الوعي بضرورة التغيير كلما كانت المقاربة قائمة بين الاندفاع لصياغة جدية جديدة والخروج من تقليدية العلاقة بالفنون, فالمجتمع الذي ينتقل بكليته, المكانية والفكرية والزمانية والاقتصادية, هو الذي يضفي الشرعية على التغيير الابداعي وان بدا في الظاهر ان خلافا قائماً بين النزوع إلى الحداثة أو ما بعدها وبين التصرفات التقليدية التي تعيش على حلم استعادة الماضي والتماهي به, للكشف عن صلة قيمية تسهل الاجابة التي كانت مطروحة بشكل عام عن الهوية في الفن العربي بشكل عام.
العالم الذي كان يتغير ويتقلب وتتهاوى افكاره وفلسفاته بمواجهة اقتصاد السوق كان قاسياً بانتقالاته السريعة, ولقد هزت هذه الاحداث اهتمامات المبدعين اينما كانوا ـ بشكل مباشر أو غير مباشر ـ فما كان ظاهراً في الانتماء لتاريخ الحركات الفنية عالمياً بات محط انتقاد وتحليل للتوجه إلى مفاهيم الاختلاف بدل الالتقاء, وما كان يؤدي إلى وحدة التجربة والاسلوب لم يعد مهماً في ظل الافكار الجديدة التجارية والصناعية والتكنولوجية, وما كان يشكل دعوة لتوحيد الذات وبناء تماسكها اضحى سجين التفكيك, وكما حلت (الكوكا كولا) محل الذات في اعمال (وارهول) اندفعت الموضوعات إلى الأعمال الفنية في التسعينيات لتفرق التشكيل المحلي في لجة الصراعات الثقافية والفنية بين اجيال لم يتحقق لها الاستمرار في تلقي الاطلاع والدراسة, بل بين الجيل الوحيد الذي انتج كل الاتجاهات التي تحيا اليوم في ساحة الفعل الفني التشكيلي في الامارات منذ عقدين على أقل تقدير رغم اعتراف الجميع بضرورة التعبير عن العصر http://univers-art.arabfunart.com/emarat8.jpg



في اطار التعبير عن الهوية الذاتية والهوية الوطنية والقومية.
وبعد ان شكل البحث والاستقصاء سلوكاً عاماً للمبدعين التشكيليين في الامارات على اختلاف اتجاهاتهم ومواقعهم فان الحدود الفاصلة بين المستويات لم تقع في اطار التقييم والحكم عليها لضرورة الاعتراف بكينونة المبدعين والتي نشأت بعيداً عن الاشكال الايديولوجية التي تعرضت لها محامل عربية موازية في اطار الطروحات الفلسفية التبريرية التي جعلتها منفصمة عن السياق الاجتماعي.. فمعظم النجاحات التي تحققت للفنانين في الامارات تعود اما إلى التكيف مع قواعد التلقي أو مناهضتها بالانفصال عن الادوار التقليدية للعمل الفني التي كان يلعبها تاريخياً.
ومنذ جماعة (اقواس) التي تشكلت وغابت منتصف الثمانينيات وحتى روح الطبيعة التي يعمل عليها اليوم الفنان محمد يوسف ومروراً بمرسم (المريجة) ومعرض السالب والموجب والمعرض الأول الذي اقيم العام 1972 في دار الاذاعة بالشارقة للفنان احمد الانصاري ومعرض عبدالقادر الريس العام 1973 في دبي ومئات المعارض المحلية والعربية والدولية.
وما تسعى اليه نجاة مكي من تحصيل اكاديمي عال إلى جانب مسعى محمد يوسف علي.. كل ذلك يؤكد اندماج شخصيته وذات المبدع الاماراتي بالسعي إلى التميز والتفوق ونزع الاعتراف من الآخر بالدور الذي يحققه الفن التشكيلي في مجتمع الامارات والاشارة إلى الفهم العميق للتحولات التقنية والمعلوماتية التي تطال الفنون الانسانية.

نور 03-13-2008 04:09 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
الدادائية.. فن الرافضين

لقد فقدنا الأمل في أن يحقق الفن غرضه في مجتمعنا وقد حز في نفوسنا كثيرا الوضع المشين الذي نعاني منه
مارسيل يانكو أحد أقطاب الحركة الدادائية

مدخل
دادا - الداداوية - الدادائية وكذلك الداديزم مسميات لحركة جريئة وخالدة وباقية بقاء الفن والأدب في حياة البشر وهي حركة شكلها وقاد فاعلياتها الشاعر الروماني تريستان تزارا ( 1896 - 1963 ) في سويسرا احتاجا علي اندلاع الحرب العالمية الأولى .

http://univers-art.arabfunart.com/dada1.jpg


تميزت هذه الحركة عن غيرها من المدارس الفنية والأدبية التي سبقتها بمحاولة التخلص من قيود المنطق المعتادة والعلاقات السببية في التفكير والتعبير وكان من مهمتها الكبرى التخلص من كل ما يعوق الحرية ويكبح جموح التلقائية في التعبير والإبداع الفنيين .
وعند الدادئيين أن ترسم ليس المهم أن تستخدم الريشة والخطوط والأصباغ بل عليك أن ( تخربش ) كما يروق لك أو تلصق صحيفة أو أعقاب سجائر أو أحذية قديمة مع خوذات عسكرية مهشمة أو علب مواد غذائية فارغة هذه لوحة .

والسؤال !! ما هي البواعث التي أدت إلى ظهور هذه الحركة النشطة والتي استقطبت حولها مظاهر الإعجاب والتشكيك ومواقف القبول والرفض .

الدادا والحرب العالمية الأولى
تتفق جميع المصادر التشكيلية عند رصدها لهذه الحركة أنها قامت أساسا كموقف احتجاج علي اندلاع الحرب العالمية الأولي تلك الحرب التي أًهدرت فيها الطاقات البشرية وقُتل خلالها الرجال وقاسوا مصائبها وتشظي الرصاص في أجسادهم ثم ماتوا وهيل عليهم التراب أو غرزت علي بقايا عظامهم النصب حين يعثر رفاقهم علي جثث يدفنونها .
ففي أواخر عام 1914 كانت نوعية الحرب الدائرة قد تقررت واتخذت لها إطارا متميزا عن كل حرب سابقة إذ اتضح أنها لم تعد حرب نصر حاسم سريع ولا قتال بضعة أسابيع أو شهور ! كلا . لقد ظهر لكل قائد عسكري في أي هيئة أركان مشتركة في الحرب أنه يواجه حربا طويلة الأمد لا نصر فيها فالخنادق لا تتزحزح وكل هجوم مباشر عليها مكتوب له بالفشل .
وككل حرب علي نطاق واسع قذفت إلى الخطوط الخلفية بشيئين أثنين من صنف البشر . أولهما حطام من يتحملون مشاق الطريق قبل أن يموتوا . وثانيهما فئات المشوهين وذوي العاهات الذين تقعدهم عن العمل . وكان النقص في خطوط القتال والمجهود المدني في حاجة إلى تعويض وهذا التعويض تمثل في البالغين الذين يُستدعون إلى الالتحاق بالجيش طالما توفر منهم بيد أن هولاء سرعان ما نزح عددهم لان آلة الحرب كانت تلوك القتلى فتحولت الأنظار إلى الصبيان وطُلب إليهم الانخراط في الجيش مرة باسم الدفاع عن شرف الوطن ومرة أخري بدعوة ضرورة الإخلاص للملك والتاج .
وبمثل هولاء الصبية وذوي العاهات ظلت الجيوش المتحاربة يتضخم عددها بإمدادات جديدة حتى عام 1916 ثم أخذت جميعا أما في الثبوت مع تدني مستوي العمر أو الانكماش التدريجي المحتوم ¥ كما نتج عن حاجة الجبهات إلى العتد أن أقيمت مصانع الذخيرة في مختلف أنحاء أوربا .. وطبيعي أن أصحاب المال هم الذين أقاموها طمعا في ازدياد ثرواتهم فكان من مصلحتهم أن يطول أمد الحرب ويستهلك الجنود ما تشتريه حكوماتهم وبمعني آخر صار من سياسة هولاء ترويج صناعة الموت والمتاجرة بالأرواح .
http://univers-art.arabfunart.com/dada5_becabia.jpg


اثر هذا الوضع تحول اقتصاد أوربا إلى اقتصاد عسكري وظهر إلى الوجود أنظمة توائم ذلك . فالعمال اُقنعوا بالمعروف أو اُجبروا بالتهديد بالحبس أو الوصم بالخيانة العظمي بان يتحولوا إلى آلات في المجهود الحربي وطُلب منهم أن يتناسوا مستوي حياتهم العادية في أيام السلم وأن يغفلوا تماما عن طموحاتهم .
والموظفون خضعوا لتعليمات الانضباط الرسمي ومجالس التأديب التي يعقبها قطع المرتبات إذا عاندوا والفلاحون أصبحوا مضطرين للعمل والقبول بتسعيرة الدولة . كل هذا لتزيد من أرباح الرأسماليين وتتضخم ولم تكتف الحرب العالمية الأولي بإبراز قضايا عسكرية واستراتيجية واقتصادية بالغة الأهمية وإنما انتقلت إلى الميدان الاجتماعي أيضا . فقد واجهت الحكومات المتحاربة تموين عائلات الغائبين في الميدان والتعويض عن المشوهين العائدين علاوة علي تفشي الانحرافات الخلقية وشاع بين الناس التذمر الصريح بعدم الرضا وتمثل ذلك بشكل واضح في قيام الدادائية والاحتجاج علي ما يحدث بالفن المشاغب والأدب غير المألوف .

تريستان تزارا .. مرة أخري
عند اندلاع الحرب العالمية الأولى تنصل ( تريستان تزارا ) من أعباء التجنيد في الجيش الروماني وفر هاربا عبر الأودية والبحيرات والأحراش إلى أن وصل إلى سويسرا البلد المحايد في تلك الحرب واستقر به المقام في مدينة زيورخ وألتف حوله لفيف من صعاليك الفن والأدب المناوئين للحرب .
وكان في زيورخ ثمة حركتان تُعدان الخطط المتوهجة لتغيير شكل هذا العالم ¥ ففي شقة رقم (12) في شارع شبيغلغاسة كان : لينين وبعض رفاقه يعدون لثورة تهدف إلى القضاء علي النظام الطبقي وإلغاء الحروب الاستعمارية .
وبمحض الصدفة وفي الشقة رقم (11) بنفس البناية والشارع يجتمع فنانون وأدباء هاربون أو منفيون من بعض بلدان أوربا المتحاربة .. اجتمعوا هولاء الصعاليك ليعبروا عن استنكارهم لهذه الحروب الطاحنة ويسفهوا الدول المتصارعة التي تدعي الحضارة والتي تأكل بعضها بعضا اجتمعوا بهدف رفض كل مظاهر الثقافة السائدة وفي مقدمتها الفن .

عند الساعة السادسة من مساء يوم : 6 . 2 . 1916 ولدت في مقهى كافيه دي لاتيراس في مدينة زيورخ كلمة : دادا - DADA ولقد صرح تريستان تزارا فيما بعد قائلا :
لقد ولدت كلمة دون أن يعرف أحد كيف كان ذلك .


تعدد معاني كلمة : دادا
في لغة الشاعر تريستان تزارا الرومانية تعني : أجل .. أجل . وفي الفرنسية إشارة إلى لعبة من لعب الأطفال علي شكل حصان خشبي هزاز وتستعمل الكلمة في الألمانية للدلالة علي السذاجة والغفلة والإيطاليون يطلقونها علي زهرة النرد وأحيانا الأم .
وفي بعض مناطق أفريقيا السوداء يسمون ذنب البقرة المقدسة : دادا . وفي الكثير من اللهجات العامية العربية تسمي المربية ومرضعة ولد غيرها : دادة .


http://univers-art.arabfunart.com/dada4.jpg

الملتقي الأول للدادائيين

تأسس هذا الملتقي تحت اسم : كاباريه فولتير - ليسلي رواده ويقدم لهم أوجهًا من النشاطات الفنية والأدبية للسخرية من الحرب والنعرات القومية .
ويعرض تاريخ هذه الحركة أيضا إلى رجل ينتمي إلى بلد المفكرين والشعراء والموسيقيين الكبار( ألمانيا ) رجل طويل القامة بإفراط هزيل البنية اسمه : هوغوبال جاء إلى سويسرا عند نشوب الحرب العالمية الأولي مع صديقته : إيمي هينغز التي تجيد الغناء وإلقاء الشعر .
أما هوغوبال نفسه فكان فيلسوفا وروائيا وشاعرا وصحفيا وصوفيا وهو في كلمتين ( صعلوك مثقف ) وعندما لاحت لهذا الصعلوك فكرة إنشاء هذا الملتقي أتصل بشخص يدعي : أفرايم يمتلك صالة ليلية باسم : مييري ليجعل منها : ماخور ثقافي إذا جاز التعبير . فلبي : أفرايم طلبه وعلي الفور ذهب هوغوبال إلى معارف له من الشلة الدادائية وأخذ يقول للواحد منها :
هل لي بلوحة أو صورة .. قصيدة أو منحوتة بهدف إقامة أول ملتقى يجمع شتاتنا نحن الصعاليك .

ولم يكتف بذلك بل قصد بعض دور الصحافة في زيورخ لينشروا له إعلانات بالمناسبة، وفي الخامس من شهر فبراير 1916 تم تدشين كاباريه فولتير واشتمل المعرض الأول علي أعمال من بيكاسو قام بجلبها له : هانز آراب وتخلل ذلك أمسية روسية ألقيت فيها أشعار من بولنير وماكس جاكوب ورامبو وغيرهم .
وفي نفس العام صدر العدد الأول من مجلة : دادا وكان الشاعر تريستان تزارا رئيسا لتحريرها والمخرج الفني لصفحاتها وقد دعي للكتابة فيها كتاب وشعراء كبار من خارج سويسرا من أمثال أراغون - ايلوار - برايتون - سوبو .
وساهم في عروضها التشكيلية الموالية كل من بيكاسو - مودلياني - كاندنيسكي ولم تتوقف مجلة : دادا عن الصدور وكانت كعادتها تطبع بطريقة مشوهة .

في السابع من شهر مايو عام 1920 صدر العدد السابع ومن مقدمته نقتطف الفقرة التالية :
اصرفوا بأسنانكم .. اصرخوا .. اركلوني علي أسناني .. ثم ماذا !! لن أكف عن أن أنعتكم بأنصاف الموهوبين وبعد ثلاثة أشهر سوف نبيعكم أنا و أصدقائي صورا ببضعة فرنكات .

وهكذا راح الدالدئيون يواجهون العالم بكل ما يمكن أن يهزه من تخريب وافتعال الضجة والضحك علي الذقون والضحك فقط في غالب الأحيان ناهيكم عن الغطرسة والإساءات والإهانات والفضائح الفاقعة والسخرية من ذواتهم ومن الآخرين
http://univers-art.arabfunart.com/dada2_hanz.jpg


وذات مرة أعلن الدادئيون في باريس عن بيان يتلى علي الناس في تاريخ معين وبدلا من هذا البيان قرأ : تزارا مقالا من صحيفة اختيرت بحسب الصدف بينما كان بول ايلوار و تيودور فرنكل يقرعان الأجراس .

قصيدة الصدفة
أو بالأحرى قصيدة من غير شاعر وكنموذج من هذا الشعر تناول : تزارا بضع مقالات من صحيفة يومية تافهة وقصها قصاصات صغيرة لا تزيد مساحة الواحدة منها عن معدل الحيز الذي تشغله الكلمة ثم وضع الكلمات المقطعة في كيس دقيق فارغ وخضها جيدا ثم تركتها تتناثر علي طاولة والترتيب أو اللاترتيب للكلمات سوف يؤلف برأي تزارا قصيدة من نظم الصدفة .

فوتوغرافيا دادائية
وفي مجال التصوير الفوتوغرافي كان أحد المصورين الدادئيين يقطع رحلة بين دوسلدورف وكولن في ألمانيا بان ثبت آلة التصوير في نافذة القطار وطفق يلتقط الصور كيفما أتفق كل خمس دقائق وشكل بترتيبها العشوائي فيما بعد أول معرض فوتوغرافي دادائي .
وحصل مع الموسيقي ما هو افضع من قرع العلب المعدنية الفارغة والطلقات النارية الحية مكان الإيقاع والنباح والعويل بدل الغناء .


الفولغا يصب في بحر قزوين
أما الكتابة التلقائية فأطلق لها العنان العبثي والصدفة واللاوعي وحل اللانظام محل النظام واللامنطق مكان المنطق والعفوية والبراءة سدت المنافذ في وجه التزمت والتصنع وفي الكتابة التلقائية أيضا ينبغي للمرء أن يكتب كما يقوده قلمه من غير أن يبحث عن الكلمات المناسبة أو الالتزام بقواعد النحو وتصريف الأفعال .
وتعتبر رواية : الفولغا يصب في بحر قزوين للكاتب بيليناك رواية كولاجية إذ ادخل بين أحداثها نصوص قصيرة مقتطفة من الصحف وقصاصات الأخبار وعناوين الإعلانات وتخلي بذلك عن الواقعية الموضوعية ذات الخط الواضح لقاء بحث جمالي وفن يلعب علي مستويات مختلفة . والفنان الدادائي - بيكابيا يري:
أن الجمال يمكن أن يولد من اتحاد أشياء غير متوقعة أكثر من غيرها بشرط أن تكون اليد التي تجمعها يد فنان .

البيان الدادئي الأخير
http://univers-art.arabfunart.com/dada3_dochamb.jpg



في منتصف شهر مارس عام 1922 وبحضور أقطاب الدادائية القي تريستان تزارا كلمة البيان الأخير لهذه الحركة نورد منها أهم الفقرات المثيرة للتأمل :
إن دادا تشق طريقها وهي ماضية لا في التوسع بل من أجل تخريب ذاتها وهي لا تبغي أن تتوصل إلى نتيجة أو تكسب مجدا أو فائدة عبر جميع إرهاصاتها المقرفة فقد كفت نهائيا عن الكفاح لأنها تدرك أن ذلك لا يخدم غرضا ما .

توقف تزارا برهة وابتلع ريقه .. جال ببصره علي وجوه رفاقه من شراذم الثقافة المحبطة تنهد وواصل تلاوة البيان :
إن دادا كانت حالتنا الذهنية الساخرة وكانت للرافضين من أمثالنا نقطة الارتكاز التي تلتقي عند نعم وعند لا وتحتوي كل المتناقضات السائدة ولان دادا كانت لا تؤمن بشيء فقد انتهت وانتهت لأنها لم تؤمن حتى بمبادئها .

في أثناء هذا البيان كان : دونزيرغ يذرف ابتسامة ساخرة وهانز آراب يعبث بلسانه في شاربه الدقيق وكان هانز ريختر يتقيأ آهاته وجعا بين وقت وآخر .
والدادائية التي حملت مشعل : بروميثيوس لتشعل الحرائق في كل مكان كانت من أكثر الحركات الفنية انتقائية وكانت تكره أن تلبس ثوبا واحدا وتكره أن تلبس الثوب أكثر من يوم واحد .. كانت ضد كل حالة كانتها وتكونها وضد الفن ثم ضد الفن المضاد وضد الصدفة وضد الصدفة المضادة ومن بين أنقاض وركام الصرح الدادائي المنهار انبثقت حركة أخري تولي زعامتها الشاعر الدادائي السابق : أندريه برايتون ليصبح وحده أكبر داعية للتجافي عن العقلانيات والمنطق والتنظيم مستجيبا لكل ما هو من الحلم واللاوعي والأشباح والطلاسم والرموز وأطلق علي حركته الجديدة اسم السريالية أو ما يعرف في لغتنا العربية بـ : ( السمو واقعية ) ليجعل منها وقفا علي المثقفين ولكن أي مثقفين .. انهم المثقفون الذين تلاعبوا في مجريات حركة المد والجزر وتصرفوا في عدد نبضات القلب و ألوان قوس قزح وما يستقر في مكنون العقل الباطن وسراديب الأحلام.


نور 03-13-2008 04:11 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
الفن التشكيلي الليبي


إذا أردنا أن نتتبع مسيرة حركة الفنون التشكيلية في ليبيا، فلا بد أن نتوقف لإلقاء نظرة ولو موجزة عن الأحداث http://univers-art.arabfunart.com/libyan_art1.JPG

التاريخية التي مرت بهذا البلد، ولنبدأ بمطلع القرن الحالي حيث كانت ليبيا ضمن المطامع الاستعمارية التي تقاسمت العالم، وكانت إيطاليا قد وضعت عينها على هذا البلد حتى يكون شاطئا رابعا لها، خصوصا بعد تهالك الدولة العثمانية تلك الدولة التي أكلت الأخضر واليابس ولم تترك من بصماتها إلا الفقر والجهل والمرض. وهكذا أصبحت ليبيا فريسة لغزو إيطالي وحشي لا يرحم ودفع الشعب الليبي الأعزل اكثر من نصف سكانه وسجل بطولات نادرة شهد بها الأعداء وجابت القوات الايطالية البلاد شرقا وغربا وجنوبا لتدمير ما تبقى. وما كادت الحرب الإيطالية تضع أوزارها حتى بدأت الحرب العالمية الثانية، وكانت الأرض الليبية مسرحا لكر وفر القوات المتناحرة التي تتصارع على اقتسام العالم كالوحش على فريستها، ولم يكن لأهل البلد في هذه الحرب ناقة ولا جمل.
في هذه الأحداث المأساوية الداكنة، كانت الحياة فوق هذه الأرض شبه مستحيلة، القتل والتشريد، الهجرة، المطاردة بالإضافة إلى قسوة الطبيعة حيث أن اغلب مساحة البلاد صحراء بحار من الرمال، بلا ماء بلا عشب، فلا استقرار ولا عيش كريم.
ومن المعلوم أن الحياة التشكيلية لا توجد إلا في كنف الاستقرار ولا تزدهر إلا في ظل العيش الهني ، لهذا فان إنسان تلك الفترة لم يقم بأي نشاط ثقافي يذكر، وأنى له ذلك ومن نجا منهم فهو يعيش من اجل البقاء أن كان قادرا على التنفس.
تلك فترة من الزمن مرت بكل بشاعتها وقسوتها ثم هدأت، أصوات المدافع والبنادق وتلاشت رائحة البارود، ثم يفاجأ الليبيون مرة أخرى بأنهم تحت سيطرة أخرى، قواعد أمريكية وبريطانية، وجالية إيطالية وعالق الليبيون سنوات الرماد بعد سنوات الجمر. انشأ الإيطاليون أثناء بقائهم بعض المباني الإدارية والسكنية. كان تأثير المعمار الليبي واضحًا فيها. "فندق عين الفرس " بواحة غدامس " دار قولبي " بطرابلس المتحف الإسلامي حاليا.
http://univers-art.arabfunart.com/libyan_art2.JPG



شيد الإيطاليون الكنائس ورسموا عليها بعض الأعمال كما في كنيسة القديس فرنسيس. وكان بعض الرسامين الإيطاليين يقومون برسم الدعاية التجارية والسياسية وأغلفة المجلات، وظهرت في الميادين بعض الأعمال الفنية منها " نافورة الخيول " بميدان الشهداء بطرابلس " نافورة الغزالة " ومشا هد ا استعمارية " الذئبة وأبناؤها " وهذه أزيلت ووضع مكانها تمثال لفارس من ليبيا. ونقل تمثال " سبتيموس سيفروس " إلي مدينة لبدة الأثرية مسقط رأس الإمبراطور.
طبعت بعض الصور البريدية لمشاهد من المدن والقرى والأرياف مرسومة بالألوان المائية.
سيطر الإيطاليون على مدرسة الفنون والصنائع الإسلامية وهيمنوا على إنتاجها وخصوصا الإنتاج الخزفي وسخروه لخدمة أغراضهم ا لاستعمارية.
رغم كل العواصف العاتية وسنوات الرماد الكئيبة استطاع الشعب الليبي أن يصمد ويضمد جراحه ويبدع فحافظ على أصالته في المدن والقرى والأرياف والواحات وتحت الخيام في مجاهل الصحراء، كانت الفنون التقليدية كالزخرفة والتطريز وصناعة البسط والكلم والمرقوم وملابس الرجال والنساء والأحذية، صناعة ا لسروج والحصر والأدوات التقليدية المستعملة من سعف الخيل وغيرها من المواد، تفننوا في زخارف ا لبيوت والأدوات المنزلية، حافظت العمارة على جمالها وبساطتها في المباني والبيوت والمساجد والخلوات الصوفية حتى امتدت يد المعماري الفنان إلى أن تتقن حتى في مصادر المياه لتبدع شكل انسيابية بهندستها وجمالها وبساطها.
في تلك الفترة تأثر بعض الفنانين التشكيليين من تلك الأشكال والمعطيات والأساليب وكان من الذين تأثر بذلك المرحوم/ المهدي الشريف ا والمرحوم محمد الارناؤوطي، وابولقاسم فروج ثم خرج جيل آخر وخصوصا بعد فتح المدارس الثانوية العربية .
ثم توالت المواهب فكان في طرابلس الفنان محمد البارود والفنان عبد المنعم بن ناجي والفنان الهاشمي دافيز والفنان على القلالي. كان الفنان محمد الباروني عصاميا ومحترفا للرسم إلى اليوم وكان له مرسم خلال الستينات والسبعينات على شاطئ جنزور ثم استقر به المقام رساما في بيته أما الآخرون فقد تم حصولهم على بعثات دراسية إلي الخارج في مجال الفنون وانهوا دراستهم وعادوا ليساهموا في إثراء الحركة التشكيلية كل حسب تخصصه واختياره.
كذلك، التحق الفنان على سعيد قانة ببعثة دراسية في فن النحت والرسم. الزيتي فبجداري والتحق الفنان مصطفى الخمسي، والتحق الفنان الطاهر الأمين المغربي، والفنان محمد عبد الحميد الصيد والفنان احمد الشريف والفنان المرحوم احمد الحاراتي والفنان عبد السلام المرابط. الفنان محمد عزو والفنان على ارميص والفنان يوسف كافو http://univers-art.arabfunart.com/libyan_art3.JPG



والفنان على مصطفى رمضان والفنان محمود الشريف والفنان محمد شعبان.
وبعدما انهوا دراستهم الاكاديمية بدأوا يعودون تباعا منهم من تحصل على درجات متفوقة عادوا ليا خد كل منهم مكانه بين صفوف مجتمعهم سواء بالتدريس بالجامعات والكليات والمعاهد أو التحقوا بالدوائر التي تهتم بهذا المجال.
تأسس نادي الرسامين سنة 1960على يد مجموعة من الهواة ومحبي هذا الفن وكان مقره مغمورا بإحدى الفرق المسرحية سرعان ما تركوه لمجموعة من الشباب من-الجيل الجديد الذين تألقوا في المعارض المدرسية والمهرجانات الشبابية، منهم على العباني أحمد المرابط، محمد الحاراتي خليفة التونسي، محمد الساعدي يوسف القنصل، فتحي الخراز والصيد الفيتوري كانوا أعضاء في إدارة النادي وكان يتردد على النادي مجموعة من الهواة منهم احمد ابوصوة مفتاح أبو طلاق، احمد التركي، عبد القادر المغربي، على عامر، عمر سويدان بالإضافة إلى مجموعة من الشباب محبي هذا الفن وقد قاموا جميعا رغم الإمكانيات المتواضعة لعدة نشاطات جماعية ومعارض بجناح خاص بمعرض طرابلس الدولى سنويا وأقاموا معرضا بنادي الهلال بمدينة بنغازي. أقام الفنان الطاهر المغربي قبل أن يوفد للدراسة مع الفنان محمد عزو والفنان الأمين المرغني أقاموا بمدينة طرابلس المعرض الليبي الأول.
أسس الفنان على سعيد قانة قسم الفنون التشكيلية بالجامعة بمدينة طرابلس واسهم في تخريج العديد من الفنانين سواء بقسم الفنون أو العمارة وكانت له إسهامات جادة بنادي الرسامين .
عاد الفنان الطاهر المغربي بعد منتصف الستينات وكان له إسهام طيب بنادي الرسامين وترأس إدارته إلى أن قام هو ومجموعة من الفنانين منهم- على العباني على أرميص خليفة التونسي ا المرحوم على بركة قاموا بتأسيس دائرة الفنون الجميلة بوزارة الثقافة تلك الدائرة التي كانت امتدادا طبيعيا لنادي الرسامين التي انتهت مهمته في تلك الفترة. أقامت دائرة الفنون هذه عدة معارض جماعية ومسابقات فنية ورصدت عدة جوائز في مجال الفنون التشكيلية والخط والزخرفة، ووضعت للفنون التشكيلية المفهوم الصحيح، واستضافت معرض السنتين العربي بمدينة طرابلس سنة 1960
تم إصدار كتاب " تأملات وأضواء " على مصطفى رمضان الطاهر المغربي- على العباني -
تم إصدار " تأملات في المعمار الإسلامي في ليبيا على مصطفى رمضان-
بعد قيام الثورة المجيدة في صباح الفاتح من الشهر التاسع سنة 1969 وتسلم الشعب زمام أموره لم تمر سنة http://univers-art.arabfunart.com/libyan_art4.JPG



حتى تم طرد القوات الأمريكية والبريطانية وطرد الجالية الإيطالية التي كانت جاثمة كالكابوس على صدر الشعب.
تم توالت البعثات الدراسية التحق الفنان بشير حمودة ، ثم على العباني يوسف القنصل، والمرحوم مسعود الباروني التيجاني احمد زكي ، فتحي الخراز ثم عمر الغرياني ، سالم التميمي / محمد الشريف، ، فوزي الصويعي ، عياد هاشم.
من الفنانين الذين كان لهم نشاط بارز في مدينة بنغازي حسن بن دردف عمل رئيسا لدائرة الفنون التشكيلية ا بنغازي- والفنان ا احمد أبو ذراعه رئيسا لقسم الفنون بالجامعة الفنان محمد استيته مدرسا بجامعة بنغازي - اسمهان الفرجاني خريجة كلية الفنون القاهرة الفنان محمد سويسي رئيس قسم الفنون بمدينة درنة وغيرهم من الشباب الواعد الذين لا يتسع المجال لذكرهم.
كان الفنان عبد السلام النطاح والفنان المرحوم مسعود لباروني يمثلون ثنائيا منسجما يحترفون الرسم إلى جانب تدريسهم لهذه المادة وكان ثالثهم الفنان حسين الجواشي الذي كان تدريسه للرسم يأخذ كل وقته وجهده.
أما مجموعة مدينة الزاوية فهناك الفنان عمران بشنة والفنان عبد الصمد والفنان ا محمد الاصقع وعيرهم من الشباب. كان محور الإنتاج الفني منذ بدايته محاكاة للواقع.
افتتن الفنانون بالريف الجميل البكر، والحياة الشعبية الوديعة، والحنان العائلي الرائع الذي ضم الأسر بعد سنوات البعد والتشرد رد، وكان دفء المعاملات الحميمة بين الناس في المدن والقرى والضواحي، في الأسواق والشوارع في الحارات والأزقة كانت الصحراء بواحاتها ونجوعها- بخيلها بفرسانها وبجمالها وكانت الأرض الطيبة بضوئها وظلها بشمسها الساطعة وليلها المتوج بالقمر والمرصع بالنجوم ببحرها الغضوب شتاء والرقراق في كل صيف بسحبها الحبلى بالخير والعطاء بنخلها وزيتونها برمانها وريحانها، وبتراثها وانتمائها بميراثها الحضاري وأصالتها.
كان ذلك كله هو النبع الذي ارتشف منه الفنان رحيق إبداعه ليحيله إلى لوحات تجسد ارتباطه بأرضه وقيمه ولاقت هذه الأعمال استحسانا داخل البلد وخارجه بالمعارض الجماعية و لفر دية.
وكان هناك جانب آخر للحركة التشكيلية وهو جانب الفن الساخر " الكاريكاتير" وهو جانب مهم جدا كان له التأثير القوى في الحياة الاجتماعية والثقافية في ليبيا.
وقد مر الفن الساخر بنفس الظروف المذكورة كانت أيضا هناك مجموعة من الفنانين تناضل من اجل أن تعبر عما يجيش في أعماق الناس ولان الرسم الساخر اكثر تأثيرًا في الظروف السياسية وخصوصًا في المجال الصحفي
فقد انفردت ثلة من ممارسي هذا الفن من الأوائل منهم الأستاذ فؤاد الكعبازي/ الفنان محمد شرف الدين والأستاذ محمد أمين شقليله والفنان عبد المجيد الجليدي، صالح بن دردف وتأكد مفهوم هذا الفن في نفوس الناس حينما بدأت ريشة الفنان محمد الزواوي تشهر نفسها مع مطلع الستينات كان الفنان المبدع محمد يسلط الضوء على السلبيات السياسية والاجتماعية كان الفنان محمد الزواوي عصاميا شق طريقه بكل قوة ومع مرور الأيام أسس مدرسة قائمة بذاتها تؤكد عالميتها في هذا المجال والفنان محمد الزواوي يحن إلى الرسم الواقعي في كثير من الأحيان . وقد أبدع بعدة أعمال فنية رائعة لها خصوصيها وهو يستمد أعماله من واقع الحياة الشعبية الليبية.
http://univers-art.arabfunart.com/libyan_art5.JPG



وظهرت مجموعة أخرى من الشباب أجادت الرسم الساخر وقد تم نشر مجموعة من الأعمال على صفحات المجلات والجرائد كان منهم من تأثر بمدرسة الفنان محمد الزواوي ومنهم من كانت له شخصيته المستقلة، ومن الفنانين الذين أبدعوا في هذا الفن ا محمد عبية ا محمد الشريف ا الفنان المهدي الشريف سبق ذكره في أول المقال . د ا عياد هاشم التيجاني احمد زكري - وهؤلاء يجيدون الرسم الواقعي وأقاموا عدة معارض فردية ومشتركة والفنان محمد نجيب واحمد ابوقريفة ، عوض القماطي وعبد الرحمن بحيري- وغيرهم.
زادت دائرة الفنانين التشكيليين اتساعا وأدت الكليات والمعاهد دورها في أقسام الفنون التشكيلية وتخرج الكثيرون من الجيل الجديد وضاقت أقسام الكلية بالراغبين للالتحاق لدراسة هذه الفنون الأمر الذي عجل قبل نهاية
الثمانينات بانشاء كلية الفنون الجميلة والإعلام وهو حلم راود الكثير ، ومع مرور ا لسنوات بدأت دفعات من الجيل الواعد تتخرج تباعا من كل فروع وأقسام الكليات والمعاهد الأخرى ذكورا وإناثا سيذكرهم المستقبل كل حسب نجاحه.
أدت وحدات الفنون التشكيلية فيمدن الجماهيرية بدور كل منها حسب إمكانياتها المتاحة.
وقدمت وحدة الفنون التشكيلية بطرابلس معرضها السنوي سنة 1989- 1995 الذي ضم مجموعة طيبة من الأعمال الفنية للفنانين العاملين بالوحدة في تلك السنة وهم- الطاهر المغربي- احمد المرابط و على العباني و عبد الفتاح إسماعيل و التيجاني زكري وعمر الغرياني و فوزي الصويعي و سالم التميمي ومرعي التليسي.
أنشئت الدار الليبية ولها قاعة عرض جميلة بمجمع ذات العماد كانت جهود الفنان ا على مصطفى رمضان في إنشائها واضحة وطيبة.
أنشئت دار الفنون بشارع السابع من نوفمبر بطرابلس وكانت أيضًا لها قاعة جميلة وكانت جهود الفنان على مصطفى رمضان والفنان فوزي الصويعي مع ثلة من محبي هذا الفنان واضحة وقد تم بالدارين المذكورتين عدة معارض جماعية وفردية ذات مستوى رفيع .
أنشئت عدة قاعات خاصة بمختلف المدن الليبية.
تطور العمل الفني واصبح اكثر رصانة وأجود تقنية وافضل إبداعا وأوسع وعيا، لم تمر مناسبة وطنية أو قومية إلا وكان للفنانين إسهامات جادة بها، أقيمت المعارض المتنوعة الفردية والجماعية ساهم الكثير منهم بتصميم العديد من الأوسمة والأنواط والشعارات، رسمت الملصقات والتصاميم اقتنيت الكثير من الأعمال الأصيلة ثم استنساخ العديد منها.
دخلت اللوحة الفنية إلى الفنادق والأروقة والدوائر والبيوت، ثم إنجاز الكثير من الأعمال الجدارية. ارتفعت قيمة العمل الفني بعدما كان يباع للسائحين برخص التراب.
كل ذلك لم يكن عملا سهلا بل على العكس تماما فقد ناضل الرواد ومن تبعهم بجهد لا ينقطع وصبر لا ينفذ وعزيمة لا تلين.
هذه ومضة مختصرة وشريط عابر عن مسيرة الفنون التشكيلية في ليبيا، قد أكون نسيت الذين لم تسعفني الذاكرة على تذكرهم فأرجو المعذرة من الذين لم أتتذكر، وكل ما يهمني في هذا السرد لحركة الفنون التشكيلية التي كان في الماضي اسمها مغمورا وطلسما لدى الكثير أصبحت اليوم تبشر بمستقبل زاهر. وهذا أيضًا طموح كل المحبين لهذا الفن الرفيع في هذا البلد الجميل.

نور 03-13-2008 04:13 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
عصر النهضة

http://univers-art.arabfunart.com/nahda.jpg

عصر النهضة ، عصر الاكتشافات الجغرافية ، عصر العلم، والتشريح، والطب، فنان هذا العصر، تميز بالرؤية المتحررة للطبيعة (حسب رأي الدكتور أكرم قانصوم) حيث أدخل إلى جانب الموضوعات التي كانت سائدة : من دينية، وصوفية، موضوعات جديدة من الطبيعة والحياة اليومية.
كذلك، ساهم الفنان آنذاك مساهمة فعالة في تقدم العلم وازدهاره (كاليوناردو دافتشي) الذي اهتم بعلم التشريح، والفلك، والمنظور، والرياضيات، إلى جانب التصوير والموسيقى.
أما العمارة في عصر النهضة، فقد اتجه بها الفنانون نحو الفن الكلاسيكي، وطعموها بفن العمارة الرومانية : كالأعمدة الدورية والأيونية والكورنثية، ظهر هذا الفن في مدينة روما، والبندقية وفرنسا. ويلاحظ أنه في القرن السادس عشر. ومن أهم هذه القصور : قصر اللوفر في فرنسا، وظهر أيضا طراز الباروك، الذي اعتمد على الزخارف وطراز الركوكو، حيث زادت العناية بالزخارف، مع الإفراط بالانحناءات والتشابك.
أما في النحت، فقد بدأ في إيطاليا، حوالي القرن الرابع عشر، على أيدي بعض الفنانين : أمثال جيبرتي ودوناتللو إلى أن ظهر أخيراً ميشيل أنجلو الذي صمم قبة كنيسة القديس بطرس بروما.
في الرسم والتصوير الفني، بدأ هذا الفن مع تباشير النهضة ضمن كيان خاص، بعد أن كان في خدمة العمارة، وأول رواد عصر النهضة من المصورين : الفنان جيوتو.
إلا أن التصوير النهضي تنوع حسب تنوع الأقاليم، والمناطق : فمثلا التصوير النهضي في الشمال، اعتنى بالأجزاء والتفاصيل والتصوير الألماني، اهتم بالحفر على الخشب. والفلمنكي ، أهتم بالصور الشخصية، والمناظر الطبيعية، والتصوير الفرنسي، بقي قاصرا على الموضوعات الدينية، وصور الملوك. كذلك التصوير الانكليزي والتصوير الأسباني الذي كان من أهم رواده فلاسكز وغويا. الكلاسيكية
http://univers-art.arabfunart.com/asralnhda3.jpg


تعتبر المدرسة الكلاسيكية الأساس المتين لبدايات الفن التشكيلي حيث تعتمد على الرسم الدقيق للأشكال وغالباً ماتكون الموهبة فيها مفيدة بخطوط قواعدية لا يجوز الخروج عنها.
بدأت الأضواء تتسلط على الكلاسيكية منذ عصر لويس الخامس عشر ويرى بعض المؤرخين إلى أن صديقة الملك يوميا دور هي التي لفتت الأنظار إلى ذلك الفن، حيث أن الاهتمام بالكلاسيكية صار يضمحل بعد وفاة لويس عام 1774 وذلك بعد أن أشرفت ماري أنطوانيت زوجة الملك لويس السادس عشر على شؤون الفن في فرنسا. ولكن الكلاسيكية عادت لتستعيد مكانتها بعد قيام الثورة في فرنسا وإعدام الملك عام 1793. ويعتبر جاك لويس دافيد هو رائد الكلاسيكية الحديثة وكان معه عدد من الفنانين مثل انفروغرو وجيرار وشافان. واشتغل دافيد بالسياسة. واشترك في الأحداث التي مهدت لاندلاع الثورة ثم تعين عضواً في الاكاديمية الملكية عام 1781 وصار يستقي مواضيعه من القضايا الوطنية. ثم اتجه لرسم لوحات إعلامية تمثل ضحايا الثورة الفرنسية وبعد أن وصل دافيد إلى أعلى المراكز السياسية عاد ليخبو من جديد عام 1794 بعد أن خارت القوة السياسية لأحد أصدقائه، وانكفأ بعيداً في مرسمه إلى أن أعاده نابليون للأضواء من جديد لكنه ما لبث وتوارى مجدداً بعد نفي نابليون.
اشتهر عن دافيد تسلطه في فرض أسلوبه الكلاسيكي على الفنانين الناشئين ورغم كل الانتقادات التي وجهت له إلا أنه يظل يصنف في خانة الذين أخلصوا للرسم بحالته القواعدية الكلاسيكية.


نور 03-13-2008 04:15 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
الفنون التشكيلية في العالم العربي (1)

في مرحلة حاسمة من تاريخ الأمة العربية والإسلامية كانت الدعوة إلى وحدة الموقف والهدف.. تجمعت كل القوى المحبة والسلام تدعو إلى التمسك بمبادئ الإسلام وتسعى إلى البحث عن جذور الروابط التي توحد بين شعوب العالم الإسلامي والعربي. ودعوة كلها الأمل والثقة في أن لعالمنا العربي جذور واصول تربط بين جوانبه مهما قست الظروف وزادت الخلافات تحت ضغط الصراعات الدولية وينطبق ذلك على كل جوانب الحياة في مجتمعاتنا من الناحية السياسية والاجتماعية والثقافية.. والفنون بكل أشكالها تلعب دوراً هاماً وخطيرا في تهيئة مناخ حضاري يتناسب وحاجتنا إلى التقارب.. وهي الواجهة التي يقيس بها المتخصصون قدرة المجتمعات الإنسانية على التماسك والصمود http://univers-art.arabfunart.com/arab_art2.jpg

أمام دوامة الصراعات السياسية وما ينتابها م توتر إلى نوع من الانضباط النفسي والتوازن الحضاري وقد كانت فترة النصف قرن الماضية هي اكثر المراحل نشاطا وازدحاما بالمتغيرات في بنية المجتمع العربي ولم يخلو ركن من أركانها من نداءات الاستقلال والحرية والتخلص من سيطرة الاستعمار ليس في الجانب السياسي فقط ولكن ذلك يشمل أيضا محاولة التخلص مما فرضته النظم المستعمرة على هذه الشعوب في كل المجالات الاجتماعية والثقافية والتربوية. وكانت الفنون التشكيلية أحد هذه الجوانب بمفهومها الشامل. فقد أخذت حركة الفن التشكيلي في مراحلها الأولى بكل متغيرات الغرب وحسب قواعده وضوابطه الحضارية.. بداية خاطئة تبدو فيها التبعية الغير منضبطة والتي أدت في النهاية إلى ما نعاني منه الآن من أزمة معقدة كلما حاولنا الخروج منها تواجهنا سرعة العصر واندفاعه فنضيع في متاهات نظرية حول الفن والإبداع والشخصية والتراث تؤدي بنا نحو التشتيت وعدم الاستقرار.
وبقدر قسوة الصراع كان إصرارنا على الاستمرار وكان دائما ما يدور في أذهان فناني العالم العربي ما لتاريخهم وتراثهم الحضاري العريق من اثر في بعث نهضة البشرية عبر التاريخ ونجد أنفسنا في النهاية أمام تساؤل هام. كيف أن مثل هذا الماضي العريق والمؤثر 00 لا يؤدي إلى نهضة عربية إسلامية في مجالات الحياة المعاصرة ؟ وهذا ما سوف نحاول الإجابة عليه..
لقد ظلت ثقافة العرب وعلومهم وفنونهم تهيمن على العالم الإسلامي من شرقه إلى غربه وكان لها الاستقرار والازدهار في ظل سلطان العرب وفتوحاتهم الإسلامية التي حملت معها رؤي جديدة للحياة ومفاهيم وفلسفات ثرية بالمعرفة والإيمان ولما كان الفن يعتبر أحد صور الثقافة فقد حمل هو أيضا روح الإسلام المتأصلة في ضمير العروبة مؤكدا أصالته واستطاع بذلك أن يسمو بروحه الكامنة لتشمل تقاليد وثقافات وفلسفات غنت بها حضارات المنطقة.

http://univers-art.arabfunart.com/arab_art3.jpg



المنطقة العربية التي سكنتها أمم عريقة منذ فجر البشرية وحمل التاريخ لنا من خلال فنونهم مدى أصالتهم والتي مكنتنا بدورها من التعرف على مفاهميهم وتقاليدهم والتي كانت تؤكد دائما على وجود وحدة وإيقاع مشترك في كل نواحي الوجود الطبيعي والحياة البشرية ساعد واكد على ذلك خضوعها لمناطق اتصال جغرافية وتركيبه اجتماعية متا شبهة إلى حد كبير وجنسية في أصولها، تشترك دائما في صنع تاريخها وحضارتها وثقافتها، وكانت هناك أيضا شبه وحدة عقائدية يتضح من تداخل أساطيرهم وفكرهم الديني، نخرج من ذلك بحقيقة أن تاريخ امتنا العربية تجمعه وحدة فكرية وحضارية تطورت في صور مختلفة عبر العصور واقتربت من بعضها في مراحل تاريخية مشتركة ساعدت العصور الإسلامية على نمو شخصيتها العربية في ظل الدين الجديد وخاصة فيما يتصل بالمظاهر الحضارية وتكيفها مع الفلسفة والفكر الإسلامي. هذه الوحدة ظهرت وانعكست في كل الظواهر الفنية والتي لازمت الجذور الأولى للامة العربية فكانت أصول الفن الآشوري والبابلي والكلداني لها امتداداتها في الآرامي والفينيقي والذي اقترب هو الآخر وحضارات بلاد الشام مع فنون مصر ولاتي تميزت بالتركيب الهندسي ذو الواقعية الكونية التي تعني في المقام الأول ما يحمل الفن المصري القديم من معاني القداسة والخلود والتي امتدت آثاره بعد ذلك في الفنون القبطية ثم في الفن الإسلامي. أن مثل هذا المفهوم للوحدة ولما تحمله فنون وحضارات منطقتنا من قدرة على التطوير والتحوير في الأشكال الفنية والسمو بها وتوظيفها لخدمة مجتمعاتنا عبر التاريخ لا يمكننا تجاهلها فقد لعبت دورا هاما في خلق شخصية الفن العربي والإسلامي فيما بعد وهي التي يمكننا أن نتمسك بأصولها في رحلتنا مع تطور أساليب التعبير الفني في عصورنا الحديثة مع أخذنا في الاعتبار أن الفنان العربي المسلم كان يهتم بجوهر المحسوسات ما دامت تحملها الأشكال ويبقى عليها خفيه معتمدا على الوحياو بمعنى آخر على الحدس. الأمر الذي سعت إليه الفنون الغربية في مدارسها الحديثة وخروج
http://univers-art.arabfunart.com/arab_art4.jpg

من فلسفات (برجسون) و(كروتشا) والتي كانت سببا في محاولات التقريب التي قام بها المؤرخون في الربط بين الفن العربي الإسلامي وفنون الغرب. وهي نفسها التي أوجدت نوعاً من التقارب بين فنون العرب المسلمون في كل العهود والأقاليم العربية وبما أن لنا مثل هذا التراث العظيم والذي يعتمد في أصوله على قواعد وقياسات بنيت عليها مدارس الفن الحديث الغربية أو بعضها على الأقل فلماذا نجري وراء هذه المدارس والاتجاهات نقلدها ونحن نملك أصولها؟ أن بداية رحلة الفن التشكيلي الحديث والمعاصر في عالمنا العربي لم تبدا بما وصل إليه أجدادنا في نتاجات فنية أصيلة ولكنها بدأت مع ظروف مختلفة وتحت سيطرة فكرية وثقافية دخيلة علينا تأثرنا بها وسرنا على منوالها غافلين عن أن التاريخ يسجل لنا معابرنا الحضارية أثرت فنونهم وساعدت على نهوضها.وبناء عليه فان عملية التنظير للحركة التشكيلية في العالم العربي تمر بطريق وعر تكثر فيه الفجوات حيث نجد صعوبة في إيجاد نوع من التسلسل أو الاتصال بين مراحله، هذا مع الوضع في الاعتبار أن فجوة أو آخر عصر النهضة في أوروبا وعصري الباروك والروكوكو وعصر الشهيرة العربية والتي لازمها تطور في كل مجالات الحياة والبحث والتقدم العلمي لم تلتفت إلى بلادنا ألا باعتبارها مواد للدراسة وكنوزا للاقتناء وبالأخذ من علومنا وفنوننا لا ثراء أوروبا الناهضة أم فناني العالم العربي والإسلامي في هذه الفترة فقد ضاعوا في حرفهم يتقنونها ولا يستطيعون إضافة الجديد إليها فتوقفت عجلة التطور بالنسبة لنا ولم نبدأ في التحرك إلا أخيرا ونحن مقيدون بقياسات حضارية وعلوم وإيقاع متطور وسريع تصيبنا الحيرة إذا حاولنا البحث عن ذواتنا من خلاله .. لست متشائما تماما حول مستقبل الحركة فما دمنا قد بدأنا بمناقشة هذا دليل على إننا نسعى إلى الخروج من هذه التبعية لنمسك بأصول هويتنا الفنية ولنعيد النظر في تراثنا المتنوع بين التاريخ القديم وبين عصور الوحدة والتوحيد تحت ظل الإسلام وبين فنوننا الفطرية والشعبية والتي ما زالت تحمل قدرا من الصدق والبراءة والقيمة الخالصة التي نحن في حاجة إليها. سوف أحاول في هذا التنظير المختصر أن استجمع خبراتي في



http://univers-art.arabfunart.com/arab_art5.jpg


التلاقي والتحاور والتي أرجو أن تلتقي مع خبرات رفقائي في التخصص لندعو إلى نهضة عربية ومعاصرة في مجال الفن.. لقد كان لعلاقاتي الوطيدة بالعديد من الناقد الغربيين وكذلك بفناني العالم الثالث وفناني عالمنا العربي اثر كبير في إحساسي بالثقة بإمكانية عبور هذه المرحلة نحو مستقبل زاهر ولذلك فسوف أتطرق إلى طبيعة الفنان التشكيلي العربي اليوم وما هي مكونات شخصيته حضارياً.مع الرجوع إلى روادنا لنأخذ ممن سلك منهم الطريق الصعب نحو الحفاظ على أصالته / القدوة. وسوف يأخذنا هذا المسار إلى إدراك الفارق الواضح لما تحمله مضامين تجاربنا من حس وجداني وفكر ومحتوى صادق وحقيقي يترجم كل ما مرت به مجتمعاتنا من تطلعات وآمال وضغوط وآلام قد تغني عن مقالات ومقالات من خلال لغة الشكل التي نعبر بها والتي قد تخرج وتنحرف نحو أساليب الغرب ولكننا إذا فهمنا معنى الشكل بطريقة اكثر علمية لأدركنا أن مفرداته المجردة قد تحمل معاني ومذاق خاص مهما حاول المنظرين إخضاعها لمدارس التشكيل الغربية.سوف يقودنا هذا إلى فهم التيارات والمذاهب الفنية والتي ظهرت في مجتمعاتنا العربية خلال القرن العشرين والتي قد توصلنا إلى حقيقة أن إطلاق حرية التعبير للفنان التشكيلي العربي دون قيود سوف يوصله إلى أول الطريق، وأننا مهما فعلنا فلن نستطيع أن نخلع عنه رداء العصر وفي نفس الوقت لن يستطيع كائن من كان أن يقتل داخله انتمائه إلى وطنه وعشيرته.

نور 03-13-2008 04:17 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
الفنون التشكيلية في العالم العربي (2)

طبيعة الفنان التشكيلي العربي اليوم وما في شخصيته من أصول صادقة وقشور زائفة http://univers-art.arabfunart.com/arab_art6.jpg


أن الظروف الصعبة التي مر بها الفنان التشكيلي العربي المعاصر مرتبطة في حقيقتها بكل دقيقة من مجتمعه وهو يتابع عن كثب ويعيش بكل الصدق أمورا قد تخفي عن عامة الناس.. فقد عشنا في مرحلة من حياتنا ظروفا وقياسات كانت تقول بضرورة التكيف وان بعدنا عن ذلك هو تخلف وتأخر، حتى اصبح هناك نوع من التمغرب الكاذب والتقليد الأعمى. واصبح التفاخر بتغير لغتنا أمر يسعى إليه المثقفون وأصبحنا نتحدث لغات غيرنا من الشعوب بأشكاله وألوانه دوراً خطيراً في دفعنا إلى طمس معالم ثقافتنا العربية والتي سحقت معها شخصيتنا الفنية وما زلنا نعاني من تأثير ذلك حتى الآن وقد يقول البعض بأنه إذا كان المجتمع العربي يعاني من فقدان هويته فكيف نطالب الفنان بالحفاظ عليها ؟ 00 في الواقع انه مهما انساق المجتمع دون وعي منه في مثل هذه التيارات ألا أن الفنان هو الأقدر على أن انتمائه بالصدق مع نفسه 00 ولكن هذا الصدق كيف يمكننا أن نستقرئه في أعمالنا الفنية. دعونا نتابع ذلك فمنذ مرحلة الاستشراق والمهتمين بالفن لا يتعدى الطبقات الحاكمة المبهورة بفنون أوروبا وبعض كبار المفكرين العرب الذين عاشوا في أحضان ثقافة الغرب ودرسوا في جامعاتها فاهتموا بفنونهم ومدارسهم واعتبروها المثل الأعلى المقتدي به والذي يجب الوصول إليه في أعمالهم بينما كان فنانو الغرب أنفسهم يتجهون إلى بلادنا 00 اهتم نابليون بجلب فنانون معه في حملته لتسجيل كل دقيقة في مجتمعاتنا واكتشف هؤلاء الفنانون مدى غنى وثراء هذا الشرق العربي بالمعرفة والثقافة فعشقوه وتأثروا به وكانت أعمال ديلاكرو

ا http://univers-art.arabfunart.com/arab_art7.jpg


وغيره من فناني أوائل القرن التاسع عشر فاتحة اهتمام وتسجيل لمظاهر الحياة في هذا المجتمع الساحر وجاءت أعمال ماتيس وبول كلي وفازاريللي وغيرهم من فناني المدارس الحديثة بعد ذلك لتأكد هذا الاتجاه ولكن هذا الخط الذي أثرى فنون الغرب انحسرت آثاره في فنونهم وأعطتها مذاقاً خاصا ومتميزاً ولم تستفد فنوننا العربي والشرقية من ذلك ألا بما تركته من بصمات على تجارب فناني أوروبا وبقي فنانونا المبهورون بمهاراتهم الادائية يقلدونها ويأخذون بأساليبها 00 ولكن دماؤهم الحارة وقلوبهم الدافئة العامرة بحب بلادهم وطبيعتها جعلت أعمالهم تسير في طريق جديد نحو الاهتمام بمظاهر الحياة اليومية في بلادهم كل من زاويته الاجتماعية الخاصة وأدائها بأساليب غربية مشاركين فناني الغرب المستشرقين ومنافسون لهم مع اختلاف في الجوهر 00 فكانت أعمال محمود سعيد ومحمود مختار ومحمد ناجي في مصر والذين لازموا أيضا مرحلة النهضة الوطنية فعبرت بعض أعمالهم عن هذه المرحلة من ناحية الموضوع.. وانتقل هذا الشكل من التعبير الفني إلى باقي الدول العربي وتكونت صالونات الفن أخذا بما هو متبع في أوروبا.واسمحوا لي أن أفسر هذه الظاهرة بأنها حقيقة ولم يكن أمام فنانو هذه المرحلة ن يفعلوا أكثر من ذلك وبقدر الحقيقة والصدق في أعمالهم كان قدر الزيف حيث كانت هذه هي الصفة العامة للمجتمعات العربية وهم يمثلونها بكل دقة. سوف يوصلنا ذلك إلى إدراك إن فناني عالمنا العربي المقهور كانت تحكمهم عواطفهم وأحاسيسهم وقلوبهم فيما يختارون من مواضيع ولكن عقولهم وثقافتهم الغربية كانت تفرض عليهم الالتزام بأساليب التشكيل الأوروبية في ذلك الوقت وهذا أمر أجده بارقة أمل في أن هذا الجوهر الصادق والذي مازالت معالمه تحملها تhttp://univers-art.arabfunart.com/arab_art8.jpg


جارب فنانينا اليوم سوف تؤدي إلى التخلص أيضا من الكثير من قشور الشكل الخارجية لتصبح لنا أيضا أبجديتنا البصرية الخاصة 00 أرجو ألا يتعارض ذلك مع مفهوم عالمية لغة الشكل 00 فالعالمية في مفهومي هي في التلقي وليست في التعبير الفني وان هناك علاقات بصرية متعددة ترتبط بالتكوين السيكولوجي والفسيولوجي للفنان تتراكم مع مراحل نموه ومخزوناته الشعورية واللاشعورية فسكان السواحل وعاداتهم تفرض بالته لونية تختلف عن تلك التي لفناني المجتمعات الزراعية والصحراوية بل أكثر من ذلك تتدخل عاداتهم وتقاليدهم وعشقهم للطبيعة وتغيراتها في مجتمعاتهم في تحديد هذه الخصوصية حتى انسيابية الخطوط وتعارضها عادة ما تكون مأخوذة من علاقات مشابهة في الطبيعة. إذا تتبعنا شخصية الفنان العربي اليوم وبدقة لاكتشفنا مثلا إن عقيدته وديانته لها تأثير على هويته ولحسن الطالع إن أغلبيتهم من المسلمون ثم من المسيحيون والعقيدتين السماويتين لا تختلفان كثيرا في جوهرهما.وان ما تملأ عقائد السماء قلوب المؤمنين من سمو ورقي وانضباط تحمله تجاربهم الفنية بل واكثر من ذلك فقد يبحث الكثير منهم عن أصول ومبادئ مرتبطة بديانتهم وبتراثهم يضيفونها إلى لغتهم البصرية فتكمل بذلك المحتوى الفكري والفلسفي السطور السابقة تحمل قدراً من التفاؤل ولكن ذلك لا يمنع من وجود عثرات عديدة فالشخصية الفنية العربية تمر بمرحلة مشابهة لعملية الولادة الجديدة العسيرة وهناك محاولة لجمع الشتات ولا بد من النجاح والفشل والذي قد تختلط معالم كل منها بين الحقيقة والزيف.. ومن هنا تأتي أهمية التنظير والنقد الموضوعي في الفن فهو الذي يضع النقاط فوق الحروف وينقي الصورة من شوائبها إذا التزم بالأمانة والصدق وهذه قضية أخرى نعاني منها فما زلنا في حاجة إلى المنظر والناقد المثقف والواعي والأخذ بالأساليب الحديثة في دراساته مع قدر من الحساسية لاستشفاف الأصول الحقيقية في العمل الفني
. http://univers-art.arabfunart.com/arab_art9.jpg

لا أنكر إن فناني العالم العربي المعاصر تتفاوت قدراتهم في التخطيط لمواجهة مصاعب العصر وان حلم وصول إبداعاتهم إلى المتلقي اصبح يشوبه الغموض ز فكم من فنان عربي تمكن من أن يرتمي في أحضان الغرب بعباءة شرقية عربية فاكتسب الشهرة 00 ولكن هل هذا هو الطريق 00 اسمحوا لي أن أقول لكم إننا مازلنا دمية يلعب بها الغرب وفنانونا الأذكياء والأقل ذكاء جميعا يعيشون عصر المادة والماديات الزائلة دون وعي أو إدراك ولن نستطيع التخلص من هذا التأثير العصري على أفكارنا ما دام يفرض نفسه على مجتمعاتنا في كل مظاهرها وثقافتها. ولكن الكشف عن كنوز فنوننا وتطويرها باعتبارها مادة تقوي من انتمائنا إلى أوطاننا مع العودة إلى الأصول العقائدية والاجتماعية الأصيلة والحقيقية والارتفاع بفنوننا عن الخوض في صراعات الشهرة والمكاسب المادية سوف يوصلنا إلى أول الطريق الصحيح فتسقط القشور الزائفة ويتألق الجوهر الصادق النقي 00 ولنستشف ما في فنوننا الشعبية البريئة والبسيطة ما تحويه من ترجمة نقية لحاجات مجتمعاتنا الجمالية فعليكم بها تتدارسونها بعناية فهي تحمل في عمقها تاريخ امتنا دون زيف أو مواربة. ولعلنا باقترابنا منها وبعقلية علمية معاصرة نستطيع أن نتزود بطاقة دافعة جديدة للمضي في طريق انقاء شخصيتنا وهويتنا الفنية.

نور 03-13-2008 04:19 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
الفنون التشكيلية في العالم العربي (3)


كما ذكرنا فقد بدأ الاهتمام بالفنون التشكيلية بمفهومها المعاصر والحديث مع ضوابط وتنظيمات وتخطيطات http://univers-art.arabfunart.com/arab_art12.jpg

المستعمرين تحكمه مقايسهم الجمالية.. بل قد تتعدى ذلك إلى اعتبار الشرق بكل ما فيه من تراث فني غني متخلفا بالقياس مع فنون الغرب وهو أمر نرفضه تماما قد يكون ظاهر الأمر بالنسبة للمستعمرين مختلفا عن فهمه الحقيقي لقيمة الشرق.
ومنذ عهد الدولة العثمانية وفتحها باب ورود الكفاءات والخبرات الغربية في مجالات الثقافة والتربية والاقتصاد والإدارة والاعتماد عليها في إنقاذ سيطرتها وسلطانها لم يتمكن الفنانون من التخلص من الخضوع لهذه الضغوط وتتابع السنوات وتصبح المنطقة العربية تحت ظل الانتداب والاحتلال من دول أوروبا والتي عملت على تجزئة الثقافة والتربوية على المجتمع ولم تتمكن الشعوب العربية بثوراتها التحررية المتتابعة من التخلص من هذا الإرث المفروض عليها بالرغم من حصولها على الاستقلال وعندما ظهرت مدارس تعليم الفن اعتمدت على مدرسون غربيون كانوا يعدون خلفائهم من أبناء الوطن وقد حملوا لواء أساتذتهم وفنونهم وثقافتهم وحتى فلسفاتهم التعليمية ومناهجهم التربوية ولم يسمح لهم بالالتفات أو الاهتمام بالتراث العربي لتدارسه وسبقوهم لدراسته باعتباره لا يتعدى حدود الصناعات الحرفية دون التأكيد على قيمته الفنية وما يحمله من جذور وأصول لها أصالتها وقوتها وتطورها والتي كان من الممكن في هذه المرحلة من أن تكون بداية طريق جديد لظهور هوية فنية وشخصية عربية متميزة.. ولكن فات هذا الزمان وما زلنا نسمع ونقرأ أن ما فات والعودة قد تكون تأخير واجترار لا مرد له معتمدون في آرائهم على نظريات غربية كانت تحكمها استمرارية تطورية لا تتوائم أو تتناسب مع طبيعة مجتمعاتنا فخير لنا أن نتمسك بأصول لنا من أن نجري وراء غيرنا لاهثون تابعون دون هوية أو شخصية وهذا في مجال الثقافة والعلوم الإنسانية ناسين أن تاريخ حضارة الإنسان في أي مكان من الأرض هي ملك للإنسانية وان شعوبنا كانت مركزا لحضارات عظيمة دفعت وأعطت وأدت إلى حضارات الغرب التي ورائها الآن 00 لست أدعو إلى رجوعية مسطحة إلى الماضي فهي عودة محددة الدفع 00 ولكنني أدعو إلى وقفة ثقة في تراثنا نمسك بأصوله لنعبر بها نحو مستقبل جديد نصنع نحن أبجدياته وهويته.
http://univers-art.arabfunart.com/arab_art11.jpg


ويأخذنا هذا الحديث إلى مفهوم الأصالة وأنا لن أتطرق إلى الآراء التي تحدثت عن هذا الموضوع ولكنني سأوضحها من وجهة نظري00 فليست هناك دعوة إلى الأصالة أو إلى التراث فالأصيل والحقيقي لا يحتاج دعوة والفنان المبدع الصادق يحق ذاته دون حاجة إلى نبش الماضي فهو جزء منه أدرك ذلك أو لم يدركه قد تأخذه تيارات دخيلة فتبعده عن أصوله ولكنه عندما يعود إلى مجتمعه والى ضوابطه الاجتماعية الحياتية وتقاليده وروابطه، وكلها أمور ترتبط بمزاجية خاصة وبحاجات عاطفية وجمالية تختلف من مجتمع لاخر حسب تاريخه وتراثه الحضاري - فانه سوف يدرك أن ذلك اقرب الى نفسه يحقق له التوازن والانضباط باعتباره جزء من كل هو مجتمعه وعشيرته والإنسانية قاطبة بعد ذلك 0 لم يتمكن الفنانون الرواد من فهم حقيقة المرحلة التي كانوا يعايشونها واندفعوا وراء التقليد وان كنا نستشعر في أعمالهم درجة من الصدق قد لا تتعدى معالجتهم لمواضيع محلية والاهتمام بطبيعة بلادهم وبيئتهم وأنا ضد وضع مخطط لكيفية الخروج من الأزمة فهو اتجاه نحو المنهجية المحدودة التطبيق فالفنان المبدع 00 طاقة وحرية وصدق ينفر من الدفع حتى لو كان بالنوايا الطيبة.
أن قيامنا بمحاولة تتبع حركة الريادة في الفن التشكيلي في عالمنا العربي لا بد وان تأخذ في الاعتبار مفهوم لغة الشغل في التعبير المبدع عند الفنان رافضين فكرة مجالات الإبداع الفني العربي لا يمكنها أن تتعدى حدود الصناعات والحرفية إلى اعتبارها لغة مجردة لها مذاقها الخاص والتي يمكنها أن تخاطب الإنسان في كل مكان محملة بكل ما وصل إليه الإنسان العربي المعاصر من معرفة وثقافة وعلم واجد نفسي مضطراً بالبدء بمصر باعتبارها اسبق من غيرها في الدخول في مرحلة البحث عن الذات في مجالات الفنون التشكيلية.
http://univers-art.arabfunart.com/arab_art13.jpg


لم تبدأ حركة الريادة في الفن التشكيلي المصري الا متأخراً بالقياس لدول الغرب وذلك كغيرها من الدول العربية حيث لم تتعدى الأشكال المزدهرة حين ذلك حدود الصناعات الحرفية في صعيد مصر ودلتاها والموروثة عن الأجداد وذلك في النسجيات وصناعة الأدوات المنزلية الفخارية والمعدنية وفنون العمارة الشعبية في الوجه القبلي والنوبة بتقاليدها وقواعدها المعمارية المرتبطة إلى حد ما بدرجة من النقاء المتصل بنفس هذه الأصول في التاريخ القديم ومع إنشاء مدرسة الفنون الجميلة 1908 بدأت أنشطة الفنون التشكيلية بنتاجات طلاب هذه المدرسة (1910-1912) وخريجها والتي لم تتعدى في ملامحها الأساسية حدود المدارس الفنية الفرنسية والإيطالية تأثرا بأساتذة هذه المدرسة وتوجيهاتهم وحتى برعاية جمعية محبي الفنون الجميلة والتي أنشأت في هذه الفترة وقد كان من أهم فناني وخرجي هذه المرحلة الفنان النحات محمود مختار والمصورون محمد حسن ويوسف كامل وراغب عياد .. وبالرغم من أن موضوعاتهم كانت مأخوذة ومستلهمة من البيئة المصرية إلا أنها كانت تؤدي بأساليب غربية قد نستشعر في بعضها إحساس طبقي ولكنه في النهاية ذو مذاق جديد ورؤية متميزة اقرب إلى المصرية من مثيلاتها في أعمال المستشرقين وغيرهم من الفنانين الأجانب والذين كانوا ينافسونهم في المعارض المختلفة.
ولم تحرم الإسكندرية من حركة الريادة في مصر 00 وقد تميز فنانوها بانتماء وأصالة اكثر وضوحاً ونقاء، وتمت تجاربهم في أحضان هذه المدينة العريقة ذات الطبيعة المميزة والأحياء العتيقة والتاريخ القديم فكانت نتاجات فنانيها الرواد اكثر انتماءاً ومن أهمهم محمود سعيد ومحمود ناجي وجورج صباغ وغيرهم.. ونقلت لنا أعمالهم عادات وتقاليد شعبية متنوعة بألوان بحرية دافئة فجمعت بين التسجيل الذكي والحس التشكيلي الخاص حتى أننا نستطيع أن نقول بوجود مدرسة سكندرية مازالت مستمرة حتى اليوم. لم يكن نصيب سوريا مختلفا عن مصر في حركة الريادة فقد بدأت أيضا متأثرة بالتيارات الغربية وان كانت غالبية مواضيعهم تميل إلى تسجيل التاريخ العربي والتراث والبيئة العربية والإسلامية بمعالجات غربية تنوعت أعمالهم ولكنها احتفظت بمذاق خاص يمكن تمييزه وان كانت اكثر قربا من زملائهم في لبنان وتركيا من أهم روادهم طارق وميشيل كرشه وعبدالوهاب ابوالسعود وسعيد تحسين ثم تبعهم الجيل الثاني من الرواد والذين لم يخرجوا كثيرا عن مسار من سبقهم واصبح طريق القدوة متصلا وحاملا لنفس صفات الرواد بإيجابياته وسلبياته أما في العراق فقد استمرت موجة التأثر بالمدارس الغربية اخذ بمنهج التبعية والافتنان بحركة تطور الفن في أوروبا وان كانت اغلب مواضيعهم تتركز على البيئة وهو الأمر الذي أشرنا إلى أهميته لما يحويه من حنين واضح للطبيعة والتراث والذي أدى بقدر الصدق فيه إلى خصوصية تحمل قلبا عربيا له جذوره الحضارية من أهم روادهم والذين يعتبرون روادا أيضا بالنسبة لبعض البلاد العربية المجاورة لهم الفنان عبد القادر رسام والحاج الموصلي وابنه والفنان جواد سليم ثم فائق حسن والذي اعتبر رائدا للفن الحديث في العراق بعد ذلك حيث كان أهم الفنانين العراقيين الناقلين لأساليب الفن في أوروبا إلى وطنه طبقا لدراسته باكاديمياتها 00 وقد نظم نشاط الحركة التشكيلية هناك من خلال التجمعات والجمعيات الفنية مثل جماعة الرواد وجمعية أصدقاء الفن 1941.
http://univers-art.arabfunart.com/arab_art15.jpg


لم نحاول تتبع حركة الريادة في التجمعات العربية أن ندخل في التفاصيل قدر اهتمامنا فيها عن قدوة نأخذ بها وقد يوصلنا ذلك إلى اكتشاف نوع من الوحدة واضحة المعالم مع ملامح إقليمية أقل وضوحا فلبنان مثلا كانت أقرب إلى مدارس الغرب وأكثر المجموعة العربية تأثراً أو خذا بها لاعتبارات اجتماعية وجغرافية، من أهم روادها نجيب يوسف شكري وعبد الله مظهر ونعمت الله المعادي وجمال الفيروني ثم داوود القرم وحبيب سرور وقيصر الجميل وغيرهم.
اشتركت الأردن وفلسطين في ظروف سياسية متشابهة أدت إلى تأخر ظهور حركة الريادة فيها وان كان ذلك لم يمنع من ازدهار أشكال الفن الشعبي والحرفي المرتبط بالبيئة والطبيعة والعادات والتي أخذت مكانها بعد ذلك باعتبارها ملهما ومثيرا لفناني هذه المنطقة من العالم العربي وسعى الرواد كغيرهم إلى معرفة أسرار الفن الغربي الحديث بمراحله المختلفة وان بقيت أعمالهم تحمل روح وطبيعة مجتمعاتهم المتأثرة بتراثهم الشعبي وعليه فان القدوة هنا بالنسبة لفناني اليوم سوف تعود إلى الأصول اكثر من عودتها إلى الرواد.
إذا اتجهنا إلى المغرب العربي فإننا لن نجده أكثر حظا في تخلصه من التأثيرات الغربية والفرنسية والإيطالية والأسبانية بالتحديد فقد لعب الاستعمار دوراً هاما في نقل ثقافة أوروبا إلى تونس والجزائر والمغرب وليبيا فأخذوا بها ولكن ذلك أيضا لم يمنع تواجد ضمني يرتبط بشواهد ودلائل حضارية هي جزء من تاريخ متداخل بين المغرب العربي وعصوره الإسلامية وأوروبا 00 ففي تونس اقترنت أصول الفنون الشعبية والحرفية بمواضيعها وقصصها بتجارب الفنانين ونذكر منهم على سبيل المثال الفنان يحيى التركي حيث كانت مراحل تطور تجربته الفنية ترتبط بمتابعته للزوار من الفنانين الفرنسيين ثم بتوجهه لتكملة دراسته في بلادهم وتتابعت تجارب الفنانين في نفس المسار تتحدث بلغة غربية عن مظاهر الحياة في بلادهم حاملة حنينا وعشقا لم تستطع أن تحمله أعمال المستشرقين من الفنانين الغربيين. عند استعمال لفظ لغة الشكل اجدنى مضطرا لتفسير أن ما وصل إليه الغرب من تطوير لها وتنويع لا يورثها تماما لهم فهي لغة مطلقة ومجردة يمتلك نواصيها كل فنان حر أصيل وأهم وظائفها الناقلة لأحاسيس الفناين هي تبعيتها لمذاجية http://univers-art.arabfunart.com/arab_art14.jpg


جمالية خاصة تعمل مختزنات الفنان بكل جوانبها في تحديد هويتها وتصبح بذلك تعبيراً عن مجتمع بعينه له تاريخ وتطوره 00 قد تختلف التعاملات البصرية التشكيلية بين فنان وآخر في المجتمع الواحد لمجرد تغير مكونات شخصيته المرتبطة ببيئته الجزئية والتي تكون عادة تابعة لهوية شمولية هي لمجتمعه ووطنه ثم تتسع إلى منطقته ثم إلى الإنسانية قاطبة، تقطع استمرارية الاتصال هنا معابر مستمرة بين كل أنحاء الوطن الأم وهو الكرة الأرضية في هذه الحالة.
عند فهمنا لذلك ندرك أن محاولتنا الاقتراب من حركة الريادة في الفنون لا بد وان نكتشف عند تتبعها فكرة الاتصال والتوصيل هذه فتونس والجزائر وليبيا لن تبتعد كثيراً عن المغرب والكل أيضا لن يخرج عن انتمائهم إلى العالم العربي والإسلامي والذي له الفضل في توحيد الكثير من الصفات الاجتماعية والإنسانية لهذه الشعوب.. وتبقى دائما الحرف والفنون الشعبية والصناعات التطبيقية والتي تستطيع أن تنتقل من مكان إلى آخر بسهولة ومرونة لتصبح كحبات مسبحة تتصل في تسلسل منظم 00 لقد كان لاقتراب المغرب من أوروبا واتصالها المباشر مع أسبانيا وفنونها المهجنة مع فنون أوروبا اثر في تميز واضح لتجارب روادها، من أهمهم احمد رباطي الطنجي ومحمد السغيني ومريم مزيان واحمد الشرقاوي والجبلاني 00 وكان فناني الجزائر والآخذين بدرب زملائهم اكثر حيرة عند مواجهتهم محاولة التزاوج بين تراث عربي إسلامي ونهضة غربية فرنسية أتت إليهم ورحلوا إليهم لها تحت ظروف التحرر المميت(( واجه هذا الصراع روادهم محمد راسم ومحمد ازميرلي والفنانة بايه 00 وغيرهم وكان على الفنانون الشبان أن يمسكوا بزمام الصراع تخليص تجاربهم من المزج الذي يخفي جوهر شخصيتهم وهي يعاني منها المجتمع الجزائري بشكل عام.
لقد عانت السودان الشقيقة ما عانته زميلاتها في العالم العربي وجاءت حركة الريادة وتحرير الشخصية الفنية متأخرا بالرغم من كونها تحمل تراثاً شعبيا عظيما ومتميزا والذي كان أحد العوامل الهامة في تطور مدارس الفن الحديث في أوروبا 00 من أهم روادها إبراهيم الصلحي ومحمد شبرين واحمد عبدا لعال وغيرهم.
ننتقل الآن ونحن نتبع رواد الفن التشكيلي في العالم العربي لنأخذ منه القدوة إلى شبه الجزيرة العربية وهي آخر المطاف وهي الممثلة في مجموعة دول مجلس التعاون وقد ذكرت ذلك لان وحدتها أمر منطقي من جميع النواحي وأهمها بالنسبة لنا الناحية الثقافية والفكرية وعاداتهم وتقاليدهم المشتركة والتي تجعل من تجارب فنانيهم مرآة تعكس كل أصولهم الحضارية 00 بدا حركة الفن التشكيلي في هذه البلاد متأخرة عن زميلاتها من الدول العربية ومتأثرة بها http://univers-art.arabfunart.com/arab_art10.jpg


وكانت مجالات ظهورها متمثلة في الأنشطة الطلابية في الخمسينات والستينات 00 لعب المدرسون العرب دوراً هاماً في توصيل معاناة الحركة التشكيلية العربية إليهم بكل ما فيها من تأثرات وقضايا بل ومن مناهج لصقل ا لمواهب الفنية وأصولها الغربية وبذلك فقد دخلوا طريق التمغرب منذ بداية حياتهم التشكيلية الحديثة وهم في الواقع اقل شعوب المنطقة العربية انسياقاً وراء الغرب بسبب عملية التوصيل المهجنة التي قام بها الموجهون العرب ولكنهم لا يدركون ذلك، وكان التحول الاجتماعي المفاجئ سببا في انحرافهم تحت وطئت التطلع إلى الغرب بمزيد من الانسياق 00 وتبعا لان تجاربهم مازالت في طور التكامل يصبح الأمل في التخلص من المؤثرات والأحكام الغربية النقدية قريبا لو لم يندفعوا في صراعات الفنان من اجل إثبات وجوده بين أبناء وطنه.
لقد بدأ نشاطهم في المجالات المدرسية كما قلت ثم بدأ في التحول نحو التخصص والاحتراف بالتدريج ولعبت الدولة ومؤسساتها في مجمعاتهم دورا هاماً في ذلك، جاءت دولة البحرين سابقة لزميلاتها وقد يكون ذلك راجعاً لاختلاف أصول تكوينها الحاضر ثم تلتها دولة الكويت البلد المنظم لتجمعات تشكيلية متعددة ثم قطر فالمملكة العربية السعودية فدولة الإمارات ثم سلطنة عمان 00 ولن أطيل في الحديث عن الحركة في هذه البلاد والتي استطاع بعض فنانيها من الوقوف إلى جانب زملائهم في العالم العربي اليوم متكافئين معهم في مواجهة المتغيرات والظروف التي يواجهها المجتمع العربي من جميع النواحي لتصبح قضية القدوة عامة شاملة فرواد مصر والعراق والمغرب العربي هم رواد الحركة العربية في الفنون التشكيلية وتجنب السلبيات التي وقعوا فيها والأخذ بالإيجابيات أمر مفروض على كل الشباب والأجيال التي تلتهم في عالمنا العربي.
من الواضح إن فناني شبه الجزيرة قد أدخلونا بسرعة في الفن العربي المعاصر ولكن ذلك لم يمنع من وجود رواد واجهوا المرحلة الأولى في نشأة الحركة التشكيلية في بلادهم من أهمهم الأخوين العريفي والمحرقي والعريض وعلي الشيخ بشير في دولة البحرين وتتابعت المحاولات الشابة بعد ذلك.
http://univers-art.arabfunart.com/arab_art16.jpg



وجاء الدوسري وأيوب حسين والقطان وطارق السيد فخري والأنصاري من دولة الكويت وجاسم الزيني والملا والكواري بدولة قطر ومحمد السليم بالمملكة العربية السعودية وعبد القادر الريس وغانم الهاجرى وحسين شريف بدولة الإمارات ثم ننتقل إلى سلطنة عمان وهي هنا تسير في ركب الحركة في منطقتها. وكذلك دولة اليمن ونذكرهما هنا لنحمل فنانيها مسئولية العبور نحو المستقبل بدافع من الانتماء إلى تراث عريق في السنوات البكر لمولد حركة تشكيلية معاصرة في بلادهم ونذكر من دولة اليمن الفنان فؤاد الفليح وعلوي طاهر وسالم باذيب وفاروق الجفري وعلى جذافي.
نخرج من هذا العرض السريع المختصر لحركة الريادة في مجتمعنا العربي بعدة نتائج هامة نستعرضها كآلاتي :
أولا : إن روادنا تجمعهم ظروف متشابهة وساروا في طريق واحد ونحو تحقيق شخصيتهم الفنية وان كان ذلك على مسافات زمنية مختلفة وبتفاوت في هذا التحقيق 00 وإذا كان الطريق يكن ممهدا في بدايته ومنجرفا نحو الغرب في مساره فلعلنا نستطيع عند الأخذ بمبدأ القدوة أن نتجنب بعض التعثرات إذا أدركناها.
ثانيا : تشتت طاقاتهم الإبداعية بين ارتباطهم بأصولهم وتراثهم وبين تبعيتهم لأساتذتهم ومدارس واتجاهات الفن في أوروبا وقد نجد لهم مبررا لهذا التشتت فمجتمعاتهم كانت تمر بنفس الصراعات وهم يعبرون عنها بكل الصدق.
ثالثا: واجه هؤلاء الرواد مجتمع تتصارع طبقاته للتظاهر بالتحضر مكتسحة أمامها تاريخها العريق وتراثها الغني دون إدراك لخطورة ذلك في المستقبل.
رابعا : كان مخطط المستعمر حصر الطاقات الإبداعية في إطار الصناعات الحرفية والشعبية دون الاهتمام بتنمية الإبداع الحر المتطور لما يحمله من إمكانية الرفض والثورة على ما يقيد حريته وحرية مجتمعة. وكما يبدو لي فقد أدرك المستعمر المخزون والطاقة المبتكرة التي يحملها فناني المجتمعات العربية المسلمة في قلوبهم وكيف أن ازدهار ونمو هذه الشريحة من المجتمع سوف تكون قوة دافعة نحو الاستقلال الثقافي والفكري وهم يدركون خطورة هذا فقتلوا كل ما يمكن أن يدفع إلى ذلك واحلوا محله ثقافتهم وفكرهم ولكنهم لحسن الحظ لم يتمكنوا من القضاء على جذوره الممتدة في تراب وطنه عميقة عمق التاريخ نفسه وما يملا قلوبهم من أيمان عميق وإحساس بضرورة التمسك بكل ما هو حق وخير فبدأ ينيب براعم جديدة تحتاج إلى الكثير من الرعاية والحماية لتنمو في مناخ فكري وثقافي أصيل ومتطور.
إن تعرفنا على البدايات الرائدة وما واجهته من صعوبات 00 لن يعطينا القدوة التي نحن بحاجة إليها، فظروفهم تختلف عن ظروفنا وغزو الغرب لبلادنا في ازمنتهم كان له دوافعه ومخططاته 000 ولكن غزو اليوم اصبح اكثر تعقيدا وغموضا يتسرب إلى المجتمع بطرق عديدة غير مباشرة قد نجد صعوبة في الكشف عنها أو التخلص منها، وبالرغم http://univers-art.arabfunart.com/arab_art17.jpg



من انهم عاصروا مراحل الاستعمار والانتداب والثورة عليه ولكن ذلك لم يكن ألا سياسيا بالدرجة الأولى 00 أما نحن فنعيش محاولة الاستقلال الحضاري والثقافي والفكري وهي معركة اكثر ضراوة ووحشية بالرغم من ظاهرها الهادي. إن علينا أن نتخلص من فكرة الملاحقة فلن ننال منها إلا اللهث وسنبقى تابعين نشعر بالنقص كلما شاهدنا تجاربهم واقتربنا من ثقافتهم في الوقت الذي نملك فيه تراثا تاريخيا وعقلا وفكرا يمكننا من التفوق عليهم أو على الأقل مجاراتهم ولكن بلغتنا وبأصولنا فكل فن صادق وحقيقي لابد وان يرتبط بجذور إقليمية وهو عطاء أنساني عالمي في النهاية.
وعليه فان لروادنا كل التقدير والاحترام، نأخذ منهم القدوة بقدر حاجتنا وبقدر الصدق في تجاربهم دون أن نغفل حاجات مجتمعاتنا الجمالية والروحية والتي دائما ما كان الفن معطيها على مر العصور. لا بد وان هناك لغة تعبيرية بصرية خاصة بنا يمكننا أن نتخاطب بها ونخاطب بها العلم كلغتنا العربية وفي نفس مستواها التقني ننقل لهم ثقافتنا وفكرنا وفلسفتنا في الحياة والنابعة من أيماننا بخالقنا.. لا أن نزين بيوتهم بفنون اقرب إلى العادات منها إلى القيمة العميقة الأصيلة، فيها من الطرافة والإثارة ما يدغدغ مشاعرهم وينقلهم إلى عالم الشرق بخصوصياته ولزماته من خط واستعمال للرموز الشعبية والتراثية الغريبة عليهم أو بتسجيل مشاهد من حياتنا ليتفاخروا باقتنائها.
فالناخذ قبسا من روادنا يمكننا من العبور إلى المستقبل وبالتصوف والدراسة الدقيقة في جوهر تراثنا وعاداتنا وتقاليدنا وما تبقى منها من مظاهر حقيقية وبإيمان وثقة بالنفس وبروحانياتنا سننظم تصوفنا وسيأتي اليوم الذي تقتنع فيه شعوبنا بأهمية رسالة الفن في الحياة لاستمرارها

نور 03-13-2008 04:22 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
النحت في العصر الحديث

رغم الصلة الواضحة القائمة بين فن النحت من جهة وفن التصوير والفنون الترسيمية (الجرافيك) من جهة أخرى إلا أن تاريخ كل منهما مختلف إلى حد ما عن الآخر، كما أن كلا منهما يخدم أغراضا تختلف بوجه عام عن تلك التي يخدمها الآخر.
http://univers-art.arabfunart.com/sc...uste_rodin.jpg



وفي الوقت الذي أصبحنا نشهد فيه. وبالذات في القرن العشرين. إقبالا متزايدا على اقتناء اللوحات الزيتية. فيما عدا بعض الأعمال ذات الأحجام الضخمة. لسهولة توفير الأماكن المناسبة لتعليقها داخل بيوت الأشخاص حتى العاديين منهم. لكنهم أغنياء بطبيعة الحال. نجد الأمر على غير ذلك تماما بالنسبة إلى النحت الذي يواجه مشكلة رئيسية هنا وهي صعوبة توفير المكان الملائم لوضع الأعمال النحتية داخل البيوت. ويزد الأمر سوءا أن البيوت نفسها أصبحت تميل إلى الصغر والضيق. ويعود ذلك إلى أن العمل النحتي بطبيعته يفرض وجوده الكلي على المشاهد ويدفعه بقوة إلى تأمل العمل بأكمله. بمعنى أنه يمكن لنا أن نتجاهل لوحة معلقة على جدار أو أن نكتفي بنظرة عابرة تجاهها. لكن التمثال يستلزم منا التوقف والتأمل ثم الالتفاف حوله. بل وحتى الارتفاع فوقه لأمكن ذلك. ولذلك كان من الطبيعي أن يكون المكان الأمثل لإقامة المنحوتات هو الميادين والساحات العامة والمتاحف دون البيوت العادية التي لا يتوفر بها عادة مثل هذه المساحات.
تقليدياً، لعب النحت دور الرديف لفن العمارة، لأن وظيفته كانت إضفاء اللمسات الجمالية على التصميم بحيث تسهم في تحسين الصورة العامة للمبنى وبالتالي فقد كان يعتبر جزءاً من المبنى إلى حد ما. وضمن هذا الإطار الوظيفي صورة في أعمال مايكل انجلو التي نفذها في مقابر آل مديتشي في فلورنسا وأيضا في أعمال برنيني في كنيسة سان بيتر في روما لو أردنا مثالا يوضح هذا المفهوم. لكن الأمر أخذ في التغير مع حلول أواسط القرن التاسع عشر حيث اخذ النحت يقتصر على افاريز المباني والعمارات باعتباره عنصرا زخرفيا أكثر منه عنصرا أساسيا له دور رئيسي في إبراز الفكرة المعمارية في التصميم. ورغم ذلك فقد احتفظت تلك العناصر بقدرتها على شد الانتباه وظلت قادرة على فرض وجودها الكلي لتستوقف المشاهد لتأملها والتمعن فيها. وأخذت المسارح والمنتزهات والقاعات والميادين تضم الكثير من المنحوتات باعتبارها ضرورة جمالية يصعب الاستغناء عنها.
أما في العصر الحديث فقد تغير الأمر تماما فأصبح النحت يعتمد إلى حد بعيد . خلافا لما هو عليه الأمر بالنسبة للتصوير على تلبية رغبات واحتياجات الغير ويمكن القول أنه منذ أواخر القرن التاسع عشر فنادرا ما تم تنفيذ عمل نحتي لغرض خلاف ذلك. ولعل الاستثناء الوحيد يتمثل في تلك الدراسات لبعض الأعمال الكبرى أو الأعمال التي تنجز لتعرض كنماذج تغري البعض للتوصية على عمل منحوتة على نمطها. وكان من نتيجة ذلك أن أصبح النحاتون. أكثر من الرسامين. مرغمين على العمل لتلبية مطالب وتواصي الأشخاص أو المؤسسات الراغبة في المنحوتات ويكون ذلك وفقاً للمعايير والمفاهيم الفنية لتلك الجهات وليس وفقا لرؤية الفنان أو مفاهيمه الفنية الخاصة. ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن (على الأغلب) اتسمت تلك الطلبات والاحتياجات باتجاهها إلى الأعمال المنفذة بأسلوب يغلب عليه الاتجاه الكلاسيكي بشكل أو بآخر. وعليه فإن من السهل علينا أن نستنتج السباب التي جعلت النحت ينحو نحو الاتجاه المحافظ.
http://univers-art.arabfunart.com/sc...enry_moore.jpg



ولئن كان من الصعب على الرسامين التأثيريين الاستمرار آنئذ في رسم صور زيتية بأساليب ثورية وفي نفس الوقت لا يقبل أحد على شرائها، فالأمر كان أكثر صعوبة بالنسبة للنحاتين. ومع ذلك فقد شهدت أواخر القرن التاسع عشر ثورة في النحت لا تقل في أهميتها وتأثيرها عن تلك التي أطلقها التأثيريون في مجال التصوير الزيتي.
والمفجر الحقيقي لتلك الثورة كان رجل واحد. ولكنه واحد من اعظم النحاتين في تاريخ الفن الغربي بعد دوناتيللو ومايكل انجلو وبرنيني. ونعني بذلك النحات العظيم رودان (1840-1917) وسيكون أمرا طبيعيا أن تقارن تأثير رودان كنحات بأثر التأثيريين في التصوير مع أنه بروحه لم يكن تأثيريا على الإطلاق، ولكنه اتفق معهم في نظرتهم إلى الفن آنئذ من انه اصبح هزيلا. خاصة الفن الرسمي العادي. وان النحت بالذات قد اعتراه والذبول كونه أصبح يقوم على تكرار الأعمال الممجوجة لعصر النهضة ويدور في فلك أفكارها.
وحين كان منكبا على إنجاز أحد أشهر أعماله وهو تمثال "مواطنو مدينة كالاس" كتب إلى عمدة المدينة معلقا على التمثال قائلا أنه سيتضمن ما يمكن أن يكون حسيناً وتطويرا نحو الأفضل، لأن التماثيل والنصب المقامة في مختلف المدن تكاد تكون هي نفسها باستثناء بعض الاختلافات بالزيادة أو النقصان في بعض التفاصيل. ونخرج من ذلك أنه كان يرفض النمطية في الأعمال الفارغة التي ينفذها معاصروه من الأكاديميين المتأثرين بالنحاتين التاريخيين، باعتبارهم أساتذتهم ومعلميهم، رغم أنه نفسه كان متأثرا جدا بنفس أولئك الأساتذة حيث لا مجال للشك بأن جذوره الفنية كانت ضاربة في روائع النحت اليوناني ونحت عصر النهضة.
http://univers-art.arabfunart.com/sc...giacometti.jpg



ورغم أن رودان لم يلتحق بمدرسة رسمية للفنون. وتلقى تدريباته الأولية في مدرسة للصنا يع والحروف وهي مدرسة "بتايت" إلا أن سر تميزه كمدرسة قائمة بذاتها يكمن في قدرته المهلة على التشكيل كنحات مشكل، والمعرف إن هناك أسلوبان أساسيان في النحت بصورته التقليدية وهما الحفر والتشكيل. فبالحفر يعالج الفنان خامته من الحجر أو الخشب أو غيره عن طريق إزالة الأجزاء الزائدة من الخامة. فالصورة بالنسبة إليه موجودة داخل كتلة الخامة وهو يراها طيلة الوقت بعين خياله ودوره أن يعمل على إظهارها وإطلاقها من معقلها. فهي واضحة في ذهن من يباشر العمل. ومن هنا فعمله لا يحتمل أي خطأ جسيم يمكن أن يشوه تلك الصورة. أما النحت بأسلوب التشكيل فأمره عكس ذلك تماما إذ نرى المثال هنا يبني ويضيف ليصل إلى الشكل المطلوب عن طريق خامات طيعة مرنة هي في العادة الصلصال أو الشمع. وخلال كل مراحل العمل يكون التمثال قابلا للتعديل أو التغيير، وليس هناك أخطاء جسيمة لأن أي جزء يمكن إزالته وإعادة تشكيله، ولذلك فإنه بالنسبة للمشكل (مثال الطين). فالفكرة يمكن أن تتبلور أثناء العمل. لأن الخامة تستجيب فورا للمسات الفنان ويداه التي تعتبر أكثر أدواته حساسية تعمل مباشرة لتجسدها ما في ذهنه.
وما من شك بأن رودان واحد من أعظم ، وبعضهم يقول بل هو الأعظم. المثالين في تاريخ النحت. فالطين بالنسبة له يعتبر امتداد للتصور القائم في ذهنه. وكانت لمسته واثقة إلى حد أن الشكل النابض بالحياة كان يبدو وكأنه يتدفق من ذهنه منسابا عبر أصابعه التي تعالج الطين. ورغم إن هذه الميزة والقدرة فيه كانت كافية لتصنيفه في مصاف العظام إلا أن إسهامه في وضع مفاهيم الجمال الحديث يحتل منزلة أكثر عظمة وأهمية.
فلقد كانت الدارج آنذاك لا يخرج عن كونه أعمالا إيضاحية تمثل نماذج معروفة ومتعارف عليها وميادين المدن وساحاتها كانت مليئة بمجسمات ذات أوضاع بطولية كلها متماثلة وعلى نفس الوتيرة. فجاء رودان واستطاع بقدرة مذهلة أن يضفي على تماثيله واقعية شديدة الإقناع. وعمله الضخم الأول " عصر البرونز" آثار اعــتقادا بأنه قد صبه على نموذج حي . وهذه الواقعية استكملت عظمتها في الاختيار المناسب لاسم العمل وهو "عصر البرونز" لأن الرمزية فيه كانت واضحة تماما وتوحي بيقظة الإنسانية في ثوب الشباب الكامل.
ورغم ذلك فلم يكن رودان مجرد نحات واقعي فقط بل حاول أيضا أن يعبر عن المضمون العاطفي مستخدما الشكل البشري لإبراز الأمل والألم لدى الإنسان محدثا ثورة في تغيير أسس المفاهيم الجمالية في النحت الحديث. وفي تمثاليه "مواطنو مدينة كالاس" و "بلزاك" اللذين ربما كانا أعظم أعماله يقدم نماذج غير عادية لما يجب أن تكون عليه تماثل الميادين العامة إذ أرسى من خلالها قواعد جديدة في كيفية التفكير بالعمل النحتي.
أما معاصره ادوار ديما (1834-1917) فقد عرف بأنه أحد رسامي مدرسة ما بعد التأثرية ولكنه قام بعدة منحوتات في وقت لاحق من حياته ومنها تمثال "الراقصة الشابة" الذي نفذه عام 1879 بواقعية مذهلة ولكنها تميزت باختراق http://univers-art.arabfunart.com/sc...ri_matisse.jpg



سيكولوجي ظاهر تجلى في تعبير تلك الصبية الشريدة ذات الأربعة عشر عاما يسكنها الخوف وتبحث عن الأمان جعل العمل شديد التأثير العاطفي ويتجاوز كونه قطعة فنية للمشاهدة فقط. وكل دراسات ديا على مواضيعه المفضلة الراقصات، النساء المستحمات، الخيول، تظهر بوضوح براعته الفائقة في التشكيل الذي يتدعم بتعاطفه وتفهمه الواضح لتلك المواضيع.
وهناك معاصر آخر لرودان هو"ميداردو روس" (1858-1938) وهو إيطالي عمل في باريس خلال ثمانينات القرن الماضي تميز بالاتجاه التأثيري أكثر من رودان كان نحاتا مشكلا مستخدما الشمع في غالب الأحيان. استلهم مواضيعه من الصور الحياتية اليومية التي توحي بالشكل أكثر مما تخلقه.
سطوح تشكيلاته لم تكن مستوية فبدا وكأنه يحاول أن يشكل الضوء ذاته. وأهميته تكمن في أنه يوحي بتفكيك أو تحليل عناصر الأجسام. وهو أسلوب جديد يتيح حرية أكبر في معالجة الشكل إلا انه يعتمد على الملاحظة الشديدة.
كان هناك العديد من النحاتين الذين انتهجوا نهج الحركات الجديدة للفن الحديث في أوائل هذا القرن.وأحيانا ما كانوا هو أنفسهم رواد هذه الحركات وغالبا ما كانوا نحاتين ورسامين معا.
فبوتشيني مثلا كان أشهر المبدعين في حركة "المستقبلية". وعملاه "أشكال فريدة في الفضاء و"تطور زجاجة في الفضاء" تعتبر من أهم الأعمال في الحركة إن لم تكن ضمن اعظم منحوتات القرن. ونذكر أيضا بيكاسو وماتيس اللذين عملا منحوتات مهمة جدا. حتى النحاتين الذين لم يتقيدوا بمدرسة معينة إلا أن يكون الأمر استجابة لحالات مزاجية خاصة كان منهم بعض البارزين الذين رغم انفصالهم تماما عن أي من المدارس المتسمة بالمعاصرة إلا انهم أسهموا بشكل كبير في خلق المفاهيم الجمالية الحديثة.
في ذلك الوقت. كما هو الأمر في الوقت الحاضر أيضا.كانت الحاجة مازالت قائمة لتخليد الشخصيات البارزة من سياسيين وجنود أدباء.. الخ بأعمال نحتية. لكن هذا النوع من النحت رغم أنه موجود في كل العصور إلا انه لا يحتل موقعا مهما في التاريخ العام للفن الحديث لأنه نشاط عام ولا يعتد به في دراسة تطور النحت.
كان لوردان تلميذ بدا وكأنه تابع مخلص لمنهج أستاذه وأنه سيكمل رسالته موصلا إياها إلى آفاق أرحب ومجالات أوسع إلا

http://univers-art.arabfunart.com/sculptor_duchamp.GIF


انه لم يحتفظ بذلك الاتجاه بل مال عنه بتأثير الاغراءات المادية التي وفرتها له الطلبات الخاصة والتي كانت كلها وفقاً للمنهج الأكاديمي كان ذلك الفنان هو اميل انطوان بورديللي (1861-1929). أما ميلول(1861-1949) فهو أيضا أحد تلاميذ رودان الذي بدأ حياته الفنية كرسام منتم إلى الحركة النابية ثم اتجه إلى النحت حين شارف على الأربعين من عمره عقب عملية جراحية أجراها لإحدى عينيه. وفي هذا المجال استقر على أسلوب واحد وموضوع قلما تغير وهو الإناث العاريات في أشكال مبسطة وأوضاع محددة بانحناءات واستدارات جميلة رشيقة تذكرنا بموديلات رينوا. ويمكن القول أن كل أعماله الفنية تندرج ضمن هذا القالب : أشكال مبسطة وأوضاع محددة متفقة غالبا في الإيماءات مع تباين طفيف، كل ذلك من خلال تأثر واضح بالنحت اليوناني. إلا أن بصمته كانت واضحة في أيجاد أسلوب في النحت خلا من الرشاقة والإثارة الدرامية المميزة لأسلوب رودان فبدا وكأنه كلاسيكية حديثة احتفظت بمقوماتها الكلاسيكية وعنصر الحداثة فيها هو الإحساس الكامن بها.
وهناك أيضا المثال رايموند دوتشامب (1876-1918) ذو الموهبة الفنية والذي سرعان ما تحول من المدرسة الأكاديمية إلى الأشكال المبسطة التي توحي بالتحليل التكعيبي. وقد تميزت مجموعة أعماله النحتية الموسومة" الحصان" بأنها جمعت بين قوة الحيوان وقوة الآلة.
أما الإيطالي اميديو مودلياني (1884-1920) فكان ذا موهبة نادرة، كان رساما ونحاتا متميزا بأسلوب متفرد. ولكنه كان يوهيميا في حياته منغمسا في الملذات رغم إصابته بالسل.
وكان وسيم الشكل وزئر نساء ومدمن مكيفات. وكثيرا ما ردد بأنه سيظل يشرب حتى الموت وحقق ذلك فعلا. اعتبر نفسه أفضل فناني إيطاليا. وكان يقول بأنه نحات في المقام الأول رغم أن لوحاته الزيتية. وخاصة تلك التي تناول فيها النساء العاريات. تأتي في مقدمة أعماله التي اشتهر بها. وقد بدأ واضحاً أنه تأثر بفنون نحت العصور الوسطى وعصر النهضة وكذلك بالفن الأفريقي. ذلك رغم أن الرؤوس المبسطة والاستطالات التي هي عليها لا توحي بارتباطها بعصر محدد بقدر ما هي ضاربة في أعماق التصورات البدائية الموغلة في القدم.
وصداقته مع برانكوزي (1876-1957) وهو فنان روماني كان يقيم في باريس. أثارت شكوكا بأنه في بداياته قد تأثر ببرانكوزي فهناك بالفعل صور من التشابه قائمة. وقد تطور برانكوزي ليصبح أحد أهم شخصيات النحت في القرن العشرين، والمؤثر الأساسي في أحد اتجاهاته المميزة وهو الاتجاه المستمر نحو التجريد. وقد اختلفت الآراء فيما يخص التجريد. إذ رأى البعض أن ليس هناك ما يسمى بفن تجريدي حقيقي. وأن ما يمكن أن يقال في أعمال برانكوزي أنها تنتمي بشكل رئيسي إلى التجريد أكثر من كونها تجريد حقيقي صرف.
ومع ذلك فهو يصقل الأشكال ويهذبها ويحورها برؤية تجريدية مع احتفاظها بكل العلاقات المرتبطة بالموضوع الأصلي. وفي منحوتته " السمك" و"طائر في الفضاء" نرى أن الروح والإحساس والفكرة قد تم اختصارها جميعا وتقليصها إلى شكل موحد بسيط. هذا الاهتمام باستبعاد وإزالة كل العناصر الخارجة عن جوهر الموضوع مع الإصرار على رفض استخدام أي منها كرمز هو أكثر ما يميز برانكوزي عن رودان الذي كثيرا ما أبدى إعجابه الواضح بقدرات ومواهب برانكوزي وحاول كثيرا أن يلحقه به كمساعد له ولكنه لم يوفق إلى ذلك بسبب ميل برانكوزي الشديد إلى الاستقلالية والتفكير الفردي الطليق. وفي سعيه فقد المتواصل لتحقيق الكمال في السطوح فقد استعان بالكثير من التكنولوجيا مع الكثير من الجهد الشاق.
فكان لا يكف عن العمل ويستخدم وسائل تكنولوجية كي يصل إلى الشكل والملمس المطلوبين وقد قال جاك ليتش النحات التكعيبي المعروف الذي كان مرسمه ملاصقاً لمرسم برانكوزي بأنه قادراً على سماع الصوت الناتج عن عملية الصقل بشكل يكاد يكون مستمراً. وعملية الصقل هذه يرى برانكوزي أنها ضرورة أساسية تستلزمها الأشكال المطلقة في حالة استخدام خامات معينة. وهذا الإغراق في اللجوء إلى الصقل والملمس في النعومة حتى ليبدو في العمل في النهاية وكأنه صنع آلة، يوحي بأن هناك شكل نهائي مطلق يسعى الفنان دون كلل للتوصل إليه من خلال عملية التقليص والصقل وهي وجهة نظر تشكل إحدى السمات الجمالية للنحت في القرن العشرين. وهذا يعني أن الأمر ليس مجرد إزالة أو تخلص من بعض المظاهر الزائدة ولكنها إيمان مسبق بالصورة النهائية البسيطة كهدف بحد ذاته يبعث التوصل إليه في نفس الفنان مقدارا من الراحة أكثر بكثير مما يبدو لنا. فالبيضة يمكن أن نرى فيها معنى يشير إلى بداية العالم أو إلى الأمومة أو الحياة التي لم تتحقق بعد أو أي معنى آخر من هذه المعاني المتضاربة وهي فلسفة عبر عنها أحدهم ببساطة تبدو وكأنها لغز حين قال "كلما قل ازداد"، وأصبحت هذه الفلسفة عقيدة وقناعة تفصح عن نفسها من خلال أعمال لا شيء واضح فيها سوى اسمها حتى الغرف التي توضع فيها تكون خالية من أي شيء ولا يملؤها إلا الفراغ.
وبطبيعة الحال فهذا لا ينطبق على برانكوزي. بل إن الأمر معه على عكس ذلك تماما. فعملية الصقل لديه المثيرة للعواطف

http://univers-art.arabfunart.com/sc..._eva_hesse.jpg

والأحاسيس مقصودة وتستهدف والإيضاح وإبراز الجانب المناقض للغموض والغرابة. واختياره للخامات المستخدمة يعتمد على مدى ملاءمتها للموضوع والصورة النهائية التي يحرص على الإبقاء على ارتباطها الوثيق بالشكل الأصلي للموضوع. ذلك رغم أنه في بعض الأحيان يلجأ إلى تكرار الموضوع بخامات مختلفة.
ومكانة برانكوزي في تطور النحت الحديث ليست موضع نقاش أو جدل. وعقب وفاته عام 1957 اتخذ النحت مساراً جديداً حيث اتجه إلى التجريدية المبسطة ذات الفراغات الزخرفية. وهناك أيضا النحات السويسري المولد "البرتو جياكوميتي" (1901-1966) الذي اتخذ من باريس مقراً لعمله منذ عام 1927 وبقي فيها حتى وفاته. تميز هذا الفنان بأسلوب شديد التفرد وحظي بشهرة واسعة. اتجه إلى السريالية في مرحلتها المبكرة ثم هجرها إلى أسلوب آخر يتميز بتقليص الأشكال إلى حد جعلها تبدو كالعصا بسطوح خشنة نافرة ولكنها تنضخ بأحاسيس طاغية بالعزلة الإنسانية الشديدة.
ورغم أنه في أشكاله يبقى فقط على العناصر الأساسية للموضوع حتى ليذكرنا بأسلوب برانكوزي إلا أنه يختلف عنه في خشونة سطح الأعمال وافتقارها إلى الشكل الصريح المحدد. ولكنها في النهاية تثير في النفس الكثير من الأحاسيس والشجون. وأعماله النحتية في جملتها تتضمن تكراراً يبدو وكأنه تكرار قسري يفرض نفسه. عليه مما يجعل تأثيرها الكلي أقل من ذلك الذي تشيعه رسوماته ولوحاته التي تنطوي على الكثير من العناصر المثيرة لمشاعر الرثاء والشفقة والقوة معاً.
وإذا ما تطرقنا إلى النحت عند ماتيس نجد أنه بدأ في ممارسة هذا الفن منذ عام 1900 تقريبا. وإذا كان من الممتع حقا أن نتأمل في أعمال ماتيس النحتية كامتداد للمدرسة الوحشية في التوصيل التي كان رائدها. فإن هذا الأمر على ما يحمل من صدق إلا أنه يمكن القول أيضا أن تأثره الأساسي في البدء كان بالفنان رودان.
وتمثاله الأول "الصبر" الذي يصور رجلا واقفا عاريا يشير بوضوح إلى علاقته بتماثيل رودان "الرجل الماشي" و"البابا يوحنا" وبأحد الشخوص في تمثال "مواطنو مدينة كالاس" رغم أن مثل هذه العلاقة لا نرى لها أثراً في المراحل التالية حيث مال إلى التجريد ولكن على نهج مغاير لما كان عليه نهج برانكوزي وجياكوميتي.
وأثر ماتيس في التطوير يبدو واضحا من خلال التماثيل البرونزية الأربعة التي أنجزها خلال الفترة من عام 1909 وحتى عان 1930. وهى تمثل ظهر فتاة عارية بتفاصيل شديدة الوضوح والبروز والتمثال الأول من هذه السلسلة يشير إلى إن في ذلك الوقت كان لا زال متأثرا برودان. وتميز التمثالان الثاني والثالث بتداخلات تحليلية في الأشكال أظهرت بوضوح مدى فهمه واستيعابه الكامل للمذهب التكعيبي رغم أنه لم يكن تكعيبيا على الإطلاق. أما العمل الرابع والأخير فقد كان مزيجاً متناغماً ومؤتلفا من البساطة والضخامة معا، في تشكيلات مترابطة تقدم لنا نموذجا لما يجب أن يكون عليه فن النحت في المقام الأول. ولا شك بأن امتلاك مثل هذه القدرة وهذا التمكن الكثير من الكفاح الصادق والعمل المتواصل. وربما كان ماتيس قد توقع الأسلوب الذي سيأخذه النحت على يده عندما قابل رودان لأول مرة غير أنه في المراحل التالية نرك التفاصيل التي تهدف إلى الشرح ومال إلى أسلوب الدمج الذي ينبض بالحياة والإيحاء.

نور 03-13-2008 04:24 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
الانطباعية.. طريقة جديدة لرؤية العالم


ولد جيل الانطباعيين في الفترة الممتدة بين الأعوام 1830 - 1841 ، وعلى الرغم من أنهم كانوا يختلفون إفرادا في خلفياتهم
http://univers-art.arabfunart.com/impressionism1.jpg


وتدريبهم وأمزجتهم تماماً إلا أنهم كمجموعة كانوا يملكون الاندفاع الحاد ذاته في التفرد والإخلاص .
كلهم قدموا إلى باريس حوالي عام 1860 ، ونشأت بينهم جمعياً زمالة صادقة في التو ، وتميزت مجموعتان في تكوينهما ، إحداهما في الأكاديمية السويسرية وتركزت حول بيسارو ، والأخرى في ستوديو " غلير " وتركزت حول مونيه.
كان ستوديو " غلير " يتمتع بسمعه طيبة نسبياً ، لتحرره من الأساليب المتزمتة في طرائق التدريس ، تضاف إلى ذلك مزية أخرى هي الأجور الواطئة التي كان يتقاضاها من الطلبة ، والجو الطبيعي الرائق الذي كان يحيط به ، فكان أن تناوب على الدراسة فيه أكثر من خمسمائة فنان ، ولم يدخر مونيه وسعاً للانضمام إليه ، برفقة عدد من أصحاب الجدد مثل : بازيل وسسلي ورينوار ، وقد بقي هؤلاء على صلة مستمرة بأصدقائهم الآخرين في الأكاديمية السويسرية ، بفضل مونيه وبازيل، و في ربيع عام 1864 أغلق معهد " غلير " أبوابه نهائياً ، فانتقل مونيه ورفقاؤه إلى غابة " فونتنبلو " حيث شرعوا يرسمون في الهواء الطلق عن الطبيعة رأساً.
قبل حرب عام 1870 ، كان انطباعيو المستقبل لما يزالون يقتدون بالمجموعة المؤلفة من بودان وجونكند وكورو ودوبينيي ، وفي مقدمتهم كوربيه ، ومنذ عام 1865 وما بعده ، صاروا على صلة مباشرة بمن سبقوهم وأثروا فيهم ايما تأثير ، لاسيما بعد أن عمل البعض منهم معاً في باريس ، وفى غابة " فوننتنبلو " وعلى ساحل المانش.
يمثل عام 1863 علامة مميزة في تاريخ الرسم ، ففي العام المذكور لحظ كاستنياري ، الذي كتب عن اللوحات التي عرضت على الجمهور في " الصالون " الرسمي بباريس ، وحاول أن يقوم ما وصفه ب" الاتجاهات الحقة التي سلكها الفن في عصره " التحول من " الواقعية " الدرامية التي تلعب بالعواطف الى " الطبيعة " المتحررة مؤشراً كافياً الى الموقع التاريخي الذي احتله مانيه وأنطباعيو المستقبل بالنسبة لكوربيه.
في العام ذاته ، توفي ديلاكروا تاركاً وراءه أمثولة ثمينة للفردية والحرية الخلافة كان تأثيره في الانطباعية كبيراً ، حتى أن سيزان أطلق عليه ( أجمل " باليت " في فرنسا ) ، وقد تجلى ذلك في الدراسة التي كتبها بول سنياك عنه في العام 1899 بعنوان ( من يوجين ديلاكروا الى الانطباعية الجديدة).
http://univers-art.arabfunart.com/impressionism2.jpg



تنقل مونيه وزملاؤه ، قبل أن يستقر بهم المقام على ضفاف نهر السين حيث أتخذ أسلوبهم شكله النهائي ، من " إيل دي فرانس " إلى ساحل البحر ، ومن غابة " فونتنبلو " ، التي مارسوا رسم مشاهدها على غرار من سبقوهم ، الى شواطئي بحر المانش حيث اكتسبت أوانهم بريقها بسرعة ، كان هذا المكان بمثابة مأوى قديم لرسامي الألوان المائية الإنكليز ، وللرومانسيين أمثال : ديلاكروا وهيوي وفلير واسابي ودوبري ، يزورهم كوربيه أحيانا ، ثم ما لبثوا أن هجروه ، في الأيام التي ازدهرت فيها مدرسة " الباربيزون " ، واضحي السين والساحل النورماندي مركزهم المفضل للرسم في الهواء الطلق بين الأعوام 1858 - 1870.
هنا . . ولدت الانطباعية ، والفضل في ذلك يعود الى يوجين بودان ، الذي استضاف مونيه وكوربيه وبودلير وجونكند وعدداً آخر من الشباب ، الذين فتحوا عيونهم على اللون السحري للضوء والماء.
لحظ كاستنياري منذ بداية عام 1863 أن عظمة جونكند تكمن في الانطباع الذي يولده رسمه ، وعلى الرغم ن أن صورة المنجزة في الأستوديو هي أعمال مكثفة ومتشابكة إلا أنها بقيت ضمن الإطار الرومانسي الواقعي ، وكانت لوحاته المائية متميزة بلمسة حرة سريعة مشرقة مستمدة من الحياة رأساً.
كان الوعي حاداً بالمشهد المعاصر آنذاك ، وما يبدو اليوم لنا طبيعياً وضرورياً كان يعتبر ، لا سيما في الفن ، بدعة ثورية في أواسط القرن التاسع عشر ، حيث التقاليد الموروثة راسخة منذ القدم ، وقد تولد هذا الوعي نتيجة الإحساس المرهف للماضي ، ولمظاهر الحياة الجديدة التي شرعت تزحف على المدينة باطراد ، بسبب الثراء الذي رافق التقدم الحضري والصناعي وتفجرت الشاعرية في عالم الرسم في عام 1860 - 1861 في لوحة مائية الموسومة " حفلة موسيقية في قصر التويلري " ، لم تكن جرأتها تكمن في اختيار الموضوع ، على الرغم من أنه كان في الواقع جريئاً في ذلك الحين ، بل في الانسيابية الحية الموجزة لضربات الفرشاة المتناغمة تناغماً كلياً والطريقة الحديثة في الرؤية ، المتسمة بالتلقائية في الاستجابة ، لقد عري مانيه العرق الفني الذي طالما أشار إليه بودلير ، وكان الفن جاء بعده وأطلق عليه (الرسم الحديث)، هو في الواقع الرسم الصادق الأمين لذلك العصر.
http://univers-art.arabfunart.com/impressionism3.jpg



مارس مونيه ورينوار وبازيل أول مامارسوا رسم القوام الإنساني في الهواء الطلق بين الأعوام 1865 - 1868 ، تحت التأثير الطاغي لكوربيه ومانيه ، لقد حققوا في البدء مواضيعهم الأولى كرسامين رومانسيين ، ثم ضمن مدرسة " الباربيزون " المستقلة ، وبقيت غابة " فانتنبلو " أيضا الخلفية المفضلة للتجارب الانطباعية الأولى التي كان رائدها المتحمس مونيه الذي أضحي " الموجه الأول للانطباعيين " على حد قول ليونيلو فينتورى ، وبتعاظم حركة الرسم في الهواء الطلق بدا ظل الشمس وكأنه أمسى طوع بنانهم ، وهلل الانطباعيون ، وفى مقدمتهم كوربيه ، للتأثيرات الخلابة التي يمكن استخلاصها من الأشكال الرشيقة والألوان البراقة للنساء المتأنقات في ضوء الشمس.
كانت الانطباعية غزواً تدريجاً للضوء أضحى يؤلف قاعدة أساسية في الرسم ، وكان ميدان فعلها وازدهارها المناظر الطبيعية ، حيث تتلاشى التحديدات في تقلبات الجو الحادة المتعاقبة ، لكن التجربة مع الضوء واللون لم تكن هي القصة كلها مع الحركة الانطباعية ، فقد ولدت الدراسات المفيضة للقوام البشري مشاكل عديدة للشكل والفضاء والتكوين ، وسعدت لإيجاد الحلول لها ، وكان ثمرة ذلك نشوء طريقة جديدة لرؤية العالم ، عززت من جرأتها الموجة التي صاحبتها آنئذ بذيوع المطبوعات اليابانية وتطور التصوير الفوتوغرافي.
ولما يقرب من قرن ، نحت الثورات الفنية نحو احتلال مواقعها معتمدة على أساليب قائمة راسخة في القدم ، سواء أكانت هذه الأساليب عريقة أم دخيلة أم بدائية في طبيعتها ، وبالنسبة للانطباعيين ، كان سحر الفن الياباني يتجلى في عفويته الزخرفية ، وفي طريقيه الساحرة لتشطير العالم المرئي وفق التناغم اللوني والخطي ، وفي تحولاته المفاجئة في تناقضات قيم النور والعتمة ، وكان الدور الذي لعبه التصوير الفوتوغرافي في عاملاً موازياً

http://univers-art.arabfunart.com/impressionism4.jpg


في الأهمية على الرغم من أنه لم يعط الأهمية التي يستحقها ، كان تأثيره غير مقصود في الواقع ، مادامت عدسة الكاميرا توجه وتدار من قبل حاملها وفقاً لأذواقه وأفكاره ، وقد ظهرت أولى اللقطات الفوتوغرافية في حوالي عام 1863 ، كما ظهر التصوير الجوي والمناظر شبه المجسمة في حوالي عام 1865 ، والمقارنة بينها وبين اللوحات المعاصرة آنذاك تمدنا حقا بمزيد من المعرفة ، فقد عززت الكاميراً وعجلت في النمو الطبيعي للأسلوب الانطباعي ، وبالتالي رسخت النظرة التحليلية والنفسية تجاه العالم المرئي .
أن المجموعتين المبكرتين اللتين تكونتا تلقائياً :
http://univers-art.arabfunart.com/impressionism5.jpg



الأولى في ستوديو " غلير " والأخرى في الأكاديمية السويسرية ، تقابلان بالضبط فرعي الانطباعية البارزين في آرجنتوي ويونتوا ، فإحداهما رؤيوية وكونية في نظرتها ، مأخوذة بسحر المياه المترقرقة والأضوية المتلألئة ، وثانيتهما رعوية وأرضية ينحصر اهتمامها بالقيم البناءة ، ومخلصة في رو حيتها لكورو لقد احتضن كورو ، بنظرته الجمالية التي امتدت خطوطها العريضة بعيداً في المستقبل الجمالية التي تجعل الفن صوتاً معبراً عن مشاعر الفنان الدفينة، وقد لخصها مراراً في ملحوظات بليغة استقت منها لأول مرة كلمة " الانطباعية " معناها كاملاً ، وترددت في ما بعد بشيوع الفكرة القائلة : " الكتلة دائماً . . الكل ، ذاك الذي له فينا اشد الوقع ، علينا أن لا نفقد ابدأ الانطباع الأول الذي يحركنا . . اخضع للانطباع الأولى ! أن كنا حقاً قد تأثرنا فالصدق في أحاسيسنا سينتقل بدوره الى الآخرين ".

نور 03-13-2008 04:26 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
المدرسة التكعيبية


حين شرع براك، في نهاية عام 1907، يدير ظهره للوحوشيه كان هدفه تقليل قوة اللون من اجل زيادة قوة الشكل، لا لتأكيد الخط وحسب بل الحجم أيضا، رسم بعد بضعة شهور في "الايستاك" مناظر طبيعية كان كل شيء فيها جسما صلدا مختزلا إلي شكل هندسي،
http://univers-art.arabfunart.com/cup_picasso.jpg


حيث لا تقل النبتة صلابة ورقة عن صلابة جذور الأشجار وحيطان البيوت. كتب لويس فولسيل عن هذه الأعمال يقول:
"السيد براك اختزل كل شيء المواقع والأشخاص والبيوت، وجعلها تخطيطات هندسية… فمكعبات !" هنا، بالذات، سن الكلمة الدالة التي قدر لها أن تصف الاتجاه الجديد.."التكعيبية".
الواضح أن المسألة كانت بالنسبة إلي براك والي بيكاسو الذي كان يعمل وفق الاتجاه ذاته، اكثر من مكعبات! وعلى الرغم من أن المصطلح يمكن أن ينطبق، مع بعض التبرير، على أعمال هذين الفنانين التي رسماها قبل عام 1910، إلا انه لا يصح إطلاقه على كل الأعمال التي أنتجاها بعد هذا التاريخ لقد تحررا بعده من تأثير سيزان والفن البدائي الذي احتوي عناصر شكلية في أسلوبيها حتى ذلك الحين، وبرزت التكعيبية اكثر الحركات ثورية في مجال الرسم الشكلاني منذ القرن الخامس عشر والحق، أنها تخلت عن كل مفاهيم الواقعية البصرية وأهملت كلياً المنظور "التقليدي"، والنمذجة، والتأثيرات المحتملة الخفيفة لا بسبب موقفها المغاير تجاه الأشياء، بل لأنها أرادت أن تحللها بصورة اقرب، وحاولت أن تقدم لها تمثيلاً اكثر شمولاً. كان التكعيبيون أول من أدرك تماما بأنه: باختيار زاوية نظر مفردة فان عصر النهضة طبق في الصورة نظاماً معيناً وأدان نفسه في الوقت ذاته بإعطاء الأشياء منظراً جزئياً وحسب، وهو الجانب الذي يراه الناظر في لحظة سكون، أما اليوم فالإنسان المعاصر يتحرك من مكان إلى آخر بسرعة مطردة، والصورة التي يتلقاها عن العالم معقدة. هذا التعقيد هو ما سعى التكعيبيون إلى نقله على قماشة اللوحة بوضع ظواهر الشيء المتعددة إلى جنب على السطح المستوي ذاته، بحيث يتعذر على العين أن تري الأشياء في وقت واحد، بينما في مقدور الذهن أن يوجدها من جديد.
ل

http://univers-art.arabfunart.com/cup_braque.jpg


يست هناك فائدة من الادعاء بأن الأعمال التكعيبية يمكن تفسيرها بتفصيلاتها كلها بهذا الاهتمام وإعطاء الواقع تأويلا جديدا، فالواضع أن الفنانين استمتعوا أيضا بتغيير الأشكال الطبيعية، بل بتجاهلها أحيانا، أو التعويض بأشكال خيالية عنها، يقول براك:"أن الرسام لا يحاول أن يعيد تمثيل وضع ما، إنما يحاول أن يبني حقيقة صورية." فموضوعاته، مثل تلك التي لبيكاسو، كانت عادية جداً. كان ميلهما المحبذ نحو الحياة الساكنة(Still-life) التي تجمع في الغالب قنينة وقدحاً وغليوناً وصحفية وغيتاراً أو كماناً معا. وحين كانا يقرران أن يرسما إنسانا، فانهما ينتزعان منه هيبته ووقاره وأهميته. لم يكن لعلم النفس موطئ في هذا الفن، سوي أن مبتكريه يضعان نفسيهما تماما بدل الشخوص الماثلة أمامهما عند الرسم.
وفي العديد من أعمال الفترة 1910-1912 عمد براك وبيكاسو إلى تجزئة الأشياء حدا انتهى بتناثرها و أبادتها. لقد بلغا مشارف الفن التجريدي، لكنهما لم يتجاوزا الحدود إليه وفي تطورهما المنسق حتى اندلاع الحرب في عام 1914، قاما بمحاولة لإعادة تأسيس القيم الصورية للأشياء وجعلها اكثر بروزا للعين. لقد قللا من تشطيرها وزادا من تحديدها، دون اللجوء إلى الأساليب الطبيعية أو الواقعية وفي الفترة ذاتها، شرعا ادخل الحروف المطبعية في أعمالهما منضدة في كلمات مثل(Bal) و(Le Torero) و (ma Jolie)، ألتي مثلت فكرة "موتيفاً" زخرفية و أقحمت قرائنها الذهبية في الصورة، بل ذهبا إلى ابعد من ذلك، فابتكرا الأوراق الملصقة(قطعاً من الجرائد، وورقاً مطلياً وورق تغليف) والصقاها رأسا على القماش، وقاماً أحيانا بوضع لمسات من اللون عليها، بهذا وضعت الحقيقة (المحولة) جوار الحقيقة (الخام) التافهة، لتتحول الثانية فتكتسب قيمة صورية وأهمية دلالية. إضافة إلى ذلك ساعدت هذه الملصقات الورقية براك وبيكاسو على التطور من المرحلة التحليلية إلى المرحلة التركيبية للتكعيبية، وقادتهما إلي خلق إثارات فضائية باستعمال اكثر الوسائل أولية (شريطين من الورق، مثلاً، بلونين مختلفين) كما ساعدتهما هذه الملصقات الورقية في http://univers-art.arabfunart.com/cup_cafephil.jpg



النهاية على إعادة اكتشاف اللون. فاستيعابهما الكلى لمشكلة الشك جعل التكعيبيين زهاداً في اللون يختارون من الأصباغ اقلها، وقيام الفنان بتسليط الضوء بعشوائية على مساحة الصورة، أدى إلي تدرج حاذق في تنغيم الألوان الرصاصية والبنية والصفراء الأوكرية. وفي حوالي عام 1913، هجرا هذه الصورة أحادية اللون ونوعا الألوان، وجعلاها اقوي من قبل أيضا.
لعب اللون فعلاً دوراً مهماً في تجارب اثنين آخرين من الرسامين الذين كانوا على صلة بالتكعيبية: ديلوني وليجيه، فمنذ أوائل عام 1910 أعلن ديلوني بأن براك وبيكاسو "يرسمان بنسيج العنكبوت!" وكرد فعل، استعمل مندرجاً حراً من الألوان الدافئة، بينما عمد ليجيه إلى استخدام الأزرق والأحمر الخالصين منذ عام 1912 وما بعده.لم تكن هذه هي النقطة الوحيدة التي اختلفا فيها مع زملائهم الفنانين، فقد تأثرا كذلك بسيزان لكن تأثيره كان مغايراً عمدا إلي هندسة الشكل دون تشطيره أو تجزئته ولم ينغلقا على نفسيهما في محترفيهما يرسمان الأشكال المتواضعة الموجودة علي المائدة وحسب فقد استمد ديلوني مثلاً الإلهام من "برج أيفل" ورسم ليجيه "عبور السكة" و"منظر باريس من النافذة". وكلاهما كان على وعي شديد بالإيقاع السريع في الحياة الحديثة والإثارات الجديدة المفاجئة التي ولدتها التكنولوجيا في العالم حولهما.
وعلى الرغم من أن براك وبيكاسو وديلوني وليجيه جاءوا بأفكار التكعيبية الثورية غير انهم لم يكونوا وحدهم في الحركة، فقد أيدهم فنانون آخرون مناصرون، لكن الخصائص المميزة لكل منهم بقيت واضحة بين هذا الفنان وذاك.
أن تجارب خوان غريس ولويس ماركوسيس واميلو بيتوروتي ذات صلة ولو بدرجة معنية،ببراك وبيكاسو كان جاك فيون، واخوة مارسيل دوشامب في الاخصالأخصعين بالحركة، بينما اعتبر البرت كليز وجان ميتزنغر وروجر دي لافريسني واندرية لوت التكعيبية نظاماً منضبطاً، وسيلة لتبسيط الشكل، وتقوية التكوين، ومنح التقليد حياة جديدة.
كان للتكعيبيين تأثير واسع في كل مكان، وفي إمكاننا أن نعثر على رسامين تأثروا بالتكعيبية في بقاع العالم المختلفة، إضافة إلي ذلك، أن نشاطهم لم يكن محدداً بالرسم، بل شمل الملصق والإطاعة والديكورhttp://univers-art.arabfunart.com/cup_seatdwmn.jpg



المسرحي والنحت والعمارة

نور 03-13-2008 04:28 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
مدرسة الباوهاوس

بعد الحرب العالمية الأولي قام المعماري : ( والتر كربيوس ) بتأسيس مدرسة فنية تصميمية في مدينة
http://univers-art.arabfunart.com/bauhouse3.jpg




( فايمار ) الألمانية عرفت باسم : الباوهاوس . ضمت إليها مجموعة من الفنانين والحرفيين والمصممين في مسعى منه لخلق تواصل بين الشكل والوظيفة وكانت هذه المدرسة الفنية نموذجا رفيعا ودقيقا وسط عالم مزقته الصراعات المجهولة النتائج .
وأعتمد مؤسسها منذ البداية علي أفضل العقول الأوربية وفي مقدمتهم : أيتن - فايتنكر - ماركس - ميرو. وألتحق بها فيما بعد بول كلي - وكاندينسكي وكانت الدراسة بها لا تزيد عن ثلاث سنوات ونصف تميزت مناهجها بإلغاء الفوارق بين الفنان والحرفي وأنسحب ذلك علي العلاقات بين الأساتذة والطلبة لتجعل حدود العمل جماعيا كما تطرقت هذه المدرسة إلى الصناعات وأسهمت في خطوط الإنتاج وكان الكثير من مفرداتها قد دخلت الحياة اليومية كتصميم الكتب والقيشاني والأثاث والجرافيك والإعلانات الجدارية .
شهادة أحد روادها
الفنان : ( يوهانس أيتن ) عاش تجربة كاملة في هذه المدرسة متأثرًا ومؤثرًا في مناهجها الخلاقة فقد درس هذا الفنان أولا في أكاديمية جنيف 1910 وكان التدريس بها - علي حد قوله - يسير وفق أساليب العصور الوسطي إذ يقوم الأساتذة بشرح ما يقومون به لتلاميذهم ثم علي هؤلاء تقليد أساتذتهم وكان النجاح يتوقف علي قدرة التلميذ علي تقليد أستاذه تقليدا دقيقا.
في عام 1913 ذهب : ( يوهانس أيتن ) إلى مدينة : شتوتجارت لحضور محاضرات كان يلقيها أدوولف هولزل في أكاديمية شتوتجارت التي اعتنت بتدريس أساليب التشكيل وأسس اللون بصورة منتظمة .
وجد : ( أيتن ) في هذه الأكاديمية أن : ( هولزل ) أستاذا مدهشا محفزا ومتفتح الذهن وسرعان ما حصل الفنان الشاب علي فرصته للتدريس بالإضافة إلى ممارسة عمله الإبداعي .
عام 1916 وباقتراح من أحد تلاميذه أنتقل من شتوتجارت إلى : ( فيينا ) لتأسيس مدرسة للفن وتطوير طرق التدريس وهناك شرع يحاضر في موضوع أقطاب التضاد وتمرين الطلاب علي الاسترخاء وتصعيد درجة التركيز وبرهنت تجربته هذه علي التلقائية الإبداعية ، وهي واحدة من أهم مشاكل التربية الفنية والتثقيف الفني .
في ربيع العام 1919 وبعد نهاية الحرب العالمية الأولي دعته السيدة : ( ألما ماهلر كروبيوس ) التي كانت من المعجبات بفنه وبنظرياته في التدريس لتمضية عطلة نهاية الأسبوع في : سمرتك حيث قدمته لزوجها : ( والتر كروبيوس ) مؤسس مدرسة : ( الباوهاوس ) برغم أن كروبيوس لم يفهم رسوم : (ايتن) ولا أعمال تلاميذه إلا أنه عرض عليه الحضور إلى : ( فايمار ) ووعده بأنه سيكون مسرورا هناك .
http://univers-art.arabfunart.com/bauhouse2.jpg


بعد فترة وجيزة لبي : ( يوهانس أيتن ) هذه الرغبة وجاء إلى فايمار وأخذته الدهشة من روعة غرف الدراسة الفاخرة وورش العمل المختلفة ووجد بانتظاره منشورا بقلم ( كروبيوس ) يقول فيه :
الهدف الأساسي لكافة الفنون التشكيلية هو البناء وعلي المعماريين والنحاتين والرسامين العودة إلى الحرفة إذ ليس هناك فارق أساسي بين الفنان والحرفي .
فالفنان ما هو إلا صيرورة مكثفة للحرفي وأن معرفة أسس الحرفة وركائزها أمور لا يستغني عنها بالنسبة للفنان أي أنها مصدر لإنتاجيته الخلاقة . أسلوب الدراسة
تبدأ الدراسة بترويض الإصبع واليد والذراع والجسم بكامله علي الاسترخاء والتحسس والتقوية وحتى تنفس الطالب في (الباوهاوس) يخضع لهذه الاشتراطات ، إذ ينبغي أن يفحص وينشط ثم يأتي دور النصح بشأن التنظيم الغذائي والإرشادات الصحية . هتلر والباوهاوس
من أصعب المشاكل التي شغلت أستاذ تدريس الفن في (الباوهاوس) تتمثل في تحرير الإدراك الحسي الروحي الداخلي وتعميقه وكان علي الطالب دراسة تحليل الألوان باضدادها السبعة بأسلوب منطقي وكان عليه أيضا أن يقضي قرابة نصف ساعة كل صباح ولأسبوع كامل مواجها نبات (السرخس) وهو في الأصص ليدرسه بواسطة الرسم وفي نهاية الأسبوع يتعين عليه رسم ذلك النبات باستحضاره من الذاكرة، ولم تسلم هذه المدرسة المتميزة من سطوة (هتلر) ومن التعرض لها بالسخرية والتشكيك في أهدافها ومناهجها والتهكم علي أساتذتها وطلابها .
واليوم وبعد زوال هذه المدرسة وإغلاقها نهائيا عام 1933 بأمر خاص من : أدوولف هتلر .. بعد زوالها ما يزال تأثيرها شائعا في الكثير من دول العالم وأصبح من المعتاد انجذاب الناس إلى الفلسفة الشرقية : هندية .. وصينية التي روجت لها هذه المدرسة مثل ممارسة رياضة (اليوجا) ليس في حقل الفنون فحسب بل في مجالات الإبداع الأدبي .

نور 03-13-2008 04:30 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
الفنون الشعبية الأمريكية

كثيراً ما اعتبرت الفنون الشعبية في أمريكا ميثولوجية في عضويتها ، حيث النزعات الأولى للإنسان تمتزج بتصورات فرظية في حيويتها. هذه النظرة الرومانتيكية لتلك الفنون يتصدى لها الكاتب، معتبراً أن وضوح فن الرسم الشعبي يرجع إلى أسباب دينية، تقوم على أساس رغبة مبدعيها في إنتاج سجلات مفيدة لإبداعاتهم.
http://univers-art.arabfunart.com/american_folkart1.JPG



هناك تساوق ثابت يؤلف بين جميع الأعمال الفنية في معرض متحف "ويتني" للفن الشعبي الحديث، يوحي بوجود تصور رئيسي. هذا المعرض اختيرت أعماله من عدد كبير من المعروضات فوقع الخيار على 37 فناناً، ليكون بذلك ممثلاً لاتجاهات فنية مميزة، على غير عادة المعارض الفلكلورية التي تضم مجموعة من الأشياء غير المعروفة.
ورغم أن الأعمال الفنية تغطي ثلاثة قرون وتفاوت اتجاهاتها لكنها متشابهة.
وحتى إن بدت في نظر النقاد ممثلة لاتجاه متحرر من التقليد الأكاديمي وذات اتجاه حديث، فإن المعرض كان محدد الملامح ونصيباً في معالجته الفنية وتصوير يته حيث أن الأعمال الفلكلورية تبدو وكأنها تحدد شفرة لموقف فردي لكنه قابل للتعميم وثابت.
في العادة يكون اللون اللامع في هذه الأعمال موحياً بأنه شاهد على الإيمان الساذج بالتأثير المعبر، أو "تجاوز" اللون. كذلك فإنه يبدو في تناقض الطريقة النصية الترميزية، ومع ذلك فإن اللون هو جزء من النص (الصيغة). إن فائدة الصيغة ليس فقط تقديم الموضوع بطريقة لا بأس بها جماعياً، بل إنها تخاطب معرفة الإنسان الشخصية عن القيم الكامنة في النص. والأمر يبدو كما لو أن المشهد المنقول قد تم حمله خارج حدوده إلى العالم الداخلي للمشاهد من خلال صيغة تقوم بتشفير اليقين الذي جرى من خلاله رسم المشهد وتشفير الرغبة في رسمه.
إن استخدام الصيغة، رغم كل الركود الفني التي توحي به، تؤكد أيضا غياب التغريب بين الفنان والجمهور الذي يتوجه للصورة التي يمكن أن تمثلن(تجعل مثالياً) القيم - هذه القيم التي لأنها معممة فقط - فإنها تبدو أساسية، وتستحي أن ترسم.
http://univers-art.arabfunart.com/american_folkart2.JPGإ



ان المرء كثيراً ما يشعر مع الفلكلور بموقف خبئ معارض لعبادة القيم، موقف لا يقهره سوى الإحساس بأن هناك قيماً مشتركة يجب الإفصاح عنها - بأي وسيلة ممكنة ومنها التصوير - إذا أريد لها أن تصبح معترفا بها كممارسة جماعية، إن الفن وسيلة وليس غاية في الفن الشعبي، وهذا ما يجعل كل "غلطة" فيما تقوله بعد تنفيذها علاقة ظاهرية متعمدة تشير إلى نهاية مقرره سلفاً. وليس هناك عدم كفاية فنية في الفن الشعبي، بل هناك كفاية في التصور - "عدم الكفاية" الفنية تبدو مشاهدا على القسرية التي يفرض التصور الفني من خلالها ذاته على الفنان، ويجعله يرتعش رغبة وإحساسا بالمسؤولية.
وماذا عن جذور التصور الشعبي، أو اليقين الشعبي، الخاص بالقيم الأساسية ؟ أحد منظمي المعرض، جين ليبمانليؤمانفت كما نقلت لمجلة "الفن الأمريكي" سنة 1938 انه "تصور لا بصري في أساسه 000 يقوم على ما عرفه الفنان أكثر مما يعتمد على ما رآه هذا الفنان، بحيث إن "الوضوح والطاقة والانسجام في الصورة الذهنية للفنان تصبح مبررات لما هو أكثر من "الجمال أو الاهتمام الكامن فعليا في الموضوع".
وتحتكم ليبمان إلى "الحس الفطري للفنان باللون والتصميم حينما يقوم بمراصفة صوره الذهنية متجاورة على سطح مرسوم وليس على وسيلة تقنية من اجل إعادة البناء - من خلال الألوان - ملاحظاته عن الطبيعة".
http://univers-art.arabfunart.com/american_folkart3.JPG



هكذا تحصل على قصور مبرر في النظر والأسلوب باسم الذهنية الغريزية التي ترسم من خلال ذاتها، وهي رؤية غريزية رسمت بطريقة غريزية. هذا الافتراض بشأن الفنان الشعبي كإنسان بدائي - وكلمات ليبمان مأخوذة هنا من مقال بعنوان "تعريف نقدي للبدائية في أمريكا"، وهو كما تذكر في مقدمة الكتالوج الرائع الذي وضع مع المعرض الأخير يعبر عن رأيها حتى الآن - هذا الافتراض يتجاهل حقيقة أن قدرا كبيرا من الفن الشعبي متحيز عمليا.
وفي ظني أنه أي كانت الرؤية التي يوحي بها الفن الشعبي فإنها تبقى مستمدة من قصيدته العملية - من مدى فائدة الصورة كسجل للقيم والحقيقة.
إذن فإن أول ما ينبغي أن نعترف به في مناقشة الفن الشعبي - أعني أي مناقشة ترمي إلي تخليص هذا الفن من الأسطورة، وإزالة الطابع البدائي الذي جمده وأغرقه في الغموض - هو اعتباره يستمد مفارقاته من اعتبارات عملية وليس جمالية، ما يعني أن هذا الفن الشعبي فن مشارك وليس عديم الأهمية. وما يطمعنا فيه هو البعد الجمالي الحيوي الناجم عن مطاردة الواقع مثلما نعجب بخطوط الطائرة النفاثة التي تتركها، فهي نتيجة للاهتمامات الواقعية وليس الاهتمامات الشكلية. إن رغبة الفنان الشعبي في أن يكون مقبولاً هي التي تدفعه إلى أن يكون واضحاً وصارماً "أخلاقياً"، أي أن يكون محترماً في ما يعمله. وسواء كان الفنان يرسم لوحة شخصية أو صورة قارب (كما في أعمال جيمس بارد J.Bard أو شجرة (كما عند حنا كوهون) فإن الفنان الشعبي يتوخى الدقة - التعبير الدقيق - وفي أكثر الأحيان يكون التفصيل الرمزي (الشعارات) - العلاقات الموحية - هو الذي يعطي الشفرة التي تنم عن تطلع الفنان إلى الدقة، كما نلمس عند جوزيف هـ. ديفيز حينما يستخدم صورة مؤطرة داخل صورة، وعند جيمس بارد في معالجته الفّـــوارة للماء المحيط بسفينة في عرض البحر.
في هذه التفصيلات - يبدو الفنان مركزاً كل رغبته الطارئة في أن يكون واقعيا جدا - أن يظهر لنا أنه يعمل بجد في لوحته وأنه قادر على أن يتعامل مع اصعب التفاصيل.
وكنتيجة مباشرة لرغبة الفنان العملية في تثبيت التفصيل فإنه يستطيع تحقيق الميزة التخيلية لفنه - ذلك الحس بالصورة المخلدة مع نوع من الذكرى المفروضة. ولأن الفنان مضطر لمعرفة ما يواجهه بدقة فإنه يبدو ويجسد وصف شيكرز "الشاهد الأول" على الموضوع، كما يتخيله لا كما يراه. إن ما قاله فيث اندروز عن لوحات شيكر حنا كوهون بأنها كانت "إلهامية" - ثمرة الصورة الروحية - يمكن أن ينطبق على كل الفن الشعبي، لكن مع من خلال فهم أن إحساسهم بالشخصية الملهمة يأتي لاحقاً بعد الشخصية العملية. قلة من الفنانين الشعبيين انطلقوا لرسم خيالات، وهذه القلة - وأبرزها ايراستوس سالزبوري فيلد وادواردهيكس - قد عملت بدوافع دينية معروفة جيدا، بحيث أن تصوراتهم تبقى في معنى ما "مفيدة اجتماعيا"، أي تبقى توضيحاً نادما لفكرة ثقافية مهمة. وحتى لوحة فيلد بعنوان "معالم تاريخية من الجمهورية الأمريكية"1876" التي يعتقد أنه رسمها تكريما للذكرى المئوية لاستقلال أمريكا فإنها أكثر أهمية كمنتج يدوي جماعي مما هي كفنتازيا شخصية.
http://univers-art.arabfunart.com/american_folkart4.JPG



إن المفيد مرتبط باليومي، ويجب أن ندرك أن الفن الشعبي كان نوعا من الفن الحياتي، يتعامل مع واقع الحياة اليومية دون أن ينشغل بمحاولته الاختباء أو تجاوز هذه لحياة. إن الأسلوب الرفيع كان خارج إطار السؤال في فن كان يرمي إلى تأكيد اليومي باعتباره المجال المخصص لفهم الحياة - وهذا الأساس الوحيد للرضاء الفردي والاجتماعي. إن قيمة الحياة كانت "تثبت" في معترك الحياة اليومية. وقد عكس الفن الشعبي هذا الإيمان. إن لوحة جونافان فيشر " الحصاد الثاني" (1804)، والسهب الخصيب في لوحة ستيف هارلي "النهاية الجنوبية لنهر هوك" (1927)، ولوحة هوريس بين "الداخل الفكتوري"(1964) - بل وحتى عراة موريس هرتشفيلد، كانت جميعها نتاج المعايشة اليومية. إن صلاحية الحلوى في تناولها، هذه اللوحات يبدو وكأنها نقول ذلك. والفن طريقة لصنع حلوى طيبة وتذوقها أيضا للتأكد من الطعم. فالذهنية الفنية في الفلكلور هي إذن الأهم لفهم الفن الشعبي، وهي لا تتضاءل كثيراً في حالتها المهنية، رغم أنه في هذه الأيام الاعتراف بالطابع المهني للشيء يعزز أكثر مما يقلل من ذلك الشيء في بعض الدوائر.
ويجب ألا ننسى أن جميع الفنانين الشعبيين تقريبا يمتهنون مهنا مضاعفة، وأن فنهم أحد اهتماماتهم الكثيرة، أو كما هي حالة هيرشفيلد عمل للحياة ما بعد سن التقاعد ويعكس هذه الحالة. إن وصف إحدى بنات جوناثان فيشر بأنه "ينبغي منه دائما أن يجعل التدبير يقوم بعمل المال" يوضح لماذا اختار أن يكون حرفيا، معلماً، مساحا ومبدعاً وكذلك وكاهناً وفنانا وشاعرا وعالما طبيعيا، بل يوضح أيضا جوهر فنه.
إن حس الجذور الذي يحركنا عندما نشاهد فنا فلكوريا هو اعتراف منا بالتصوير المادي في الفن ا لشعبي برسوخ جذورنا في الواقع الموجود. ونحن مدينون "للواقعية" في الفلكلور، مدينون لفن وصمم على المغامرة من أجل نقل وقائع حياتنا اليومية - ونقل وقائع الحياة اليومية بوضوح في هذا الزمن، مجازفة قلة من الفنانين قادرون عليها.
وينبغي على المرء أن يلاحظ جانباً آخر من الفن الفلكلوري : انه بحق مشهد أمريكي في الفن بكل معنى الكلمة. أي إن المشهد الأمريكي مفهوم ليس على أنه مشحون بالاحتمالات الرفيعة كما اعتبره فنانون أمريكا الرسميون، بل على أنه مكان مأهول له حدوده المعينة وشكله الخاص. إن خصوصية المكان في لوحة / أولوف كرانس / بعنوان " نساء يزرعن الحنطة" (94-1996) كبيرة مثلما هي لدى جون كين في "جسد شارع لاريمر"(1932) إن حقيقة كون الفنون الشعبية تبدو محدودة، وأن هناك قبولا جاهزاً لحدودها كشيء جيد يجعلنا نعتبر أن الفلكور يمكن فهمه تفسيراً للمثل القديم الميثافيزيقي القائل " إن ما هو موجود جيد".

نور 03-13-2008 04:34 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
فن الرسم الياباني


في واحدة من رسائله الكثيرة إلى شقيقه ثيو كتب الرسام الكبير فان جوخ عن الرسم الياباني يقول :إني أجد في الرسم الياباني الكثير من الطفولة والعفوية وأجد فيه أيضا دليل أصالة إبداعية .
http://univers-art.arabfunart.com/japan_art1.jpg




ولشدة ارتباط اليابانيين بفن الرسم يرددون مثلا قديما بما معناه :القصيدة الشعرية ليست سوي لوحة تشكيلية أضيف إليها الصوت ، واللوحة الفنية ليست غير قصيدة بلا صوت .
بلاد الشمس الساطعة
هذا هو الاسم المرادف للتعريف باليابان في كتب الأدب ودواوين الشعر وهذا البلد الذي يتميز بشمسه الساطعة يتشكل أيضا من مجموعة من الجزر ذات الطبيعة الثائرة فبينما نري الربيع هناك وقد ملأ أرجاء تلك الجزربالعطور والألوان فنظن عند ذلك أن الحياة طابت واطمأنت ، إذ بها تمتلئ بالرهبة والفزع نتيجة ثورات البراكين والزلازل التي لا تخمد لها حركة مما جعل من فن الرسم هناك مزيجا من الجمال البديع والجمال الرهيب .
الألوان اليابانية
إذا ما أتتيح للرائي مشاهدة لوحة تشكيلية يابانية فانه سوف تتسرب إلى مشاعره الأحاسيس المنعشة بسبب قوة الألوان وهيمنتها السحرية عليه تماما كما يحدث له عند مطالعة الأدب الياباني .
ففي لوحة الفنان : ( لاوقا ياماتو) تمثل عربة يابانية يسحبها ثور سوف يلمس المشاهد بسهولة ذاك الشعور الانطباعي الذي يخلقه الأديب الياباني : ( سي شاناغو) الذي يصف عربة مماثلة علي هذا النحو: لم يكن لعربتنا ستائر وكان ضوء القمر يغور عميقا في الداخل حتى ليسمح لأي ناظر أن يري السيدة الجالسة فيها وهي ترتدي ثمانية فساتين فوق بعضها منها ذلك البنفسجي الخفيف ومن القرمزي إلى الأبيض وفوق هذا كله معطف بنفسجي يلمع تحت أشعة القمر والي جانبها إلى جانب هذه المخلوقة الباهرة الجمال كان سائق العربة بسرواله القصبي ذي اللون النبيذي .
المنابع الفنية
يتحلى الفنان الياباني بالمرونة والمثابرة والرغبة الصادقة في تحقيق حسن الأداء وهو إلى جانب ذلك مدفوع إلى حب الجمال وتقديره وتطبيق مظاهره علي مختلف أعماله الفنية .
واليابانيون والفنان ابن بيئته - يضعون علامات ترشدهم إلى احسن المناطق التي يمكنهم أن ينعموا فيها بمناظر الطبيعة الجذابة ، ففي فصل الربيع يقيمون الكثير من أعيادهم فتري الأمهات وقد حملن أطفالهن إلى المتنزهات العامة لتغذية الأرواح برؤية أزهار الكرز والمشمش فينشأ الطفل فنانا وقد نالت روحه في مرحلة مبكرة من حياته حب الجمال والطبيعة .
السمات العامة
http://univers-art.arabfunart.com/japan_art2.jpg



استنبط الفنان الياباني أسلوبا من الرسم يقوم علي أساس من ورقة طويلة بطول ياردتين تقريبا وبعرض قدم واحد يسعى من خلالها إلى سرد مقاطع من قصة تعبيرية أغني من النثر وأكثر منه إيحاء بالرشاقة الادائية تساعده شفافية ألوانه المائية التي تتطلب قدرة تقنية عالية ودقة متناهية يستطيع بهما هذا الفنان أن يتجاوز السقوط في الأخطاء الجزئية والتي لا يمكن التغاضي عنها ولا يمكن تصحيحها وان أي تردد أو ارتباك في يده سيبدو شديد الوضوح ومهما كانت العلة بسيطة وصغيرة، وتحقيق مستوي أدائي رفيع وإيجاد القدرة علي المزج اللوني وإبراز اعلي الدرجات يفترض ذلك توفر الوعي الفني الشامل والكامل بأصول التركيب والتأسيس الخاصين بهذا الفن ومعرفة بكيفية تجاوز البحث عن التفاصيل المتماثلة ما بين الشيء في اللوحة للوصول لا إلى رسم الأشكال كما هي في الطبيعة أو تقليد كياناتها بل إلى الإيحاء بوجودها .
والفنان الياباني لا يمعن نظره في وجوه شخوصه لاكتشاف أسرار ومعاني كينونتهم إنما يفعل ذلك ليدرك حقيقتهم الكلية الممتزجة بكل خفايا الطبيعة وهذا ما يضفي علي التشكيل الياباني مثل هذا الحس الشاعري .
الفنان المتميز
رغم زخم الحركة التشكيلية اليابانية يعد الرسام ( سس شو 1420 1507) من اعظم فناني اليابان لما تميزت به أعماله من بساطة قوية وحيوية خارقة وشفافية غنية بتراكم تموجاتها .
وخلاصة هذا الفضاء أن الرسم الياباني لا يقتصر فقط علي أساليبه الكلاسيكية التي عُرف بها أو أنه لم يسهم بدوره في التحولات والتقنيات المعاصرة التي شملت العالم بأسره إنما يعتبر الفنان الياباني مثله مثل اليابان الحديث ككل قد تعامل مع التحديث وتفوق فيه وحافظ في ذات الوقت علي طابعه التراثي الذي صار رمزا لأصالته بين فنون العالم .

نور 03-13-2008 04:37 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
الفن التشكيلي العربي المعاصر والدوران في فلك الآخر


بادئ بدء،لا بد من الاعتراف العلني في مصداقية الحقائق المعيشة والمراحل الزمنية التي مرت بها المنطقة العربية من أحداث
http://univers-art.arabfunart.com/arab_ather1.jpg


سياسية عاصفة ومنعكسات طبيعية على مجمل تفاصيل حياتنا اليومية كعرب وما اشتمل القرن العشرين من إشكاليات كبرى في كافة المسارات الوجودية للشعوب العربية وبكل الميادين الفكرية والفلسفية والاقتصادية والثقافية والإبداعية والمسلكية وما لعبته منظومة الدول الغربية الأوروبية والأمريكية والصهيونية (الشرقية والغربية) على حد سواء في النهايات المؤلمة والانكساريات المدمرة للأحلام التي عاشت الأجيال العربية متأملة حينا ومخدوعة في أغلب الأحيان من تشر ذم وانقسام وتشظي وتراجع مطبق عن كل الشعارات والبرامج والخطط والاندماج الكلي في الحقبة العولمية والتي جاءت كنتيجة منطقية لأهداف الاستعمار الأوروبي القديم والغربي الحديث والمعاصر وما لعبته الحقبة الأوروبية (الاستشراقية) ومؤثراثها المباشرة في محاولة استعمارية محضة لأهمية الوطن العربي الجيو-سياسية وما يحفل به من ثروات طبيعية وسوق استهلاك جيد لمنتجاتها ونهوضها الصناعي والتنافس الاقتصادي التناحري ما بين مصالح كل دولة من تلك الدول الاستعمارية مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ، والظهور أمام العرب في أثواب المخلّص والمنقذ من ذيول الحقبة العثمانية في أنماط استعمارية مخططة في كل المسارات الحياتية من خلال استنهاض الذات العربية الساكنة والراكدة من سباتها المطبق طيلة أربعة قرون من الحقبة العثمانية وما حملته في طياتها من تخلف وتلاشي واندثار الهوية والوجود القومي العربي ، وبالتالي انغلاقنا الذاتي والموضوعي بما قسمته المشيئة الإلهية في ظل التآخي الإسلامي والقبول بالآمر الواقع وكأنه حقيقة قدرية مطلقة لا فكاك من الانصياع لإرادة الحقبة العثمانية وما جسدته من معابر ظلامية في كل أنماط وجودنا القومي ومسالك تفكيرنا ،هذا من ناحية . واللعب على جبهة الثقافة ومسالك الإبداع من تكريس قيم ومفاهيم جديدة متناسبة والأهداف الكبرى الاستعمارية لهذا البلد العربي أو ذاك والتي تلخصها مجموعة الاتفاقات السرية التي سبقت اتفاقية (سايكس –بيكو) والتي ما زال الوطن العربي يدور في فلكها بشكل ما أو بآخر ، وأن المنابت الإبداعية للفنون الجميلة (السمعية والمرئية والمسموعة) في ميادين (الأدب – الموسيقى – المسرح –

http://univers-art.arabfunart.com/arab_ather2.jpg


الصحافة-التشكيل – الفضائيات – وتكنولوجيا الاتصالات متعددة الخصائص والوظائف) ليست بدعة عربية على أية حال بل هي نتاج ثقافة ومعرفة وتجارب الآخر الأجنبي عموما والغربي على وجه التحديد ، ولا وجود لها في صيرورة الهوية العربية المتشكلة مع بدايات القرن العشرين الذي حملت رياح التغيير الكوني المعرفي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي مؤشراته الدلالية وسماته الرئيسة المتكونة والقادمة من أوروبا في ظل حقبة الاستعمار الأوروبي القديم والحديث . والفن التشكيلي باعتباره منتج أوروبي بامتياز ، وهو بلا أدنى شك استمرار منطقي – تطوري لمسالك الفنون البصرية الإبداعية التي أورثتها فنون عصر النهضة الإيطالية من جماليات وذاكرة بصرية ومفردات وما كرسته من مناهج فنية وقوانين ونظم صياغة منطقية للمنتج الفني التشكيلي إبداعيا وفق معايير خبروية معايشة قام بها فنانين عظام جعلت منها نزعة مركزية لكل التجارب الفنية في أوروبا والخارطة الكونية بأسرها في مرحلة لاحقة ،وأمست أفكارها وخطوطها وملوناتها ونسبها الذهبية القياسية والموضوعية وبنائية التكوينات الشكلانية للعمل الفني التشكيلي تشكل مرجعية ثقافية وبصرية لكل المدارس الفنية والتيارات والمعاهد والأكاديميات المتخصصة وللأفراد ، وان دخلت الفنون التشكيلية في مرحلة الحداثة الأوروبية التي عصفت بكل مناحي الإبداع والفنون التشكيلية خصوصا وما أعقبها من فنون ما بعد الحداثة (التركيبية والشيئية) والمتماهية مع المرحلة الآنية المعيشة في سياق الحقبة العولمية ،من ناحية ثانية .
من هذا المنطلق، يمكن القول بأن المنتج الإبداعي العالمي مرتبط بالنزعات المركزية الأوروبية – الغربية باعتبارها نواة أساسية لتشكيل الثورة الثقافية في محاكاة تطابقية واستنساخية في كثير من الأحوال مرت بها كل تجارب المؤسسات والشعوب في العالم لا سيما الدول الأقل تطورا والوطن العربي على وجه التحديد . والفن التشكيلي العربي في سياقه التأليفي كفن وافد ومعاصر مرتبط أساسا بالنزعات المركزية الأوروبية (الشرقية والغربية). وهو مدين لها بالوجود والصيرورة من خلال أشكال تفاعلية عديدة جسد (الاستشراق الأوروبي والاستغراب العربي ) أحد المعابر الرئيسة في هذا التشكيل الوجودي لهذا المنتج الإنساني الإبداعي الذي أفسح لنا المجال لاكتشاف ذواتنا العربية الفاعلة في كافة المستويات الثقافية المعرفية والبصرية والحضارية المتجلية في رسم ذاكرة المكان العربي وجمالياته (الأوابد التاريخية)والمناظر الطبيعية الخلوية المفتوحة والمغلقة ، والأماكن المزحومة بالعلاقات الاجتماعية وتجليات الشخوص التعبيرية في مطابقة مشهديه وصياغة أسلوبية مماثلة لفنون الغرب الأوربي ، وما فعلته قنوات الاستيعاب والتبادل الثقافي ما بين الدول الأوروبية والوطن العربي باختلاف منابته الاستشراقية في وجود هذا الفن الإبداعي في حياتنا الثقافية اليومية وما حملته ذاكرتنا المعرفية والبصرية من تراكمات كميّة أنتجها مبدعون حفروا لذواتهم الفردية الإبداعية http://univers-art.arabfunart.com/arab_ather3.jpg



بصمات واضحة في صيرورة الفن التشكيلي العربي محليا وعربيا وعالميا ،وكثيرة هي الأسماء والعلامات الفنية التشكيلية العربية الذين استقوا من الذاكرة البصرية الأوروبية جلّ مرجعيا تهم الثقافية والأدائية والخبروية التجريبية ،وشكلت أعمال كل من الفنانين الأوروبيين (دافنتشي- تيسانو –أنجلو-فان ديك –درور- الغريكو-رمبرانت –دافيد –رودان –دومييه –مانيه- رونوار - ديلاكروا – سيزان - ماتيس -بول كلي -–موندريان –جيكيومتي –غوغان -فان كوخ - خوان ميرو -فرانسيسكوغويا - بيكاسو - فزاريللي) وغيرهم كمحطات أساسية.وما رافق الخارطة الكونية من متغيرات مجتمعية وفلسفية وسياسية واقتصادية ومفاهيم ومعلوماتية جديدة كان لها أكبر الأثر على مجريات العمل الفني التشكيلي العربي المعاصر.
هذا يقودنا إلى بداهة التعبير المفهومي لماهية الفن التشكيلي وكينونة باعتبار أن الذاكرة البصرية في سياقها التأليفي كلغة بصرية تواصلية تعبيرية سابقة للكلام (الشفاهي) وهي عالمية بالضرورة متجاوزة حدود المكان واللحظة الزمنية المعبرة عن ذاتها الوجودية والتأليفية وعن الأسلوب التقني والشكلاني والمحتوى الموضوعي في رصف المفردات الفنية التشكيلية والملونات والرموز وتحقيق الخصوصية في سياق شكلاني معاصر ومتفرد ومقروء ومفهوم من قبل فعاليات المجتمع الإنساني باختلاف طبقاته وأنسابه وثقافته ومدركاته المعرفية والبصرية والاجتماعية ،لتشكل هذه اللغة البصرية (الفنون التشكيلية) الحلقة التواصلية المفهومية ما بين الشعوب والثقافات في إطار فن عالمي يتساوق مع روح العصر ومتغيراته وديناميتة التفاعليه التطوريّة تقنيا وشكلانيا، وذاكرة معرفية (موضوعية) وتراكمات بصرية وخصوصية توليفية معبرة عن ذات فردية مبدعة ،لتشكل مجال بصري حيوي أشبه بقطع فسيفساء جمالية لرصف المعطى الحضاري في بنائية التكوينات كلوحة (بانورامية) كونية لذاكرة عالمية شمولية التفاعل الثقافي ما بين الشعوب والهويّات القومية التي لا تلغي الذات وتذوب في ثقافة الآخر وجودا وإبداعا بل توسع دائرة المعارف البصرية متجاوزة حدود المكان والزمان والأنماط الكيانية المؤسسية والحكومية
، http://univers-art.arabfunart.com/arab_ather4.jpg


وألا تدخل بالوقت نفسه هذه المنتجات الفنية التشكيلية الإبداعية في مسالك الحقبة العولمية المدمرة للفعل الثقافي الإنساني وخصوصيات الأفراد والانتماء والهويّات،والتي تعمل باستمرار على تنميط الفن التشكيلي في قوالب سكونية جامدة كلغة بصرية محكومة بأشكال جبرية مكرسة لمفهوم أيديولوجي عدمي يفقد المدركات البصرية الجمالية وجودها وجوهرها وإقصاء للذات وخصوصية المكان والموروث الحضاري والسباحة في فلك الحقبة العولمية وميادين الفن السطحي الساذج والمبتذل والملغية للتعبير الداخلي والإحساس الإنساني لقيم الجمال والخير والمثاقفة ،وتعميم مساحة الشكلانية المجردة من العواطف والنزعات الإنسانية -الوجودية والأخلاقية والدخول في مجرة التوليف المصطنع للحقبة العولمية. أي (الأمركة) وتشكل البرامج الحاسوبية متنوعة الأسماء والمكونات كنظم شمولية مبنية على أساس الفلسفة الأمريكية النفعية في سياق مدخل النظم كاتجاه سلوكي جديد في التعامل البشري ملغية بطبيعة الحال التفاعل الإنساني الاجتماعي والإبداعي والأخلاقي كقيم إنسانية مباشرة لتكون عبر وسيط محض تقني وجعل الإنسان مجرد آلة (إجرائية) متساو الفاعلية مع الآلة (الحاسب) وليكون أحد مكونات (المدخلات) الضرورية في دينامية التواصل العملي مع هذه البرامج المعجونة بقيم صنعيه مغايرة للسلوك الإنساني الوجداني ولتطرح في نهاية المطاف (مخرجات) عدمية ممركزة لخدمة اقتصاد السوق والقيمة المضافة للتكنولوجيا المعاصرة ، والى مزيد من تهميش الفعل الإنساني الإبداعي . وسط هذه المقدمات التي قد تبدو في ظاهرها تشاؤمية ، لكن الحقيقة دائما واضحة وعارية ومؤلمة في استنطاق الوقائع ،وهذا ما يدفعنا لمشروعية المساءلة عربيا والاجتهاد التأويلي لمفهوم الذات والعلاقة مع الآخر من تفاعلات تبادلية وحالات اشتباك معرفي كما هي الحال في سياق عالمية الفن (العولمية) القائمة على علاقات تنابذ وتباعد وخوف على الذات والخصوصية والشعور بالهوية والارتداد والنكوص والعودة
http://univers-art.arabfunart.com/arab_ather5.jpg


للموروث الحضاري والتاريخي (الأصالة) وأين نحن كعرب وعلى أية مفارق وأزمنة وأمكنة نقف،ويأتي في مقدمة هذه التساؤلات التي نراها ضرورية . هل نمتلك مقومات فن تشكيلي عربي معاصر؟ وهل يتمتع هذا الفن التشكيلي العربي بخصوصية تأليفية ومعبر عن ذاكرة المكان وجمالياته وأفكاره وقيمه الاجتماعية في أنساق بصرية كونية متآلفة مع مجموعة مكونات الدائرة المعرفية العالمية ولكل القارات الكونية؟ أم لدينا مجرد تجارب فردية إبداعية تدور في فلك المرجعيات الأوروبية عموما والغربية على وجه الخصوص في سياق الشكلية الاستنساخية لثقافة الغرب الأوروبي في مرحلة فن ما قبل الحداثة وأثناءها وما بعدها في إطار النزعة المركزية الأوروبية في الفكر والفن ؟ أم التحول النفعي إلى آليات التواصل مع المنتج الغربي الأوروبي والأمريكي المعولم كنزعة مركزية جديدة في الخارطة الكونية ضاربة بعرض الحائط بكل ما سبقها من تجارب إبداعية وثقافية وحضارية ، وابتكارها أساليب أدائية متناسبة والنفعية الأمريكية (الليبرالية) كما هو واقع الحال في بقية المجالات الحياتية المفصلية لشعوبنا ؟.الإجابة على هذه المساءلة يمكن اختصارها بعبارة واحدة(نعم) نحن كعرب ما زلنا نراوح في فلك النزعات المركزية الغربية الأوروبية والأمريكية ومشغوفين بفنون ما بعد الحداثة العولمية . وان حاول بعض الفنانين الإيهام الخداعي في استنساخ واستحضار الموروث التاريخي والحضاري والاستقواء بفنون (الأرابسك) والحروفية الساذجة كبديل ثقافي وذاكرة بصرية مواجهة للنزعات الغربية في أثواب (أصالة) فهذا السلوك التسطيحي لا يلغي الحقائق .ليس لدينا فن تشكيلي عربي معاصر متمتع بالخصوصية بالمعنى العلمي للكلمة . أي لا وجود لفن تشكيلي عربي له مرجعية بصرية ومفردات وملونات وخطوط ومكونات عابقة بالخصوصية، وإنما لدينا فن مكرور ينشر ثقافة وجماليات الآخر الغربي سواء في أنماط مناهجنا وبرامج معاهدنا وجامعاتنا وأساليب فنانينا . ما زلنا قابعين في جحور التجريبية وقلق الفوضى والبحث الخجول
http://univers-art.arabfunart.com/arab_ather6.jpg

عن الذات وجماليات المكان وتمثل أسئلة الهويّة والانتماء والخوف من ثقافة الآخر والارتداد التأليفي لاستلهام مرجعيات أدبية والانغلاق على الذات، أو في سياق مشابهة تطابقية استنساخية مبتذلة للفنون التشكيلية العربية . ومزحومة أسواقنا الفنية التشكيلية المروجة لتجارة المنتج الفني التشكيلي العربي (بالغث) الكثير والجيد القليل في طقوس نفعية (كرنفالية) سواء في إطار المؤسسات الحكومية والنقابية ،أو في مجال تجارة العمل الفني واقتصاد السوق وترويج المنتج الفني كبضاعة (سلعية) شأنها في ذلك كبقية البضائع الاستهلاكية المعروضة في مساحة السوق المحلي العربي والدولي .وحال الفن التشكيلي العربي ليس بأفضل من بقية المعابر في السياسة والاقتصاد والثقافة والبحث العلمي والعلاقات، واكتساح العولمة وثورة الاتصالات (المعلوماتية) خصوصا . بحيث نجد المواقف العربية النخبوية والتخصصية تدور في فلك اجترار الكلام المكرور والقائم على تعظيم الذات (الفارغة) من أي محتوى موضوعي وقيمي ومعرفي والاتكاء على الماضي بما هو ماض منقرض. بحيث تقودنا هذه التهويمات الاجتهادية إلى عوالم القرون الوسطى والسباحة عكس التيار . وهذا الأمر هو مسؤولية جماعية تتحملها الحكومات والمؤسسات الأكاديمية والتربوية والنقابية والمنابر الإعلامية المقروءة والمرئية والمسموعة والفنانين والنقاد على وجه التحديد.

نور 03-13-2008 04:40 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
بيان السوبرماتية.. واقعية جديدة تهضم منجزات التكعيبية....

السوبرماتزم (Suprematism) حركة من حركات الفن التشكيلي أسسها في موسكو الفنان "كاسمير ماليفيتش" (878 ا-935 1) في العام 1913، واستمرت موجتها حتى عشرينيات القرن العشرين، ولكنها لم تختف قبل أن تضع أساس كل فنون التجريد الهندسية اللاحقة التي تدين لها بالكثير.
دافعت هذه الحركة عن فن تجريدي خالص أساسه عناصر الدائرة والمستطيل والمثلث البسيطة. وكان أول نتاج لها لوحة تمثل مربعا أسود كاملا على أرضية بيضاء. وانضم إليها عدد من الفنانين من أمثال رودشنكو ورزاندوف وليسلكي.
منابع هذه الحركة متعددة، فقد تمثل مؤسسها الفن الطليعي الذي كان شائعا في أوروبا الغربية آنذاك في العقد الذي سبق الحرب http://univers-art.arabfunart.com/suprematism1.jpgالعالمية الأولى وأبرز قياداته: الانطباعية و التعكيبية، والمستقبلية. وأطلق بيانه الأول خلال آخر معرض للمستقبليين في بتروغراد في ديسمبر من العام 1915 تحت عنوان: "من التكعيبية إلى السوبرماتزم في الفن: نحو واقعية جديدة وإبداع خالص.. وتمت إعادة نشر هذا البيان بعد توسيعه في العام 1916. والترجمة الراهنة مأخوذة عن كتاب "مقالات ماليفتش في الفن، إعدادت أندرسون، كوبنهاجن، 1969.
لن نشهد عملا فنيا خالصا وحيا، إلا مع اختفاء عادة من عادات الفكر التي ترى في اللوحة زوايا الطبيعة الصغيرة مثل صور العذراء وتماثيل فينوس العادية.
لقد حولت نفسي إلى الشكل صفر، وسحبت نفسي من بركة الفن المدرسي المكتظة بالقمامة.
لقد دمرت حلقة الأفق وهربت من دائرة الأشياء، من الأفق الدائري الذي يقيد الفنان ويقيد أشكال الطبيعة.
هذه الحلقة اللعينة التي تتفتح عن إمكانيات جديدة مرة بعد مرة، فتأخذ الفنان بعيدا عن هدف التهديم.
الوعي الجبان فقط، والقوى الإبداعية الضئيلة لدى فنان هما اللذان ينخدعان بهذا التحايل، ويؤسسان فنهما على أشكال الطبيعة، واثقين من فقدان الأسس التي أقام عليها المتوحش والمدرسي فنهما. الفنانون الأغبياء والعاجزون فقط هم الذين يقومون بعملهم بإخلاص. في الفن هناك حاجة إلى الحقيقة لا الإخلاص.
تتلاشى الأشياء مثل دخان. ولاكتساب الثقافة الفنية الجديدة يقارب الفن الإبداع بوصفة غاية بحد ذاته وسطوة على أشكال الطبيعة.
فن المتوحش ومبادئه
المتوحش هو أول من أوجد مبدأ النزعة الطبيعية (مطابقة الطبيعة)، حين رسم اعتمادا على نقطة وخمسة أعواد صغيرة. لقد حاول إعادة إبداع صورته هو.
وأرست هذه المحاولة الأولى قاعدة المحاكاة الواعية لأشكال الطبيعة. ومن هنا ظهر هدف مقاربة سطح الطبيعة قدر المستطاع واتجهت كل جهود الفنانين نحو تمثيل أشكالها الإبداعية.
الفن الجماعي، أو فن النسخ، يمتلك أصله في السير إثر صورة المتوحش البدائية، الأولى. إنه فن جماعي لأن الإنسان الحقيقي ذا المنظومة السامية من المشاعر والحالات النفسية، والتشريح الجسدي لم يكن قد تم اكتشافه بعد.
لم ير المتوحش لا صورته الخارجية ولا وضعيته الداخلية. إن وعيه لا يستطيع إلا مشاهدة هيئة إنسان أو حيوان.. إلخ. ومع تطور وعيه نما المخطط الذي صور به الطبيعة وأصبح اكثر تعقيدا. فكلما احتضن وعيه الطبيعة اكثر، كلما تعقد عمله وازدادت معرفته و قدرته.
ولم يتطور وعيه إلا في جانب واحد، جانب إبداع الطبيعة، لا في جانب أشكال فن جديدة ولهذا لا يمكن أن تعتبر صوره البدائية عملا خلاقا.
إن التشويهات في صوره (الانحراف عن مطابقة الطبيعة) ليست سوى نتاج ضعف في الجانب التقني.
التقنية شأنها الوعي، لم تكن إلا على طريق تطورها. ولهذا لا يجب أن تعتبر لوحاته فنا.
لقد أشار مجرد إشارة نحو الطريق إلى الفن استتبع هذا أن المخطط الأصلي كان إطارا وضعت فيه الأجيال المتعاقبة مكتشفات جديدة للطبيعة مرة بعد مرة.
وتنامي المخطط نموا أشد تعقيدا وازدهر في العالم القديم وفق عصر النهضة.
وصور أساتذة هذين العالمين الإنسان في شكله الكامل، داخليا وخارجيا. لقد تم تجميع الإنسان والتعبير عن دواخله ولكن هؤلاء الأساتذة رغم قدراتهم الفائقة، لم يكملوا فكرة المتوحش انعكاس الطبيعة على قماش اللوحة كما لو أنها منعكسة في مرآة ومن الخطأ الاعتقاد بأن عصرهم كان اكثر عصور الفن ازدهارا، وأن الجيل الشاب يجب أن يسعى نحو هذا المثال بأي ثمن، مثل هذا المفهوم زائف، إنه يحرف القوى الشابة عن تيار الحياة الحديثة، وبهذا يربكهم. تطير أجسادهم في الطائرات، ولكن الفن والحياة تغطيهما أردية قديمة، تعود إلى العصور اليونانية والرومانية.
ولهذا هم لا يستطيعون رؤية الجمال الجديد لحياتنا الحديثة، لأنهم يحيون بجمال عصور الماضي.
ولهذا يبدو الواقعيون والانطباعيين والتعكيبيون والمستقبليون والسوبرماتيون غير مفهومين، فهم طرحوا عنهم أردية الماضي، وخرجوا إلى الحياة الحديثة للعثور على جمال جديد لا وأنا أقول:
إن أي غرفة تعذيب من غرف لأكاديميات لن تستطيع الصمود أمام تيار الزمن تتحرك الأشكال وتولد، ونتوصل إلى اكتشافات جديدة مرة بعد مرة. وما اكشفه لكم لا يخفى.
ومن العبث إكراه عصرنا وإدخاله في أشكال الزمن الماضي القديمة.
في نسخنا أو تتبعنا لعلائم أشكال طبيعة تجدنا نغذي وعينا بفهم زائف للفن.
لقد اعتبر عمل البدائيين عملا خلاقا والكلاسيكيات إبداع أيضا.
ولكن نقل الأشياء الواقعية إلى قماش اللوحات هو فن توليد ماهر لا أكثر.
وما بين فن الإبداع وفن النسخ فارق عظيم لا يستطيع الفنان أن يكون مبدعا إلا حين لا يكون ما شيء مشترك بين الأشكال في لوحته وبين الأشكال الطبيعية، لأن الفن هو قدرة على الإنشاء ليس على أساس العلاقة المتبادلة بين الأشكال والألوان، وليس على أسااس قاعدة جمالية، في التكوين، بل على أساس الثقل والسرعة واتجاه الحركة يجب أن تمنح الأشكال الحياة وحق
الوجود المستقل. إن أي فنان ملزم بأن يكون مبدعا حرا ليس سجينا حرا.
وكل فنان ما أعطي موهبة ليمنح الحياة حصته من الإبداع وأن يزيد من تدفق الحياة. في الإبداع وحده يكتسب المبدع حقه وهذا ممكن حين نحرر فننا من مادة الموضوع المبتذلة، ونعقم وعينا أن يرى كل شيء في الطبيعة، ليس كأشكال وأشياء واقعية، بل ككتل ملموسة يجب أن تصنع منها الأشكال التي لا يجمعها بالطبيعة جامع، وهكذا ستختفي عادة رؤية صور العذراء، وصور فينوس مع كيوبيد سمين وعابث.
اللون والنسيج في الرسم غايتان بحد ذاتهما، إنهما جوهر الرسم ولكن هذا الجوهر يدمره الموضوع دائما ولو اكتشف كبار فناني النهضة سطح لوحة، لكان هذا أعظم واكبر قيمة من أية صورة للعذراء أو جيوكندا. وان نحت أي شكل سداسي أو خماسي سيكون عملا نحتيا أعظم من تمثال فينوس دي ميلو أو تمثال داود.
الواقعيون الأكاديميون هم آخر المتحررين من صلب المتوحش إنهم من يتجولون مرتدين ثياب الماضي الرثة، بعضهم مثلما حدث سابقا، ألقى عنه هذا الرداء الدبق.
وصنعوا وجه تاجر الأسمال البالية الأكاديمي بإعلانهم الحركة المستقبلية. لقد بدءوا حركة تحرير جبارة بالدق على الوعي مثل مسامير في حائط صخري لانتشالكم من أقبية الموتى إلى سرعة زمننا.
إنا على يقين من أن كل من لم يسر في طريق المستقبلية كتعبير عن الحياة الحديثة محكوم عليه بالزحف إلى الأبد بين القيود العتيقة والتغذي على قشور الماضي.
جمال السرعة هو "الجديد" الذي فتحته المستقبلية في الحياة الحديثة وبالسرعة نتحرك حركة اكثر رشاقة ونحن الذين لم نكن سوى مستقبليين بالأمس وصلنا بوساطة السرعة إلى أشكال جديدة وعلاقات جديدة مع الطبيعة والأشياء. وصلنا إلى السوبرماتية تاركين المستقبلية منفذا سيعبر منه أولئك الذين تخلفوا.
هجرنا المستقبلية، ونحن الأكثر جرأة، بصقنا على محراب فنها.
ولكن هل يستطيع الجبناء البصق على أصنامهم! مثلما فعلنا بالأمس!.
أقول لكم إنكم لن تروا الجمال الجديد والحقيقة حتى تصمموا على أن تبصقوا.
لم نرفض المستقبلية لأنها ضعفت. واقتربت نهايتها.. لا.. جمال السرعة الذي اكتشفته خالد، وسيظل الجديد يتكشف للكثيرين، ونحن نجري خلال سرعة المستقبلية نحو هدفنا، يتحرك الفكر بسرعة اكبر، ومن يجد نفسه في المستقبلية يكون أقرب إلى هذا الهدف وأبعد عن الماضي. افتقادكم إلى الفهم طبيعي تماما. فكيف لإنسان يركب عربة يجرها حصان واحد أن يفهم تجارب وانطباعات شخص يسافر في قطار سريع أو يطير في الفضاء؟
الأكاديمية مدفن متعفن يجلد فيها الفن نفسه. حروب كبرى واختراعات عظيمة، وفتح الفضاء وسرعة السفر والهواتف والبرقيات، والمدرعات، وعالم الكهرباء. ولكن فنانينا الشباب يرسمون تماثيل نيرون ومحاربين رومان نصف عراة.
كل المجد للمستقبليين الذين حظروا رسم الأفخاذ الأنثوية وصور الشخصيات والقيثارات في ضوء القمر.
لقد اتخذوا خطوة هائلة إلى الأمام، وتخلصوا من اللحم، ومجدوا الآلة. ولكن اللحم والآلة هما عضلتا الحياة. كلاهما جسم تتحرك فيه الحياة.
حتى الآن ما يلاحقه الفنان دائما هو الموضوع- الشيء ولهذا فإن المستقبلية الجديدة تلاحق الآلة بسرعتها الحالية كلا الأمرين نوع من الفن القديم والجديد. المستقبلية وراء الأشكال الهاربة.
ويثار السؤال هل سيبرر هدف الرسم هذا وجوده؟ لا!
لأن في ملاحقة شكل الطائرات أو السيارات سنظل نتوقع دائما أن تطرح الحياة التقنية عنها أشكالا جديدة.
في ملاحقة شكل الأشياء لا نستطيع اكتشاف الرسم كفاية بحد ذاته، الطريق إلى إبداع مباشر.
سيظل الرسم وسيلة لتوليد هذا أو ذاك من أشكال شروط الحياة. إلا أن المستقبليين حظروا نقل العري ليس من أجل منح الحرية للرسم أو الكلمات، لتكون الحرية غاية بحد ذاتها ولكن بسبب التغير في جانب الحياة التقني. حياة الحديد والآلة الجديدة وهدير السيارات وبريق الأضواء الكهربائية وهدير مراوح الطائرات.
فاعلية الحركة وجهت الفكر نحو إنتاج فاعلية الرسم التشكيلي. ولكن جمود المستقبليين لإنتاج فن تشكيلي خالص مثل هذا لم تتوج بالنجاح.
فهم لم يتخلوا عن مادة الموضوع، أي ما كان سيجعل مهمتهم أسهل. حين أبعدوا الفكر نصف إبعاد عن اللوحة (حارس العادة القديم الذي يرى كل شيء بشكل طبيعي) استطاعوا رسم لوحة الحياة الجديدة والأشياء الجديدة، ولكن هذا هو ما فعلوا فقط.
تتلاشى كلية الأشياء في نقل الحركة ورسمها، حيث تختبئ جسيماتها اللامعة نفسها بين الأجسام الهاربة الأخرى.
وفي إنشائهم لأجزاء الأشياء الهاربة حاولوا نقل انطباع الحركة فقط ولكن لينقل المرء حركة الحياة الحديثة عليه أن يتعامل مع أشكالها.
وهو ما جعل وصول الرسم إلى هدفه أشد صعوبة. ولكن مهما كانت طريقة القيام بهذا، بوعي أو بلا وعي، ومن أجل الحركة، أو من أجل تصوير الانطباعات، فقد تم انتهاك كلية الأشياء.
وفي هذا الانتهاك والتحطيم للكلية يكمن المعنى الخفي الذي أخفاه غرض رسام الطبيعي. الغرض الذي يباطن هذا الهدم لم يكن أساسا تصوير حركة الأشياء بل انهدامها في سبيل الوصول إلى جوهر الرسم الخالص، أي نحو مقاربة إبداع غير موضوعي- بطرح الفكر جانبا، لجأ المستقبليون إلى الحدس بوصفه ما تحت الوعي. إلا أنهم أبدعوا لوحاتهم باستخدام أشكال الفكر النفعي وليس الأشكال أللا واعية للحدس.
الحدسي يجب أن يكشف عن نفسه بالنسبة لي في أشكال لا واعية ومن دون استجابة.
وأعتقد أنه كان من الضروري فهم الحدسي في الفن بوصفه غرض شعورنا الانتقائي تجاه الأشياء، وهو يتبع مسارا واعيا خالصا يشق طريقه بحدة خلال الفنان.
الأمر يبدو كما لو أن مستويين من الوعي يحتربان. ولكن الوعي المعتاد على تدريب الفكر النفعي لا يتسق مع الإحساس الذي يقود إلى هدم عالم الأشياء، لم يفهم الفنان هذا الهدف، وباستلامه لهذا ا لإحساس خان الفكر وشوه الشكل.
الإبداع بوساطة الفكر النفعي ذو غرض محدد. ولكن الإبداع الحدسي ليس له غرض نفعي وليس لدينا حتى الآن مثل هذا التجلي للحدس في الفن.
في الفن كل الصور تنبثق من أشكال إبداعية لنظام نفعي. كل صور الطبيعيين تمتلك الشكل الموجود في الطبيعة ذاته
على الشكل الحدسي أن ينبثق من لا شيء- بالطريقة نفسها التي يبدع فيها الفكر أشياء للحياة اليومية بأخذها من لا شيء ويصنع اكتمالها.
على الفنان أن يعرف الآن أية أشياء تظهر في صوره وكيف عاش الفنان سابقا بمزاجية من نوع معين. إنه ينتظر ظهور القمر والغسق ويضع ظلالا خضراء على مصابيحه، وكل هذا يوجد تناغما في مزاجه مثل آلة كمان. ولكن حين يسأل لماذا هذا السطح معوج أو أخضر لا يستطيع إعطاء جواب محدد.
"أنا أريده كذلك، أنا أحبه هكذا".. وفي النهاية تنسب هذه الرغبة إلى الإرادة الحدسية. وتبعا لذلك لا ينطلق الشعور الحدسي بوضوح. وفي هذه الحالة لم يكن شرطه ما تحت الوعي فقط، بل لا وعيا تاما. الرسم كان اشتباكا مع هذه المفاهيم. كانت الصورة نصف واقعية نصف مشوهة!.
ولأنني رسام علي أن أقول لماذا وجوه الناس في اللوحات ذات لون أحمر أو أخضر. تقع الصورة رسما وتكوينا في مجال جهازنا العضوي. إن تفجرها عظيم وملح. إنها تلون نظامي العصبي ويشتعل دماغي بألوانها. ولأن اللون كان مكبوتا من قبل الحس المشترك. مستعبد له. وروحه تضعف وتموت. إلا أنه حين يتغلب على الحس المشترك، تتدفق الألوان في قلب الشكل الكريه للأشياء الواقعية.
تنضج الألوان ولكن شكلها لا ينضج في الوعي.
الرسم المستقبلي يعتبر المستقبليون فاعلية الشكل الثلاثي الأبعاد ذات أهمية أولية في الرسم.
ولكن في فشلهم في تحطيم عالم الأشياء لم يحققوا سوى فاعلية الأشياء ولهذا يمكن اختزال لوحات المستقبليين وبقية مشاريعهم من عشرين لونا إلى لون واحد، ومع ذلك لا تفقد الانطباع الذي تخلقه.
لوحة "إيفان الرهيب " لريبين يمكن أن تخلو من اللون، وتظل مع ذلك تمنحنا انطباعات الرعب نفسها كما مع اللون سيظل http://univers-art.arabfunart.com/suprematism2.jpg


الموضوع يقتل اللون ولن نلاحظه، ثم يصبح اللون ملحوظا اكثر حين تقتل الوجوه الملونة بالأخضر والأحمر الموضوع إلى حد معين. اللون هو ما تحيا به اللوحة. وهو ما يعني أنه الأكثر أهمية. وهنا أصل إلى أشكال لونية خالصة.
السوبرماتية هي فن الرسم الخاص. الفن الذي لا يمكن أن تختزل استقلاليته إلى لون واحد.
يمكن تصوير عدو حصان بقلم ذي لون واحد. ولكن من المحال تصوير حركة كتل حمراء وخضراء أو زرقاء بقلم. علىالرسامين التخلي عن الموضوع والأشياء إذا أرادوا أن يكونوا رسامين خالصين.
مطلب فاعلية الرسم التشكيلي يشير إلى الحاجة إلى الكتلة في الرسم لتنبثق من الموضوع، وتصل إلى هيمنة الشكل كغاية بحد ذاته على المحتوى والأشياء، ويشير إلى الحاجة إلى السوبرماتية أللا موضوعية، والى واقعية جديدة في الفن، إلى إبداع مطلق. المستقبلية تقارب فاعلية اللوحة عبر نزعة الشكل المدرسية. وطريق كلا القوتين يقود إلى السوبرماتية، في الرسم إذا فحصنا الفن التكعيبي وسألنا أية طاقة في الموضوعات تلك التي تشير إلى فعالية الشعور الحدسي، سنجد أن الطاقة كانت ثانوية في الرسم.
واعتقد التكعيبيون أيضا أن ا لموضوع ذاته مع جوهره أو غرضه أو معناه أو تقديمه كاملا ليس ضروريا.
حتى الآن ما بدا أن جمال الموضوعات تم الحفاظ عليه بنقلها جملة إلى اللوحات، وأن جوهرها ينكشف في فجاحة الخط أو تبسيطها بخاصة. ولكن أصبح معروفا أن وضعية إضافية من أوضاع الموضوعات تم اكتشافها، وهو ما يكشف لنا عن الجمال الجديد.
أعني:
إن الشعور الحدسي اكتشف الطاقة في الموضوعات نتيجة التنافر الحاصل من تصادم شكلين متعارضين تجسد الموضوعات كتلة من اللحظات في الزمن. أشكالا متنوعة، وتصويرها متنوع تبعا لذلك. وتصبح كل جوانب الزمن هذه في الأشياء وتشويهها (حلقات جذع شجرة) مهمة اكثر من جوهرها ومعناها.
لقد تبنى التكعيبيون هذه الأوضاع الجديدة كوسائل لإنشاء اللوحات. وكانت هذه الوسائل في الوقت نفسه مكتملة في بنيتها تماما. بحيث سيوفر التصادم من اللا متوقع لشكلين تنافرا ذا قوة توتر عظمى.
إن ميزان كل شكل اعتباطي. وهو ما يبرر ظهور أجزاء موضوع واقعي في أوضاع لا تمت للطبيعة بصلة ولتحقيق هذا المجال الجديد أو الطاقة بكل بساطة، حررنا أنفسنا من انطباع كلية الأشياء وبدأ حجر الرحى حول عنق الرسم بالتصدع. إن أي موضع يرسم وفق مبدأ التعكيبية يمكن أن يعتبر منتهيا حين تستنفد تنافراته. ومع ذلك، يجب أن يحذف الفنان كل الأشكال التي تكرر نفسها بوصفها نسخا ولكن إذا وجد الفنان توترا ضئيلا، في اللوحة فله الحرية الكاملة في أن يأخذه من موضوع آخر. وينتج عن ذلك، أن التعكيبية تسقط مبدأ نقل الأشياء (تصويرها). يتم رسم اللوحة ولكن لا ينقل الموضوع.
من هنا هذه النتيجة إذا كان الفنان طيلة آلاف السنوات الماضية قد حاول مقاربة تصوير موضوع تصويرا وثيقا بقدر الإمكان،
ليستطيع تقديم جوهره ومعناه، فإن الفنان الحديث في عصر التكعيبية دمر الموضوعات ومعانيها معا، الجوهر والغرض، وبرزت اللوحة الجديدة من شظاياهما. واضمحلت الموضوعات مثل دخان في سبيل ثقافة الفن الجديد.
لم يعد هناك المزيد من الحب للزوايا الصغيرة، ولا المزيد من الحب الذي تخاف من أجله حقيقة الفن. المربع ليس شكلا مصدره ما دون الوعي إنه إبداع الفكر الحدسي. إنه وجه الفن الجديد المربع طفل ملكي حي. الخطوة الأولى للإبداع الخالص في الفن. قبله كانت هناك تشويهات ساذجة ونسخ عن الطبيعة. عالمنا الفني يصبح جديدا، لا موضوعيا، خالصا. يتلاشى كل شيء، وتبقى كتلة مادة ستبنى منها الأشكال الجديدة. في السوبرماتية ستحيا الأشكال مثل كل أشكال الطبيعة الحية. هذه الأشكال تعلن أن الإنسان حظي بتوازنه بوصوله من حالة تفكير مفرد إلى حالة تفكير مزدوج التفكير النفعي والتفكير الحدسي الواقعية الجديدة في الرسم هي الأكثر واقعية في الرسم لأنها لا تحتوي على واقعية، الجبال والسماء والمياه. حتى الآن كانت هناك واقعية، الموضوعات، وليس وحدات لون مرسومة، بنيت بحيث لا تعتمد لا على الشكل ولا على اللون ولا على موقعها بالنسبة لبعضها البعض.
كل شكل حر وفردي. كل شكل عالم. أي سطح مرسوم هو اكثر حياة من أي سطح تنتأ منه عينان أو ابتسامة إن سطحا مرسوما في لوحة يحاكي الحياة محاكاة ضئيلة، وهذا التلميح ليس إلا تذكرة بما هي حي. ولكن كل شكل يحيا ويولد.
الفن وأهدافه الجديدة كان دائما مبصقة. ولكن القطط تنشأ معتادة على مكان، ومن الصعب تعويدها على مكان جديد.
لدى هؤلاء الناس الفن غير ضروري إطلاقا ما دام أن هناك صور جداتهم وزواياهم الصغيرة المفضلة من أجمات الليلك كل شيء يجري من الماضي إلى المستقبل، إلا أن على كل شيء أن يحيا بالحاضر، لأن أشجار التفاح ستطرح براعمها في المستقبل، سيمسح الغد أثار الحاضر، ولن تستطيعوا اللحاق بمسيرة الحياة سيرميكم مستنقع الماضي، مثل حجر الرحى، في الحمأة. وها هو الذي يجعلني اكره كل الذين يوفرون لكم أنصاب الموتى التذكارية. الأكاديمية والنقاد هما حجر الرحى هذه حول أعناقكم الواقعية، القديمة، الحركة التي تسعى جاهدة إلى توليد طبيعة حية.
إنهم يتصرفون بالطريقة نفسها كما في أزمنة محاكم التفتيش. أهدافهم مضحكة، لأنهم يريدون إجبار ما يأخذونه من الطبيعية على الحياة فوق قماش اللوحات بأي ثمن. وفي الوقت نفسه، وبينما كل شيء يجري ويلهث، هناك وقفاتهم الجامدة في اللوحات. وهذا التعذيب أسوأ من خلع الأعضاء على عجلة التعذيب.
http://univers-art.arabfunart.com/suprematism3.jpg


التماثيل المنحوتة، المهمة (وهو ما يعني أنها حية) تقف في طرقاتهم في وضعية حركة، أليس هذا تعذيبا؟
وضع الروح في الرخام ثم السخرية مما هو حي. إلا إنما مصدر زهوكم هو فنان يعرف كيف يعذب. أنتم تضعون طيورا في قفص من أجل المتعة أيضا. من أجل المعرفة تحتفظون بالحيوانات في حدائق الحيوان إنني محظوظ لأنني حطمت غرفة تعذيب محاكم التفتيش التي هي النزعة الأكاديمية. لقد وصلت إلى السطح و أستطيع إزالة البعد من جسد حي إلا إنني سأستخدم البعد الذي سأبدع منه بعدا جديدا.
لقد أطلقت كل الطيور من القفص الأبدي، وفتحت البوابات أمام ا لحيوانات في حدائق الحيوان.
إن جماعة الحركة السوبرماتية:
ك. ماليفتبش وأ. بوني، وم. مفيكوف، وأ كليون، وك. بو جوسلا فسكا يا، وروزا نوفا، تقود النضال من أجل تحرير الموضوعات من إلزامات الفن. وتناشد الأكاديمية التوقف عن التفتيش في الطبيعة- أداة التعذيب هي النزعة المثالية ومطالب الشعور الجمالي. النزعة إلى جعل شكل الإنسان مثاليا أماته لجزء كبير من العصب الحي. النزعة الجمالية نفاية الشعور الحدسي. أنتم تريدون رؤية قطع من الطبيعة الحية معلقة بالكلاليب، على جدرانكم. تماما مثلما أعجب نيرون بأجساد الناس والحيوانات الممزقة فى حديقة الحيوان.
أقول للجميع: ارفضوا الحب، ارفضوا النزعة الجمالية، ارفضوا حقائب الحكمة، لأن حكمتكم في الثقافة الجديدة مضحكة وبلا معنى.
لقد فككت عقد الحكمة، وأطلقت الوعي باللون حرا أزيلوا عن أنفسهم بسرعة جلد القرون المتصلب حتى تتمكنوا من اللحاق بنا بسهولة. لقد تغلبت على المستحيل وشكلت بأنفاسي دوامات. أنتم في شباك الأفق مثل أسماك، نحن السوبرماتيون نفتح لكم الطريق. هيا أسرعوا، لأنكم لن تتعرفوا عليها.. غدا.

نور 03-13-2008 04:42 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
الفن التشكيلي في دول أمريكا اللاتينية


بحكم العناية الفائقة والاهتمام الشديد الذي يحظى به الفنان التشكيلي الأوربي والترويج لنظرياته اللونية والشكلية منذ عصر النهضة والي يومنا هذا من خلال العديد من وسائل التعريف المختلفة الإعلامية والثقافية http://univers-art.arabfunart.com/a_laten_art1.jpg


المصورة منها والمطبوعة بما في ذلك بث القنوات الفضائية المرئية والمسموعة إضافة إلى شبكات الإنترنت التي تفرد بدورها المواقع الجذابة مما كون في مجمله اسما متميزا ومتداولا للفنان الأوربي علي اتساع رقعة هذا العالم واصبح دون غيره قدوة ومثالا يحتذي به في مدارس وكليات الفنون الجميلة مما ساهم إلى حد كبير في حجب الأضواء عن غيره من فناني آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية .
وعندما راودتني فكرة الكتابة حول الفن التشكيلي في دول أمريكا اللاتينية تبين لي أن تلك الدول تكاد تكون مجهولة تماما علي هذا الصعيد وهي بالتأكيد ليست كذلك .
المؤسف ثقافيا أن الحديث عن دول أمريكا اللاتينية ومنذ أكثر من ثلاثين سنة يكاد يكون منصبا فقط علي متابعة نجوم كرة القدم وأخبارهم اليومية وتنقلاتهم من ناد لأخر في أوربا واليابان وبعض أقطار الخليج العربي تلك الأخبار التي تحيطنا عادة بالأسعار الفلكية التي تدفع مقابل هذا النجم أو ذاك ولا أتذكر أبدا أنى شاهدت في قناة فضائية عربية برنامجا يتطرق ولو بالهمس إلى الفن التشكيلي في تلك المنطقة القريبة من الخاطر البعيدة عن مرمي البصر .
ولان كرة القدم - وباستثناء مسابقات كأس العالم وبخاصة الفريق البرازيلي - لا تأخذ من متابعاتي اليومية إلا الحيز القليل من وقتي الذي يكاد يكون مكرسا بالكامل للفن البصري في العالم أجمع ، جاءت هذه القراءة علي تواضعها لتقوم بعرض لمحات بسيطة من تاريخ الفن التشكيلي في دول أمريكا اللاتينية فهم يتشابهون معنا كثيرا في التطلعات المشتركة نحو الحرية والانعتاق من سطوة وهيمنة الفكر الغربي والثقافة الغربية بعامة كما ترمي هذه القراءة للاستفادة من التجربة اللاتينية في ممارساتها التشكيلية الوطنية الراهنة من حيث تأسيس الأكاديميات المتينة المدعومة بأفضل الأساتذة والخبراء وكبار الفنانين أو من حيث إقامة الورش الفنية التخصصية في هذا الفن النامي .
ونظرا للتعدد الكبير في العناصر التاريخية والبشرية والاجتماعية التي أثرت بشكل مماثل في شعوب وبلدان تلك المنطقة يكون من الصعب بسبب ندرة المصادر المتاحة الحديث بإسهاب عن الفن التشكيلي هناك غير أن هذا الفضاء المختصر قادني إلى حقيقة جوهرية مفادها أن الفن التشكيلي اللاتيني يرجع في أصوله إلى ثقافات أجنبية من خلال الاختلاط العرقي الذي كون باتحاده مع لغة ودين وعادات أسبانيا والبرتغال شكّل عنصر الربط بين أبناء البلاد الأصليين وبين الثقافة الغربية الوافدة .
فن الرسم علي الحامل الخشبي المعروف بشكل عام تحت مفهوم أوربي قد تطور هناك عقب احتلال الأراضي التي أكتشفها الأسبان والبرتغاليون منذ أكثر من خمسة قرون ضمن مخطط التبشير الديني لتلك المناطق الوثنية .
ففي عام 1785 تأسست بمدينة المكسيك أول أكاديمية للفنون عرفت باسم أكاديمية سان كارلوس وكانت علي صلة وثيقة بأكاديمية سان فرناندو في مدينة مدريد فقامت بتدريس رسم الصور الشخصية( البورتريه ) والمناظر الطبيعية والطبيعة الساكنة إلا أنها ومع مرور الوقت انفصلت عن التيارات والمؤثرات الأوربية فيما يتعلق باستخدامات اللون والتكوين وأيضا فيما يتصل بإدخال العناصر الشكلية من الفنون الشعبية التي منحت الأيقونات الدينية لأمريكا اللاتينية الشخصية المتميزة والطابع المتفرد .
http://univers-art.arabfunart.com/a_laten_art3.jpg



وكانت للمسات الفطرية والتلقائية التي أدخلها الفنان اللاتيني في لوحاته والتي تنبأت بمولد بعض الأساليب المستقبلية كالأساليب الفطرية والبدائية والتي ظهرت في : الهندوراس - هاييتي - البرازيل - الاكوادور - والمكسيك . هذه الأساليب لم تتفق مع القيم الجمالية والتناسق والتكلف السائد في عصر االباروك الأوربي غير أنها كانت لها من الصدى ما منح الفن التشكيلي بأمريكا اللاتينية الخاصية الأولى لأسلوبه .
خلال العقود الأولي للقرن التاسع عشر وهي مرحلة حرجة في تاريخ أمريكا اللاتينية كان للثورات الشعبية والحروب الأهلية آثار مدمرة علي اقتصاد هذه الأمم الشابة وهو وضع لحسن الحظ لم يؤثر علي المحيط الفني بنفس القدر حيث نجد أن الفنانين استمروا في تلقي تكليفات العمل من جهات عدة لرسم الأيقونات والصور الشخصية للأبطال والشهداء من زعماء حركات الاستقلال الوطني مما أدي إلى لعب أدوارا هامة في إعادة تأكيد الهوية القومية فقد تحولت أيقونات ورموز للأمم الجديدة الوليدة وأسهمت في بعث الإلهام لتشكيل هوية أمريكا اللاتينية .
وكان لحركتين صدمتنا العالم خلال العقود الأولى من القرن العشرين صدي لا يمكن تصوره علي تطوير الاتجاهات التشكيلية الحديثة بأمريكا اللاتينية .. هما : الثورة البلشفية والثورة المكسيكية اللتان تركتا علامة في تاريخ الفن لتزامنهما مع أزمة الضمير التي أيقظتها الحرب العالمية الأولى في محيط المثقفين وخير شاهد علي ذلك ظهور الحركة : الدادائية في مدينة زيورخ السويسرية وتلتها بعد ذلك بوقت قريب : السريالية بزعامة الشاعر الفرنسي الكبير : أندريه برايتون .
http://univers-art.arabfunart.com/a_laten_art2.jpg



التأثير الذي كان لهاتين الثورتين : الروسية والمكسيكية علي الفن التشكيلي يعود إلى أن الحكومات الثورية بروسيا كما في المكسيك كانت في حاجة ملحة إلى نشر الأفكار الخاصة بثوراتها بين أواسط الفلاحين والعمال والي الحاجة العاجلة لابتكار فن يوضح أفكار الثورة للجماهير علي شكل ملصقات جدارية .
في روسيا تحرر فن الرسم من الأساليب التقليدية مما سهل التطور السريع لاتجاهات الفن الحديث ، أما في المكسيك فقد ظهرت في البداية ورش فنية للجرافيك تولت تشكيل فنانين في محيط سمح بقدر من حرية التعبير لم يكونوا قادرين علي التمتع به من قبل في ظل الأنظمة السابقة للثورة . ويعد : خوسيه جوادولب بوساداس فنان الحفر المكسيكي بلا أدني شك رائدا في هذا المجال وكانت أعماله مصدر الهام للكثير من الفنانين في باقي دول أمريكا اللاتينية التي بدأت تتفجر بها الحركات الشعبية والثورية .
وعلي نحو لا تنقصه المثابرة والاجتهاد والسعي الجاد لإثبات الذات استطاع الفن اللاتيني أن يتخطى حدوده الإقليمية ومن الذين حملوا لواء فن الرسم هناك إلى فضاءات جديدة نذكر منهم علي سبيل المثال
(1)- رفائيل بارداس - أورجواي
(2)- تارسيلا دوامارال - البرازيل
(3)- رينيه بورتوكاريرو - كوبا
(4)- أميليو بيتوروتي - الأرجنتين
(5)- جوايا ساميل - الإكوادور
(6)- كلاود يو برايو - شيلي
(7)- ادوارد بيثارو - المكسيك

نور 03-13-2008 04:44 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
فنون روسيا و سحر الواقعية

لروسيا تراث كبير من الفن التشكيلي, ولكنه تراث مليء بالهواجس والتقلبات. بدءاً من هاجس الالتحاق بالغرب إلى الذوبان في تيار الواقعية الاشتراكية.
رغم أن روسيا هي أكبر الأمم الأوربية قاطبة, فقد بقيت متخلفة عن اللحاق بركب التطور الأوربي الغربي قرونا عدة, ويجمع المؤرخون على أن مرحلة القيصر بطرس الأكبر (1682-1725) هي البداية الفعلية لانفتاح روسيا على العالم الأوربي, وانخراطها في حركة التطور والإصلاح, فقد دخل بطرس الأكبر التاريخ بوصفه مصلحاً عظيماً, إذ تمّ في عهده إنشاء أول جيش, وأول أسطول نظاميين, وتطوير صناعتي تشغيل الحديد وصهر النحاس في الأورال, وتعديل لغة الكتابة, وتغيير التقويم, وإصدار أول صحيفة في روسيا, وتأسيس أكاديمية العلوم, وافتتاح جملة من المدارس والمعاهد المختلفة.
http://univers-art.arabfunart.com/rousea_art4.jpg

وينسب إلى بطرس الأكبر جملة من الأعمال المهمة في إطار تطوير الثقافة والفنون, فهو الذي بنى مدينة سان بطرسبورج على ضفاف نهر النيفا, وازدحمت قصورها بلوحات الفنانين الذين قصدوها من مختلف أرجاء أوربا, ويُروى أن بطرس الأكبر كان يستأجر لصوصاً محترفين لسرقة الأعمال الفنية, والقطع الأثرية النادرة من مختلف مناطق أوربا والمشرق حينما كان يعجز عن اقتنائها بوسائط أخرى, ولكن الثمار الفعلية لما غرسه بطرس الأكبر نضجت في عهد كاترينا الثانية التي أرادت أن تتابع مسيرة بطرس في البناء والإصلاح.
وعلى الرغم من وفرة الأعمال التشكيلية الروسية التي ترجع إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر, فلا تزال تنزوي خارج الدائرة المعرفية العامة في مناطق مختلفة من العالم (غير السلافي), ولا يقف عندها تاريخ الفن المتاح للقارئ العربي غير المتخصص, وكأنها لم تكن موجودة قبل مطلع القرن العشرين, حين ارتبط ظهور المدرسة التجريدية باسم الروسي كاندينسكي, وهناك من يرجع أسباب انزواء الفن التشكيلي الروسي خلال القرنين المشار إليهما في الظلال إلى فقر التجربة التشكيلية الروسية بالمبدعين الأفذاذ الذين تتمتع أعمالهم بملامحها الذاتية الفارقة, وإلى فقر التجربة التشكيلية الروسية بالتنوع الأسلوبي, فكان الجميع - وفق هذا الرأي - يرسم مثل الجميع, واللوحة الواحدة رغم كل ما فيها من إتقان ندر مثيله لم تكن تستطيع أن تبرز في ثناياها شخصية الفنان الفرد, فكان في روسيا أسلوب روسي, ولم يكن هناك فنانون روس مميزون. ولكن يجب ألاّ يغيب عن الأذهان أن مصادرنا العربية لتاريخ الفن هي مصادر أوربية غربية على وجه العموم, فما لم يحفل به علماء الجمال والنقاد التشكيليون في غرب أوربا بدا أنه الأقل قيمة, أو بدا غير موجود, وفاقم هذه المسألة أن المرحلة السوفييتية في تاريخ روسيا سعت صراحة إلى التقليل من شأن ما كان قبلها.
كانت الانطلاقات الأولى للرسم الروسي من خلال الموضوعات الدينية, ورسم صور الشخصيات المشهورة في الكتاب المقدس, والصور النصفية للملائكة والقدّيسين, حيث كان ذلك استمراراً للفن البيزنطي الذي مازه رسم الصور النصفية, وتعمّد الابتعاد عن فكرة التجسيم, وإغفال البعد الثالث, فكان ذلك أساسا لفن الأيقونة الروسي الذي تسرّبت إليه تأثيرات مغولية أثناء الغزو التتري والمغولي لروسيا, مع التذكير بأن الأيقونة الروسية تحتل مكانة مرموقة على الصعيد العالمي, لا يضاهيها في ذلك فن أي شعب آخر.
توزّعت موضوعات الفن التشكيلي الروسي على مثيلاتها في تاريخ الفن الأوربي, فيحتلّ رسم الصور الشخصية للنبلاء وذوي النفوذ ورجال البلاط مساحة كبيرة, بالإضافة إلى رسم الموضوعات التقليدية المستوحاة من الكتاب المقدس, وكذلك تصوير وقائع الأحداث الكبرى في تاريخ روسيا, والمعارك ووقائع الانتفاضات والحركات الشعبية ضد الاستبداد القيصري, كانتفاضة الديسمبريين, وعمليات اعتقال المعارضين, ومحاكماتهم, وعمليات الإعدام, كما في لوحة (الإضراب) لنيقولاي كاساتين, ولوحة (اعتقال مروّج الدعاية) لإيليا ريبين, على سبيل المثال.
هاجس اللحاق بالغرب
ظل هاجس اللحاق بالغرب الأوربي ماثلاً في أذهان النخب الروسية على مختلف المستويات والأصعدة, ولم يغب هذا الهاجس عن مجمل الأدبيات والطروحات النظرية التي أنتجتها الحركات الثورية الروسية, بما في ذلك الثورة البلشفية الكبرى عام (1917), ولكن ذلك لم يمنع الفن الروسي من أن يختط لنفسه نهجاً خاصّاً, يحافظ على خصوصيته من غير أن يعزله عمّا يجري في العالم الأوربي المتقدّم. وقد برز في هذا الصدد تيّاران: (الأول: قومي أصولي مسيحي, يعتبر أن التحديث كان يجب أن يتم دون قطيعة مع التراث الروسي القديم, حفاظاً على روسيا (الشرق - غربية), والثاني: علماني منفتح شمولي يرى في الأوربة التي سعى إليها بطرس الأكبر إنقاذاً لروسيا من التخلّف عن الركب الحضاري العالمي).
http://univers-art.arabfunart.com/rousea_art1.jpg


وقد تجلّت الخصوصية الروسية في معظم التيارات والمذاهب الفنية, فالرومانسية الروسية استغرقها شغف خاص بالمنظر الطبيعي الساحر الذي تنطوي عليه سهول روسيا ذات الاتساع المذهل, كما في أعمال الأكاديمي والفنان الروسي الكبير نستروف الذي وُصف المنظر الطبيعي لديه بأنه (يمسّ قلب كلّ من لديه قلب). بالإضافة إلى انحياز الرومانسيين الروس إلى الموضوعات المستمدّة من واقع الحياة البائسة المشقية التي عاشها القطاع الأعظم من الشعب الروسي, ونجد ذلك حتى في اللوحات ذات الموضوع الديني, كما في لوحة (تجلّي المسيح للشعب) لإيفانوف, التي تضم حشداً كبيراً من الفقراء البائسين الذين يشغلون النسبة العظمى من مساحة اللوحة, بينما لم يترك الفنان لتجلّي المسيح سوى مساحة شديدة الضآلة, بحيث صار الحشد البشري البائس هو الموضوع الأساس في اللوحة. وكما نجد أيضاً لدى كيبرنسكي الذي انصرف عن رسم الصور ذات الطابع الكلاسيكي الجليل (إلى تكوينات مختلفة للمسيح محاطاً بأطفال, وإلى رسم رءوس حلوة لفلاحات وغجريات صغيرات غرزن في شعورهن ورداً).
والانطباعيون الروس ميّزهم عن الانطباعيين الفرنسيين (ميلهم للمؤثّرات الريفية, وخاصّة مناظر الريف الروسي بسهوله الرحبة وغاباته الكثيفة). وحتّى كاندينسكي الذي يعدّ المؤسس الأبرز للمدرسة التجريدية, على الصعيد العالمي, استمالته الأشكال البدائية للفن الشعبي الروسي, وكانت منطلقه في طمس البعد الثالث, وتحطيم الصلات الشكلية مع عناصر الواقع, أو الإيحاء بكل ما له صلة بالشكل الواقعي.
تأثير التيارات الفرنسية
حظيت الثقافة الفرنسية بمكانة مرموقة في روسيا القيصرية, لم تبلغها أي ثقافة أوربية أخرى, فقد كان تعلّم الفرنسية ملمحاً بارزاً في حياة الأرستقراطية الروسية, وتبلغ التأثيرات الفرنسية فيما يسمّى الفن الطليعي الروسي, أو المدرسة الشكلانية الروسية (الأفنغارد) ذروة مهمة في مطلع القرن العشرين, وتعدّ (جماعة علم الفن في بطرسبورج همزة الوصل بين روسيا وفرنسا), وكان من أنشطتها إقامة معرض الصالون الخريفي عام 1906, الذي ضم (750) عملاً فنياً فرنسياً وروسياً. ولم تقتصر العلاقة التشكيلية مع فرنسا على نشاط هذه الجماعة, بل تجاوزه إلى آفاق أخرى يتصدّرها قدوم الفنانين الروس إلى فرنسا للدراسة, ودور بعض جامعي اللوحات الروس, ورحلة ماتيس إلى روسيا, ثم المعارض التي أقامتها جماعة الوردة الزرقاء بين عامي (1907 و1909).
وترى د.زينات بيطار أن الطليعيين الروس لم يكتفوا بتلقّي التأثيرات الفرنسية, وإنما كانت التأثيرات متبادلة (إذ بدأت الطليعة الروسية استقلالها منذ عام 1913, وبدأت تفرض نفسها على الوسط الفرنسي, حين أصدر لاريونف كتابه (الشعاعية) مع غنشاروفا, وماليفتش). مع الإشارة إلى أن الحركة الطليعية الروسية في مطلع القرن العشرين توزّعتها تيارات واتجاهات مختلفة, فكان هناك التكعيبيون أمثال أكستر, والشكلانيون أمثال فربل, وسيروف, وباريسوف, وموساتوف, والرمزيون من جماعة الوردة الزرقاء أمثال كوزنتسوف, وبتروف - فودكين, والتجريديون أمثال كاندينسكي, وماليفتش, وتاثلين, والواقعيون أمثال ماليافين, وشيبتسوف, وبافل كورين, وغيرهم.
الواقعية الاشتراكية
http://univers-art.arabfunart.com/rousea_art3.jpg


يرى بعض النقاد أن مصطلح (الواقعية) هو من أكثر المصطلحات النقدية تضليلاً بسبب استعصائه على الضبط والتحديد المفهومي, وضرورة استتباعه بتقييدات مختلفة قارب عددها الثلاثين في (معجم مصطلحات الأدب) لمجدي وهبة, ك(الواقعية الطبيعية, والانتقادية, والسحرية, والاشتراكية,.. إلخ) ويكمن جوهر مفهوم (الواقعية الاشتراكية) في جعل فكرة (الاشتراكية) غاية يجب أن يستهدفها أي عمل فني جدير بالانضواء تحت عنوان (الواقعية الاشتراكية) بحيث يؤدّي ذلك إلى جعل وظيفة العمل الفني تحتلّ موقع الصدارة بدلاً من طبيعته.
ومع سيطرة الستالينية في ثلاثينيات القرن العشرين وأربعينياته, سيطر التبسيط والتسطّح على مجمل مناحي الحياة الثقافية الروسية, وأصبح ما أطلق عليه (الالتزام بقضايا البروليتاريا) هو المعيار المعتمد رسمياً لقبول الأعمال الفنية, وتمكينها من التمتّع برعاية الدولة, وفرص العرض والانتشار, وهذا ما أدّى إلى أن تقبع الاتجاهات التحديثية الروسية في الفن التشكيلي عدّة عقود في الظلال, مقابل تطوّر ملحوظ لفن الإعلان السياسي الذي بلغ شأواً مميّزاً في فترة الحرب العالمية الثانية, وفترة ما سمّي بالحرب الباردة, بالإضافة إلى النجاحات الخاصّة التي أحرزها الفنانون السوفييت في تصميم (الميدالية) وتميّزهم بإشادة التماثيل والنصب التذكارية ذات القياسات الضخمة, وأعمال الحفر الجداري بشقّيه الغائر والنافر.
أما الاتجاه الواقعي, فكان قد ماز التجربة التشكيلية الروسية منذ بواكيرها الأولى, سواء كانت تلك الواقعية موظّفة في خدمة التوجّهات السياسية الرسمية للدولة السوفييتية, أم كانت إخلاصاً فنّياً مارسه الفنان على قماش اللوحة وفق رؤاه الجمالية وقناعاته الفكرية, فالفنان الروسي ماليافين أبدع أعماله قبل وصول البلاشفة إلى الحكم, وقد كانت الحياة الفلاحية الروسية موضوعه الأثير, إذ رسم حشداً من صور الفلاحات الروسيات بوجوههنّ الطافحة (السمينة) وعيونهنّ الضيّقة, وثيابهنّ الطويلة بألوانها القوية الحمراء والخضراء, والخاضعة لما يسمّى بالذوق الفلاّحي, ومع ذلك استطاع من خلال هذا الذوق الفلاحي أن ينشئ مهرجاناً فذّاً من البذخ اللوني, والحفاوة الاستثنائية يجعل الألوان تقيم تجادلاتها الحادة فيما بينها, من أجل تحريك المشهد, وضخّ كميّة كبيرة من البهجة والفرح والمشاعر القوية في جميع أرجاء اللوحة.
ولم تتراجع الحرفية التشكيلية للفن الواقعي بكل اتجاهاته في ظلّ الستالينية, رغم التوجيهات الصارمة بضرورة الالتزام بقضايا الجماهير والقضية الوطنية العظمى في مواجهة الاجتياح النازي للاتحاد السوفييتي. ورغم ما تتمتع به الاتجاهات التحديثية على الصعيد العالمي من غواية خاصة, وجاذبية عالية باتجاه التجريب والتحديث الذي لا يقف عند أي حدّ, يظل للواقعية سحرها الخاص, وقدرتها على الفعل الجمالي, والتأثير العالي في المتلقّي, من غير أن يغيب عن الأذهان اتهامها بأنها صارت تكتفي بفعل ما تفعله آلة التصوير من محاكاة سلبية للواقع, وأنّ موضوعات البؤس البشري, وحياة الطبقات الفقيرة التي درجت الواقعية الاشتراكية على تناولها موضوعات تخلو من المناحي الجمالية, وتعجز عن طرح القيم الفنية المهمة.
ويمكن أن نجد في لوحة الفنان السوفييتي ألكسندر لاكيتوف (رسالة من الجبهة) قدراً من دحض هذه الاتهامات, فقد عالج الفنان القضيتين الوطنية والاجتماعية في هذه اللوحة, جاعلا من تدفق ضوء الصباح إلى شرفة المنزل الريفي وأرضيته الخشبية المتشققة المهترئة تجسيدا رفيع المستوى لأخبار الانتصارات التي أرسلها من الجبهة جندي محتفظ بحياته مع جندي جريح لأسرة الجندي الذي مازال في جبهة القتال, وتتحلق الأسرة حول طفل يقرأ الرسالة بجديّة طفولية عالية, لم تستطع أن تكبح ملامح الحماس والابتهاج على وجهه المغمور بالضوء, وفي الجهة المقابلة له تقف شقيقته الصغرى في ثياب المدرسة, وإلى يمينه شقيقته الكبرى تتابع ما يقرأ, متّكئة على حاجز الشرفة الذي ذهبت منه بعض عوارضه الخشبية, وكأنها تنتظر فراغ شقيقها من قراءة الرسالة لتذهب إلى عملها, والأم التي تحتل الحيّز الأكبر من اللوحة تتكئ على صدغ الباب وهي في ثياب المنزل البسيطة, تحمل في يدها ظرف الرسالة الفارغ ونظّارتها الطبية, حيث بدت أنها انتهت منذ لحظة من قراءة الرسالة, ثم أعطتها إلى ابنها ليقرأها بصوت مسموع للآخرين.
http://univers-art.arabfunart.com/rousea_art2.jpgويحسن التنويه بالتفات الفنان إلى تفاصيل مهمة على المستويين الفني والفكري, فإظهار حالة الفقر تعني أن الفقراء, أو الأكثر فقراً هم الذين كانوا وقود الحرب الوطنية العظمى التي ذهب ضحيتها أكثر من عشرين مليون نسمة من الاتحاد السوفييتي وحده, ولم يغفل الفنان عن أن تنتمي لوحته إلى التراث التشكيلي الروسي العريق في إطار الحفاوة المذهلة بدقائق التفاصيل, فالجندي الجريح ذو قسمات حادة, ووجه حليق تكاد تظهر على خده آثار الحلاقة وهو ينفث دخان التبغ, وعلى ثيابه العسكرية بعض الأوسمة, والطفلة تظهر منها أدق تفاصيل ملابسها وزينتها وطريقة تسريح شعرها رغم وقوفها عكس اتجاه الآخرين وفي الظل الكامل, والوالدة تظهر عروق قدمها اليسرى, ووجهها يطفح بالبشر والبهجة, ورغم أن الوجه شبه مخفيّ, بسبب وضعية وقوفها والتفاتتها إلى ابنها, فقد تمكن الفنان من استنطاق كمية البهجة التي ارتسمت عليه, فزوجها كان لا يزال محتفظا بحياته في تلك الحرب التي لم ينجُ من رحاها إلا القليل.
لم تستطع عناصر التسطيح الفكري والسذاجة الجمالية, والرقابة الصارمة في المرحلة الستالينية أن تدحر روح الإبداع والتألّق الجمالي لدى الفنانين التشكيليين الكبار, مع ضرورة الاعتراف بعبء تناول التجربة التشكيلية الروسية عبر هذه العجالة التي تقتضيها محدودية الحيز المتاح, ولكن حسبنا أننا نسعى إلى محاولة لفت الانتباه.

نور 03-13-2008 04:47 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
لوحات الحبر الصينية

لوحات الحبر الصينية التقليدية ليست شيئا جديدا لمن يألفون الثقافة الصينية، ومن ذلك لوحة الحصان الراكض http://univers-art.arabfunart.com/chinese_ink5.jpg

لأستاذ الحبر شو بي هونغ. الرسم التقليدي بالحبر يستند إلى أعمدة ثقافية قديمة مثل الشعر وفن الخط والختم، ويكون عادة وصفيا. على العكس من هذا، الرسم بالحبر الحديث متأثر أكثر بالفن الغربي الحديث، فيبدوا مشابها للوحات التأثيرية مثل أعمال ده كونينغ (رسام تأثيري أمريكي هولندي 1904-1997) وأعمال بولوك (بولوك جاكسون، رسام أمريكي، وهو الشخصية الرائدة لحركة التأثيرية 1912- 1956). وتكون اللوحات عادة أبيض وأسود وغير وصفية. الحضرية المتغيرة.
لوحة الحبر، كمصطلح فني، تجمع العديد من الأشكال، ومنها الرسم الوطني (قوه هوا)، رسم المثقفين، الحبر المجرد، لوحات الحبر للمثقفين الجدد، الحبر التجريبي والحبر الحديث والتصوري. كل نمط منها يعبر عن الفن الذي يُمارس منذ ألف عام والذي أثار جدالات ضارية حول قضايا اجتماعية/ ثقافية مثل الأصالة، النزعة الوطنية الشرقية والغربية والاستعمار، الخ. ا
في بدايات القرن العشرين انتقد مثقفون تقدميون، مثل كانغ يو وي (أحد مشاهير الإصلاحيين الصينيين، عمل http://univers-art.arabfunart.com/chinese_ink3.jpg



على استقدام النظام الغربي الحديث إلى الصين)، لوحات رسم الحبر للمثقفين، على أنها راكدة وفاسدة وغير علمية وليس بها شيء له علاقة بالواقع، ودعا هؤلاء إلى ثورة فنية استنادا إلى الفن الواقعي الغربي. وقد عملت أجهزة الدعاية الشيوعية خلال فترة الثورة على الترويج بقوة لرسم الحبر بالأسلوب الواقعي. وخلال السنوات العشر الأولى بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية تم تبني الرسم بالحبر كأداة لإبراز الرؤية الجديدة للصين الاشتراكية. وقد اُعتبرت لوحات المثقفين التقليدية " قمامة إقطاعية". بعد فترة طويلة نسبيا من دمج أسلوب الحبر مع المنهج الواقعي الغربي، بات الرسم الوطني الجديد (شين قوه هوا) الأكثر حيوية خلال ثمانينات القرن الماضي، والفن الأكثر أهمية على الساحة الفنية الرسمية. ونتيجة لعلاقته المتوارثة مع الحركة السياسية الاشتراكية أصبح شين قوه هوا تدريجيا شكلا فنيا دعائيا رسميا حادا. ومع تدفق الأفكار الفنية الغربية إلى الصين في الثمانينات، تمرد الفنانون الشبان على قوه هوا الراكد الرسمي ومالوا إلى لغة الفن التعبيري والتصوري الغربي مما قوض التلاعب السياسي بلوحات الحبر (قوه هوا)، في مسعى للتوصل إلى حل للجمع بين أسلوب الفن التقليدي مع الفن الغربي الحديث. هذه التجربة تُسمى بأعمال الحبر والماء الحديثة (شيان داي شوي مو)، وقد انخرط العديد من ممارسيها في الموجة الجديدة في منتصف الثمانينات. الحضرية المتغيرة.
في عام 1985، وتأسيسا على رؤيته للوضع المتخلف لقوه هوا، نشر لي شياو شان، وهو فنان شاب، كان آنذاك طالبا بمعهد نانجينغ للفنون، نشر مقالة شائكة بمجلة الفن المتجدد، معلنا أن قوه هوا (الرسم الوطني) في الطريق إلى الزوال. اللغة الحادة التي استخدمها لي أفرزت جدلا واسعا ومتواصلا حول مصير قوه هوا. وقد أجبر هذا الجدل بعض الفنانين على مراجعة رؤاهم للفن وعلاقته بالتقاليد والواقع وتأثير الغرب. الحضرية المتغيرة.
في بواكير التسعينات، ومسايرة للفن الصيني الجديد الممثل رئيسيا في البوب السياسي والواقعية الساخرة- http://univers-art.arabfunart.com/chaines_ink4.jpg



التي اكتسبت شهرة واسعة خارج الصين، روجت المؤسسة الرسمية في الداخل لرسم الحبر الوطني. في منتصف الثمانينات ساد ما سُمي "رسم المثقفين الجديد" الذي يجمع الأسلوب التقليدي والمشاعر الخاصة، والذي رؤي على أنه طبعة جديدة من تقاليد مجيدة، في مسعى لإعاقة تدفق الفن الغربي الحديث إلى عالم الفن الصيني. في أواخر التسعينات، ومع تخفف السيطرة الأيدلوجية قليلا وتنامي المشاعر الوطنية كانت لوحات الرسم بالحبر الحديثة موجودة بشكل دائم في الأماكن الفنية الرسمية. وشجعت السلطات المعارض المشتركة والمناقشات العلمية حول رسم الحبر التجريبي. جذور رسم الحبر الثقافية الواضحة المباشرة ومسعاه لتطوير لغة جديدة تناسب الوضع الحالي للإصلاح في الصين، ولكن المثير للسخرية، أن أجهزة الإعلام اعتبرت أن ممارسة رسم الحبر التقليدي رمزا للفساد البيروقراطي. الحضرية المتغيرة.
إنه لمن الصعب أن نجد في عالم الفن الصيني المعاصر مُناظرا تاريخيا وجغرافيا للمغزى المعقد لرسم الحبر. وتعتبر المؤسسة الفنية القديمة قوه هوا أداة ممكنة للحفاظ على نقاء ثقافتها مثلما يحافظ البعض على أوبرا بكين على أنها (الأوبرا الوطنية) لتعظيم تراثها التقليدي. بعض العلماء يودون أن يروا رسم الحبر التجريبي وسيطا محتملا يشمل التقاليد الصينية وتشكيلة منفتحة، مما قد يتواصل مع مجتمع الفن العالمي وكذلك البحث عن هوية في الفن الصيني المعاصر. إن الفنانين يودون أن يستعيروا من/ أو يرجعوا إلى لوحات الحبر لتشكيل تصورهم وأدائهم، مثل لوحة فصل اللغة الإنجليزية الجديد لشو بينغ، وأداء الكتابة في الموقع لقو ون دا في بينالي كوانغجون. ورسم الحبر، بالنسبة لكثيرين، جزء لا يتجزأ من إطار الثقافة التقليدية، التي تمنح الفنان فضاء هائلا للاستكشاف. ويعتقد ممارسو رسم الحبر التجريبي في بر الصين الرئيسي أنه مع تطور الاقتصاد الصيني والوعي الثقافي فإن الأشكال الفنية التي تميل إلى التقليدية، مثل رسم الحبر سوف يتم تجديدها، غير أن دعاوى سلبية ومتشككة تظهر من حين لآخر تزعم أن معضلة رسم الحبر أن طبيعته المرنة لا تستطيع أن تعكس المشاعر المعاصرة وأنه عادة يميل إلى الأفكار الميتافيزيقية، أكثر من تطوير وسيلة فعالة وطريقة سرد جديدة تربط ممارسة رسم الحبر بالحياة المعاصرة. والواقع أن الوضع المتأخر لرسم الحبر أكثر خطورة مما يتوقع أي فرد، وبخاصة عندما يتحدث المدافعون عنه عن http://univers-art.arabfunart.com/ch...k_jin_nong.jpg


مستقبل الرسم بمغزى ثقافي مثقل. الحضرية المتغيرة.
وبرغم كل شيء يظل رسم الحبر أكثر الأشكال الفنية ممارسة في الصين، يمارسه ملايين من الفنانين المتخصصين والهواة. ولكن رسم الحبر التجريبي يمثل جزءا هامشيا من هذا المجتمع الفني. ويزعم العديد من الفنانين والنقاد أن رسم الحبر التجريبي سيلعب دروا حيويا في عملية تأسيس هوية ثقافية جديدة. الفنانون الجادون يعتبرون أن الاستكشاف المتواصل للعلاقة بين الوسيط القديم وعالم معاصر تسوده العولمة يجب أن يكون أحد شروط أي فن جديد. الحضرية المتغيرة.
ويمكن تصنيف ممارسة رسم الحبر التجريبي إلى أربعة أقسام؛ رسم الحبر المجرد، فن الخط الحديث، رسم الحبر الحضري، والحبر كوسيط توضيح وفعل. الحضرية
ممارسو رسم الحبر التجريدي عادة ينقون لغة الحبر، ويتجاهلون وظيفته الوصفية، بالإشارة إلى اللغة التعبيرية المجردة. الحضرية المتغيرة.
http://univers-art.arabfunart.com/chinese_ink1.jpg



وممارسو فن الخط الحديث هم الخطاطون الراغبون في تطوير شكل جديد من الرؤية معتمدا على تدريباتهم التقليدية على فن الخط. أعمالهم أكثر شبها برسم الحبر المجرد، مع بعض الومضات من فن الخط مثل مقاطع الكتابة الواضحة، وليس النصوص المقروءة المعتمدة على فن الخط. الحضرية المتغيرة.
يطور رسم الحبر الحضري بعض النقاد والفنانين ذوي النظر البعيد الذين ينتجون لوحات الحبر الحضرية، وهم غالبا من كليات الفنون، ويمتلكون قدرة قوية على الرسم. وقد طور هؤلاء لغة حبر شخصية من خلال مشاعرهم الحقيقية إلى العالم المادي والطبيعة الروحية في البيئة الحضرية المتغيرة. الحضرية المتغيرة.
الفعل والتوضيح ذو العلاقة برسم الحبر. هذه الأعمال تظهر عادة في المعارض الفنية الشاملة المعاصرة التي تكون كبيرة، ويعتقد مسئولو المعارض أنها جزء لا يتجزأ من عالم الفن المعاصر. الحضرية

أحمد اسماعيل 03-13-2008 06:29 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 




وصلت الفنون العالمية والعربيةوالفن التشكيلى الى هنا على يد المتميزة بأختيارها وذوقها

نور ... صاحبة الحس الفنى الراقى

مجهود أكثر من متميز راعى كل الاذواق فى طرحه هذا الموضوع وتعريفه بهذه الفنون الراقية

تسلمى على أختيارك الرائع .. هذه الفنون لها أصحابها المبدعون

دعواتى لكى بالصحة والعافية


نور 03-14-2008 10:45 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
احمد المصرى
تسلم على مرورك المميز
دعواتى لك بالصحة والسعادة

مها القمر 03-14-2008 11:52 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
جميل جدا جدا نور الرسم فن راقي يحمل لنا دوما حضارت الشعوب وافكارهم استمتعت هنا بكل سرور

نور 05-29-2009 12:58 AM

رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~
 
مها
اسعدنى تواجدك العطر
نورت غاليتى
محبتى

طارق سرور 05-12-2011 02:38 AM

رد: فنون عربية وعالمية
 
طرح فى قمة الروعة

ومعلومات وصور قيمة ومبهرة

فائق شكرى وتقديرى اختى المتميزة نووور


الساعة الآن 02:55 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by