عرض مشاركة واحدة
قديم 12-06-2008, 03:07 AM رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: هكذا حج الصالحون



( 9 )

الصالحون..ويوم عرفة

- قَالَ سَالِم: كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى الْحَجَّاجِ أَنْ لَا يُخَالِفَ ابْنَ عُمَرَ فِي الْحَجِّ فَجَاءَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَنَا مَعَهُ يَوْمَ عَرَفَةَ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ فَصَاحَ عِنْدَ سُرَادِقِ الْحَجَّاجِ فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ مُعَصْفَرَةٌ فَقَالَ: مَا لَكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ فَقَالَ: الرَّوَاحَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ قَالَ: هَذِهِ السَّاعَةَ! قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَنْظِرْنِي حَتَّى أُفِيضَ عَلَى رَأْسِي ثُمَّ أَخْرُجُ فَنَزَلَ حَتَّى خَرَجَ الْحَجَّاجُ فَسَارَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي فَقُلْتُ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ فَاقْصُرْ الْخُطْبَةَ وَعَجِّلْ الْوُقُوفَ!، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: صَدَقَ
( ).

- وقال داود بن أبي عاصم:
وقفتُ مع سالم بن عبد الله بعرفة أنظرُ كيف يصنع، فكان في الذكر والدعاء حتى أفاض الناس
( ).

- قَالَ ابنُ المبارك:
جئتُ إلى سفيان الثوري عشية عرفة، وهو جاثٍ على ركبتيه، وعيناه تهمِلان، فالتفت إليَّ، فقلت له: من أسوأ هذا الجمع حالاً؟ قَالَ: الذي يظنُّ أن الله لا يغفر لهم
( ).

- وروي عن الفُضَيل بن عياض
أنه نظر إلى نشيج الناس وبكائهم عشيَّة عرفة، فقال:أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجلٍ فسألوه دانِقاً - يعني: سدس درهم - أكان يردُّهم؟ قالوا: لا. قَالَ: والله، للمغفرة عند الله أهون من إجابة رجلٍ لهم بدانِق
( ) .

- وقال عمر بن الورد
قال لي عطاء بن أبي رباح:«إنْ استطعتَ أنْ تخلو بنفسك عشية عرفة فافعل».

- وكان حكيم بن حزام رضي الله عنه - يقف بعرفة ومعه مائة بدنة مقلدة، ومائة رقبة فيعتق رقيقه فيضج الناس بالبكاء والدعاء، يقولون: ربنا هذا عبدك قد أعتق عبيده ونحن عبيدك فأعتقنا( ) . وجرى للناس مرة مع الرشيد نحو هذا.

- وقال يعلى بن حرملة: تكلم الحجاج يوم عرفة بعرفات فأطال الكلام فقال عبد الله بن عمر: ألا إن اليوم يوم ذكر فأمضى الحجاج قال فأعادها عبد الله مرتين أو ثلاثا ثم قال: يا نافع ناد بالصلاة فنزل الحجاج
( ).

- عن سالم
أنَّ سعيد بن جبير أفطر يوم عرفة لأتقوى على الدعاء
( ).

- قال عبد الله بن بكر المزني:أفضتُ
مع أبي من عرفة فقال لي: يا بُني لولا أني فيهم لرجوتُ أن يغفر لهم( ). قال الذهبيُّ- تعليقاً عليها -:« قلتُ: كذلك ينبغي للعبد أن يُزْري على نفسِه ويَهْضِمَها
»( ).

- قال بشر بن الحارث:
رأى فضيل بن عياض رجلا يسأل في الموقف فقال له:أفي هذا الموضع تسأل غير الله عز وجل؟!
( ).

- ورأى سالم بن عبد الله بن عمر
سائلا يسأل الناس في عرفة فقال: يا عاجز أفي هذا اليوم تسأل غير الله تعالى؟! ( ).

- قال ابنُ رجب:«كانت أحوال الصادقين في الموقف بعرفة تتنوع فمنهم من كان يغلب عليه الخوف أو الحياء: وقف مطرف بن عبدالله وبكر المزني بعرفة، فقال أحدهما: اللهم لا ترد أهل الموقف من أجلي. وقال الآخر: ما أشرفه من موقف وأرجاه لإله لولا أني فيهم!. وقف الفضيل بعرفة والناس يدعون وهو يبكي بكاء الثَّكْلى المحترِقة قد حال البكاء بينه وبين الدعاء فلما كادت الشمس أن تغرب رفع رأسه إلى السماء وقال: واسوءتاه منك وإن عفوتَ. ومن العارفين من كان في الموقف يتعلق بأذيال الرجاءقَالَ ابنُ المبارك:جئتُ إلى سفيان الثوري عشية عرفة، وهو جاثٍ على ركبتيه، وعيناه تهمِلان، فالتفت إليَّ، فقلت له: من أسوأ هذا الجمع حالاً؟ قَالَ: الذي يظنُّ أن الله لا يغفر لهم
»( ).

التعليق:

إنّ يوم عرفة يوم مهيب، ومشهد عظيم، ومناسبة كريمة ليس في الدنيا مشهد أعظم منه روت عَائِشَةُ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ @ قَالَ:«مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ
»؟( )، قال النوويّ:«هَذَا الْحَدِيث ظَاهِر الدَّلَالَة فِي فَضْل يَوْم عَرَفَة , وَهُوَ كَذَلِكَ ».

الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْوفي مثل هذا اليوم وهذا المكان أنزل الله سبحانه دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ
[المائدة:3]

ففي الصحيحين( ) عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًادِينًا مِنْ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْالْيَوْمَ عِيدًا قَالَ أَيُّ آيَةٍ قَالَ
الْيَوْمَ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ
قَالَ عُمَرُ: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِيدِينًا نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ.

وفي مثل هذا اليوم وهذا المكان خطب النبي صلى الله عليه وسلم خطبة عظيمة جامعة تحكي المبادئ الكبرى لهذا الدين، وأهم مقاصده، ولقد كانت عباراتٍ توديعيةً بألفاظها ومعانيها وشمولها وإيجازها، استشهدَ الناسَ فيها على البلاغ. إن أول شيء أكد عليه في النهي من أمر الجاهلية الشرك بالله، فلقد جاء بكلمة التوحيد: (لا إله إلا الله) شعار الإسلام وعلّم الملة، كلمة تنخلع بها جميع الآلهة الباطلة، ويثبت بها استحقاق الله وحده للعبادة.

نعم إنه لا فائدة من حجٍ لا يقوم على التوحيد..ونبذ الشرك.. إنّ من يقول –وهو متلبس بشعيرة من أعظم الشرائع- «مَدَدَ يارسولَ الله» أو«مَدَدَ يا علي».. أويذبح لغير الله، ويتوسل بالأولياء والصالحين..ويدعوهم من دون الله..لم وَإِذْ بَوَّأْنَايستشعر أنّ الحج شُرع في الأصل لتوحيد الله عزوجل قَالَ تعالى لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ
لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ.لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ
[الحج: 26]

وقد وقف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في يوم عرفة يدعو الله عزَّ وجل من زوال الشمس إلى غروبها مبتهلاً بالذكر والدعاء والإنابة والخشوع رافعاً يديه حتى إنه سقط خطام ناقته فأمسكه بإحدى يديه وهو رافعٌ الأخرى، ولم يمل ولم يتعب من طول القيام والدعاء..إنها القوة في العبادة واللذة في المناجاة. عن جابر رضي الله عنه قال:«
ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ إِلَى الصَّخَرَاتِ وَجَعَلَ حَبْلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَذَهَبَتْ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا حَتَّى غَابَ الْقُرْصُ
».

وفي حديث أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قال:
كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَاتٍ فَرَفَعَ يَدَيْهِ يَدْعُو فَمَالَتْ بِهِ نَاقَتُهُ فَسَقَطَ خِطَامُهَا فَتَنَاوَلَ الْخِطَامَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ وَهُوَ رَافِعٌ يَدَهُ الْأُخْرَى
( ).

قلتُ: ومع فضل صيام يوم عرفة وأنه يكفر سنتين كما في صحيح مسلم( ) عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ:«يُ
كَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ
» إلاّ أنه لا يشرع للحاج صيامه من أجل أن يقوى على الدعاء قال الشافعي رحمه الله:«تركُ صومِ عرفة للحاجِ أحبُّ إليّ من صوم يوم عرفة لأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم تَرَكَ صومَ يومِ عرفة، والخيرُ في كل ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأن المفطر أقوى في الدعاء من الصائم وأفضل الدعاء يوم عرفة »( ). وقال ابن عبدالبر:«قول الشافعي أحسن شيء في هذا الباب »( ).

وفي الصحيحين( ) عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ أَنَّ نَاسًا اخْتَلَفُوا عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ فِي صَوْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:
بَعْضُهُمْ هُوَ صَائِمٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ بِصَائِمٍ فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ فَشَرِبَهُ
( ).

أخي الحاج...

رأيت كيف كان حالُ سيد الأولين والآخرين في هذا اليوم، وسمعتَ أخبار الصالحين في هذا المشهد المهيب العظيم ذُلٌ وإنكسار..دعاءٌ وافتقار..بكاءٌ وخشوع.. وَصدقٌ في الالتجاء والانطراحِ بين يدي الربّ سبحانهُ وَتعالى.. لذا باهى الله بأهل عَرَفَاتٍ الْمَلَائِكَةَ فقال: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثًا غُبْرًا، مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟!.... الله أكبر!!.

يتبع









آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس