[أحمد اسماعيل]

إحدى النوتات الأصلية لبيتهوفن


حركات الألحان والعواطف في سيمفونيات بيتهوفن:

السيمفونية الأولى: ألَّفها سنة 1800 وكان عمره ثلاثين عاماً، وُضعت على مقام ال (دو ميجر) وأهداها إلى البارون (فان سوتين) كان بيتهوفن فيها كلاسيكياً شيقاً، منبعثاً من طابع موسيقى هايدن وموتزارت، لم يسمح لآلام أذنيه ولا أوجاعه العاطفية أن تتدخل في تشكيل وجدان اللحن أو مضمونه. فقد كانت السيمفونية ذات فكرة مرحة، تصوِّر لنا كيف يشعر المرء بالأمل والرضا في بداية حياته، وقد نجد فيها نغمات منخفضة قاتمة توحي بمأساة قادمة.

السيمفونية الثانية: ألَّفها سنة 1802 من مقام ال (الري ميجر) وهي تمثل حب الشهرة والجموح عند بيتهوفن، وتمثل أيضاً مقاومته لأحزانه وأفكاره اليائسة التي كثرت في هذه الفترة، فهي تمثل الرفض والتمرد على الهزيمة والانكسار، مستبدلاً بأحزانه السعادة والرفض التام لمصيبة الصمم التي حلَّت به.

السيمفونية الثالثة: وسُميت أيضاً البطولة، ألفها سنة 1804 من مقام ال (مي بيمول ميجر) وقد وضعت لتخليد حياة نابليون بونابرت وبطولاته في الحروب الفرنسية. وقد نظر إليه البعض في أوروبا محرراً للشعوب الأوروبية، وابناً للثورة الفرنسية التي أنعشت الآمال في القلوب، ولكن ما إن نصَّب نابليون نفسه إمبراطوراً حتى غضب بيتهوفن غضباً شديداً وحذف اسمه عن إهدائه السيمفونية. وقد عزفها لأول مرَّة في 7 نيسان سنة 1805 وسمَّاها (سيمفونية رجل عظيم) وهي أيضاً تدور في محور الصراع مع الحياة والتغلُّب على المصاعب، وكأنك تسمع منها مارش الجنازة يصاحب نابليون إلى مثواه الأخير، لأن بيتهوفن اعتبر أن عظمة نابليون قد انهارت بتحوله إلى رجل جبَّار بعد أن كان يعتبره مخلصاً للبشرية من الملكية المستبدة، وفيها أيضاً الجانب المفرح الذي يحمل الأمل للبشر. فقد أصبحت هذه السيمفونية مجالاً خصباً ورومانتيكياً للتعبير الشخصي، حتى أن البعض اعتبرها تمثل صراع بيتهوفن نفسه مع الحياة.