عاشرا: دور التربية فى بناء الامم والشعوب
لا أعتقد أن أحدًا من الممكن أن يقبل بما حدث في السقيفة إلا إذا كان على درجة عالية راقية من التربية.
الجهد الضخم الذي بذله رسول الله صلى الله عليه وسلم في تربية هذا الجيل، سواء في فترة مكة أو المدينة لم يصبح هباءً منثورًا بموته صلى الله عليه وسلم، أبدًا، معجزة هذا الدين هي بناء الرجال، ليس من السهل أبدًا أن يتنازل رجل مثل سعد بن عبادة عن الخلافة، فيبعدها عنه إلى الصديق رضي الله عنه، ليس من السهل أن يتمنى الصديق رضي الله عنه لو حمل الأمر رجل غيره، ليس من السهل أن يسابق الأنصار على بيعة قرشي، ليس من السهل أن يقبل أهل المدينة جميعًا، وأهل الإسلام جميعًا برجل واحد دون اعتراض أو تمرد، هذا كله نتاج تربية لم يأت هذا من فراغ، ولم ينزل عليهم الورع فجأة.
وإذا أردنا أن نكون مثلهم، فلا بد من التربية، لا بد من تربيته جيل يعرف قيمة الدنيا، ويزهد فيها، ويعلم قيمة الآخرة، ويرغب فيها، لا بد من تربية جيل يقدم رضا الله عز وجل على هوى نفسه، لا بد من تربية جيل يستجيب لشرع الله، وإن تعارض مع مصلحته ورأيه، لا بد من تربية جيل يتنازل لأخيه عن أشياء يعتقد أنها قد تكون من حقه، لا يتنازل عن ذلك إلا لله، ولا يرغب من وراء ذلك إلا رضا الله وجنته، إن رُبّي هذا الجيل فسيصبح أمر الخلافة والصدارة والمجد أمرًا يسيرًا إن شاء الله، وإنه ليسير على من يسره الله عليه.
كانت هذه دروسًا عشرة، أسأل الله عز وجل أن ينفعني وينفعكم بها وأن يجعلها في ميزان حسناتنا أجمعين.