عرض مشاركة واحدة
قديم 03-20-2010, 09:16 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
ضوء خافت

الصورة الرمزية ضوء خافت

إحصائية العضو








ضوء خافت غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الحكمة من عدد زوجات الرسول

ولو كانت زوجات الرسول- البشر الكامل- صلى الله عليه وسلم- أربعاً كما هو محلل لسائر الأمة لقال قائل: إذا قدر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- على العدل بين الأربع فنحن أضعف منه وأقل صبراً-فإن عجزنا فلنا عذرنا- لكن الله تبارك وتعالى- الحكيم الخبير- أراد أن ترى الأمة كلها.... بل العالم بأسره أن العدل النبوي قام بين التسع وليس أربعة، إذاً فلن يعجز إنسان عن العدل بين الأربع بل وبين ثلاث واثنتين.
والعدل النبوي بين الزوجات كان محققاً في النفقة والمبيت وحسن المعاشرة، وليس معنى هذا أن قلبه كان يميل إلى كل منهنَّ بالدرجة التي يميل بها نحو الأخرى، فقد كان- صلى الله عليه وسلم- ((يقسم بين نسائه فيعدل ويقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك)) صححه الألباني فى المشكاة... ولكن الأمر الذي لا يحتاج إلى نقاش هو إعفاف كل منهنَّ بالمعاشرة الزوجية.. وطيب خاطرها بالمعاملة الحسنى.... ولكي يكون المسلم مقتدياً بالرسول- صلى الله عليه وسلم- في العدل لابد أن يكون مقتدياً به فى سائر الشئون- ومن لا يعدل مع نفسه ل يستطيع أن يعدل مع غيره- ولن يعدل المسلم مع نفسه إلا باتباع الرسول-صلى الله عليه وسلم- في كل شأن من شئون حياته- فهذه السيرة هى العدل ولا عدل في غيرها- ول يستطيع إنسان أن يدعي العجز عن اتباع الرسول – صلى الله عليه وسلم- في كل شئ،فالله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها، وهو القائل: ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا..)سورة الأحزاب21...

وقال التابعي الصالح أبو مسلم الخولاني-رحمه الله-:
أقام الله أبا بكر وعمر حجة على من قال لا أستطيع أن اتبع سنة الرسول كلها..
ولا يفوتنا أن ننبه إلى أن العدل في بيت الزوجية لا سيما إذا تعددت الزوجات أمر يحتاج إلى نماء في المواهب والقدرات الإنسانية، فلكي يكون المرء عادلاً مع نفسه ومع غيره لابد أن تنمو فيه مواهب جهاد النفس ومغالبة الهوى مع التخلق بخلق الإيثار واللطف والحلم ليتحمل عوج المراة بصبر وواقعية، كريماً يجود بما في يده، مؤمناً قوياً في إيمانه ليدعو أهل بيته جميعاً إلى الإيمان بجميع شعبه.
والرسول –صلى الله عليه وسلم- علمنا من خلال حياته الزوجية المتعددةكيف يكون التعامل مع شهوات النفس ومع الله في وقت واحد دون إبطاء ولا أناة (( فمما روته عنه أم المؤمنين عائشة –رضي الله عنها- لمَّا سألت: ما كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يَصنعُ في بيته؟ قالت: كان يكونُ في مهنةِ أهله- تعني خدمة أهله- فإذا حضرت الصلاةُ خرجً إلى الصلاة)) وفي رواية: ((فإذا سمع الأذان خرج)) رواه البخاري.. أي أنه كان ينخلع فجأة من حالة نفسية فيها أنس ومشاركة في البيت إلى حالة روحية سامية تصله بالغيب في لمح البصر... فلا يكاد يعرف أحداً ولا يعرفه أحد..
وهذا تعليم واجب الاتباع مع وعي ما فيه من تدريب على نماء وجدان الروح الغيبي وسلطانه على النفس،ولقد حوَّله الرسول- صلى الله عليه وسلم- هذا المبدأ التعليمي إلى سلوك واقعي، بينما عجز الناس إلا عن ترديده بالألسنة، والفخر به بين معالي تراث الإسلام الأخرى، أقول عجز الناس إلا قليلاً عن تحويله إلى سلوك وهم يعاشرون زوجة واحدة... فإذا عاشروا اثنتين فهم أعجز...وحجتهم قي ذلك أن الله زين شهوة النساء للناس فما يستطيعون عنها براحاً إلا بضروب من الجهاد والتردد،ولكن قيام الرسول –صلى الله عليه وسلم- بهذه التبعة العظمى على وتيرة واحدة وهو يعاشر تسعاً من النساء! هو المثل الأعلى والحي بحق الأمة... والدليل الأمثل على عظمة الرسول –صلى الله عليه وسلم-فلا البكر... ولا الشابة... ولا البدينة...ولا النحيلة... ولا أي لون من ألوان الجمال التسعة صرفه عن مذهبه... وهو سرعة التحول من متاع النفس إلى رحاب الغيب إذا نادى الله.
والناس كذلك يضطربون أيما اضطراب في حياتهم الزوجية إذا حزبهم أمر أو أصابتهم مصيبة من فاقة أو غير ذلك.. فما يلبثون أن يستسلموا إلى ضرب من اليأس والخمول.. أو إلى طريق من طرق الحرام..!! هكذا يكون الكثير من الناس مع الزوجة أو اثنتين إلى أربع، حيث بلغ يبلغ الإنسان ذروة التردي في التخليط بين الحلال والحرام مع الرزق على أحسن الأحوال، ولكن الرسول –صلى الله عليه وسلم- وهو يعول تسعاً من أمهات المؤمنين- رضي الله عنهم أجمعين- متجاوزاً بذلك طاقة أفراد الأمة التى شرعها الله في الأربع من الزوجات حداً أعلى لقدرة الإنسان القوي الأمين على تفتيش أساليب رزقه ونتائجها وتنقيتها من الحرام، أو قل على التوكل الحق على الله وهو يمارس ما كتبه الله له من الأعمال...
هذا الرسول العظيم على هذا الحال كان كذلك مثلاً عاليا ورفيعاً لسلوك الإنسان الذي يضطرب لفائقة ولا يجزع من ضيق... فمما هو ثابت عنه- صلى الله عليه وسلم- أنه(( كان إذا حزبه أمر يصلى)) صحيح الجامع.. كما هو شأن رسل الله جميعاً ((فقد كانوا إذا فزعوا فزعوا إلى الصلاة )) السلسلة الصحيحة.. فكأن الرسل جميعاً- على نبينا وعليهم الصلاة والسلام-كانوا يمنون بأن المزيد من نوافل الصلاة علاج مؤكد للنوازل والفقر-التي يمحص الله بها إيمان الناس- ولم يبعد رسولنا الكريم- صلى الله عليه وسلم- عن منهج القرآن الكريم حين يخاطبه ربه جل وعلا قائلاً: ((وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى)) سورة طه132...
يتبع







آخر مواضيعي 0 أراك
0 مقتطفات من كشكول .. متجدد
0 قلم وبضعة أوراق
0 تعلمت منك
0 السفر الشارد
رد مع اقتباس