عرض مشاركة واحدة
قديم 03-30-2010, 07:20 PM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
فاضل الحلو

الصورة الرمزية فاضل الحلو

إحصائية العضو








فاضل الحلو غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مفاهيم أساسية لدراسة السيرة النبوية ((ارجو التثبيت ))

تاسعا : الملأ ودورهم البارز في التصدي للدعوة:


الملأ هم : أَشْرافُ القوم ووجُوهُهم ورؤَساؤهم ومُقَدَّمُوهم، الذي يُرْجَع إِلـى قولهم . وفـي الـحديث: هَلْ تَدْرِي فِـيمَ يَخْتَصِمُ الـملأُ الأَعْلـى؟ (1)


والملأ من الكفار لهم دور بارز في تسير الأحداث ، ولا بد من الوقوف على دورهم وإبرازه للناس . إذ هم موجودون مع الباطل في كل مكان وزمان .



** ومن خلال قراءتي للسيرة النبوية وما استمعت إليه من شبهات ، من الضالين من أهل الكتاب ، ومن المنحرفين من أهل الملة . . ( القرآنيون ) و ( العلمانييون ) ، يمكنني القول أن الدعوة لا تواجه شبهات حقيقية وإنما تواجه مجموعة من الناس ـ هم الملأ ـ يعرفون الدعوة تماما ، وهم يكذبون على قومهم ويرهبونهم تارة ويرغبونهم تارة من أجل صدهم عن سبيل الله .

والآن أذكر بعض المشاهد من السيرة النبوية ومن أحوال الأمم السابقة أوضح بها قولي .



الوليد بن المغيرة يجلس بين قومه يصف القرآن بعدما سمعه : إن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإن أعلاه لمثمر ، وإن أسفله لمغدق ، وإنه يعلو ولا يُعلى عليه ، فيصيح القوم : صبأ الوليد ، ويقوم إليه شيطانهم أبو جهل ويهمس في أذنيه بكلمات ثم يعود ثانية إلى مجلسه .


** وأقبل الوليد على القوم بوجهه ، وظن القوم أن الوليد سيقف موقف الداعي لهذا الدين الجديد ؛ فالأمر ليس ببعيد ؛ فمِن قَبْله عَدَا عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتله ، وعاد من عنده مسلماً ، ولكن الوليد خيّب ظنهم فلم يكن إقباله عليهم إقبال المخلص الداعي لهذا الدين الجديد بل كان المخلص الداعي لدينهم .


** ويتكلم الوليد .. يصيح فيهم بأن قولوا في الرجل قولةً واحدةً .. ولا تختلفوا حتى لا يظهر كذبكم .


** ويعرض القوم آراءهم : نقول ساحر .. نقول شاعر .. نقول كاهن .. نقول كاذب .. والوليد لا يجد الوصف مناسباً فيردّه .

** ويُسند إليه الأمر : قُل أنت يا أبا عمارة نسمع .

** ويصمت الوليد .. يجولُ بفكره .. يحاول أن يجد نقيصة في الرجل أو في منهجه [ إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ *ثُمَّ نَظَرَ *ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ ](2) .


** يحاول الوليدُ ويحاول .. ولكن أنّى له ؟ ! فالرجل هو الصادق الأمين ، ومنهجه هو هو الذي وصفه من قبل بأن له حلاوة وعليه طلاوة .


** ويعجز الوليد ، ويعود إلى بعض آرائهم التي قالوها هُم وردها هو من قبل ، يقول : قولوا ساحر ، ثم يُدَلل على قوله وما أكذبه : ألا ترون أنه يفرق بين الرجل وزوجته ، والابن وأبيه [فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ البَشَرِ ](3)


** ويصيح القوم فرحاً بهذا ! ! قاتلك الله يا وليد ! ما حملك على ألا تفعل ما فعل عمر ، وقد وصفت القرآن بما هو حق ، ونفيت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس بحق ؟ ! كأني بقريش وقد أقسم الملأ منهم أن ما يأتي به محمد صلى الله عليه وسلم هو من عند هذا الغلام الأسود الذي يعتكف بجواره في غار حراء ، كأني بهم وقد كلمت وجوههم وهم يرون هذا الغلام لا يتكلم العربية [ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ ](4)


** كأني برسلهم تعدو في الصحراء تقصد اليهود يسألونهم عن خبر هذا النبي ، ويعطيهم اليهود الأمارة : سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان أمرهم ؟ سلوه عن رجل طوَّاف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه ؟ سلوه عن الروح ما هي ؟ ويُعطونهم صفة الإجابة ، وتعود الرسل ، ويحشر الملأ القوم منادين فيهم : جئنا بالقول الفصل بيننا وبين محمد صلى الله عليه وسلم ، ويعطيهم الصادق الأمين الأمارة تامة .


** ثم .. ماذا حدث ؟ الموقف لا يتغير ولا يتبدل ، يظهر الحق ويستيقن فريق من الناس ، ثم يعاندون .


** وما كانت قريش بدعاً ؛ فقد كان لهم سلف فيمن مضوا قوم نوح [ قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ](5)


** جُودِلوا ودحضت حجتهم ؛ فالطبيعي بعد هذا هو الإيمان ، ولكن انظر إلى كلامهم ما أعجبه [جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ](6) .


** وقوم عاد ينادون نبيهم هوداً - عليه السلام - : [ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ](7) .


** فهم إذن يفهمون الرجل ، ولا يكون ذلك إلا بإظهار الحجج والبراهين ، ثم انظر إلى موقفهم بعد هذا البيان ، وكيف أنه يطابق موقف من كان قبلهم .


** وقوم ثمود يطلبون الآية فتأتيهم ، ثم ماذا ؟ هل آمنوا ؟ أبداً لا بل عقروا الناقة وقالوا قولة من قبلهم [فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ المُرْسَلِينَ ](8) .


** وقوم لوط ـ عليه السلام ـ [ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ](9)

لِمَ يا قوم ؟
: [ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ](10) ألهذا ؟ ! !



** وقوم خليل الله إبراهيم - عليه السلام - : [ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ](11)


** وإن تعجب فمن أهل مدين قوم شعيب - عليه السلام - نبي الله ؛ إذ يبلِّغ رسالة ربه فيؤمن البعض ، ويكفر البعض الآخر ، ويأخذ الرجل بمبدأ المسالمة : [ وَإِن كَانَ طَائِفَةٌ مِّنكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَّمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الحَاكِمِينَ ](12)


أفي هذا عيْب ؟


** ولكن انظر ما ردّ الملأ : [ قَالَ المَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ](13) .



---------


** الموقف من الدعوة ورجالها هو هو ، المنطق نفسه يتكرر ، ولا يكاد يتغير ، يعرفون الحق ويستيقنون منه تماماً ثم لا يتبعونه ، وليت الأمر بقي على هذا فالبلية به خفيفة ، بل يعلنون أنه لا هوادة ، ولا مقام مع الحق وأهله .


** وانظر إلى هذه الآيات من سورة إبراهيم كيف أنها تكلمت بألسنتهم مجتمعين على تفرقهم زماناً ومكاناً - كأنهم فردٌ واحد - قال تعالى - : [ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ * قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ * قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ * وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُتَوَكِّلُونَ * وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ] (14) .


** فانظر كيف أن الخيار بين أمرين لا ثالث لهما : [ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ] (15) ، وكيف أن هذا هو كلام الكفار جميعهم في مختلف أزمنتهم [ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ ] (16) .



-------------


** وما أريده هو أن أسلط الضوء على هذا النوع المجرم من الناس . الذي لا يريد الحق أبدا . . . يكره الحق وهو يعرفه ، ويعرف ما فيه من الخير . يُلبِّس الحق على عوام الناس . . . يحاول أن يضلهم .


هذا النوع من الناس موجود في كل زمان ومكان ، وهو الذي يختلق المتشابه في القرآن . هو الذي يفتعل المتشابه كذبا وبهتانا كي يلبس على الناس دينهم .

وإن تدبرت وجدت أن الجهاد في الشريعة يستهدف هؤلاء الناس . وبمجرد القضاء عليهم يدخل الناس في دين الله أفواجا .



** والمطلوب حين عرض السيرة النبوية أن تكون هناك تحليلات لمواقف الملأ الذين استكبروا من الدعوة النبوية ، وكيف أنهم كانوا يعرفون الحق ويعاندونه . . . كيف أنهم كانوا يحاربون الحق وهم يعلمون ما فيه من الخير . وكيف أنهم موجودون في كل زمان ومكان .



------------------

1/ لسان العرب جـ 1 / 159

2/ [ المدثر : 18-23 ]

3/ ( المدثر : 24-25 )

4/ ( النحل : 103 )

5/ ( هود : 32 )

6/ ( هود : 32 )

7/ ( الأعراف : 70 )

8/ ( الأعراف : 77 )

9/ ( الأعراف : 82 )

10/ ( الأعراف : 82 )

11/ ( العنكبوت : 24 )

12/ ( الأعراف : 87 )

13/ ( الأعراف : 88 )

14/ ( إبراهيم : 9-13 )

15/ ( إبراهيم : 13 )

16/ ( إبراهيم : 9 )





**********************

يتبع بإذن الله






آخر مواضيعي 0 ليليان ....
0 قصيدة (غير متفق عليها )
0 مرثية للشاعر ثائر الحيالي
0 الفُ ليلة وأنثى
0 رجلُ بطعم السماء - للشاعر علي حميد الشويلي
رد مع اقتباس