ولما شاع الأمر بين الناس قام النبي صلى الله عليه وسلم في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " أيها الناس، ما بال رجال يؤذونني في أهلي يقولون عليهم غير الحق والله ما علمت منهم إلا خيراً ويقولون ذلك لرجل والله ما علمت منه إلا خيراً وما يدخل بيتاً من بيوتي إلا وهو معي". ثم دعا النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد رضي الله عنهما يستشيرهما فأما أسامة فأثنى على السيدة عائشة خيراً وقال له: يا رسول الله، أهلك ولا نعلم عنهم إلا خيراً وهذا الكذب والباطل وأما علي فقال: يا رسول الله، إن النساء لكثير وإنك لقادر على أن تستخلف وسل الجارية فإنها تصدقك. فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الجارية وسألها فقالت: والله ما أعلم إلا خيراً وما كنت أعيب على عائشة إلا أني كنت أعجن عجيني فآمرها أن تحفظه فتنام عنه فتأتي الشاة فتأكله. ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على السيدة عائشة وهي في بيت أبيها وعندها امرأة من الأنصار وكانت تبكي لبكاء السيدة عائشة فجلس وحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا عائشة إنه كان ما بلغك من قول الناس فاتقي الله فإن كنت قد قارفت سوءاً مما يقول الناس فتوبي إلى الله فإن الله يقبل التوبة عن عباده. تقول السيدة عائشة : فوالله ما هو إلا أن قال لي ذلك حتى قلص دمعي حتى ما أحس منه شيئاً ينزل وانتظرت أبواي أن يجيبا عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يتكلما وأيم الله لأنا كنت أحقر في نفسي وأصغر شأناً من أن ينزل الله فيَّ قرآناً يقرأ في المساجد ويصلى به ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نومه شيئاً يكذب به الله عني لما يعلم الله من براءتي أو يخبر خبراً فأما قرآن ينزل فيَّ فوالله لنفسي أحقر عندي من ذلك فلما لم أر أبواي يتكلمان قلت لهما: ألا تجيبان رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! فقالا: والله ما ندري ما نجيبه ووالله ما أعلم أهل بيت دخل عليهم ما دخل على آل أبي بكر في تلك الأيام ثم بكيت وقلت: والله لا أتوب إلى الله مما ذكرت أبداً والله إني لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس والله يعلم أني منه بريئة لأقولن ما لم يكن ولئن أنا أنكرت ما يقولون لا تصدقونني ثم التمستُ اسم يعقوب فما أذكره فقلت: ولكن سأقول كما قال أبو يوسف: ( فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون )