عرض مشاركة واحدة
قديم 06-23-2010, 04:19 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم











قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم



قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم :
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : (( سَحَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ يُقَالُ لَهُ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ ، حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا فَعَلَهُ ، حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَهُوَ عِنْدِي لَكِنَّهُ دَعَا وَدَعَا ثُمَّ قَالَ : يَا عَائِشَةُ أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ ، أَتَانِي رَجُلانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : مَا وَجَعُ الرَّجُلِ ؟ ، فَقَالَ : مَطْبُوبٌ ، قَالَ : مَنْ طَبَّهُ ؟ قَالَ : لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ ، قَالَ : فِي أَيِّ شَيْءٍ ؟ قَالَ : فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعِ نَخْلَةٍ ذَكَرٍ ، قَالَ : وَأَيْنَ هُوَ ؟ قَالَ : فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ ، فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَجَاءَ فَقَالَ : يَا عَائِشَةُ كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ ، أَوْ كَأَنَّ رُءُوسَ نَخْلِهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلا اسْتَخْرَجْتَهُ ، قَالَ : قَدْ عَافَانِي اللَّهُ ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ فِيهِ شَرًّا ، فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ )) ، وَقَالَ اللَّيْثُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامٍ فِي مُشْطٍ وَمُشَاقَةٍ : يُقَالُ الْمُشَاطَةُ مَا يَخْرُجُ مِنْ الشَّعَرِ إِذَا مُشِطَ وَالْمُشَاقَةُ مِنْ مُشَاقَةِ الْكَتَّانِ .[1]
( يُقَال لَهُ لَبِيد اِبْن الأَعْصَم ) وعِنْد مُسْلِم " سَحَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودِيّ مِنْ يَهُود بَنِي زُرَيْق " وعند البخاري " رَجُل مِنْ بَنِي زُرَيْق حَلِيف الْيَهُود وَكَانَ مُنَافِقًا "
وَيُجْمَع بَيْنهمَا بِأَنَّ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ يَهُودِيّ نَظَرَ إِلَى مَا فِي نَفْس الأَمْر , وَمَنْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ مُنَافِقًا نَظَرَ إِلَى ظَاهِر أَمْره .
وَقَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ هَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَسْلَمَ نِفَاقًا وَهُوَ وَاضِح , وَقَدْ حَكَى عِيَاض فِي " الشِّفَاء " أَنَّهُ كَانَ أَسْلَمَ .
وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون قِيلَ لَهُ يَهُودِيّ لِكَوْنِهِ كَانَ مِنْ حُلَفَائِهِمْ لا أَنَّهُ كَانَ عَلَى دِينهمْ .
وَبَنُو زُرَيْق بَطْن مِنْ الأَنْصَار مَشْهُور مِنْ الْخَزْرَج , وَكَانَ بَيْن كَثِير مِنْ الأَنْصَار وَبَيْن كَثِير مِنْ الْيَهُود قَبْل الإِسْلام حِلْف وَإِخَاء وَوُدّ , فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلام وَدَخَلَ الأَنْصَار فِيهِ تَبْرَءُوا مِنْهُمْ .


وَقَدْ بَيَّنَ الْوَاقِدِيُّ السَّنَة الَّتِي وَقَعَ فِيهَا السِّحْر: أَخْرَجَهُ عَنْهُ اِبْن سَعْد بِسَنَدٍ لَهُ مرسل :
عن عُمَر بْن الْحَكَم قَالَ " لَمَّا رَجَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْحُدَيْبِيَة فِي ذِي الْحَجَّة وَدَخَلَ الْمُحَرَّم مِنْ سَنَة سَبْع جَاءَتْ رُؤَسَاء الْيَهُود إِلَى لَبِيد بْن الأَعْصَم - وَكَانَ حَلِيفًا فِي بَنِي زُرَيْق وَكَانَ سَاحِرًا - فَقَالُوا لَهُ : يَا أَبَا الأَعْصَم , أَنْتَ أَسْحَرنَا , وَقَدْ سَحَرْنَا مُحَمَّدًا فَلَمْ نَصْنَع شَيْئًا , وَنَحْنُ نَجْعَل لَك جُعْلاً عَلَى أَنْ تَسْحَرهُ لَنَا سِحْرًا يَنْكَؤُهُ . فَجَعَلُوا لَهُ ثَلاثَة دَنَانِير "

مدة سحر النبي صلى الله عليه وسلم :
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : (( لَبِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يَرَى أَنَّهُ يَأْتِي وَلا يَأْتِي فَأَتَاهُ مَلَكَانِ فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِهِ وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ .. الحديث ))
صحيح أخرجه أحمد .

إنكار المبتدعة للحديث والرد عليهم :
قَالَ الْمَازِرِيّ : أَنْكَرَ الْمُبْتَدِعَة هَذَا الْحَدِيث وَزَعَمُوا أَنَّهُ يَحُطّ مَنْصِب النُّبُوَّة وَيُشَكِّك فِيهَا , قَالُوا وَكُلّ مَا أَدَّى إِلَى ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِل , وَزَعَمُوا أَنَّ تَجْوِيز هَذَا يَعْدَم الثِّقَة بِمَا شَرَعَهُ مِنْ الشَّرَائِع إِذْ يُحْتَمَل عَلَى هَذَا أَنْ يُخَيَّل إِلَيْهِ أَنَّهُ يَرَى جِبْرِيل وَلَيْسَ هُوَ ثَمَّ , وَأَنَّهُ يُوحِي إِلَيْهِ بِشَيْءٍ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ .
قَالَ الْمَازِرِيّ : وَهَذَا كُلّه مَرْدُود , لأَنَّ الدَّلِيل قَدْ قَامَ عَلَى صِدْق النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يُبَلِّغهُ عَنْ اللَّه تَعَالَى وَعَلَى عِصْمَته فِي التَّبْلِيغ , وَالْمُعْجِزَات شَاهِدَات بِتَصْدِيقِهِ , فَتَجْوِيز مَا قَامَ الدَّلِيل عَلَى خِلافه بَاطِل .
وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّق بِبَعْضِ الْأُمُور الدُّنْيَا الَّتِي لَمْ يُبْعَث لأَجْلِهَا وَلا كَانَتْ الرِّسَالَة مِنْ أَجْلهَا فَهُوَ فِي ذَلِكَ عُرْضَة لِمَا يَعْتَرِض الْبَشَر كَالأَمْرَاضِ , فَغَيْر بَعِيد أَنْ يُخَيَّل إِلَيْهِ فِي أَمْر مِنْ أُمُور الدُّنْيَا مَا لا حَقِيقَة لَهُ مَعَ عِصْمَته عَنْ مِثْل ذَلِكَ فِي أُمُور الدِّين .
قَالَ : وَقَدْ قَالَ بَعْض النَّاس إِنَّ الْمُرَاد بِالْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَيَّل إِلَيْهِ أَنَّهُ وَطِئَ زَوْجَاته وَلَمْ يَكُنْ وَطِأَهُنَّ , وَهَذَا كَثِيرًا مَا يَقَع تَخَيُّله لِلإِنْسَانِ فِي الْمَنَام فَلا يَبْعُد أَنْ يُخَيَّل إِلَيْهِ فِي الْيَقِظَة .
قُلْت : وَهَذَا قَدْ وَرَدَ صَرِيحًا فِي رِوَايَة اِبْن عُيَيْنَةَ فِي الْبَاب الَّذِي يَلِي هَذَا وَلَفْظه " حَتَّى كَانَ يَرَى أَنَّهُ يَأْتِي النِّسَاء وَلا يَأْتِيهِنَّ " وَفِي رِوَايَة الْحُمَيْدِيّ " أَنَّهُ يَأْتِي أَهْله وَلا يَأْتِيهِمْ " قَالَ الدَّاوُدِيُّ " يُرَى " بِضَمِّ أَوَّله أَيْ يُظَنّ , وَقَالَ اِبْن التِّين ضُبِطَتْ " يَرَى " بِفَتْحِ أَوَّله .
قُلْت : وَهُوَ مِنْ الرَّأْي لا مِنْ الرُّؤْيَة , فَيَرْجِع إِلَى مَعْنَى الظَّنّ . وَفِي مُرْسَل يَحْيَى بْن يَعْمُر عِنْد عَبْد الرَّزَّاق " سُحِرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَائِشَة حَتَّى أَنْكَرَ بَصَره " وَعِنْده فِي مُرْسَل سَعِيد بْن الْمُسَيِّب " حَتَّى كَادَ يُنْكِر بَصَره " قَالَ عِيَاض : فَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ السِّحْر إِنَّمَا تَسَلَّطَ عَلَى جَسَده وَظَوَاهِر جَوَارِحه لَا عَلَى تَمْيِيزه وَمُعْتَقَده . قُلْت : وَوَقَعَ فِي مُرْسَل عَبْد الرَّحْمَن بْن كَعْب عِنْد اِبْن سَعْد " فَقَالَتْ أُخْت لَبِيد بْن الْأَعْصَم : إِنْ يَكُنْ نَبِيًّا فَسَيُخْبَرُ , وَإِلَّا فَسَيُذْهِلُهُ هَذَا السِّحْر حَتَّى يَذْهَب عَقْله " قُلْت : فَوَقَعَ الشِّقّ الْأَوَّل كَمَا فِي هَذَا الْحَدِيث الصَّحِيح .

وَقَدْ قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء . لا يَلْزَم مِنْ أَنَّهُ كَانَ يَظُنّ أَنَّهُ فَعَلَ الشَّيْء وَلَمْ يَكُنْ فَعَلَهُ أَنْ يُجْزَم بِفِعْلِهِ ذَلِكَ . وَإِنَّمَا يَكُون مِنْ جِنْس الْخَاطِر يَخْطِر وَلا يَثْبُت , فَلا يَبْقَى عَلَى هَذَا لِلْمُلْحِدِ حُجَّة .
وَقَالَ عِيَاض : يُحْتَمَل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِالتَّخْيِيلِ الْمَذْكُور أَنَّهُ يَظْهَر لَهُ مِنْ نَشَاطه مَا أَلِفَهُ مِنْ سَابِق عَادَته مِنْ الاقْتِدَار عَلَى الْوَطْء , فَإِذَا دَنَا مِنْ الْمَرْأَة فَتَرَ عَنْ ذَلِكَ كَمَا هُوَ شَأْن الْمَعْقُود , وَيَكُون قَوْله فِي الرِّوَايَة الأُخْرَى " حَتَّى كَادَ يُنْكِر بَصَره " أَيْ صَارَ كَاَلَّذِي أَنْكَرَ بَصَره بِحَيْثُ إِنَّهُ إِذَا رَأَى الشَّيْء يُخَيَّل أَنَّهُ عَلَى غَيْر صِفَته , فَإِذَا تَأَمَّلَهُ عَرَفَ حَقِيقَته . وَيُؤَيِّد جَمِيع مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَمْ يُنْقَل عَنْهُ فِي خَبَر مِنْ الأَخْبَار أَنَّهُ قَالَ قَوْلاً فَكَانَ بِخِلافِ مَا أَخْبَرَ بِهِ .

وَقَالَ الْمُهَلَّب : صَوْن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الشَّيَاطِين لا يَمْنَع إِرَادَتهمْ كَيَدَهُ , فَقَدْ مَضَى فِي الصَّحِيح أَنَّ شَيْطَانًا أَرَادَ أَنْ يُفْسِد عَلَيْهِ صَلاته فَأَمْكَنَهُ اللَّه مِنْهُ , فَكَذَلِكَ السِّحْر مَا نَالَهُ مِنْ ضَرَره مَا يُدْخِل نَقْصًا عَلَى مَا يَتَعَلَّق بِالتَّبْلِيغِ , بَلْ هُوَ مِنْ جِنْس مَا كَانَ يَنَالهُ مِنْ ضَرَر سَائِر الأَمْرَاض مِنْ ضَعْف عَنْ الْكَلام , أَوْ عَجْز عَنْ بَعْض الْفِعْل , أَوْ حُدُوث تَخَيُّل لا يَسْتَمِرّ , بَلْ يَزُول وَيُبْطِل اللَّه كَيْد الشَّيَاطِين .

وَاسْتَدَلَّ اِبْن الْقَصَّار عَلَى أَنَّ الَّذِي أَصَابَهُ كَانَ مِنْ جِنْس الْمَرَض بِقَوْلِهِ فِي آخِر الْحَدِيث " فَأَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّه " وَفِي الاسْتِدْلال بِذَلِكَ نَظَر , لَكِنْ يُؤَيِّد الْمُدَّعَى أَنَّ فِي رِوَايَة عَمْرَة عَنْ عَائِشَة عِنْد الْبَيْهَقِيِّ فِي الدَّلائِل " فَكَانَ يَدُور وَلا يَدْرِي مَا وَجَعه " وَفِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس عِنْد اِبْن سَعْد " مَرِضَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُخِذَ عَنْ النِّسَاء وَالطَّعَام وَالشَّرَاب , فَهَبَطَ عَلَيْهِ مَلَكَانِ " الْحَدِيث .

( لَكِنَّهُ دَعَا وَدَعَا ) كَذَا وَقَعَ , وَفِي فِي بَدْء الْخَلْق " حَتَّى كَانَ ذَات يَوْم دَعَا وَدَعَا " وعِنْد مُسْلِم " فَدَعَا , ثُمَّ دَعَا , ثُمَّ دَعَا "
وَهَذَا هُوَ الْمَعْهُود مِنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُكَرِّر الدُّعَاء ثَلاثًا .
قَالَ النَّوَوِيّ : فِيهِ اِسْتِحْبَاب الدُّعَاء عِنْد حُصُول الأُمُور الْمَكْرُوهَات وَتَكْرِيره الالْتِجَاء إِلَى اللَّه تَعَالَى فِي دَفْع ذَلِكَ .
قُلْت : سَلَكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْقِصَّة مَسْلَكَيْ التَّفْوِيض وَتَعَاطِي الأَسْبَاب , فَفِي أَوَّل الأَمْر فَوَّضَ وَسَلَّمَ لأَمْرِ رَبّه فَاحْتَسَبَ الأَجْر فِي صَبْره عَلَى بَلائِهِ , ثُمَّ لَمَّا تَمَادَى ذَلِكَ وَخَشِيَ مِنْ تَمَادِيهِ أَنْ يُضْعِفهُ عَنْ فَنُون عِبَادَته جَنَحَ إِلَى التَّدَاوِي ثُمَّ إِلَى الدُّعَاء , وَكُلّ مِنْ الْمَقَامَيْنِ غَايَة فِي الْكَمَال .

قَوْله : ( أَفْتَانِي فِيمَا اِسْتَفْتَيْته ) فِي رِوَايَة الْحُمَيْدِيّ " أَفْتَانِي فِي أَمْر اِسْتَفْتَيْته فِيهِ " أَيْ أَجَابَنِي فِيمَا دَعَوْته , فَأَطْلَقَ عَلَى الدُّعَاء اِسْتِفْتَاء لأَنَّ الدَّاعِي طَالِب وَالْمُجِيب مُفْتٍ , أَوْ الْمَعْنَى أَجَابَنِي بِمَا سَأَلْته عَنْهُ , لأَنَّ دُعَاءَهُ كَانَ أَنْ يُطْلِعهُ اللَّه عَلَى حَقِيقَة مَا هُوَ فِيهِ لِمَا اِشْتَبَهَ عَلَيْهِ مِنْ الأَمْر . وَوَقَعَ فِي رِوَايَة عَمْرَة عَنْ عَائِشَة " إِنَّ اللَّه أَنْبَأَنِي بِمَرَضِي " أَيْ أَخْبَرَنِي .

قَوْله ( أَتَانِي رَجُلانِ ) عِنْد أَحْمَد والطَّبَرَانِيِّ " أَتَانِي مَلَكَانِ " وَسَمَّاهُمَا اِبْن سَعْد فِي رِوَايَة مُنْقَطِعَة جِبْرِيل وَمِيكَائِيل .
( فَقَعَدَ أَحَدهمَا عِنْد رَأْسِي وَالآخَر عِنْد رِجْلِي ) لَمْ يَقَع لِي أَيّهمَا قَعَدَ عِنْد رَأْسه , لَكِنَّنِي أَظُنّهُ جِبْرِيل لِخُصُوصِيَّتِهِ بِهِ عَلَيْهِمَا السَّلام . ثُمَّ وَجَدْت فِي " السِّيرَة لِلدِّمْيَاطِيِّ " الْجَزْم بِأَنَّهُ جِبْرِيل قَالَ . لأَنَّهُ أَفْضَل , ثُمَّ وَجَدْت فِي حَدِيث زَيْد بِي أَرْقَم عِنْد النَّسَائِيِّ وَابْن سَعْد وَصَحَّحَهُ الْحَاكِم وَعَبْد بْن حُمَيْدٍ " سَحَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُل مِنْ الْيَهُود , فَاشْتَكَى لِذَلِكَ أَيَّامًا , فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ : إِنَّ رَجُلاً مِنْ الْيَهُود سَحَرَك , عَقَدَ لَك عُقَدًا فِي بِئْر كَذَا " فَدَلَّ مَجْمُوع الطُّرُق عَلَى أَنَّ الْمَسْئُول هُوَ جِبْرِيل وَالسَّائِل مِيكَائِيل .

( مَطْبُوب ) أَيْ مَسْحُور ، أَخْرَجَ أَبُو عُبَيْد مِنْ مُرْسَل عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى قَالَ " اِحْتَجَمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسه بِقَرْنٍ حِين طُبَّ " قَالَ أَبُو عُبَيْد يَعْنِي سُحِرَ .
قَالَ اِبْن الْقَيِّم : بَنَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَمْر أَوَّلاً عَلَى أَنَّهُ مَرِضَ , وَأَنَّهُ عَنْ مَادَّة مَالَتْ إِلَى الدِّمَاغ وَغَلَبَتْ عَلَى الْبَطْن الْمُقَدَّم مِنْهُ فَغَيَّرَتْ مِزَاجه , فَرَأَى اِسْتِعْمَال الْحِجَامَة لِذَلِكَ مُنَاسِبًا , فَلَمَّا أُوحِيَ إِلَيْهِ أَنَّهُ سُحِرَ عَدَلَ إِلَى الْعِلاج الْمُنَاسِب لَهُ وَهُوَ اِسْتِخْرَاجه .
قَالَ : وَيُحْتَمَل أَنَّ مَادَّة السِّحْر اِنْتَهَتْ إِلَى إِحْدَى قُوَى الرَّأْس حَتَّى صَارَ يُخَيَّل إِلَيْهِ مَا ذُكِرَ , فَإِنَّ السِّحْر قَدْ يَكُون مِنْ تَأْثِير الأَرْوَاح الْخَبِيثَة , وَقَدْ يَكُون مِنْ اِنْفِعَال الطَّبِيعَة وَهُوَ أَشَدّ السِّحْر , وَاسْتِعْمَال الْحَجْم لِهَذَا الثَّانِي نَافِع لأَنَّهُ إِذَا هَيَّجَ الأَخْلاط وَظَهَرَ أَثَره فِي عُضْو كَانَ اِسْتِفْرَاغ الْمَادَّة الْخَبِيثَة نَافِعًا فِي ذَلِكَ .
( فِي مُشْط وَمُشَاطَة ) أَمَّا الْمُشْط فهُوَ الآلَة الْمَعْرُوفَة الَّتِي يُسَرَّح بِهَا شَعْر الرَّأْس وَاللِّحْيَة ; وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور . وَفِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس " مِنْ شَعْر رَأْسه وَمِنْ أَسْنَان مُشْطه "
( وَيُقَال الْمُشَاطَة مَا يَخْرُج مِنْ الشَّعْر إِذَا مُشِطَ ) هَذَا لا اِخْتِلَاف فِيهِ بَيْن أَهْل اللُّغَة , قَالَ اِبْن قُتَيْبَة . الْمُشَاطَة مَا يَخْرُج مِنْ الشَّعْر الَّذِي سَقَطَ مِنْ الرَّأْس إِذَا سُرِّحَ بِالْمُشْطِ , وَكَذَا مِنْ اللِّحْيَة

( وَجُفّ طَلْع نَخْلَة ذَكَر ) وَهُوَ الْغِشَاء الَّذِي يَكُون عَلَى الطَّلْع وَيُطْلَق عَلَى الذَّكَر وَالأُنْثَى

( فَجَاءَ فَقَالَ يَا عَائِشَة ) وَفِي رِوَايَة عَمْرَة عَنْ عَائِشَة " فَنَزَلَ رَجُل فَاسْتَخْرَجَهُ " وَفِيهِ مِنْ الزِّيَادَة أَنَّهُ " وَجَدَ فِي الطَّلْعَة تِمْثَالاً مِنْ شَمْع , تِمْثَال رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَإِذَا فِيهِ إِبَر مَغْرُوزَة , وَإِذَا وُتِرَ فِيهِ إِحْدَى عَشْرَة عُقْدَة , فَنَزَلَ جِبْرِيل بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ , فَكُلَّمَا قَرَأَ آيَة اِنْحَلَّتْ عُقْدَة , وَكُلَّمَا نَزَعَ إِبْرَة وَجَدَ لَهَا أَلَمًا ثُمَّ يَجِد بَعْدهَا رَاحَة "
( قُلْت يَا رَسُول اللَّه أَفَلا اِسْتَخْرَجْته ) قَالَ النَّوَوِيّ : خَشِيَ مِنْ إِخْرَاجه وَإِشَاعَته ضَرَرًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ تَذَكُّر السِّحْر وَتَعَلُّمه وَنَحْو ذَلِكَ ; وَهُوَ مِنْ بَاب تَرْك الْمَصْلَحَة خَوْف الْمَفْسَدَة .[2]


[1] رواه البخاري في كتاب الطب باب السحر (5763) .
[2] الفتح (10/236-240)









آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس