عرض مشاركة واحدة
قديم 12-25-2010, 03:13 PM رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: بيت أسس علي التقوى




والكثير من الآباء يخطئون في هذا الجانب فيربون الابن بالسوط والقسوة والعنف، فينشأ الابن وقد سلبت إرادته وقوته ومكانته.



وينشأ مهزوز الإرادة.. لا كلمة له..ولا حق.. ولا رأي.



وهذا العنف لا يورث إلا عنفاً مثله..بلا شك.



ولذلك وصف الله عز وجل رسول الله صلي الله عليه وسلم بالحكمة وبالين..فقال له: )فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ )(آل عمران: الآية159) .



وقال: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم:4).



ولما فشت هذه التربية العنيفة في كثير من البيوت أصبح الأبناء على قسمين:



إما عاق لأبيه ومشاكس له ومكابر.



وإما أن ينشأ الطفل ذليلاً مخبتاً لا مكانة له.. ولا شجاعة.. ولا إرادة.



وهذا خطأ وقع فيه كثير من الآباء.



في الطبراني أن رجلاً أتي إلى الرسول صلي الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله ابني ربيته فسهرت لينام، وظمئت ليروي، وجعت ليشبع، فلما كبر غمطنى حقي!



فقال صلي الله عليه وسلم : (( هل قلت في ذلك شعراً))؟



فأخذ الرجل يبكي ويقول: نعم يا رسول الله، قلت:



غذوتـك مــولــوداً وعلــتك يــافعـــاً

تعــل بمـــا أجــري عليـــك وتنهل

إذا ليلــة بالسقــم ضاقـــــتك لم أبت

لسقــــمك إلا شـــاكيـــاً أتمـــلمل



كــأني أنا الملـــدوغ دونك بالـــذي

لــدغت به دوني فعينــــاي تـــهمــل

فلمــا بلـــــغت السن والغاية التي

إليهـــا ما كــان فيــك كنت أؤمـــــل

جعلـــت جزائـــي غلظة وفظاظة

كأنك أنت المنــــعـــم المـــتفضـــل

أو كان هذا الأب عاقاً لوالديه.. فكان الجزاء من جنس العمل!



7- ومن حقوق الأبناء على الآباء: إبعادهم عن رفقة السوء وأهل الفساد.



يقول الله عز وجل عن الرفقة الصالحة: (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) (الزخرف:67) .فكل خلة.. وكل صحبة..وكل صلة.. وكل صداقة تتقطع وتتلاشى وتنهار إلا صلة الذين يريدون الله والدار الآخرة.



قال ابن عمر رضي الله عنهما: ( والله لو صمت النهار لا أفطره، ولو قمت الليل لا أنامه.. وأنفقت أموالي في سبيل الله، ثم لقيت الله لا أحب أهل الطاعة ولا أبغض أهل المعصية، لخشيت أن يكويني الله علي وجهي في النار).



ولذلك يقول الشافعي وهو يتحدث عن نفسه بتواضع:



أحب الصــالحــين ولست منــــهــم

لعـــلــي أن أنــال بـهــم شــفاعة



ولكن والله هو منهم!

فيرد عليه الإمام أحمد ويقول:



تحــب الصــالحيــن وأنت منهم

ومنــــكم قد تنـــاولــنا الشفاعــة

لأنه قرشي هاشمي.



وفي الحديث الذي رواه البخاري: (( المرء يحشر مع من أحب)).



فإن أحببت الصالحين وعملت بعملهم حشرت معهم، والعكس صحيح.



يقول الشافعي مواصلاً حديثه:



وأكره من تجــارتــه المعـــاصي



ولو كـــنــا سواء في البضـــاعة!



يقول: ولو كنت عاصياً ولكني أكره العصاة.. ولا أصاحبهم.



وقال الآخر:



عن المرء لا تســأل وسل عن قرينه

فكل قرين بالمقـــارن يفتـــدي



فكيف يكون الإنسان صالحاً وهو رفقه السوء؟



يقول أهل العلم: هل كان أفسد على أبي طالب من صحبة السوء؟!



أراده صلي الله عليه وسلم أن يقول: ( لا إله إلا الله) فقال: (( يا عمي قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله))، متفق عليه.



فأراد أن يتلفظ بها.. لينجو من العذاب ويدخل في رحمة الواحد القهار.



فقال له أبو جهل: كيف ترغب عن ملة آبائك وأجدادك *!



فأتي هذا الجليس السيء فأراده في نار تلظى..فمات مشركاً كافراً بمغبة رفقاء السوء.



ورفقاء السوء قد انتشروا كثيراً.. وهم أعدي من الجرب.



فالجرب عند أهل العقول يعدي الصحيح، وما سمعنا أن الصحيح يعدي الجرب!



فالواجب على الآباء أن يجنبوا أبناءهم رفقاء السوء.



8- ومن الحقوق الواجبة علي الآباء لأبنائهم: القضاء على أوقات الفراغ التي يعيشونها.



يقول سبحانه : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ) (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) (المؤمنون:115/116) .



كثير من الأبناء يشكون من الفراغ.. فتجد أحدهم في العطل الصيفية يقول: عندي فراغ كبير.



سبحان الله! مسلم وعندك فراغ؟



طالب علم وعندك فراغ؟



ألست من الأمة الخالدة التي ما عرفت الفراغ؟ ولا عرفت ضياع الوقت؟



كيف يكون لديك فراغ.. وعليك أمانة ومسؤولية وحمل ثقيل؟



في صحيح البخاري عنه صلي الله عليه وسلم أنه قال : (( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ)).



ولما عرف أجيالنا الفراغ ظهر النشء المعوج الذي لا يحمل الرسالة ولا المبدأ ولا المسؤولية.



أعرف السلف الصالح الفراغ؟



ذكروا عن ابن عقيل العالم الكبير الشهير الذي ألف كتاب ( الفنون) وهو يوجد في مكتبة بون في ألمانية في حوالي سبعمائة مجلد!!



إنه من شدة حفظه للوقت كان إذا أتي لينام كتب الصفحات والأفكار التي تخطر على ذهنه قبل النوم، وعندما يستيقظ يصنع مثل ذلك.



فألف من هذا الفراغ وهذا الوقت الفاضل سبعمائة مجلد**!!



وذكر عنه صاحب طبقات الحنابلة ابن رجب أنه قال: ربما أكلت الكعك ولا آكل الخبز لأن بينهما في الوقت مقدار قراءة خمسين آية!!



نروح ونغـــدو لــحاجــاتنـــا

وحــاجة من عـاش لا تنـــقضـــي

تــمــوت مع المــرء حاجاتـــه

وتبــــقي لــه حاجـة ما بـــقــي



يقول دايل كارنيجي الأمريكي في كتاب ( دع القلق وابدأ الحياة) متحدثاً عن الأمريكان: إنهم لا يعرفون الفراغ.



وقد صدقنا وهو كذوب!.



فإن مصانعهم تهدر ومعاملهم تعمل، ولكنها في الدنيا )يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) (الروم:7) .



يقرأون وينتجون ويقدمون ويخدمون ويفعلون.ز أما أبناء المسلمين فتجدهم يشكون من الفراغ إلا من رحم الله، وخاصة في العطل الصيفية!



وإن اجتهد مجتهد منهم مارس هوايته كما يزعم.



ونحن ليس لنا هواية إلا المحافظة على الصلوات والعيش مع القرآن ومع كتب العلم النافعة..هوايتنا أن نقول للشعوب:



نحــن الذين استيقــظت بــأذنهـــم

دنيا الخليقـة من تــهـاويل الكـــرى

نحن الذي باع الحياة أكفهـــــــــم

ورأي رضاك أعــــز شيء فاشتري



ومن الذيـــن دكـــوا بعزم أكــفهـــم

باب المدينـــة يوم غــزوة خيبـــرا



فما عرفنا جمع الطوابع إلا عندما تركنا الطريق إلى المسجد.



وما عرفنا مطاردة الحمام والدجاج إلا عندما تركنا الجلوس في حلق العلم!



9- ومن الحقوق التي للأبناء على الآباء: معرفة ميول الابن واتجاهه العلمي والوظيفي ليجعله يواصل في الطريق الذي يحب..فكل ميسر لما خلق له.. ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه( تحفة المودود في أحكام المولود).



فقال : لا تعسف الشاب بعد أن يكبر على ما ينافي طبعه.



فأنت أيها الأب لا ترغمه على تخصص لا يريده.. وعلى طريق لا يحبه إذا اصبح عاقلاً رشيداً عارفاً بمستقبله، وكان الطريق الذي اختاره يرضي الله.



وهذه طريقة محمد صلي الله عليه وسلم مع أصحابه بأن يجعل كلاً منهم في مكانة المناسب..فمثلاً أتي إلى حسان بن ثابت فوجده شاعراً .. فقال له عندما كان يهجي الكفار: (( اهجم وجبريل معك)) فكان رضي الله عنه شاعر الإسلام وشاعر الدعوة.



وجاء لأبي بن كعب.. وكان قارئاً وتالياً لكتاب الله.



فقال: (( أقرؤكم أبي)).

وجاء إلى زيد بن ثابت فوجده فرضياً .. فعلمه الفرائض وقال: (0 أفرضكم زيد)).



وجاء إلي خالد بن الوليد فوجده مجاهداً صنديداً شهماً قائداً، فأعطاه السيف وقال: (( خالد بن الوليد سيف من سيوف الله، سله الله على المشركين)).



فهذه التخصصات لا بد أن نؤمن بها.. في بيوتنا ومجتمعاتنا لينشأ أبناؤنا على رغباتهم إذا كانت ترضي الله.



هذه حقوق أردت باختصار أن أقدمها في هذه الأوراق للآباء، وأسأل الله أن تكون في ميزان الحسنات، وأن ينفع بها المسلمين.



وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبة وسلم.









آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس