(11) نُبُوءَته صَلَّى الله عَلَيْه وسَلَّم عن فِتْنَة إنْكَار الحَدِيث:
أخْرَجَ ابن مَاجَة في مُقَدِّمَة سُنَنه:
حَدَّثَنَا أبُو بَكْر بْن أبِي شَيْبَة؛ ثَنَا زَيْد بْن الحَبَّاب؛ عن مُعَاوِيَة بْن صَالِح؛ ثَنَا الحَسَن بْن جَابِر؛ عن المِقْدَام بْن مَعْد يَكْرب الكندي أنَّ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْه وسَلَّم قال [ يُوشِك الرَّجُل مُتَّكِئَاً عَلَى أرِيكَته يُحَدِّث بحَدِيث مِنْ حَدِيثِي فيَقُول: بَيْنَنَا وبَيْنَكُم كِتَاب الله عَزَّ وجَلّ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلال اسْتَحْلَلْنَاه وما وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَام حَرَّمْنَاه، ألا وإنَّ ما حَرَّم رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْه وسَلَّم مِثْل ما حَرَّم الله ].
دَرَجَة الحَدِيث:
الحَدِيث صَحِيح: رِجَال إسْنَاد التِّرْمِذِيّ في حَدِيث أبِي رَافِع رَضِيَ الله عَنْه ثِقَات رِجَال الصَّحِيحين.
تَحَقُّق النُّبُوءَة:
قال العَظِيم أبَادِي: لقد ظَهَرَت مُعْجِزَة النَّبِيّ صَلَّى الله عَلَيْه وسَلَّم ووَقَعَ ما أخْبَرَ بِهِ، فإنَّ رَجُلاً خَرَجَ مِنْ الفنجاب مِنْ إقْلِيم الهِنْد وانْتَسَبَ نَفْسه بأهْل القُرْآن، وشَتَّان بَيْنه وبَيْنَ أهْل القُرْآن، بَلْ هو مِنْ أهَلْ الإلْحَاد والمُرْتَدِّين، وكان قَبْلَ ذَلِك مِنَ الصَّالِحِين فأضَلَّه الشَّيْطَان وأغْوَاه وأبْعَدَه عن الصِّرَاط المُسْتَقِيم، فتَفَوَّه بِمَا لا يَتَكَلَّم بِهِ أهْل الإسْلام، فأطَالَ لِسَانه في إهَانَة النَّبِيّ صَلَّى الله عَلَيْه وسَلَّم ورَدَّ الأحَادِيث الصَّحِيحَة بأسْرِها وقال [ هذه كُلّها مَكْذُوبَة ومُفْتَرَيَات عَلَى الله تعالى، وإنَّمَا يَجِب العَمَل بالقُرْآن العَظِيم دُونَ أحَادِيث النَّبِيّ صَلَّى الله عليه وسَلَّم وإنْ كانَت صَحِيحَة مُتَوَاتِرَة، ومَنْ عَمِلَ بغَيْر القُرْآن فهُوَ دَاخِل تَحْتَ قَوْل الله تعالى (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) ] وغَيْر ذَلِك مِنْ أقْوَاله الكُفْرِيَّة، وتَبِعَه بَعْدَ ذَلِك كَثِيرٌ مِنَ الجُهَّال وجَعَلُوه إمَامَاً، وقد أفْتَى عُلَمَاء العَصْر بكُفْره وإلْحَاده وخَرَّجُوه عن دَائِرَة الإسْلام.
الأمْثِلَة التَّطْبِيقِيَّة (مُجَرَّد أمْثِلَة):
يَحْدُث ذَلِك أيْضَاً في زَمَاننَا، فنَرَى رَفْض هُوَاة الادِّعَاء - (سَوَاء مَنْ يَدَّعُون الجَهْل وهُمْ يَعْلَمُون الحق، أو مَنْ يَدَّعُونَ العِلْم وهُمْ جُهَلاء، أو حتى مَنْ يَدَّعُون الجَهْل وبإمْكَانهم طَلَب العِلْم) - نَرَى رَفْضهم لأحَادِيث النَّبِيّ صَلَّى الله عَلَيْه وسَلَّم عِنْدَ تَوْجِيه النُّصْح إلَيْهم بتَرْك ما نَهَى عَنْه أو الامْتِثَال لِمَا أمَرَ بِهِ، ويُطَالِبون بالدَّلِيل الحَرْفِي مِنَ القُرْآن وإلاَّ فلا مَجَال لَدَيْهم لقَبُول الأمْر والنَّهي مِنَ النَّبِيّ صَلَّى الله عَلَيْه وسَلَّم، ورَغْمَ أنَّ هُنَاك فَارِق كَبِير بَيْنَهم وبَيْنَ هذا الرَّجُل الهِنْدِي في الأدَب مَعَ النَّبِيّ صَلَّى الله عَلَيْه وسَلَّم، إلاَّ أنَّ وَجْه التَّشَابُه قَائِم، وهو ما دَلَّ عَلَيْه الحَدِيث بمَعْنَاه العَام وهو فِتْنَة إنْكَار الحَدِيث.