دعه يسقط!
دعه يسقط ! هكذا يقو ل الاسرائيلي عندما يسقط طفل ويحاول احدهم ان يساعده على النهوض... يقول له : دعه يسقط على ترابه وأرضه ، التي سلبها و اخذها بالساعد والذراع ، دعه ينهض بعزيمته وإرادته لان اجداده كانوا يسقطون على ارض اوربا...
هكذا تبرمج اسرائيل عقول اجيالها ، ولهذا غلبوا الملايين من العرب ويدوسون الرأي العام العالمي والشرائع والنواميس والقرارات الدولية .
اما الارض العربية المسكينة ابناءها يسقطون على الأراضي الغريبة ولا حرج؟
ان فئة من ابناء ارضنا لا شعور لها بالانتماء! وهي فئة لقيطة تأكل الغلة وتسب الملة ... وعدم الشعور بالانتماء ورثته هذه الفئة عن بعض ابائها او اجدادها الذين لا زالوا معطوبين من جراء حياتهمالمريرة اثناء الاستعمار - كانت حياة فقر مدقع وكسل وتحلق حول النار في عز النهار لقضاء اوقاتهم الفارغة في القيل والقال وحكايات الغول والتركو وحيل مقيدش - كل الناس اكتوت بكي الاستعمار ولكن هناك من تخلص من جروحه وعمل وبرمج عقله على النجاح... اما تلك الفئة المريضة كانت تنتظر الكثير من الاستقلال والثروات الطبيعية . إلا ان الاستعمار خرج وترك المؤسسات فارغة والمعامل باردة كما خلف المشاكل العويصة من فقر ومرض وجهل اضف النمو الديمغرافى وقلة الخبرة و الاطارات كل ذالك كان ثمن الاستقلال .
كانت خيبة الامل كبيرة في نفس المعطوبين الذين لم ينجحوا او لم يعملوا أي شيء ينفعهم فراحوا يورثون بؤسهم لأبنائهم ويدفعونهم لأي عمل يجلب لهم الثراء .
لما يكبر الطفل يجد عقله مبرمجا ،من طرف ابويه، على الهجرة لجلب الاموال بأية طريقة كانت فيحرق الزوارق ويمزق اشارات المرور وراءه كي يتلف طريق العودة. وهكذا على حساب كل القيم التي ورثها سابقا او تعلمها في المدرسة .
يهرب الشاب من بؤسه ليعيش في البراريك والذل والمسكنة لعله يوفر بعض الفتاة ليبعثه لأهله ومن يرى حياته هناك يبكى بدموع دماغه و ضميره .
ولا نتحدث عمن اخفى جراحه وعقد الاستعمار و برمج نفسه على النجاح وما زال يفعل فعلته تحت الموائد المستديرة ... كما اننا لا نتحدث عن الذي شغفه العلم والتعليم وراح يطلبه في الاوطان المتحضرة ، ولما يعود الى بلاده بالشهادات وتحط به الطائرة على ارض وطنه يركع ويقبل التراب ويسجد شكرا لله على انه منحه ارضا يعود اليها متى شاء . وأيضا لا نتحدث عمن بقي في الخارج ونجح واحتل وظيفة سامية او اعتلى مناصب في النسا ترفع رأسه ورأس بلاده....
اسرائيل نجحت لان كل الغرب اتحد على غرسها في قلوبنا وعقولنا وسلطها على مقدساتنا واغتنم هذا الغرب و( الانجلوسكسونية) الضعف العربي وسقوط بغداد ليبعد اسرائيل عن ارضه ويتخلص من شرورها وانتقامها... اما نحن نزيد في سلخ الشاة المذبوحة بيننا ، وهنا يجدر بنا ان نتساءل هل نهتم بتربية الطفل ام بتربي ابويه؟ ان الطفل الذي يأخذ الحب و الاحترام الضروري لابد وان يحترم ابويه ووطنه ويتمدد احترامه وحبه الى امته ثم الى الانسانية جمعاء. اما الطفل الذي تحل مشاكله في غيابه لا يمكن ان يرى ابعد من انفه، لان ابويه لم يساعداه على ادراك المسؤولية بل كل مافعلوه هو بث رسائل سلبية نشرت في نفسه الاحباط واليأس، وكل التصرفات الايجابية هي ما يراها ابوه او جده او امه حتى لو كانوا جاهلين...
ان الاسرة المؤمنة حقا هي التي تنتج الطفل المعتمد على نفسه والواثق بقيمه دون ان يعتمد على الافكار الوهمية ولا على الهجرة ... هكذا يتعلم اتخاذ القرار الصحيح من الممارسة وليس من الاوامر المغلوطة المتسلطة. عن التربية المسيطرة التي تريد ان تمضغ وتهضم وتأمر الشاب ان يبلع ما استهلك وأعيد استهلاكه، و تغرر بمستقبله.
عندما يولد طفلنا يجد كل شي مسطرا : كيف يلبس كيف ينام كيف باكل كيف يتصرف ويعتمد على غيره ... بدل ان نقدم له النماذج والقدوة ونتركه يختار وحده الطريق الذي يراه افضل ... نحن الذين نفرض الطريق الافضل دون دراية ولا معرفة...