عرض مشاركة واحدة
قديم 04-30-2011, 03:01 AM رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: شخصيات في تاريخ الاندلس من الفتح حتي السقوط

بوفاة عبد الرحمن الأوسط رحمه الله يبدأ عهد جديد في بلاد الأندلس، وهو فترة الضعف في الإمارة الأموية، ويبدأ من سنة ثمان وثلاثين ومائتين وحتى سنة ثلاثمائة من الهجرة، أي حوالي اثنتين وستين سنة.

تولى بعد عبد الرحمن الأوسط ابنه محمد بن عبد الرحمن الأوسط ثم اثنين من أولاده المنذر ثم عبد الله، وحقيقة الأمر أن الإنسان ليتعجب كيف بعد هذه القوة العظيمة والبأس الشديد والسيطرة على بلاد الأندلس وما حولها يحدث هذا الضعف وهذا السقوط وهذا الانحدار؟!

فمن سنن الله سبحانه وتعالى أن الأمم لا تسقط فجأة، بل إن الأمر يكون متدرجا وعلى فترات طويلة، فهذا عهد الولاة الثاني - كما ذكرنا - كان السبب في ضعفه

أولا انفتاح الدنيا وحب الغنائم.

ثانيا القبلية والقومية.

ثالثا ظلم الولاة.

رابعا ترك الجهاد.

وكل هذه الأسباب لم تنشأ فجأة، وإنما كانت بذورها قد نشأت منذ أواخر عهد القوة من عهد الولاة أثناء وبعد موقعة بلاط الشهداء.

إذن لكي نفهم سبب ضعف الإمارة الأموية علينا أن نرجع قليلا، وندرس الفترة الأخيرة من عهد القوة، ونبحث فيها عن بذور الضعف والأمراض التي أدّت إلى هلكة أو ضعف الإمارة الأموية في هذا العهد الثاني.

عوامل وأسباب ضعف الإمارة الأموية

كان من أهم أسباب ضعف الإمارة الأموية ما يلي


أولا كثرة الأموال وانفتاح الدنيا على المسلمين من جديد

من جديد كانت الدنيا قد انفتحت على المسلمين، وكثرت الأموال في أيديهم، وقد زاد هذا بشدة في أواخر عهد القوة من الإمارة الأموية، فكانت قد ازدهرت التجارة كثيرا، ولم يوجد هناك في البلاد فقير، وفتن الناس بالمال، وتكرر ثانية هنا حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، فَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ. وقال أيضا صلى الله عليه وسلم إِنَّ لِكُلِّ أُمّةٍ فِتْنَةً وَفِتْنَةُ أُمَّتِي الْمَالُ. ومرارا وتكرارا حذر صلى الله عليه وسلم من الدنيا وقلل من قيمتها، فكان يقول مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا كَمَا يَضَعُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ فِي الْيَمِّ فَلْيَنْظُرْ بِمَ يَرْجِعُ.



ثانيا زرياب

اسم ليس بغريب لكنه كان كدابة الأرض التي أكلت منسأة سليمان عليه السلام فسقط جسده على الأرض، زرياب هذا كان من مطربي بغداد، تربى هناك في بيوت الخلفاء والأمراء حيث كان يغني لهم ويطربهم، وكان معلمه هو إبراهيم الموصلي كبير مطربي بغداد في ذلك الوقت.

مع كر الأيام ومر السنين لمع نجم زرياب في بغداد فغار منه إبراهيم الموصلي، فدبر له مكيدة فطُرد من البلاد، كانت مشارق الأرض الإسلامية ومغاربها متسعة جدا في ذلك الوقت، وبعد حيرة وجد زرياب ضالته في الأندلس؛ حيث الأموال الكثيرة والحدائق والقصور، وهي صفات كثيرا ما يعشقها أمثال هؤلاء، وبالمقابل فمثلها أيضا تكون أرضا خصبة لاستقبال وإيواء أمثالهم.

الأندلس إلى هذه الفترة لم تكن تعرف الغناء، إلا أن زرياب ذهب إلى هناك فاستقبلوه وعظموه وأحسنوا وفادته، حتى دخل على الخلفاء، ودخل بيوت العامه ونواديهم، فأخذ يغني للناس وأخذ يعلمهم ما قد تعلمه في بغداد، ولم يكتف زرياب بتعليمهم الغناء وتكوين ما يسمى بـ الموشحات الأندلسية، لكنه بدأ يعلمهم فنون الموضة وملابس الشتاء والصيف والربيع والخريف، وأن هناك ملابس خاصة بكل مناسبة من المناسبات العامة والخاصة.
الناس في الأندلس لم يكونوا على هذه الشاكلة إلا أنهم أخذوا يسمعون من زرياب ويتعلمون، خاصة وأنه قد بدأ يعلمهم أيضا فنون الطعام كما ملابس الموضة تماما، وأخذ يحكي لهم حكايات الأمراء والخلفاء والأساطير والروايات وما إلى ذلك حتى تعلّق الناس به بشدّة، وتعلّق الناس بالغناء وكثر المطربون في بلاد الأندلس، ثم بعد ذلك انتشر الرقص، وكان في البداية بين الرجال ثم انتقل إلى غيرهم وهكذا.

الغريب أن دخول زرياب إلى أرض الأندلس كان في عهد عبد الرحمن الأوسط رحمه الله ذلك الرجل الذي اهتم بالعلم والحضارة والعمران والاقتصاد وما إلى ذلك، لكنه - وللأسف - ترك زرياب يفعل كل هذه الأمور وينخر في جسد الأمة من دون أن يدري أحد.

ففي الوقت الدي انتعشت فيه النهضة العلمية وكثر العلماء، إلا أن كلام زرياب المنمق وإيقاعه الرنان صرف الناس عن سماع العلماء إلى سماعه هو، وصرف الناس عن سماع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن سماع قصص السلف الصالح إلى سماع حكاياته العجيبة وأساطيره الغريبة، بل والله لقد صُرف الناس عن سماع القرآن الكريم إلى سماع أغاني زرياب.

وهذا ليس بعجيب أو جديد؛ ففي بداية دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة، وحين رآه النضر بن الحارث وكان من رءوس الكفر يخاطب الناس بالقرآن فيتأثرون ويؤمنون بهذا الدين، ما كان منه إلا أن قطع أميالا طويلة وذهب إلى بلاد فارس، وقضى هناك فترات كثيرة يتعلم حكايات رستم واسفنديار، ويتعلم الأساطير الفارسية، ثم اشترى غانيتين وعاد إلى مكة، وفي مكة كان النضر بن الحارث يقوم بحرب مضادة للدعوة الإسلامية، فكان إذا وجد في قلب رجل ميلا إلى الإسلام أرسل له الغانيتين تغنيانه ما كان في بلاد فارس من حكايات رستم واسفنديار حتى يلهياه عن هذا الدين، وظل على هذا النحو حتى لقد أنزل الله - سبحانه وتعالى - فيه قرآنا يتلى إلى يوم القيامة [وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ] {لقمان6} . وقد أقسم عبد الله بن مسعود رحمه الله أنها ما نزلت إلا في الغناء.

وهكذا؛ فلا يهدأ الشيطان ولا ينام حتى في وجود هذه النهضة العلمية، [ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ] {الأعراف17} . فكلما زاد الاهتمام بالدين وارتقى مستوى الإيمان عند الناس وتعلقت قلوبهم بالمساجد، كلما نشط الشيطان وزادت حركته عبر طريق زرياب ومن سار على نهجه.

وللأسف فإنه بالرغم من مرور أكثر من ألف ومائتى عام على وفاة زرياب هذا، إلا أن له شهرة واسعة في كل بلاد المغرب العربي، فلم يسمع الكثير من الناس عن السمح بن مالك الخولاني وعنبسة بن سحيم رحمهم الله ولم يسمعوا عن عقبة بن الحجاج أو سيرة عبد الرحمن الداخل أو عبد الرحمن الأوسط، ولم يسمعوا عن كثير من قواد المسلمين في فارس والروم وفي بلاد أفريقيا والأندلس لكنهم سمعوا عن زرياب، ويعرفون سيرته وتفاصيل حياته، بل إن موشحاته الأندلسية ما زالت إلى يومنا هذا تغنى في تونس والمغرب والجزائر، ومازالت تُدرّس سيرته الذاتيه هناك على أنه رجلا من قواد التنوير والنهضة، يمجَّد في حربه ضد الجمود وكفاحه من أجل الفن، ولا يعلم الناس أن زرياب هذا ومن سار على طريقه كان سببا رئيسيا في سقوط بلاد الأندلس، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ثالثا عمر بن حفصون

عمر بن حفصون هذا هو جون جارنج السوداني باصطلاح العصر الحديث، وهو مسلم من المولدين، أي من أهل الأندلس الأصليين، كان عمر بن حفصون قاطعا للطريق وكان يتزعم عصابة من أربعين رجلا، حين بدأ الناس يركنون إلى الدنيا ويتركون الجهاد في سبيل الله زاد حجمه، واشتد خطره، وبدأ يثور في منطقة الجنوب حتى أرهب الناس في هذه المنطقة، وأخذ يجمع حوله الأنصار إلى أن زاد حجمه كثيرا، فسيطر على كل الجنوب الأندلسي.
في سنة ست وثمانين ومائتين من الهجرة قام عمر بن حفصون بعمل لم يتكرر كثيرا في التاريخ الإسلامي بصفة عامة وتاريخ الأندلس بصفة خاصة، فلكي يعضد من قوته في آخر عهده، وبعد اثنين وعشرين عاما من ثورته انقلب على عقبيه وتحول من الإسلام إلى النصرانية، وسمّى نفسه صمويل، وذلك بهدف كسب وتأييد مملكة ليون النصرانية في الشمال، وهو وإن كان قد تركه بعض المسلمين الذين كانوا معه إلا إنه نال بالفعل تأييد مملكة ليون، الوقت الذي تزامن مع توقف الجهاد في ممالك النصارى.

بدأت مملكة ليون تتجرأ على حدود الدولة الإسلامية، فبدأت تهاجمها من الشمال وعمر بن حفصون أو صمويل من جهة الجنوب، تماما كما كانت تفعل أمريكا واليهود مع جون جرنج المتمرد في جنوب السودان، والهدف لا يخفى على الجميع، فحين يمدونه بالسلاح والخطط والخرائط، والأغذية والأموال والمؤن وغيرها، فستضعف السودان وتضرب من الداخل، وتشغل بنفسها، ومن ثم يتوقف المد الإسلامي من السودان إلى بلاد وسط وجنوب إفريقيا.

وهذا بالضبط ما حدث في الأندلس مع عمر بن حفصون، وحدث قبل ذلك بكثير في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين راسلت قريش عبد الله بن أبي بن سلول في المدينة المنورة، وشجعته كثيرا على محاربة رسول الله صلى الله عليه وسلم وطرده من بلاده.
نظرة تحليلية على الوضع أواخر عهد الضعف

بعد اثنين وستين عاما من الضعف الشديد وتفاعل عوامل السقوط مع بعضها البعض، إليك نظرة عامة على طبيعة الوضع في بلاد الأندلس أواخر عهد الضعف في الإمارة الأموية، أي سنة ثلاثمائة من الهجرة، وإيضاح أهم الملامح التي سادت هذا العصر التي كانت من فعل ونتاج عوامل الضعف، فكان ما يلي
أولا تصاعد وكثرة الثورات داخل الأندلس

كان هناك ثوارت لا حصر لها داخل الأندلس، بل واستقلالات في كثير من المناطق، والتي كان من أشهرها استقلال صمويل أو عمر بن حفصون، حيث استقل بالجنوب وكوّن ما يشبه الدويلة، فضم إليه الكثير من الحصون، حتى ضم كل حصون أستجّة وجيّان، والتي كانت عند فتح الأندلس من أحصن المناطق الأندلسية على الإطلاق، وكذلك كانت غرناطة إحدى المدن التي في حوزته، والتي اتخذ لها عاصمة سمّاها بابشتر وتقع في الجنوب بجوار ألمريّة على ساحل البحر الأبيض المتوسط.

كان من هذه الثورات الكبيرة أيضا ثورة ابن حجاج في أشبيليّة، وكانت هذه الثورة تمد وتساعد عمر بن حفصون أو صمويل في ثورته ضد قرطبة.

ومثلها كانت ثورة ثالثة في شرق الأندلس في منطقة بلنسية، ورابعة في منطقة سرقسطة في الشمال الشرقي، حيث استقلت إمارة سرقسطة أيضا عن الإمارة الأموية في قرطبة، وخامسة في غرب الأندلس يقودها عبد الرحمن الجليقي، وسادسة في طليطلة، وهكذا ثورات وثورات أدت في نهاية الأمر إلى أن الحكومه المركزية للإمارة الأموية في قرطبة لم تعد تسيطر في كل بلاد الأندلس إلا على مدينة قرطبة وحدها، إضافة إلى بعض القرى التي حولها.

ومن ثم فقد انفرط العقد تماما في سنة ثلاثمائة من الهجرة، وتوزعت الأندلس بين كثير من القواد، كُلّ يحارب الآخر وكُلّ يبغي ملكا ومالا.
ثانيا تكوّن مملكة نصرانية ثالثة

ذكرنا سابقا أنه كان هناك مملكتان نصرانيتان، هما مملكة ليون في الشمال الغربي ومملكة أراجون في الشمال الشرقي وعاصمتها برشلونة، واللتان تكونتا زمن ضعف المسلمين في عهد الولاة الثاني، وهنا وفي الفترة الثانية من فترتي الإمارة الأموية تكونت في الشمال أيضا مملكة نصرانية ثالثة كانت قد انفصلت عن مملكة ليون، وهي مملكة أو إمارة نافار وتكتب في بعض الكتب العربية "ناباره"، وتعرف الآن في أسبانيا بإقليم الباسك، ذلك الإقليم الذي يحاول الانشقاق عن أسبانيا .



هذه الممالك النصرانيّة الثلاث بعد أن كانت تخاف المسلمين في عهد الإمارة الأموية الأول تجرأت كثيرا على البلاد الإسلامية، فهاجمت شمال الأندلس وبدأت تقتل المسلمين المدنيين في مدن الأندلس الشمالية.
ثالثا قتل ولي العهد

أمر خطير آخر قد ظهر، وهو يعبر عن مدى المأساة والفتنة في ذلك الوقت، وهو أن ولي العهد للأمير عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الأوسط الذي كان يحكم البلاد في ذلك الوقت قتله أخوه المطرف بن عبد الله، وكان ولي العهد هذا يسمى محمد بن عبد الله، فأصبح الوضع من الخطورة بمكان.

وهكذا يكون الحال حين يختلف المسلمون ويفترقوا، وحين ينشغلوا بدنياهم وبزريابهم وبأنفسهم، حكومات نصرانية في الشمال تهاجم المسلمين، ثورات واستقلالات في الداخل، قتل لولي العهد القادم، بلاد إسلامية واسعة بدون ولي عهد في هذه المرحلة الحرجة
رابعا ظهور نجم دولة شيعية في بلاد المغرب كانت من أخطر الدول على بلاد الأندلس

زاد الأمور سوءا في بلاد الأندلس ظهور دولة جديدة في بلاد المغرب كانت من أشد الدول خطورة على بلاد الأندلس، وهي الدولة المسمّاة بالفاطميّة، واسمها الصحيح الدولة العبيدية.

ظهرت الدولة العبيدية في بلاد المغرب العربي سنة ست وتسعين ومائتين من الهجرة، أي قبل سنة ثلاثمائة نهاية الفترة الثانية من الإمارة الأموية بأربع سنوات فقط، وكانت دولة شيعية خبيثة همها الأول قتل علماء السنّة في بلاد المغرب العربي، ومحاولة نشر نفوذها في هذه المنطقة، فانتشرت بصورة سريعة من بلاد المغرب إلى الجزائر إلى تونس، ثم إلى مصر والشام والحجاز وغيرها.

ويكمن خطرها على بلاد الأندلس في أنها ساعدت عمر بن حفصون وأمدته بالسلاح والمؤن والغذاء عن طريق مضيق جبل طارق من الجنوب؛ وذلك لأن عمر بن حفصون أو صمويل كان يعادي ويحارب الخلافة الأموية السنية الموجودة في قرطبة.
خامسا تفشي السلبية وتوقف التفكير في الجهاد

كان حال الشعب في هذه الفترة قد تغير بالمرة؛ فلم يعد يفكر في الجهاد، وانتشرت الروح السلبيّة بين الناس، واعتقدوا أنّه لا فائدة وليس هناك طائل من محاولة التغيير، ورأوا أن الأمر قد ضاع، وفُقد من أيديهم بالكلية ولا أمل في الإصلاح.


سادسا تردي الأوضاع في بقية أقطار العالم الإسلامي

إذا تخطينا بلاد الأندلس وألقينا نظرة على مجمل أقطار العالم الإسلامي في الشرق والغرب وجدنا ما يلي

مصر والشام يحكمها الإخشيديون، الموصل يحكمها ابن حمدان، البحرين واليمامة يحكمها القرامطة، أصبهان يحكمها بنو بويه، خراسان يحكمها نصر الساماني، طبرستان يحكمها الديلم، الأهواز يحكمها البُريديون، كرمان يحكمها محمد بن إلياس، الدولة العباسية أو الخلافة العباسية لا تحكم إلا بغداد فقط، ولا تبسط سيطرتها حتى على أطراف العراق.

هكذا كان الوضع في أقطار العالم الإسلامي، لم يكن هناك أي أمل في أي مدد منه إلى بلاد الأندلس؛ حيث كانت كلها مشتته ومفرقة، ولا حول و لاقوة إلاّ بالله.

وإن الناظر إلى بلاد الأندلس في ذلك الوقت ليرى أنه لا محالة من انتهاء الإسلام فيها، وأنه ما هي إلا بضعة شهور أو سنوات قلائل حتى يدخل النصارى إلى الأندلس ويحكموا قبضتهم عليها، ولن تُنقذ إلا بمعجزة جديدة مثل معجزة عبد الرحمن الداخل رحمه الله.

وبالفعل فإن الله سبحانه وتعالى بمنه وجوده أنعم على المسلمين بتلك المعجزة للمرة الثانية، فمنّ عليهم بأمير جديد، وحّد الصفوف وقوّى الأركان، وأعلى من شأن بلاد الأندلس حتى أصبحت في عهده أقوى ممالك العالم على الإطلاق، وأصبح هو أعظم ملوك أوروبا في زمانه بلا منازع، إنه عبد الرحمن الناصر رحمه الله.












آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس