استباحة مشاعِـر ! بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم و رحمة الله و بركاته مما يعجبني مِـن الشِـعر .. قول الدكتور عبد الرحمن العشماوي : نشأتُ .. في نفسي عداءٌ لِمَن = يأكلُ حقَّ الغيرِ أو يلعبُ نِصفُ شقاءِ الناسِ مِن أنفسِ = مُغلَقةٍ ، أحقادُها تــُـلهـِبُ و يُظلَمُ الناسُ ، فكم ظالمٍ = يَسرِقُ مركوبًا و لا يركبُ في النـّاس ذو عقلٍ و ذو حِكمةٍ = و فيهمُ الجاهلُ و الأجدبُ و فيهمُ الصادِقُ في قولهِ = و فيهم الخدّاعُ و العقربُ لو فطِن الناسُ لأهوائهم = ما شرّقوا فيها و لا غرّبوا إنّا بغيرِ الصِدقِ ألعوبةٌ = في كَفِّ شيطانٍ بِنا يلعبُ إيمانُـنا بالله روضٌ فما = يذبُلُ فيه الزهرُ أو يـُجدِبُ سينتهي المرءُ إلى غايةٍ = و عندها يخسرُ أو يكسبُ و في الناس .. طيّـبوا القلب ، مبغضوا الحِـقد ! يتعاملون مع الناس بسجيّـتهم .. لا الحقِـد يجِـد في قلوبهم موطِـن .. و لا البُـغض صار لنفوسهم مخزِن ! إن أُوذوا عفوا و أصفحوا .. إن غُلِب على أمرهم ، غضّـوا الطرف و ساروا . حالهم كما قال المقنّـع الكِندي : فإنْ يأكلوا لحمي وفـّـرت لحومهم = و إنْ يهدموا مجدي بنيت لهم مجدا و إن ضيّـعوا غيبي حفظت غيويبهم = و إن هـُمُ هووا غيي هويت لهم رشدا و لا أحمِل الحِقد الدفينَ عليهمُ = و ليس كريم القوم مَـن يحملُ الحقدا هؤلاء .. تُستباح مشاعرهم ! و يبيح الناسُ لأنفسهم ، أنْ يعبثوا بخواطرهم ! و يجرحوا قلوبهم الطيّــبة ! لأنّـهم يسكتون عن الرد على أذيّـتهم .. و يشرحون صدورهم لِـمن يؤذيهم و يهضم حقوقهم ! اعتبرهم الناس سُذّجًـا ! فاستباحوا مشاعرهم ! اتصلت بي تقول : أحبّ كل الناس .. أتفقــّــد كل غائب .. يهمــّــني كل مهموم .. إن جرحوني سامحت .. و إن كسروا خاطري صفحت .. لا أرجو منهم مصلحة .. لكن نفسي ما تعوّدت الأحقاد . ثمّ .. إن غبت عنهم ما سألوا ! إن مازحتهم فتحسسوا ، ألقوا عليّ سِهام اللوم ! و إن طرأ لي ظرف عصيب ، ما وجدت أحدًا بجواري ! يظنون أنّ قلبي ألعوبة ! أو أنني ساذجة لا أبالي . لكنني والله ، أحترِق ، لكن ما تعوّدت أن أكسـِــر خاطر أحد .. فأسكت و ( أبلع ) الغصص .. فهل أغيـّــر نفسي كي يقدّرني الناس ؟! و اتصّـلت أخرى فقالت : تعوّد أهلي منّـي خدمتهم .. و كلما هربت إحدى أخواتي مِـن واجبها ، فإنّ عليّ تحمّـله ! إن شكوت ، لاموني ! و إن اعترضت لم يلتفت إليّ أحد .. تعوّدت أن أقول ( نعم ) لكل مَن يطلبني .. فاستغلوا هذه الــ ( نعم ) ، فأصبحت لهم كخادمة مطيعة لا يجب عليها رفض الأوامر ! إنّـي بحاجة لقلب يحتويني ، و مشاعِـر فيـّـاضة تقبلُ بي .. لولا أني أخاف الله ، لارتكبت حماقة مع أحدِ الذئاب . ثمّ ثالثةٌ تقول : لي قلبٌ طيـّــب يشهد عليه كل الناس .. و لي فَرْط مشاعِـر ، يلحظها كل أحد .. إن أُسيء إليّ ، ما التفت لذلك .. و إن أُهــِــنت ، غضضت طرفي عنهم .. و إن اتهموني ، سكت عن إظهار براءتي ! فظنّ الناس أني بلا مشاعِـر ! فاستباحوا مشاعري ! إن أخطأوا في حقي ، ما وجدت منهم اعتذارًا ! و إن اتهموني ، ما وجدت منهم ندمًا ! و المشكلة .. حين يطلبون منّـي أن أكون مثالية ، و أحمِـل صفات الملائكة التي لا تخطئ أبدًا ! أقول أحيانًا لنفسي : هل أصبِـح بذيئة و سليطة اللسان ، حتى يحترموني ! أم أقاطِـع كل من يسيء إليّ ، كي يعرفوا قيمتي ؟! إنني في حيرةٍ مِـن أمري و لست أدري ما السبيل .. صورٌ و حكايا لنساء و فتيات عايشتهنَّ و عاشرتهنَّ العِـشرة الطويلة .. لهنَّ أنفسٌ شفافة .. و قلوبٌ طاهرة .. و بسبب كريم خُلقهنّ و طِـيب معشرهنَّ .. و رِقـّـة مشاعرهنَّ .. استباح الناس هذه المشاعِـر ! ألسنا في كثيرٍ مِـن تعاملاتنا نستبيح مشاعر الطيبين ؟! و نعمد إلى كسر خواطرهم ؟! ألسنا نقول : هم طيـّـبون و لن ينتظروا مِنـّـا اعتذارًا أو مسامحة .. ثمّ نعبث بجميل مشاعرهم كما نشاء ! كم نجــِـد مِن الناس .. مَـن رقّ قلبه و رقّـت مشاعره .. فظننا أنــّـهم بِلا مشاعِــر ! م0ن