عرض مشاركة واحدة
قديم 09-30-2011, 01:05 AM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الفراسة فى القرآن الكريم

درجات الفراسة:
ذكر الإمام ابن القيم فى مدارج السالكين أن للفراسة درجات ثلاث
الدرجة الأولى :فراسة طارئة نادرة تسقط على لسان وحشى ، فى العمر مرة لحاجة سمع مريد صادق إليها لا يتوقف على مخرجها ولا يؤبه لصاحبها وهذا شيئ لايخلص من الكهانة وما ضاهاها ...........
يريد بهذا النوع فراسة تجرى على السنة الغافلين الذين ليست لهم يقظة أرباب القلوب فلذلك قال :طارئة نادرة تسقط على لسان وحشى الذى لم يأنس بذكر الله
وقوله لحاجة مريد صادق :يشير إلى حكمة إجرائها على لسانه وهى حاجة المريد الصادق إليها .فإذا سمعها على لسان غيره كان أشد تنبها له وكانت عنده أعظم موقعا .
وقوله :ولا يوقف على مخرجها :يعنى لا يعلم الشخص الذى وصلت إليه واتصلت به ما سبب مخرج هذا الكلام .
وقوله :وهذا شيئ لا يخلص من الكهانة يعنى أنه من جنس الكهانة وأحوال الكهان ، وما شابهها من سائر أفعال الضلال والإلباس.
الدرجة الثانية : فراسة تجنى من غرس الإيمان وتطلع من صحة الحال وتلمع من نور الكشف ، وهذا النوع من الفراسة مختص بأهل الإيمان ولذلك قال تجنى من غرس الإيمان ،وشبه الإيمان بالغرس لأنه يزداد وينمو ويزكو على السقى ، ويؤتى أكله كل حين بإذن ربه ،وأصله ثابت وفرعه فى السماء ، فمن غرس الإيمان فى أرض قلبه الطيبة الزكية وسقى ذلك الغراس بماء الإخلاص والصدق والمتابعة كان من بعض ثمره هذه الفراسة
قوله :وتطلع من صحة الحال :فكلما كان الحال أصدق وأصح فالفراسة كذلك .
وقوله :وتلمع من نور الكشف :يعنى أن نور الكشف من جملة ما يولد الفراسة بل أصلها نور الكشف ، وقوة الفراسة بحسب قوة هذا النور وضعفه وقوته بحسب قوة مادته وضعفها .
الدرجة الثالثة : فراسة سرية لم تجتلبها روية على لسان مصطنع تصريحا أو رمزا.
قوله سرية يحتمل وجهين:
الأول :سرى أى شريف فالرجل السرى هو الرجل الشريف ومنه ما ورد فى قوله تعالى " قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا "مريم 24أى سيدا مطاعا وهو المسيح
الثانى :سرى من الأسرار التى هى عكس الظواهر فهى متعلقة بالأسرار
قوله :لم تجتلبها روية :أى لا تكون عن فكرة بل تهجم على القلب هجوما لا يعرف سببه .
قوله :على لسان مصطنع أى مختار مصطفى على غيره ، تصريحا أو رمزا :يعنى أنه يخبِر بهذه الفراسة تارة بالتصريح وتارة بالتلميح إما سترا لحاله وإما صيانة لما أخبر به عن الابتذال ووصوله إلى غير أهله وإما لغير ذلك من الأسباب والله اعلممدارج السالكين بتصرف 2/495،منازل السائرين 1/8. بتصرف أيضا
أقسام الفراسة :
وكغيرها من الظواهر تناولها العلماء بالشرح والتقسيم وبيان فوائدها وأحوالها وأسبابها وغير ذلكوعندما أراد العلماء أن يقسموا الفراسة نظروا إليها من أكثر من زاوية وهكذا دأب العلماء الحاذقين .
لذا وجدنا وجهات نظر مختلفة وإن كان الكل يصب فى معين واحدفعندما نظروا للفراسة ذاتها باعتبار المصدر أو الظاهرة قسموها إلى قسمينوعندما نظروا إلى الفراسة باعتبار المتفرس أو من يمارسها قسموها الى ثلاثة أقسام وهاك البيان.
ذكر الإمام ابن القيم فى مدارج السالكين أن الفراسة على نوعين :
فراسة علوية شريفة مختصة بأهل الإيمان ، وفراسة سفلية دنيئة
هذا إجمالا أما على التفصيل فقد ذكر رحمه الله الآتى :
*أما الفراسة السفلة الدنيئة فهى مشتركة بين المؤمن والكافر ،وهى فراسة أهل الرياضة والجوع والسهر والخلوة وتجريد البواطن من أنواع الشواغل فهؤلاء لهم فراسة كشف الصور والإخبار ببعض المغيبات السفلية التى لا يتضمن كشفها والإخبار عنها كمالا فى النفس ولا زكاة ولا إيمانا ولا معرفة وهؤلاء لا تتعدى فراستهم هذه السفليات لأنهم محجوبون عن الحق تعالى فلا تصعد فراستهم الى التمييز بين أوليائه وأعدائه وطريق هؤلاء وهؤلاء ...........
ومن خلال كلام ابن القيم عن هذا النوع الأول نجد أنه جعله قسما مشتركا بين المؤمن والكافر فلم يشترط فيه دينا ولا خلقا ، وقصر فقط على الأمور السفلية لأنه فى هذه الحالة عطاء بشرى مادى يتوصل إليه بأسبابه ومقدماته ، ولا شك أن هناك فارقا بين عطاء البشر وبين عطاء رب البشر كالفارق بين الخالق والمخلوق
وعليه فسوف نجد أن النوع الثانى من الفراسة والذى هو عطاء الله لمن اصطفاه من خلقه لا تحده حدود ولا يقف عند مستوىًَ بعينه فهو عطاء خالق القوى والقدر لذا قال عنها ابن القيم : وأما فراسة الصادقين العارفين بالله وأمره فإن همتهم لما تعلقت بمحبة الله ومعرفته وعبوديته ودعوة الخلق إليه على بصيرة كانت فراستهم متصلة بالله ،ومتعلقة بنور الوحى مع نور الإيمان فميزت بين ما يحبه الله وما يبغضه ، وميزت بين الخبيث والطيب ، ففراسة هؤلاء دائما حائمة حول كشف طرق الرسول وتعرفها وتخليصها من بين سائر الطرق ....فهذا أشرف أنواع البصيرة والفراسة وأنفعها للعبد فى معاشه ومعاده مدارج السالكين 1/131
وهكذا فرق الإمام بين ما هو عطاء الله وبين ما يتوصل إليه الإنسان بأسبابه ومقدماته والذى يشترك فيه المؤمن مع الكافر والمطيع مع العاصى .
كان هذا تقسيما للفراسة من حيث المصدر لكن إذا نظرنا إليها باعتبار من يمارسها أى المتفرس فهى على ثلاثة أقسام :
1_ فراسة إيمانية :وهى نور يقذفه الله فى قلب عبده يفرق به بين الحق والباطل ، وحقيقتها أنها خاطر يهجم على القلب كوثوب الأسد على الفريسة وهذه الفراسة على حسب قوة الإيمان فمن كان أقوى إيمانا فهو أحدُ فراسة
قال أبو سعيد الخراز :"من نظر بنور الفراسة نظر بنور الحق فتكون مواد علمه مع الحق بلا سهو ولا غفلة بل حكم حق جرى على لسان عبده "
وقال الواسطى :"الفراسة شعاشع أنوار لمعت فى القلوب وتمكن معرفة جملة السرائر فى الغيوب ، من غيب إلى غيب حتى يشهد الأشياء من حيث أشهده الحق إياها فيتكلم عن ضمير الخلق " مدارج السالكين 2/485
وهكذا جعلت الفراسة هنا حالة إيمانية يعيشها من صفت نفسه وحسن تأدبها مع الله ،وغالبا لا يكون للعبد جهد فيها إلا أنه ارتقى فى خلقه حتى اصطفاه الله فوهبه من لدنه هذا الفضل ،ولعل هذا ما عناه ابن القيم بقوله :"تهجم على القلب كهجوم الأسد على الفريسة "
وعليه فلا يبعد أن تكون كرامة لولى من الأولياء ومعلوم أن مقام الولاية لا يدعى ، أى لا يدعيه الإنسان لنفسه ،كذا الفراسة لا يدعيها الإنسان لنفسه بل تظهر عليه .
ولم يأمرنا النبى بأن نتفرس بل أمرنا أن نتقى فراسة الغير فلم يقل تفرسوا وإنما قال "اتقوا فراسة المؤمن "
فلا يدعيها الإنسان بل ينظرها فى غيره ويستفيد منها وهذا هو الأليق بمقام الولاية
2_ فراسة الرياضة والجوع والسهر والتخلى: فإن النفس إذا تجردت من العوائق صار لها من الفراسة والكشف بحسب تجردها وهذه فراسة مشتركة بين المؤمن والكافر ،ولا تدل على إيمان ولا على ولاية وكثير من الجهال يغتر بها ، فللأطباء –مثلا – فراسة معروفة من حذقهم فى صناعتهم .
وإذا استحضرنا ما سبق ذكره من تقسيم الفراسة إلى قسمين فلا نكاد نجد فارقا بينهما يذكر وهكذا كانت إشارتنا من قبل أن الخلاف لفظى والكل فى النهاية يصب فى معين واحد .
3- الفراسة الخِلقِية :وهى التى صنف فيها الأطباء وغيرهم واستدلوا بالخِلق على الخٌلق لما بينهما من الارتباط الذى اقتضته حكمة الله كالاستدلال بصغر الرأس الخارج عن العادة على صغر العقل وبكبره على كبر العقل وبسعة الصدر وبعد ما بين جانبيه على سعة خلق صاحبه واحتماله وبسطته، وبخمود العين وكلال نظرهما على بلادة صاحبها ،وبتدويرها مع حمرتها وكثرة تقلبها على خيانته ومكره وخداعه .....
وقال أصحاب الفراسة إذا كان الرجل طويل القامة واللحية فاحكم عليه بالحمق وإذا انضاف إلى ذلك أن يكون رأسه صغيرا فلا تشك فيه .
وقال بعض الحكماء :موضع العقل :الدماغ ،وطريق الروح :الأنف وموضع الرعوفة طويل اللحية .
وعن سعد بن منصور أنه قال :قلت لأبى إدريس :أرأيت سلام بن أبى حفصة ؟ قال: نعم رايته طويل اللحية وكان أحمقا راجع أخبار الحمقى والمغفلين 1/3.
وأصل هذه الفراسة أن اعتدال الخلقة والصورة هو من اعتدال المزاج والروح وعن اعتدالها يكون اعتدال الأخلاق والأفعال وبحسب انحراف الخلقة والصورة عن الاعتدال يقع الانحراف فى الأخلاق هذا إذا خليت النفس وطبيعتها
ولكن صاحب الصورة والخلقة المعتدلة يكتسب بالمقارنة والمعاشرة أخلاق من يقارنه ويعاشره ولو أنه من الحيوان البهيم فيصير من أخبث الناس أخلاقا وأفعالا وتعود له تلك طباعا ويتعذر أو يتعسر عليه الانتقال عنها وكذلك صاحب الخلق أو الصورة المنحرفة عن الاعتدال يكتسب بصحبة الكاملين بخلطتهم أخلاقا وأفعالا شريفة تصير له كالطبيعة فإن العوائد والمزاولات تعطى الملكات والأخلاق .
فليتأمل هذا الموضع ولا يعجل بالقضاء بالفراسة دونه فإن القاضى حينئذ يكون خطؤه كثيرا ،فإن هذه العلامات أسباب لا موجبة وقد تتخلف عنا أحيانا لفوات شرط أو لوجود مانع .........مدارج السالكين 2/488،شرح العقيد الطحاوية 1/494
ورحم الله ابن القيم حيث أوضح وشدّد على أن هذه العلامات أسباب وهى غير موجبة لأن العلاقة بين الشكل والملامح وبين الأخلاق علاقة غير وطيدة ،فالإنسان لا يكتسب ملامحه ولا سماته الخلقية بينما يكتسب الإنسان الأخلاق والسلوك من بيئته التى يعيشها ، فلو تربى طفل آدمى مع حيوانات فقط ولم يعاشر أيا من الإنس فلن ينقلب الطفل حيوانا قطبينما يكتسب من بيئته التى يعيش فيها أخلاقا وسلوكيات خاصة .

</B>











آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس