عرض مشاركة واحدة
قديم 09-30-2011, 01:20 AM رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الفراسة فى القرآن الكريم

فقال يوسف :نعم أيها الملك رأيت سبع بقرات سمان شهب غر حسان كشف النيل لك عنهن فطلعن عليك من شاطئه تشخب أخلافهن لبنا ، فبينما أنت تنظر إليهم ويعجبك حسنهن إذ نضب النيل فغار ماؤه وبدا يبسه فخرج من حماته سبع بقرات عجاف شعث غبر متقلصات البطون ليس لهن دروع ولا أخلاف ، ولهن أنياب وأضراس وأكف كأف الكلاب وخراطيم كخراطيم السباع ، فافترسن السمان فأكلن لحومهن ومزقن جلودهن وحطمن عظامهن وتمششن مخهن فبينما أنت تنظر وتعجب ،إذ سبع سنابل خضر وسبع أخر سود فى منبت واحد عروقهن فى الثرى والماء فبينما أنت تقول فى نفسك أنى هذا خضر مثمرات وهؤلاء سود يابسات والمنبت واحد وأصولهن فى الماء؟
إذ هبت ريح فذرت الأوراق من اليابسات السود على الخضر المثمرات فاشتعلت فيهن النار فاحترقن فصرن سودا فهذا ما رأيت ثم انتبهت من نومك مذعورا ....
فقال الملك :والله ما شأن هذه الرؤيا وإن كانت عجيبة بأعجب مما سمعت منك فما ترى فى رؤياى أيها الصديق ؟
فقال يوسف عليه السلام:"أرى أن تجمع الطعام وتزرع زرعا كثيرا فى هذه السنين المخصبة وتجعل الطعام فى الخزائن بقصبه وسنبله ليكون القصب والسنبل علفا للدواب ، وتأمر الناس فيرفعون من طعامهم الخمس فيكفيك من الطعام الذى جمعته لأهل مصر ومن حولها ويأتيك الخلق من النواحى للميرة فيجتمع لك من الكنوز ما لم يجتمع لأحد قبلك ، قال الملك :ومن لى بهذا ومن يجمعه ويبيعه ويكفينى الشغل فيه ؟
فقال يوسف : اجعلنى على خزائن الأرض ...." تفسير البغوى 1/251
وقد تكلم ابن عاشور فى هذه الواقعة فأجاد وأفاد وأورد كلاما وأحكاما لا غنى لمسلم عنها عند مدارسة هذه الآية رأيت أن أنقله بتمامه لما فيه من عظيم الفائدة :" وجملة ""قال اجعلني على خزائن الأرض "حكاية جواب والكلام للملك ولذلك فصلت على طريقة المحاورات و " على " هنا للاستعلاء المجازي وهو التصرف والتمكن أي اجعلني متصرفا في خزائن الأرض ، و " خزائن " جمع خزانة" بكسر الخاء " أي البيت الذي يختزن فيه الحبوب والأموال .
والتعريف في" الأرض "تعريف العهد وهي الأرض المعهودة لهم أي أرض مصر ، والمراد من " خزائن الأرض " خزائن كانت موجودة وهي خزائن الأموال ؛ إذ لا يخلو سلطان من خزائن معدودة لنوائب بلاده لا الخزائن التي زيدت من بعد لخزن الأقوات استعدادا للسنوات المعبر عنها بقوله "مما تحصنون""
واقتراح يوسف " عليه السلام " ذلك إعداد لنفسه للقيام بمصالح الأمة على سنة أهل الفضل والكمال من ارتياح نفوسهم للعمل في المصالح، ولذلك لم يسأل ملكا لنفسه ولا عرضا من متاع الدنيا ولكن سأل أن يوليه خزائن المملكة ليحفظ الأموال ويعدل في توزيعها ويرفق بالأمة في جمعها وإبلاغها لمحالها وعلل طلبه ذلك بقوله " إني حفيظ عليم " المفيد تعليل ما قبلها لوقوع " إن " في صدر الجملة فإنه علم أنه اتصف بصفتين يعسر حصول إحداهما في الناس بله كلتيهما .
وهما :الحفظ لما يليه والعلم بتدبير ما يتولاه ليعلم الملك أن مكانته لديه وائتمانه إياه قد صادفا محلهما وأهلهما وأنه حقيق بهما لأنه متصف بما يفي بواجبهما وذلك صفة الحفظ المحقق للائتمان وصفة العلم المحقق للمكانة وفي هذا تعريف بفضله ليهتدي الناس إلى اتباعه . وهذا من قبيل الحسبة.
وشبه ابن عطية مقام ابى بكر رضى الله عنه بمقام يوسف عليه السلام فى دخوله في الخلافة مع نهيه المستشير له من الأنصار من أن يتأمر على اثنين . قلت : وهو تشبيه رشيق إذ كلاهما صديق ، وهذه الآية أصل لوجوب عرض المرء نفسه لولاية عمل من أمور الأمة إذا علم أنه لا يصلح له غيره .
لأن ذلك من النصح للأمة وخاصة إذا لم يكن ممن يتهم على إيثار منفعته على مصلحة الأمة ، وقد علم يوسف " عليه السلام " أنه أفضل الناس هنالك لأنه كان المؤمن الوحيد في ذلك القطر.
فهو لإيمانه بالله يبث أصول الفضائل التي تقتضيها شريعة آبائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب " عليهم السلام " فلا يعارض هذا ما جاء في صحيح مسلم مسلم 8/453برقم 312.عن عبد الرحمن بن سمرة قال : قال لي رسول الله " يا عبد الرحمن لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها " . لأن عبد الرحمن بن سمرة لم يكن منفردا بالفضل من بين أمثاله ولا راجحا على جميعهم
وبهذه الآية استدل الفقهاء على جواز طلب القضاء لمن يعلم أنه أهل وأنه إن لم يول ضاعت الحقوق .
قال المازري :" يجب على من هو أهل الاجتهاد والعدالة السعي في طلب القضاء إن علم أنه إن لم يله ضاعت الحقوق أو وليه من لا يحل أن يولى ، وكذلك إن كان وليه من لا تحل توليته ولا سبيل لعزله إلا بطلب أهله "
وقال ابن مرزوق :"لم أقف على هذا لأحد من قدماء أهل المذهب غير المازري ، وقال عياض في كتاب الإمارة أي من شرح صحيح مسلم ما ظاهره الاتفاق على جواز الطلب في هذه الحالة ........." التحرير والتنوير 1/2195
ويعلق الإمام البيضاوى على كلام يوسف :"اجعلنى على خزائن الأرض "بقوله "وفيه دليل على جواز طلب التولية وإظهار أنه مستعد لها ، والتولى من يد الكافر إذا علم أنه لا سبيل لإقامة الحق وسياسة الخلق إلا بالاستظهار به وعن مجاهد أن الملك أسلم على يديه ........." تفسير البيضاوى 1/295
ويقول الإمام النسفى :"وإنما قال ذلك ليتوصل إلى إمضاء أحكام الله وإقامة الحق وبسط العدل والتمكن مما لأجله بعث الأنبياء للعباد ، ولعلمه أن أحدا غيره لا يقوم مقامه فى ذلك ، فطلبه ابتغاء وجه الله لا لحب الملك والدنيا ......." تفسير النسفى 2/194هكذا أفاض العلماء والمفسرون فى إيضاح قصة يوسف عليه السلام وطلبه من الملك أن يتقلد خزائن الأرض فى زمانه .
وقبل أن نترك الحديث عن الفراسة فى القران الكريم نود أن نشير للقارئ الكريم أن هناك مواضع أخرى ذكرت فيها الفراسة

</B>












آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس