الكَـذِبُ المُباحُ بين الزَّوْجَيْـن
وينبغي أن يتلطف الزوجُ مع زوجته ، ويتكلم معها بالكلام الطيب الذي يُريحها ويُطمئنها ويُهدي بالَها , ويكون سببًا في قذف مَحبَّتِه إلى قلبها , وهي الأخرى كذلك ينبغي لها أن تتكلم معه بالكلام الطيب الذي يُريحه ويُهدئه ويُطمئن بالَه ويُريح فؤاده , ويكون سببًا في جلب محبَّتِها إلى قلبه ، وإن اضطرها الأمرُ أو اضطره إلى الكذب في بعض الأحيان ، كأنْ يُبالِغَ لها في وصف محبته لها أو تُبالغ له في وصف محبتها له , أو يُبالغ في وصف جمالها وتُبالغ في وصف رجولته ونحو ذلك (1) , فقد رُخِّصَ في الكذب للإصلاح ، ورُخِّصَ في الكذب بين الزوجين ، ففي (( صحيح مسلم )) (2) من حديث أم كلثوم بنت عقبة ابن أبي معيط أنها سمعت رسولَ الله - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - يقول : (( ليس الكذاب الذي يُصلح بين الناس ويقولُ خيرًا ويُنمي خيرًا )) .
وعند الترمذي وأحمد (3) بإسنادٍ يَصِحُّ لشواهده من حديث أسماء بنت يزيد قالت قال رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( لا يَحِلُّ الكذبُ إلَّا في ثلاث ، يُحَدِّثُ الرجلُ امرأتَه يُرضيها ، والكذب في الحرب ، والكذب ليُصلِحَ بين الناس )) . وقد قال النوويُّ (4) - رحمه الله - : وأما كذبُه لزوجته وكذبُها فالمُرادُ به في إظهار الود والوعد مما لا يلزم ونحو ذلك ، فأما المُخادعة في منع ما عليه أو عليها ، أو أخذ ما ليس له أو لها فهو حرامٌ بإجماع المسلمين ، واللهُ أعلم .
• وقال ابن حزم في (( المحلى )) (5) : ولا بأس بكذب أحد الزوجين للآخر فيما يستجلبُ به المودة ... ثم ذكر الحديث .
• ومَن العلماء مَن حَمَلَ الكذب في الحديث على التَّوْرِيَة .
• وقال الخطابي (6) : كَذِبُ الرجل على زوجته أنْ يَعِدَها ويُمَنِّيها ويُظهِرَ لها مِن المَحَبَّةِ أكثرَ مِمَّا في نفسه ، يَستديمُ بذلك صُحبتَها ويُصلِحُ به خُلُقَها . واللهُ أعلم .
______________________________
(1) أما الكذب الذي فيه تضييعُ حُقوق وأكل مال الآخَر بالباطل فهو حرام .
(2) مسلم حديث (2605) .
(3) الترمذي (1939) ، وأحمد (6/ 454، 459، 460) .
(4) (( شرح مسلم )) حديث (5/ 465) .
(5) (( المحلى )) (10/ 75) .
(6) مع (( عون المعبود )) (13/ 263) .