عرض مشاركة واحدة
قديم 04-23-2012, 06:11 PM رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
SOHER

الصورة الرمزية SOHER

إحصائية العضو







SOHER غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: فِقـه التَّعامُلِ بين الزَّوجين وقَبَسَاتٌ مِن بيتِ النبـوَّة

والصُّلْـحُ خَيْـر

وكما تقدَّم فيُستحَبُّ للزوجين أن يتعايشا في وفقٍ ووئام ، ويُؤدي كُلٌّ منهما ما عليه لصاحبه من الحق ، وإن دبت بينهما مشاكل فعليهما أن يدفعاها وإن تنازل أحدهما أو كلاهما عن شيءٍ من حقوقه للآخَر ، ﴿ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ﴾ النساء/128 كما قال الله سبحانه وتعالى ، الصلح خير لهما من الفرقة والطلاق ، الصلح خير للأولاد من التشتت والضياع ، الصلح خير لأسرتيهما من العداوة والشقاق , الصلح خير للمسلمين عامة لما فيه من المودة والائتلاف .

الصلح خيرٌ من الطلاق ، فالطلاق يهواه إبليس وهو من أفعال هاروت وماروت ، قال تعالى : ﴿ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ البقرة/102 .

وفي (( صحيح مسلم )) (1) من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال : قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( إن إبليس يضع عرشه على الماء ، ثم يبعث سراياه ، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة ، يجيء أحدهم فيقول : فعلتُ كذا وكذا , فيقول : ما صنعتَ شيئًا ، قال : ثم يجيء أحدهم فيقول : ما تركتُه حتى فرَّقتُ بينه وبين امرأته ، قال : فيُدنيه منه ويقول : نعْمَ (2) أنت )) .

فهذا يدل على أن الطلاق مما يُحِبُّه الشيطان .

وقد صَحَّ (3) عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه طلَّق امرأةً له ، فقالت له : هل رأيتَ مني شيئًا تكرهه ؟* قال : لا , قالت : ففيم تطلق المرأة العفيفة المسلمة ؟ فارتجعها ابن عمر رضي الله عنهما ، فالصلح خير (4) - كما قدَّمنا - وإن تنازل أحدهما عن بعض حقوقه .

وإن خيف حدوث شقاق بين الزوجين ، فليُرسِل الحكام والأمراء وولاة الأمر حَكَمَيْن : حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها (5) للإصلاح بينهما ، فإن اصطلحا فالحمدُ لله ، وإن وصلت المسائل والمشاكل بينهما إلى طريقٍ مسدود ولم يستطيعا مع هذه المشاكل أن يقيما حدودَ الله فيما بينهما , وكانت هي لا تستطيع أن تؤدي له حقَّه المشروع (6) ، وكان هو الآخر لا يستطيع أن يؤدي إليها حقها ، وضاعت فيما بينهما حدود الله ، ولم يقيما طاعة الله فيما بينهما ، فحينئذٍ فالأمر كما قال سبحانه : ﴿ وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا النساء/130 .

وأيضًا إذا كان الزوجان أو أحدهما غير مُقيمٍ لحدود الله ، ولا مُكترثٍ لها ، ولا مُبالٍ بها ، وغير شاكر لنعم الله عليه ، والآخر قائم على حدود الله ، فحينئذٍ فالفِراقُ أولى ، فهذا الخليل إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - ينصحُ ولده إسماعيل بتغيير عتبة بابه ، لمَّا أتى إلى بيت إسماعيل ، فوجد امرأةً غير شاكرةٍ لأنعم الله عليها ، وهذا واضح فيما أخرجه البخاري (7) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - في شأن هاجر عليها السلام ، وقصة إبراهيم عليه السلام ، ومجيئه إلى ولده إسماعيل بعدما تزوَّجَ إسماعيل ، يُطالِعُ تركته ، فلم يجد إسماعيل ، فسأل امرأتَه عنه ، فقالت : خرج يبتغي لنا ، ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم ، فقالت : نحن بشرٍّ ، نحن في ضيقٍ وشِدَّة ، فشكت إليه ، قال : فإذا جاء زوجُكِ ، فاقرئي عليه السلام ، وقولي له يُغيِّرُ عتبة بابه ، فلمَّا جاء إسماعيل كأنه آنس شيئًا ، فقال : هل جاءكم مِن أحد ؟ قالت : نعم ، جاءنا شيخ كذا وكذا ، فسألنا عنكَ ، فأخبرتُه ، وسألني : كيف عيشنا ، فأخبرتُه أنَّا في جهدٍ وشِدَّة ، قال : فهل أوصاكِ بشيء ؟ قالت : نعم ، أمرني أن أقرأ عليك السلام ، ويقول : غيِّر عتبة بابك ، قال : ذاكَ أبي ، وقد أمرني أن أُفارقَكِ ، الحقي بأهلكِ .. فطلَّقها .


______________________________

(1) مسلم (ص 2167) .

(2) أي : نِعْمَ الفعلة التي فعلتها أنت ، وهي التفريق بين المرء وزوجه .

(3) أخرجه سعيد بن منصور ((السنن)) (1099) .

(4) قال الله سبحانه وتعالى : (( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا )) النساء/128 .
وها هي بعض أقوال أهل العلم في هذه الآية الكريمة :
أخرج البخاري - رحمه الله - حديث (5206) من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : (( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا .... )) النساء/128 . قالت : هي المرأة تكون عند الرجل لا يستكثر منها ، فيُريدُ طلاقَها ويتزوج غيرها ، فتقول له : أمسكني ولا تطلقني ثم تزوَّج غيري ، فأنتَ في حِلِّ من النفقة عليَّ والقِسمةِ لي ، فذلك قولُه تعالى : (( فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْر )) .
أما ابن جرير الطبري - رحمه الله - فقد أورد جملة آثار تشهد لهذا المعنى الوارد عن عائشة رضي الله عنها ، وقال هناك (9/ 267) : يعني بذلك جل ثناؤه : وإن خافت امرأة من بعلها يقول : علمت من زوجها (( نشوزًا )) يعني : استعلاءً بنفسه عنها إلى غيرها أثرة عليها وارتفاعًا بها عنها إما لبغضة ، وإما لكراهة منه بعض أسبابها : إما دمامتها ، وإما سنها وكبرها أو غير ذلك من أمورها (( أو إعراضًا )) يعني : انصرافًا عنها بوجهه أو ببعض منافعه التي كانت لها منه ( فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحًا )) يقول : فلا حرج عليهما يعني : على المرأة الخائفة نشوز بعلها أو إعراضه عنها (( أن يصلحا بينهما صلحًا )) وهو أن تترك له يومها ، أو تضع عنه بعض الواجب لها من حق عليه تستعطفه بذلك ، وتستديم المقام في حباله والتمسكَ بالعقد الذي بينها وبينه من النكاح يقول : (( والصلح خير )) يعني : والصلح بترك بعض الحق استدامةً للحرمة وتمسكًا بعقد النكاح خير من طلب الفرقة والطلاق .
أما قوله تعالى : (( وأحضرت الأنفس الشح )) فالذي اختاره ابن جرير أن المعنى به هو أحضرت أنفس النساء الشح بأنصبائهن من أزواجهن في الأيام والنفقة .
ثم قال : و(( الشح )) الإفراط في الحرص على الشيء , وهو في هذا الموضع إفراط حرص المرأة على نصيبها من أيامها من زوجها ونفقتها ، فتأويل الكلام : وأحضرت أنفس النساء أهواءهن من فرط الحرص على حقوقهن من أزواجهن ، والشح بذلك على ضرائرهن ثم قال - رحمه الله - : وأما قوله : (( وإن تحسنوا وتتقوا )) فإنه يعني : وإن تحسنوا أيها الرجال في أفعالكم إلى نسائكم إذا كرهتم منهن دمامة أو خلقًا أو بعض ما تكرهون منهن بالصبر عليهن وإيفائهن حقوقهن وعشرتهن بالمعروف (( وتتقوا )) يقول : وتتقوا الله فيهن بترك الجور منكم عليهن فيما يجب لمن كرهتموه منهن عليكم من القسمة له ، والنفقة ، والعشرة بالمعروف (( فإن الله كان بما تعملون خبيرًا )) يقول : فإن الله كان بما تعملون في أمور نسائكم أيها الرجال من الإحسان إليهن والعشرة بالمعروف والجور عليهن فيما يلزمكم لهن ويجب خبيرًا ، يعني : عالمًا خابرًا ، لا يخفى عليه منه شيء ، بل هو به عالم ، وله مُحصٍ عليكم حتى يوفيكم جزاء ذلك ، المحسن منكم بإحسانه والمسيء بإساءته .
أما ابن كثير – رحمه الله – فقال : فإذا خافت المرأة من زوجها أن ينفر عنها أو يعرض عنها فلها أن تُسقط عنه حقها أو بعضه من نفقة أو كسوة أو مبيت أو غير ذلك من حقوقها عليه، وله أن يقبل ذلك منها، فلا حرج عليها في بذلها ذلك له، ولا عليه في قبوله منها، ولهذا قال تعالى: (( فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحًا )) , ثم قال : (( والصلح خير )) أي : من الفِراق ، وقوله : (( وأحضرت الأنفس الشح )) أي : الصلح عند المشاحة خير من الفراق ، وأورد ابن كثير - رحمه الله - جملة آثار ، ثم قال : ولا أعلم في ذلك خلافًا أن المراد بهذه الآية هذا . والله أعلم .
ثم قال - رحمه الله - : وقوله : (( وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعلمون خبيرًا )) وإن تتجشموا مشقة الصبر على ما تكرهون منهن وتقسموا لهن أسوةَ أمثالهن فإن الله عالم بذلك وسيجزكم على ذلك أوفر الجزاء .
وأورد القرطبي- رحمه الله - نحوًا مما تقدم ، وقال : قال علماؤنا : وفي هذا أن أنواع الصلح كلها مباحة في هذه النازلة بأن يُعطي الزوج على أن تصبر هي ، أو تعطي هي على أن يؤْثر الزوج ، أو على أن يؤْثر ويتمسك بالعصمة ، أو يقع الصلح على الصبر والأثرة من غير عطاء فهذا كله مباح .
وقال - رحمه الله - في قوله تعالى : (( وأحضرت الأنفس الشح )) , إخبار بأن الشح في كل أحد، وأن الإنسان لا بد أن يشح بحكم خلقته وجبلته حتى يحمل صاحبه على بعض ما يكره ، يقال : شَحَّ يَشِحُّ ( بكسر الشين ) قال ابن جبير : هو شح المرأة بالنفقة من زوجها وبقسمه لها أيامها ، وقال ابن زيد : الشح هنا منه ومنها , وقال ابن عطية : وهذا أحسن ؛ فإن الغالب على المرأة الشح بنصيبها من زوجها ، والغالب على الزوج الشح بنصيبه من الشابة .

(5) ذهب جمهور العلماء إلى أن المخاطب بقوله تعالى : (( فابعثوا حكمًا ... )) هم الحُكَّام ، بينما ذهب آخرون إلى أن المراد : الرجل والمرأة .

(6) وقد طُلِّقَت أم المؤمنين زينب بنت جحش - رضي الله عنها - من زوجها زيد بن حارثة ( مع فضلهما وورعهما ) قال الله تعالى : (( فلما قضى زيد منها وطرًا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم ... )) الأحزاب/37 .

(7) أخرجه البخاري (3364) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما .






آخر مواضيعي 0 السحلية ذات اللسان الازرق
0 عمل قلادة واسوارة ملتوية من الشريط الساتان والخرز
0 خلفيات بلاك بيري للعيد
0 33 برنامج للمحادثة لأجهزة البلاك بيري
0 ثيم البطة تويتي الجميلة للجيل الثالث
رد مع اقتباس