الموضوع: محمود درويش
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-25-2012, 06:08 PM رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: محمود درويش

أعدّوا له الأرض كي يستريح فقد أحبّها حتى التعب!
رحيل الشاعر العربي الكبير محمود درويش:

لندن ـ القدس العربي ـ من حسام الدين محمد مات محمود درويش.
اغمضعينيه الجميلتين ومش في غمامته البيضاء
.
مات عاشق الحياة الكبير لأنه لم يرد انيجلس منتظرا الموت
.
ااعرف ان الزمان لا يحالفني مرتينب قال ذات قصيدة. لكنالزمان حالفه مرتين فأراد ان يلعب النرد معه للمرة الثالثة فغلبه
.
اهل يموتالشاعر؟ب مرّرت هذا السؤال اليه بعد عمليته الاول وكنا مجتمعين في استديو االام بيسيب بلندن فحدّثنا عن لون الموت الابيض والغمامة التي دخل فيها وغف
.
كتب درويشعن ميتات اصدقائه كما لم يكتب احد وسألهم ان لا يموتوا وان ينتظروا سنة واحدة فقط: اسنة اخر فقط تكفي لكي اعشق عشرين امرأة وثلاثين مدينةب
.
شهداء فلسطين الكباركانوا احبابه وكتب اجمل قصائده فيهم من راشد حسين ال ماجد ابو شرار وعز الدين القلقومعين بسيسو... وصولا للشهداء المجهولين. كانت القصائد ايقافا للموت وحراسة للحياةوالا كيف نفهم قصيدته في الشاعر العراقي سعدي يوسف (أطال الله عمره): اأعد لأرثيكعشرين عاما من الشعرب غير كونها تعويذة من شاعر لصديق له ضد الموت؟ االموت ضرب منالغدرب قال مرة في رثاء له لحمادي الصيد وكونه لاعب الموت وتهرب منه مرتين فقد قالعنه: اأما الموت فلا شيء يهينه كالغدر: اختصاصه المجرّبب
.
هل طلب محمود اسنة اخرفقطب في حجرة العمليات التي أقلّته ال موعده كما قال في كتابه افي حضرة الغيابب: افلأذهب ال موعدي فور عثوري عل قبر لا ينازعني عليه احد من اسلافيب
.
هل ارأ ماأراد من البحرب في اهبوب النوارس عند الغروبب؟ مات كاتب الملحمة الفلسطينية الاكبرالتي رافقته منذ تهجيره من قريته في شمال فلسطين وعودته اليها ثم اوديسته الطويلةبين البلدان والعواصم
.
مات اكثر الشعراء العرب اصالة ولا اعرف ان كان النقادلاحظوا خط الديمومة في الشعر العربي من امرء القيس مرورا بالمتنبي ووصولااليه
.
مات شاعر الحداثة الكبير الذي كانت الحداثة بالنسبة اليه علاقة باللغةوالارض والواقع والعالم ولم تكن بحثا عدميا عن اللامعن والانقطاع في الصيرورةالأصيلة للمكان والزمان والناس: اان نكون عبثيين او لاعبين او ساخرين لا ان نرد علاللامعن بلامعنب قال مرة في حوار معه
.
لعل اهم مزايا محمود درويش في اعتقادي انهاستطاع ابتداع المعادلة الاعجازية لشعر عميق وعظيم ومليء بالفذاذة الفلسفيةوالسخرية السوداء والنحت الرائع عل اللغة في الوقت الذي كان قادرا دائما عل الوصولللجمهور العام للشعر. كانت امسيات محمود درويش الشعرية مناسبات عامة ترسل كما لوكانت طاقة كهربائية عالية مسّا روحيا عاليا لم تكن لتجده الا عند الشعراء ذويالقامات الكبر في التاريخ
.
ولأنه شاعر كبير وذو رؤيا فقد شاهد موته في قصيدتهالاعب النردب التي نشرها في االقدس العربيب قبل أسبوع فقال: مَنْ أَنا لأخيِّب ظنَّالعدم ؟ مَنْ أنا ؟ مَنْ أنا ؟ لم يخيّب الشاعر فم الفناء الفاغر لكن جسده اخلالمكان لشعره الذي سيفتح الآن صفحة حياته الخاصة التي لا يمكن للعدم انيطالها
.
االقدس العربيب كانت عل علاقة شديدة الخصوصية بالشاعر الراحل الذياهداها الكثير من اجمل قصائده. ها هنا شهادات لمثقفين عرب في رحيله:


الكثيرون سيتذكرون ضحكاته ودموعه المتأثرة بتكريمه في كثير من العواصم العربية
صنعاء ـ الرباط ـ القدس العربي من خالد حمادي والطاهر الطويل سيظلبيننا ما بقيت الكلمة وبقي الشعر عبد العزيز المقالح (شاعر من اليمن) بداية أعتقدأن غياب الشاعر العربي الكبير محمود درويش، لم يكن خسارة للشعر العربي فحسب، بل كانكذلك خسارة للشعر الإنساني كله، فقد كان محمود شاعرا عربيا إنسانيا في شعره وفيمواقفه. وعظمة هذا الشاعر الكبير تتجلى في أنه كان شاعرا بكل ما في الكلمة من معانإبداعية وأخلاقية، فقد كان شاعرا في سلوكه وفي طريقة تعامله، قبل أن يكون شاعرا فيكتابة القصيدة في أرقى مستوياتها، موقفا وفنا. لم يحاول محمود في أي يوم من الأيام،أن يخوض فيما خاض فيه الآخرون، من خلافات وافتعال لمعارك وهمية، لذلك فقد احتفظبمكانته في القلوب، شاعرا وإنسانا، واستطاع أن يكون مدرسة قائمة بذاتها في حياتناالأدبية. عرفته في بداية السبعينيات، واستمرت علاقتي الحميمة به حتى الآن. كان دائمالسؤال عن أصدقائه، أكثر مما يسألون عنه، لا يكف عن مهاتفتهم والسؤال عن أحوالهم،وتلك ميزة نادرة من الكبار.
لم يمت محمود وإنما ماتت همومه وآلامه التي تصاعدتفي الآونة الأخيرة، جراء ما يحدث بين الأهل من اقتتال لا مبرر له سوى الجري المحموموراء سلطة موهومة، ووعود تتبخر كالدخان في الهواء أو كالسراب في الصحراء. محمودأيها الشاعر الإنسان سلام عليك، وستظل بيننا وفي حياة أمتك ما بقيت الكلمة وبقيالشعر. زيتونة المنفى حاتم الصكر (كاتب من العراق يقيم في اليمن) زيتونة المنفىواحد من أسماء محمود درويش التي أطلقت على الشاعر الحي بين الولادة والموت كما أرادقاطعا مسافة المابين بين وهو عنوان الكتاب الذي أصدرته حلقة مهرجان جرش في إحدىدوراتها النقدية مكرسا للدراسات التي تناولته
.
بين الزيتونة والمنفى يتمدد درويشالذي لا يرى نفسه ممكنا بلا منفاه كالمنتظرين برابرة قادمين ضروريين للإفاقة، وفيتدقيق هوية ادوارد سعيد ومرثيته يتحدث عن عالم منشطر بين الهنا والهناك ولسانين لميعد يدري بأيهما يحلم
.
وذلك هو درويش في تفاعلاته الحياتية كلها منشطرا بين مزاجحاد وطرافة دامعة، بين كفاح حقيقي واستراحة هانئة، حب وصراع، أسى وفرح، تحديثوالتزام، استطراد ووزنية، لكن من له في هذا الكون الشعري الفسيح لغة درويش وتوليدهالصور من كل ما حوله، وكيف يؤاخي الصورة والفكرة والعاطفة والواجب والحرية والوطنفي قصيدة يقولها حرة إلا من وجوده الإنساني الذي جعله سفير قضية وطنه بأفضل مما فعلالسياسيون وشعاراتهم وكسب لصف حرية وطنه وعرض حقيقة احتلاله وعنصرية محتليه ما جعلرؤياه رؤية العرب المغلوبين على حرياتهم والأحرار في العالم المنحدر تراجعيا صوبالغابة والتسلط بعصي الأقوياء المطورة
.
ولمحمود درويش مع الموت وشيجة لم تجعلهيتلقاه كواقعة مفاجئة بل هذا هو في آخر نصوصه المنشورة ( لاعب النرد) يرمزه ويداعبهكعهده حين يسأله أن يتمهل وينتظر حتى يعد الحقيبة أو يرصد موته السريري المؤقت فيعملية القلب المفتوح الأولى ويشكل من الموت تجربة فريدة لم تتهيأ لكثير من الشعراءالذين كتبوا استباقا عن موتهم بل هو يصنع معراجا روحيا سماويا يلاقي فيه الشعراءوالفلاسفة هائمين في سديم الأبدية متحولا بدوره (ذرة في العالم العلوي) صانعاجدارية تؤاخي الفن بالشعر كما يؤاخي هو الفكر والنغم ويحفظ للنثر رونقه داخل النصويقول عنه: (أحب من الشعر عفوية النثر والصورة الخافية/ بلا قمر للبلاغة
).
منسوى محمود درويش ينزل الشعر لقارئ أعزل يتصفح كتابا من نور وامرأة عاشقة تصفدهاالعيون، وغزال وحيد في برية الروح، وطفل منتظر عودة الأب في قصيدة، ومنفي بلا غدسوى السراب؟ ربما لن يتكرر صوت درويش في تاريخ الشعرية العربية لا بموتهالدراماتيكي شأن رعيل الشعراء العرب الذين مستهم لعنة الحداثة وغادروا الحياةغاضبين عجلين فحسب، بل ببصمته الفريدة في مدونات المتن الشعري الذي وهبه محموددرويش للقصيدة وفضائها الصوري ولغتها المتفاعلة بالجمال والفن، رغم ثقل الصليبالفلسطيني الذي حمله ماشيا طيلة حياته وفكر قليلا كي يستريح فجاءه نداء القلب الذيتعب من الحياة وتدبر أمره ماكرا بنا في ذلك اليوم الصيفي المشؤوم
.
كثير منجراحنا تفتحت على ألمها الكامن حين نعت الأنباء محمود درويش وكثيرون هرعوا إلىصورهم في الذاكرة أو المخيلة عن زيتونة جميلة خضراء لكنها غريبة في تربة المنفى،وكثيرون استعادوا صورة يوسف الجميل آخر الأخوة في جب التجربة وكثيرون سيسمعون كماأسمع الآن ضحكاته في بهو الفندق بالقاهرة قبل أكثر من عام في مهرجان الشعر العربيالذي نال جائزته ويتذكرون دموعه المتأثرة في مشهد تكريمه المتكرر في أكثر من عاصمة،كما بكى المدن الضائعة في شعره وصنع لها جغرافية جديدة في الضمير ..شعره الذي هوواحد من تجليات حضوره الأبدي في قلب الغياب
.
صداقة عميقة ثريا جبران (فنانةمغربية) فضلت ثريا جبران (وزيرة الثقافة المغربية) أن تقدم شهادتها كفنانة مسرحية،إذ قالت وهي تقاوم حالة التأثر الكبيرة وبكاءها الذي كان يصل مراسل االقدس العربيبعبر الهاتف: اعلاقتي بمحمود درويش تعود إلى أوائل السبعينيات، حيث كنا مجموعة منطلبة معهد المسرح في الدار البيضاء نقدم عروضا مستلهمة من أشعار درويش، تحت إشرافالفنان الأستاذ فريد بنمبارك، ونقوم بها بجولة عبر عدد من الجامعات المغربية. وخلالالسنوات الأخيرة كان كلما أتى محمود درويش إلى المغرب حرصت على تقديم لقاءاته علىخشبة المسرح، مما قوى من صداقتنا العميقة، بحيث كان يشرفني بالحضور إلىبيتي
.
وقبل ثلاثة أشهر جمعني به لقاء رائع على مائدة عشاء في الأردن؛ ضحكناكثيرا، وتأكد لي أنه مفعم بالأمل وبالإقبال على الحياة بشكل سام وراق. هذا اللقاءسيظل راسخا في ذاكرتي ما حييت
.
كنا ننتظر مجيئه إلى المغرب في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل لنحتفي به وبكتاباته ولكن ربنا أخذه بعدما أعطاه لنا. وسيظل دائماحاضرا في وجداننا
.
عُرف عن درويش مواقفه الصلبة التي لا تتغير. كان شعره يضيءأيامنا الحالكة. وكلنا أحب شعره، كلنا اعتبره أكبر رمز للقضية الفلسطينية وللقضاياالعربية القومية. ومن هنا، فرحيله خسارة كبرى لن تعوض للوطن وللأمةوللقضية
.
أعزي بهذه المناسبة كل مثقفي ومفكري الوطن العربي، وأعزي عائلته في رامالله والأردن.ب القاء خاص عبد الحميد عقار (رئيس اتحاد كتاب المغرب) وفاة الشاعرالفلسطيني الكبير محمود درويش ـ ذي الصيت العربي والعالمي اللافت والمؤثر ـ تمثلخسارة كبرى للمشهد الشعري والنثري عربيا وإنسانيا. فقد كان درويش واحدا من أبرزشعراء هذا العصر، في شعره تنصهر وتتلاقح غنائية عميقة متحررة من الرخاوة ومنالبكائية، وذلك في رمزية مثقفة ذات عمق كبير. كما كان في إبداعه الشعري والنثرييمتلك قدرة خاصة على الاشتغال على النبرة الساخرة
.
لقد ملأ بشعره فراغات الروحوالوجدان لدى قرائه وقارئاته، وأشبع فضولهم الفكري والجمالي، بغنى الصور، بكثافةالعبارة، بقوة الإيحاء، بتملكه الخاص ليس فقط للثقافة العربية برمزياتها، بلللثقافات الإنسانية في قيمها الإبداعية والفكرية. تميز محمود درويش، كذلك، بوصفهشاعرا، بإلقاء شعري خاص استرعى اهتمام المهتمين بالشعر، من غير الأدباء والشعراء. في هذا الإلقاء تتضافر الكلمات والعبارات والجمل بصور شعرية وبظلال المعنى، هذاالمعنى الذي يشكل في شعره موضوع بحث واستقصاء وتطلع. لدرويش جانب آخر، هو نضاليتهالثقافية والسياسية لصالح حرية الإنسان والإبداع. ومن خلال ذلك حرية الشاعر وحقه فيالوجود
.
كانت لدرويش علاقة خاصة بالمغرب منذ ثمانينيات القرن العشرين، حيث تعودالمغاربة ممن يتذوقون الشعر على حضور أمسياته الشعرية والقوية والمعبرة والتي لاتكرر نفسها أبدا. مكانة درويش في المغرب وصلة المغاربة به عمقت من الارتباطالوجداني بهذا الشاعر وارتباطه هو بالبلد وأهله
.
لذلك فالخسارة ـ كما قلت ـكبيرة جدا. ولعل آثاره الشعرية العميقة وإبداعاته النثرية المميزة تخفف من هول هذاالرحيل المفجع وتسمح بهذا العزاء
.
أجمل هدية لشعبه عبد الرحمن طنكول (الرئيسالسابق لبيت الشعر في المغرب) مما لا شك فيه أن موت الشاعر محمود درويش خلف أثراقويا في نفوس كل المبدعين والشعراء والمثقفين سواء في عالمنا العربي أو على المستوىالعالمي، نظرا للقيمة الشعرية المتميزة التي طبع بها هذا الشاعر المُنجَز الإبداعيمع نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين
.
ويعتبر محمود درويش منمؤسسي القصيدة الحديثة الملتزمة، فقد استطاع أن يخرج بالقصيدة من القوانين الشعريةالمعروفة خاصة تلك التي عرف بها الشعر الملتزم إبان الأربعينيات والخمسينيات، سواءفي أفريقيا أو أوروبا، بحيث استطاع أن يضع القضية الفلسطينية في قلب الشعريةالعالمية، مع الارتقاء بها إلى أعلى مدارج الإبداع، ما جعله يتبوأ مكانة خاصة فيالمشهد الشعري العالمي. فدرويش ارتبط شعرياً بالقضية الفلسطينية، لكن بإبداعيةكبيرة، استطاع بها أن يعطي لهذا الشعر قوة جعلته يتسامى على مختلف الأجناس الأدبية،فالقصيدة عنده تأخذ تارة لونا نثريا، وتارة لونا رومانسيا أو سورياليا، وهذا ماجعله ينفرد بموقع داخل الخريطة الشعرية العالمية
.
لم يؤثر محمود درويش في الشعرالفلسطيني والعربي والمغربي فقط، وإنما أيضا في الشعر العالمي، أينما حل وارتحل. كان يحمل وطنه في يده، ويحمل قصائده في قلبه، ليجعل منها فضاء للتلاقي والتلاقح بينمختلف أصوات الشعوب التواقة للحرية والانعتاق. وباختياره للغربة فإنه ـ في الحقيقةـ اختار أن يعطي للشعب الفلسطيني والإبداع الفلسطيني موقعا على امتداد الكرةالأرضية، فكان بذلك أحسن سفير للنضال الفلسطيني، وهذا ما جعل المهتمين يترجمون شعرهإلى مختلف اللغات
.
لقد كان درويش محبوبا عند الشعراء والكتاب العالميين، وكانمحط إعجاب عند السياسيين، لأنه لم يسجن قضية وطنه في شعارات مستهلكة أو مفاهيمدغمائية، بل جعل هذه القضية قضية إنسانية، واستطاع بذلك أن يخلدها في سجل من ذهب،من غير أية نزعة شوفينية، لأن حلمه الوحيد كان دائما هو أن يمنح للإنسانية قصيدةتعمق النظر في عتمات الآتي ومتاهات المجهول لتنير الطريق أمام الإنسانية
.
ولاأريد أن أختم هذه الشهادة دون أن أشير ـ مرة أخرى ـ إلى التأثير الذي أحدثه درويشفي القصيدة المغربية منذ الستينيات إلى اليوم. ومن غير أن نضفي أي طابع تقديسي علىشعر درويش، فيمكن لأي متتبع أن يقول ببساطة إن اسم هذا الشاعر سيظل ملتصقا بحداثةالشعر العالمي. وهذا الأمر في حد ذاته يعتبر أجمل هدية قدمها لشعبه وللإنسانية. وموته بعيدا عن فلسطين، في بلاد الغربة والاغتراب، له دلالات رمزية ستحفر لمدةطويلة في ذاكرة الشعر الإنساني
.
وإذا كان الشاعر الفرنسي أراغون قال إبان مقاومةالشعب الفرنسي للنازية: اافتحوا قلبي.. تجدوا فيه باريس'، فدرويش يقول لنا وهو فاتحقلبه: القد حملت فيه الإنسانية وجعلت منه موطنا لكل الغرباءب
.
بعدك ثمة بكاءكثير شوقي شفيق (شاعر يمني) برحيلك أيها الصديق الكبير يفقد مثلث الكبار الأخير أحدضلوعه المهمين. مثلث الكبار الذي أقصده هنا هو مثلث: أدونيس ـ سعدي ـ درويش. هلأعزّي نفسي وأترابي من الغاوين إياك في اليمن، أم أعزّي العربية وشعراءها، أم أعزّيشعراء العالم بذهابك
.
كم أنت كبير برحيلك! وكم نحن يتامى لفقدك! بوقت طويل ستعجزالكلمات عن توصيفك ووصفك. ولزمن طويل، طويل، ستعجز العربية عن تعويضك. لن ننساك بينفراشتين، ولن تسافر الغيوم كي ما تشردك بعد الآن، فأحمد العربي الذي كنته أو صنعتكينونته سيظل فينا رمزا للحياة كما ينبغي للفلسطيني أن يكون
.
أنت لم تعدفلسطينيا؛ أنت صرت عالما في عالمنا، محيطا تتراكض إليه مياه بحارنا وبحورنصوصنا
.
أيها المعلّم الأكبر، يا ساحرنا الذي علمنا ريتا وبندقيتها، والزعترالبلدي، والمزامير الأولى وتفاصيل البلاد
.
أب في الشعرية العربية لا نعوضه ولانستعيض عنه
.
بعدك، ليست ثمة أغنية في البال، ليس ثمة كلام؛ ثمة بكاءكثير
.
قرر أن يكون الأعلى نبيلة الزبير (شاعرة يمنية) إذا كانت الكتابة أيا كانمجالها قهراً وتحدياً للموت فإن الشاعر العملاق محمود درويش قهر الموت بطاقة أوبإبداع ما يعادل عشرات الشعراء. بمعنى أنه لا خوف عليه من حادثة عابرة كهذه، وإنكانت حادثته اليومية الأخيرة، التي يطلق عليها اسم الموت
.
هذا الهزيل الذي سخرمنه مرارا وعطف عليه وناجاه وخاطبه، يكفيك أنه آخر الأمر قال له: تعال، ربما لم يكنيدعو صديقا، اسمه الموت لكنه على أية حال ليس العدو الذي اسمه الإعاقة، تكفيك هذهالشجاعة، في اتخاذ القرار وهذه القدرة على تقريره، أيهما القاتل أن يقعد فوق الحياةمعاقا يستثير العواطف أم يمشي إلى الخلود، مستحثا كل الإعجاب والتقدير، شخص منذالبداية قرر أن يكون الأعلى، حتى على الموت. أي حياة هنالك خلف ظلال التخيل! د. ابتسام المتوكل (شاعرة يمنية) مات محمود درويش! خبر حيّر القصيدة ووارى الكلمات. إذن أمام بلاغة الموت ماذا بوسع الأحرف الشاحبة أن تقول؟ وكيف لها أن تتجسد وأنتكتسي بالحياة؟ إنه الموت ثانية يعود ليجيب درويش القصيدة والحياة ليقول (أنا هنا،ولا أهزم!) فتبدو عبارة درويش (هزمتك يا موت) طفوليّة جدا ولا علاقة لها بمنطقالنهايات وصرامة الموت. الموت ليس عدوا لأحد ولا هو بصديق لأنه موظف مخلص جدا ويقومبعمله في صمت، ولهذا فهو لم يكن يرد على درويش أو يترصده. إنه فحسب كان ينتظر أنيأتيه دونما مقاومة ودون اعتراض
.
هل مات درويش حقا؟ نعم على الأقل هذا ما تقولهالأخبار وتتناقله وسائلها. ولكن درويشهم الذي مات غير درويشنا فهو حي لا يموت. درويشنا شأن كل الشعراء الحقيقيين لا يموت لأن شعرهم يخلدهم وهم منذ اقترفواالقصيدة منذورون للبقاء
.
وهكذا فدرويش منذ عرفت قصائده خصوصيتها وصار هنالك فيالقصيدة العربية نزعة درويشية أمكن للشاعر فيه أن يركن إلى الخلود تحت فيء الكلام .. الكلام الذي ليس يعبر.. الكلام الذي يمر ليبقى ليحفر في الروح موقعه ويغرس فيروابي التذكر أشجاره
.
يا لدرويش شاعرا عظيما كسبته القصيدة واستكان إلى مجدهاشاعرا أنه قد خط صورته في الحروف التي صارت رفيقته وبها أدرك أي سر تحملهالاستعارات وأي حياة هنالك خلف ظلال التخيل
.
سلام عليكت ولك سلام على الشعروالبهجة الممكنة
..
سلام على تربة أنجبتك وأنت تمرست في عشقها سلام على كل حرفوكل القصائد وكل الوطن
.
اسم عالمي حسن مخافي (أستاذ جامعي وناقد من المغرب) محمود درويش يعد علامة بارزة في مسيرة القصيدة العربية الحديثة، وينتمي إلى شعراءالجيل الثاني في مسيرة هذه القصيدة. وقد عرف في النقد العربي الحديث بوصفه شاعراللمقاومة؛ ولكن هذا لا يحجب شعرية القصيدة عنده، حيث عمد طيلة حوالي خمسين سنة فيمسيرته الشعرية إلى تطوير هذه القضية. ومن هذه الزاوية لا يمكن الحكم على شعره حكماعاما، بل إن التطور الذي خضع له يجعل من هذا الشعر مدرسة متجددة. ولا يعني هذا أنالشاعر قد خضع لنوع من التجريب، بقدر ما عمل على تطوير نفسه باستمرار، ولذلك اندرجشعره في البداية (خلال الستينيات) في إطار ما يسمى القصيدة الملتزمة، وفي إطار هذاالمفهوم اشتغل محمود درويش على إبراز القضية الفلسطينية شعرياً، دون التفريط فيمقومات القصيدة لغة وصورة وإيقاعا
.
ثم تلت هذه المرحلة ما يمكن أن نطلق عليهاالقصيدة الملحمية'، التي عرفت عنده بالقصائد الطوال المعروفة أو ما يمكن أن نسميهالقصيدة/ الديوان. ومن أمثلة هذه الأعمال امديح الظل العالي'، 'بيروتب وغيرها منالقصائد التي تستغرق دواوين شعرية بكاملها
.
لتأتي المرحلة الثالثة التي عاد فيهامحمود درويش إلى استبطان الذات ضمن محيطها الوطني والقومي والعالمي. ومن هنا عادإلى كتابة السيرة الذاتية الشعرية، واحتاج ـ لأجل ذلك ـ إلى التخلي ظاهريا عنطريقته القديمة، محتفظا بجوهر القضية عنده الذي هو القضية الفلسطينية. كما استندفنيا إلى توظيف الإمكانات التي تتيحها قصيدة النثر، دون أن يكتب هذه القصيدة، لأنشعره ظل موزونا، ولكن بتنويعات كبيرة، جعلته ينخرط في تجديد الإيقاع الشعري العربيبما يسمح بابتكار إيقاعات جديدة خارج أوزان الخليل وخارج إكراهات تفعيلاته. وقد بدأهذه المرحلة الثالثة بديوانه المؤسس الماذا تركت الحصان وحيدا؟'، وأتبعه بمجموعة منالدواوين الأخرى
.
وطيلة هذه المراحل الثلاث التي تختزل مسيرة محمود درويشالشعرية ظل مشدودا إلى قضيته التي كان يعتقد أنه وُجد لأجلها، أي القضيةالفلسطينية. كما أن لدرويش اجتهادات إبداعية خارج الشعر، تتمثل في نثره الذي لا يقلشعرية عن قصائده. ويتمثل ذلك أساسا في يومياته ورسائله ومقالاته المتعددة التي نُشربعضها في مجموعات، ويبقى على المهتمين وأصدقاء الشاعر أن يجمعوا ما هو منثور منهافي المجلات والصحف ولم يظهر ككتب
.
إن وفاة محمود درويش خسارة كبيرة للشعر العربيخاصة وللشعر العالمي عامة، فقد ترجم إلى عدة لغات، وأصبح بذلك اسما عالميا وكونيا،بقدر ما هو اسم فلسطيني. وأتصور أنه لو أمهله الموت لسار بالقصيدة العربية الحديثةشوطا جديدا آخر، ولكن عزاء المثقفين والنقاد والشعراء العرب هو أن درويش ترك لهتلامذة في جميع أصقاع العالم العربي من المحيط إلى الخليج، ممن سيحملون لواء الشعرالعربي إلى العالمية
.
ولادة جديدة أسامة اسبر ( شاعر من سورية) جاء موت محموددرويش كصدمة. منشأ هذه الصدمة أن الشعر العربي خسر إحدى قاماته الكبرى، ولكن موتالشاعر في الوقت نفسه إعلان لولادة من نوع آخر، لقد توقف القلب واستعادت الطبيعةعناصرها البيولوجية،ولكن محمود درويش ظل ينبض في الطبيعة الثانية التي يبتكرهاالفن، وهذه ولادة جديدة للشاعر، ولادة في الضمائر وفي الأذواق وفي توق الثقافةالعربية المغايرة إلى المحافظة على استمراريتها. لقد كان محمود درويش شاعراً ذاطبيعة مختلفة في نسيج الشعر العربي، وبوسعي أن أسميه شاعر القضيتين، القضية الأولىهي الجرح الفلسطيني الذي ظل يسكن جوهر تجربته الشعرية والفكرية، هذا الجرح الذي جعلالشاعر محافظاً لقضيته وعلى تجديده للصوت الفلسطيني المخنوق تحت الاحتلال. أماالقضية الثانية فهي إخلاص محمود درويش للعناصر الفنية التي تجعلنا نقول عن كلام ماأنه شعر يختلف عن الكلام العادي، وفي التوحد بين قضية الفرد وقضية الإنسان ولدتقصيدة محمود درويش وستظل مستمرة عبر الأجيال والأزمنة مع الإبداعات الشعرية الكبرى،وبهذا المعنى نقول أن محمود درويش لم يمت
.
هازم الموت هالة زرقا ( شاعرة منسورية) يبدو أن محمود درويش قد هزم الموت في لغته مرات عدة، فالشعر هو تمرين علىالحياة، هو الذي كان في كل نص أو كتاب يستخدم كل الميثيولوجيات القديمة ليؤكدحضوره، حضورناس وانتماءنا إلى هذه الأرض التي نُنفى عنها قسراً
.
محمود درويش كانالمعلم الأول لجيلنا، في الحب وفي عشق الوطن، وفي مقاومة إحساسنا بالغربة والوحدةفي هذا العالم القاسي. لذلك لا أعرف إذا كان يحق لي أن أقول له: عليك أن تعتذر الآنعما فعلته بنا !.







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس