عرض مشاركة واحدة
قديم 09-04-2008, 12:58 AM رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: على بوابة الوحي

( وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّح)
الأقضية تقوم على أمرين إما حكم وإما صلح، فالحكم قضية عادلة وحكم نافذ، وقد يترك في نفس أحد الخصمين اثراً، فإن الحق لا يرضي الطرفين كما قال الأول:

إن نصف الناس أعـــــــداء لمن

ولي الأحكــام هذا إن عـدل

ولكن الصلح خير، فهو احسن أثراً، وأسلم عاقبة؛لأنه يبني على كرم النفس، وسماحة الطبع، فهو يأتي عفواً بلا حكم صادر من أحد، بل من جودة السجية، وحسن الخلال ، فالذي يسعي بالصلح مسدد معان محببوب؛ لأنه يريد البناء والخير، ولهذا قال شعيب: ) إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْأِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ).

عفا عن ظلمه في عرضه، فالصلح خير علي كل جهة أردت؛ لأنه يندم على الصلح أحد، إذ يعوض الله قابل الصلح سكينة وأمناً، وبرد عفو ولذلة كرم، يجدها في قلبه، لأن المصالح كريم، والكريم واسع البطان، رحب الباع، منشرح الصدر، بخلاف رافض الصلح فإنه يعاقب بحرج في صدره، وضيق في نفسه، جزاء وفاقاً لعمله.

واعتبر هذا بالبخيل والجافي الغليظ واللحوح الشحيح، ففيه من جدب النفس، وقحط الروح، وضيق الخلق، ما يفوق الوصف مجازاة لفعله الشنيع.

وما أجمل هذا التعقيب الباهر الساطع: ( وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ ) وهو تحذير للنفوس من هذا المرض الذي يصحبها ، ويغلب عليها فلا تقبل صلاحاً، ولا تعفو عن مظلمة، ولا تتنازل عن حق، ولا تعطي نوالاً إلا من رحم الله، ولكن في قوله: ( وَأُحْضِرَتِ) صورة حية لحضور شبح الجاثم القاتم، وكأنه ليل مكفهر، حضر بأسماله السوداء ووجه العابس.

ثم ذكر الأنفس لأنها مصدر الخير والشر، والجود والبخل، فمن حجث نفسه بالمعروف قبل الصلح وسعي إلى المسامحة ، ومن بخلت نفسه وظنت ضيقت على عباد الله، وسعت في استيفاء حقوقها بشراسة وعناد وفي قوله: (الشُّحَّ ) إشراق في العبارة؛ لأن الشح غاية البخل ومنتهاه، وهو اشمل من البخل الذي هو منع العطاء، وحبس التدفق، يزيد بترك العفو، ورفض المسامحة، والسعي في المطالبة والمعاتبة والمضاربة حتى قال ابن تيمية: المؤمن الصادق لا يضارب ولا يعاقب ولا يطالب، وإنما يمنع الإصلاح، قبول شح الأنفس الأمارة، ولهذا حسن أن يزف في سياق الآية، فمن نجا من شح نفسه عاش صالحاً مصلحاً، فصار كالغمامة أينما حلت هلت، فهو جواد عن الخصومة، سهل عفو عند المنازع، يسير عند الجدال، صفوح عن المعاتبة، بخلاف الشيحيح فهو بخيل بنواله، ثقيل في مطالبه، عنيد في خلافه، شرس في طباعه، وصدق الله: ) وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس