(وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ)
الأفاك هو الكاذب في قوله: والأثيم هو الفاجر في فعله من جمع هذين الوصفين
استحق الخزي والويل ؛ لأن من هذا فعله فهو غاو منحرف، فالكذب واختلاف الأقوال وقلب الحقائق والزور في الحديث، دليل على مهانة صاحبه وخسة طبعه وحقارته.
والفجور وعدم مراعاة عهد الله وميثاقه وحفظ حدوده برهان على مرض القلب وفساده.
وإن من أعظم الذنوب الكذب ، فهو اصل النفاق وماؤه ومادته ، لا أمان له ولا نور عليه، ولا حجة معه؛ لأنه زائف دجال ، والأثيم منتهك للمحرمات، جرئ على الحمي، لا يردعه دين ولا تحميه قيم، وفساد الناس مرجعه إلى الكذب في الأقوال، والفجور في الأفعال، فالكذب ينتج الزور والافتراء والبهتان واليمين الغموس مع ما يتبع ذلك من قلب الحقائق والتضليل على الناس، واللعب بالأحكام وتشويه الأخبار، مع توليد الشائعات وتصوير الزيف الرخيص، والفجور ينتج منه سفك الدماء ، وسلب الحقوق ، ونهب الأموال ، وارتكاب الفواحش، فعاد الفساد في العالم إلى هذين الوصفين الأثيمين ، فحق على من نصح نفسه وأراد نجاته من البوار أن ينقذ نفسه من مغية الكذب والفجور بتحري الصدق واستحباب التقوي، ليحصل للعبد الأمان من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، إن مواهب الدنيا من مال وولد ومنصب وجاه لن تنفع صاحبها ما لم يركب قارب النجاة من الصدق مع الله، وردع النفس عن هواها ، والقيام بأمر الله في الأقوال والأعمال، ويكفي تهديداً ووعيداً قول جبار السماوات والأرض: )وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ) .
فما بعد هذا من زاجر وليس وراءه من واعظ، إن قائمة الكذبة والسحرة والكهنة وشهود الزور تندرج تحت عنوان الأفاك، وإن قائمة القتلة واللصوص والزناة وأهل السكر والنهب تنضوي تحت كلمة اثيم ، فمن جمع الإفك والإثم فقد جمع الخسران، وحق عليه البوار ، وكتب عليه الشقاء، جزاء قوله الشنيع، وفعله الفظيع، وما ربك بظلام للعبيد.