عرض مشاركة واحدة
قديم 09-04-2008, 01:08 AM رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: على بوابة الوحي

( هَيْتَ لَكَ )
تقول امرأة العزيز ليوسف عليه السلام: هيت لك، قال: معاذ الله، وكلمة هيت لك فيها من الجذب فيها من الجذب والإغراء والفتنة ما يقود النفس الأمارة للاستجابة ، ولكن الله سلم وعصم ولطف.

ويا لمقام يوسف، وقوة يوسف، وصلابة عزيمته وجلالة نفسه يوم هزم هذا الإغراء الفاتن بالكلمة الطاهرة الخالدة، معاذ الله ، وياليت كل مسلم إذا ماجت أمامه الفتن وتعرضت له الإغراءات أن يفزع إلى من: معاذ الله، ليجد الحفظ والصون والرعاية، ويحتاج المسلم كل وقت إلى عبارةك معاذ الله ، ليجد الدنيا بزخرفتها وزينتها ناديه: هيت لك، والمنصب ببريقه وطلائه يصيح: هيت لك، والمال بهالته وصولته يقول: هيت لك ، والمرأة بدلالها وحسنها وسحرها تعرض نفسها وتصيح: هيت لك، فمن ليس عنده معاذ الله ماذا يصنع؟*!

وإن الفتنة التي تعرض لها يوسف لهي كبرى، وإن الإغراء الذي لقيه لهو عجيب ، فهو ـ عليه السلام ـ شاب عزب غريب في الخلوة وفي أمن الناس؛ لأنها زوجة الملك، ثم هي مترفة متزينة ذات منصب وجمال وشرف ومال، وهي التي غلقت الأبواب ودعته إلى نفسها فاستعصم، ورأي برهان ربه ونادي: معاذ الله ، فكان الانتصار على النفس الأمارة والهوي الغلاب، فصار يوسف مثلاً لكل عبد غلب هواه، خاف ربه، وحفظ كرامته، وصان عرضه.

ونحن في هذا العصر بأمس الحاجة إلى مبدأ : معاذ الله ، فالمرأة السافرة، والشاشة الهابطة، والكلمة السافة، والمجلة الخليعة، والأغنية الماجنة؛ كلها تنادي هيت لك، وجليس السوء ، والصاحب الشرير، وداعية الزور، وشاعر الفتنة؛ كلهم يصيحون هيت لك، فإن وفق الله وحصلت العناية، وحلت الرعاية صاح القلب صيحة الوحداني: معاذ الله.

إبليس يغريني ونفسي والهوي

مــا حيلتي في هذه أو ذاكا

ولنا في التاريخ المحفوظ مطالعة في سير الأبرار، فمنهم من تعرضت له السلطة ، ومنهم من دعته الوزارة، وثالث طلبه المال، ورابع طاردته الشهوة، وآخر تعلقت به الدنيا، وكلهم فر وهو يقول: معاذ الله؛ فكان جزاؤه عوضاً أغلي، ومنزلاً أعلي، وعطاء أحلى، ورفعة عند ملك الملوك الذي ملكه لا يبلي، وخزائنه لاتنفد ، وجاره لا يضام،في مقعد صدق عند مليك مقتدر.


(وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ)
المنافقون يهتمون بالظاهر على حساب الباطن، أجسامهم روية، وقلوبهم خاوية، ظاهر مغري، وباطن مخزي، في العلن رجال وفي الخفاء خفافيش، ألسنة حالية ونفوس مريرة، فأول ما تشاهده منهم طلعات بهية، وهياكل قوية، وعضلات مفتولة، وسواعد مشدودة ، شبع وسمن، ودعاوى عريضة، وتمدح أجوف، ولكنهم يحملون هماً ساقطاً، وعزائم منحطةن ونيات خبيثة، ومرادات قبيحة، مرض ينخر في قلوبهم، وشك يعصف بنفوسهم، وخواء يعشعش في ضمائرهم، أما ألسنتهم فهي اسواق لبضاعة الكذب، ومتاحف للزور والبهتان، وأما قلوبهم فأطلال باليه أقام بها النفاق، وحل بها الكفر، وملأها الرجس.

إن المسألة ليست بالصور والهندام وجمال الأشكال وبهاء الهياكل ، ولكن المسألة مسألة قلوب تبصر النور، ونفوس تفيض بالخير، وسجايا تشع بالفضيلة.

إن من يرتاب في أمر الله، ويشك في دينه، ويعرض عن عبادته ،ويحارب رسله، ويعادي اولياءه، ويسخر من عباده لهو أولى الناس بالنبذ والإذلال والإهانة ؛ لأنه خبيث النفس، خائن الضمير، ميت الإرادة.

إن هؤلاء الذين تعجبك أجسامهم إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى، ولا يذكرون الله إلا قليلاً، ولا ينفقون إلا وهم كارهون، فهم اضعف شيء عن الطاعات، وفعل الصالحات ، وأداء الواجبات، ولكنهم أقوياء في اقتطاف الشهوات، وتصيد اللذائذ، وركوب المعاصي.

إن الله لا ينظر إلى صورنا ولا إلى أجسامنا ، ولكنه ينظر إلى قلوبنا وأعمالنا، فلا يغرك جسم لا قلب فيه، وهيكل لا روح فيه، وجثمان ليس به حياة:

لا باس بالقـــوم من طول ومن عظم
جسم البغال وأحلام العصـافير

وعلينا النظر إلى الحقائق ومعادن الناس وأخلاقهم وصفاتهم:

خذ بحد السيف واترك نصلــه

واعتبر فضل الفتي دون الحلل

إن الرجال لا يقومون بالثياب ، وإن العظماء لا يقاسون بالأشبار، ولا يوزنون بالأرطال، ولكن قيمتهم عملهم الصالح، وقياسهم أخلاقهم الجميلة، ووزنهم تاريخهم المشرق.

إن شعرة في رأس عبد الله بن مسعود؛ الصحابي خير من مليون رجل من أمثال عبد الله بن أبي سلول؛ المنافق السمين البدين البطين، وإن ظفر بلال بن رباح أفضل من جيش من أمثال أبي جهل الضخم الفخم المريد الرعديد، لأن المسألة مسألة إيمان وفقه وصلاح وتقوى لا لحم ولا عظم ولا شحم ولا دم.


(وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ)

المطففون صنف من الناس يستوفون حقوقهم من الناس ولا يوفون الناس مالهم بل يبخسونهمن فحقوقهم على الناس وافية كاملة، وحقوق الناس عليهم ناقصة، إن كان الحكم لهم رضوا وقبلوا، وإن كان عليهم نفروا وأعرضوا، لهم مكيلام في الأحكام والأقضية والحقوق، فهم ومن أحبوه محقون دائماً، مبرؤن أبداً، أعرضهم محمية، واشياؤهم محفوظة، وأموالهم محصنة، وسواهم مبطلون، متهمون ، لا حق لهم ولا حفظ ولا رعاية.

إن كالوا أو وزنوا لأنفسهم فالزيادة لهم، وإن كالوا أو وزنوا لغيرهم فالنقص لسواهم، إن حكموا في قضية فالحق معهم، وإن حكموا على غيرهم ظلموا وجاروا، إن جادلوه دائماً، فهو مبطل متعد لا دليل له ولا حجة.

إن كتبوا التناريخ والسير فالثناء لهم، والمدح ينهال عليهم وعلى اشياعهم ، والسب والنقص لمن خالفهم، العالم المقصر إذا احبوه فهو وحيد العصر وفريد الدهر، والعالم المتقن المحقق إذا كرهوه فهو ضعيف واهم، الخطيب الثقيل البارد من أصحابهم مفوه مصقع ، والخطيب البارع الأعجوبة إذا خالفهم فهو ذو عي وبرود وسماجة ، الشاعر الهزيل من شيعتهم فذ باقعة، والشاعر العبقري من أعدائهم متكلف متصنع، إن أحبوا سلطاناً ظالماً فهو عندهم بركة العصر وريحانة الدنيا، وإن كرهوا سلطاناً عادلاً فهو الغاشم الظالم، أدلتهم صحيحة أبداً ضعيفة ساقطة ولو كانت قوية محكمة ، يرون سيئاتهم هم حسنات ، ومناقب غيرهم مثالب، من مدحهم ولو بالباطل فهو صادق وبالحق ناطق، ومن نقدهم ولو بالحق فهو كذاب آثم.

إن أخطأ أحدهم فهو مأجور، وذنبه مغفور ، وسعيه مشكور، وإن أصاب من خالفهم فهو مأزور لا معذور، الورد في بستان من أبغضوه شوك، والحنظل في حديقة من أحبوه ياسمين، إن يكن لهم الحق يأتوا مذعنين، وإن يكن عليهم يتولوا عنه معرضين، يحكمون لأنفسهم قبل سماع الدعوى وعرض الحجة، ويحكمون عاى من سواهم قبل قيلم البينة وحضور الشهود، حبيبهم إذا أخطأ قالوا: التمس لأخيك عذراً، وعدوهم إن اصاب قالوا: لن نستطيع عليه صبراً؛ (أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ) .






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس