عرض مشاركة واحدة
قديم 12-20-2013, 09:47 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: إليك سيدتي من غربتي


مضى الوقت الذي كنا نتلهف إليه سريعا كما تمضي الشمس وقت الغروب إلى مخبئها ، بالأمس القريب كنت في بيتنا الصغير ، واليوم ها نحن نبتعد كبعد المشرقين ، فلا تتلامس المشاعر ولا تتحسس القلوب بعضها بعضا ، ولا تأسرني تلك الألفاظ من ثغرك ، ولا تلك النظرات الحانية من عينيكِ البارقتين في سماء وجهي ، ولا استنشق عبير عطرك الأخاذ سيدتي ، ولم يبق لي سوى صدى تلك الأحاديث التي كلما تذكرتها أضاءت جوانب قلبي ، فكل ابتسامة يتذكرها القلب تُقشع بنورها ظلماته وتخفف من لوعته وشدة آهاته .
جار البعد علينا كثيرا سيدتي ، فلا تلتقي النظرات ، ولا تمتزج التنهدات وكأنها تحاكي ذاك الشهيق القلبي ، فهاهي سمائي لم تعد صافية كما كانت بجوارك ، ولم يعد ذاك النسيم العليل الذي ينعش القلب ويدعوه للتفكر في محياكِ الباسم ، ولم تعد نظراتي للحياة صافية كما كانت، بل يشوبها غبش غير معهود ، ولم أنظر للأزهار بعدك إلا وجدتها حزينة وكأنها تستمد من حزنك على الفراق مددا ، ومن همي من البعد هما سرمدا .
حملتني الطائرة كي أرحل عنك ، لأعود لتلك المكابدة المعهودة وتعودين لذات الأمر ، ونبدأ مشوار الشوق من جديد وكأن لقاء الأمس لم يكن من عهد قريب ، كم أبغض هذا البعد ، ولا أرى فيه حسنة إلا حسنة واحدة ، أتعلمين ما هي سيدتي ؟
إن تجدد الاحتراق من لهيب الشوق في قلبي ، يرسم لي طريقا طويلا أخطط له بكل قواي العقلية والقلبية ، لذلك اليوم الذي نلتقي فيه من جديد وتأزني له روح الاشتياق أزا .
كم يحزنني عندما أتذكر ليلة سفري وأنت تغالبين دمعكِ وتتبسمين مرغمة ، وكأنك لا تعلمين أن المشاعر لا تكذب ، فيكف يخفى ذلك على قلبي ! ولكن لتعلمي أني لو كشفتُ لكِ عن ذلك البركان المتأجج في داخلي لعلمتِ أنه قد نالك نصيب وافر من سعادة الحظ ، لرأيتِ أنكِ أروح بالاً مني سيدتي، فأنت هنا في هذا البيت الذي جمع لنا من الذكريات الجميلة التي نعشقها ، فهو المؤنس لك ، فهنا نجلس ، وهنا نأكل ، وهنا نتحدث ، فكل شيء حولكِ له ذكرى جميلة محفورة في القلوب ، وأنا لا أملك في غربتي شيئا من هذا، ففي غربتي غريب وفي حسرتي وحيد ، فشتان بين همكِ وهمي .
ما زالت كلماتك ماثلة في مسمعي ، تأمرينني بالصبر والجلادة على الفراق ، وإن ذلك من شيم الرجال ، وأنا أتظاهر أمامك أني ذاك الرجل الصبور ، ولكن عندما تتراكم علي هموم الغربة وغموم الوحدة ، تخور قواي عن مجابهة الأحزان على فراقكِ ، سأتحلى بالشجاعة القلبية الداخلية والظاهرية ، وسأبذل قصارى جهدي أن لا أتذكر إلا الذكرى التي تشُدُ من عزيمتي وتجدد فرحتي .
سأحاول جاهدا سيدتي أن أكتم الأحزان وألجمها بلجام الصبر ، وأجعل ذكراك عونا على ذلك ، كي أجد في فؤادي المكلوم لذة الاشتياق إليكِ،فأعينيني بقوة ، وآتيني من تلك المشاعر الصادقة ، وأمُري قلمكِ أن يرسل جيش المشاعر الوفية على ظهر الورق ، ولتُحمل إلي فإنها خير معين على آلام الغربة المُبرحة.






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس