...... وقوله (( أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ )) أي : وصى جميع الأنبياء على الائتلاف والجماعة ونهاهم عن الإفتراق والاختلاف ..... ومن هنا نعلم أنَّ هذين الأصلين أتفقت عليهما جميع الشرائع و أمر بهما جميع الرسل من لدن أولهم نوح عليه الصلاة والسلام إلى أخرهم محمد ( r ) وهذان الأصلان هما :
أولاً : توحيد الله عز وجل وهو أفراد الله بالعبادة دون سواه .
ثانياً : الحرص على وحدة الأمة و عدم التفرق في الدين بإقامة أسباب الائتلاف وترك أسباب الإختلاف ، و لهذا ذم الله عز و جل الفُرقة في غير آية من كتابه عز و جل كقوله تعالى } وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَةُ { [1]، و قوله تعالى } وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ { [2]، وقوله تعالى } إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شـِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ
ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُون {َ [1]، وقوله تعالى : } إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ، وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ { [2].
وقد أخبر الله عز وجل في الآية الأولى من هاتين الآيتين أنَّ وحدة الأمة من العمل الصالح الذي أمرت به الرسل في الآية التي قبلها ، حيث يقول تعالى } يَا أَيُّهَا الرُّسُـلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحـاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ { [3]، } وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ { .
فيستفاد من الثلاث الآيات معاً :
أنَّ العمل الصالح الذي أمرت به الرسل جميعاً ينبني على أمرين أثنين :
أولاً : توحيد الإله .
ثانياً : وحدة الأمة .
( 8 ) سورة الأنعام : 159 .
( 9 ) سورة الأنبياء : 92 .
( 10 ) سورة المؤمنون : 51 .
( 6 ) سورة البينة : 4 .
( 7 ) سورة الشورى : 14 .