عرض مشاركة واحدة
قديم 04-17-2009, 08:29 AM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: اعجبتني .. اضحكتني ... ابكتني .

أبو كريشه

يكتبها: د. فهيد الحماد


////
كان أبو كريشه يعيش في الصحراء لكنه قبل ثلاث سنوات نزل الى المدينة.. كان في الصحراء مثل الغصن.. لكنّه الآن أصبح أبو كريشه.. سأشرح ليش.. لا يعمل.. يحصل على ما يقارب ثمانية آلاف ريال في السنة من الضمان الاجتماعي.. يدفع منها إيجارا للبيت.. والباقي ينفقه على نفسه وزوجته وعياله الكثيرين.. لذلك هو مترف.. من المترفين.. فسياراته كثيرة وفخمة ومتنوعة.. ولو قدر أن يشتري طائرة صغيرة لرسخت قدمه بالترف.. مع أنّه يحاول.. بيته قريب من قصور الأفراح.. أكثر من عشرة قصور أفراح.. في الصيف كل ليلة يمشي إليها على قدميه.. يلبس مشلحه.. ويركّز عقاله فوق شماغه.. ويروح إلى الأوّل.. ثم الثاني.. ثم الثالث.. هاكذا.. مع أنه ما كان ولا مرّة من المدعوين.. يروح هناك يتعشّى.. أحيانا يتعشّى في أربعة قصور.. فالعشاء في قصور الأفراح نعمة من الله ما يجب أن تذهب هباء من دون أن يتمتّع بها.. لا أحد يعرفه ولا هو يعرف أحد.. مشلحه وجلسته الراكزة.. تجعله دايما في أحد الكراسي القريبة من صالة الطعام.. حتى يكون مع الدفعة الأولى.. مئة ليلة وليلة.. تقريبا.. من كل سنة.. بعد اكتشافه لقصور الأفراح.. وهو يتعشّى على الأقل ثلاث مرّات كل ليلة..
في تلك الليلة تعبت أسنانه ومعدته ومرارته وطحاله وكبده وأمعاؤه.. تعب كل جسمه.. فحدث ما يلي..
بعثت المعدة رسالة إلى العقل.. يمكن رسالة جوّال.. ما أدري.. «فضيلة وسعادة العقل.. إنت شيخنا وكبيرنا.. صاحبنا أتعبنا.. الليلة الماضية من صلاة العشاء إلى منتصف الليل ونحن نستقبل أشياء غريبة.. أظنها لحم ورز وكوسة وبيدجان وبيض وأشياء أخرى ما نعرفها.. هاذا غير النهر الأسود.. يقولون إنه ببسي.. وإنت شيخنا.. وحنّا تعبنا.. نرجوك أن توقفه عند حدّه...».. بعد ذلك استلمت رسالة من العقل «العزيزة المعدة.. استلمت رسالتك الكريمة.. ما تدرين كم أتتألم.. لكنه.. صاحبنا.. للأسف أعطاني إجازة مفتوحة.. الآن أنا ما عندي أي صلاحيات.. أرجو أن تتصرفي أنت ما ترينه مناسبا.. فأنت في مقام الوالدة.. و أرجو العذر والسموحة».. فكّرت المعدة.. وبعثت برسائل كثيرة.. خاصة لأعضاء المجلس الهضمي.. تذكّرهم بأنها تقوم بالرئاسة.. نيابة عن العقل.. خاصة أن الرئيس العقل في إجازة مفتوحة.. وأنها تحب أن تتشاور معهم في إيجاد حلّ للمشكلة.. أشارت عليها العيون «والدتنا العزيزة نقترح عليك يا غالية أن تكتبي لأختنا اليد اليمنى.. حسب شوفتنا فهي اللي تنقل الأشياء من الأرض إلى الفم.. اكتبي لها حتى تتوقف.. هاذا هو الحلّ حسب رؤيتنا.. ونرجو أن تسرعي بذلك لأن صاحبنا طاير الآن إلى صالة الطعام.. حتى إن أخونا الخشم قال لنا من شوي إنه بدأ يشمّ رائحة الطعام.. وخواتنا الأذنين يقلن إنهن سمعن صوت يقول.. تفضّلوا الله يحييكم.. ودمتي بمعزة.. الله لا يحرمنا منك يا غالية... بناتك العيون».. بعثت المعدة برسالة لليد اليمنى خاصة لمّا اقتنعت برأي العيون وشاورت المصران الغليظ «ابنتي العزيزة اليد اليمنى.. سمعت بالتأكيد.. أخبارنا الزفت.. وبلاوي صاحبنا اللي سلّطها علينا.. والحقيقة إننا في حوسة وفوضى.. ولأنك إنت اللي تحملين الأشياء اللي تسقط على رؤوسنا من صلاة العشاء إلى منتصف الليل.. والسوائل السوداء والحمراء اللي أغرقتنا.. نطلب منك التوقف عن حملها.. نرجو المساعدة... والدتك ومحبّتك المعدة».. تلقت المعدة رسالة بعثتها اليد اليمنى «والدتنا العزيزة.. ضاق صدري وأنا أسمع أخباركم الزفت والبلاوي اللي تحلّ عليكم.. مع أنها ما تساوي البلاوي والمصايب اللي تحلّ علينا.. أنا وأختي اليسرى.. ما تدرين وش يصير علينا.. فقدنا السيطرة.. أظن أبونا العقل.. وهو المسيطر علينا.. مسافر.. صاحبنا يرفعنا في الهواء ويخفضنا على كيفه.. طول الوقت وأنا وأختي اليسرى نعاني من كثرة الحركة.. أختي اليسرى دخلت المستشفى.. وخرجت ملفوفة بشيء أبيض.. وهي لا تتعرض الآن لأي عمل.. إلا الحركة في الهواء والتمويح مثلا.. لكنها مبسوطة.. ارتاحت.. تقول لي.. ليتني من زمان دخلت المستشفى.. شوفي والدنا العقل إذا قدرت تلقينه.. لأننا ما لقيناه.. عنده الحلّ... ابنتك اليد اليمنى».. الأسنان أيضا بعثت للمعدة رسالة «والدتنا العزيزة.. شوفي لنا حلّ.. ترينا طول الليل وحنّا نشتغل.. جالسين نطحن.. بعض الأشياء نعجز عن طحنها فنرسلها لكم.. نرسلها وحنّا خجلانين ومستحين.. خاصة منك.. لكن وش نسوّي... بناتك الأسنان.. وأبناؤك الضروس.. كلّنا نقبّل يدك ودمتي بعز».. عقدت المعدة جلسة مصغّرة.. جلسة مشاورات.. حضرها كل من العيون والأمعاء والقولون والمرارة وإحدى الكليتين والقلب.. ورأست الجلسة المعدة.. نسجوا خطّة.. ويريدون تنفيذها حالا.. بدأت بأن تقوم العيون بوصف كل ما يحيط بصاحبهم الآن.. كان وصف العيون «إن صاحبنا الآن يجلس مع جبال على شكل حلقة مستديرة.. ورؤوس هاذي الجبال حمراء وبيضاء.. يمكن أنها ثلوج.. وفي الوسط بحيرة مستديرة من الرز واللحم وأشياء أخرى.. ويحيط بالبحيرة براميل.. لا نعرفها.. لكن سمعنا أنها مشروبات غازية وما إلى ذلك.. عرفنا ذلك لمّا قرأنا الشفرة المكتوبة عليها... ودمتم سالمين.. خادمتكم العيون».. ثم بعثت برسالة ثانية مستعجلة «إننا نرى الآن أن اليد اليمنى دخلت انغمست في البحيرة.. يبدو أن المعركة قد بدأت... العيون».. الأذن كتبت لمجلس الأمن المصغّر «سمعنا إنفجارات مدوّية.. لا نعرف مصدرها.. ولكن لأننا نقوم بالتنسيق مع العيون.. فالعيون قالت لنا إنها تصدر من البراميل المحيطة بالبحيرة... الأذن».. بدأت الأشياء تتساقط.. والسوائل تتدفق.. فكتبت المعدة للأمعاء الغليظة «كونوا مستعدين.. سنبعث لكم كل الواردات علينا.. وأنتم بسرعة ابعثوها للبوابة.. المعدة».. حين وصلت الأشياء إلى البوابة.. امتنع الحراس من فتح البوابة.. كانت العضلات وهي تحرس البوابة لا تعرف شيئا عن كل ما جرى.. لكن المعدة كتبت للبوابة «نرجو أن تفهموا أنني أقوم بأعمال العقل نيابة عنه لأنه في إجازة.. وقد استشرت مجلسنا المصغّر فاتفقنا على ما نقوم به الآن.. فأنتم تعرّضون أنفسكم لمساءلة شديدة برفضكم... المعدة رئيسة مجلس الأمن».. خافت البوابة.. ورأت ذلك تهديدا.. خاصة أن العقل غائب.. وأن المصير واحد.. فوافقت.. أحس أبو كريشه أن مصيبة ممكن تحدث.. فغيّر جلسته.. وجلس على كعب قدمه.. بعد تأخّر طويل دام تقريبا نصف ساعة.. اطمأن أبو كريشه.. خاصة أنه أصبح أمام الطعام مع العمّال.. فوقف.. لكن مجلس الأمن المصغّر كان يترصده.. بعد إشارة جاءت من البوابة «بأن الوقت الأنسب قد حلّ».. فحلّت النكسة على أبو كريشه.. وانتصر مجلس الأمن برئاسة المعدة.







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس