عرض مشاركة واحدة
قديم 01-05-2016, 08:13 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
ندى الورد

الصورة الرمزية ندى الورد

إحصائية العضو







ندى الورد غير متواجد حالياً

 

Lightbulb {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا ال



{وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}



السلام عليكم ورحمه الله وبركاته


"وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ" (العصر1-3)



سورة العصر مكية‏,‏ وهي من قصار سور القرآن الكريم لاحتوائها علي ثلاث آيات فقط بعد البسملة‏,‏ وعلي الرغم من قصرها فهي تحوي المعالم الأساسية لرسالة الإنسان في هذه الحياة كما حددها له الله ـ تعالي ـ
فالإنسان عبد لله‏,‏ خلقه ربنا ـ تبارك وتعالي ـ لرسالة محددة ذات وجهين‏:‏
أولهما عبادة الله ـ تعالي ـ بما أمر‏,‏
وثانيهما حسن القيام بواجبات الاستخلاف في الأرض بعمارتها وإقامة شرع الله فيها‏,‏

ولايمكنه تحقيق ذلك بمفرده إذ هو محتاج إلي التواصي علي ذلك مع غيره من الناس‏:‏ في بيته‏,‏ وفي مجتمعه‏,‏ وفي بلده‏,‏ ومع أهل الأرض أجمعين‏,‏ والتواصي بالصبر علي ذلك لأن دعوة الناس إلي الحق تحتاج كثيرا من المجاهدة والصبر وهذا كله يأتي انطلاقا من الإيمان بإله واحد‏,‏ هو خالق كل شيء‏,‏ وهو بذلك منزه عن الشريك‏,‏ والشبيه‏,‏ والمنازع‏,‏ والصاحبة‏,‏ والولد‏,‏ وعن جميع صفات خلقه‏,‏ وعن كل وصف لايليق بجلاله‏.‏

وانطلاقا من الإيمان بالإله الواحد الأحد‏,‏ الفرد الصمد‏,‏ الذي لم يلد‏,‏ ولم يولد‏,‏ ولم يكن له كفوا أحد‏,‏ نصل إلي الإيمان بوحدة رسالة السماء‏,‏ وبالأخوة بين الأنبياء‏,‏ وبوحدة الجنس البشري كله‏,‏ الذي يعود أصله إلي أب واحد‏,‏ وأم واحدة‏,‏ هما أبوانا آدم وحواء ـ عليهما السلام‏.‏
وعلي امتداد وجود الإنسان علي الأرض كانت هذه هي حقيقة رسالته‏,‏
إن فهمها‏,‏ والتزم بتطبيقها حقق سعادته في الدنيا والآخرة‏,‏ وإن فهم جزءا منها وأغفل الباقي‏,‏ أو أغفلها كلها خسر الدنيا والآخرة‏,‏ وإن حقق في حياته الدنيوية من النجاحات المادية ماحقق‏,‏ وهذا هو الخسران المبين‏.‏

وسوف أتناول في هذا المقال شرح سورة العصر‏,‏ وأؤجل ومضة الإعجاز العلمي فيها إلي المقال القادم إن شاء الله‏.‏ وقبل شرحي لهذه السورة الكريمة أري ضرورة الاستئناس بأقوال عدد من المفسرين القدامى والمعاصرين‏.‏

من أقوال المفسرين في تفسير سورة العصر‏:‏‏-

*‏ذكر ابن كثير ـ رحمه الله ـ ما مختصره‏:‏ العصر‏:‏ الزمان الذي يقع فيه حركات بني آدم من خير وشر‏,‏ وقال زيد بن أسلم‏:‏ هو العصر‏,‏ والمشهور الأول‏,‏ فأقسم تعالي بذلك علي أن الإنسان لفي خسر أي في خسارة وهلاك‏(‏
إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ‏)‏ فاستثني من جنس الإنسان عن الخسران‏:‏ الذين آمنوا بقلوبهم‏,‏ وعملوا الصالحات بجوارحهم‏
(‏
وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ‏)‏ وهو أداء الطاعات‏,‏ وترك المحرمات‏, "وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ" أي علي المصائب والأقدار‏,‏ وآذي من يؤذي‏,‏ ممن يأمرونه بالمعروف وينهونه عن المنكر‏.

‏*‏ وذكر صاحبا الجلالين ـ رحمهما الله ـ ما نصه‏:"وَالْعَصْرِ" الدهر‏,‏ أو‏:‏ ما بعد الزوال إلي الغروب‏,‏ أو‏:‏ صلاة العصر "إِنَّ الإِنسَانَ" الجنس "لَفِي خُسْرٍ" في تجارته‏(‏ ‏
إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)‏ فليسوا في خسران "وَتَوَاصَوْا" أوصي بعضهم بعضا‏(‏ بالحق‏)‏ الإيمان "وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ" علي الطاعة وعن المعصية‏.‏

وجاء بالهامش تعليق للشيخ محمد أحمد كنعان قال فيه‏:‏ قوله‏‏ في تجارته‏)‏ لقد أبعد الجلال المحلي في تفسيره هذا‏,‏ والأولي أن يقال‏:‏ إن الإنسان خاسر وهالك إلا إذا آمن وعمل صالحا‏..‏ الخ أي‏:‏ لا تنفعه الدنيا وما عليها إذا لم يكن مؤمنا صالحا‏.‏

‏*‏ وجاء في الظلال ـ رحم الله كاتبه برحمته الواسعة جزاء ما قدم ـ كلام رائع أختصره في النقاط التالية‏:‏ فما الإيمان؟؟‏..‏ إنه اتصال هذا الكائن الإنساني الفاني الصغير المحدود بالأصل المطلق الأزلي الباقي الذي صدر عنه الوجود‏,‏ ومن ثم اتصاله بالكون الصادر عن ذات المصدر‏,‏ وبالنواميس التي تحكم هذا الكون‏,‏ وبالقوي والطاقات المزخورة فيه‏..‏

والانطلاق حينئذ من حدود ذاته الصغيرة إلي رحابة الكون الكبير‏.‏ ومن حدود قوته الهزيلة إلي عظمة الطاقات الكونية المجهولة‏.‏ ومن حدود عمره القصير إلي امتداد الآباد التي لا يعلمها إلا الله‏..‏ ثم إن مقومات الإيمان هي بذاتها مقومات الإنسانية الرفيعة الكريمة‏:‏ التعبد لإله واحد‏,‏ والربانية التي تحدد الجهة التي يتلقي منها الإنسان تصوراته وقيمه‏,‏
وموازينه واعتباراته وشرائعه وقوانينه‏,‏ وكل مايربطه بالله أو بالوجود أو بالناس‏..‏ ووضوح الصلة بين الخالق والمخلوق‏...,‏ والاستقامة علي المنهج الذي يريده الله‏..‏ والاعتقاد بكرامة الإنسان علي الله‏...‏ والحاسة الأخلاقية ثمرة طبيعية وحتمية للإيمان بإله عادل رحيم‏,‏ عفو كريم‏,‏ ودود حليم‏...‏ وهناك التبعة المترتبة علي حرية الإرادة وشمول الرقابة‏

...‏ والارتفاع عن التكالب علي أعراض الحياة الدنيا‏...‏ إن الإيمان هو أصل الحياة الكبيرة‏,‏ الذي ينبثق منه كل فرع من فروع الخير‏..‏ ومن ثم يهدر القرآن قيمة كل عمل لا يرجع إلي هذا الأصل‏..‏ إن الإيمان دليل علي صحة الفطرة وسلامة التكوين الإنساني‏..‏ والعمل الصالح هو الثمرة الطبيعية للإيمان‏...‏ أما التواصي بالحق والتواصي بالصبر فتبرز من خلاله صورة الأمة الإسلامية‏...‏ والتواصي بالحق ضرورة‏..‏ والتواصي بالصبر كذلك ضرورة‏...‏ والتواصي بالصبر يضاعف المقدرة‏...‏

وبعد استشهاد طويل من كتاب ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين للأستاذ أبوالحسن الندوي‏,‏ ختم صاحب الظلال كلامه عن سورة العصر بقوله‏:‏ وهذه السورة حاسمة في تحديد الطريق‏..‏ إنه الخُسر‏.."إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ"..
طريق واحد لا يتعدد‏.‏ طريق الإيمان والعمل الصالح وقيام الجماعة الإسلامية التي تتواصي بالحق وتتواصي بالصبر‏,‏ وتقوم متضامنة علي حراسة الحق مزودة بزاد الصبر‏..‏ إنه طريق واحد‏..‏
ومن ثم كان الرجلان من أصحاب رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ إذا التقيا لم يتفرقا حتى يقرأ أحدهما علي الآخر سورة‏(‏ العصر‏)‏ ثم يسلم أحدهما علي الآخر‏..‏ لقد كانا يتعاهدان علي هذا الدستور الإلهي‏,‏ يتعاهدان علي الإيمان والصلاح‏,‏ ويتعاهدان علي التواصي بالحق والتواصي بالصبر‏.‏ ويتعاهدان علي أنهما حارسان لهذا الدستور‏,‏ ويتعاهدان علي أنهما من هذه الأمة القائمة علي هذا الدستور‏..‏

‏*‏ وجاء في صفوة البيان لمعاني القرآن ـ رحم الله كاتبه ـ ما نصه‏‏ والعصر‏)‏ أقسم الله بصلاة العصر لفضلها‏,‏ لأنها الصلاة الوسطي عند الجمهور‏.‏ أو بوقتها‏,‏ لفضيلة صلاته‏,‏ كما أقسم بالضحي‏,‏ أو بعصر النبوة لأفضليته بالنسبة لما سبقه من العصور أو بالزمان كله‏,‏ لما يقع فيه من الأقدار الدالة علي عظيم القدرة الباهرة‏.‏
وجواب القسم‏‏ ‏
إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ)‏ أي إن جنس الإنسان لا ينفك عن خسران ونقصان في مساعيه وأعماله وعمره‏.‏ أي إن الكافر لفي خسر‏.‏ أي هلكة أو شر أو نقص‏ "إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ" استثناء متصل إذا أريد بالإنسان الجنس‏..‏ ومنقطع إذا أريد به خصوص الكافر‏.‏ والأعمال الصالحات تشمل جميع ما يعمله الإنسان مما فيه خير ونفع وبر‏.

‏"وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ" أوصي بعضهم بعضا بالتمسك بالحق‏,‏ ومنه الثبات علي الإيمان بالله وكتبه ورسله‏,‏ والعمل بشريعته في كل عقد وعمل‏,‏ وذلك هو الأمر الثابت الذي لا سبيل إلي إنكاره‏,‏ ولا زوال في الدارين لمحاسن آثاره‏.(‏ وتواصوا بالصبر‏)‏ أي أوصي بعضهم بعضا بالصبر عن المعاصي‏,‏ التي تميل إليها النفوس بالطبيعة البشرية‏.‏ والصبر علي الطاعات التي يشق علي النفوس أداؤها‏,‏ ومنها الجهاد
في سبيله ـ وعلي البلايا والمصائب التي تصيب الناس في الدنيا‏,‏ ويصعب علي النفوس احتمالها‏,‏ والله أعلم‏.‏

‏*‏ وذكر أصحاب المنتخب ـ جزآهم الله خيرا ـ ما نصه‏:‏ في هذه السورة أقسم الله ـ سبحانه ـ بالزمان لانطوائه علي العجائب‏,‏ والعبر الدالة علي قدرة الله وحكمته‏,‏ علي أن الإنسان لا ينفك عن نقصان في أعماله وأحواله إلا المؤمنين الذين عملوا الصالحات وأوصي بعضهم بعضا بالتمسك بالحق‏,‏ وهو الخير كله‏,‏ وتواصوا بالصبر علي ما أمروا به وما نهوا عنه‏.‏





يتبع








آخر مواضيعي 0 القصة في القرآن الكريم
0 لطائف من سورة يوسف
0 كن بوجه واحد.
0 البشائر العشر لمن حافظ على صلاة الفجر
0 أعرف صفاتك من القرآن الكريم
رد مع اقتباس