عرض مشاركة واحدة
قديم 10-05-2014, 05:31 PM رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
طارق سرور

الصورة الرمزية طارق سرور

إحصائية العضو







طارق سرور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: حكمة الحج ومشاهده

حكم الحج
إن الله جلت حكمته وتعالت مكانته وتسامت عزته لم يفرض علينا شيئاً إلا لحكمة عالية ولأسرار راقية يعرفها من وفقه الله لسلوك طريقه المستقيم ولمن هداه إلى نهج نبيه القويم فأما فريضة الحج فقد فرضها الله على المؤمنين والمؤمنات لحكم كثيرة نكتفي بواحدة منها في موقفنا هذا تكون لنا إن شاء الله عظة وعبرة فقد جعل الله الحج للمؤمنين والمؤمنات تذكرة للسفرة إلى الدار الآخرة للعرض على الله {رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ}فإذا خرج الحاج من بيته فإنه يغتسل قبل لبس ملابس إحرامه ويتذكر بهذا الغسل[الغسل الذي يغسله به رفاقه لكي يودعون دنياه ويزفونه إلى مولاه إذا دعاه ] ثم يلبس ملابس الإحرام وهي بيضاء ولا يوجد بينها وبين الجسم أشياء ليذكر نفسه ويتذكر من حوله لبس الأكفان إذا دعى للقاء الواحد الديان فإذا أتم ملابس الأكفان يلبس ملابس الإحرام تذكر نداء الله يوم ينادي منادي الله لجميع الخلائق في حضرة الله فيقول كما قال سيدنا رسول الله{يا أيتها العظام النخرة يا أيتها الأجساد البالية يا أيتها الشعور المتقطعة اجتمعوا وائتلفوا فإن الله يدعوكم ليوم عظيم}[1]فيتذكر هذا النداء فيلبي قائلاً لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك وكلمة لبيك تعني نأتي إليك مسرعين جئنا إليك طائعين جئنا إليك بالتلبية يا أحكم الحاكمين ولم نتوانى عن إجابة دعوتك طرفة عين ولا أقل فإذا وصل إلى ساحة عرفات تذكر ساحة العرض العظيم حيث يقف الخلائق أجمعين في مساواة كاملة في الظاهر بين يدي رب العالمين{لاَ فَضْلَ لِعَرَبِيَ عَلَى أَعْجَمِيَ وَلاَ أَعْجَمِيَ عَلَى عَرَبِيَ وَلاَ أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلاَّ بِالتَّقْوَىٰ والعمل الصالح}[2] فالجميع يتساوى أمام الله يلبسون ملابس واحدة ويقفون في بقعة واحدة لا فرق بين غني ولا فقير ولا أمير ولا حقير لأنه لا يسمح للوزير أن يعلق نيشاناً على صدره أو يعلق شيئاً على كتفه وإنما يتساوى الجميع ولا فرق بينهم إلا في الزفرات والحرقات والتسبيحات والدعوات التي تخرج من صدورهم وقلوبهم إلى ربهم فمنهم من يقال له لا لبيك ولا سعديك وحجك هذا مردود عليك ومنهم من يقال له لبيك وسعديك حجك مغفور وزادك موفور وسعيك مشكور فيقولون كما قال الله يوم يجمع الناس للقاء الله{فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ}أما من يقبل الله عليه ويتقبل دعواه فهو من أهل الجنة إن شاء الله وإما من ترد الملائكة دعواه وتعلم أن تلبيته مردودة من قبل الله فهو من فريق السعير والعياذ بالله فإذا وقفوا على عرفات وأقروا لله بذنوبهم واعترفوا بين يديه بمساويهم وأخطائهم غفر الله عزوجل لهم ولا يبالي ولذا يقول الرسول الكريم{أعظم الناس ذنبا من وقف بعرفة فظن إن الله لم يغفر له}[3]وقد ورد أن الإمام محمد بن المنكدر وكان قد حج خمسين مرة لله في يوم من أيام عرفة ألقى عليه النوم فرأى ملائكة تنزل من عند الله ويتساءلون فيما بينهم فقال بعضهم للبعض يا عبد الله تدري كم حج بيت ربنا هذا العام؟ قال: لا. قال:ستمائة ألف قال: تدري كم قبل الله منهم؟ قال: لا.قال: ستة أنفس. قال: فقمت من نومي مهموماً مغموماً وقلت إذا كان الله لم يقبل من هؤلاء إلا ستة أنفس فأين أكون منهم؟فلما وصلت إلى المزدلفة وصليت المغرب والعشاء قصراً وجمعاً فألقى الله عليّ النوم فإذا بهذا النفر من الملائكة وقد جاءوا وتساءلوا فيما بينهم فقال بعضهم لبعض: يا عبد الله تدري كم حج بيت ربنا هذا العام؟قال: نعم ستمائة ألف قال: تدري ماذا فعل الله بهم؟قال: نعم قبل منهم ستة أنفس ورد الباقين قال: تدري ماذا حكم ربك في هذا اليوم؟ قال: لا.قال: وهب لكل واحد من الستة مائة ألف فشفعهم جميعاً في بعضهم وانصرفوا جميعاً مغفوراً لهم قال النبى{إن الله ينظر إلى أهل عرفات ويباهي بِكُمُ المَلاَئِكَةَ يَقُولُ: عِبَادِي جَاءُونَا شُعْثَاً غُبْرَاً مِنْ كُل فَجَ عَمِيقٍ يَرْجُونَ جَنَّتِي فَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبُكُمْ عَدَدَ الرَّمْلِ أَوْ كَقَطْرِ المَطَرِ أَوْ كَزَبَدِ الْبَحْرِ لَغَفَرْتُهَا أَفِيضُوا عِبَادِي مَغْفُورَاً لَكُمْ وَلِمَنْ شَفِعْتُمْ لَهُ}[4]وقد قال r{إِذَا أَفَاضَ الْقَوْمُ مِنْ عَرَفَاتٍ أَتَوْا جَمْعاً فَوَقَفُوا قَالَ: انْظُرُوا يَا مَلاَئِكَتِي إِلَى عِبَادِي عَاوَدُونِي فِي الْمَسْأَلَةِ، أُشْهِدُكُمْ أَني قَدْ أَجَبْتُ دَعْوَتَهُمْ وَشَفَعْتُ رَغْبَتَهُمْ وَوَهَبْتُ مُسِيئَهُمْ لِمُحْسِنِهِمْ وَأَعْطَيْتُ مُحْسِنَهُمْ جَمِيع مَا سَأَلَ وَتَحَمَّلْتُ عَنْهُمُ التَّبِعَاتِ الَّتِي بَيْنَهُمْ}[5]فقد كان النبى بالمزدلفة وحوله أبو بكر وعمر فإذا به يضحك فقال سيدنا أبو بكر: يا رسول الله ما أضحكك؟ أضحك الله سنك قال إني لما كنت على عرفات عشية عرفة دعوت الله لأهل الموقف أن يغفر الله ذنوبهم ويستجيب دعاءهم ويضمن عنهم التبعات فأجابني الله في اثنتين ولم يجبني في الآخرة وهي أن يضمن عنهم التبعات والتبعات هي حقوق العباد التي بينهم وبين غيرهم من العباد قال : فلما جئت إلى هنا دعوت الله بما دعوت به على عرفات فقال الله قد استجبنا لك فيما دعوت فلما رأى إبليس ذلك ولّى وله ولولة وضراط فهذا هو الذي أضحكني(صلوات الله وسلامه عليه) فإذا نزلوا إلى منى وتذكروا ما يباعد بينهم وبين الله والسبب الذي يجعلهم يقعون في عصيان الله وهو إبليس اللعين فيجمعون الأحجار ويرمونه ليعلنون البراءة منه قبل أن يتبرأ منهم يوم القيامة فقد ورد في آيات القرآن أنه سيتبرأ ممن تبعه أمام الديان فيعلن المؤمن البراءة من إبليس ووسوسته ويرجمه بالأحجار ويعلن بذلك أنه برئ من إبليس وقوله ثم يتذكر الذي يعين إبليس على الوسوسة ويزين للمرء المعصية وهي النفس الخبيثة التي يقول فيها الله {إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ}فيذبح هديه ويقول: يا ربَّ إن لم ترض عني إلا بذبح نفسي ذبحتها لرضاك فإني أطمع في عفوك وأرجو مغفرتك وكل شئ يباعد بيني وبينك قدمته إرضاء لحضرتك فقد تركت الأهل والولد وقد قربت المال وها أنا أقرب نفسي وأعلن البراءة من الشيطان وحزبه لترضى عني يا ربَّ العالمين.

فليتك تحلو والحياة مريــرةوليتك ترضى والأنام غضابُ

وليت الذي بيني وبينك عامروبيني وبين العالمين خــراب

ثم يحلق شعره ويتذكر أخلاقه الذميمة التي تباعد بينه وبين الله فإن الله كما ورد فى الأثر: {إن الله يحب من خلقه من كان على خلقه}فيسارع في التخلص من الأخلاق التي لا يحبها الله مثل الغيبة والنميمة والشح والطمع والجحود والعصيان والعقوق وقطيعة الأرحام وغيرها من الصفات التي يبغضها الله والتي حذرنا منها رسول الله تصديقاً لقوله {فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ}ثم يزين نفسه بالأخلاق الكريمة بسعة الأخلاق والحلم والعفو والصفح والأدب بين يدي الله ليذهب إلى بيت الله وهو يتذكر عرضه على الله وهو هناك إما أن يكون ممن يقول فيهم الله{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ }وإما أن يكون والعياذ بالله ممن لا يؤذن لهم بالكلام مع الله ولا بالنظر إلى بهاء الله وهم الكافرون والجاحدون والعصاة من المؤمنين الذين لم يتوبوا قبل الموت وقبل لقاء رب العالمين فيتذكر هذه الساعة وكيف يقابل الله وقال النبى في ذلك ما معناه{إن من الناس من يضئ حسنه لأهل الموقف كما تضئ الشمس لأهل الدنيا }وقال في الطائفة الأخرى ما معناه{إن من الناس لمن يتمزع وجهه ولحمه ويتهدل من شدة الخجل والحياء من الله}فيطوف حول بيت الله تائباً منيباً لله يعاهد الله عند الحجر وهو يمين الله في الأرض أن لا يعود إلى المعاصي وأن لا يرجع إلى ذنب أبداً ثم يذهب إلى الصفا والمروة يسعى بينهما ويتذكر السعي في يوم الموقف العظيم بين كفة حسناته وكفة سيئاته فهو يمشي بينهما تارة ويهرول بينهما أخرى لينظر أيهما هي التي تكون الراجحة فيكون فيها الفلاح وهو يود أن يكون ممن قال فيهم الله{فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ}ثم يتوجه إلى الرسول الكريم يرجو شفاعته ويطلب منه أن يكون في زمرته لأنه لم يدخل أحد الجنة إلا بشفاعته وإلا ببركته هذه بعض مشاهد الحجيج وقد أكرم الله الأمة الإسلامية فجعل من المؤمنين والمؤمنات من إذا عاش بروحه في هذه الأماكن الطاهرات في تلك الأيام المباركات يكون له من الأجر مثل من وقف على عرفات تماماً بتمام على أن يكون في هذه الأيام جسمه هنا وقلبه وروحه هناك ولذا حبب النبي الكريم في صوم يوم عرفات وقال فيه{صوم يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين}[6]لأن الصيام يقوي الروحانية ويضعف الجسمانية ويجعل أحوال المرء قريبة من أحوال الملائكة الكرام فإذا وقف الإنسان في يوم عرفات وفي صبيحة هذا اليوم يوم العيد بين يدي الله يدعو الله ويضرع إلى الله ويتوب إلى الله فقد قال{ خَيْرُ الدّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ}[7]ومن رحمته أنه لم يقل خير الدعاء دعاء عرفة فلو قال خير الدعاء دعاء عرفة كان الفضل لمن وقف هناك فقط. أما قوله{خَيْرُ الدّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ}فهو يشمل كل من يدعو في هذا اليوم في أي فج من الأرض وفي أي موقع من البسيطة لأن الله ينظر إلى عباده جميعاً. فقد قال{خير يوم في الأرض يوم عرفة ومَا رُؤِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمَاً هُوَ أَصْغَرُ وَلاَ أَحْقَرُ وَلاَ أَدْحَرُ وَلاَ أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ}[8]ودعا الإسلام في سبيل ذلك القائمين هنا إلى أعمال تشبه أعمال الحجيج فالحجيج يلبون لله ونحن لنا التكبير لله قال{زَيِّنُوا أَعْيَادَكُمْ بالتَّكْبِيرِ}[9]نكبر عقب كل صلاة سواء فريضة أو سنة مؤكدة فمن صلى صلاة الضحى يكبر بعدها لله ومن صلى صلاة التهجد يكبر بعدها لله وإذا حضرت جنازة في تلك الأيام وصلينا عليها نكبر لله من صلى في جماعة يكبر ومن صلى مفرداً في المسجد أو في بيته يكبر الرجل يكبر بصوت مرتفع والمرأة تكبر بصوت خافت وإذا سرنا في الطرقات لا نستحي أن نكبر الله بصوت عال فقد كان أصحاب رسول الله ورضي الله عنهم أجمعين يمشون في يوم العيد في طرقات المدينة وهم يكبرون بصوت مرتفع ليخزون الشيطان ويعلنون التكبير للملك العلام فالحجاج يلبون ونحن نكبر لله وهم يقومون اليوم برجم إبليس ونحن في هذا اليوم نصلي صلاة العيد لله وهم ليس عليهم صلاة عيد والحجاج ينحرون هديهم ونحن نذبح أضحيتنا لله فإذا فعل المرء المؤمن بعض هذه الأمور واستحضر هذه الشعائر والمناسك أكرمه الله بما أكرم به حجاج بيته الحرام لقوله فيما رواه الإمام البخاري عندما كان سيدنا رسول الله في غزوة تبوك نظر إلى من معه وقال{إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لَقَوْماً مَا سِرْتُمْ مِنْ مَسِيرٍ وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِياً إِلاَّ كَانُوا مَعَكُمْ فِيهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ: وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ}[10]فكل من حبسه العذر الشرعي من مرض أو قلة ذات اليد عن لذهاب إلى بيت الله وفعل ما ذكرناه جعل الله له حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً لأنه قال:{ إِنَّما الأعْمَالُ بالنِّيات وإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِىءٍ ما نَوَى }[11]أما من كان معه الاستطاعة ولم يذهب لأداء هذا النسك فهذا نحذره من قول المصطفى{مَنْ لَمْ يَحْبِسْهُ مَرَضٌ أَوْ حَاجَةٌ ظَاهِرَةٌ أَوْ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ أَوْ سُلْطانٌ جَائِرٌ فَلَمْ يَحُجَّ فَلْيَمُتْ إنَّ شَاءَ يَهُودِيَّاً وَإِنّ شَاءَ نَصْرَانِياً}[12]ومن يقل إني معي مال إما أن أزوج به الولد وإما أن أحج فقد افتى العلماء أجمعون أن زواج الولد ليس فرض علي إن علي أن أربيه وأن أنميه وليس علي في شريعة الله أن أزوجه ولكن علي فرضاً لله أن أحج بيت الله فعلي أن أبدأ بالحج ومال الحج مخلوف{وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}قال النبى{الْحُجَّاجُ وَالْعُمَّارُ وَفْدُ اللَّهِ إنْ دَعَوْهُ أَجَابَهُمْ وَإنِ ٱسْتَغْفَرُوهُ غَفَرَ لَهُمْ وإن شفعوا شفعوا}[13]ماذا علينا في هذا اليوم السعيد لله ؟ علينا في هذا اليوم أول عمل نعمله بعد الصلاة هو قوله{ مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ }[14]فأفضل عبادة لله في هذا اليوم هي إراقة دماء الأضاحي وليس إراقة دم المسلمين والمسلمات كما ظن بعض الجاهلين والجاهلات وهذه الأضاحي جعلها الله لنا ثواباً معجلاً ففيها لنا باختصار شديد فوائد شتى نذكر بعضها على سبيل القصد أول فائدة منها أنها تغسل المرء من الذنوب هو وأهل بيته أجمعين فيكون كمن حج بيت الله وفي ذلك يقول{يَا فَاطِمَةُ قُومِي فاشْهَدِي أُضْحِيَتَكِ، فَإنَّ لَكِ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ مِنْ دَمِهَا مَغْفِرَةً لِكُلِّ ذَنْبٍ }[15] فأول قطرة تنزل من دمها يغفر لصاحبها ولزوجه ولأهل منزله أجمعين فيكون كما قال فيه{مَن حَجَّ هذا البيتَ فلم يَرْفُثْ ولم يَفْسُقْ رجَعَ كما ولَدَتْهُ أمُّه}[16] وكذلك من ضحى لله لا يبغي رياء ولا سمعة ولا شهرة فإن الله يخرجه من ذنوبه كيوم ولدته أمه أما الفضل الثاني فقوله{إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلاَفِهَا وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى الأَرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْساً}[17]من يستطيع منكم عدَّ صوفها ومن يستطيع حساب قطرات دمها أنه أجر عظيم لا يعلمه إلا المولى الكريم أما الأجر الثالث فقوله{إِسْتَفْرِهُوا[استسمنوا]ضَحَايَاكُمْ فَإنَّهَا مَطَايَاكُمْ عَلَى الصرَاطِ}[18] هذا الصراط الذي يمتد على جسور جهنم وهي سبعة جسور كل جسر منها يقول ورد فيها من الأثر{ألف عام صعوداً وألف عام استواءاً وألف عام هبوطاً لمن يمشي عليه}فهذه السبعة جسور ما الذي نركبه لنمر عليها؟هي أضحيتنا التي نذبحها لله وهذا ما حدى بسلفنا الصالح أن يوطنوا أنفسهم على أن يذبحوا ولو في العمر مرة ليكون له ركوبة يركبها على الصراط يوم لقاء الله على أن تتوافر فيها الشروط الشرعية وما الشروط الشرعية هذه؟ أن يكون ذبجها بعد صلاة العيد وخطبة العيد في اليوم الأول أو الثاني أو الثالث من أيام العيد على أن يكون الذبح بالنهار لنهي النبى عن الذبح بالليل وعلى أن تكون إذا كانت من الماعز يكون مر عليها عام وإذا كانت من الضأن يكون مر عليها ستة أشهر وإذا كانت من البقر يكون مر عليها عامان وإذا كانت من الجمال يكون قد مر عليها خمسة أعوام وأن تكون غير معيبة لا عوراء ولا مقطوعة القرن ولا مشقوقة الأذن ولا عرجاء ولا مريضة ولا هزيلة وإنما تكون صحيحة وسليمة وسمينة لأنه يقدمها لله وأن لا يبيع شيئاً منها ولو كان للجزار فقد ورد{عَنْ عَلِيَ قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللّهِ أَنْ أَقُومَ عَلَىٰ بُدْنِهِ وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا وَأَنْ لاَ أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا قَالَ: نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا}[19]هكذا أمره ألا تعطه جلدها مقابل ثمن ذبحها وإنما نعطيه الأجر من عندنا ولا نبع شيئاً من لحومها وإنما نوزع بعضها للفقراء وبعضها للأهل والأصدقاء وإذا كنا من بيت فقير نأكلها جميعاً ويكفينا أننا فعلنا سنة أبينا إبراهيم ونسك نبينا فوطنوا أنفسكم على أن تصنعوا هذا العمل في عمركم كله ولو مرة واحدة نذبح فيها أضحية لله نرجو بها وجه الله ونطمع في ثواب الله ونحدد فيها الشروط التي بينها رسول الله كي ننال هذا الثواب من الله فإذا فعلنا ذلك كان علينا بعد ذلك في هذا اليوم أن نصل أرحامنا وأن نود أقاربنا وأصدقائنا وإخواننا المسلمين والمسلمات وأن نتصافى ونتصالح مع خصمائنا لوجه الله في هذا اليوم وأن نكثر فيه من الصدقات على الفقراء والمساكين وليس الفقراء والمساكين الذين يمدون أيديهم ويمرون على الدور وإنما هم الذين يقول فيهم{لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ. وَلاَ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ إِنَّمَا الْمِسْكِينُ الْمُتَعَفِّفُ أبا العيال}[20]فإن المسلم الذي يقول ليس علي شئ إذا أعطيت الصدقة لمن يطلبها نقول له: لا. إن الله أمرك أن تتفقد إخوانك المسلمين وتخص بصدقتك الفقراء والمساكين الذين يقول فيهم رب العالمين{لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً}علينا أن نبحث عنهم ونعطيهم حتى لا ندخل في قوله{لَيْسَ بِالْمُؤْمِنِ الّذي يَبيتُ شَبْعاناً وَجَارُهُ جائِعٌ إِلى جَنْبِهِ}[21]كم بيت في المسلمين اليوم أهله في ظاهرهم مستورين ويلبسون ملابس حسنة ولكنهم ليس عندهم لأولادهم قطعة لحم لأنهم يستحيون من الطلب ولا يمدون أيديهم إلى الناس وهؤلاء هم المحتاجون الذين عناهم ربُّ الناس الذين كان يخصهم سيِّد الناس بعطاءه وإنفاقه rوعلينا أن نترك لأبنائنا في هذا اليوم بعض اللعب المباح على أن لا يكون فيه مخالفة لتعاليم السماء ولا يكون فيه لعب للقمار فاللعب بالنقود بأي طريقة من الطرق[نوع من القمار]ولا يكون فيه شرب البيرة أو المخدرات أو المسكرات بحجة أن هذا يوم يبيح الله فيه للمؤمنين ما لا يبيحه في سواه فالقوم الذين يجلسون في هذه الليالي على أنغام الموسيقى الشجية في الليل ويشربون المخدرات والمسكرات آثمون هم في فعلهم ذلك خارجون عن طاعة الله وواقعون في الإثم الصريح بقول الله{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ}فاللهو المباح في هذا اليوم ما لم يكن فيه إثم وما لم يكن فيه مغرم وما لم يكن فيه تعريض سلامة أولادنا لأي شئ كالمراجيح البلدية التي تعرضهم للكسور والتشوهات فمثل هذه الأعمال يجب أن نتعاون جميعاً على إلغائها لنكون ممن قال الله فيهم{وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى}وكذلك من يخرجون بعد صلاة العصر بصورة منكرة من شبابنا ويتطلعون إلى الغاديات والرائحات في مقدمة هذا يجب علينا أن نأخذ على أيديهم جميعاً المباح في هذا اليوم الذي لا يخالف الدين ولا يخالف سنة سيد الأولين والآخرين أما ما يفعله البعض في يومنا هذا من الجلوس في بيوتهم لتقبل العزاء في أقاربهم وإخوانهم وقد مضى على موتهم أيام وشهور فهذا مخالف لسنة رسول اللهمن أنالعزاء ثلاثة ايام[22] وقال{لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تَحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثٍ إلاَّ عَلَى زَوْجِهَا}[23]لا يجب أن نزيد على ذلك فلا يجب أن نجدد الأحزان في عيدنا ولا نفتح البيوت لتقبل العزاء بل نعلن الفرحة بأن الله غفر لنا ذنوبنا وشكر لنا سعينا وأعاننا على طاعته

[1] رواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن الحسن.

[2] رواه البيهقي وأحمد في مسنده عن جابر.

[3]قال الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء للإما الغزالى : رواه الخطيب في المتفق والمفترق والديلمي في مسند الفردوس من حديث ابن عمر بسند ضعيف، كشف الخفاء

[4] البزار عن ابن عمر

[5] الْخطيب في المتفق والمفترق عن أنسٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ

[6] رواه مسلم وأحمد في مسنده عن أبي قتادة الأنصاري.

[7] رواه الترمذي عن ابن عمرو.

[8] رواه الإمام مالك في الموطأ والبيهقي من طريقه وغيرهما عن طلحة بن عبد الله بن كريز.

[9] رواه الطبراني في الصغير والأوسط والسيوطي في الكبير عن أبي هريرة.

[10] رواه البخارى وأحمد عن أنس

[11] متفق عليه عن عمر بن الخطاب.

[12] رواه أحمد وأبويعلى والبيهقى عن أبى إمامة

[13] رواه البخاري والبيهقي عن أبي هريرة، والبزار والسيوطي عن جابر.

[14] ت هـ ك عن عائشةَ رضَي اللَّهُ عنهَا.

[15] رواه البزار وابن حبان في كتاب الضحايا والأصبهاني عن أبي سعيد الخدرى

[16] رواه الدار قطنى في سننه، وأحمد في مسنده والبخاري في صحيحه عن أبي هريرة

[17] الترمذى وابن ماجه والمستدرك فى مسنده عن عائشةَ رضَي اللَّهُ عنهَا.

[18] رواه السيوطي في الفتح الكبير والديلمي عن أبي هريرة

[19] صحيح الإمام مسلم

[20] رواه ابن ماجة في السنن والسيوطي في الكبير عن عمران بن حصين.

[21] (خد طب ك هق) عن ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللَّهُ عنهُمَا

[22] إشارة إلى معنى الحديث المتفق عليه والمروي عن أم حبيبة وزينب بنت جحش

[23] رواه البخارى ومسلم عن عائشة







آخر مواضيعي 0 خوف
0 اسرار
0 اللهم اجعلنا من المحسنين
0 اعرف مين هى مصر
0 البقلة
رد مع اقتباس