عرض مشاركة واحدة
قديم 10-03-2009, 11:32 AM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: شخصيات سياسية وتاريخية

الضابط السجان الذي كان مسئولا عن مراقبة الشهيد الرنتيسي في معتقلات السلطة:

* لم أحب أحداً بقدر ما أحببت الدكتور الرنتيسي

* جذبني فيه عبادته وتعامله وحبّه للجميع

غزة/إبراهيم المدهون

الضابط (م.ر.) هو أحد المسئولين عن السجون في السلطة الفلسطينية، وهو المشرف على احتجاز الدكتور الشهيد القائد عبد العزيز الرنتيسي، وهو المسؤول عن مراقبته وأوضاعه داخل السجن.

في هذا الحوار يتحدّث الضابط (م.ر.) عن حياة الدكتور الرنتيسي في المعتقل، وعن تعامل الشهيد، رحمه الله، مع المعتقلين والسجانين.

- ما هي الصورة الذهنية التي كانت لديك عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي قبل رؤيته في المعتقل؟
• لم أكن أعرف الكثير عن الدكتور فقد قضى حياته في السجون والإبعاد بخلاف الكثير من القياديين، وقد كنت أنظر إليه وكابن حركة فتح أنه إنسان عدواني ومتشدد ولا يحب الخير لأحد، ولكن نظرتي اختلفت تماماً عما سمعته، فقد وجدته أكثر الناس حناناً وحباً للغير، ولمست فيه خوفه على المصلحة الفلسطينية والإسلامية.

- كيف كان أول لقاء لك به؟
• أول لقاء كان لي به رحمه الله حين قامت السلطة الفلسطينية باعتقال الكثير من أبناء حماس والجهاد الإسلامي معاً, حيث دخلت إليهم وتوجهت بالسؤال: لماذا لم تتوحدوا وأنتم إسلاميون؟ فعبس جميع السجناء في وجهي إلا الدكتور عبد العزيز الرنتيسي تبسم كثيراً، وقد أحببته يومها ولم أكن أعرف يومها من هو. وبعد ذلك أصبحت ألتقي به وأتحدث معه وأحاوره.. ولم يدل حديثه على الإطلاق أنه إنسان عدواني أو متشدد، ولكن إلى هذه الفترة لم أحبه كقائد، بل كنت أتقبله وأحبه كإنسان كان ذلك في اللقاء الأول.

أما اللقاء الثاني فكان عند اعتقاله لمدة طويلة في سجن انفرادي. ولأني عرفته كنت أسلم عليه، ولكنه رحمه الله جذبني في أشياء كثيرة: عبادته، صلاته، حبه للخير، فرأيته يتمنى أن يصلي الجميع وتتوثق علاقتهم بدينهم وربهم، وأن يتعلم الجميع، فقد كان يحث رجال الشرطة لأن يتعلموا ويطوروا أنفسهم..

- كيف كانت عباداته في السجن؟
• لاحظت عليه أكثر من مرة عندما أذهب إليه في الليل أجده طوال الليل يصلي من بعد صلاة العشاء إلى صلاة الفجر. كانت هذه الفترة كلها عبادة وصلاة وقراءة قرآن ورغم أنه حافظ لكتاب الله إلا أنه كان يقرأ من الكتاب، وعندما سألته: لماذا تقرأ من الكتاب وأنت حافظ له؟ قال لي: إن ثوابها يكون أكبر بإذن الله. وبصدق لم أكن أتوقع أن هناك إنساناً يظل يصلي ويتعبد طوال الليل، وكان ذلك يومياً.

ومن الأمور التي كنت أحبها في الدكتور الشهيد أنه كان يحث الجميع على الصلاة، ولا أبالغ حين أقول أن أكثر من عشرين شاباً من رجال الشرطة أصبحوا يصلون بعدما حرسوا الدكتور الشهيد في المعتقل. ومن أكثر ما لفت انتباهي شاب من الذين جاءوا من لبنان لم يعرف الدين في حياته، وكان سكّيراً ويفعل جميع المحرمات ظل شهر حراسة عند الدكتور عبد العزيز، فتفاجأت به يوماً يصلي.. استغربت ذلك كثيراً فأخبرني أن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي حدثه وعلّمه ماذا تعني الصلاة والعبادة مؤكدا أنه لم يكن يعرف معناها.
وقلت له: هل من الممكن أن تستمر في الصلاة؟ فقال لي أنه متأكد بإذن الله أنه سيظل يصلي باستمرار. وبالفعل، بعد سنة رأيته يصلي في المسجد، وعندما رأيت الدكتور عبد العزيز الرنتيسي أخبرته أن هذا الشخص مازال يصلي. فقال بإذن الله سيظل يصلي وكان متأكداً من ذلك.

- هل كان الدكتور يحرص على أن يعطيهم دروس ومواعظ لكي ينجذبوا له ويسمعوا نصحه، أم كان ذلك من خلال المعاملة؟
• كانت أفعال الدكتور عبد العزيز مرآة لأقواله، ويحضرني الآن موقف كان الحراس يذكرونه عن الدكتور عبدالعزيز، حيث كان بعض الحراس لا يستطيعون الاستيقاظ طوال الليل فينامون والسلاح بجانبهم، وعندما يأتي الضباط للتفتيش يقوم الدكتور رحمه الله بإيقاظهم وإعطائهم سلاحهم حتى لا تنزل بهم عقوبة. كانت تلك المواقف تجذبهم إلى الدكتور الشهيد، حتى لو تحدث إليهم في أي موضوع كان محل ثقة وتأثير على الشباب فكانت أفعاله ومعاملاته دليل حديثه.

- تحدثت أنه كان يحب الجميع فما مدلول قولك؟
• لاحظت عليه أنه رغم بقائه فترة طويلة في السجن لم أره على الإطلاق يتكلم ولو بكلمة واحدة جارحة عن أحد، حتى عن الرئيس الذي كان يعتقد أن اعتقاله كان من قبله أو حتى على أي عنصر من العناصر المسئولين عن اعتقاله. حتى أنه لم يعترض طوال فترة أسره على أي شيء إلا على شيء واحد فقط..

حتى أنه كان ضد الخلافات، بل بالعكس كنت أراه يتمنى أن يجتمع الكل ويتحاب وأن يكونوا يداً واحدة، وكان يقول أن الكل مستقل لكن كلنا على خط قتال واحد.. وكيف لا يكون محباً للجميع وهو الذي كان يحث رجال الشرطة على التعلّم في الجامعة وتطوير أنفسهم، وهم الذين يعتقلونه، بل ويدعو لهم بالنجاح.

- هل حثك الدكتور شخصياً على العلم؟
• نعم لقد حثني على التعلم وأنهيت الجامعة، وأنا أدين له بالفضل، حيث كان يحثني على التعلم أنا وأغلب الشباب، وكان يدعو لي وكنت أشعر بذلك، وأكثر من مرة أقول له اليوم ذهبت إلى الامتحان وأشعر أني بدعواتك ربنا وفقني فكنت أشعر دائماً أنه مستجاب الدعاء.

وكم كنتُ مبهوراً بعلمه ومعرفته فقد كان بحراً في الطب والدين والشعر.. وقد استغربت أنه شاعر، وقد كان يقرأ علينا الشعر الذي كتبه وهو في السجن مع الشيخ الشهيد أحمد ياسين في النقب، وأيضاً في الإبعاد. وقد كان الدكتور الشهيد حافظاً للشعر وضليعاً في النحو والطب واللغة والشريعة..

- تحدثت أن الدكتور رحمه الله لم يعترض إلا على شيء واحد فما هو؟
• لقد كانت مدة اعتقال الدكتور الرنتيسي طويلة جداً، وغيره كان ممكناً أن يعترض على أشياء كثيرة سواء المدة أو المعاملة وحتى الطعام، أما الأمر الوحيد الذي اعترض عليه الدكتور فهو الزيارات، حيث أن زوجته وبناته منقبات، وأثناء الزيارة كان لا بد أن يجلس أحد الضباط معهم، وهو يريد أن يتحدث مع زوجته وبناته وأن يرى وجوههن ويحاورهن عن أحوالهن الخاصة، لذلك اعترض رحمه الله على وجود من يراقب أنفاسه وهو يتحدث لزوجه وبناته.

وغير ذلك لم يكن يعترض على أي شيء، لدرجة أنه كان يصوم ولا يعترض على الطعام. فقد كنا نعلم أنه يعاني من مرض السكري ويحتاج لطعام مخصص، وأكثر من مرة كان الطعام لا يناسبه فينوي الصيام ويكمل نهاره صائماً.

- هل يعني ذلك أن الدكتور كان مريضاً، وإدارة السجن تعلم ولا تخصص له طعاماً يناسب صحته؟
• طبعاً الجميع كان يعلم أنه مريض بالسكري ولم يحضروا له طعاماً خاصاً بل من الموجود.. ولكن علمت أن آخر ستة شهور كانوا يحضرون له طعامه الخاص. فبعض الحراس ومن شدة حبهم للدكتور الشهيد كانوا يحضروا له طعاماً خاصاً على حسابهم دون أن يخبروه، لأنه كان سيرفض لو علم، وقد جربت ذلك معه فرفض بشدة، ومن بعدها قررنا إخباره أنها من السجن، فمعلوم أن ليس كل طعام السجن دجاج أو لحوم بل هناك عدس، وكان لا يهون علينا تقديم مثل ذلك للدكتور.

- كطبيب.. كيف كان الشهيد في السجن هل كان ينصح الشباب أو يعالجهم؟
• لقد كان هناك بعض الشباب عند مرضهم يلجأون إلى الدكتور الرنتيسي ليكتب لهم علاجهم، رغم أن هناك عيادة في الشرطة، ولكن الأطباء في العيادة ليسوا بمستوى علم الدكتور عبد العزيز.. لذا كان ملاذاً لبعض الحراس. حتى أنني أخذت طفلي إلى السجن ليعالجه الدكتور الشهيد فشفاه الله على يده، بعد أن ذهبت لأكثر من طبيب لمعالجته ولم يتعافَ، وكان ابني حينها في الرابعة من عمره.

- حدثنا عن تطلعاته للمستقبل؟
• كان دائماً يقول سوف تقوى شوكة الإسلام وتكبر حماس وتصبح لها قوة وتشتبك مع الاحتلال من جديد، ولم يكن أحد يتوقع في ذلك الوقت أن تقوى حماس وتكبر وتتصارع مع العدو.. وذات مرة قال لي سوف ينسحبون من الضفة الغربية، ولكن سوف يعيدون احتلالها، على العكس من غزة التي لم يتراجعوا عن الخروج منها.

- هل حدثك الدكتور الشهيد عن مرحلة الإبعاد؟
• حدثني الدكتور رحمه الله عن هذه المرحلة، وأكد أنها غيرت كثيراً في حياته. ولكن لم يحدثني عن الإبعاد بقدر ما حدثني عن مرارة العودة من الإبعاد، لأن الجميع عادوا من الإبعاد إلى بيوتهم إلا هو فقد عاد إلى المعتقل، رغم أنه كان يقول ((لو أظل طول حياتي في سجن في فلسطين أهون علي من الإبعاد)).

وكثيراً ما حدثني عن أجواء الإبعاد، وكيف كانوا يتصرفون، كما حدثني عن الصلاة والحياة والثلوج، وما رآه وكيف كانوا يعالجون من يمرض وغير ذلك من الأمور.

- طبعاً استمرت علاقتك بالدكتور الرنتيسي بعد الإفراج فكيف كانت طبيعة العلاقة؟
• نعم لقد استمرت علاقتي معه حتى بعد الإفراج وكانت أقوى من علاقة أخ بأخيه، وأقول لك بأني لم أحب أحداً بقدر ما أحببت الشيخ عبد العزيز الرنتيسي، وكنت أشعر أنه يحبني أيضاً، فأكثر من مرة أكون في الشارع ولا أراه ويراني هو، فيركن سيارته ويسلم علي بالأحضان ويطمئن عليّ وعلى الأولاد وعلى عملي وأسرتي والحراس ويبعث لهم السلام، حتى في أصعب الظروف حيث كان بالفترة الأخيرة مطارداً من اليهود والسلطة أيضاً.

وفي موقف آخر وفور خروجه من سجننا كان يلقي بعض الندوات في المساجد، وبالصدفة التقيت به في مسجد الإصلاح بغزة، وكان بالطبع مراقباً من قبل السلطة ولكني التقيت به صدفة، وعند رؤيته للشباب المراقبين له سلم عليهم ولم أكن أراهم أنا شخصياً فقال لهم: أنتم آتون في مهمة رسمية، ولكن أخونا لا. وكان يقصدني فقلت له: وما أدراك؟ فقال: أنا أعرف. واحتضنني.

- كيف تجنبت الزعماء الفلسطينيين واخترت الدكتور عبد العزيز الرنتيسي من بينهم؟
• لقد أحسست أنه إنسان يعلم ويفهم في كل شيء، كما أنه رجل عادل ويحب أن يكون الحق لأصحابه لو أخطأت سيقول لك أنك خطأ حتى لو كان يحبك، وهو لا يهتم للواسطات والمحسوبيات. كان رحمه الله يسير على قاعدة ((إذا كان لك حق ستأخذه)). ذات مرة جاء له أحد الشباب من الشرطة يطلب منه خدمة بالجامعة الإسلامية، ونحن نعرف أن الدكتور يدرّس فيها، وله ثقله هناك. رغم ذلك أجابه: إن كان لك حق سوف تأخذه، أما أنني أتوسط لك فلا.. فكان هذا الموقف دليلاً على ذلك رغم أن الدكتور قد يحتاج هذا الشاب في موقف معاكس.

وليس هذا فقط ما كان يربطني بالدكتور، بل معاملته وحنانه، فكنت ألمس حبه لأهله. وكان رحمه الله يعشق والدته ودائم الحديث عنها، وذلك قبل وفاتها رحمها الله.
أما إذا أردت أن أرتب اختياراتي فسوف أختار د.عبد العزيز الرنتيسي ثم د.عبد العزيز الرنتيسي ثم د.عبد العزيز الرنتيسي. لقد قلتها له في حياته لو كان لي حق اختيار خليفة للمسلمين لاخترتك أنت.

- كل هذا الحب قبل الانتفاضة أم بعدها؟
• أكيد قبل الانتفاضة وبعد رؤيته عن قرب.

- هل هناك مواقف تودّ ذكرها؟
نعم عندما كان الدكتور الشهيد يوماً في مسجد الإصلاح، كانت هناك قوات كبيرة من الشرطة في مهمة رسمية.. عندما رآهم الناس بدأوا يلقون عليهم الحجارة فأغضب هذا الموقف الدكتور ووقف بجانب الشرطة، وقال: جاء هؤلاء لسماع ندوتي وليس لاعتقالي.. رغم أنهم كانوا في مهمة رسمية لمراقبة كلامه ومع هذا لم يرضه الموقف..

- كيف كان وقع خبر استشهاد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي عليك؟
• كان خبر استشهاد الدكتور أصعب موقف في حياتي وأنا لم أبك في حياتي إلا ثلاث مرات، واحدة منها كانت على الدكتور الشهيد..

ليلتها ذهبت لشراء عشاء جاهز لأولادي، وإذا بالناس يقولون بأن هناك سيارة انفجرت واحتمال أن يكون فيها الدكتور عبد العزيز الرنتيسي فأحسست بقبضة في قلبي، وعند أذان العشاء ذهبت للصلاة وكانت الأنباء تتحدث عن نجاته واستشهاد مرافقيه، فحمدت الله حمداً كثيراً ولم أستطع أن أكمل غير صلاة الفرض لأنني تأكدت من خبر استشهاده، ولم أستطع أن أمسك نفسي فذهبت إلى مكتب خالي حتى أفرغ ألمي بالبكاء، ثم ذهبت إلى مستشفى الشفاء ورأيت الجماهير الغفيرة المجتمعة والذين كانوا ما بين باكٍ ومصدوم، ومن ثم عدت إلى البيت.

لا شك أن اغتيال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي يعد خسارة كبيرة للأمة الإسلامية وإن شاء الله نعوض خيراً بمثله وحتى لا نطمع كثيراً فأقول أو قريب منه..

- كيف تلقّى ابنك الصغير خبر استشهاد الدكتور؟
• لقد تلقاه بحزن شديد جداً حتى أنه أصر على أن يمشي في جنازته وأن يصلي عليه رغم أنه طفل. وكنت كثيراً ما أعترض على وجود الأطفال في الجنازات، إلا أنني أخذته معي على الجنازة، لأن ذلك كان يريحه فهو يعشق الدكتور عبد العزيز والحمد لله رب العالمين..

- طالما كان استشهاد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي أمراً متوقعاً، ما تفسيرك لحزنك الشديد على استشهاده وحزن الناس؟
• دائماً الحزن على خسران شخص يكون بمقدار محبته والتعلق به، فما بالك بمحبة الدكتور!؟ فأنا واحد من الكثيرين الذين رسخ حب الدكتور رحمه الله في قلوبهم، فهو أغلى الناس علي وأفضل من عرفت في حياتي، فلم أحب أحداً بقدر ما أحببت الدكتور الرنتيسي..

- هل تحب أن تضيف شيئاً عن الدكتور قبل أن ننهي اللقاء؟
• أنا أتصور أنني لو تكلمت أياماً وليالي عن هذا الرجل لا أعطيه معشار حقه من بطولاته، فقد كان بإمكانه أن يعيش حياة مرفهة بعيدة عن هذه المشاكل، فمنذ بداية حياته قال لي إنه عاش يتيماً وعاش بقلّة، وكان يستطيع أن يعيش حياة نعيم وبعيدة عن كل هذه المشاكل السياسية، لكنه فضّل طريق الجهاد.


في رثاءعبد العزيز الرنتيسي

فارس عودة




الأَسَـــــــــــــدُ الـــشَّـــهِـــيــــدُ"
فَقْـدُ العَزِيـزِ يُفَتِّـتُ الأَكْبَـادَا وَيُزَلْـزِلُ الأَغْـوَارَ وَالأَوْتَــادَا
وَيَهِيجُ بالأَحْدَاقِ أَنْ تَبْكِي أَبـاً مَـلأَ الْمَدَائِـنَ صَوْلَـةً وَجِهَـادَا
كَمْ عِشْتَ فِي مَرْجِ الزُّهُورِ مُغَرِّداً رَغْمَ الْمُصَابِ تُرَجِّعُ الإِنْشَـادَا
كَمْ عِشْتَ فِي سِجْنِ البُغَاةِ مُكَبَّلاً تَشْكُو الظَّلامَ وَتَلْعَـنُ الأَصْفَـادَا
كَمْ عِشْتَ تَصْطَنِعُ الرِّجَالَ وَتَصْطَفِي دُرَرَ الْحَمَاسِ وَتَصْنَعُ الأَمْجَادَا
تَسْقِي قُلُوبَ المُخْلِصِينَ عَزِيمَةً وَتَزِيدُهُـمْ فَـوْقَ الْعِنَـادِ عِنَـادَا
كَمْ سِرْتَ تَطَّلِبُ الْمَعَالِيَ قِمَّةً وَكَمِ اتَّخَذْتَ ذُرَى الصِّعَـابِ جَـوَادَا
حَتَّى أَتَتْكَ يَـدُ الْغَوَائِـلِ غِـرَّةً وَيَـدُ الْجَبَـانِ تُبَيِّـتُ الأَحْقَـادَا
نَهَشَتْكَ أَنْيَابُ الضِّبَاعِ عَشِيَّةً وَرَمَتْـكَ أَجْنِحَـةُ الْبُغَـاثِ عَتَـادَا
غَدَرُوكَ يَاأَبَتِي وَتِلْكَ سَجِيَّةٌ يَزْهُو بِهَا مَـنْ أَوْجَـدُوا الْمُوسَـادَا
مَنْ جَرَّفُوا الزَّيْتُونَ مِنْ أَوْطَانِهِ مَنْ صَادَرُوا الأَفْـرَاحَ وَالأَعْيَـادَا
مَنْ أَحْرَقُوا الأَرْضَ الْوَقُورَ بِنَارِهِمْ مَنْ حَوَّلُوهَا بِاللَّهِيـبِ رَمَـادَا
مَنْ قَتَّلُوا الشَّيْخَ الجَلِيلَ وَدَنَّسُوا حَرَمَ الشَّرِيـفِ وَمَزَّقُـوا الأَوْلادَا
مَنْ حَاصَرُوا الشَّعْبَ الأَبِيَّ بِدَارِهِ مَنْ شَـرَّدُوا الآبَـاءَ وَالأَجْـدَادَا
أَبَتِي بَكَيْتُكَ وَالدُّمُوعُ كَأَنَّهَا غَيْثٌ هَمَـى فَـوْقَ الْبِطَـاحِ وَجَـادَا
أَبَتَاهُ فَقْدُكَ أَشْعَلَ الدُّنْيَا أَسَى وَأَصَابَ فِـي صَـدْرِ الأُبَـاةِ فُـؤَادَا
قَسَماً بِرَبِّ الْبَيْتِ سَوْفَ نُذِيقُهُمْ طَعْنـاً يُقَطِّـعُ هَوْلُـهُ الأَكْبَـادَا
وَلَظًى تَذُوبُ لِحَـرِّهِ أَوْصَالُهِـمْ وَيُزَعْـزِعُ الأَرْكَـانَ وَالأَطْـوَادَا
جُنْدَ الْكَتَائِبِ يَاسَوَاعِدَ أُمَّةٍ تَحْمِـي الْحِمَـى وَتُحَطِّـمُ الأَوْغَـادَا
صُبُّوا عَلَى الْمُحْتَلِّ نَارَ جَهَنَّمٍ وَاسْتَأْصِلُـوا الطَّاغُـوتَ وَالْجَـلاَّدَا
يَافِتْيَـةَ القَسَّـامِ هَـذَا يَوْمُكُـمْ فَلْتَجْعَلُـوا تَـلَّ الرَّبِيـعِ رَمَـادَا
وَلِتُرْهِبُوا تِلْكَ الْقُـرُودَ فِإِنَّهَـا عِنْـدَ الْكَرِيهَـةِ لاتُطِيـقُ جِـلادَا
وَلْتَثْأَرُوا لِدَمِ الشَّهِيدِ وَتَحْرِقُوا قَلْـبَ الْكِيَـانِ وَتَشْنُقُـوا الْقَـوَّادَا
وَلْتُمْطِرُوا يَافَا الرُّجُومَ صَوَاعِقاً تَهْوِي عَلَى هَامِ العُـدَاة ِجَـرَادَا
يَاقَاتِلَ الْعَبْدِ الْعَزِيزِ غَداً تَرَى حِمَمَ الْكَتَائِـبِ تَنْسِـفُ الأَجْسَـادَا
فيَكُونُ لَيْلُ الْغَاصِبِينَ مَنَاحَةً وَيَصِيـرُ صُبْـحُ الْمُنْذَرِيـنَ حِـدَادَا
يَاأُمَّةَ الأَحْرَارِ قَدْ طَابَ الـرَّدَى فَلْتَكْسِـرُوا الأَغْـلالَ وَالأَصْفَـادَا
وَلْتَنْهَضُوا إِنَّ الْجِنَانَ عَزِيزَةٌ تَدْعُـو الشَّهِيـدَ وَتَطْلُـبُ الْمُرْتَـادَا
الْيَوْمَ وَدَّعْنَـا الشَّهِيـدَ بِأَدْمُـعٍ وَغَـداً نُشَيِّـعُ بِالنُّـوَاحِ بِـلادَا
قُومُوا فَقَدْ بَرَحَ الْخَفَاءُ وَأُشْرِعَتْ أَسَـلُ الْعَبِيـدِ تُقَتِّـلُ الأَسْيَـادَا
فَي غَفْلَةِ الأَسَدِ الهَصُورِ تَوَاثَبَتْ تَلْكَ الضِّبَـاعُ تُمَـزِّقُ الآسَـادَا
كَمْ أَرْجَفَ الْمُحْتَـلُّ سُـدَّةَ حَاكِـمٍ لَمَّـا اسْتَطَـارَ بِغَيِّـهِ وَازْدَادَا
مَاإِنْ تَرَجَّلَ عَـنْ رِكَـابِ حِمَـارِهِ مُتَبَجِّحـاً يَسْتَنْفِـرُ الأَجْنَـادَا
حَتَّى إِذَا نَادَى الْجَلِيـلُ بِثَـوْرَةٍ أغْـرِي بِـهِ الصِّبْيَـانَ وَالأَوْلادَا
وَلَّّى عَلَى أَعْقَابِـهِ مُتَسَلِّـلاً خَلْـفَ الْجِـدَارِ لِيَحْشِـدَ الْمُوسَـادَا
وَيَصِيحَ فِي تِلْكَ الْجَحَافِلِ خَائِفـاً يَسْتَعْجِـلُ الْقَنَّـاصَ وَالصَّيَّـادَا
أَبَتِي الْعَزِيزُ أَرَاكَ تَمْرَحُ فِي الرَّبَا وَالْخُلْدُ كَانْـتَ للعَزِيـزِ مُـرَادَا
كَمْ كُنْتَ تَفْتَرِشُ الْحَصَى مُتَلَفِّعاً ثَوْبَ السَّمَاءِ وَكَمْ خَرَطْتَ قَتَـادَا
وَكَتَبْتَ مِنْ دَمِكَ الطَّهُورِ وَصِيَّةً وَغَـدَتْ دِمَـاؤُكَ لليَـرَاعِ مِـدَادَا
"الْمَيْتُ مَنْ مَاتَ الإِبَاءُ بِرُوحِهِ وَالْحَيُّ مَنْ عَاشَ الْحَيَـاةَ جِهَـادَا"
وَمَضَيْتَ فِي كَفَنِ الشَّهَادَةِ شَامِخاً تَطْوِي الزَّمَانَ وَتَقْهَرُ الأَبْعَـادَا
فَالْيَوْمَ تَفْتَرِشُ النَّمَارِقَ ضَاحِكاً وَالْحُورُ يَبْذُلْـنَ النُّحُـورَ وِسَـادَا
جَنَّاتُ عَدْنٍ صَاغَهَا رَبُّ السَّمَا تَلْقَـى بِهَـا الأَجْـدَادَ وَالأَحْفَـادَا
وَمُحَمَّدٌ يَلْقَاكَ فِـي أَفْنَانِهَـا وَتَـرَى بِهَـا الصِّدِّيـقَ وَالْجَـوَّادَا
تَلْقَى بِهَا الشَّيْخَ الْجَلِيلَ وَمَنْ مَضَوْا وَتَرَى بِهَا الأَبْـرَارَ والْعُبَّـادَا
تَلْقَى بِهَا الْقَسَّامَ يُؤْنِسُ جُنْدَهُ وَتَرَى عَلَى رَوْضِ الْجِنَـانِ عِمَـادَا
رَوْضٌ أُعِدَّ لِمَنْ أَطَلَّ مُجَاهِـداً وَبَنَـى بِأَعْظُمِـهِ الْبِـلادَ وَشَـادَا
مَنْ سَارَ نَحْوَ الْخُلْدِ يَرْسُمُ عِزَّةً وَعَلَى خُطَى عَبْدِ الْعَزِيـزِ تَهَـادَا
أَسَدٌ تَرَبَّعَ فِي ضَمَائِرِ أُمَّـةٍ وَعَلَـى ذُرَى قِمَـمِ البُطُولَـةِ سَـادَا
أَبَتِي تُوَدِّعُكَ الْبِطَـاحُ حَزِينَـةً وَالْقُـدْسُ تُقْرِئُـكَ السَّـلامَ وِدَادَا





الرنتيسي في عيون المليار

د.أسامة الأحمد




" عـجــبــي لــــــك أيـــهـــا الـشـهــيــد!..
حتى وأنت مسجّىً على الأكتـاف كنـت تقـود النـاس بحمـاس ! "
يا من وقفتَ بمركز الإعصار ِ *** طوْداً يجاهد خلـفَ خـط النـارِ
ذلّ الكثيرُ.. وظلّ رأسُك شامخـاً *** فـرداً يسيـر مُواجـهَ التيّـارِ
يا فارساً سبق الجيادَ جوادُه ! *** قد عشتَ عمرَك سيّـدَ المِضمـارِ
أعَزمتَ ترحل قبل سجدةِ جبهةٍ*** في المسجد الأقصى دُجى الأسحارِ!
أعزمت ترحلُ! أين..أين عهودنا *** في أنْ نسيرَ لآخر المشـوارِ؟!
من أنتَ ؟! قل لي هل شهابٌ عابرٌ *** بسماء عصركَ باهرُ الأنـوارِ
من أنت؟! قل لي.. هل نداءٌ هادرٌ *** أم نغمـةٌ قدسيّـةُ الأوتـارِ؟!
من أنت ؟! قل يا سيد الأحرارِ *** فسناءُ وجهـكَ ساكـنٌ أغـواري
عجباً لأمرك! ما فعلتَ بمهجتي *** يا سيدي .. وبمهجـة المليـارِ!
تذكارُ وجهك في العيون مخلّدٌ *** لوكنتَ تعلـمُ روعـة التذكـارِ !
قل لي، أجبني، قل لمليارٍ بكوْا *** واكشفْ لهم عن روعة الأسـرارِ
فلقد لمحتُ اليوم فيك شمائلا ً *** و ملامحاً مـن أوجُـهِ الأنصـارِ
هل في عروقكَ من دماء مهاجرٍ*** صحِبَ النبيّ محمداً فـي الغـارِ!
عبدَ العزيز! وأنت نبضٌ هادرٌ *** للسائرين علـى هـدى المختـارِ
عبد العزيز ! وأنت لحنٌ رائعٌ *** أضحى يُلـوّن موسـمَ الأشعـارِ
عبدَ العزيزِ ! وأنتَ فجرٌ ساطعٌ *** يمحـو ظـلامَ عدونـا الغـدار ِ
أترى أُصِبتَ بطعنةٍ غربية ٍ؟! *** أم قد أصبـتَ بغـدرة " الثـوارِ"!
تباًّ لهم .. آمالهم لو مرّغوا *** وجناتِهـم فـي جزمـة الجـزّارِ !
لا بوركوا في بيعهم إذ بدّلوا *** شمـسَ النهـار بظلمـة الـدولارِ
قولوا لصهيونَ الذين تجبّروا *** لا.. لن يطول بقاؤكـم فـي داري
عارٌ علينا .. يا له من عار ِ *** إنْ طاب عيشٌ قبـل أخـذ الثـارِ







الــــــرنــــــتــــــيـ ـــــســــــي
د. عــبـــد الـخــالــق الــعـــف - غـــــزة
كفت عن الإشراق كل شموسي *** لما ترجل كوكـب الرنتيسـي
لو كان يدفن في القلوب مفارق *** لجعلت قلبي روضة الرنتيسي
أو كانت الأرواح تفدي ميتا *** لجعلت روحي في فدى الرنتيسي
لكنه حي يقود جموعنا *** نحو الشـروق وشمسـه الرنتيسـي
نادته حور العين أين عريسي *** رد الصدى في ثغرها:الرنتيسي
حملته كف الشمس يملؤها السنا *** نحو الجنان ينيرها الرنتيسي
ليث تسربل في الخلود بجنـة *** روي سوامقهـا دم الرنتيسـي
وتخضب الأفنان من ياقوته *** وتفوح عطرا من شذا الرنتيسـي
تزدان أردية النعيم بوشيه *** وتفيض نورا من ضيا الرنتيسـي
يحلو من الألحان رجع نشيده *** ويبث طيبا في المدى الرنتيسي
نار على علم يطوف شهـرة *** حـر أبـي اسمـه الرنتيسـي
رمز الكرامة والشهامة والفدا *** رمز الصمود زعيمنا الرنتيسي
قد كان يدرك ما السبيل إلى العلا *** فاختار خلدا زانه الرنتيسي
قمران زفا للنعيـم بساحـه *** يتعانـق الياسيـن والرنتيسـي
صفر يفاخر أشهرا بصعوده *** نحو السماء بصحبـة الرنتيسـي
يارب فاقبله شهيدا في العلا *** وارحم إلهي شيخنـا الرنتيسـي





المصدر :

مجمع من المركز الفلسطيني للاعلام ومواقع أخرى






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس