عرض مشاركة واحدة
قديم 12-06-2008, 03:08 AM رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: هكذا حج الصالحون



(12)

الصَّالِحُونَ..وتأمّل حِكَمِ الحج وأسرارِهِ ولطائفِهِ

أنقلُ في هذا الموضوعِ كلاماً جميلاً للشيخِ عبدالرحمن السعدي قال فيه:

«
اتفق المسلمون على ما ثبت في الكتاب والسنة من وجوب الحج، وأنه أحد أركان الإسلام ومبانيه التي لا يتم إلاَّ بها وعلى ما ورد في فضله وشرفه وكثرة ثوابه عند الله، وهذا معلومٌ بالضرورة من دين الإسلام.
وقد فرضه العليم الحكيم الحميد - في جميع ما شرعه وخلقه- ، واختص هذا البيت الحرام وأضافه إلى نفسه وجعل فيه وفي عرصاته والمشاعر التابعة له من الحكم والأسرار ولطائف المعارف ما يضيق علم العبد عن معرفته، وحسبك أنه جعله قياماً للناس به تقوم أحوالهم ويقوم دينهم ودنياهم فلولا وجود بيته في الأرض وعمارته بالحج والعمرة وأنواع التعبدات لآذن هذا العالم بالخراب، ولهذا من أمارات الساعة واقترابها هدمه بعد عمارته وتركه بعد زيارته، لأنَّ الحج مبني على المحبة والتوحيد الذي هو أصل الأصول كلها، فمن حين يدخل فيه الإنسان يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنَّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، ولا يزال هذا الذكر وتوابعه حتى يفرغ، ولهذا : فأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوحيد، لأنَّ قول الملبي: لبيك اللهم لبيك التزامٌقال جابر لعبودية ربه وتكرير لهذا الالتزام بطمأنينة نفس وانشراح صدر ثم إثبات جميع المحامد وأنواع الثناء والملك العظيم لله تعالى، ونفي الشريك عنه في ألوهيته وربوبيته وحمده وملكه، هذا حقيقة التوحيد وهو حقيقة المحبة؛ لأنه استزارة المحب لأحبابه وإيفادهم إليه ليحظوا بالوصول إلى بيته، ويتمتعوا بالتنوع في عبوديته والذل له والانكسار بين يديه وسؤالهم جميع مطالبهم وحاجاتهم الدينية والدنيوية في تلك المشاعر العظام والمواقف الكرام ليجزل لهم من قراه وكرمه ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

وليحط عنهم خطاياهم، ويرجعهم كما ولدتهم أمهاتهم، والحج المبرور ليس له جزاء إلاّ الجنة، ولتحقق محبتهم لربهم بانفاق نفائس أموالهم، وبذل مهجهم بالوصول إلى بلد لم يكونوا بالغية إلاَّ بشق الأنفس،فأفضل ما أنفقت فيه الأموال، وأعظمه عائدة وأكثر فوائد انفاقها في الوصول إلى المحبوب وإلى ما يحبه المحبوب، ومع هذا وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ  [سبأ: 39]
فقد وعدهم باخلاف النفقة والبركة في الرزق ، وأعظم ما دخل في هذا الوعد من الكريم الصادق انفاقها في هذا الطريق.

وأفضل ما ابتذل به العبد قوته واستفرغ له عمل بدنه هذه الأعمال التي هي حقيقة الأعمار، فحقيقة عمر العبد ما قضاه في طاعة سيده، وكل عمل و تعب ومشقة ليست بهذه السبيل فهي على العبد لا للعبد.

ثم ما في ذلك من تذكر حال وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى
[البقرة: 125]
العابدين وأصفيائه من الأنبياء والمرسلين والصحيح أنه مفرد مضاف يشمل جميع مقاماته في
الحج من الطواف والسعي والوقوف بالمشاعر والهدي وأصناف متعبدات الحج وقال النبي صلى الله عليه وسلم في كل موطن من مواطن الحج ومشاعره :«لتأخذوا عني مناسككم » فهو تذكير لحال الخليل إبراهيم عليه السلام وأهل بيته وتذكير لحال سيد المرسلين وإمامهم، وهذا أفضل وأكمل أنواع التذكيرات للعظماء تذكيرا بأحوالهم الجليلة ومآثرهم الجميلة، والمتذكر لذلك ذاكر لله تعالى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :«إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لاقامة ذكر الله» ففي هذا من الإيمان بالله ورسله الكرام وذكر مناقبهم وفضائلهم ما يزداد به المؤمن إيمانا، والعارف إيقاناً، ويحثه على الاقتداء بسيرهم الفاضلة، وصفاتهم الكاملة.

ثم ما في اجتماع المسلمين في تلك المشاعر واتفاقهم على عبادة واحدة ومقصود واحد، ووقوف بعضهم من بعض، واتصال أهل المشارق بالمغارب، في بقعة واحدة لعبادة واحدة ما يحقق الوحدة الاسلامية، والأخوة الايمانية، ويربط أقصاهم بأدناهم، ويعلمون أنَّ الدين شاملهم، وأنَّ مصالحه مصالحهم وإن تناءت بهم الديار، وتباعدت منهم الأقطار.

فهذه إشارة يسيرة إلى بعض الحكم والأسرار المتعلقة بهذه العبادة العظيمة، فلله الحمد والثناء حيث أنعم بها عليهم، وأكمل لهم دينهم، وأتم عليهم نعمته، ورضي لهم الاسلام ديناً.
وهذه الحكم من أقوى البراهين والأدلة على سعة رحمة الله، وعموم بره، وأنَّ الدين الحق الذي لا دين سواه هو الدين المشتمل على مثل هذه الأمور، والله تعالى أعلم
»( ).









آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس