عرض مشاركة واحدة
قديم 12-03-2009, 07:57 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: خربة خريش .. الجمال المسلوب !

خريش، نكبةٌ بعد النكبة
بعد مرور ثُلث ساعةٍ من بداية جولتي على دراجتي الهوائية، وصلتُ إلى خِربة خريش مرة أخرى.. تلك الخربة التي أحسنت إستثارتني بكشفها الحُجب عن أطلالها الشامخة وتراثها العتيق، فلا أجدني إلا محاطًا بدروسٍ مثيرةٍ في التاريخ والفلسفة.. وما إن تتوالى روعة المناظر حتى تستحوذ الدهشة عدستيّ فتقفز آلة التصوير من مرقدها حتى تغتنم شيئًا من هذه الدهشة.. لتحتفظ في دهاليزها الصور، لعلها تحكي ما لم تسطعِ الكلمات حكايته.!

سحر المكان لا زال يُوحي بفلسطينيته.. فابتداءًا بتميز الخربة ووجودها ضمن قرى العرقيات الواقعة في نهاية السهل الساحلي الفلسطيني.. إلى وجودها على تله تتربع على ارتفاع 75 مترًا عن سطح البحر.. ومن ثم إلى المسجد الذي بقي محرابه شاهدًا ومقامًا للرجل الذي دُعيت القرية على اسمه وهو: محمد بن أحمد الخريشي الحنبلي.. ومن المقام إلى بيت الحاج موسى العيسى، ذلك البيت البديع المؤلف من طابقين والذي كلف صاحبه 200 جنيه فلسطيني.. ومقبرة القرية التي لا تزال تحتفظ بأجساد من حالفهم الحظ أن يدفنوا في أراضيهم.. ومنه إلى بعض المغارات التي جُعلت مكانًا لاصطياد الشنّار.. كما الآبار التي خلت المياه منها وبعض الأحواض الصخرية.. ثم أشجار الزيتون، الرمان،التين، الصبار، واللوز!!

هذه هي المعالم الظاهرة للعيان.. بالإضافة إلى الكثير من الحجارة التي تعانقت لتكون أكوامًا اكوامًا تنتشر في بِقاع كثيرة من القرية تشهد على الكثير من البيوت التي خلا زمانها!.
أما عن أهل القرية وهجرتهم، فبعد أن إرتسمت الحدود الجديدة إثر الحروب الإسرائيلية الفلسطينية.. لم يجد أهل خريش طريقة غير التسلل للتواصل مع الأهل وتقصي أخبار الحرب، كما كانوا يتسللون لقطف الثمار من مزارعهم وغير ذلك مما جعل الحكومة الإسرائيلية تتعامل مع المسألة بصرامة ودون رحمة فكانت عمليات التعذيب والقتل والسجن إلا أن أهل القرية يتجهون نحو العمل الوطني ويزرعون القنابل والألغام، فتفاقم الوضع حتى قررت الحكومة الإسرائيلية بأن هذه القرية مزعجة وليس لها لزوم.
وفي ليلة 28 شباط 1952 دخلت دورية عسكرية إلى القرية فضربوا، عذبوا، أهانوا وقالوا: يا الله بدكم ترحلوا عن خريش، وإلا بتموتوا أو بتخرجوا للضفة الشرقية. ولم ينقضي يوم أو إثنان بعد تلك الحادثة حتى تم تهجير أهل هذه القرية إلى كفرقاسم وجلجلوية وكفرثلث وقرى وعِزَب أخرى مجاورة للقرية.
هكذا مُلخص ما جاء في تهجير أهل القرية وأما الراغب في الحكايات المروية عن أهل القرية، والأخبار المتناثرة في الجغرافيا والتراث وعلم النبات والشعر.. والسياسة فقد كرّس الأستاذ عبد العزيز عرار جُهدا عظيمًا وّثق فيها اخبارًا، حكايات، شخصيات حول هذه الخربة.. فيمكنك الإستفادة من هذا الرابط: هنا
بِروعة المكان، وبغياب السُكان، لا أجد غير كلمات الشاعر المرحوم إبراهيم صالح حسين عرار – الذي طرد من القرية عام 1949 – ليقول حينما يودعها:
هاجرنا وأصبحنا طنايب بعد ما كنا حبايب
وحجارة السهل بتنادي ويا مهاجر على بلادك قوم
غني ياليل غني غني على أوتار العود
بلكن عصفور الجنة على بلادي يعود

وعلى أثير الكلمات، وتغاريد العصافير، وإبتهلات الأشجار.. كُتب لجولتي النهاية.. لأودع هذه القرية المتربعة على عرش من الحضارة والجمال.. والتي لا زالت تنتظر عودة أهلها الذين لا يبعدون عنها سوى بضعة دقائق!!!!


مناظر من خريش – مدينة تل ابيب
شيء من الأطلال!
جِدار لأحدى الساحات في الخربة






آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس