عرض مشاركة واحدة
قديم 10-03-2009, 11:39 AM رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: شخصيات سياسية وتاريخية

مع العلم بان التقاليد والعادات العالمية وبالأخص البيئة العربية التي تنفي اضطهاد المرأة أو النساء خصوصاً أثناء قيام الحرب. ولكن ماكنا نعتقد أن دولة تعتبر نفسها من دول البحر الأبيض المتوسط مهد الحضارة الأوروبية أن تصل إلى هذه الدرجة من الانحراف والخروج عن جادة التمدن والرقي. لم يسبق في تاريخ البشرية بل في تاريخ البربرية ، أن معاملة الجيش الايطالي الفاشستي للنساء هي معاملة وحشية بدرجة تتقزز منها النفوس، فهي معاملة سيئة سواء في طرابلس أو في برقة.

أن هذه الأخبار لم تكن نسيجاً من خيال وفكرة طارئة وإنما هي حقائق يرويها من أسعده الحظ بالنجاة من المذابح التي قام بها الجيش الايطالي الفاشستي.
شرحوا لنا مايلي:

1- عندما اتجهت القوات الايطالية لاحتلال الكفرة كانت معززة بالطائرات التي تلقي قنابلها على السكان العزل من شيوخ ونساء وأطفال وخلاف هذا سمحوا لجنودهم أن يعبثوا بالسكان لمدة ثلاثة أيام مطلقي الأيادي في البيوت والأسواق والمساجد وفي كل النواحي تصرفات وحشية لم تخطر على بال احد نهبوا وقتلوا واحرقوا كل مامروا به ولم يتركوا أي جريمة تخطر ببالهم إلا وارتكبوها، قتلوا العلماء والشائخ، هتكوا حرمات البيوت وبقروا بطون النساء وان عدد العائلات التي قضي عليها عند احتلال الكفرة يزيد عن 70 عائلة من علية القوم، وعلاوة على هذا فقد اتخذوا زاوية السنوسي (التاج) كحانة شربوا فيها الخمر حتى ثمالة الجنون وشربوا نخب القضاء على المسلمين واحتلال طرابلس وبرقة .. ألقوا بالمصاحف القرآنية في الإسطبلات تحت سنابك الخيل وبالكتب العلمية أوقدوا بها النار تحت قدورهم لطهي طعامهم. وقد استشهد من الثوار في احتلال الكفرة مايزيد عن (200) شهيد من بينهم المشايخ الآتية أسماؤهم:

الشيخ صالح العبادية، الحاج سليمان بومطاوي، الشيخ غيث بوقنديل ، الشيخ سليمان الشريف، الشيخ محمد يونس، الشيخ احمد بو اشناك وحفيده الشيخ عمر، الشيخ حمد الحامي ، الشيخ عبد السلام بوسريويل، الشيخ محمد المسحوق وحفيده على بن حسين ، الشيخ محمد العربي، الشيخ محمد بوسجادة الشيخ محمد الفايدي الجلولي ، الشيخ خليفة الدلال. أما الرواية الثانية هي كيف تم احتلال الكفرة من أولئك الغاشمين المتوحشين من مشاهدين حقيقيين لتلك الأحداث، قبل دخول الايطاليين إلى الكفرة قامت طائراتهم بقصف واحات الكفرة بقنابلهم الفتاكة فوق السكان العزل حيث قتل عدد كبير من النساء والشيوخ والأطفال ، وبعد أن دخلوا الكفرة أطلقوا أيدي جنودهم لمدة ثلاثة أيام للعبث والتخريب في الكفرة فقد أطلقوا بغالهم وخيولهم حيث دوت كل المزروعات فاستولوا على كل المواد الغذائية وقطعان الأغنام والبقر لتموين جنودهم المحتلين دون مقابل وعلاوة على هذا نهبوا أثاث السكان وقسموها على إدارات الجيش الزاحف كذلك ملابس النساء وحليها، هذا قليل من كثير زد على ذلك اعتداءاتهم على حرمات الناس العزل دون وازع من ضمير، وعندما اتجه بعض المشايخ إلى قائد الحملة راجين منه إصدار أمره إلى الجنود بالكف عن هذه الاعتداءات على الناس كان مصيرهم القتل رمياً بالرصاص باعتبارهم خونة، وبالاختصار أن الايطاليين عندما احتلوا الكفرة قاموا بأعمال وحشية لم يسبق أن حدثت في التاريخ حتى في القرون الوسطى عهد الهمجية.

أن قضية الـ 80.000 عربي الذين نقلتهم القوات الغاشمة من أراضيهم الخصبة في الجبل الأخضر إلى مناطق جدبه صحراوية لا ماء فيها ولا كلأ، هي منطقة (سرت) كي تموت المواشي جوعاً، وعطشاً . أما البقية فقد استولى عليها الجنود الايطاليون وأصبحوا فقراء تدفع لهم الحكومة الايطالية فرنكين عن كل يوم لكل شخص مهما كان عدد عائلته. إما بالنسبة لحلي النساء وملابسها فقد نهبها الجنود الايطاليون، وأصبحت العائلات في هوة الفقر سواسية. وفي أثناء مرافقة هذا العدد الضخم من رجال ونساء وأطفال، كان الجنود يسومونهم سوء العذاب وكل من يعجز عن المسير مصيره الموت فيقتلونه ويتركونه يتخبط في دمه.

إن الرجال والشبان الذين تتراوح أعمارهم من 15 إلى 40 سنة اجبروا على الانخراط في قوات الجيش. وأما الصغار الذين تتراوح أعمارهم من 14 سنة فقد اخذوا بالقوة من أهليهم وأرسلوا إلى ايطاليا بحجة تعليمهم، ولكن في الحقيقة من اجل تنصيرهم.

وهذا ماكان يتحدث به سكان (روما) وهو تنصير الليبيين بصورة عامة والطرابلسيين بصورة خاصة. ورغبة الايطاليين الفاشستيين هي القضاء المبرم على العنصر الإسلامي في ليبيا، فإذا ليبيا تصير ايطالية وبجوارها مصر، سوف تتعرض إلى أكبر خطر. وان مصر لن تسكت عن هذا الإجراء لان الايطاليين في اعتقادهم المريض إن مصر ليست دولة عربية، وإنما هي خليط من عدة أجناس.. الأمر الذي يجعل ايطاليا تحكم بأن تغزو مصر وتتمكن من ارضها وشعبها كما تمكنت من طرابلس . أن الوعود المعسولة التي كانت تصرح بها السلطات الايطالية. وتمنياتها الطيبة التي كانت تعرضها على الشعب الليبي وإنها -يعني ايطاليا- ما أتت إلا لتخلص الشعب الليبي من الاستبداد التركي. ولأجل أن تذر الرماد في أعين الناس، أتت بإدريس وقلدته لقب الإمارة ووعدته بالحكم الذاتي، ولكن كانت دائماً وعوداً فقط. وهاهي ايطاليا تلغي كل شيء وتبدأ في سفك الدماء وتطرد السكان من أراضيهم وأموالهم وأخذت أولادهم وبناتهم إلى ايطاليا من أجل تعليمهم، وفي الواقع من أجل تنصيرهم.. إني اقل على المسلمين أن يتذكروا هذه كله وان يتفهموه..فان هناك من يتفلسف ويتشدق بالقول بأن في أوروبا تسود العدالة والحرية، وان الدول الأوروبية لا تتعرض للقضايا الدينية، وان السبب في سقوط المسلمين هو التعصب الأعمى: أن هذه الألفاظ وهذه المغالطات تنذر المسلمين جميعاً بأنهم إذا لم يتحدوا ويذودوا عن حياضهم سوف يتعرضون إلى القضاء ويفقدون قواتهم المسلحة وحرياتهم السياسية، سوف يحدث لهم كما حدث لطرابلس إذا لم يحافظوا على حريتهم واستقلالهم أن موقف ايطاليا من حضارة القرن العشرين موقف غير مشرف فقد رجعت إلى معاملات القرون الوسطى.

أن الايطاليين المتوحشين لم يتحرجوا لا كبيراً ولا صغيراً فقد اعتدوا على الحريات اغتصبوا النساء وهتكوا الأعراض. كل هذه الأعمال من أجل اضطهاد المسلمين وروحهم الانتقامية.

لقد زجّ الايطاليون في السجون الكثير من الأهالي ومشايخ القبائل وقد عارضهم وندد بأعمالهم الشيخ سعد الفايدي شيخ قبيلة الفوايد فما كان منهم إلا أن قتلوه ومعه 15 من أبناء قبيلته البعض منهم ألقي من الطائرة من علو 400 متر وكلما كانت الطائرة تلقي بواحد منهم هناك كان الهتاف يعلو وصياح الجنود يزداد.

إن الصحفي الدانمركي الشهير (كنود هولمبوي) الذي اعتنق الإسلام وقام بجولة سياحية أثناء هذه الفترة في ليبيا، قد شاهد بنفسه وعينيه كل التعذيب والاضطهاد الذي يقوم به الجنود الايطاليون الفاشيست يقول:

شاهدت 20 عربياً مسلسلين .. شنقهم الجنود بأمر من ضابطهم دون محاكمة ولم تكن هناك محكمة.. هذا المنظر البشع أثر في نفسي ولم يكن في اعتقاده أن دول مثل ايطاليا الفاشستية وهي إحدى دول البحر الأبيض المتوسط تقوم بمثل هذه القسوة وهذه الوحشية. إنها جرائم سيسجلها التاريخ في صفحة سوداء ، وسيبقى وصمة عار في جبين الدولة الايطالية على مدى الدهر والأزمان.

إن ايطاليا أرادت أن تحذو حذو فرنسا في تنصير المسلمين إبان حكمها في المغرب فقد عملت ووزعت المبشرين في طول البلاد وعرضها وبنت العديد من المعابد والكنائس في كل المدن والقرى لتقضي على الدين الإسلامي وهكذا عملت ايطاليا فقد بنت المعابد في طرابلس وبنغازي وكل القرى وأمرت المبشرين بأن يسعوا بكل الوسائل لتنصير العرب مهما كان الثمن. وقد فاقت على فرنسا بطريقة أخرى فأخذت الأطفال من حجور أمهاتهم وبعثت بهم إلى ايطاليا إلى تلك المعاهد المسيحية لتعليم هؤلاء الأطفال الدين المسيحي.. وعزلهم عزلاً كلياً عن وطنهم وبيئتهم ..بحيث يشبون ويترعرعون في الجو الفاشستي والكنيسة المسيحية.

إن سياسة ايطاليا الفاشستية هي القضاء على الدين والعقيدة وإبعاد المسلمين عن معابدهم ومساجدهم وكم من مرة صرح موسوليني رئيس الحكومة والحزب الفاشستي في خطاباته بعد احتلال (الكفرة) بأنه عازم على تثبيت ثلاثة ملايين من السكان الايطاليين في الأراضي الليبية الخصبة. وقد أيد هذا الرأي الكثير من السياسيين وأبرزها الكثير من الصحفيين على صفحات جرائدهم ومجلاتهم.

منذ أيام قرأت بالجريدة الرسمية المرسوم الملكي القاضي بمصادرة أملاك المواطنين وأوقاف المسلمين والزوايا السنوسية وأوقافها. وبهذه الطريقة الجهنمية عملت ايطاليا الفاشستية على تملك الايطاليين كل الممتلكات الليبية وبالتدريج وإبعاد الليبيين من كل المجالات حتى تصبح ليبيا خالية من كل العناصر ولا يبقى بها إلا الايطالي المسيحي الكاثوليكي.

إذ الكلام الصادر من الجنرال أو المارشال لم يكن إلا ذوداً وبهتاناً وتضليلاً لتهدئة المسلمين ؟ حتى تستطيع السلطات الايطالية الفاشستية تنفيذ أغراضها الاستعمارية. وهي إن استحوذت على الملايين من هكتارات الأراضي الزراعية وغيرها (من أين لها هذه الأراضي) فالجواب معروف. استحوذت عليها بطرد أهلها الحقيقيين ونقلهم إلى المناطق الهلاك هم ومواشيهم على السواء أمام أعين العالم المتمدن.

وأمام عصبة الأمم. وبالاختصار تبجح الايطاليون بقولهم ان طرابلس وبرقة كانتا رومانيتين .. فلابد أن ترجعا رومانيتين كما كانتا - هذا هو هدف الفاشيست بدون تردد.

إننا لانصدق مايقولون لقد خالفوا القواعد الدولية والإنسانية، ولم ينفذوا حرفاً واحداً من تعهداتهم إلى الطرابلسيين والبرقاويين، حتى التعهدات الكتابية والاتفاقات المبرمة بينهم وبين إدريس السنوسي، فكانت عبارة عن أكاذيب وكسب للوقت. نحن مقتنعون بأن كل ماكتبناه وأعلناه على الملأ أجمع ستكذبه السلطات الفاشستية، وستوجد لنا مضابط لكي تدحض أقوالنا ولكن كل ماكتبناه ثابت وصحيح ومصدره من جهة عاصرت الأحداث وهي هيئة التحرير الليبية في دمشق فقد أثبتت الحوادث والاعتداءات بالوثائق الرسمية، وبالأخص في احتلال الكفرة فقد ارتكب الجنود الايطاليون الفاشيست أبشع الجرائم باعتداءاتهم على النساء وقتلهم الشيوخ والأطفال. واعتدوا على حرمات المساجد والمقدسات. وقد ادعت ايطاليا بأن كل الأعمال العسكرية التي قامت بها ماهي إلا تأديب لأناس أعلنوا العصيان على دولتهم، وهذه حجة واهية لايقبلها العقل ولا تقوم بها دولة متمدنة كما تدعيه ايطاليا الفاشستية. وان الثوار في العرف الدولي لم يكونوا من العصاة على الدولة وإنما هم أصحاب حق يدافعون عنه ، اغتصبه عدو دخيل.

بقي علي أن اختتم مقالي هذا الذي كتبته لا أريد منه تحريض المسلمين على أن ينتقموا من الايطاليين الذين يعيشون معهم حاشا لله نحن لسنا من الانتقاميين ولا في الجهل مثل الايطاليين الفاشيست وليس من شيم أخلاقنا أن نستعمل القوة على من هو أضعف منا.

وان المسلمين لن يغيروا أبداً تراثهم الخلقي الذي ورثوه أباً عن جد. ولكني أقترح ماهو آت:

1- جمعية الشبان المسلمين في كل بلد عليها أن تحتج على كل أساليب الاعتداء والإجرام التي ارتكبتها ايطاليا الفاشستية في ليبيا. وان ترسل برقية احتجاج شديدة اللهجة إلى عصبة الأمم وتنشر على الصحف العالمية.

2- كل المدن والمقاطعات الإسلامية التي تتقد حماساً والدم الساخن الذي يجري في عروقهم، عليهم أن يقدموا احتجاجاتهم إلى عصبة الأمم برقياً مستعجلاً ونشرها جميعاً على صفحات مجلاتهم وجرائدهم المحلية .

3- إن مجموعة الدول الشرقية بالقاهرة هي كذلك عليها أن تحتج وتندد بأعمال القمع والعنف التي تقوم بها ايطاليا الفاشستية وتقدمه إلى عصبة الأمم مثل الهيئات الأخرى.

4- كل الهيئات الإسلامية والعربية والشرقية بالقاهرة وسوريا والعراق والعربية السعودية والهند وجاوا وغيرها لابد وان يقوموا بواجبهم نحو القضية الليبية.

5- عقد اجتماعات شعبية في المدن الإسلامية وإلقاء الخطب الحماسية لشرح ظلم واستبداد السلطات الايطالية الفاشستية وهتافات بسقوط العدو الغاصب.

6- يجب على كل المسلمين أن يقاطعوا كل البضائع الايطالية والسفن وكل الوسائل والأعمال وكل شيء يحمل اسم ايطاليا، وقطع كل العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وكذلك تكوين لجان شعبية خاصة بمراقبة البضائع الايطالية.

7- طبع المنشورات وكتيبات تبين فيها تصرفات ايطاليا الفاشستية واضطهادها للشعب الليبي، ويكون طبعها كذلك باللغة الانكليزية والفرنسية والألمانية والايطالية ويكون توزيعها بالآلاف في أوروبا وفي كل العالم ومن واجب كل مسلم أن يقوم بإلصاق هذه المنشورات في كل الشوارع والميادين، وتوزيع الكتيبات في كل مكان من العالم. كذلك على كل مسلم أن يعلق في بيته بعضاً من هذه المنشورات حتى لاينسى مايعانيه الشعب الليبي من اضطهاد وتعذيب.

أيها المسلمون:
لا تقولوا بأن هذا الحديث في طرابلس وليبيا فقط وإنما الليبيون الشرفاء طعنوا في شرفهم.. في دمائهم.. في دينهم وفي أموالهم وممتلكاتهم وكذلك سيحدث لكم أنتم مثل هذه المأساة وسيحل بكم العذاب كما حل بالليبيين الشرفاء إذا لم تدافعوا عن أنفسكم ، إذا لم تبينوا أنفسكم أنكم أحياء.

أيها المسلمون:
في الوقت الحالي لن تستطيعوا الدفاع عن أنفسكم وبسلاحكم فقط بل سخروا أقلامكم وكذلك باجتهادكم وبصبركم على المكائد، لتدافعوا عن كيانكم وعن أرضكم وعن مقدساتكم وتثبتوا للعالم بأنكم شعب يعرف كيف يقاوم .

لوزان 12 ذو القعدة ، 7 ابريل 1931م
شكيب ارسلان


رسالة من عمر المختار إلى شكيب أرسلان

قال شكيب ارسلان ولما حررت المقالة التي نشرتها عن فجائع طرابلس وبرقة سنة 1931م على أثر دخول الطليان الى الكفرة وارتجف لها العالم الاسلامي غضباً وعلا الصراخ من كل جهة جاءني من الشيهد الاكبر بطل الجبل الاخضر السيد عمر المختار الكتاب الآتي:

كانت تلك الجهود التي قام بها الأمير شكيب أرسلان وصلت أخبارها للمجاهدين، فأرسل قائد حركة الجهاد رسالة شكر واحترام وتقدير لتلك الأعمال وهذا نص الرسالة (إنه من خادم المسلمين عمر المختار إلى المجاهد الأمير الخطير أخينا في الله وزميلنا في سبيل الله الأمير شكيب أرسلان حفظه الله بعد السلام الأتم والرضوان الشامل الأعم ورحمة الله وبركاته قد قرأنا مادبجه قلمكم السيال عن فظائع الطليان وما اقترفته الأيدي الأثيمة من الظلم والعدوان بهذه الديار فإني وعموم إخواني المجاهدين نقدم لسامي مقامكم خالص الشكر، وعظيم الممنونية. كل ماذكرتموه عما اقترفته أيدي الإيطاليين هو قليل من كثير وقد اقتصدتم واحتطتم كثيراً ولو يذكر للعالم كل مايقع من الإيطاليين لاتوجد اذن تصغي لما يروى من استحالة وقوعه، والحقيقة والله وملائكته شهود أنه صحيح وأننا في الدفاع عن ديننا ووطننا صامدون، وعلى الله في نصرنا متوكلون وقد قال الله تعالى: (وكان حقاً علينا نصر المؤمنين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته في 20 ذي الحجة 1349هـ).

وقد علق شكيب أرسلان على تلك الرسالة فقال: ومالاحظه الشهيد المشار إليه هو عين الحقيقة فإن الناس يصعب عليهم أن يصدقوا الشناعات والدناءات والنذالات التي أقدم عليها الطليان في طرابلس ولاسيما الفاشيست منهم.

إن رسالة عمر المختار للأمير شكيب أرسلان نستخلص منها فوائد جمّة، ففي قوله من خادم المسلمين دليل على تواضعه وافتخاره بكونه من خدّام المسلمين وهذا المعنى له مدلول عند الشيخ عمر المختار، فهو يتقرب إلى الله تعالى بخدمة المسلمين وهي من أعظم القربات عند الله تعالى، وفي قوله إلى المجاهد الأمير الخطير: وصف الأمير شكيب بالمجاهد وهو بالفعل جاهد مع الليبيين بجانب جنود الأتراك ضد الطليان، وفيه دلالة على اهتمام عمر المختار بالمصطلحات الشرعية فلم يقل مناضل، أو مكافح، أو ثائر .. وإنما تقيد بوصفه مجاهد لدلالة هذه الكلمة وعمقها في أوساط المسلمين، ووصفه بالخطير كيف لا وقد كانت مقالاته أنفذ من الرصاص في قلوب الإيطاليين، وساهمت في تشكيل تعاطف إسلامي وعربي كبير مع القضية الليبية العادلة، وفي قوله أخينا في الله فيه دلالة رابطة العقيدة التي جعلت المسلمين أخوة، فهي فوق كل الروابط الأرضية، وفي قوله بعد السلام الأتم والرضوان الشامل الأعم: فيها قوة العبارة، وبلاغة الأسلوب، وروعة المدخل، وفي قوله: قد قرأنا مادبجه قلمكم السيال عن فظائع الطليان، دليل على متابعة المجاهدين لما يجري خارج البلاد وله علاقة بقضية شعبنا، وأما بقية الرسالة ففيها تأكيد للأمير شكيب عن المعلومات التي وصلت إليه وقام بنشرها، وفيها إصرار قوي على مواصلة الجهاد والدفاع عن الدين والوطن، وفيها توكل على الله عظيم هذا وقد قامت جمعية الشبان المسلمين بمصر بنشر بيان عن سياسة الإبادة والاستئصال التي تبعتها ايطاليا في طرابلس الغرب وألقي ذلك البيان في اجتماع عظيم في نادي جمعية الشبان المسلمين ووقع عليه أهل الرأي، والمكانة في مصر ليرسل إلى جمعية الأمم، ويذاع في العالم الإسلامي وجاء في ذلك البيان الحديث عن:

سياسة التهجير
لقد شهدت مصر مشهداً لاتستطيع الإنسانية أن تعرض عنه متجاهلة ما انطوى عليه من الآلام وذلك أن مئات من بني الإنسان بين رجال ونساء وأطفال وشيوخ اضطروا تحت ضغط الجور إلى أن يتركوا أوطانهم تخلصاً من الظلم، وأن يهيموا على وجوههم في القفار، ولولا مروءة مأجور الواحات المصري الذي خرج هو ورجاله للبحث عنهم حتى لقيهم وأنقذهم لهلكوا عطشاً وجوعاً أولئك هم فريق من إخواننا الطرابلسيين الذين خرجوا من قسوة الحكم الإيطالي الذي لايطاق.

سياسة القتل والرمي في البحر
ولم تكد أعيننا تكفكف الدموع على هذا المشهد الذي شهدته على اليابسة حتى حملت إلينا أمواج البحر في السلوم مشهداً آخر أفظع من هذا وأشنع، فرمى البحر إلى هذا الساحل المصري أربع عشرة جثة من جثث هؤلاء الطرابلسيين مغلولة في سلسلة واحدة.

عمل الإيطاليين في الكفرة
ثم توالت الأخبار بأن زاوية الكفرة المنقطع أهلها للعبادة قد أمطرتها طائرات الإيطاليين بالقنابل وفتكت بأهلها فتكاً ذريعاً، وبعد ذلك هاجمها الجيش، وكاد يأتي على البقية من أهلها ولم يتعفف عن هتك الأعراض وسلب الأموال وبقر بطون الحوامل.

قتلهم لأهل العلم
وقد قتل من أهل الكفرة في هذه النازلة كثيرون منهم الشيخ أبو شنة، وابن أخيه الشيخ عمر والشيخ حامد الهامة، والشيخ عبدالسلام أبو سريويل، والشيخ محمد المنشوف، وابن أخيه على بن حسين، والشيخ محمد العربي، والشيخ محمد أبو سجادة، والشيخ أحمد الفاندي الجلولي، والشيخ خليفة الدلاية.

قتلهم لكبار شيوخ الكفرة
ولما ذهب كبار شيوخ زاوية الكفرة إلى القائد الكبير يرجونه وضع حد لهذه المذابح أمر بذبحهم فذبحوا أمامه كما تذبح الشياه.

قتل الأبرياء برميهم من الطائرات
ومن الفظائع التي ارتكبها الإيطاليون في برقة، ونقلها الرواة الصادقون أنهم وضعوا أحد مشايخ عائلة الفوائد المدعو الشيخ سعد وخمسة عشر شخصاً من العرب في الطائرات وارتفعوا بهم عن سطح الأرض ثم جعلوا يلقونهم واحد بعد الآخر ليموتوا موتة لم يسبق لها مثيل.

انتزاع الأراضي من أهاليها وتجويعهم
ومن الفظائع التي ارتكبوها في الجبل الأخضر إخراج أهله منه وهم لايقل عددهم عن ثمانين ألف عربي إلى بادية سرت القاحلة، ثم أذاعوا بواسطة قنصليتهم في بلاد الأرجنتين أن حكومة طرابلس و برقة تعطي الأراضي الخصبة فيها لكل إيطالي يريد النقلة إليها، وبلغت مساحة الأراضي التي أخذت غصباً نحو من مائتي ألف هكتار ولاتزال الحكومة الإيطالية تحث الإيطاليين على استعمار هذه الأراضي وقبل انتزاع أراضي الجبل الأخضر من أهله في هذه السنة انتزعت في سنة 1924م ما مساحته 420 ألف هكتار بدون مقابل، وفي بعض الأحيان كان المقابل عن المائة ألف هكتار ستة آلاف فرنك إيطالي - أي خمسين جنيها تقريباً، وقد خرج أهالي الجبل الأخضر عند انجلائهم منه وهم لايملكون مايقتاتون به فرتبوا لكل عائلة فرنكين في اليوم وهم الآن يعيشون بهذا المرتب عيشة بؤس تفتت الأكباد، وفي أثناء نقلهم إلى صحراء سرت كان كلما عجز واحد منهم عن مواصلة المشي يرمى بالرصاص.

ترحيل الأطفال إلى إيطاليا لتنصيرهم
وفضلاً عن كل ذلك فقد جمع الإيطاليون الأطفال الوطنيين من 3 إلى 14 وأخذوهم من أهلهم وأرسلوهم إلى إيطاليا بزعم تعليمهم فيها، وجمعوا الشبان من سن 15 إلى 40 وألحقوهم بالجيش واستخدموهم في محاربة أهلهم وبلادهم.

أرساليات التبشير بين الأهالي
وبلغ الاستهتار بالشعور الإسلامي مبلغاً عظيماً بين إرساليات التبشير المنبثة الآن بين الأهالي، ومن صدور الأوامر المشددة على الخطباء في الجوامع بالدعاء لملك إيطاليا على المنابر.

خداعها للأهالي
وقد حدث مراراً أن الحكومة تعلن عن العفو والأمان، فإذا وقع العفو عنهم وغدو في قبضتهم غدرت بهم، وممن ذهبوا ضحية هذا الغدر من رؤساء القبائل خليفة بن عسكر، والشيخ عبيدة الصرماني، وأحمد الباشا، وابراهيم بن عباد، والهادي كعبار وابنه محمد كعبار، والشيخ أحمد أحمد الحجاوي، والشيخ علي الشويخ، والشيخ عبدالسلام بن عامر، والشيخ محمد التريكي، والشيخ شرف الدين العمامي، والشيخ أحمد بن حسن بن المنتصر، والشيخ عمر العوراني، والشيخ محمد عبدالعال، ومن الضحايا لايعرف لهم ذنب، الشيخ صالح العوامي وهو شيخ يبلغ التسعين عاماً من أهل العلم والصلاح قبضت عليه إيطاليا سنة 1923 وزجته في سجن بنغازي إلى أن مات فدفن بمحل مجهول، فأرواح هؤلاء الضحايا تصيح بالإنسانية جميعها، وبجمعية الأمم بنوع خاص أن هلمي إلى انقاذ البقية الباقية من أبناء الإنسانية المعذبة في هذه الربوع من سياسة الفتك والاستئصال والإبادة التي تتبعها إيطاليا في طرابلس المنكودة وأن العالم الإسلامي يعتبر ماوقع ويقع في طرابلس الغرب عدواناً مباشراً على كل مسلم مهما كانت جنسيته ووطنه، وسيبقى عار هذه الأعمال لاصقاً لإجراء تحقيق دولي حر دقيق في نفس بلاد برقة وطرابلس عن كل ماجرى فيها وإعلان نتيجته كما تقتضيه العدالة والحق، والموقعون على هذا يطلبون من جمعية الأمم اجراء هذا التحقيق تنزيهاً للإنسانية عن لحوق هذا العار بها إلى الأبد ويرجون بالحاح أن يكون لهم مندوب يختارونه مع لجنة التحقيق، وهم ينتظرون ماتقرره العصبة في هذا الشأن بفارغ الصبر.

التوقيعات:

1- محمد الشرقاوي.

2- خليل الخالدي رئيس الاستئناف الشرعي بفلسطين.

3- محمد رشيد رضا منشئ مجلة المنار الإسلامية.

4- محمد عبداللطيف دراز من العلماء وعضو مجلس إدارة.

5- جمعية الشبان المسلمين بالقاهرة.

6- محمد عبدالرحمن قراعة من العلماء ومدرس بالأزهر الشريف.

7- عبدالوهاب النجار، وكيل جمعية الشبان المسلمين بالقاهرة.

8- محمد كامل القصاب.

9- محمد تقي الدين الهلالي، الأستاذ الأول للآداب العربية بندوة العلماء بالهند.

10- علي سرور الزنكلوني، المدرس بقسم التخصص بالأزهر.

لقد عبث الجنود الإيطاليين بالمكتبة السنوسية، التي كانت ثروة علمية ضخمة فأخذت أيدي الجنود تبددها ذات اليمين وذات الشمال وتقد بها النيران للطعام، وأخيراً صدرت الأوامر بجمع ماتبقى منها ونقله إلى بنغازي فنقلته أربعون سيارة شحن كبيرة وعدد كبير من الإبل، ولم تنج هذه المكتبة بعد وصولها إلى بنغازي من العبث فقد تسرب الكثير منها إلى أيدي الأفراد، ونقل قسم كبير منه إلى إيطاليا، وهكذا وصلت يد الفساد الإيطالية إلى كل شيء في ليبيا.

يتبع >






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس