عرض مشاركة واحدة
قديم 07-27-2009, 05:44 AM رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
ام معاذ

الصورة الرمزية ام معاذ

إحصائية العضو







ام معاذ غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ملف كامل عن رمضان واحكام الصيام

فروض صحة الصوم













1 ـ الإسلام:



قال تعالى: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ?لإسْلَـ?مِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى ?لآخِرَةِ مِنَ ?لْخَـ?سِرِينَ} [آل عمران: 85].

قال الطبري: "ومن يطلب دينًا غير دين الإسلام ليدين به؛ فلن يقبل الله منه {وَهُوَ فِى ?لآخِرَةِ مِنَ ?لْخَـ?سِرِينَ} يقول: من الباخسين أنفسهم حظوظها من رحمة الله عز وجل"([1]).

قال الدسوقي عند ذكره لباب الصيام: "... وشروط صحته الإسلام والزمان القابل للصوم"([2]) .

قال ابن جُزِي: "الباب الأول في: شروط الصيام. وهي: الإسلام والبلوغ والعقل والطهارة، ووجوبه على الخلاف في مخاطبة الكفار بالفروع وهو شرط في صحة فعله بإجماع. وفي وجوب قضائه أيضًا، فإن أسلم في أثناء الشهر صام بقيته وليس عليه قضاء ما مضى منه، وإن أسلم في أثناء يوم كفّ عن الأكل في بقيته وقضاه استحبابًا"([3]) .



--------------------------------------------------------------------------------

([1]) تفسير الطبري (6/570).

([2]) حاشية الدسوقي (1/509).

([3]) القوانين الفقهية لابن جزيّ (ص 113). وانظر الإنصاف (3/ 292 ـ 293)، والبحر الرائق (2/277).








2 ـ النية:


عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له)) ([1]) .

قال ابن قدامة: ".. لا يصح صومٌ إلا بنية إجماعًا، فرضًا كان أو تطوّعًا؛ لأنه عبادة محضة، فافتقر إلى النية كالصلاة، ثم إن كان فريضة كصيام رمضان في أدائه أو قضائه، والنذر والكفارة اشترط أن ينويه من الليل عند إمامنا، ومالك والشافعي"([2]) .

وقال النووي: "لا يصحّ الصوم إلا بنية، ومحلها القلب، ولا يشترط النطق بها بلا خلاف"([3]) .

وقال ابن رشد: "أما كون النية شرطًا في صحة الصيام فإنه قول الجمهور"([4]) .

1/ 2 حكم تقديم النية في الصوم:

لم يختلف العلماء في جواز تقديم النية في الصوم كما اختلفوا في الوضوء والصلاة. والسبب في ذلك أمران:

1. النصوص الصريحة الدالة على أن محل النية في الصوم هو الليل.

2. أن اشتراط مقارنة النية لأول الصوم فيه مشقة بالغة، وحرج شديد والله يقول: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِى ?لدّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]. ووجه المشقة والحرج أن أول الصوم يأتى في وقت غفلةٍ من الناس، ولعسر مراقبة أول الصوم وهو الفجر.

قال الكاساني: "فالأفضل في الصيامات كلها أن ينوي وقت طلوع الفجر إن أمكنه ذلك، أو من الليل لأن النية عند طلوع الفجر تقارن أول جزء من العبادة حقيقة ومن الليل تقارنه تقديرًا..." ([5]) .

2/ 2 حكم تأخير النية في الصوم:

النية في صوم رمضان:

اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: أن صوم رمضان يتأدّى بنيةٍ من بعد غروب الشمس إلى منتصف النهار، وقالوا بجواز صومه بنية من النهار، وقال به أبو حنيفة وأصحابه.

قال الكاساني: "وإن كان عينًا وهو صوم رمضان وصوم التطوع خارج رمضان والمنذور المعين يجوز"([6])، أي عقد النية بعد طلوع الفجر.

وخالف زُفر من الأحناف في المريض والمسافر إذا صاما رمضان. قال: "لا بد لهما من تبييت النية من الليل لأنه في حقهما كالقضاء لعدم تعينه عليهما"([7]) .

القول الثاني: أنه لا يصح صوم رمضان إلا بنية من الليل. وقال به مالك وأحمد وإسحاق والشافعي وداود وجماهير العلماء من السلف والخلف([8]) .

أدلة الفريق الأول ومناقشتها:

حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً ينادي في الناس يوم عاشوراء(أن من أكل فليتم أو فليصم، ومن لم يأكل فلا يأكل))([9]).

ولا يتم لهم الاستدلال بالحديث إلا على القول بأن صوم عاشوراء كان واجبًا.

قال النووي: "وأجابوا عن استدلال أبي حنيفة بأن صوم عاشوراء كان تطوعًا متأكداً شديد التأكيد ولم يكن واجبًا. وهذا صحيح مذهب الشافعية"([10]).

واستدلوا على أن صومه لم يكن واجبًا بحديث معاوية بن أبي سفيان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((هذا يوم عاشوراء ولم يكتب عليكم صيامه وأنا صائم فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر))([11]).

فقوله: ((ولم يكتب عليكم صيامه))، وقوله: ((من شاء فليصم ومن شاء فليفطر)) ظاهر الدلالة على أنه لم يكن واجبًا قط، بل هو نص في ذلك.

والصواب أن صوم عاشوراء كان واجباً، وأن وجوبه نُسخ عندما فرض الله صوم رمضان؛ لقول عائشة رضي الله عنها: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بصيام عاشوراء، فلما فرض رمضان كان من شاء صام ومن شاء أفطر) ([12]) .

قال الحافظ ابن حجر: "ويؤخذ من مجموع الأحاديث أنه كان واجبًا لثبوت الأمر بصيامه، ثم تأكد الأمر بذلك ثم زيادة التأكيد بالنداء العام، ثم زيادته بأمر من أكل بالإمساك، ثم زيادته بأمر الأمهات أن لا يرضعن فيه الأطفال، وبقول ابن مسعود الثابت في صحيح مسلم: (لما فرض رمضان ترك عاشوراء)، مع العلم بأنه ما ترك استحبابه بل هو باقٍ، فدل على أن المتروك وجوبه"([13]) .

وعلى هذا يتبين أن عاشوراء كان واجبًا ثم نسخ([14]) .

ولا يتم للأحناف الاستدلال أيضًا؛ لأن الحديث لا تقوم به حجة؛ لأن المتنازع فيه في صوم الفرض المقدور هل يجوز أن ينويه من النهار بلا عذر؟ أما الذي دل عليه الحديث فهو صحة صوم من لم يعلم وجوب الصوم عليه من الليل، كالذي لم يبلغه أن اليوم أول رمضان إلا بعد أن أصبح، وقد احتج ابن حزم بالحديث على صحة صوم من لم يعلم وجوب الصوم إلا بعد طلوع الفجر([15]).

واحتجوا بالقياس ولهم فيه طريقان:

1 ـ قياس الفرض على النفل، فالنفل صح فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان ينويه من النهار.

وردّ عليهم بأنه قياس لا يصح لأننا عهدنا من الشارع أنه يخفف في النوافل ما لا يخفف في الفرائض.

2 ـ قياس النية المتأخرة على المتقدمة من أول الغروب، والجامع بينهما التيسير ورفع الحرج([16]).

وهذا يلزمهم القول بإجازة الصوم بنية من النهار قبل الزوال وبعده، لا كما يقولون بأن النية بعد الزوال لا تصح، وذلك لأنّ الحرج قد يوجد بعد الزوال. فقد يبلغ الصبي، ويسلم الكافر، ويفيق المجنون، ويصحو المغمى عليه وهم لا يقولون بذلك.

أدلة الفريق الثاني ومناقشتها:

1 ـ حديث حفصة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له)) ([17]) .

وقد رد الأحناف عليهم بأن الحديث ضعيف. والجواب عليهم من وجهين:

أ ـ أن جماعة من الحفاظ حكموا بصحته: كابن خزيمة والحاكم وغيرهما.

ب ـ على التسليم لهم بالضعف فإنه قد روي موقوفًا عن ثلاثة من الصحابة بأسانيد صحيحة؛ إذ جاء عن ابن عمر وأخته حفصة وعائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهم([18]) ولا يعرف لهم مخالف من الصحابة.

2 ـ قال القاضي عبد الوهاب: "ولأنه صوم شرعي فأشبه النذور والقضاء، ولأنها عبادة من شرطها النية، فوجب ألا يتأخر عن بعض زمانها... ولأنها نية ابتدأت بعد مضي جزء من النهار أصله بعد الزوال، ولأن كل ما لا يكون الصائم صائمًا إلا بوجوده فلا يصح الصوم بعد مضي جزء من اليوم... ولأن النية أحد ركني الصيام فاختصت بإحدى جنسي الزمان أصله الإمساك"([19]) .

النية في صوم القضاء والكفارة:

لا يجوز تأخير نية صوم الكفارة وقضاء رمضان، ولا يصح صومهما إلا بنية من الليل عند كافة العلماء. قال النووي: "ولا نعلم أحدًا خالف في ذلك"([20]) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "أما تبييت النية فإن الصوم الواجب الذي وجب الإمساك فيه من أول النهار لا يصح إلا بنية من الليل، سواء في ذلك ما تعين زمانه كأداء رمضان والنذر المعين، وما لم يتعين كالقضاء والكفارة والنذر المطلق"([21]) .

النية في صيام التطوع:

اختلف أهل العلم في اشتراط تبييت النية لصيام التطوع على قولين:

القول الأول: يجوز صوم التطوع بنية من النهار ولا يشترط تبييت النية، وهو مذهب جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة على خلاف بينهم في آخر وقت لنية التطوع؛ فعند الحنفية آخر وقت نية صوم التطوع الضحوة الكبرى، أي نصف النهار([22])، وعند الشافعية قبل الزوال([23])، وعند الحنابلة يمتدّ وقتها إلى ما بعد الزوال([24]) .

ويشترط عند الجميع لصحة نية النفل في النهار: أن لا يكون فعل ما يفطره قبل النية، فإن فعل فلا يجزئه الصوم حينئذ اتفاقًا.

القول الثاني: يشترط في نية صوم التطوع التبييت كالفرض، وبه قال المالكية([25]) .

أدلة أصحاب القول الأول:

احتج من لم يشترط تبييت النية في صوم التطوع:

1 ـ بحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم: ((يا عائشة، هل عندكم شيء؟)) قالت: فقلت: يا رسول الله، ما عندنا شيء، قال: ((إني صائم)) ([26]) .

2 ـ أن صيام النفل يخالف الفرض في كونه أخفّ منه، وقد خفف الشارع في ترك القيام واستقبال القبلة في النفل مع القدرة([27]).

أدلة أصحاب القول الثاني:

واحتج من رأى وجوب تبييت النية في صيام النفل:

1 ـ بحديث حفصة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له))([28]).

وأجاب الجمهور عليه بما قاله ابن قدامة: "وحديثهم نخصّه بحديثنا على أن حديثنا أصح من حديثهم"([29]) .

2 ـ أن النية لا تكفي بعد الفجر لأن حقيقتها: القصد، وقصد الماضي محال عقلاً.

حكم تعيين النية لكل يوم من رمضان:

اختلف أهل العلم، هل يشترط للصائم أن ينوي الصيام قبل كل يوم جديد، أم تكفي نية واحدة وتجزئ عن جميع أيام الشهر، على قولين:

القول الأول: تجب نية مستقلة لكل يوم من أيام رمضان، وقال به الحنفية([30]) والشافعية([31]).

وهو رواية عن الإمام أحمد عليها المذهب عند أتباعه([32]).

القول الثاني: تجزئ نية واحدة عن جميع شهر رمضان، وهو قول المالكية([33]) ورواية عند أحمد([34]).



أدلة أصحاب القول الأول:

قال ابن قدامة: "دلنا: أنه صوم واجب فوجب أن ينوي كل يوم من ليله، كالقضاء، ولأن هذه الأيام عبادات لا يفسد بعضها بفساد بعض، ويتخللها ما ينافيها فأشبهت القضاء، وبهذا فارقت اليوم الأول، وعلى قياس رمضان إذا نذر صوم شهر بعينه، فيخرج فيه مثل ما ذكرناه في رمضان" ([35])، وقد اختار هذا القول اللجنة الدائمة للإفتاء([36]).

أدلة أصحاب القول الثاني:

استدل من رأى الاجتزاء بنية واحدة عن جميع الشهر بعدة أمور منها:

- أن صوم الشهر عبادة واحدة.

- ما ثبت في الحديث: ((ولكل امرئ ما نوى))، وهذا نوى صيام الشهر فله ما نوى.

- قياسه على الحج، فالحج طوافه وسعيه والوقوف بعرفة ..، تجزئ فيه نية واحدة عن جميعه.

قال ابن عثيمين: "وهذا هو الأصح، لأن المسلمين جميعاً لو سألتهم لقال كل واحد منهم أنا نويت الصوم أول الشهر إلى آخره، فإذا لم تتحقق النية حقيقة فهي محققة حكماً، لأن الأصل عدم القطع، ولهذا قلنا: إذا انقطع التتابع لسبب يبيحه، ثم عاد إلى الصوم فلا بد من تجديد النية، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس"([37]).



--------------------------------------------------------------------------------

([1]) رواه أبو داود: كتاب الصوم، باب: النية في الصيام رقم (2454) واللفظ له، والنسائي (4/196) كتاب: الصيام، باب: ذكر اختلاف الناقلين لخبر حفصة. وصححه الألباني كما في: صحيح أبي داود (2/465).

([2]) المغني (4/333).

([3]) روضة الطالبين (2/350).

([4]) بداية المجتهد (1/359).

([5]) بدائع الصنائع (2/85). وانظر حاشية ابن عابدين (2/92).

([6]) بدائع الصنائع (2/85).

([7]) انظر: فتح القدير (2/48) الباب في شرح مختصر القدوري (1/163).

([8]) انظر: المعونة (1/457)، الإنصاف (7/395)، والمجموع (6/300).

([9]) رواه البخاري واللفظ له (2/59) كتاب الصوم باب صيام يوم عاشوراء رقم (2007)، ومسلم (2/798) كتاب الصيام، باب من أكل في عاشوراء رقم (1135).

([10]) المجموع (6/301) بتصرف يسير.

([11]) أخرجه البخاري في الصوم، باب: صيام يوم عاشوراء (2003) ومسلم في الصيام، باب: صوم يوم عاشـوراء (1129).

([12]) رواه البخاري كتاب: الصوم، باب: صيام يوم عاشوراء رقم (2001)، ومسلم كتاب: الصيام باب: صوم يوم عاشوراء رقم (1125).

([13]) فتح الباري (4/247). وانظر: زاد المعاد (2/68 ـ 77).

([14]) انظر: الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد القاسم بن سلام (ص 69 ـ 72).

([15]) انظر: النيات في العبادات للأشقر (1/174).

([16]) فتح القدير (2/48). وانظر: النيات في العبادات (1/177 ـ 178).

([17]) رواه النسائي، كتاب: الصيام باب: ذكر اختلاف الناقلين لخبر حفصة (2334)، والدارمي كتاب: الصوم باب: من لم يجمع الصيام من الليل (1698)، ورواه بلفظ ((من لم يجمع...)) الإمام أحمد (6/287)، والترمذي كتاب: الصوم، باب: ما جاء لا صيام لمن لم يعزم من الليل (730)، وأبو داود كتاب: الصوم، باب: النية في الصيام (2454). قال ابن حجر في: فتح الباري (4/142): "واختلف في رفعه ووقفه ورجح الترمذي والنسائي الموقوف بعد أن أطنب النسائي في تخريج طرقه، وحكى الترمذي في: العلل عن البخاري ترجيح وقفه. وعمل بظاهر الإسناد جماعة من الأئمة فصححوا الحديث المذكور: منهم ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وابن حزم".

([18]) انظر: المحلى (6/161)، والتلخيص الحبير (2/188).

([19]) المعونة (1/457 ـ 458).

([20]) المجموع (6/337).

([21]) شرح العمدة (1/176- الصيام).

([22]) حاشية ابن عابدين (2/85).

([23]) مغني المحتاج (1/424).

([24]) كشاف القناع (2/317).

([25]) حاشية الدسوقي (1/530).

([26]) رواه مسلم في: الصيام، باب: فضل الصيام في سبيل الله (1154).

([27]) شرح العمدة (1/176- الصيام).

([28]) تقدم تخريجه.

([29]) المغني (4/342).

([30]) حاشية ابن عابدين (2/400).

([31]) المجموع للنووي (6/303).

([32]) شرح منتهى الإرادات للب___ي (1/478).

([33]) التفريع لابن الجلاب (1/303).

([34]) الكافي لابن قدامة (1/393).

([35]) المغني (4/337).

([36]) فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (10/246).

([37]) الشرح الممتع (6/369-370).








3 ـ الإمساك عن الأكل والشرب:

قال تعالى: {وَكُلُواْ وَ?شْرَبُواْ حَتَّى? يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ?لْخَيْطُ ?لأبْيَضُ مِنَ ?لْخَيْطِ ?لأسْوَدِ مِنَ ?لْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ ?لصّيَامَ} [البقرة:187].

قال البغوي: "فالصائم يحرم عليه الطعام والشراب بطلوع الفجر الصادق ويمتد إلى غروب الشمس فإذا غربت حصل الفطر"([1]).

قال ابن المنذر: "لم يختلف أهل العلم أن الله عز وجل حرم على الصائم في نهار الصوم الرفث وهو الجماع، والأكل والشرب"([2]).

قال الجصاص: "وكذلك النية شرط في صحة الصوم وترك الأكل أيضاً شرطٌ في صحته"([3]).

قال ابن رشد: "وأجمعوا على أنه يجب على الصائم الإمساك زمان الصوم عن المطعوم والمشروب والجماع لقوله تعالى: {فالآن بَـ?شِرُوهُنَّ وَ?بْتَغُواْ مَا كَتَبَ ?للَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَ?شْرَبُواْ حَتَّى? يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ?لْخَيْطُ ?لأبْيَضُ مِنَ ?لْخَيْطِ ?لأسْوَدِ مِنَ ?لْفَجْرِ} [البقرة:187] ([4]).

وقال ابن قدامة: "وأجمع العلماء على الفطر بالأكل والشرب لما يتغذّى به"([5]).



--------------------------------------------------------------------------------

([1]) تفسير البغوي (1/209).

([2]) الإجماع (59).

([3]) أحكام القرآن (4/174).

([4]) بداية المجتهد (1/356).

([5]) المغني (4/350).








4 ـ الإمساك عما هو في حكم الأكل والشرب:

1/4 الامتناع عن الحقن الطبية.

2/4 الامتناع عن تعمد القيء.

3/4 الامتناع عن ابتلاع فضلات الطعام التي بين الأسنان.

4/4 الامتناع عن المبالغة في المضمضة والاستنشاق.

5/4 الامتناع عن تعمد ابتلاع البلغم بعد وصوله إلى الفم.

قال أبو إسحاق الشيرازي: "ولا فرق بين أن يأكل ما يؤكل أو ما لا يؤكل، فإن استفَّ تراباً أو ابتلع حصاة أو درهما أو ديناراً بطل صومه، لأن الصوم هو الإمساك عن كل ما يصل إلى الجوف وهذا ما أمسك، ولهذا يقال: فلان يأكل الطين، ويأكل الحجر، ولأنه إذا بطل الصوم بما يصل إلى الجوف مما ليس يؤكل كالسُعوط والحقنة وجب أيضاً أن يبطل بما ليس بمأكول.

وإن قلع ما بقي بين أسنانه بلسانه وابتلعه بطل صومه، وإن جمع ريقه في فيه ريقاً كثيراً فابتلعه ففيه وجهان.

أحدهما: أنه يبطل صومه، لأنه ابتلع ما يمكنه الاحتراز منه مما لا حاجة به إليه فأشبه إذا قلع ما بين أسنانه وابتلعه، والثاني لا يبطل، لأنه وصل إلى جوفه من معدنه فأشبه ما يبتلعه من ريقه على عادته.

فإن أخرج البلغم من صدره، ثم ابتلعه، أو جذبه من رأسه ثم ابتلعه، بطل صومه.

وإن استقاء بطل صومه، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من استقاء فعليه القضاء، ومن ذرعه القيء فلا قضاء عليه)) ([1])، ولأن القيء إذا صعد ثم تردد فرجع بعضه إلى الجوف فيصير كطعام ابتلعه"([2]).



--------------------------------------------------------------------------------

([1]) رواه الترمذي كتاب: الصوم، باب: من استقاء عمداً، وقال: حديث حسن رقم (720)، وأبو داود كتاب: الصيام، باب: الصائم يتقيأ عمداً رقم (2380)، وابن ماجه كتاب: الصيام، باب: ما جاء في الصائم بقيء رقم (1676). وصححه الألباني كما في صحيح أبي داود (2/452).

([2]) المهذّب في فقه الشافعي (2/605-606). وانظر المجموع (6/312)، وبداية المجتهد (1/326).







5 ـ الإمساك عن شهوة الفرج :

وهو على خمسة أنواع:

1/5 الإمساك عن الجماع:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله أهلكت، قال: ((ما لك؟)) قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هل تجد رقبة تعتقها؟)) قال: لا، قال: ((فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟)) قال: لا، قال: ((فهل تجد إطعام ستين مسكيناً؟)) قال: لا، قال: فمكث النبي صلى الله عليه وسلم، فبينا نحن على ذلك أتى النبي صلى الله عليه وسلم بعـرق فيها تمـر ـ والعرق: المكتل ـ قال: ((أين السائل؟)) فقال: أنا، قال: ((خذ هذا فتصدق به))، فقال الرجل: على أفقر مني يا رسول الله ؟ فوالله، ما بين لابتيها – يريد الحرتين – أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال: ((أطعمه أهلك)) ([1]).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان ما يفطر الصائم وما لا يفطره: "وهذا نوعان: منه ما يفطر بالنص والإجماع وهو الأكل والشرب والجماع"([2]).

وقال العلامة ابن القيم: "والقرآن دال على أن الجماع مفطر كالأكل والشرب، لا يُعرف فيه خلاف"([3]).

2/5 الإمساك عن الاستمناء:

قال أبو إسحاق الشيرازي: "وإن استمنى فأنزل بطل صومه؛ لأنه أنزل عن مباشرة، فهو كالإنزال عن القبلة، ولأن الاستمناء كالمباشرة فيما دون الفرج من الأجنبية في الإثم والتعزير، فكذلك في الإفطار"([4]).

وقال ابن تيمية: "وإن استمنى بيده فعليه القضاء دون الكفارة"([5]).

3/5 الإمساك عن الإيلاج وتغييب الحشفة:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن الكفارة تجب بالجماع في الفرج، سواء كان قبلاً أو دبراً، من ذكرٍ أو أنثى وسواء أنزل الماء أو لم ينزل ؛ رواية واحدة.

وكذلك إذا ولج في فرج بهيمة في المشهور عند أصحابنا"([6]).

وقال أبو إسحاق الشيرازي: "ووطء المرأة في الدبر واللواط كالوطء في الفرج في جميع ما ذكرناه من إفساد الصوم ووجوب الكفارة والقضاء؛ لأن الجميع وطء، ولأن الجميع في إيجاب الحد واحد، فكذلك في إفساد الصوم وإيجاب الكفارة.

وأما إتيان البيهمة ففيه وجهان من أصحابنا من قال: يبنى ذلك على وجوب الحد، فإن قلنا: يجب فيه الحد أفسد الصوم، وأوجب الكفارة كالجماع في الفرج، وإن قلنا: يجب فيه التعزير لم يفسد الصوم ولم تجب به الكفارة، لأنه كالوطء فيما دون الفرج في التعزير، فكان مثله في إفساد الصوم وإيجاب الكفارة.

ومن أصحابنا من قال: يفسد الصوم ويوجب الكفارة قولاً واحداً، لأنه وطء يوجب الغسل فجاز أن يتعلق به إفساد الصوم وإيجاب الكفارة كوطء المرأة"([7]).

4/5 الإمساك عن الإنزال بشهوة بسبب القبلة أو الضم:

قال ابن قدامة: "إذا قبل فأمنى أو أمذى، ولا يخلو المقبّل من ثلاثة أحوال:

أحدها أن لا يُنزل، فلا يفسد صومه بذلك، لا نعلم فيه خلافاً لما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبّل وهو صائم وكان أملككم لإربه" رواه البخاري ومسلم ([8])، ورُوي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: هششت فقبلت وأنا صائم، فقلت: يا رسول الله، صنعت اليوم أمراً عظيماً، قبلت وأنا صائم، فقال: ((أرأيت لو تمضمضت من إناء وأنت صائم؟)) قلت: لا بأس به، قال: ((فمه؟))([9])، شبّه القبلة بالمضمضة من حيث إنها من مقدمات الشهوة، وإن المضمضة إذا لم يكن معها نزول الماء لم يفطر، وإن كان معها نزوله أفطر.

الحال الثاني: أن يمني فيفطر بغير خلاف نعلمه، لما ذكرناه من إيماء الخبرين، ولأنه إنزال بمباشرة، فأشبه الإنزال بالجماع دون الفرج.

الحال الثالث: أن يمذي فيفطر عند إمامنا ومالك، وقال أبو حنيفة، والشافعي: لا يفطر، ورُوي ذلك عن الحسن والشعبي، والأوزاعي، لأنه خارجٌ لا يوجب الغسل، أشبه البول.

ولنا أنه خارج تخلله الشهوة، خرج بالمباشرة، فأفسد الصوم كالمنيّ، وفارق البول بهذا.

واللمس لشهوة كالقبلة في هذا.

إذا ثبت هذا فإن المقبّل إن كان ذا شهوة مفرطة بحيث يغلب على ظنه أنه إذا قبّل أنزل لم تحلّ له القبلة؛ لأنها مفسدة لصومه، فحرمت كالأكل.

وإن كان ذا شهوةٍ لكنه لا يغلب على ظنه ذلك، كُره له التقبيل؛ لأنه يعرض صومه للفطر، ولا يأمن الفساد، ولأن العبادة إذا منعت الوطء منعت القبلة، كالإحرام، ولا تحرم القبلة في هذه الحال"([10]).

وقال الشوكاني: "إن وقع من الصائم سببٌ من الأسباب التي وقع الإمناء منها بطل صومه"([11]).

هذا وقد تقدم الكلام على هذه المفطرات وغيرها في مبحث مفطرات الصيام بالتفصيل.



--------------------------------------------------------------------------------

([1]) رواه البخاري كتاب: الصوم، باب: إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء فتصدق رقم (1936) واللفظ له، ومسلم كتاب: الصيام، باب: تغليظ الجماع في نهار رمضان رقم (2554).

([2]) مجموع الفتاوى (25/219).

([3]) زاد المعاد (2/60).

([4]) المهذب (2/607).

([5]) شرح العمدة (1/303- الصيام). وانظر: الإنصاف للمرداوي (30/301).

([6]) شرح العمدة (1/300- الصيام).

([7]) المهذب (2/615-616).

([8]) رواه البخاري كتاب: الصوم، باب: المباشرة للصائم رقم (1927)، ومسلم كتاب: الصيام باب: بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة رقم (1106).

([9]) رواه أبو داود كتاب: الصيام، باب: القبلة للصائم رقم (2385)، والدارمي (2/21) باب: الروضة في القبلة للصائم، وابن خزيمة (3/345)، والحاكم في المستدرك (1/596) وقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

([10]) المغني (4/361-362) باختصار.

([11]) السيل الجرار (2/121). وانظر: شرح الزركشي على مختصر الخرقي (2/580).










6 ـ طهارة المرأة من الحيض والنفاس:

عن معاذة قالت: سألت عائشة فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ؟ فقالت: (أحرورية أنت؟!) قلت: لست بحرورية، ولكني أسأل، قالت: (كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة) ([1]).

وعن أبي سعيد الخدري قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو في فطر إلى المصلى، فمر على النساء فقال: ((يا معشر النساء تصدقن، فإني رأيتكن أكثر أهل النار))، فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: ((تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن))، قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: ((أليس شهادة المرأة مثلُ نصف شهادة الرجل؟)) قلن: بلى، قال: ((فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟)) قلن: بلى، قال: ((فذلك من نقصان دينها))([2]).

قال الإمام أبو بكر بن المنذر - تعليقاً على الحديث -: "فأخبر أن لا صلاة عليها، ولا يجوز لها الصوم في حال الحيض، ثم أجمع أهل العلم على أن عليها الصوم بعد الطهر، ونفى الجميع عنها وجوب الصلاة، فثبت قضاء الصوم عليها بإجماعهم، وسقط عنها فرض الصلاة لاتفاقهم"([3]).

وقال ابن جزي: "وأما الطهر من دم الحيض والنفاس فشرط في صحته وفي جواز فعله"([4]).

وقال ابن الملقن - عند ذكره لشروط صحة الصوم -: "الإسلام والعقل، والنقاء عن الحيض والنفاس كل يوم"([5]).



--------------------------------------------------------------------------------

([1])رواه البخاري كتاب: الحيض، باب: لا تقضي الحائض الصلاة رقم (321)، ومسلم كتاب: الحيض، باب: وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة (335) واللفظ له.

([2]) رواه البخاري كتاب: الحيض، باب: ترك الحائض الصوم برقم (304) واللفظ له، ومسلم كتاب: الإيمان، باب: بيان نقصان الإيمان بنقص الطاعات رقم (79).

([3]) الأوسط لابن المنذر (2/203).

([4]) القوانين الفقهية لابن جزي (ص114).

([5]) التذكرة في الفقه الشافعي (ص76).









7 ـ الزمن القابل للصوم:

إذ لا يجوز صوم رمضان إلا في شهر رمضان.

قال الإمام الدسوقي رحمه الله - عند ذكره لباب الصيام -: "... وشروط صحته الإسلام والزمان القابل للصوم"([1]).

وعدد القرافي شروط الصوم فقال: "الشرط السادس: الزمن القابل للصوم"([2]).

ولا يعلم فيه خلاف بين أهل العلم.

* * *











--------------------------------------------------------------------------------

([1]) حاشية الدسوقي (1/509).

([2]) الذخيرة للقرافي (2/497). وانظر: المفصل في أحكام المرأة للدكتور عبد الكريم زيدان (2/47).



يتبع






آخر مواضيعي 0 الرئيس محمد حسني مبارك يعلن تنحيه عن منصب رئيس الجمهورية
0 رساله عاجله الى المعتصمين فى ميدان التحرير والى كل المتناحرين على الحكم
0 تحكيم شرع الله ضرورة شرعية وعقلية
0 صور من تعامل السلف مع الحكام
0 الجمع بين الخوف والرجاء - لفضيلة الشيخ ابن عثيمين في شرح كتاب رياض الصالحين
رد مع اقتباس