عرض مشاركة واحدة
قديم 12-06-2010, 05:43 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: بحث فى الجودة الشاملة في التعليم العام:المفهوم والمبادئ والمتطلبات ( قراءة إسلا


والتعلم واستخدام إجراءات تمنع وقوع الأخطاء بدلاً من اكتشافها ،وتطوير مخرجات التعليم على أساس العمل الجماعي ومن خلال المشاركة في اتخاذ القرارات وتحسين الجودة في المدرسة ، وتقدير جهود العاملين وتشجيعهم على الإبداع والابتكار والاهتمام بصفة مستمرة بتطوير أساليب تأدية الخدمات بتقييم مستوى جودة الخدمات التعليمية عن طريق التغذية الراجعة بما يضمن رضا المعلمين والطلبة وأولياء الأمور
(57).

مفهوم الجودة في المنظور الإسلامي :


إن مفهوم الجودة موجود في كل تعاليم الإسلام بكل مضامينه ، وهو مطلب لإرضاء الله عز وجل ، وإرضاء الآخرين ، ومفهوم الجودة في الإسلام فرع من منظومة القيم الإسلامية المتميزة ويعبر عنها بالدقة والإتقان وقد وردت العديد من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة المعبرة عن هذين المفهومين في مواطن كثيرة ، وألفاظ عديدة
ومن هذه النصوص قوله تعالى Ï(المائدة 93) وقوله تعالى :(البقرة 195) كما ورد في الحديث الشريف : (إن الله كتب الإحسان في كل شيء) (58) ،وقوله r(إن الله تعالى :يحب من العامل إذا عمل أن يحسن) (59) إن الإحسان مفهوم واسع ،ولكن إذا أطلق اللفظ فإن المراد به فعل ما هو حسن والحسن صفة كمال ضده القبح (60)"والإحسان :هو فعل الإنسان ما ينفع غيره بحيث يصير الغير حسناً به ،أو يصير الفاعل به حسناً بنفسه " (61)، والإحسان يقال على وجهين :أحدهما الإنعام على الغير والثاني:الإحسان في الفعل أو العمل وعلى هذا قول الإمام علي رضي الله عنه "الناس أبناء ما يحسنون" أي منسوبون إلى ما يعملونه من الأفعال الحسنة (62) ، إن الإحسان يقتضي من المسلم إتقان العمل المنوط به إتقان من يعلم علم اليقين أن الله عز وجل ناظر إليه مطلع على عمله ، وبهذا الإتقان تنهض الأمم وترقى المجتمعات (63). ومن هذه النصوص قول الرسول r : (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه) (64) .وهنا أطلق الرسول r كلمة العمل بحيث تعني أي عمل سواء كان عملاً دينياً أو عملاً اجتماعياً ،أو عمل اقتصادي ، أو عمل تربوي ، أو عمل عسكري ....

ومن هذا المنطلق يمكن
تعريف الجودة في الإسلام :

أنها المواصفات والخصائص المتوقعة في المنتج وفي العمليات والأنشطة التي من خلالها يتحقق رضا رب العالمين أولاً ،ثم تتحقق تلك المواصفات التي تساهم في إشباع رغبات المستفيدين وتتضمن السعر،والأمان،والتوفر، والموثوقية ،والاعتمادية ،وقابلية الاستعمال"
(65).

حيث يتم تحقيق رضا رب العالمين بتحقيق العمل الصالح بجميع أبعاده الدينية والاجتماعية والكونية ، وبتحقيق النية الصالحة في العمل ،ومطابقة العمل للسنة،وتمام العمل ووفاءه ، والصدق في أداء العمل والإخلاص فيه ،والمجاهدة ،والاستمرارية فيه ومراقبة الله في العمل التي تستوجب الرقابة الذاتية في العمل وتقييم جودة العمل
(66). فتحقيق رضا رب العالمين سبيل لتحقيق رضا المستفيدين وذلك من منطلق الحديث عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ الْوَرْدِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالَ: كَتَبَ مُعَاوِيَةُ t إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنْ اكْتُبِي إِلَيَّ كِتَابًا تُوصِينِي فِيهِ وَلَا تُكْثِرِي عَلَيَّ فَكَتَبَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا :إِلَى مُعَاوِيَةَ سَلَامٌ عَلَيْكَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ مَنْ الْتَمَسَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ وَمَنْ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ ) (67).

أما الجودة في التعليم من المنظور الإسلامي :


هي
ترجمة احتياجات وتوقعات المستفيدين من العملية التعليمة الداخليين والخارجيين إلى مجموعة خصائص محددة تكون أساساً في تصميم الخدمات التعليمية وطريقة أداء العمل في المدرسة من أجل تلبية احتياجات وتوقعات المستفيدين وتحقيق رضاء الله ثم رضاء المستفيدين عن الخدمات التعليمية التي تقدمها المدرسة والتي تعبر عن مدى استيفاء المدخلات ، والعمليات ، والمخرجات في المؤسسة التعليمية لمستويات محددة تشكل تعتبر معايير يمكن قياس مدى تحقق الجودة في هذه المؤسسات عن طريقها (68).

أما إدارة الجودة الشاملة في التعليم :
فهي فلسفة إسلامية شاملة للحياة تنعكس بمفاهيمها على العمل في المؤسسات التربوية ،بجميع مستوياتها وأفرادها، وفي جميع أحوالها ، وأوقاتها ، بحيث تحدد أسلوباً في الممارسة الإدارية يرمي الوصول إلى التحسين المستمر لعمليات التعليم والتعلم وتطوير مخرجات التعليم على أساس من الأهداف الواضحة ، وقيم أخلاقيات العمل الأصيلة ،والترشيد في استهلاك الوقت والجهد والموارد المالية ، بما يضمن رضا الله سبحانه وتعالى ثم رضا المشاركين في العملية التعليمية من معلمين وطلبة علم ،وأولياء أمور (69).

ويمكن تحديد مفهوم الجودة الشاملة في التعليم بناءً على عناصر مفهوم الجودة الشاملة في التعليم من فلسفة وأهداف ، وعمليات كما يلي :


-الفلسفة :


تنطلق فلسفة الجودة في التعليم من أن طلب العلم فريضة على كل مسلم كما ورد في الحديث عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
r : (طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ...)(70) ، والله هو المعلم الأول للبشرية لقوله تعالى :(البقرة 31) ،وقوله تعالى : â(البقرة 239) ، والرسل من بعده معلمين لأقوامهم وشعوبهم لقوله تعالى : (آل عمران 164)ومن هذه المنزلة العالية للعلم أكتسب المعلمين مكانة قديرة عالية في الإسلام وقد عدهم الرسول r ورثة للأنبياء ففي الحديث : (أَنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَرَّثُوا الْعِلْمَ مَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ بِهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ...وَقَالَ النَّبِيُّ r : (مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَإِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ ...) (71).وبناء عليه فطلب العلم لا بد أن يكون لله ،وتقوى الله وسيلة إلى العلم . وأن أنواع المناهج والعلوم ترتبط بصورة وثيقة بمقاصد الشرعية من ضرورات ، وحاجيات ، وتحسينات .وأن التعليم لا يقتصر على تعليم مقصود داخل المدرسة فقط لقوله تعالى :â@(طه 114)وقوله (البقرة 282) فكل من الطالب والمعلم مطالب بالاستزادة من العلم ،وتقوى الله لأنها سبب في حصول العلم .

والمدرسة مقدمة للخدمة التربوية والتعليمية .والطالب باعتباره المستفيد من خدمة المدرسة لا يعد في الأصل هو المنتج ،إنما المنتج العائد وهو ما يكتسبه الطالب من خلال عملية التربية والتعليم وهو مجموعة العلوم والمعارف والمهارات والقيم الأخلاقية والجمالية التي تعمل على تنمية الفرد المسلم ذاتياً في الجوانب المتصلة بامتلاك المعارف والمهارات والخبرات والمبادئ التربوية الإسلامية المبنية على الجودة والإتقان في التعليم والعمل ،فلكي تتحقق الجودة الشاملة في التعليم لا بد من تربية المتعلم وتعليمه الإتقان والتجويد في عمله وذلك من خلال العمليات التعليمية المستمرة ، والأنشطة المتنوعة ، وعمليات التقويم المتنوع والمستمر
(72).

-الأهداف :


أن تكون الأهداف مبنية على الغايات العظمى للوجود الإنساني وأولها العبودية قال تعالى
:(الذاريات 56) ،وثانيها : الخلافة وإعمار الأرض التي هي أساس التمدن والحضارة على الأرض : قال تعالى : (البقرة 30) ،وقوله : âهود 61)ثم تنبثق من تلك الغايات الأهداف العامة والجزئية وتتدرج حتى تصل إلى الجزئيات التي تمثل سلوك الفرد المرغوب ،مع مراعاة التدرج لمستويات الأهداف وفقاً لمقاصد الشريعة بحيث تتدرج من الضروري إلى الحاجي ثم التحسيني ،بحيث لا يتحقق مستوى على حساب المستوى الأكثر أهمية منه ؛ فلا يراعى التحسيني على حساب الحاجي والضروري .بحيث نبدأ بالضروري ليشمل كل فئات المجتمع ، ثم ننتقل للأهداف الحاجية ويراعى ضرورة وجودها عن طريق فئة معينة من أفراد المجتمع ، وفي حالة تحقق هذين المستويين نولي اهتماماً بالأهداف التحسينية والكمالية(73).

وعندما تنعكس تلك المفاهيم العظمى على كل الممارسات في العملية التعليمية بحيث تصبح العملية التعليمية بجميع عناصرها تعبدية لله سبحانه وتعالى ؛ بداية من النية في طلب العلم ،والتعليم وحتى أبسط الأهداف السلوكية لكل درس ومقرر ، وبذلك تتضح أهداف المدرسة ورسالتها.


مما يساعد على تحديد العمليات ،والأدوار،والمعايير التي يتم تقييم العمل وفقاً لها .
بحيث يكون كل نشاط في المؤسسة التعليمية بأعلى مستوى ممكن من الجودة والإتقان، ويطابق عناصر الجودة للمواصفات ، ويحقق أهداف المدرسة ورسالتها .

3-
العمليات: من الضروري أن تسير العمليات التعليمية داخل المؤسسات وفق رؤية واضحة (الفلسفة ،والأهداف ) ليتم تهيئة الظروف المناسبة لتنفيذ الأعمال ،من ناحية المهارات الإدارية والفنية والعملية قال تعالىوتوفير كل الاحتياجات والمستلزمات لتفعيل العمليات داخل المؤسسات مع مراعاة استخدام الموارد على مختلف أنواعها باقتصاد)، والإشراف على سير العمل وتوجيه العاملين في المؤسسة مع الحرص على الشفافية والمساءلة داخل المؤسسة ،والحرص على تقييم سير العمل، والحصول على التغذية الراجعة من جانب المساهمين من أولياء الأمور والطلبة وأفراد المجتمع لتحديد مستوى جودة الخدمات التعليمية الواجب استيفاؤها ، واستخدام الموظفين المدربين لتطوير هذه المنتجات والخدمات بما يحقق رضا الله سبحانه وتعالى ثم رضا المستفيدين إلى أقصى درجة ممكنة (74) .

ويجمل هذه العناصر المكونة لمفهوم الجودة الشاملة في التعليم قوله تعالى :
(القصص 077) .يتضح من مناقشة مفهوم الجودة الشاملة من المنظور الإسلامي أنها فلسفة شاملة للتحسين المتواصل ، ومجموعة مبادئ وقيم ترتكز على دعائم أساسية تعد هي الأسس التي تقوم عليها الجودة الشاملة .

ثانياً :مبادئ الجودة الشاملة من منظور إسلامي :


لقد تباينت أراء الباحثين والكتاب في موضوع الجودة في تحديد المبادئ التي تستند عليها الجودة،بحيث تورد بعض المبادئ كمتطلب ،أو يذكر المتطلب كمبدأ لإدارة الجودة الشاملة إلا أن هناك بعض المبادئ أتفق عليها ، وعند النظر في هذه المبادئ نجد أن لها أصول إسلامية واضحة تبرز من خلال بعض الآيات القرآنية ، والأحاديث النبوية الشريفة ، والتطبيقات الفعلية التي وردت في سيرة المصطفى
r وتتلخص المبادئ فيما يلي(75):

وضوح أهداف المؤسسة ورسالتها :
1-

وتعرف أهداف المدرسة ورسالتها بأنها: الغرض الذي من أجله وجدت المدرسة ، وهي : هوية المدرسة ، ومبررات وجودها ، والتوجهات والخدمات التي تقدمها .وإجرائياً هي تحديد الغايات والأنشطة التي تقدمها المدرسة بشكل واضح وقابل للتغيير يتوائم مع أهداف الجودة الشاملة في التعليم في الإسلام وبالتركيز على المستفيدين من العملية التعليمية .فوضوح الأهداف يساعد على الرؤية السليمة لكافة الإجراءات والجهود المبذولة


ولقد تقدم الحديث عن الأهداف ووضوح الرسالة والهدف في المنظور الإسلامي وكيف تنبثق أهداف المدرسة ورسالته من الغايات العظمى للحياة الإنسانية، وتساعد على تحديد العمليات ، والأدوار ،والمعايير التي يتم تقييم العمل وفقاً لها .
ومن ثم تسهل وضع السياسات والبرامج في ضوء تحليل معمق للبيئة الداخلية والخارجية باعتماد تحليل نقاط الضعف والقوة في البيئة الداخلية والفرص والمخاطر في البيئة الخارجية لغرض وضع الخطط الشاملة بالشكل الذي يوفر قابلية دعم للميزة التنافسية للمؤسسة التعليمية .

2
-التركيز على المستفيد(العميل) :

فالجودة هي ترجمة لاحتياجات وتوقعات المستفيدين من العملية التعليمية سواء كانوا مستفيدين داخليين (الطلاب)،أو مستفيدين خارجيين(أولياء الأمور) إلى خصائص محددة تكون أساساً في تصميم الخدمات التعليمية وطريقة أداء العمل في المؤسسة من أجل تلبية توقعات المستفيدين والسعي لتحقيقها وتحقيق رضاهم ،حيث دعا الإسلام إلى حسن التعامل مع المستفيدين أثناء تقديم الخدمة
، فالجودة بدايتها بالمستفيد ونهايتها بالمستفيد، بحيث يطور كل فرد في النظام علاقة طيبة مع العميل المستفيد من الخدمة .

ففي الحديث عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
r قَالَ: ( رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى) (76).

وقد كان الرسول
r يتلمس حاجات أصحابه وأفراد أمته ثم يرشدهم إلى ما فيه صلاحهم ، وينفذ ما فيه مصلحة الأفراد والمجتمع . ففي غزوة بدر عندما وجد رسول الله r بين الأسرى من يجيد الكتابة ، جعل فدية من لا يستطيع فداء نفسه أن يعلم عشرة صبيان من المسلمين ، وكان فداء الرجل أربعة الآلاف ، ولكن حرص الرسول في ذلك الوقت على الكتابة أكثر من المال وذلك لحاجة أبناء المسلمين لها(77).

وفي الحديث : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ
r قَالَ: قَالَ رَجُلٌ : لَأَتَصَدَّقَنَّ اللَّيْلَةَ بِصَدَقَةٍ فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ زَانِيَةٍ فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى زَانِيَةٍ قَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى زَانِيَةٍ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ غَنِيٍّ فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ عَلَى غَنِيٍّ قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى غَنِيٍّ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ سَارِقٍ فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ عَلَى سَارِقٍ فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى زَانِيَةٍ وَعَلَى غَنِيٍّ وَعَلَى سَارِقٍ فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ أَمَّا صَدَقَتُكَ فَقَدْ قُبِلَتْ أَمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا تَسْتَعِفُّ بِهَا عَنْ زِنَاهَا وَلَعَلَّ الْغَنِيَّ يَعْتَبِرُ فَيُنْفِقُ مِمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ وَلَعَلَّ السَّارِقَ يَسْتَعِفُّ بِهَا عَنْ سَرِقَتِهِ) (78). وهنا وقع القبول للصدقة بالرغم من أنها في غير موضعها لأنها كانت فيها تحقيق نفع لمن قدمت له حتى لو لم يكن النفع مادي.

3-الالتزام بالتحسين المستمر:


ويشمل التحسين جميع عناصر العملية التعليمية ، وجميع وحدات العمل في المؤسسة ، وهو تعهد استراتيجي ثابت من قبل جميع العاملين في المؤسسة بتأمين الجودة ،فالإحسان في العمل مبدأ أساسي في الإسلام حيث يقوم كل عامل بتأدية عمله على أكمل وجه وبأفضل السبل المتاحة
(الكهف 7) وفي الحديث عن كليب (إن الله تعالى :يحب من العامل إذا عمل أن يحسن) (79).

وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي
r قال : ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه) (80)

فالمعرفة متجددة والمدير والموظفين في المؤسسة يحتاجون إلى تحسين أدائهم ، والتعرف على كل جديد في مجال عملهم عن طريق الدورات والبرامج التأهيلية للمعلمات ، والجهاز الإداري في المؤسسة .كما أن التحسين المستمر يجب أن يكون لجميع أعمال المؤسسة ومرافقها .من منطلق قوله تعالى
(المؤمنون 51)ولتحقيق التحسين المستمر للعمل عني الإسلام بتنمية كفاءة العاملين عن طريق تزويدهم بالمعلومات والمهارات اللازمة ،لإنجاز أعمالهم بجودة عالية ، فقد حث الإسلام على التزود من العلم بصفة مستمرة لقوله تعالى:á(طه 114) كما أكد الإسلام على ضرورة تدريب العاملين مع احتياجاتهم الوظيفية فقد كان المسجد النبوي أول معهد للتدريب ، فعن علي رضي الله عنه قال : "بعثني رسول الله r إلى اليمن ، قال: فقلت يا رسول الله تبعثني إلى قوم أسن مني وأنا حديث لا أبصر القضاء قال فوضع يده على صدري ،وقال اللهم ثبت لسانه ، وأهد قلبه، يا علي إذا جلس إليك الخصمان فلا تقضي بينهما حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول فإنك إذا فعلت ذلك تبين لك القضاء ).قال : فما اختلف علي قضاء بعد أو ما أشكل علي قضاء بعد " (81).إن التحسين المستمر في ظل الجودة الشاملة يتجلى في قدرة التنظيم على تصميم وتطبيق نظام إبداعي يحقق باستمرار رضا المستفيدين من العملية التعليمية وذلك من خلال السعي المتواصل للوصول إلى الأداء الأمثل من خلال تحقيق الآتي :

-تحسين الإنتاجية والفاعلية في استخدام الموارد .


-تقليل الأخطاء ، والوحدات المعيبة والضياع .


-تقديم منتجات جديدة وتحسين استجابة المؤسسة في وقت قياسي.


وقد تواترت المواقف النبوية التي تشير إلى متابعته
r لأصحابه ، وتأكيده على تحسين الأداء والتأكيد على أنه عملية مستمرة ففي الحديث عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : (سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَاعْلَمُوا أَنْ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ وَأَنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ )(82).

4-التنظيم (النظام الوقائي) : و
التركيز على الوقاية بدلاً من التفتيش ؛بأن تبادر إدارة المؤسسة إلى معرفة المشكلات وتتوقعها قبل وقوعها وتضع الأنظمة الوقائية التي تمنع حصولها ،ولقد اهتم الإسلام بالنظام الوقائي بوضع أساليب تمنع وقوع الأخطاء والمشكلات أثناء تأدية العمل حيث دعا إلى تنظيم نشاطات العاملين وفق ضوابط ومعايير محددة يلتزم بها العاملون أثناء تأدية العمل .والعمل على تنمية الرقابة الذاتية لدى الأفراد ،(الإسراء 13) مما يدل على رقابة الله على عباده ، وغرس الرقابة الذاتية كأسلوب لضبط السلوك لكي يؤدي العامل عمله بإخلاص وإتقان على أساس من تقوى الله سبحانه وتعالى وخشيته .

وقد أقر الإسلام الرقابة الخارجية (الرئاسية) نظراً لاختلاف العاملين في إعدادهم وخبراتهم وقدراتهم الخاصة ، فحرص على وضع معايير ، ونظم رقابية، ومحاسبية ، بحيث يقلل من حدوث الأخطاء، ويحد من حدوثها ؛وذلك من منطلق الحديث عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
r يَقُولُ : ( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ قَالَ وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ) (83) .

وقد ورد في الحديث عن أبي حميد الساعدي قال : استعمل رسول الله
r رجلاً من الأسد يقال له ابن اللتبية ، فلما قدم قال : هذا لكم وهذا أهدي إلي. قال : فقام رسول الله r على المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه . وقال : ( ما بال عامل ابعثه فيقول : هذا لكم وهذا أهدي لي ! أفلا قعد في بيت أبيه أو بيت أمه حتى ينظر أيهدي إليه أم لا ؟ والذي نفس محمد بيده ، لا ينال أحد منكم منها شيئاً إلا جاء يوم القيامة يحمله على عنقه ، بعير له رغاء أو بقرة لها خوار ،أو شاة تيعر) . ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه. ثم قال : اللهم هل بلغت ؟" مرتين ) (84)

فالأخطاء التي تبرز في عمل المؤسسة قد تكون ناتجة عن طبيعة النظام المعمول به هناك ، وليس بالضرورة لأسباب تتصل بالأفراد العاملين أنفسهم.
.فقد كان رسول الله r وخلفاؤه الراشدون يراعون في تقدير الأجر والأعباء العائلية للفرد العامل وصعوبة العمل ومستوى غلاء المعيشة في المناطق المختلفة من الدولة الإسلامية ،وكان الرسول r يعطي المتزوج من الجند حظين والأعزب حظاً واحداً من الفيء ، وفي الحديث عن المستورد بن شداد كان يقول r : ( من ولي لنا عملاً وليس له منزلاً فليتخذ منزلاً ، أو ليس له زوجة فليتزوج أو ليس له دابة فليتخذ دابة فمن أصاب شيء سوى ذلك فهو غال أو سارق ) (85). وذلك من باب الوقاية لكي لا يستغل الموظف وظيفته استغلال سيئاً نظراً لحاجته .

5-المشاركة وتفويض الصلاحية :
ويقصد بالمشاركة وتفويض الصلاحية للعاملين تفعيل دورهم بطريقة تشعرهم بالأهمية وتحقيق الاستفادة الفعلية من إمكاناتهم والمشاركة المقصودة هنا هي المشاركة الجوهرية وليست الشكلية،إذ يفترض أن تحقق المشاركة أمرين : الأول تزيد من إمكانية تصميم خطة أفضل ، والثاني : تحسين من كفاءة صنع القرارات من خلال مشاركة العقول المفكرة والقريبة من مشاكل العمل .

إن نجاح الجودة الشاملة يعتمد على مشاركة العاملين في المؤسسة مع الإدارة العليا في اتخاذ القرارات، وتنفيذ الأعمال مما يجعل الأفراد يحسون بأهميتهم ومساهمتهم في تنفيذ الأعمال وإنجاحها ،لأنهم سيعتبرونه نجاح لهم.وذلك من منطلق قوله تعالى:
(الشورى 38)

أما تفويض الصلاحية فهي لا تعني فقط المشاركة بل يجب أن تكون مشاركة الأفراد بطريقة تمنحهم صوتاً حقيقياً عن طريق هياكل العمل والسماح للعاملين بصنع القرارات التي تهتم بتحسين العمل داخل أقسامهم الخاصة . فبدون المشاركة وتمكين العاملين .وتوزيع الصلاحيات ،والمهام ، وإعطاء الفرص لرفع الروح المعنوية لفريق العمل والإخلاص الثابت ، والملموس من الجميع لجعل مبادئ الجودة الشاملة وممارساتها جزءاً لا ينفصم من ثقافة المؤسسة فإن كافة الجهود المبذولة محكوم عليها بالفشل .


فقد ورد في السيرة أن الرسول
r أوجد لكل طاقة ما يناسبها من عمل ، ووزع المسؤوليات ففي عهده r تولى علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان كتابة الوحي ، كما كان يقوم بذلك أثناء غيابهما أبي بن كعب ، وزيد بن ثابت،وكان الزبير بن العوام وجهيم بن الصلت يقومان بكتابة أموال الصدقات ، وكان حذيفة بن اليمان يعد تقديرات الدخل من النخيل ، وكان المغيرة بن شعبة والحسن بن نمر يكتبان الميزانيات والمعاملات بين الناس . وزيد بن ثابت كان يكتب مراسلات الحكام والولاة بلغات مختلفة (86). وقد حرص الرسولr بتوضيح تلك المزايا والصلاحيات فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : (أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَقْرَؤُهُمْ أُبَيٌّ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ ) (87).






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس