عرض مشاركة واحدة
قديم 06-04-2008, 08:54 PM رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مزرعة الدموع! من روايات عبير" لمن يحبها

عدنا
أفلتت من راعي البقر المسن ضحكة لاذعة:
" قلت لك أن الغرب القديم قد ولي . إنهم يحضرون الطعام من بيت المزرعة وينقلونه بالمقطورة إلي مكان الوقوف في الظهيرة".
ثم أبتسم متابعا :
"أذهبي أنت. لن تذهب الماشية إلي أي مكان غير صهريج الماء . ارتاحي كلما سنحت الفرصة لذلك . سنقضي فترة بعد الظهيرة الطويلة فوق سروج جيادنا".
أمسكت ستاسي بعنان جوداها وأدارته حول القطيع , ثم ركضت في اتجاه العربات المنتظرة , متجهة إلي حيث ينتظر أحد رعاة البقر بجانب الشاحنات . كان هناك عدد من الفرسان بجانب السيارة الستيشن . بعضهم يتناول طعامه بينما هم البعض لآخر بإحضار طعامه . ولاحظت ستاسي وجود اثنين من المكسيكيين يقومان بتهدئة بعض الجياد ويستبدلانها بجياد من الشاحنات .ترجلت عن حصانها ببطء , كانت عظامها وعضلاتها تؤلمها لدرجة أنها اضطرت للوقوف دقيقة حتى تستطيع أن تعتاد وجود أرض صلبة تحت قدميها , لم تكن واثقة من قدرتها علي السير . فمشت بضع خطوات حذرة في اتجاه السيارة حتى عرفت أنها تستطيع الاتكال علي نفسها , فانضمت إلي الرجال عند سيارة الستيشن حيث كان يوزع عليهم الطعام .
توقف المزاح اللطيف والدمدمة بين الرجال عندما وصلت ستاسي مما أشعرها بعدم الارتياح. كانت مرهقة وجائعة بعد إفطارها البسيط فنسيت وضعها الحرج . وأحمر وجهها وارتعشت يدها وهي تأخذ طبقا من الطعام ومعه شريحة سميكة من الخبز من أحد الطهاة , وكوبا ساخنا من القهوة من طاه آخر . أاستدارت بعصبية لتبحث عن مكان مظلل تستطيع أن تتناول فيه الطعام . كانت كل العيون متجهة إليها وهي تستدير , ونظر البعض بعيدا عنها فجأة بينما أخذ البعض الآخر ينظر إليها في جرأة.
جاءها صوت متردد عن يمينها :
"آنستي !"
التفتت ستاسي فرأت جيم يخاطبها :
"تستطيعين الانضمام إلي أذا شئت , فلم يعد هناك الكثير من الأماكن الظليلة".
نظرت لأول مرة في عيني راعي البقر الشاب قائلة:
" أشكرك يا جيم . أعتقد أن منظري يدل علي أني ضالة".
"نعم . يجب ألا تأبهي لهولاء الرجال. إنهم لم يعتادوا روية النساء في المسكر ".
نظرت إليه , كان وجهه شبه بالصبية مما يخدع من يريد تقدير سنه الذي كان في منتصف العشرينات.
سألته ستاسي أثناء تناول الطعام :
" هل تعمل هنا منذ وقت طويل؟"
" أعمل هنا من وقت لآخر طوال عمري . لقد انتهيت من الخدمة العسكرية منذ عامين وذهبت إلي الجامعة ولكني أعمل هنا فترة الصيف لأكسب مصاريف تعليمي".
" ماذا تدرس؟"
" علم الغابات والحفاظ عليها "
" هل تنوي أن تصبح حارسا للغابة ؟"
أجاب مستمتعا باهتمام ستاسي به:
" أرجو ذلك . لقد أقترح سيد هاريس علي العودة للمزرعة , ولكني أفضل ألا أفعل . في البداية كنت سأصبح طبيبا بيطريا ولكني اكتشفت اهتمامي أكثر بالناحية الزراعية والبيئية ".
قالت ستاسي وفي صوتها رنة مرارة فيما تمضغ قطعة من اللحم :
" لو كنت مكانك لما سمحت لرغبات سيد هاريس أن تتعارض مع ما أريد ".
جاء الرد في صوت خافت ساخر :
" لا . بالطبع لا".
انتفضت رافعة رأسها , وكادت تختنق من قطعة اللحم التي تأكلها وهي تحملق في وجه هاريس . بينما هب جيم واقفا في حرج .
قال وهو يشد علي فكه بقوة مدافعا عن ستاسي بطريقته ضد ابتسامة مخدومه الساخرة :
"كنا نناقش خططي في الدراسة يا سيدي ".
وقفت ستاسي بسرعة حتى تمنع الاستمرار في الحديث نيابة عنها , كان مهينا بما فيه الكفاية أن تضطر للنظر إلي أعلي ... لكورد , ولكن الجلوس تحت قدميه كان لا يحتمل مطلقا , ونقل كورد هاريس بصره من عامل المزرعة الشاب إلي الفتاة الواقفة أمامه بدون قبعة . قابلت نظرته بجرأة وهي تشعر مرة أخري بأن ثيابها ووجهها قد كساهما الغبار.
قال كورد وصوته يبين رغبته في إبعاد جيم :
" ربما وددت مراقبة الجياد يا كونورز".
ألقي راعي البقر بنظرة إلي الفتاة الواقفة بجانبه , ابتسمت له ستاسي بثقة أكثر بكثير مما كانت تشعر . كان نبضها مسرعا سرعة مزعجة . وتركها جيم كونورز رغما عنه واقفين وحدهما بجانب المقطورة.
" يبدو أنك استطعت أن تكسبي لنفسك معجبا !"
قالت ستاسي بصوت لاذع:
"لا تكن مضحكا ! لقد كان مهذبا فقط من الواضح أنه قد تعلم السلوك الحسن ولا أستطيع أن أقول هذا عن أناس آخرين ".
قال كورد متجاهلا أهانتها :
"أرى أنك في حالة جيدة علي الرغم من العمل طوال الصباح "ز
واستند إلي جانب المقطورة لشعل سيكارته . وبلا شعور أمسك بالثقاب حتى برد وهو ينظر طوال الوقت إلي وجه ستاسي المتسخ .
" نعم . قمت بعمل جيد بالرغم من الصعوبات . هل أنت مندهش ؟"
أجاب:
" لا أعتقد أنك تستطيعين عمل أي شيء تقررين عمله . إني فقط أتساءل‘إذا كانت عندك القدرة علي الاستمرار".
مشي إليهما هانك وقد جذبت انتباهه مهرة بنية اللون في الناحية البعيدة من المقطورة , وقال:
" أهلا يا سيدي , هل هذه المهرة التي اشتريتها في الأسبوع الماضي ؟ إنها بالتأكيد حلوة الشكل".
أما المهرة فقد كرهت القيود وأخذت تذرع الأرض في صبر نافد وتجر لجامها . لم تترك عينا كورد وجه ستاسي وقال:
" نعم إنها حلوة !"
شعرت ستاسي بحمرة الخجل تغمرها ولكنها لم تستطع أن تهرب من العينين المسيطرتين .
وسأل هانك :
" هل تعتقد أنها تستطيع الاستقرار في حياة المزرعة؟"
ثم وجه بقية كلامه لستاسي بدون أن يلاحظ أنها لا تعيره الكثير من انتباها :
" لقد دخلت السباق عدة مرات وهي معتادة علي الكثير من الضجة والصخب . تستطيع أن تقول إنها مدللة ".
داعبت شفتا كورد ابتسامة هازئة وهو يرقب أمارات الارتباك واضحة علي وجه ستاسي وقال:
" من الصعب أن أجزم يا هانك ".
استمر راعي البقر الكهل في الكلام وهو يهز رأسه :
" بالتأكيد إنها تبدو متعبة . ستحتاج للكثير من الصبر حتى تتغير طريقة تفكيرها".
قال كورد ضاحكا :
" بالطبع ستحتاج للصبر , ستحتاجه . حسنا يجب ألا أعطلكما أنتما الاثنين عن عملكما أكثر من ذلك . سأراكما فيما بعد ".
هز رأسه لستاسي , ثم ربت بود علي ظهر الحصان , ومشي بخطوات واسعة نحو المهرة المربو طة وعلي وجهه تعبير سرور مكتوم . فك لجام الحصان وقفز بسهولة فوق السرج , ولم ينظر في اتجاههما وهو يوجه الحصان نحو مجموعة من الركاب يتحدثون وهم يشربون آخر قدح من القهوة . لم تسمع ستاسي حديثهما ولكنها فهمت أنه يأمرهم بالعمل لأنهم تفرقوا بعد وقت قصير , وساروا إلي حيث ربطت جيادهم .
لمحت جيم من طرف عينها يمشي قائدا حصانين وأعطاها لجام حصان كبير ذي أنف روماني . وأحست ستاسي بأن جيم كان محرجا لتركها بين براُن كورد , ولكنها في تلك اللحظة كانت تري الوجه الذي لوحته الشمس واضحا في ذهنها , والضحكة اللذيذة الصادرة من الحلق ترن في أذنيها . وركبا في صمت وانضما إلي هانك ليبدوا عمل بعد الظهيرة.






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس