عرض مشاركة واحدة
قديم 04-18-2009, 11:41 AM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: أعــــلام وشخصــــيات تأريخـــيه وعلمـــاء وأدبـــاء وخلفــاء ألأمــه الاســلاميـ

الخوارزمي
نبذة:
هو محمد بن موسى الخوارزمي، اشتهر بالرياضيات والفلك والهندسة، توفي بعد عام 232 للهجرة.
سيرته:
لم يصلنا سوى القليل عن أخبار الخوارزمي، وما نعرفه عن آثاره أكثر وأهم مما نعرفه عن حياته الخاصة. هو محمد بن موسى الخوارزمي، أصله من خوار زم. ونجهل تاريخ مولده، غير أنه عاصر المأمون، أقام في بغداد حيث ذاع اسمه وانتشر صيته بعدما برز في الفلك والرياضيات. اتصل بالخليفة المأمون الذي أكرمه، وانتمى إلى (بيت الحكمة) وأصبح من العلماء الموثوق بهم. وقد توفي بعد عام 232 هـ .
ترك الخوارزمي عدداً من المؤلفات أهمها: الزيج الأول، الزيج الثاني المعروف بالسند هند، كتاب الرخامة، كتاب العمل بالإسطرلاب، كتاب الجبر والمقابلة الذي ألَّفه لما يلزم الناس من الحاجة إليه في مواريثهم ووصاياهم، وفي مقاسمتهم وأحكامهم وتجارتهم، وفي جميع ما يتعاملون به بينهم من مساحة الأرضين وكرى الأنهار والهندسة، وغير ذلك من وجوهه وفنونه. ويعالج كتاب الجبر والمقابلة المعاملات التي تجري بين الناس كالبيع والشراء، وصرافة الدراهم، والتأجير، كما يبحث في أعمال مسح الأرض فيعين وحدة القياس، ويقوم بأعمال تطبيقية تتناول مساحة بعض السطوح، ومساحة الدائرة، ومساحة قطعة الدائرة، وقد عين لذلك قيمة النسبة التقريبية ط فكانت 7/1 3 أو 7/22، وتوصل أيضاً إلى حساب بعض الأجسام، كالهرم الثلاثي، والهرم الرباعي والمخروط.
ومما يمتاز به الخوارزمي أنه أول من فصل بين علمي الحساب والجبر، كما أنه أول من عالج الجبر بأسلوب منطقي علمي.
لا يعتبر الخوارزمي أحد أبرز العلماء العرب فحسب، وإنما أحد مشاهير العلم في العالم، إذ تعدد جوانب نبوغه. ففضلاً عن أنه واضع أسس الجبر الحديث، ترك آثاراً مهمة في علم الفلك وغدا (زيجه) مرجعاً لأرباب هذا العلم. كما اطلع الناس على الأرقام الهندسية، ومهر علم الحساب بطابع علمي لم يتوافر للهنود الذين أخذ عنهم هذه الأرقام. وأن نهضة أوروبا في العلوم الرياضية انطلقت ممّا أخذه عنه رياضيوها، ولولاه لكانت تأخرت هذه النهضة وتأخرت المدنية زمناً ليس باليسير


الـمـتـنـبـي

مصر واجه بيئة جديدة، ومجتمعا آخر، وظروفا اضطرته إلى أن يتنازل في أول الأمر عما لم يتنازل عنه، وهو عند سيف الدولة . . ثم هو عند ملك لا يحبه، ولم يجد فيه البديل الأفضل من سيف الدولة إلا أنه قصده آملا، ووطن نفسه على مدحه راضيا لما كان يربطه في مدحه من أمل الولاية، وظل صابرا محتملا كل ذلك. وأخذ يخطط إلى أمله الذي دفعه للمجيء إلى هنا، ويهدأ كلما لاح بريق السعادة في الحصول على أمله، وهو حين يراوده نقيض لما يراه من دهاء هذا الممدوح الجديد ومكره تنعصر نفسه، ويحس بالحسرة على فراقه صديقه القديم. وفي هذه البيئة الجديدة أخذ الشعور بالغربة يقوى في نفسه بل أخذ يشعر بغربتين غربته عن الأهل والأحبة وعما كان يساوره من الحنين إلى الأمير العربي سيف الدولة، ويزداد ألمه حين يرى نفسه بين يدي أسود غير عربي إلا أنه حين يتذكر جرح كبريائه يعقد لسانه ويسكت . . وغربته الروحية عمن حوله والتي كان يحس بها في داخله إحساسا يشعره بالتمزق في كثير من الأحيان . . وظل على هذا الحال لا تسكته الجائزة، ولا يرضيه العطاء، وظل يدأب لتحقيق ما في ذهنه ويتصور أنه لو حصل عليها لحقق طموحه في مجلس كمجلس سيف الدولة تجتمع فيه الشعراء لمدحه فيستمع لمديحه وإكباره على لسان الشعراء بدلا من أن يؤكد كبرياءه هو على لسانه، ولربما كان يريد إطفاء غروره بهذا إلا أن سلوكه غير المداري وعفويته التي رأيناها بابا سهلا لدخول الحساد والكائدين بينه وبين الحاكم الممدوح، ثم حدته وسرعة غضبه وعدم السيطرة على لسانه. كان كل ذلك يوقعه في مواقف تؤول عليه بصور مختلفة وفق تصورات حساده ومنافسيه . . وأكاد أعتقد أنه كان مستعدا للتنازل عن كل جوائزه وهباته لمن كان يتصور أنه كان يريد أن يتربع على عرش الشعر من أجل جائزة كافور وعطائه، ثم يصوره بصورة تشوه إحساسه وتزور مشاعره . . وذلك هو الذي يغيظه ويغضبه ويدفعه إلى التهور أحيانا وإلى المواقف الحادة . . كل ذلك يأخذ طابعا في ذهن الحاكم مغايرا لما في ذهن الشاعر . .
هكذا بدأت المسافة تتسع بينه وبين كافور . . وكلما اتسعت المسافة كثر في مجالها الحاسدون والواشون، وكلما أحس الشاعر، ولو وهما، بأزورار كافور عنه تيقظت لديه آفاق جديدة لغربته، وثارت نفسه وأحس بالمرارة إحساسا حادا . . لقد كان هو يحس بالحق، وبأنه لم يطلب فوق حقه، ولم يتصرف بما هو خطأ لأنه لم يصدر منه تجاوز على حق أحد إلا أنه هذا التصور البريء في ذهن الشاعر بعيد عن واقع الصورة التي في ذهن حاشية كافور، وما يصل إلى كافور من أقوال عن الشاعر وعادة المتملقين من الوجهاء يتوصلون إلى الحاكم بواسطة حاشيته وإغراء بعض أفرادها بأن يكونوا جسورا بينهم وبين سيدهم . . هذه الجسور قد تقطع عند الحاجة بين الحاكم وبين خصومهم . . . أما أبو الطيب فلم يكن يحسن هذا اللون من التظاهر ولم يكن يفكر بهذا اللون من التصور، وإنما كان صريحا بكل شيء في رضاه وسخطه صريحا بما يرغب دون احتيال ولا محاورة، فما دام يشعر بالحق طالب به دون تأجيل.
هذه الصراحة كثيرا ما أوقعته في مواقف حرجة، عند سيف الدولة، وهنا أيضا عند كافور، لذا صارت للمتنبي صورة الغول في نفس كافور، وبأنه المخيف الذي سينزو على ملكه إذا أعطاه ما يمكنه من ذلك، وهكذا ظل الشاعر يرغب، ويلح في رغبته، وظل كافور يداوره ويحاوره، وهو لون من الصراع الدرامي بين حاكم يحسن الاحتيال والمداورة وشاعر صريح لا يحسن من ذلك شيئا حتى وصل الشاعر إلى حالة لم يستطع بعدها أن يبقى صامتا، وشعر كافور برغبته في مغادرته فظن أن تشديد الرقابة عليه وإغلاق الحدود دونه سيخيفه ويمنعه من عزمه، ويخضعه كما يفعل مع غيره من الشعراء بالترهيب حينا والذهب حينا آخر . . إلا أن أبا الطيب لم يعقه ذلك كله عن تنفيذ ما عزم عليه بعد أن أحس باليأس من كافور، ولذعه الندم على ما فعل بنفسه في قصده إياه . .
وعاودته ضجراته التي أحس بها وهو عند أكثر أصدقائه إخلاصا وحبا وظل يخطط إلى الهرب، ويصر على تحدي كافور ولو بركوب المخاطر حتى وجد فرصته في عيد الأضحى، وخرج من مصر، وهجا كافورا بأهاجيه المرة الساخرة .
الاضطراب واليأس :
إن تحدي أبي الطيب لسلطة كافور في هروبه وركوبه كل المخاطر، ثم هذه الطاقة المتفجرة من السخط والغضب في هجائه، كل ذلك يدل على مبلغ اليأس والندم في نفسه، ويبدو لي أنه كان حائرا حين فارق سيف الدولة، وحاول أن يمنع نفسه من التوجه إلى كافور إلا أنه رجح أمر توجهه إلى مصر بعد إطالة فكر . . . ويبدو أنه كان قد فكر بهذه النتيجة اليائسة من ملك مصر لذا نراه وكأنه أراد أن يتقدم من نفسه على ارتكابه خطيئة التوجه إليه واحتمالها مدحه، والتقيد بأوامره حينا. فهو حاول بأي وجه أن يشعر بالانتصار على هذه السلطة، نجده تحداه في هروبه، ثم نقرأ هذا الفخر بالشجاعة والفروسية في اقتحام المخاطر في طريقه إلى الكوفة في مقصورته :

إمــا لهـذا وإمــا لـذا ضربت بها التيه ضرب القمار
وبيض السيوف وسمر القنا إذا فزعت قدمتـها الجيــاد
فـوق مكــارمننا والعمل فلمـا انحنـا ركزنـا الرماح
ونمسحها من دماء العــدى وبتنــا نقبـــل أسيافنــا
ومن بالعواصم أني الفتــى لتـــعلم مصر ومن بالعراق

عاد إلى الكوفة وهو أشد الحاجة إلى الاستقرار إلا أنه لم يستطع الإقامة فيها طويلا، فذهب إلى بغداد حيث مجلس المهلبي الذي يجتمع فيه جماعة من الشعراء والأدباء، وكان المهلبي يطمع بمدح أبي الطيب فلم يحصل إلا على زيارة الشاعر لمجلسه.
أزور أبو الطيب من جو الخلاعة والمجون الذي يحيط بالمهلبي ويظهر لي أنه كان منذ نزوله الكوفة كان يفكر في صديقه الحمداني وبأسباب الصلة به. فالشاعر لم يرد أن يتورط بمدح المهلبي والبويهيين في بغداد لكي يحافظ على العلاقة بينه وبين سيف الدولة لما كان بين سلطة بغداد وحلب من عداء

ثم أن أبا الطيب في هذه المرحلة التي ينال فيها من الشهرة والمجد لم يجد ما يحققه من مدحه للمهلبي، بل كان يراه أقل منه شأنا وأدبا . . وظل صامتا حتى عن رد الشعراء الذين حرضهم المهلبي عليه فهجوه أقذع الهجاء، فلم يجبهم، وكذلك حرض الحاتمي عليه فكانت تلك المناظرة الحاقدة التي سجلها الحاتمي في رسالته الموضحة. فكان أبو الطيب وقورا حينا وحادا أحيانا، ويغضي عن كل ذلك أوانا، وكان مكتفيا في لقاء محبي شعره وطالبي أدبه في دار صديقه علي بن حمزة البصري الذي كان قد نزل فيها.
عاد إلى الكوفة بعد أن أقام في بغداد سبعة أشهر، ويظهر أنه أراد أن يبتعد عن هذا الجو الصاخب فيها ليستقر في مكان يفكر فيه بعقد أسباب الصلة بأمير حلب. وفعلا وصلت إليه هداياه وأرسل إليه شعرا ولم يطق الإقامة في الكوفة لما كان فيها من الحوادث الدموية بسبب هجوم القرامطة عليها، واشترك المتنبي في الدفاع عنها. وعاودته الرغبة إلى الرحيل إذ كان يجد فيه متنفسا عن قلقه ولما جاءته رغبة ابن العميد من أرجان في زيارته رحل إليه ومنه إلى عضد الدولة في شيراز. وكأن رحلته هذه كانت لقتل الفراغ الذي أحس به بعد طول معاناة ولامتصاص التمزق الذي كان يعانيه، وربما كان في نفسه غرض آخر هو تقوية صلته بعضد الدولة وذوي الجاه كابن العميد ليقوى مركزه في بغداد بل ليكون أقوى من صاحب الوزارة فيها الذي حرض من لديه من الشعراء على هجائه. وكان عضد الدولة يقيم بشيراز ويتطلع لخلافة أبيه للحكم في بغداد، وبحاجة لشاعر كبير يقدمه للناس ويعرفهم بخصاله. وفي طريق عودته إلى بغداد كان مقتله قريبا من دير العاقول 354 هـ وكان مع المتنبي جماعة من أصحابه وابنه محسد وغلامه مفلح اللذان قتلا معه على يد فاتك بن أبي جهل الأسدي وجماعته
والمتنبي شاعر الطموح والبطولة، هو أكبر رموز الشعر العربي وأكثرها تداولاً بين الناس بعد أكثر من ألف عام على وفاته. وتطمح صخر أن تعمم هذا النموذج ليشمل ديوان الشعر العربي كله ليكون بين يدي جميع ابناء العروبة في كافة بلدانهم وفي غربتهم وترحالهم ولتربط الحديث من التقنيات، وتستنفذ أقصى ما تتيحه من إمكانات للتواصل مع التراث الثقافي العظيم لهذه الأمة في مختلف أقطارها وبين شعوبها.
وقد راعينا في هذا النموذج الحفاظ على المرجعية فأوردنا قصائد وأبيات المتنبي طبقاً لترتيب اليازجي واستخدمنا ما لدينا من تقنيات لنعرض تلك القصائد مرتبة أبجدياً بالقوافي والمطالع علاوة على الترتيب الزمني. كما أوردنا شروح اليازجي والبرقوقي والعكبري والمعري لكل بيت من أبيات المتنبي وعرضنا ذلك بطريقة تمكن المستخدم من التنقل بين الشروح المختلفة لأي بيت بيسر وسلاسة.
أما فهارس هذا النموذج فقد اشتملت على القوافي والبحور والترتيب التاريخي طبقاً لترتيب محققي شرح العكبري (السقا والإبياري وشلبي) كما اشتملت الفهارس على عرض للغة المتنبي يوضح اكثر الكلمات والمعاني استخداما عنده ومواقع تلك الكلمات في شعره وقد استكمل هذا العمل بإضافة بعض المقالات الهامة التي نشرت عن المتنبي في ذكراه الألفية وغيرها وقائمه بالمراجع الهامه التي تحدثت عنه. وعلاوة على المادةالتراثية والإمكانيات الفنية التي قدمناها في هذا النموذج نعد بإضافة المزيد عن المتنبي من دراسات وشروح مستقبلاً.

المتنبي خلاصة الثقافة العربية الإسلامية في النصف الأول من القرن الرابع للهجرة. هذه الفترة كانت فترة نضج حضاري في العصر العباسي ، وهي في الوقت نفسه كانت فترة تصدع سياسي وتوتر وصراع عاشها العالم العربي . فالخلافة في بغداد انحسرت هيبتها والسلطان الفعلي في أيدي الوزراء، وقادة الجيش ومعظمهم من الأعاجم، ثم ظهور الدويلات والإمارات المتصارعة في بلاد الشام ، ثم تعرض الحدود لغزوات الروم والصراع المستمر على الثغور الإسلامية ثم الحركات الدموية في داخل العراق كحركة القرامطة وهجماتهم على الكوفة.
لقد كان لكل وزير ولكل أمير في الكيانات السياسية المتنافسة مجلس يجمع فيه الشعراء والعلماء يتخذ منهم وسيلة دعاية وتفاخر ثم هم وسائل صلة بين الحكام والمجتمع بما تثبته وتشيعه من مميزات هذا الأمير وذلك الحاكم ، فمن انتظم في هذا المجلس أو ذاك من الشعراء أو العلماء يعني اتفق وإياهم على إكبار هذا الأمير الذي يدير هذا المجلس وذاك الوزير الذي يشرف على ذاك. والشاعر الذي يختلف مع الوزير في بغداد مثلا يرتحل إلى غيره فإذا كان شاعرا معروفا استقبله المقصود الجديد، وأكبره لينافس به خصمه أو ليفخر بصوته.
في هذا العالم المضطرب المتناقض الغارق في صراعه الاجتماعي والمذهبي كانت نشأة المتنبي وقد وعي بذكائه ألوان هذا الصراع وقد شارك فيه وهو صغير، وانغرست في نفسه مطامح البيئة فبدأ يأخذ عدته في أخذه بأسباب الثقافة والشغف في القراءة والحفظ. وقد رويت عن أشياء لها دلالاتها في هذه الطاقة المتفتحة التي سيكون لها شأن في مستقبل الأيام والتي ستكون عبقرية الشعر العربي. روي أنه تعلم في كتاب كان يتعلم فيه أولاد أشراف الكوفة دروس العلوية شعرا ولغة وإعرابا. وروي أنه اتصل في صغره بأبي الفضل بالكوفة، وكان من المتفلسفة، فهوسه وأضله. وروي أنه كان سريع الحفظ، وأنه حفظ كتابا نحو ثلاثين ورقة من نظرته الأولى إليه، وغير ذلك مما يروى عن حياة العظماء من مبالغات . . .
ولم يستقر في موطنه الأول الكوفة وإنما خرج برحلته إلى الحياة خارج الكوفة وكأنه أراد أن يواجه الحياة بنفسه ليعمق تجربته فيها بل ليشارك في صراعاتها الاجتماعية التي قد تصل إلى أن يصطبغ لونها بما يسيل من الدماء كما اصطبغ شعره وهو صبي . . هذا الصوت الناشئ الذي كان مؤهلا بما يتملك من طاقات وقابليات ذهنية أدرك أن مواجهة الحياة في آفاق أوسع من آفاق الكوفة تزيد من تجاربه ومعارفه فخرج إلى بغداد يحاول أن يبدأ بصراع الزمن والحياة قبل أن يتصلب عوده، ثم خرج إلى بادية الشام يلقي القبائل والأمراء هناك، يتصل بهم ويمدحهم فتقاذفته دمشق وطرابلس واللاذقية وحمص. كان في هذه الفترة يبحث عن فردوسه المفقود، ويهيئ لقضية جادة في ذهنه تلح عليه، ولثورة حاول أن يجمع لها الأنصار، وأعلن عنها في شعره تلميحا وتصريحا حتى أشفق عليه بعض أصدقائه وحذره من مغبة أمره، حذره أبو عبد الله معاذ بن إسماعيل في اللاذقية، فلم يستمع له وإنما أجابه مصرا :

أبـا عبـد الإلـه معاذ أني خفي عنك في الهيجا مقامي
ذكرت جسيـم ما طلبي وأنا تخاطر فيـه بالمهج الجسام
أمثلـي تـأخذ النكبات منـه ويجزع من ملاقاة الحمام ؟
ولو برز الزمان إلى شخصا لخضب شعر مفرقه حسامي
إلا أنه لم يستطع أن ينفذ ما طمح إليه. وانتهى به الأمر إلى السجن. سجنه لؤلؤ والي الأخشيديين على حمص بعد أن أحس منه بالخطر على ولايته، وكان ذلك ما بين سنتي 323 هـ ، 324 هـ .

البحث عن النموذج :
خرج أبو الطيب من السجن منهك القوى . . كان السجن علامة واضحة في حياته، وكان جدارا سميكا اصطدمت به آماله وطموحاته، وأحس كل الإحساس بأنه لم يستطع وحده أن يحقق ما يطمح إليه من تحطيم ما يحيط به من نظم، وما يراه من فساد المجتمع. فأخذ في هذه المرحلة يبحث عن نموذج الفارس القوى الذي يتخذ منه مساعدا على تحقيق طموحاته، وعلى بناء فردوسه. وعاد مرة أخرى يعيش حياة التشرد والقلق، وقد ذكر كل ذلك بشعره. فتنقل من حلب إلى إنطاكية إلى طبرية حيث التقى ببدر بن عما سنة 328 هـ، فنعم عند بدر حقبة، وكان راضيا مستبشرا بما لقيه عنده، إن الراحة بعد التعب، والاستقرار بعد التشرد، إلا أنه أحس بالملل في مقامه، وشعر بأنه لم يلتق بالفارس الذي كان يبحث عنه والذي يشاركه في ملاحمه، وتحقيق آماله. فعادت إليه ضجراته التي كانت تعتاده، وقلقه الذي لم يبتعد عنه، وأنف حياة الهدوء إذ وجد فيها ما يستذل كبرياءه. فهذا الأمير يحاول أن يتخذ منه شاعرا متكسبا كسائر الشعراء، وهو لا يريد لنفسه أن يكون شاعر أمير، وإنما يريد أن يكون شاعرا فارسا لا يقل عن الأمير منزلة. فأبو الطيب لم يفقده السجن كل شيء لأنه بعد خروجه من استعاد إرادته وكبرياءه إلا أن السجن كان سببا لتعميق تجربته في الحياة، وتنبيهه إلى أنه ينبغي أن يقف على أرض صلبة لتحقيق ما يريده من طموح. لذا فهو أخذ أفقا جديدا في كفاحه. أخذ يبحث عن نموذج الفارس القوي الذي يشترك معه لتنفيذ ما يرسمه في ذهنه.


الإصطرخي
نبذة:
هو أبو القاسم إبراهيم بن محمد الفارسي الإصطرخي، اشتهر بالجغرافيا، من علماء القرن الرابع الهجري.
سيرته:
هو أبو القاسم إبراهيم بن محمد الفارسي الإصطرخي، المعروف بالكرخي، نشأ في اصطخر ونسب إليها. وفي (كشف الظنون) هو أبو زيد محمد بن سهل البلخي، وفي دائرة المعارف الإسلامية هو أبو اسحق إبراهيم بن محمد الفارسي الذي عاش في النصف الأول من القرن الرابع الهجري.
طلب العلم ونبغ في حدود عام 349 هـ، وعني بأخبار البلاد. فخرج يطوف المناطق حتى وصل إلى الهند، ثم إلى سواحل المحيط الأطلسي، وفي رحلاته لقي نفراً من العلماء في الحقول المختلفة.
لم تكن مصادر علم البلاد (علم الجغرافيا) موفورة في عصره، فكان بذلك أول جغرافي عربي صنّف في هذا الباب، إمّا عن مشاهدة فعلية وإمّا نقلاً عن كتاب بطليموس. وقد نقلت مؤلفاته إلى عدة لغات وتمّ طبعها عدة مرات.
وقد وصلنا من أعماله كتابان: كتاب (صور الأقاليم) الذي ألفه على اسم أبو زيد البلخي، والثاني كتاب (مسالك الممالك).


القزويني
نبذة:
هو أبو عبد الله بن زكريا بن محمد القزويني، ولد سنة 650 هجرية وتوفي سنة 682 هجرية، اشتهر بالفلك.
سيرته:
هو أبو عبد الله بن زكريا بن محمد القزويني، ينتهي نسبه إلى أنس بن مالك عالم المدينة. ولد بقزوين في حدود سنة 605 للهجرة، وتوفي سنة 682 هـ، اشتغل بالقضاء مدة، ولكن عمله لم يلهه عن التأليف في الحقول العلمية. ففقد شغف بالفلك، والطبيعة، وعلوم الحياة، ولكن أعظم أعماله شأناً هي نظرياته في علم الرصد الجوي.
أشهر مؤلفات القزويني كتابه المعروف (عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات). فيه يصف القزويني السماء وما تحوي من كواكب وأجرام وبروج، مع التوقف عند حركتها الظاهرية، وما ينجم عن ذلك كله من اختلاف فصول السنة. كما تكلم عن الأرض وجبالها وأوديتها وأنهارها، وتحدث عن كرة الهواء، وعن الرياح ودورتها، وكرة الماء وبحارها وأحيائها، ثم تحدث عن اليابسة وما فيها من جماد ونبات وحيوان. وقد رتب ذلك ترتيباً أبجدياً دقيقاً.
وللقزويني كتاب (آثار البلاد وأخبار العباد). ضمّنه ثلاث مقدمات عن الحاجة إلى إنشاء المدن والقرى، وخواص البلاد، وتأثير البيئة على السكان والنبات والحيوان، كما عرض لأقاليم الأرض المعروفة آنذاك، وخصائص كل منها. كما يضم هذا الكتاب أخبار الأمم وتراجم العلماء والأدباء والسلاطين، وأوصاف الزوابع، والتنين الطائر أو نافورة الماء وغير ذلك.
دعا القزويني إلى التأمل في آيات الله في خلقه، وبديع صنعه، تماشياً مع ما أمر به القرآن الكريم من النظر والتأمل في السماء والأرض. وإنما المراد في النظر الدراسة والتفكير في المعقولات والنظر في المحسوسات، والبحث في حكمتها.






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس