عرض مشاركة واحدة
قديم 03-27-2011, 01:37 AM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مفهوم الجاهلية في الشعر الجاهلي 2

هـ - الدعوة إلى نبذ الحرب [45] :
إن القتال في الجاهلية يكاد لا يهدأ ، فالأرواح تُزهق والنساء ترمل ، والبيوت
تخرب ، والثأر يزيد الحروب اشتعالاً ، في أرض لا تعرف الهدوء ووسط صحراء
لا ترحم .
والشعر الجاهلي خير مصدر لتصوير هذه المعارك ، وتلك المخاوف والويلات ، فعامر بن الطفيل يفتخر ببطولته وبطولة قومه ثم يعدد انتصاراتهم [46] :
ونحن صبحنا حي أسماء بالقنا ونحن تركنا حيّ مُرة مأتما
بقرنا الحبالى من شنوءة بعدما خبطن بِعِنفِ الريح نهداً وخثعما
ونحن صبحنا حي نجران غارة تبيل حبالاها مخافتنا دما
كانت رعونة الجاهلية تجبر إليها من اعتزل القتال قسراً ، كما حصل في
موقف الحارث بن عُباده عندما اعتزل حرب البسوس وقد مرت قصته فيما سبق .
على أن هذا الصخب وذلك الضجيج الذي شمل الحياة بكل مظاهرها لم يمنع
الأصوات القليلة من المناداة بالرجوع إلى حياة الأمن والاستقرار ، ومن المعلوم أن
العرب يقبلون الصلح ويرضون بالديات إلا بعد تفاقم الأمر ، وبعد أن تأتي الحرب
على الحرث والنسل ، أما قبل ذلك فقد كانت سبة وعاراً عندهم .
من المواقف النادرة في مساعي الصلح ، ما قام به هرم بن سنان بن عوف من
بني مرة ، لأنهما تحملا القتلى من عبس وذبيان في حرب داحس والغبراء التي
دامت أربعين سنة ، وكانت ثلاثة آلاف بعير أدياها في ثلاثة أعوام .. فمدحهما
زهير بن أبي سُلمى ، وخلد ذكرهما في معلقته : [47]
سعى ساعيا غيظ بن مرة بعدما تبزل ما بين العشيرة بالدم
يميناً لنعم السيدان وُجِدْتُما على كل حال من سحيل ومبرم
تداركتما عبساً وذبيان بعدما تفانوا ودقوا بينهم عطر مَنْشِم
وقد قلتما : إن ندرك السلم واسعاً بمال ومعروف من القول نسلم
هذه الحروب أتاحت لزهير أن يتأمل الحرب وويلاتها وأن يعظ وينصح ،
يقول في معلقته : [48]
وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم وما هو عنها بالحديث المرجّم
متى تبعثوها تبعثوها ذميمة وتضرَ إذا ضريتموها فتضرم
فتعرككم عرك الرحى بثفالها وتلقح كِشافاً ثم تحمل فتُتْئِم
فتنتج لكم غلمانَ أشأم كلّهم كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم
فتغلل لكم ما لا تغل لأهلها قرى بالعراق من قفيز ودرهم
هذه الأبيات أجاد فيها زهير للتنفير من الحرب ، فيقول : لقد جربتم الحرب
وذقتم ويلاتها ، والحرب لا تلد إلا الحرب لأن العداء تتوارثه الأجيال بعد الأجيال ،
والحرب تلد توأمين ، أي أن شرها يتضاعف ، ولن يكون المولود إلا موتوراً ناقماً
ولن تكون الأجيال المولودة إلا مشائيم ، كأن كلاً منهم أحمر عاد الذي عقر الناقة
فأهلك القوم .. فالإنتاج لن يكون إلا ما تكرهون ، لا كإنتاج وغَلة قرى العراق من
الحبوب والدراهم .
ولقد أنصف عنترة العبسي عندما قيل له صف لنا الحرب فقال : أولها شكوى
وأوسطها نجوى ، وأخرها بلوى .
كان الأشراف يتوسطون في الصلح كما عرفنا ، ويحتسبون دماء القتلى من
الطرفين ومن زاد قتلاهم أخذوا ديتهم : للصريح ديته وللحليف ديته وهي نصف دية
الصريح ، كما حدث عندما حكمت الأوس والخزرج (في حروب سُمير) ثابت بن
المنذر بن حرام والد حسان بن ثابت -رضي الله عنه- [49] .
وكان تقسيمها ألفاً للملوك ومائة للصريح وخمسين للحليف ، وكانت تقدر
بالإبل .
للبحث صلة
________________________
(1) العصر الجاهلي : شوقي ضيف .
(2) الأصمعيات : ص 199 (والظرفاء : موضع المعركة) - التئق : الممتلئ - يفوق : أي أخذه البهر.
(3) الأصمعيات رقم القصيدة (70) ص 204 - أباءه به : قتله به والبواء : الكفء - المعاطس : الأنوف .
(4) العصر الجاهلي : شوقي ضيف ص 202 .
(5) المفضل الضبي ص 64 رقم القصيدة (12) .
(6) الحيوان للجاحظ وانظر العصر الجاهلي : شوقي ضيف .
(7) المفضليات ص 386 رقم (117) - العضب : السيف القاطع - الصقيل : المصقول الحاد - العسول : اللين المضطرب للينه .
(8) الحيوان : 4 / 379 .
(9) ديوان الخنساء - (العوار : الرمد - مدرار : كثير - خناس : الخنساء - مقتار : ضعيفة - العلم: الجبل) .
(10) الأصمعيات : ص 185 رقم (65) - الإقتار : قلة المال وضيق العيش ، العدم والإعدام : الفقر- الهام : ج هامة وكانوا يزعمون أن عظام الميت أو روحه تعيدها هامة فتطير فحرم ذلك الإسلام ونفاه.
(11) الفروسية في الشعر الجاهلي : 265 وما بعدها .
(12) لويس شيخو : شعراء النصرانية 1/166 .
(13) المصدر السابق .
(14) بلوغ الأرب للالوسي 1/288 .
(15) انظر بلوغ الأرب للألوسي 1/278 - 307 .
(16) والجمل الأدرم : الذي سقطت أسنانه .
(17) بلوغ الأرب للألوسي : 1/278 - 307 .
(18) انظر الحياة العربية من الشعر الجاهلي من 232 حتى ص 264 .
(19) الديوان ص 54 - قدّ : قطع - *** الحديد : قطع الحديد .
(20) السيرة النبوية لابن هشام 3/19 .
(21) ديوان عنترة : ص 53 .
(22) الفروسية في الشعر الجاهلي : ص 139 وما بعدها وانظر بلوغ الأرب : خيل العرب المشهورة ص 104 وما بعدها .
(23) ابن الكلبي : أنساب الخيل .
(24) المفضليات ص 32-33 ، 37 .
(25) شرح ديوان الحماسة للمرزقي 1/349 نقلاً عن الحياة العربية .
(26) لقحة : لبن الناقة .
(27) ديوان عنترة : 19 - وانظر الحياة العربية من الشعر الجاهلي ، والتحوب : التوجع .
(28) انظر معلقة امرئ القيس في وصف الحصان والأصمعيات رقم 39 .
(29) بلوغ الأرب : الألوسي من ص 124 - 160 الجزء الثاني .
(30) الأصمعيات رقم 17 - ولقحت الحرب أي هاجت بعد سكون .
(31) بلوغ الأرب : 2/147 ، 156 .
(32) شرح الحماسة للمرزوقي : 1/118 والمواسم : مواسم الحج .
(33) انظر الحياة العربية من الشعر الجاهلي : الحوفي من (264 - 272) .
(34) شعراء النصرانية 2/180 .
(35) معلقته : تبريزي ص 280 .
(36) أيام العرب : 99 يوم أوارة الأول .
(37) الأغاني 16/51 .
(38) الديوان : 145 ، 136 .
(39) ديوان سلامة بن جندل : ص 22 نقلاً عن الحياة العربية .
(40) أيام العرب : ص 200 .
(41) الميداني في مجمع الأمثال 2/11 .
(42) عن الشعر والشعراء 2/680 .
(43) المراد بمسك الصدور : الغل والعداوة .
(44) الأغاني : 9/2 ساسي .
(45) الحياة العربية من الشعر الجاهلي ص 272 وما بعدها ، الفروسية للقيسي ص 106 وما بعدها.
(46) ديوان عامر بن الطفيل : 117 عن الفروسية في الشعر الجاهلي (وحي أسماء : يعني فزارة - وشنوءة ونهد وخيثم من القبائل اليمينة ، وتبيل : أي ترمي أولادها من مخافتنا) .
(47) شرح القصائد العشر للتبريزي ص 135 ، 1- تبزل : تشقق ، 2- أي نعم السيدان وجدتما لأمر أبرمتماه أو لم تبرماه ولم تحكماه أي على كل حال من شدة الأمر وسهولته ، 3- منشم : امرأة عطارة تحالف قوم فأدخلوا أيديهم في عطرها ليتحرموا به ثم خرجوا إلى الحرب فقتلوا جميعاً فتشاءمت العرب بها) ، .
(48) المصدر السابق ص 140 - 142 .
(49) أيام العرب : يوم سمير : ص 66 .


مجلة البيان
العدد 2






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس