عرض مشاركة واحدة
قديم 03-27-2011, 01:37 AM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مفهوم الجاهلية في الشعر الجاهلي 2

مفهوم الجاهلية في الشعر الجاهلي 3

أدب وتاريخ
مفهوم الجاهلية في الشعر الجاهلي
(3)
محمد الناصر

ملخص ما سبق نشره :
في الحلقة السابقة عرض لنا الكاتب طرفاً من حياة العرب في الجاهلية ، من
خلال استعراض شعرهم الذي حفل بدقيق حياتهم وجليلها ، فذكر المصنفات من
القصائد ومشاركة الهجاء والرثاء في إذكاء نيران الحروب المشبوبة ، وكذلك ما
حفل به الشعر الجاهلي من وصف تفصيلي لطرق القتال وأدواته كالسيوف والرماح
والخيل ، وهو غالب أغراض شعر الشعراء الفرسان ، وفي هذا الجو كانت تكثر الأسرى والسبايا ، وكذلك وجد من الشعراء من يغلب عليه جانب الحكمة والأناة ،
فيضمن شعره الدعوة إلى نبذ الحروب ووصفها الوصف الذي ينفر الناس منها
ويجعلهم يطيلون التفكير قبل خوض غمارها .
4 - الأحلاف :
وفي هذه البيئة الحربية التي كان يشيع فيها الفزع والهول ، ويعم
فيها الاضطراب ، كان الفرد يبحث عن الأمن في ظل القبيلة ، وكانت هذه القبيلة تلجأ إلى التحالف مع القبائل الأخرى ، إذ تنضم العشائر الضعيفة إلى العشائر القوية الكبيرة لتحميها وترد عنها العدوان .
وربما آثرت القبيلة بدافع المصلحة أو الجوار أو الضعف هذا الحلف ، بمجرد
أن تدخل القبيلة في حلف يصبح لها على أحلافها كل الحقوق فهم ينصرونها على
أعدائها ، ويردون كيدهم عنها ، وكثيراً ما كنا نجد أحلافاً تضعف لتحل محلها
أحلاف أخرى ، وقبائل قليلة لم تدخل في أحلاف لقوتها وسميت لذلك باسم جمرات
العرب ، منها : بنو عامر بن صعصعة ، وبنو الحارث بن كعب ، وبنو ضبة ،
وبنو عبس ، فإذا تحالفت أطفئت [1] .
وكانت هذه القبائل تتفاخر بنفسها لأنها لا تعتمد على حليف يدافع عنها لقوتها
وكثرة عددها .
وكانت بعض القبائل تشرك مواليها معها في حروبها كما فعلت مذحج في يوم
الكلاب ، وإلى ذلك يشير ربيعة بن مقروم في حرب مذحج مع تميم : [2]
وساقت لنا مذحج بالكُلاب مواليها كلها والصّميما
وكذلك فعلت قريش عندما فُتحت مكة المكرمة إذ استعانوا بالأحابيش لمعاونتها .
والأحلاف مأخوذة من الحلِف وهو اليمين ، إذا كانوا يوثقون هذا الحلف بالدم
أحياناً ليحل محل النسب ، ومن هؤلاء حلف لعقة الدم[3] .
وأحياناً كانوا يوثقون بالماء كما حصل في حلف الفضول [4] ، وسببه أن
رجلاً من اليمن قدم مكة ببضاعة فاشتراها منه العاص بن وائل ولم يعطه الثمن
فوقف على جبل أبي قبيس عند طلوع الشمس ونادى بأعلى صوته :
يا آل فهر لمظلوم بضاعته ببطن مكة نأئي الدار والنفر
ومحرِمٌ أشعث لم يقض عمرته يا للرجال وبين الحِجر والحَجر
فاجتمعت هاشم وزهرة وتيم بن مرة في دار عبد الله بن جدعان وتحالفوا
وتعاهدوا ليكونن يداً واحدة مع المظلوم على الظالم حتى يؤدي إليه حقه ، ثم مشوا
إلى العاص بن وائل وانتزعوا منه سلعه الزبيدي فدفعوها إليه .
وفي السيرة النبوية لابن هشام : أن طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه-
سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( لقد شهدت في دار عبد الله
بن جدعان حلفاً ما أحب أن لي به حمر النعم ولو أدعي به في الإسلام لأجبت )
ويعتبر هذا الحلف من خير أحلاف الجاهلية لأنه كان نصرة للمظلوم وردعاً
للظالم .
أما حلف المطيبين فقد غمسوا أيديهم بجفنة فيها طيب ، وهم القبائل
التي ناصرت بني عبد مناف ضد بني عبد الدار ومن حالفهم ، إلا أنهم اصطلحوا على أن تكون الرفادة والسقاية لبني عبد مناف ، وأن تستقر الحجابة واللواء والندوة في بني عبد الدار فانبرم الأمر على ذلك واستمر [5] .
وكانوا أحياناً يتحالفون على النار ، ولعل ذلك سرى إليهم من المجوسية
الفارسية ، ومن هؤلاء حلف المحاش ، كما فعلت قبائل مرة بن عوف الذبيانيين
حينما تحالفوا عند نار ودنوا منها حتى محشتهم فسموا بذلك [6] .
ونجد الشعر الجاهلي عند كبار الشعراء ، مخلداً هذه الأحلاف مبيناً أهميتها .
فالنابغة الذبياني يدافع عن حلف قومه ذبيان مع بني أسد ، إذ حاول عيينة ابن
حصن زعيم ذبيان أن ينقض هذا الحلف ويتعاون مع خصومهم من عبس فقال
النابغة قصيدة طويلة يخاطب فيها عيينة منها [7] :
إذا حاولت في أسد فجوراً فإني لستُ منك ولستَ مني
ثم يمدح بني أسد ويعدد مآثرهم ويكون وفياً لحلفائه إذ يقول :
فهم درعي التي استلأمت فيها إلى يوم النّسار وهم مجنّي
وهم ساروا لحِجرٍ في خميس وكانوا يوم ذلك عند ظني
إلى أن يقول :
ولو أني أطعتك في أمور قرعت ندامة من ذاك سنّي
وبشامة بن الغدير يحرض قومه بني سهم بن مرة على ألا يخذلوا حلفاءهم
الحْرقة وألا يتركوهم وحدهم أمام غطفان .. وأكد الحلف وشده الحصين بن الحمام
المري .. وذكر بشامة هذا الحلف في قصيدة منها [8] :
فإمّا هلكتُ ولم آتهم فأبلغ أماثلَ سهم رسولا
بأن قومكم خيروا خصلتين كلتاهما جعلوها عدولا
خزي الحياة وحرب الصديق وكلٌ أراه طعاماً وبيلا

ويعتبر الحصين بن الحمام المري من أوفياء العرب وكان سيد قومه وذا رأي
وقيادة .. وفي نصرته لحلفائه وجيرانه يقول [9] :
ولما رأيت الود ليس بنافعي وأن كان يوماً ذا كواكبَ مظلما
صبرنا وكان الصبر فينا سجية بأسيافنا تَقطَعن كفاً ومِعصَما
يفلِّقن هاماً من رجال أعزة علينا وهم كانوا أعقَّ وأظلما
لقد أعز العرب حلفاءهم ، إذ كان الحليف يعتبر من العشيرة حتى أن قريشاً
كانت تترفع عن تزويج بناتها من غيرها إلا إذا كان من حلفائها .
وافتخروا بحماية الجار حتى قالوا : فلان منيع الجار حامي الذمار [10] لأنها
دليل على القوة والرهبة . قال عبيد ابن الأبرص [11] :
نحمي حقيقتنا ونمنع جارنا ونلف بين أرامل الأيتام
ولم يكن من السهل أن ينقض حامٍ ذمة عقدها لجاره فإنهم كانوا إذا غدر فيهم
أحد رفعوا له لواء بسوق عكاظ ليشهروا به ، وفي ذلك يقول قطبة بن أوس بن
محصن (الحادرة) :
أسُمَيُّ ويحك هل سمعت بغدرةٍ رفع اللواء لنا بها في مجمع
إنا نعف فلا نُريب حليفنا ونكف شح نفوسنا في المطمع[12]
ويذكر الميداني أنهم كانوا يقولون : الدم الدم والهدم الهدم ، يعني أبايعك على
أن دمي دمك وهدمي هدمك [13] .
وهكذا كانت أحلافهم مظهراً من مظاهر الدفاع عن النفس ، في بيئة الحرب
والقتال ، وسط صحراء ملتهبة وقبائل متناحرة ، ونادراً ما كانت الأحلاف دفاعاً عن
المظلوم ، كما هي الحال في حلف الفضول .
5 - أيام العرب :
كان العرب يسمون حروبهم أياماً ، لأنهم يتحاربون نهاراً ، فإذا حل اليوم
الثاني عادوا إلى القتال ، وتسمى هذه الحروب والأيام غالباً بأسماء الأماكن التي
وقعت فيها مثل يوم الكلاب ، وعين أباغ ، وذي قار ، وبأسماء الأشخاص أو
الحوادث البارزة فيها ، كيوم البسوس ، ويوم حليمة ، وأيام داحس والغبراء ، أو
باسم الصفة التي تميزت فيها كيوم تحلاق اللمم ، ويوم الفجار .
وأيام العرب كثيرة بحيث يقال [14] : إن أبا عبيدة معمر بن المثنى
(توفي 211 هـ) ألف كتاباً جاء فيه ذكر مائتين وألف يوم ، ولم يصل إلينا هذا الكتاب ، ولكن كتابه شرح النقائض حفظ طائفة كبيرة من تلك الأيام ، وفي كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير الجزء الأول طائفة كثيرة منها وكذلك كتاب الأغاني والعقد الفريد .
(تعتبر هذه الأيام في الجاهلية مصدراً خصيباً من مصادر التاريخ ، وينبوعاً
صافياً من ينابيع الأدب ، ونوعاً طريفاً من أنواع القصص بما اشتملت عليه من
الوقائع والأحداث وما روي في أثنائها من نثر وشعر) .
(وهي مرآة صافية لأحوال العرب وعاداتهم ، وأسلوب الحياة الدائرة بينهم ..
في الحرب والسلم ، والاجتماع والفرقة والفداء والأسر) [15] .
لقد امتلأت كتب الأدب ، ودواوين الشعر ، بشعراء ندبوا الصرعى والقتلى
من أشرافهم ، وذبوا عن أحسابهم ، أو هجوا خصومهم ، كعنترة بن شداد ، وعامر
بن الطفيل ، والمهلهل بن ربيعة وغيرهم .
إن الحروب الدامية كانت سمة العصر الجاهلي ، وهي كثيرة ، وسوف نشير
إلى الأيام المشهورة بين قبائل العرب المختلفة ، كنماذج توضح لنا القصد ، وتجلو
لنا العبرة .






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس