عرض مشاركة واحدة
قديم 03-27-2011, 01:40 AM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مفهوم الجاهلية في الشعر الجاهلي 2

ومعلقة الحارث بن حلزة اليشكري التي يرد فيها على عمرو بن كلثوم وهى
طويلة وذلك أمام عمرو بن هند ملك الحيرة : [20]
أيها الناطق المرقشُ عنا عند عمرو وهل لذاك بقاءُ
ما أصابوا من تغلبي فمطلو لٌ عليه إذا تولى العفاءُ
4 - حرب داحس والغبراء : [21]
وهي من أيام قيس فيما بينها ، كانت في أواخر العصر الجاهلي بين قبيلتي
عبس وذبيان ، وسببها رهان على الخيل ، منها فرسان اسمهما داحس والغبراء ،
سميت الحرب باسمهما ، كان سيد بني عبس : قيس بن زهير قد اشتراهما من أهل
مكة .. بعد خلاف مع الربيع بن زياد (وهو من سادة عبس أيضاً) على درع
موصوفة لقيس اشتراها من المدينة المنورة ليحارب بني عامر ويثأر لأبيه .
نزل قيس بن زهير في جوار حذيفة بن بدر ، وأخيه حَمَل بن بدر من سادة
ذبيان .. وكان حذيفة يحسد قيساً على خيوله ويكتم ذلك في نفسه . استغل حذيفة بن
بدر غياب قيس للعمرة ، فراهن أحد بني عبس على السباق بين فرسين لقيس :
داحس والغبراء ، مقابل فرسين لحذيفة : الخطَّار والحنفاء .
ولما رجع قيس أراد فك الرهان فرفض حذيفة ، وكان على مائة من الإبل ،
ثم أجريا السباق ، وكمن رجل من بني أسد في الطريق ليرد داحساً إن جاء سابقاً ..
وفعلاً نفذ الأسدي خطة حذيفة ولطم وجه داحس فألقاه وفارسه في الماء ثم جاءت
الغبراء سابقة وتبعها الخطار ثم الحنفاء ثم داحس ، وندم الأسدي لما كان منه
واعترف بما صنع ، وأنكر حذيفة ذلك وطلب الرهان المضروب .. حاول الناس أن
يتوسطوا بالأمر ، ورضي بنو عبس بجزور واحدة يطعمونها أهل الماء ومَن حضر
وقالوا : إنا نكره القالة في العرب ، فأبى بنو فزارة (من ذبيان) وقال أحدهم : مائة
جزور وجزور واحدة سواء .
لجّ حذيفة في ظلمه وأرسل ابنه ندبة يطالب بالسبق ، هنا تناول قيس الرمح
وطعنه فقتله ، ورحل بمن معه من عبس ، وأرسل لأخيه مالك ليلحق به ، إلا أن
حذيفة بعث من يقتل مالك بن زهير ، وعلم الربيع بن زياد بذلك فجزع على مقتل
مالك وقال قصيدة منها : [22]
من كان مسروراً بمقتل مالك فليأتِ نسوتنا بوجه نهارِ [23]
يجد النساء حواسراً يندبنه يلطِمْن أوجهَهن بالأسمارِ [24]
يضربن حُرّ وجوههن على فتًى عفِّ الشمائلِ طيبِ الأخبارْ
واجتمعت عبس كلها على حرب ذبيان ، وأحلافها من أسد وتميم وكان قد
انضم إلى عبس بنو عامر . واستمرت الحرب - فيما يقال - أربعين عاماً . وكان
من أهمها وأشهرها : يوم المريقب وفيه قتل عنترة بن شداد ضمضماً والحارث بن
بدر وإلى هذا يشير في معلقته : [25]
ولقد خشيت بأن أموت ولم تدرْ للحرب دائرة على ابني ضمضم [26]
إن يفعلا فلقد تركت أباهما جزَراً لخامعة ونسر قشعم [27]
ومنها يوم جفر الهباءة ، وفيه قُتّل حذيفة وحمل ابنا بدر ورثاهما قيس بن
زهير رثاءً حاراً ، وكنا قد أشرنا إلى ذلك خلال حديثنا عن الثأر .
وكانت عبس قد تعرضت لترحال كثير ، وحروب شديدة مع العديد من قبائل
العرب أمثال شيبان وأهل هَجَر ، وكلب ، وبني ضبة وتيم الرباب ، ومع بني عامر
حلفائهم السابقين . وكان عنترة العبسي من أبطال هذه الحروب وقد سجلها في
ديوانه [28] .
وكان قيس بن زهير قد قال لقومه بعد أن ملّ الحرب وأُنهكت عبس : ارجعوا
إلى قومكم فهم خير لكم .. فأما أنا فلا والله لا أجاور بيتاً غطفانياً أبداً ، فلحق بعُمان
وهلك بها .
ورجع الربيع وبنو عبس وقال في ذلك : [29]
حرّقَ قيس عليَّ البلا د حتى إذا اضطرمت أجذما
جنيةُ حرب جناها فما تُفِرِّجُ عنه وما أُسْلِمَا
ولما تفانى الحيان عندها رغبت عبس في الصلح واستجاب لذلك سيدان من بيان هما الحارث بن عوف المري ، وهرم بن سنان ، وتحمل السيدان المذكوران
الديات وكانت ثلاثة آلاف بعير في ثلاث سنين . وفي هذه الحرب ووصفها ،تصوير شدتها وبشاعتها قال زهير بن أبى سُلمى معلقته الشهيرة ، وفيها يمدح
هذين السيدين ومن قوله : [30]
سعى ساعياً غيظ بن مرة بعدما تبزل ما بين العشيرة بالدم
تداركتما عبساً وذبيان بعدما تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم
عظيمين في عُليا معدّ هديتما ومن يستبح كنزاً من المجد يعظم
هذه صورة موجزة عن حرب داحس والغبراء ، وقد عرفنا سببها وملابساتها ،
وقد تتكرر أمثال هذه الخلافات على رهان آخر على سباقات متنوعة ، وألعاب
تتلون بلون العصر الحاضر ، وظروفه من سباق السيارات ، ومباريات رياضية ،
تُشد إليها الأعصاب ، ويتحزب من أجلها الفرقاء .
5 - حروب الفجار : [31]
الفجار (بالكسر) معناه المفاجرة ، كالقتال والمقاتلة ، وذلك لأنها وقعت في
الأشهر الحرم ، وهي الشهور التي كان العرب يحرمون القتال فيها ، إلا أنهم فجروا
فيها بسبب هذه الحرب .
وهي فجاران : الفجار الأول ثلاثة أيام ، والفجار الثاني خمسة أيام في أربع
سنين ، وقد حضر النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم عكاظ مع أعمامه ، كان
يناولهم النبل ، وانتهت هذه الحروب سنة (589م) .
أيام الفجار الأول :
اليوم الأول : كان سببه أن بدر بن معشر الغفاري (ينتهي نسبه إلى كنانة) كان
رجلاً منيعاً يستطيل على مَن يرد سوق عكاظ ، وفي أحد المواسم جلس ومد رجله ،
وقال : أنا أعز العرب فمَن زعم أنه أعز مني فليضربها بالسيف ! ، وثب رجل من
بني نصر من هوازن ، وضربه على ركبته بالسيف فخدشها خدشاً يسيراً ، واختصم
الناس ثم اصطلحوا .
وسبب اليوم الثاني : يقال : إن شباباً من قريش وكنانة قعدوا إلى امرأة من
بني عامر ، وكانت وضيئة عليها برقع ، وذلك في سوق عكاظ ، وقالوا لها :
أسفري عن وجهك ! ، فرفضت ، ثم قام غلام منهم وربط ذيل درعها إلى ظهرها
وهي لا تشعر ، فلما قامت انكشفت درعها عن ظهرها فضحكوا وقالوا : منعتِنا
النظر إلى وجهك ، وجدتِ لنا بالنظر إلى ظهرك ؟ ! ، نادت المرأة : يا بني عامر
فُضحت ، فساروا إليها وحملوا السلاح ، وحملته كنانة وقريش ، واقتتلوا ، ووقعت
بينهم دماء يسيرة ، ثم توسط حرب بن أمية واحتمل دماء القوم وأرضى بني عامر
عن مُثلة صاحبتهم [32] .
أما اليوم الثالث : فسببه أن رجلاً من كنانة كان عليه دَين لرجل من بني نصر
(من هوازن) ، جاء النصري سوق عكاظ بقرد وقال : من يبيعني مثل هذا بمالي
على فلان ، فعل ذلك تعييراً للكناني وقومه ، ولما مر به رجل من كنانة ضرب
القرد بالسيف وقتله أنفة مما قال النصري ، عندها صرخ كل من الرجلين يا آل
كنانة ، يا آل هوازن تجمع الحيان ثم تحاجزوا ولم يكن بينهم قتلى ، وأصلح
عبد الله بن جُدعان بين الناس .
أيام الفجار الثاني : [33]
هاجت الحرب بين قريش ومن معهم من كنانة ، وبين قيس عيلان وسببها :
أن عروة الرجال وهو من بني عامر كان قد أجار لطيمة للنعمان بن المنذر ، ولما قال له البرّاض بن قيس الكنانى [34] : أتجيرها على كنانة ، قال : نعم وعلى
الخلق كلهم .
خرج في اللطيمة عروة الرجال ، وتبعه البراض يطلب غفلته ، وفي تيْمُن من أرض نجد ، غفل عروة ، فوثب عليه البراض وقتله في الشهر الحرام ، علمت
قريش بالخبر وهم في عكاظ ، وانسلت ، وهوازن لا تشعر بها ، ولما علمت هوازن تبعتهم وأدركتهم قبل أن يدخلوا الحرم واقتتل الفريقان حتى جاء الليل ودخلت قريش
الحرم وأمسكت عنها هوازن ، ثم التقوا بعد هذا اليوم أياماً عدة ، منها يوم شمطة ،
ويوم العبلاء ، ويوم عكاظ وهو أشدها . ويذكر ابن هشام أن النبي -صلى الله عليه
وسلم- كان قد شهد بعض أيامهم ؛ إذ أخرجه أعمامه معهم وقال - عليه الصلاة والسلام - : ( كنت أنبل على أعمامي ) . أي أرد عليهم نبل عدوهم إذ رموهم بها .
كان حرب بن أمية قائد قريش وكنانة وكان الظفر في أول النهار لقيس على
كنانة حتى إذا كان وسط النهار كان الظفر لكنانة .
قال ابن إسحاق : هاجت حرب الفجار ورسول الله -صلى الله عليه وسلم-
ابن عشرين سنة .
ويروي ابن الأثير : أن الحيين بعد يوم عكاظ تداعوا إلى الصلح ، واصطلحوا على أن يعدوا القتلى وتدفع الديات ، ورهن حرب بن أمية ابنه أبا سفيان يومئذ في
ديات القوم حتى يؤديها ، ورهن غيره من الرؤساء ، ثم وضعت الحرب أوزارها . وقد ذكر الشعراء هذه الحروب مثل ضرار بن الخطاب الفهري : [35]
ألم تسأل الناس عن شأننا ولم يُثْبِتِ الأمر كالخابرِ
غداةَ عكاظ إذ استكملت هوازن في كفها الحاضرِ
ففرت سُليم ولم يصبروا وطارت شَعاعاً بنو عامرِ [36]
وفرت ثقيف إلى لاتها بمنقلب الخائب الخاسرِ [37]
وفي يوم العبلاء يقول خداش بن زهير :
ألم يبلغك ما قالت قريش وحي بني كنانة إذ أُثيروا
دهمناهم بأرعن مكفهر فظل لنا بعقوتهم زئيرُ [38]
هذه الحروب كانت بين قريش وأحلافها ضد قبائل قيس عيلان من هوازن
وثقيف ، ومن قريش كان الرسول - عليه الصلاة والسلام - والمهاجرون من
أصحابه ، وكانوا خير أمة أخرجت للناس ، حملوا مشعل الهداية والنور ، إلى العالم
كافة .
________________________
(1) الكامل في التاريخ لابن الأثير ، ج 1 ، ص 312-324 وانظر أيام العرب في الجاهلية ، ص 142 - 167 .
(2) الشعر والشعراء لابن قتيبة 1/305 .
(3) الأراقم : أحياء من قومه .
(4) أبانان : جبلان ، رمل : لطخ بدم .
(5) الأصمعيات رقم 53 ، ص 154 .
(6) الذنائب : موضع به قبر كليب .
(7) أيْ : أيُّ زير أنا ؟ ، وهو الذي يخالط النساء ويريد حديثهن لغير شر .
(8) حَجر : مدينة باليمامة - الذكور : جود السيوف ، ويقرع : يضرب وفي البيت مبالغة : إذ لولا الريح لسمع أهل اليمامة صليل السيوف .
(9) جمهرة أشعار العرب 2/587 - 594 .
(10) قصد الطريق : استقامة الطريق .
(11) الوسوق : الأحمال .
(12) الخليق : الجدير بالشيء .
(13) كنهها : غايتها ونهايتها .
(14) (رواية أخرى أخذ الحقوق بدلاً من جذب الرتوق) وجذب الرتوق : أي عند تصدع الكلمة وانشقاق العصا ووقوع الحرب .
(15) عاتك : شديد الحمرة والخلوق : ضرب من الطيب .
(16) أي كان كليب ملكاً دان له الناس بالطاعة .
(17) شفرات السيوف : حدّها .
(18) شخب العروق : قطعها وسيلان الدم منها .
(19) شرح القصائد العشر للتبريزي .
(20) المصدر السابق ، ص299 ، والمرقش الذي يزين القول بالباطل ليقبل الملك منه باطله ، مطلوب عليه : أي لا يُدرك بثأره .
(21) الكامل في التاريخ لابن الأثير ، ج1 ، 343-355 ، وأيام العرب في الجاهلية ، جاد المولى ، ص246-277 .
(22) القصيدة (348) من ديوان الحماسة لأبي تمام ، تحقيق العسيلان .
(23) أي كانت نساؤنا يخبأن وجوههن عفة وحياءً ، والآن ظهرن لا يعقلن من الحزن ! .
(24) أي كانت نساؤنا يخبأن وجوههن عفة وحياءً ، والآن ظهرن لا يعقلن من الحزن ! .
(25) المعلقة ، ص475 اختيارات الأعلم.
(26) ابنا ضمضم : كان عنترة قتل أباهما وهما يتواعدانه.
(27) الخامعة : الضبع ، والقشعم : من النسور الكبيرة ، وفي رواية التبريزي (جزر السباع ، وكل نسر قشعم ، ص251).
(28) انظر اختيارات الأعلم الشنتمري (من ص482 حتى ص517).
(29) ديوان الحماسة لأبي تمام ، رقم القصيدة (165) ، العسيلان.
(30) معلقة زهير (شرح القصائد العشر للتبريزي ، ص125 وما بعدها)، والأبيات قد مرت وشرحت في مناسبة سابقة.
(31) الكامل في التاريخ 1/359 ، وانظر أيام العرب في الجاهلية (ص 322) وما بعدها.
(32) (يروي ابن الأثير أنه لم يحصل قتال ورأوا أن الأمر يسير واصطلحوا).
(33) السيرة النبوية لابن هشام 1/184 ، وانظر الكامل في التاريخ.
(34) وكان رجلاً خليعاً فاتكاً.
(35) عن أيام العرب في الجاهلية ، ص335.
(36) - شعاعاً : متفرقين.
(37) لاتها : أى صنمها : (اللات).
(38) المصدر السابق ، ويقصد بالعقوة : الساحة والمحلة ، وبالأرعن الأنف العظيم من الجبل شبّه به الجيش .


مجلة البيان
العدد 4






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس