اصمت ودع الجسد يتكلم
عندما بدأت الخوض في علوم التنمية البشرية منذ خمس سنين كانت الحالة العامة لي معظم الوقت هي مراقبة الناس والتفكر فيهم .. أعلم أنه ربما تكون عادة سخيفة أن تقضي معظم وقتك تراقب الناس وتراقب تصرفاتهم، ولكن – صدقنى ولا أبالغ – كان هذا فوق إرادتي، وكانت كمية المتعة والشغف التي أشعر بهما وأنا أقوم بهذا الفعل لا توصف.
ومن أطرف وأقوى ما تعلمت في فنون التنمية البشرية كان لغة الجسد .. مفتاح قراءة الشخصيات ومعرفة بواطنهم من ظواهرهم.
لغة الجسد ليست صعبة كما يظن البعض، وكلنا بصورة لا إرادية نستطيع قراءة هذه اللغة والتعامل بها بدون أن ندرك أن هذا هو فن لغة الجسد، ومنذ الأزل ونحن كذلك ولكن تصنيف العلم هو الذي جاء متأخراً في ستينات هذا القرن فقط، وبدأت بكتاب (جوليوس فاست) Julius Fast .. كتاب لغة الجسد أو Body Language الذي صدر في عام 1970.
يعتبر هذا الكتاب هو الرائد في هذا المجال، وكتبه متأثراً بكتاب (داروين) التعبير عن العواطف لدى الإنسان، والذي كُتب عام 1872.
أنت حينما تقابل صديقك في العمل وتجده عابس الوجه، مطأطأ الرأس، غير مهندم الملابس، تسأله على الفور: ماذا بك؟ هل حدث مكروه؟
ما الذي دفعك إلى سؤاله هذا السؤال؟ على الرغم من أنه لم ينطق بحرف واحد، وبالعكس إذا رأيته مبتسماً، وعينيه متألقتان، وملابسه مهندمة، وحذاؤه لامه، فربما تداعبه قائلاً: هل أنت مقدم على زواج؟ (إنت رايح تخطب ولا إيه؟).
لغة الجسد .. لغة الإيماءات .. لغة الإشارات .. كلها لغات تعبر بالحركات والإيماءات عن ما يريد الآخر إخبارك به ولا يريد التلفظ به.
على سبيل المثال .. في العمليات الحربية، يقوم المتسللون الصامتون باختيار لغة خاصة بدون إصدار أي صوت، والغواصون تحت الماء، يتكلمون بنفس اللغة الصامتة، والجميع يفهم بدون أي مشاكل.
لغة الجسد هي المفتاح الذي عن طريقه تستطيع بكل بساطة معرفة ما يريد الآخرين إخبارك به، أو ما يشعرون به بدون فتح أفواههم. الآن كل ما عليك فعله هو معرفة أساسيات هذه اللغة وستجد أن التعامل مع الآخرين أصبح له طعم مختلف.
أما أجمل ما في الأمر هو أن تربط بين لغة الجسد وعلم الفراسة، فعلم الفراسة يبحث في معرفة البشر وتحديد طبائعهم من أشكالهم وملامحهم الخارجية.
الآن حاول أن تتخيل نفسك تجمع بين علميّ لغة الجسد، والفراسة في قالب واحد، فينبئك علم الفراسة بأنواع البشر طبقاً وأخلاقهم وطبائعهم العامة، من ملامحهم الخارجية، ويخبرك علم لغة الجسد الحالة المزاجية لهم، فيصبح معك المفاتيح المتكاملة لفهم البشر ومعرفة الطريقى المثلى للاتصال بهم.